من إشكاليات النص القرآني

" وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا " (النساء:82) 

 

مقدمة :كنا قد تكلمنا في أبحاث سابقة عن إشكاليات النسخ في القرآن (الجزء الأول) , وإشكالية جمعه وتدوينه وهل هو متواتر , ومفهومه في نجاة الإنسان ،وإشكالية تعارضه مع العلم الحديث وفي هذا البحث نعرض لإشكاليات أخري تواجه النص القرآني ,وتحتاج لتفسير أو توضيح من العلماء ! 

 

الفهرس

الموضوع

الصفحة

مقدمة

 

التعارض بين كثير من الآيات

3

القرآن حمّال أوجه

18

القصص القرآني وإشكالياته

22

القرآن والنحويون

40

عمر ينطق بقرآن قبل أن ينطق به جبريل أو النبي

43

تبيانا لكل شئ مع ندرة الأحكام الشرعية

47

القرآن ونظام الحكم والشورى

54

صلاحية القرآن لكل زمان ومكان

60

إشكالية الزيادة والنقصان فى النص

ونماذج من الإختلاف بين مصاحف الصحابة

 

65

شكل المصحف ونقطه

80

 الله في القرآن.. وآيات تتعارض مع كونه ( العدل – القدوس – العليم )

81

القرآن وأسباب نزول تتعارض مع كونه ( الكبير – المتكبر – المتعالي )

92

الله يقسم في مكة بمخلوقاته ثم يقسم في المدينة بذاته

94

لغة القرآن وهل هو بلسان عربي مبين ؟!

94

أخيرا .. آراء حول الإعجاز القرآني :

96

أ) من مفكري القرن الثاني الهجرى

96

ب) من مفكري القرن العشرين الميلادي

98

 

 

التعارض بين كثير من الآيات :

في هذه النقطة سنسرد بعض تناقضات القرآن مبتعدين عن الآيات التي قد يقال فيها بالنسخ الذي حل كثيراً من المتناقضات !

جاء في ( النساء :82) :" وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا " . فهل في القرآن متناقضات ؟!

1- " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ " (النساء :3)

يظهر من قوله " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً " أن العدل مستطاع وهذا ينافيه ما يأتي في سورة النساء أيضا الآية 129 وهو قوله " وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ " .

 

2-   " إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء "(النساء :48) .

هذه الآية تدل علي أن غير الشرك من الذنوب لا يقطع بانتفاء مغفرته بل ترجي مغفرته , مع أن الظلم والكفر والنفاق وقتل المؤمن عمدا ورد في القرآن  عنها أنه لا يغفر لصاحبها وذلك في قوله:

" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ، إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا"

                                                                              ( النساء 168-169 ) 

وقوله :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " ( النساء :145) نَصِيرًا = شفيعاً

 

وقوله :" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

( النساء :93)

فهو في هذه الآيات بين أن الكفر والظلم والنفاق وقتل المؤمن عمداً لا يُغفر لصاحبها بينما في الآية الأولي يشير إلي أنه أي ذنب دون الشرك فهو مغفور أو قابل للغفران , فكيف نجمع بين هذه الآية والآيات التالية لها .

والملاحظ أن الآيات كلها في سورة النساء !

 

3- في ( النساء :78) :" وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء ال ْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا "

يفهم من هذه الآية أن الله ينسب الحسنة والسيئة إلي ذاته بينما الآية التالية ينسب الحسنة إلي ذاته والسيئة إلي الإنسان أي أن السيئة مصدرها الإنسان نفسه , بينما الحسنة مصدرها الله وذلك في قوله : " مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا " (النساء :79) أي التالية مباشرة . وهذا تناقض كما يظهر لأول وهلة فكيف نجمع بينهما ؟

4-   جاء في ( البقرة :62) :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "

وتكررت في ( المائدة :69) أي مؤكدة ؟!

والظاهر من هذه الآية المؤكدة أن العمل بأي دين من الأديان الإلهية له أجرة عند الله , وليس من اللازم أن يعتنق اليهودي أو النصراني الاسلام , بل يكفي أن يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحاً فبذلك سيفوز برضي الله , وهذا يناقض قوله:" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ "( آل عمران : 19 ) وقوله :" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (ال عمران :85)

فكيف نجمع بين هذين المفهومين ؟...

