شخصية المسيح
سابعا
المسيح وحده هو الوجيه الوحيد في يوم الدين
لقد رأينا بحسب القران -لا الحديث –
لا شفيع في يوم الدين إلا الملائكة المقربين ، ضمن حدود وقيود.
فلا شفاعة في نص القران ، لرسول إلا المسيح ،
فقد جاء (وجيها في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين ) آل عمران 45.
واجمع المفسرون ان الوجاهة في الدنيا هي النبوة ، والوجاهة في
الآخرة هي الشفاعة .
وبما ان القران جمع الوجاهة في الآخرة للمسيح
مع الملائكة المقربين ، ففي ذلك دليل على شفاعته معهم في يوم الدين.
وفي استجواب الله له في يوم الدين (
المائدة120) يستنكر المسيح نسبة الناس الألوهية له ، ثم يستشفع بأدب جم بأمته التي
تؤلهه . فهذا مشهد شفاعة المسيح في يوم الدين .
ظن بعضهم ان هذا الموقف موقف شهادة عليهم ،
لا موقف شفاعة لهم لقوله : ( ان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ، ويوم
القيامة يكون عليهم شهيدا ) النساء 158.
ان القران يستعمل تعبير أهل الكتاب إما على
الإطلاق ، وحينئذ يشمل اليهود والنصارى ، وإما على التخصيص ، كما يظهر من القرائن
، وحينئذ قد يعني اليهود ، او النصارى ،
بحسب دلائل القران . وفي الآية (158) من سورة النساء جاء تعبير أهل الكتاب على العموم وهو يقصد به
التخصيص . والفقرة كلها (النساء 149-161) حملة على اليهود لكفرهم بالمسيح وأمه ؛
ومنها كفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما، وادعائهم قتل المسيح ( النساء 155-
158) فاهل الكتاب الذين يكون المسيح
عليهم شاهدا هم اليهود ، لا النصارى، لا الله ( جاعل الذين اتبعوك (النصارى) فوق
الذين كفروا (اليهود) الى يوم القيامة ) آل عمران 55 ، هؤلاء النصارى الذين قالوا
مع الحواريين في المسيح : ( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول (المسيح) فاكتبنا
مع الشاهدين ) ال عمران 53؛ وقلوا
في القران : (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول (المسيح) فاكتبنا مع الشاهدين …
فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، وذلك جزاء
المحسنين ) المائدة 86-88.
فهذه شهادة المسيح في يوم الدين ليست على
أمته ؛ بل هي شفاعة لهم لغلوهم في أمره .
فالمسيح هو الوجيه الأوحد في يوم الدين مع
الملائكة المقربين .
تلك هي رسالة المسيح في القران .
سبع ميزات ترفع رسالة المسيح على الرسالات كلها
؛ فهو وحده ولده على الهدى والنبوة
؛ وهو وحده استجمع الوحي والتنزيل كله ؛ وهو وحده استجمع أنواع الرسالة
كلها بالكلمة والقدوة والمعجزة ؛ وهو وحده في رسالته وشخصيته انفرد بتأييد روح
القدس له ؛ وهو وحده رفعه الله اليه ؛ وهو وحده علم للساعة ؛ وهو وحده الوجيه
الشفيع في يوم الدين دون الرسل أجمعين .
وهذه الميزات السبع دلائل وبراهين على سمو
شخصية المسيح على المخلوقين اجمعين . فرسالته تتخطى الزمن ؛ فهي تسيطر على تاريخ
البشرية والنبوة منذ اختيار الذرية المصطفاة على العالمين ، حتى قيام الساعة ويوم
الدين .
وشخصية فيها ( كلمة الله ألقاها الى مريم
وروح منه ) تعالى (النساء 170) يؤيده في ذاته وفي سيرته وفي رسالته (البقرة 87
و203) ، ويجعله وجه الدنيا والآخرة (ال عمران 45) هي شخصية أسمى من المخلوق ، وفي صله خاصة بالخالق.