شخصية المسيح
المسيح هو (عيسى ،
ابن مريم ) ؛ وهو أيضا (كلمته وروح منه ) تعالى.
وليس في ذلك من
ترادف ، اذا لو صحت الوحدانية بين الصفتين ( ابن مريم ) و(كلمة الله) ، لحق للقران
ان يسمي كل بشر وكل رسول(كلمة الله ) و(روح الله) . والحال هذا الاسم الكريم
المترادف محفوظ للمسيح وحده، لا يشاركه فيه سواه، بحسب الواقع القرآني. فالوحدانية
في شخصية المسيح مبنية على ثنائية فيه : ابن مريم _ وكلمة الله.
أولا –
ان المسيح بصفة كونه ابن مريم ، بشر يصح فيه كل صفات البشرية التي يذكرها القران :
1) (ابن مريم تصح
فيه الولادة والموت والبعث : (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا) مريم
32.
فهو ( غلام زكي
) وهو (عبد الله ) : قال : قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا
دُمْتُ حَيًّا .مريم وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا .مريم 29-32.
وفي ولادة عيسى من
مريم يصح قوله : إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ
كُنْ فَيَكُونُ . مريم 35.
فبصفة كونه (ابن
مريم) عليه ان يقول بكل حق : وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي
وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ . مريم 36.
2) (ابن مريم )
يصح فيه ان يكون عبدا لله ومثلا لبني إسرائيل : وَلَمَّا
ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ . …
إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . الزخرف 57-59.
وبهذه الصفة يجب ان يقول : إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ
فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ
.الزخرف 64.
3) (ابن مريم) يصح
فيه العيش على الأرض مثل الرسل : وجعلنا ابن مريم وأمه آية ، وآويناهما إلى ربوة
ذات قرار ومعين: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم. المؤمنون 51.
4) (ابن مريم يصح
فيه ان يسلكه القران ايضا في سلك الرسل : وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ …. زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ
كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ؛ وَإِسْمَاعِيلَ
وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . الأنعام 86.
5) عيسى ، بصفة كونه (ابن مريم ) يصح فيه ان يكون من أئمة دين الله مع نوح
وإبراهيم وموسى ومحمد ، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ . الشورى 13.
6) (عيسى ، ابن مريم ) ، بهذه الصفة يحق له ان يقفي به على الرسل ، مع
تميزه عنهم جميعا بالبينات وبتأيد روح القدس له في سيرته كما في رسالته (البقرة78)
؛ وصح له ان يقول : آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ
إِلَى إِبْرَاهِيمَ … وَمَا
أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا
نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . البقرة 136. قابل 151 . فبصفة كونه (عيسى، ابن
مريم ) يدخل في باب المفاضلة بين الرسل ( البقرة 253).
7) بصفة كونه
(عيسى ، ابن مريم) جاء (رَسُولًا إِلَى بَنِي
إِسْرَائِيلَ )
يصدق التوراة ويحل
بعض أحكامها، ويدعو : (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي
وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ). ال عمران 49-51.
بصفة كونه (عيسى، ابن مريم) يصح ان يخاطب ، ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا
عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا (بك). ال عمران55.
بصفة كونه (عيسى) ، ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ
خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . ال عمران59.
8) بصفة كونه
(عيسى ، ابن مريم) يصح ان يدخل في ميثاق الله مع النبيين : وَإِذْ
أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ليسأل
الصادقين عن صدقهم. الأحزاب 7.
9) بصفة كونه (عيسى ) أوحى الله إليه ، (كَمَا
أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ …
رسلا مبشرين ومنذرين ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل النساء 163- 164.
10) بصفة كونه
(عيسى ، ابن مريم) تقتصر نبوته ورسالته على تصديق التوراة والتبشير (بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) أي الفارقليط بحسب
تفسيرهم !. الصف 6.
11) بصفة كونه( المسيح ابن مريم ) لا يكون إلها ، ويقدر الله ان اراد، ( أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
جَمِيعًا) . المائدة 17.
بصفة كونه (عيسى ،
ابن مريم) ( آتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ
وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً
لِلْمُتَّقِينَ . المائدة 46.
بصفة كونه( المسيح
ابن مريم ) ليس إلها ، ( وقال
المسيح : يا بني إسرائيل اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ . المائدة 75.
بصفة كونه( المسيح
ابن مريم ) ، ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ
الطَّعَامَ ). المائدة 75.
بصفة كونه( المسيح
ابن مريم ) ، ( لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) المائدة .
12) بصفة كونه
(عيسى ، ابن مريم) يستنكر ان قال : (اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) . المائدة 116.
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمْ) . المائدة 117.
والظاهرة الحاسمة
ان صفة المسيح في كل تلك المواطن (ابن مريم ) . فالقران ينظر أليه فيها من حيث
بشريته . ولا أحد يماري بحق القران في وصف ( ابن مريم ) بكل أوصاف بشريته . فهذه
نظرة أولى في ناحية من شخصية المسيح . لكن المسيح ليس فقط ابن مريم .