 

5- كيف نجمع بين ما جاء في ( الأسراء : 16):" وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا "وما جاء في ( الأعراف :28) :"قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ     بِالْفَحْشَاء "؟!

 

6- جاء في ( البقرة :254) :" مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ ". وفي ( البقرة :48) جاء نفس المعني مؤكدا نفي الشفاعة :" وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ " فهو هنا ينفي وجود الشفاعة وذلك في يوم القيامة , بينما في مواضع أخري يؤكد وجود الشفاعة وذلك في امثال ( البقرة : 255) نفس السورة " مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ " و(الانبياء :28) : " وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى " ,و ( سبأ: 23) :" وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ " فما وجه الجمع بين هذه الآيات جميعها ؟

 

7- جاء في ( البقرة:273):" لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ "وجاء في تفسير البيضاوي : ( الذين حصروا في سبيل الله ) احصرهم الجهاد ( لا يستطيعون ) لا شتغالهم به ( ضربا في الأرض ) ذهابا فيها للكسب .( يحسبهم الجاهل ) بحالهم  ( أغنياء من التعفف ) من اجل تعففهم عن السؤال ( تعرفهم بسيماهم ) من الضعف ورثاثة الحال ( لا يسألون الناس إلحافاً) الحاحاً , وهو أن يلازم المسؤول حتي يعطيه , والمعني أنهم لا يسألون وان سألوا عن ضرورة لم يلحوا .

(تفسير البيضاوى – (1/573) تحقيق الشيخ عبد القادر العشا حسونة- دار الفكر للنشر – طبعة 1996م – بيروت)

وفي تفسير ابن كثير :(لا يسألون الناس إلحافاً ) أي : لا يلحون في المسألة ويكلفون الناس ما لا يحتاجون اليه ..

(تفسير ابن كثير (1/479)- طبعة دار الشعب- (8 مجلدات)- تحقيق (محمد ابراهيم البنا – محمد أحمد عاشور – عبد العزيز غنيم)

 

ففي الآية نفسها نلاحظ أن القرآن قد وصف أهل الصّفة بوصفين يكادان أن يكونا نقيضين ففي الموضع الأول يقول عنهم أنهم اهل امتناع عن السؤال , فهم لا يسألون مطلقا حتي أن الناظر اليهم يحسبهم من أهل الغني نتيجة لتعففهم وعدم سؤالهم مطلقاً , بينما في الآية نفسها نجده مباشرة يصفهم بانهم يسألون الناس ويطلبون منهم ولكن ليس بالحاح وإنما يسألون بتلطف ولين ورفق , فكيف نجمع بين هذين الوصفين ؟...

 

8- في (آل عمران :13) :" قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ "

فهو هنا يُظهر أن الفئة الكافرة ترى الفئة المسلمة مثلي عدد نفسها أو بالعكس أن المسلمين يرون الكافرين مثلي عددهم علي اختلاف القولين . وكيفما كان فهو مناف فى الظاهر لما جاء في (الأنفال:44) :" وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ " لأنه يدل علي ان الفئتين تساوتا في تقليل كل واحدة منهم للأخري , فكل منهما تري الآخري قليلة بينما في الآية الأولي تري كل فئة الفئة الأخري بالعدد نفسه !.

 

9- جاء في ( الاعراف :143) عن موسي :" قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي " قال الزمخشري وعلماء النحو : لن تفيد التابيد .

(كشف الجانى ... – ص 85- عثمان بن محمد آل خميس – مكتبة ابن تيمية – القاهرة- الطبعة الأولى 1997م)  .

 

وفى (القيامة :23) :" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" .

وفى (يونس : 26) :" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" .

وبمقارنة الآيات يكون هناك تعارض بين عدم رؤية الله فى الآخرة ورؤيته أو أن الناس سترى ربها إلا أن موسى سيكون محروما منها !!

 

10-جاء فى (الزخرف:3) :" إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " وفى (الشعراء :195) :" بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ " وفى  (آل عمران : 138) :" هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ" . فكيف يجوز أن يصف القرآن بأنه عربي مبين ، وأنه بلسان قومه ، وأنه بيان للناس على اختلاف اجناسهم ولغاتهم ؟

11-  فى (النساء : 95، 96) :" لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا . دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ".

        فى الآية الأولى ذكر الله أنه قد فضل المجاهدين على القاعدين درجة ، بينما فى الآية التالية لها أنه فضلهم درجات فكيف الجمع بينهما ؟!..

