الصنم ود

ود
وكان الصنم ود من نصيب "عوف بنُ عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحلف بن قضاعة"، أعطاه اياه "عمرو بن لحي" فحمله إلى وادي القرى، فأقره بدومة الجندل. وسمىّ ابنه عبد ود، فهو أول من سمي به، وهو أول من سمىّ عبد ود، ثم سمّت العرب به بعد. وقد تعبّد له بنو كلب.
ومنهم من يهمز فيقول أدٌّ. ومنه سمي "عبد ودّ" و "أد بن طابخة"، و "أدد" جد معد بن عدنان.
وجعل عوف ابنه عامراً الذي يقال له عامر الأجدار سادناً له، فلم يزل بنوه يسندونه حتى جاء الله بالإسلام.
وقد استنتج "ياقوت الحموي" من هذه الرواية التي يرويها "ابن الكلبي" أن الصنم اللات أقدم عهداً من ودّ لأن وداً على هذه الرواية قد سلم إلى عوف وعوف هو حفيد زيد اللات الذي سمي ب "زيد اللات"،نسبة الى الصنم اللات، فوّد على هذا أحدث عهداً من اللاتْ.
وفي رواية لمحمد بن حبيب أن وداً كان لبني وبرة، وكانت سدنته من بني الفرافصة بن الأحوص من كلب. ويشك "ولهوزن" Wellhausen في صحة هذه الرواية، فقد كان الفرافصة بن الأحوص على رأيه نصرانياً، وهو والد نائلة زوج الخليفة عثمان. ثم ان "الفرافصة" لم يكن من بني عمرو بن ود، ولا من بني عوف بن عذرة، فهل يعقل ان تكون السدانة اليه وفي نسله.
وود على وصف "ابن الكلبي" له في كتابه الأصنام "تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوساً، وبين يديه حربة فيها.لواء، و وفضة فيها نبل". وقد أخذ ابن الكلبي وصفه هذا لود من أبيه عن مالك بن حارثة الأجداري.
ومالك بن حارثة الأجداري، هو من بني عامر الأجدار، وهم سدنة ود. وزعم ابن الكلبي ان أباه محمد بن السائب الكلبي حدثه عن مالك بن حارثه أنه قال له: إنه رأى وداً، وأن اباه كان يبعثه،وهو صغير، باللبن اليه، فيقول: اسقه إلهك فيشربه مالك، فيعود وقد شرب اللبن. أما أبوه فيظن انه قد أعطى وداً إياه.
وذكر "جارية بن أصرم الأجداري"،من بني عامر بن عوف، المعروف بعامر الأجدار،انه رأى وداً بدومة الجندل في صورة رجل. وورد أن من عبدة "ودّ" بعض تميم،و طيء،والخزرج، وهذيل، ولخمْ.
ويظهر انه "أدد" عند ثمود. وأدد من الأسماء المعروفة.وقبيلة "مرة" نسبة إلى "مرة بن أدد". وقد عرف ب "كهلن"،أي "الكاهل" "هكهل" "ها - كهل". ويظن أن الإلهَ "قوس" "قيسو" "قوسو"،هو" ود"، أي اسم نعت له. وذهب بعض الباحثين الى أن "نسراً" و "ذا غابة" "ذ غبت" يرمزان اليه.
وقد بقي ود قائماً في موضعه إلى ان بعث رسول الله خالدَ بن الوليد من غزوة تبوك لهدمه. فلما أراد خالد هدمه، اعترضه بنو عبد ود وبنو عامر الأجدار،وأرادوا الحيلولة بينه وبين هدمه، فقاتلهم وأوجعهم، وقتل منهم، فهدمه وكسره. وذكر ابن الكلبي انه كان فيمن قتل رجل من بني عبد ود يقال له قطن بن شريح،ورجل آخر هو حسان بن مصاد ابن عم الأكيدر صاحب دومة الجندل.
ويرى بعض المستشرقين استناداً إلى معنى كلمة "ود" بأن هذا الصنم يرمز إلى الود، اي الحب، وانه صنو للالهين "جيل" Gel و "بحد" Pahad عند الساميين. ويستندون في رأيهم هذا إلى بيت للنابغة مطلعه: "حياّك ود"، غير ان من العسير علينا تكوين رأي صحيح عن هذا الصنم.ولا أستبعد أن تكون كلمة "ود" صفة من صفات الله لا اسم علم له.
وهناك من يرى وجود صلة بين "ود" و "ايروس" Eros الصنم اليوناني، ويرى انه صنم يوناني في الأصل استورد من هناك، وعبدته العرب. وهو رأي يعارضه "نولدكه"، لانتفاء التشابه في الهيأة بين الصنمين. و "ود" هو الإلَه الأكبر لأهل معين. وسوف أتحدث عنه فيما بعد.

