الأقليات الدينية في فكر الحركات الاسلامية
خامسا: أخطاء المعاصرين في هذا الموضوع
ارتكزت أخطـاء المعاصــرين التي زعمـوا أنها اجتهادات تتناسب مع العصر على أمرين: التشكيك في صحة الشروط العمرية، والقول بأنها وإن صحت فهى غير ملزمة للمعاصرين لأنها مجرد اجتهاد من عمر بن الخطاب .
وبهذين الأمرين تحللوا من الشروط العمرية وأطلقوا لأنفسهم حرية ما زعموا أنه اجتهاد.
فمن التشكيـك في صحة نسبة هذه الشروط إلى عمر بن الخطاب ما ذكره د. صبحي الصالح في مقدمته لكتاب (أحكام أهل الذمة) لابن القيم، صـ 14 ــ 16.
ومن القـول بأنها غيـر ملزمـة ما قال أحد المؤلفين (وأيا ما كان القول في صحة نسبة الشروط المصطلح على تسميتها «بالمستحبة» إلى عمر بن الخطاب فإنها على أي حال ليست بملزمة للمسلمين، لا نجد على إلزامها دليلا من الكتاب أو دليلا من السنة، وإن كنا لانجد فيهما كذلك دليلا على منع أو تحريم) من كتاب (فقه الجاهلية المعاصرة) لعبد الجواد ياسين ، صـ 99.
وأقول: أرأيتم مثل هذه الجرأة على الفتوى؟.
أمـا عــن صـحـة نسبــة هــذه الشــروط إلى عمر بن الخطاب ، فهى متواتــرة يشهــد بها المسلمون والكفار جميعا جيلا بعد جيل، ولا يخلو منها كتاب من كتب الفقه، وجري عليها العمل في ديار الإسلام مدة اثنى عشر قرنا من الزمان.
وقد ذكر ابن تيمية ــ فيما نقلته عنه من قبل ــ أنها مروية بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب ، وذلك بكتابيه (الصارم المسلول) صـ 208، و(اقتضاء الصراط المستقيم) صـ 120 ــ 121.
أما من جهـة الإلــزام: فهى ملزمة لجميع المسلمين يجب عليهم العمل بها في مختلف العصور، ويرجع وجوبها إلى سببين:
الأول: أنها سنـة خليفـة راشـد يجـب العمــل بها لقوله النبي (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
والثاني: إجمـاع الصحابــة على العمــل بهذه الشـروط في حيـاة عمر ومن بعده، إذ لم يخالفه في ذلك أحد، وإجماعهم حجة ملزمة لجميع المسلمين إلى يوم القيامة.
وقد ذكر ابن تيمية هذين السببين في قوله (في شروط عمر بن الخطاب التي شرطها على أهل الذمة لما قدم الشام، وشارطهم بمحضر من المهاجرين والأنصار ، وعليه العمل عند أئمة المسلمين لقول رسول الله : «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»، وقول النبي «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر»، لأن هذا صار إجماعا من أصحاب رسول الله ، الذين لا يجتمعون على ضلالة على ما نقلوه وفهموه من كتاب الله وسنة نبيه.) (مجموع الفتاوى) 28/ 651.
ومع القــول بإلزام هذه الشروط ينبغي التنبيه على أن العمل بها مشروط بالقدرة والتمكين، أما مع العجز ــ كما في حالة ضعف المسلمين أو في حالة نشوء دولة إسلامية ضعيفة ــ فلا يجب على المسلمين إلزام أهل الكتاب بهذه الشروط، وفي نفس الوقت لا يجوز وضع تشريع يخالف الشريعة بشأنهم كالقول باعتماد المواطنة كمبدأ ونحو ذلك لأن واضع هذه التشريعات يكون قد دخل في دائرة الكفر بتشريعه ما يضاد أحكام الله.
قال ابن القيم (ومن تأمل سيرة النبي وأصحابه في تأليفهم الناس على الإسلام بكل طريق تبيّن له حقيقة الأمر، وعلم أن كثيراً من هذه الأحكام التي ذكرنا من الغيار وغيره تختلف باختلاف الزمان والمكان والعجز والقدرة والمصلحة والمفسدة، ولهذا لم يُغَيِّرهم النبي ولا أبو بكر ، وغَيَّرهم عمر) (أحكام أهل الذمة) 2/ 770، وبـمعناه في 2/ 756، وفي 1/ 395.
وفي هذا أيضا قال ابن تيمية (وسبب ذلك أن المخالفة لهم لا تكون إلا بعد ظهور الدين وعُلُوِّه، كالجهاد وإلزامهم بالجزية والصَغار، فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء لم يُشرع المخالفة لهم، فلما كَمُل الدين وظهر وعَلاَ شُرِعَ ذلك) (اقتضاء الصراط المستقيم) صـ 177، ط المدني.