 

12- جاء عن المسيح:" وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه " . وفى الآية نفسها بعد الكلام السابق مباشرة جاء :"ما لهم به من علم إلا اتباع الظن " إذ نراه يصفهم اولا بالشك ، وهو كما نعرف فيه يتساوى الطرفان "الإثبات والنفي"، وبعد ذلك وصفهم بالنسبة لموقفهم من المسيح بالظن ، والظن فيه يكون رجحان أحد الطرفان (الإثبات أو النفي) ، فكيف يكونون شاكين وظانين فى الوقت نفسه ؟!..

 

13- فى (الصافات : 180) :" سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ "

      فى (الفتح : 10) :" يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " فنزه تعالى نفسه وشبه !! 

 

14- فى (البقرة: 34) :"وإذ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ..." . ومعلوم أن الاستثناء هنا يدل على أنه من جنسهم ، كما تقول جاءت عائلة فلان ، إلا أحمد (مثلا) وبذلك يكون إبليس من الملائكة .

وفى (الكهف: 50) :" إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ " . فكيف يكون إبليس من الملائكة ومن الجن فى الوقت نفسه ؟!..

 

15- فى (البقرة :6) :" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ".

       هذه الآية تدل بظاهرها على عدم إمكانية إيمان الكفار ، وقد جاء فى آيات أخر ما يدل على أنهم من الممكن أن يؤمنوا مثل : " قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ " .. (الأنفال :38)

أليس فى هذا تعارض ؟!..

 

16- فى (البقرة : 284) :" ... وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ.. "

فـ هذه الآيه تدل على أن الوسوسة وخواطر القلوب يؤاخذ بها الإنسان. وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الإنسان لا يُكلف إلا بما يطيق . مثل :" لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا.." (البقرة :286) ، ومثل :" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.." (التغابن: 16) .                      أليس فى ذلك تعارض ؟!..

17- جاء فى (آل عمران: 90) :" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ "

    هذه الآيه تدل أن المرتدين بعد إيمانهم المزدادين كفراً لا يقبل الله توبتهم إذا تابوا لأنه عبر بـ " لن" الدالة على نفى الفعل فى المستقبل ، مع أنه جاءت آيات أخر دالة على أن الله يقبل توبة المرتدين مثل : " كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ،  خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ " (آل عمران: 86-89) .

أليس فى ذلك تعارض ؟!..

 

18- جاء فى (المائدة: 47) :" وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ".

      فى هذه الآية أمر لأهل الإنجيل بالحكم بالإنجيل ، مع أننا نعرف من آيات أخرى أنه بعد نزول القرآن الكل مأمور بالاحتكام به والعمل بما جاء فيه من أحكام ، إذ القرآن أصبح ناسخا لما قبله :" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (آل عمران :85)

فكيف هنا يأمرهم باللجوء للإنجيل وأخذ الأحكام منه ؟ أليس فى هذا تعارض ؟!..

 

19- طلب موسى من ربه عده طلبات .. فى ليلة اللقاء به عند طور سيناء منها أن يحل عقدة لسانه حيث قال : " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي" (طه: 27) ، وأن الله أستجاب له فى طلباته عقب تقديم الطلبات مباشرة .. بقوله : ".. قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى " . ومعنى هذا أن العقدة تكون قد حُلت .. ولكننا نجد فرعون بعد ذلك يقول لقومه : " أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ " . (الزخرف: 52)

مما يشير الى أن العقدة لم تحل!! حيث جاء فى تفسير البيضاوى : (ولا يكاد يُبين) الكلام لما به من الرته(يعنى ما كان فى لسانه من العقدة) فكيف يصلح للرسالة .     (تفسير البيضاوى- (ج5) – مصدر سابق)

 

وجاء فى تفسير الجلالين : (ولا يكاد يُبين) يظهر كلامه للثغتة بالجمرة التى تناولها فى صغره .

(تفسير الجلالين- تحقيق دكتور شعبان محمد اسماعيل (وكيل الأزهر) – طبعة شركة الشمرلى )

 

20- جاء فى (السجدة:7-8) :".. وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ". جاء فى تفسير البيضاوى :( مهين) ممتهن.            (ج4- سورة السجدة- مصدر سابق)

وفى (المرسلات :20) :" أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ "

جاء فى تفسير المنتخب (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالأزهر) :ألم نخلقكم من ماء حقير وهو النطفة .