*****************

ويقول لمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م ص 733 الفصل السبعون - أَصنام الكتابات [ وفي طليعة أسماء الآلهة المدونة في نصوص المسند، اسم الإله "ود"، إلهَ معين ا! كبير، وإلَه قبائل عربية أخرى، منها "ثمود"، حيث ورد اسمه في كتاباتهم " و "لحيان"، حيث ذكر في كتاباتهم أيضاً. كما كان من الأصنام الكبرى في الحجاز عند ظهور لاسلام. وقد ذكَر في القرآن الكريم مع أسماء أصنام أخرى عبدت في عهد نوح. وقد ظن بعض المستشرقين ان هذا الصنم لم يكن معبوداً في الجاهلية القريبة من الإسلام وعند ظهور الإسلام، وهو رأي غير صحيح، إذ ورد ذكره في شعر للنابغة، وكان له معبد في دومة الجندل، وسدنة وأتباع. ولدينا أسماء جملة رجال جاهليين عرفوا ب " عبد ود". وقد ذكر ان قريشاً كانت تتعبد لصنم اسمه ود، ويقولون له أدّ أيضاً.
ونعت "ود" بالإله " ال هن" "الهن" في بعض، الكتابات، جاء في أحد النصوص "ودم الهن"، أي "ود الإلَه". و "كهلن"، أي "الكاهل" بمعنى القدير والمقتدر. وهما من صفات هذا الإلَه التي كان يراها المعينيون فيه

ويرمز "ود" إلى القمر، عند المعينيين، وهو الإله الرئيس عندهم. وقد وردت لفظة "شهرن"، أي "الشهر" بعد كلمة "ود" في بعض الكتابات. فورد: "ودم شهرن"، أي "ود الشهر". وتعني لفظة "شهر" القمر في عربية القرآن الكريم. و "ود"، هو الإلهَ "القمر" عند بقية العرب الجنوبيين. ومتى ورد اسمه في نص، قصد به القمر.
وقد نعت "ود" ب "الأب"، تعبيراً عن عطفه على المتعبدين له وعن رحمته بهم. فورد في النصوص المعينية: "ودم ابم"، و "ابم ودم" أي "ود أب"، و "أب ود"، فهو بمثابة الأب للانسان. والأب من كان سبباً في ايجاد شيء أو اصلاحه أو ظهوره. وقد عثر على أخشاب وأحجار حفرت عليها أسماء ود أو جمل "ودم ابم" أو "ايم ودم"، وذلك فوق أبواب المباني، لتكون في حمايته ورعايته، وللتبرك باسمه وللتيمن به، كما وجدت كلمة "ود" محفورة على اشياء ذات ثقوب، تعلق على عنق الأطفال لتكون تميمة وتعويذة يتبرك بها. فعلوا ذلك كما يفعل الناس في الزمن الحاضر في التبرك بأسماء الالهة والتيمن بها لمنحها الحب والبركة والخيرات.
ويظن ان لفظة "ود"، ليست اسم علم للقمر، بل هي صفة من صفاته، تعبر عن الود والمودة. فهي من الأسماء الحسنى للقمر اذن.
وقد ورد اسم "ودّ" في كتابة ثمودية دوّنها أحد المؤمنين الفانين في حب "ودّ"، جاء فيها: " أموت على دين ودّ"، "بدين ودّ أمت "، وجاء في كتابة أخرى: " يا إلهي احفظ لي ديني، يا ودّ أيده".
وورد اسم "ودّ" في النصوص االحيانية. فتكون عبادة هذا الإلهَ قد انتشرت في العربية الغربية من أعالي الحجاز إلى العربية الجنوبية. وذلك منذ ما قبل الميلاد إلى ظهور الإسلام.
وقد اقترن اسم "ود" مع "ال" "ايل" في بعض الكتابات العربية الجنوبية، و "ايل" هو الإله السامي القديم. ولعلّ في "ود ال" "ودّ ايل " معنى "حب ايل"، فتكون "ودّ" هنا صفة من صفات الإله. واما "ايل"، فإنها قد تعني ما تعنيه كلمة "إلهَه" في عربيتنا، وقد تعني إلهاً خاصاً في الأصل هو إلهَ الساميين المشترك القديم.
وقد وردت في نص قتباني جملة: "بت ودم" أي "بيت ود"، ومعناها معبد خصص بعبادة الإلهَ "ودّ". ولا بد أن تكون هناك جملة معابد خصصت بعبادة هذا الالَه.
ويرى بعض المستشرقين استناداً إلى معنى كلمة "ودّ" أن هذا الصنم يرمز إلى الودّ، أي الحبّ وانه صنو للالهين "جيل" Gil، و "بحد" Pahad عند الساميين. ويستندون في رأيهم هذا إلى بيت للنابغة هو: حياك ودّ وأنـى لا يحـل لـه لهو النساء وان الدين قد عزما
وهناك من يرى وجود صلة بين "ود" و Eros الصنم اليوناني، ويرى أنه صنم يوناني في الأصل استورد من هناك، وعبد عند العرب. وهو رأي يعارضه "نولدكه" لعدم وجود تشابه في الهيأة بين الصنمين

ومن آلهة المعينيين الإله: "كهلن"، أي "الكهل" و "الكاهل". وقد ورد اسمه في النصوص التي عثر عليها في الأقسام الشمالية من العربية الغربية كذلك. وهو يرمز مثل "ودّ" إلى "القمر".
وعرف "ود" ب "نحس طب" "نحسطب". "ونحس" بمعنى "نحش"، أي الحيّة، و "طب" طيب، فيكون المعنى "الحية الطيبة". والحيّة رمز لود. فيكون المراد من "نحس طب" الإلَه ودّ.
]

***************************************************************************************************************

هذا الفصل للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثانى 1980م الفصل التاسع والستون - الاصنام

ملاحظة من الموقع : لم نضيف أى كلمة وقد وضعنا عناويين لكل فقرة فقط للتسهيل على القارئ والباحث الدارس

***************************************************************************************************************

 

الصفحة الرئيسية