واتخـذ بعض المعاصـرين حجة أخرى للتحـلل من الشروط العمــرية وغيرها من أحكام أهل الذمة، وهى القول بسماحة الإسلام وحضه على البر إلى المخالفين في العقيدة الذين لم يقاتلونا في الدين، وهذه كلمة حق أريد بها باطل إذا أريد تعميمها، فسماحة الإسلام ليست مطلقة ولكنها مقيدة بضوابط شرعية، وإلا فإن الله أمرنا بُبغض الكافرين والغلظة عليهم كما أمرنا بجهادهم.
أما أهل الكتاب فلهم أحكام خاصة نص عليها الكتاب والسنة ولا يجوز أن تعارض بهذه العموميات، وإلا صار الأمر كمن يُقال له إن لُبس الذهب والحرير حرام على الرجال فيعارضك بقوله تعالى (قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده) الأعراف، هذه معارضة باطلة، فلا يجوز معارضة الخاص بالعام، بل يُعمل بكل نص في موضعه.
والقائلون بسماحة الإسلام في هذا الشأن متأثرون ببدعة التسامح الديني والتقارب بين الأديان التي اخترعها الكافرون لتضليل المسلمين وصرفهم عن جهادهم كما قال تعالى (ودّت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم، وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون) آل عمران 69، ويساعدهم في ذلك بعض المنافقين من المنتسبين إلى الإسلام بعقد المؤتمرات والندوات وترويج المطبوعات الداعية لتسامح الأديان لنزع الحمية الدينية من نفوس المسلمين لتظل الأوضاع على ما هى عليه الآن من استعلاء الكافرين على المسلمين، إذ يخشى الكفار من حدوث طوفان إسلامي يجتاحهم كما صنع المسلمون في العصور الزاهرة التي يسميها العلمانيون الكافرون بالعصور المظلمة.
وكفى بالإسلام والمسلمين سماحة أن سمحوا لأهل الكتاب والمجوس أن يقيموا بينهم بكفرهم يؤدون شعائرهم آمنين على أنفسهم وأموالهم في ديار الإسلام بموجب عقد الذمة، وتدرك فرط هذه السماحة إذا علمت ما صنعه الصليبيون في حروبهم مع المسلمين بساحل الشام وفي الأندلس قديما، وفي صبرا وشاتيلا بلبنان وفي البوسنة والهرسك
فهــذه هي الذرائـع التي توصل بها بعض المعاصــرين لإدخال تحريفاتهم على أحكام أهل الذمة الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، تحللهم من الشروط العمرية بالتشكيك في صحتها وبإدعاء عدم إلزامها، مع القول بالتسامح الديني.
أما أهم أخطاء المعاصرين في هذا الموضوع، فمنها.
1 ــ القول بأن أهل الكتاب في بلاد المسلمين مازالوا أهل ذمة إلى اليوم، وهذا قول ساقط، وقد بيّنت ما كان عليه العمل وما صار إليه بشأنهم، وأصحاب هذا القول تكذبهم الدساتير العلمانية لهذه الدول فقد اعتمدت المواطنة كأساس للتسوية بين السكان دون النظر إلى دينهم، ولم تشر إلى مصطلح أهل الذمة لا من قريب ولا من بعيد.
2 ــ القول باسقاط العمل بحكم أهل الذمة في دار الإسلام، والدعوة إلى اعتماد مبدأ المواطنة كبديل، وهو ما قامت عليه الدساتير العلمانية الكافرة، وهذا القول يروج له بعض من يسمون بالمفكرين الإسلاميين في هذا الزمان، ولاشك في كفر من قال بهذا القول لانكاره المعلوم من الدين بالضرورة الثابت بالكتاب والسنة والإجماع.
3 ــ القــول بجواز تولي الذميين للوظائف العامة في دار الإسلام، وهو قول فاسد ليس لصاحبه مستند إلا ما ذكره الماوردي في أحكامه السلطانية برأيه، وقد ذكرت من قبل كيف شنع عليه الجويني في (الغياثي) بسبب هذا، وقد استوفى ابن القيم الرد على هذا القول في كتابه (أحكام أهل الذمة) جـ 1 صـ 208 ــ 244، ط دار العلم للملايين 1983 م.
4 ــ القـول بجواز إسقاط الجزية عن أهل الذمة للمصلحة أو إذا طبق عليهم نظام التجنيد الإجباري، وهذا خطأ، فالجزية لا تسقط إلا لعجز من جهة المسلمين عن فرضها على أهل الذمة، أو لعجز من جانب بعض الذميين عن أدائها. وتفصيل ذلك في المراجع الأساسية التي ذكرتها من قبل.