(تفسير المنتخب – ص875 – الطبعة (18) – القاهرة 1995م – طبع مؤسسة الأهرام )

     وجاء  فى (الإسراء :70) :" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " . فكيف نوفق بين خلق الإنسان من ماء مهين حقير ممتهن وبين تكريم الله للإنسان .

 

21- كيف قال فى (المؤمنون:101):" فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ". وقال فى موضع آخر :     " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ". (الصافات:27) ؟

 

22- كيف قال فى (الفرقان :57) :" قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ" أي أجر ، لأن "من" لتأكيد النفى وعمومه ، وقال فى آية أخرى :" قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " (الشورى:23) فأثبت سؤال الأجر عليه؟!..

 

23- فى (الشعراء:16) جاء :" فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ" . فهنا أفرد الرسول ، وهو حديث عن النبى موسى وهارون ، وقال فى موضع آخر :" إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ " (طه:47) فهنا ثنى ، فكيف نجمع بينهما ؟!..

 

24- كيف جاء فى (القصص:32) :" وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْب" فجعل الجناح هنا مضموماً وقال فى (طه:22) :" وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ " . فجعل هنا الجناح مضموماً إليه والقصة واحدة؟!..

 

25- جاء فى (المجادلة:22) :" لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ " بينما جاء فى (لقلمان:15) : " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" . فكيف التوفيق بين الآيتين ، أليس هذا تعارضاً واضحاً؟!..

 

27- " فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا " (الأنعام:125)

هذه الآية تنفى إمكانية الحسم الإنسانى الحر.

" قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ". (يونس:108) فهذه الآية تقر بحرية الإنسان فى الاختيار .  

 

28- "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " (التوبة:51).

هذه الآية توكد جبرية مطلقة .

" مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ " (النساء: 79)

فهذه الآية تحمل الإنسان تبعات حريته ومسئوليته.

 

29- "إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا " (الانسان:29)

فهذه الآية تعلن عن أن للإنسان مشيئة فى حريته .

"وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا "(الانسان:30)

 فهذه الآية تلح على أن مشيئة الإنسان مشروطة بالضرورة بمشيئة الله .

 

30- " وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ " (النساء:78)

فهذه الآية تفصح عن أن الكل يرتد إلى الله.

 " مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ " (النساء: 79)

فهذه الآية تفصح عن أن الحسنة ترتد الى الله وأن السيئة ترتد إلى الإنسان .

 

31- آيات تتناقض فيها اللغة والأهداف : من عنف ورعب وحسم بالشقاء فى "جهنم " ، إلى دعوة لرفض القنوط من رحمة الله :

" وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " (السجدة:13)

"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ " (الزمر:53)

 

32- فى (النساء: 15) :" أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً " فهل ما جاء بعد ذلك من الرجم لهن أم عليهن؟ فإذا كان الرجم لهن فماذا عليهن؟؟

ملحوظة: آيه الرجم عند العلماء مما رفع تلاوته وبقى حكمه !! وهو نوع من أنواع النسخ الثلاثة!!

(أنظر بحث القرآن بين النسخ والتحريف)

 

33- جاء فى (التوبة:43) :" عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ"

       ففي هذه الآية عتاب من الله للنبى ، لأنه أذن للمنافقين بعدم الخروج للجهاد عندما جاءوا يعتذرون اليه بعدم الخروج معه (غزوة تبوك)

وجاء فى (التوبة: 46) :" وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِين" فهذه الآيه تشير ان الله هو الذى ثبط عزيمة المنافقين عن الجهاد ، وكان له دور فى تخلفهم عن الجهاد ، فلماذا يعاتب النبى؟!

 

34- جاء فى (هود:105) :" يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ "

        وفى (النحل:111) :" يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا "

كيف نوفق بين هاتين الآيتين وبين ما جاء فى (المرسلات:35-36): "هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ. وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ".                        أليس فى هذا تعارض؟!..

 

35- جاء فى (الحج:23) :" إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ "

     وفى (الإنسان:21):" عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ "

فهل الأساور ذهب أم فضة؟!..

 

36- جاء فى (الأنعام:40) :" قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" .

      وفى (الأنعام:43) :" فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ".

