شخصية المسيح
انه كلمة الله
قد استجمع الرازي
تفاسيرهم بقوله (على ال عمران 39) :
1)
( سمي عيسى (كلمة الله) من وجوه : انه خُلق بكلمة وهو قوله (كن) من غير
واسطة الأب ، كما يُسمى المخلوق خلقاً، وهو باب مشهور في اللغة – لو صح ذلك لكان آدم أولى بالاسم ؛ لكنه علم مختص
بالمسيح وحده دليلا على ذاته.
2) ( انه تكلم في
الطفولية ، واتاه الله الكتاب في زمن طفوليته فكان في كونه متكلما بالغاً مبلغاً
عظيماً ؛ فسمي (كلمة) أي كاملا في الكلام )- فالأعجاز فيه صفة ذاتية ، لا في
المنزل إليه فقط . وهذا الأعجاز الكامل في الكلام برهان ذاته.
3) ( ان الكلمة
كما انها تفيد المعاني والحقائق ، كذلك كان عيسى يرشد إلى الحقائق والأسرار
الإلهية ، كما يسمي القران روحا) –
لميسمِ القران روحا ، إنما التعبير (أوحينا لك روحا من امرنا) الشورى 52 أي ملاكا جاءه في رؤيا حراء ،
كما تدل الآية السابقة على طرق الوحي الثلاث . فالمسيح بصفة كونه (كلمة الله)
كان (يرشد إلى الحقائق والأسرار
الإلهية) ، فهو يعرف غيب الله ويكشفه لعباده . وعلم الغيب صفة إلهية يتمتع بها
المسيح لأنه (كلمة الله) .
4) ( لأنه حقق
كلمة بشارة الأنبياء به ، كما قال ( وحقت كلمة ربك) – وحده بشر به الأنبياء ، وهو وحده حقق بشارتهم به ،
فهو (كلمة ربك) في سيرته ورسالته ،
كما هو (كلمة الله) في ذاته .
5) ( ان الإنسان يسمى (فضل الله) و (لطف
الله) ، فكذا عيسى عليه السلام كان
اسمه العلم (كلمة الله) و (روح الله) –
ولكنه اسم علم من الله نفسه ، لا من البشر : ( إذ قالت الملائكة : ان الله يبشرك
بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ) ال عمران 45. وعندما يُنزل الله اسما على
شخص فهو دليل على ذاته ، وليس فقط على العلمية .
6) أضاف الرازي
(على ال عمران 45: ( سمي (كلمة الله) كأنه صار عين كلمة الله الخالقة له بوجوده
المعجز) – وهذا
برهان أعجازه في ذاته : انه كلمة الله عيها .
7) أو (لأنه إبان كلمة الله افضل بيان ) – وهذا برهان أعجازه في كلامه ، لا في التنزيل إليه
فقط ؛ وأعجازه غير يقتصر على التنزيل .
لكن كل تلك
التفاسير قاصرة ، بسبب الترادف بين (كلمته) وبين (روح منه) أي (روح صدر منه) تعالى
البيضاوي . لذلك استدرك الرازي وقال : ( اعلم ان كلمة الله هي كلامه . وكلامه على
أقوال أهل السنة : صفة قديمة قائمة بذاته) .
لكن الرازي يرفض
هذه النتيجة الحتمية لأنها برهان إلهية ( كلمة الله) ؛ وكان عليه ان لا ينسى
مرادفها : (روح منه).
فالمسيح هو ( كلمة
الله ) أي ( عين كلمة الله) وهي (صفة قديمة قائمة بذاته) تعالى . هذا منطوق الاسم
الكريم ، كما ورد في الإنجيل بحسب
حرف البشير يوحنا 1:1-4 ؛ والقران ( تصديق الذي بين يديه) (قبله) وتفصيل الكتاب ) يونس 36 .
فإن تشابه الاسم
في القران ، (فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) . لكن القران يرفع التشابه
بالجزم ان (كلمة الله) هو (روح منه) تعالى.