5 ــ القول باطلاق الحرية للذميين للدعوة لدينهم وبناء الكنائس في دار الإسلام حتى لا تُضَيِّق الدول النصرانية على المسلمين المقيمين بها، وهذا قول خطأ مبني على خطأ، لأنه إذا وجدت دار إسلام في الدنيا فإنه يجب على المسلمين الهجرة إليها لنصرة أهلها وحتى لا يفتنوا في دينهم بالإقامة بين الكفار في بلادهم، كيف وقد قال رسول الله (أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين) الحديث؟. وكيف وقد نهى رسول الله عن حمل المصحف عند السفر لبلاد الكفار؟. فذهاب المسلم إلى بلاد الكفار وإقامته بها لاتجوز إلا للضرورة ليست هى الأصل، وليست من المباحات كما تساهل فيها الناس في هذه الأزمان. فليست هذه من الأعذار التي تسقط من أجلها الأحكام الثابتة الخاصة ببناء الكنائس في دار الإسلام.
6 ــ القــول بعدم وجـوب إلزام الذميين بالغيار (أي بمخالفة المسلمين في الشعور واللباس والمركب)، وذلك في دار الإسلام، وأن هذا وإن ورد في الشروط العمرية فهو اجتهاد غير ملزم من عمر ، وأنه يمكن إلغاء هذا الشرط لاختلاف الزمان. وهذا خطأ، فقد ذكرت من قبل أن الشروط العمرية ملزمة لعمـوم المسلمـين عند القدرة، ولا يجوز اعتبار حالة العجز هى الأصل، وقد قال ابن القيم (فلما فتح الله على المسلمين أمصار الكفار، ومَلّكهم ديارهم وأموالهم وصاروا تحت القهر والذل، وجرت عليهم أحكام الإسلام ألزمهم الخليفة الراشد والإمام العدل الذي ضرب الله الحق على لسانه وقلبه وأمَرَ رسول الله باتباع سنته ــ عمر بن الخطاب ــ بالغيار، ووافقه عليه جميع الصحابة، واتبعه الأئمة والخلفاء بعده. وإنما قصّر في هذا من الملوك من قلّت رغبته في نصر الإسلام وإعزاز أهله وإذلال الكفر وأهله، وقد اتفق علماء المسلمين على وجوب إلزامهم بالغيار، وأنهم يمنعون من التشبه بالمسلمين في زِيّهم) (أحكام أهل الذمة) 2/756.
هذا وقد بلغت الجرأة بأحد المعاصرين أن قال (لم تبق إلا مسألة اللباس الذي يميز الذمي من المسلم، وأبادر إلى التأكيد بأن القرآن لم يمسّ هذا، وأن الحديث النبوي لم يعرض له، فليس له إذاً أساس ديني، بل أساسه عندي اجتماعي أو سياسي أو زماني مؤقت، فقد وقع في بعض العصور المتأخرة ثم كاد يصبح بعدها تقليداً) أهـ. وقائل هذا اسمه الدكتور محمد حميد الله، شارك د. صبحي الصالح في وضع مقدمة كتاب (أحكام أهل الذمة) لابن القيم. وسمّاه صبحي الصالح بالعلامة الاستاذ الدكتور محمد حميد الله، وكلامه السابق بمقدمة الكتاب في صـ 94.
ويبدوا أنه لم يقرأ شيئا من الكتاب الذي قدم له، فالغيار معمول به من عصر الصحابة لا في العصور المتأخرة كما قال، والغيار أساسه ديني، سَنَّه خليفة راشد يجب اتباع سنته وأجمع عليه الصحابة وإجماعهم حجة، والعمل بالإجماع ليس تقليداً بل اتباع كما هو مقرر في أصول الفقه (انظر «ارشاد الفحول» للشوكاني، صـ 246). وأضيف هنا أن العمل بالغيار ليس اجتهاداً قاله عمر بن الخطاب برأيه، بل قد دلّت عليه سنة النبي الذي أمر بمخالفة أهل الكتاب والمشركين في شتى الأمور خاصة في الهدي الظاهر، وقد ذكر ابن تيمية جملة من الأحاديث الدالة على ذلك في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم)، وذكر أحمد بن الصديق الغماري جملة من هذه الأحاديث في كتابه (الاستنفار لغزو التشبه بالكفار)، وقد ذكر ابن تيمية وجوه الحكمة في الأمر بمخالفتهم وكيف أن التشبه بهم في الظاهر يفضي إلى مشابهتهم في الباطن، كما ذكر ابن القيم الحكمة في إلزامهم بالغيار في عقد الذمة وأنها حتى لايُعامل الكافر معاملة المسلم في دار الإسلام، وذلك في الباب الخاص بسد الذرائع من كتابه (اعلام الموقعين). وهذا كله في بيان أن إلزام الذميين بالغيار ليس رأيا قابلا للأخذ والردّ، وإنما هو من الأحكام الثابتة في الشريعة وقد دلت عليه عشرات الأحاديث من السنة المشرفة، وتطبيقه منوط بالقدرة كما سبق التنبيه.