فالآيه الأولى تشير إلى أن المشركين حين يتعرضون لمصيبة ما ، أو موقف فيه شدة وهلع فانهم استجابة للفطرة الإنسانية يلجأون مباشرة إلى الله ، ويتوجهون اليه ، بينما فى الآية الثانية معنى يشير إلى أن المشركين حين تعرضهم للبأس، وألوان الشدائد لا يحدث لهم أي لجوء إلى الله .

أليس هذا تعارض واضح ؟!..

 

37- جاء فى (الأنفال:33) :" وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  " وفى الآية التالية لها مباشرة: "وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام".

فالآية الأولى تنفى إراده الله ونيته فى تعذيب أهل مكة . والآية التالية لها تتعارض معها وتبين أن الله معذبهم !!

38- جاء فى(النساء:97) :" إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ "

         وفى(السجدة:11) :" قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ "

فمن يقوم بعملية الوفاة بالنسبة للإنسان هل هم الملائكة أم هو ملك الموت؟؟

39- جاء فى (المائدة :51) :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " فهذه الآية تشير إلى أن من يستعين باليهود أو النصارى ويتودد اليهم فهو منهم ، أى مثلهم فى العداء للدعوة وغير ذلك . الدعوة وغير ذلك . وهو ممن غضب الله عليه ، فقد جاء فى تفسير الجلالين :( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) توالونهم وتوادونهم . ( بعضهم أولياء بعض) لاتحادهم فى الكفر.             (تفسير الجلالين – ص 95- مصدر سابق)

ولكن فى موضع آخر تشير الآيات إلى أنه لا ضرر ولا نهى من قبل الله للمسلمين أن يبررهم ويقسطوا اليهم كما جاء فى (الممتحنة:8) :" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"

حيث جاء فى تفسير المنتخب : تكرموهم وتمنحوهم صلتكم ان الله يحب أهل البر والتواصل .

(تفسير المنتخب- ص821- مصدر سابق)

كما قال عن النصارى بالذات أنهم أشد الناس مودة للذين آمنوا (المائدة: 82)

أليس فى ذلك تعارض؟؟

 

40- جاء فى (الأعراف:188) :" أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ففى هذه الآية البشارة والإنذار مقصورة ومحصورة فى قوم يؤمنون . وفى (سبأ:28) :" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا "

مما يتعارض مع الآيه الأولى !!

 

41- جاء فى (الأعراف :6) :" الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ".

          وفى (الصافات:24):" وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" .

          وفى (الحجر:92-93) :" فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".

كل هذه الآيات السابقة تجمع على أن الناس فى يوم القيامة سوف يقفون أمام الله ويُسألون عن كل أعمالهم، بينما فى مواضع أخر يشير الى أنهم لن يُسألوا ، ولن يقفوا للمساءلة وذلك كما جاء فى (الرحمن:39):" فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ ". وفى (القصص:78) :" وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ " .              أليس هذا تعارضاً واضحاً بين الآيات المختلفة السابقة!!

 

42- جاء فى (البقرة: 167) " وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ" أى الخالدين فيها وفى (البقرة:217) "أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" وجاء فى (هود:107) :"خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ" أى دوام الخلود لأهل النار مرتبط بدوام السماوات والارض . بينما السموات والأرض دوامهما منقطع ، ولأجل محدود ، ويؤكد هذا ما جاء فى (الفجر:21) : "كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا " . وما جاء فى (الانفطار:1) " إِذَا السَّمَاء انفَطَرَت" . وما جاء فى (الأنبياء:104) : "يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ" ، وغيرها كثير ، مما يدل على خراب السماوات والأرض .             أليس فى ذلك تعارض ؟!..

 

43- جاء عن خلق السماوات والأرض :" إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ " (الأعراف:54) و (يونس:3) .

" الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ " (الفرقان: 59) .

إذن أجمعت كل هذه الآيات على أن خلق السموات والأرض وما بينهما تم فى ستة أيام .

وفى (فصلت:9-12) :" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ... وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ  ... ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ... فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا  " .

فإذا أحصينا أيام الخلق فى سورة فصلت نجد أنها ثمانية ، يومان لخلق الأرض ، وأربعة أيام قدر فيها رزقها وبارك فيما ويومين للسموات السبع . إذن فهى ثمانية أيام .

فالتعارض واضح بين الآيات السابقة !!

