المسيح يحل الإشكال القرآنى الكبير: "المصير المجهول بعد الموت"
ففى الآية (9) من سورة الاحقاف :" قل ماكنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولابكم إن اتبع إلا ما يوحى الى وما انا إلا نذير مبين "
الآية واضحة صريحة لا تحتاج تفسير ولا تأويل أو عالم فى اللغة العربية ، ومع ذلك نؤكدها باالحديث الذى رواه الامام البخارى :" حدثنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، اخبرنا معمر ، عن الزُّهرى ، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن ام العلاء وهى امرأة من نسائهم بايعت رسول الله (صلعم) قالت : طار لنا عثمان بن مظعون فى السكنى حين اقترعت الانصار على سكنى المهاجرين ، فاشتكى فمرضناه حتى توفى ، ثم جعلناه فى اثوابه فدخل علينا رسول الله (صلعم) فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتى عليك لقد أكرمك الله ، قال : "ومايدريك"؟ فقلت لا أدرى والله . قال :"أما هو فقد جاءه اليقين ، إنى لأرجو له الخير من الله ، والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يفعل بى ولا بكم ".
(صحيح البخارى – [92] كتاب التعبير –[27] باب العين الجارية فى المنام – حديث رقم 7018 – والحيث مكرر فى ثلاثة ابواب اخرى من صحيح البخارى وبطرق اخرى . رواه ايضا الامام احمد – انظر تفسير ابن كثير للآية (9) من سورة الاحقاف- طبعة دار الشعب (8 مجلدات) – المجلد السابع ص 261 )
واضح من الحديث ان الرواية مدنية ، اى بعد اكثر من 13 سنة من بدء الدعوة الاسلامية .
والإشكال هنا ان إمام النبيين وسيد المرسلين لا يعرف مصيره الابدى ولا مصير اتباعه !!
أليس هذا امر مخيف ؟!!
والسؤال : هل مكر الله وصل إلى هذا الحد " ف لله المكر جميعا" (الرعد :42) حتى ان ابا بكر أول الخلفاء الراشدين يقول : "والله لو وضعت قدما فى الجنة وقدما خارجها ما أمنت مكر الله ".
( كتاب الخدعة – صالح الوردانى ص 117 – طبعة 1997 – تريدنكو للنشر – بيروت – ص.ب 5316/14 . وقد نقل الكاتب عن الطبرى ج2، والسيرة النبوية لابن هشام ، وكنز العمال ج5)
حل الاشكال اخبرنا به الله على فم كثير من الانبياء فى العهد القديم وجاء واضحا صريحا على فم إشعياء النبى (700 ق م) – فى الاصحاح (53) من سفره .
الاصحاح (53)
"من صدق خبرنا و لمن استعلنت ذراع الرب* 2 نبت قدامه كفرخ و كعرق من ارض يابسة لا صورة له و لا جمال فننظر اليه و لا منظر فنشتهيه* 3 محتقر و مخذول من الناس رجل اوجاع و مختبر الحزن و كمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به* 4 لكن احزاننا حملها و اوجاعنا تحملها و نحن حسبناه مصابا مضروبا من الله و مذلولا* 5 و هو مجروح لاجل معاصينا (وليس لاجل معاصى ارتكبها) مسحوق لاجل اثامنا( وليس لاجل آثام اقترفها) تاديب سلامنا عليه(أى ما نستحقه من قصاص حتى تتحق عدالة الله من جهتنا ويصفو الجو بيننا وبينه ، قد احتمله المسيح عوضنا عنا) و بحبره(اى جروحه) شفينا(من مرض الخطية القتال)* 6 كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه و الرب وضع عليه اثم جميعنا( عوضا عن ان يبقيه علينا ويحملنا مسئوليته وقصاصه)* 7 ظلم اما هو فتذلل و لم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح و كنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه* 8 من الضغطة و من الدينونة اخذ و في جيله من كان يظن انه قطع من ارض الاحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي* 9 و جعل مع الاشرار قبره و مع غني عند موته على انه لم يعمل ظلما و لم يكن في فمه غش* 10 اما الرب فسر بان يسحقه بالحزن ان جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه و مسرة الرب(الخاصة بخلاص المؤمنين الحقيقيين) بيده تنجح* 11 من تعب نفسه يرى و يشبع و عبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين(الذين هم المؤمنون الحقيقيون) و اثامهم هو يحملها* 12 لذلك اقسم له بين الاعزاء و مع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه و احصي مع اثمة و هو حمل خطية كثيرين و شفع في المذنبين"
ويطلق إشعياء النبى على المسيح لقب " عبد الرب" وهو اصطلاح كتابى يراد به " آدم الثانى " الذى يتمم مقاصد الله بعكس آدم الاول الذى عصى ربه وغوى ، فهو اصطلاح يطلق على المسيح من الناحية الناسوتية (الانسانية)
إذن فالمسيح قبل او تطوع (وهو حر) بحمل آثام البشر والموت عوضا عنهم مسددا الدين ومسمرا الصك المكتوب عليهم على الصليب وقال انه آتى من اجل هذه الساعة (يوحنا 12: 27) .
وهو الوحيد الذى يستطيع ذلك من جهة روح القداسة لان الجميع خطاة تحت القصاص العادل ، وفاقد الشئ لا يعطيه .
وهذا هو المعنى الحقيقى "للشفاعة" ، فليس عند الله محاباة او محسوبية كى يقبل شفاعة بدون دفع الدين او ثمن الخطية .
مراحم الله كثيرة (2صم 24: 14) وهذا حق ، لكن ايضا "الله قاض عادل (مز7: 11) ، " يقضى للمسكونة بالعدل" (مز9: 8) فتكون المحصلة انه " يرسل رحمته وحقه " (مز 57: 3) بذلك نستطيع القول ان :" الرحمة والحق قد التقيا "( مز 85: 10)
" إذاَ لاشئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح(رو1:8) .
بذلك انفتح باب الرجاء للانسان ، والمؤمن الحقيقى يعلم مصيره ، والروح داخله يشهد له بذلك ، وليس عنده إله ماكر بل إله محب ارسل ابنه الوحيد الى العالم ليفديهم ويموت كفارة عن خطاياهم .
ملحوظة: ننصح بالرجوع لـ كتاب "الكفارة بالفداء ومعنى الشفاعة فى الاديان الثلاثة " وذلك للمزيد فى شرح هذه النقطة .
قال المسيح :" انا هو الطريق والحق والحياة " (يو 14: 6)
" انا هو القيامة والحياة ، من آمن بى ولو مات فسيحيا " (يو 11: 25)
" خرافى تسمع صوتى وانا اعرفها فتتبعنى . وأنا اعطيها حياة ابدية ولن تهلك الى الابد ولا يخطفها احد من يدى " (يو10: 27)
فهل سمعت صوته ؟!! " إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " (مز95: 7)