7 ــ ومن الأخطــاء الفاحشـة ما ذكره الأستاذ المشار إليه أعلاه (د. محمد حميد الله) في مقدمة (أحكام أهل الذمة) صـ 90، حيث قال إن النبي رجم يهوديين، وقتل يهودياً عملاً بأحكام التوراة، ثم قال ما نصه (فلقاضي المسلمين إذاً أن يطبق على أهل الذمة إذا جاءوه قانونهم لا قانون الإسلام) أهـ. أما قوله إن النبي حكم بينهم بالتوراة، فقد قال ابن حزم إن من قال إن النبي حكم بين اليهود بحكم التوراة المنسوخة فهو مرتد، انظر (الإحكام في أصول الأحكام) لابن حزم، 2/104.
وأقول: سبب الردة هنا هو مخالفة هذا القول للنصوص الدالة على أن النبي لم يحكم إلا بشريعة الإسلام، وأن القرآن ناسخ لما قبله من الشرائع، قال تعالى (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله) المائدة 48. ولا أقول إن هذا الكاتب مرتد ولكنه أخطأ خطأ فاحشا، ودخلت عليه الشبهة من أن إحدى روايات حديث رجم اليهوديين ورد فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (فإني أحكم بما في التوراة، فأمر بهما فَرُجِما) الحديث رواه أحمد وأبو داود. وليس معناه أنه حكم بالتوراة نفسها بل حكم بمثل ما ورد بها في حكم هذه المسألة، وإلا فقد قال (لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) الحديث رواه أحمد والدارمي، فكيف يتبع النبي كتاب موسى؟ ومصداق هذا الحديث الأخير من كتاب الله قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسولٌُ مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنّه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) ال عمران 81. ولهذا فبعدما ذكر ابن كثير رواية (فإني أحكم بما في التوراة) قال (فهذه الأحاديث دالة على أن رسول الله حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإكرام لهم بما يعتقدون صحته لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من الله عز وجل إليه بذلك وسؤاله إياهم عن ذلك ليقرّرهم على ما بأيديهم مما تواطؤا على كتمانه) (تفسير ابن كثير) 2/59، وقد قال ابن حجر إن رواية (فإني أحكم بما في التوراة) في سندها رجل مبهم، أي لايحتج بها، وأنها إذا ثبتت فتأويلها عنده هو كما نقلناه عن ابن كثير، هذا معنى كلام ابن حجر (فتح الباري) 12/ 170 ــ 171. وقال ابن تيمية (وهو صلى الله عليه وسلم لم يحكم إلا بما أنزل الله عليه، كما قال «وأن احكم بينهم بما أنزل الله») (مجموع الفتاوى) 4/ 111. وأما قول الأستاذ محمد حميد الله (فلقاضي المسلمين إذاً أن يطبق على أهل الذمة إذا جاءوه قانونهم لا قانون الإسلام) فقول مخالف للكتاب والسنة والإجماع بناه على قوله إن النبي حكم بينهم بحكم التوراة وهو قول باطل كما سبق بيانه، وقد قال تعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم) المائدة 49، وقانونهم المبدل المحرّف هو من أهوائهم. وقد ذكرت في أول هذا الموضوع الإجماع على أن عقد الذمة لا ينعقد إلا بشرطين: أداء الجزية والتزامهم جريان أحكام الإسلام عليهم.
فهذه بعض الأخطــاء الواردة في كتابات المعاصرين في هذا الموضوع، أردت التنبيه عليها ليكون الطالب على بينة منها، ومن اليسير على الطالب أن يدرك هذه الأخطاء وغيرها إذا بدأ دراسته لهذا الموضوع بالمراجع الأساسية التي ذكرتها أولا، أما إذا بدأ بقراءة كتابات المعاصرين فهنا الخطر، إذ قد لا يتبين هذه الأخطاء بل قد يظنها الحق، والأسوأ من ذلك ما قد يعلق بقلب الطالب من التشكيك في الأحكام الثابتة بالأدلة الشرعية بدعاوى هِـى أَوْهَى من خيوط العنكبوت. كتاب الجـــامع في طلب العلم الشريف للشيخ الدكتور عبد القادر بن عبد العزيز