 

44- فى (الأعراف:107)  وصف الله عصا موسى بأنها ثعبان ضخم : " فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ " بينما وصفها فى موضع آخر بأنها حية صغيرة :" فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ" (القصص:31) . و(الجان) فى الأصل معناه الموجود غير المرئى ، ولذلك يطلق على الجنين لأنه لا يرى ، وعلى الجن كذلك ، لأنهم غير مرئيين ، كما يطلق على الحيات الصغيرة اسم (الجان) أيضاً لأنها تعبر بين الأعشاب والأشجار بصورة غير مرئية.

فكيف توفق بين الوصفين؟

 

45- جاء فى (ص:77) قول الله للشيطان :".. فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ".

     وجاء فى (الأعراف :13) قوله له : "فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا ".

وورود هاتين الكلمتين فى موقف واحد مشكل عند أ.د. عبد الصبور شاهدين* فيقول :"إن الهبوط حركة رأسية من أعلى إلى أدنى . والخروج حركة أفقية من مكان إلى آخر ، والجمع بين البعدين على المستوى المادى متناقض .

(أبى آدم .. قصة الخليقة – دكتور عبد العظيم المطعنى – ص 132، 133- الطبعة الأولى 1999- الناشر مكتبة وهبه – رقم الايداع 4574/1999)

 

لذلك فسر سيادته الآيتين السابقتين .. الهبوط والخروج تفسير مجازى .             (ارجع للمصدر السابق)

لكن د.عبد العظيم المطعنى (من علماء الأزهر) يرى غير ذلك فيقول : إذا دققت النظر وجدت المؤلف (يقصد د.شاهين) يؤَول –هنا-الهبوط- والخروج معناً ، فيخرجها من الاستعمال الحقيقى إلى الاستعمال المجازى وهذا لا ضرورة له عند المفسرين فإن اجراء الكلمتين على ظاهرهما سائغ ، لا تدعو إلى صرفهما إلى المجاز ضرورة .                   (المصدر السابق)

 

46- وفى (الأحزاب:72) :" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"

أجمع المفسرين على أن الأمانة هى التكاليف الشرعية . ومعلوم أن التكاليف الشرعية لابد لها من عقل حيث الإدراك والتمييز فكيف كانت الجبال مثلاً ستقوم بهذه التكاليف ، وكيف أشفقت منها؟!!

كيف تعرض الأمانة على الجماد؟؟..

 

47- كيف جاء فى(الأنبياء: 30) :" وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" . مع أن الملائكة أحياء والجن أحياء ، وليسوا مخلوقين من الماء بل من النور والنار كما جاء فى (الرحمن:15):" وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ".

 

48- جاء فى (الحج:75) :" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ ".

فكما نعرف فإن "من" للتبعيض ، فقوله من الملائكة يقتضى أن يكون الرسل بعض الملائكة لا كلهم ، بينما فى موضع آخر يشير إلى أن الملائكة كلهم رسل كما جاء فى (فاطر:1) :" جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا" .

فوقع بذلك التعارض!!

 

49- جاء فى (الزمر :74) : "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء ".

كذلك جاء فى (الانبياء : 105): " .. أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "

مما يدل على أن الجنة ستكون على الأرض .

وفى موضع أخر جاء:".. وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا " (الحديد:21)،(آل عمران :133).فكيف تكون الجنة على الأرض وفى نفس الوقت عرضها كعرض السماء والأرض ؟؟

 

50- وجاء فى ( المزمل :9 ) :" رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ".

وفى (الرحمن :17):" رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ".

وفى (المعارج:40) :" بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ".

فكيف نجمع بين هذه الآيات ، فتارة مشرق، وتارة مشرقين ، وتارة أخرى مشارق فأيهما الصحيح ؟؟

51-جاء فى (الأنعام :108):" كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ".

وفى (الأنعام:43):" وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ".

وفى (الأنعام :122) : "كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ".

ففى سورة الأنعام وحدها أختلفت نسبة التزيين ، فتارة من الله ، وتارة من الشيطان ، وأخرى من عامل مجهول ، غير معروف صاحبه ، فمن هو الذى زين بالضبط ؟؟

 

52-جاء فى وصف أهل النار :

" فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ . وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ " (الحاقة :35-36)

"إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ . طَعَامُ الْأَثِيمِ " ( الدخان:43-44)

" لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ " (الغاشية:6)

" ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ . لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ . فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ" (الواقعة 51-53)

وفى موضع آخر : " أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ " ( البقرة : 174)

فما الذى سيأكلونه بالضبط ؟؟

 

53-جاء فى ( ابراهيم :30) :" وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ..".

بينما فى مواضع أخرى يؤكد أن غرضهم من عبادة الأصنام ليس الضلال والإضلال . وإنما هم عبدوها لتقربهم الى الله زلفى كما جاء فى ( الزمر :3) :" مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ".

أليس هذا تعارض ؟؟

 

54-جاء فى ( البقرة : 174) :" وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".

وفى (الحجر :92):" فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ".

فالآية الأولى تشير الى أن الله لا يكلمهم، والثانية انه يكلمهم ويسألهم ويستفهم منهم عما صنعوه .

أليس فى ذلك تعارض ؟؟

55-جاء فى ( آل عمران : 102 ) :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ".

وهى تدل على التشديد البالغ فى تقوى الله .

وفى موضع آخر جاء ما يدل على خلاف ذلك :

ففى (التغابن :16 ) :" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ".            وفى هذا تعارض واضح !!

 

56-جاء فى ( آل عمران : 153 ) :" فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ ".

فكيف لا يسبب الغم الحزن ؟؟

57-جاء فى ( الأنعام:99 ) :".. وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ.. ".

وأيضا فى ( الأنعام:141 ) :".. وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ.. ".

فقد أثبت فى هاتين الآيتين التشابه للزيتون والرمان وفى الوقت نفسه نفاه عنهما !!

 

58- جاء فى (الأنفال :2) :" إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.. ". أى خافت قلوبهم بحسب التفاسير .

وفى (الرعد : 28 ) :" .. أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".

فهل ذكر الله يطمئن القلوب أم يخيفها ؟؟

 

59- جاء فى (يونس :88) دعا موسى على فرعون وملأوه ولم ويذكر معه أحداً  .

" وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ".

وفى الآية التالية مباشرة (يونس :89) جاء :" قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا..". بالمثنى رغم أن موسى وحده هو الذى دعا !!

 

60-جاء فى (مريم :71) :" وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا".

فهذه الآية تدل على أن كل الناس لابد لهم من ورود النار ، وقد أكد ذلك بقوله :"....كان على ربك حتما مقضيا ".

 

وقد جاء فى آية أخرى ما يدل على أن بعض الناس مبعدون عنها ولايسمعون لها حسا ، كما جاء فى (الأنبياء :101-102) :" ... أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ.  لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا..".

أليس فى ذلك تعارض ؟؟

 

61-جاء فى (النور :26) :" الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ.."

وجاء فى ( التحريم :10) :" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ".

وجاء فى (التحريم :11) :" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ".

فدلت الآية الثانية على خبث الزوجتين الكافرتين مع أن زوجيهما من أطيب الطيبين , وهما نوح ولوط.

ودلت الثالثة على طيب امرأة فرعون مع خبث زوجها .

ألا تتعارض هاتان الآيتان مع الآية الأولى ؟؟

 

62-جاء فى (الشعراء :105) :" كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ "

وفى (الشعراء :117) جاء عن نوح :" قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ".

أولا معروف أن نوح هو أول رسول الى الناس فمن هم المرسلين الذين كذبهم قوم نوح ؟؟

ثانيا تقول الآية الأولى انهم كذبوا أكثر من رسول ، وتقول الآية الثانية أنهم كذبوا نوح وحده .

أليس فى هذا تعارض ؟؟

 

63- جاء عن ابراهيم :" ... وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ..."( العنكبوت:27)

جاء فى ( الحديد:26) :" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ..".

فالآية الاولى تدل على أن النبوة والكتاب فى خصوص ذرية أبراهيم ، وفى الآية الثانية أشترك نوح معه فى ذلك !..فإذا كان الجواب أن كل من كان من ذرية ابراهيم فهو من ذرية نوح فلما لم يذكر ذلك عن آدم فكل من كان من ذرية ابراهيم فهو من ذرية آدم ؟؟

 

64-جاء فى (الأنبياء :98 ) " وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ "

فهذه الآية تدل على ان جميع المعبودات مع عابديها فى النار .

وقد أشارت آيات أخرى إلى أن من المعبودين المسيح والملائكة فهل هم فى النار ؟؟

اذا قيل أن هذه الآية لم تتناول المسيح ولا الملائكة لتعبيره بـ"ما" الدالة على غير العاقل ، نقول أن فى القرآن آيات دلت فيها "ما" على العاقل بل على عاقل العقلاء " الله نفسه" مثل : "وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ " (الكافرون :3-5) . فلم يقل "من" أعبد ..إلا إذا كان النبى يعبد شيئاً غير الله !!

 

65-جاء فى (الصافات :145) :" فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ "

فهذه الآية فيها تصريح بنبذ "يونس" بالعراء .

وقد جاءت آية أخرى خلاف ذلك .

ففى (القلم:49 ) :" لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ " !!

 

66- فى (غافر :7) جاء عن الملائكة :" ... وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا..."

وفى (الشورى :5) جاء عنهم :" وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ ".

فهل الملائكة تستغفر لمن فى الأرض من مؤمنين ومشركين ...الخ. ام تستغفر للذين آمنوا فقط ؟؟

فإذا قيل أن الاولى نسخت الثانية فالآيتان خبريتان والخبر لا يدخل عليه النسخ .

 

 

67-جاء فى (الطور :21) :" ... كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ "

فالآية تقتضى عموم رهن كل إنسان بعمله ، ولو كان من أصحاب اليمين ،نظرا للشمول المدلول عليه بلفظة "كل" ، وقد جاءت آية أخرى تدل على عدم شمولها لأصحاب اليمين وهى :" كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ" (المدثر :38-39)

فالتعارض واضح !!

 

68-جاء فى (النجم :39) :" وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" وهى تدل على انه لا ينتفع احد بعمل غيره .

وجاء فى (الطور :21) :" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ..."

وهى تدل على ان بعض الناس ربما انتفعوا بعمل غيرهم.!!

 

69-جاء فى (القمر:29) :" فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ "

وهى تدل على أن عاقر الناقة واحد .

وفى (الاعراف:77) :" فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ..."

وفى (الشمس :14) :" فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا.."

والآيتان الأخيرتان تدلان على أن عاقر الناقة غير واحد !!

 

70-هل الله قال :"اهبطا" بصيغة المثنى ام "اهبطوا" بصيغة الجمع ؟!..

ففى (البقرة:36) :".. وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ.."

وفى (البقرة:38):" قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً.."

وفى (الاعراف :24) :" قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ.."

وفى (طه:123) :" قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ "

 

71-جاء فى (الإسراء :15) :" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً"

أى أن الله لا يعذب قوم قبل أن يبعث فيهم رسولا لينذرهم .

يقول الواحدى النيسابورى فى اسباب نزول (البقرة :119) "وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم" قال ابن عباس (وهو حبر الأمة ) : ان رسول الله (ص) ذات يوم قال : ليت شعرى ما فعل أبواى ؟! فنزلت هذه الآية ،وهذا على قراءة من قرأ " وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم جَزْمَاً" .

 

وفى تفسير ابن كثير عن محمد بن كعب القرظى قال : قال رسول الله (ص) :ليت شعرى ما فعل أبوى؟، ليت شعرى ما فعل أبوى؟ ، ليت شعرى ما فعل أبوى؟ ، فنزلت (البقرة :119) فما ذكرهما حتى توفاه الله، عزوجل. ورواه ابن جرير الطبرى، عن ابى كريب، عن وكيع، عن موسى بن عبيدة، به مثله. مرسل. ومعلوم أن من العلماء من يحتج بالمرسل.

والسؤال: من هو الرسول الذى جاء فى عصر أبواه فرفضاه؟!

 

72- جاء فى (سبأ:23) :" وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ"

يقول الدكتور مصطفى محمود : وهو كلام عن الملائكة .. ولكن ماذا يقول القرآن بعد ذلك :" حتى إذا فُرغ عن قلوبهم (لهول الموقف) قالوا (أى قال الملائكة) ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير ".

إذن لا معدى فى هذا اليوم (يوم الفزع الأكبر) عن الحق .. ولا إذن إلا بالحق .. وفى مكان آخر يقول عن الملائكة. " وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى" (الانبياء:28)

وبذلك عاد فأغلق الباب وجعله مقصورا على أهل الرضا أى المرضى عنهم .. وهو تحصيل حاصل .. فالمرضى عنهم ناجون بحكم ما فعلوا فى حياتهم من خير . والحسنات كما يقول القرآن يذهبن السيئات .. ومازلنا ندور فى حلقة مفرغة تبدأ من الحق وتنتهى الى الحق ..

(كتاب الشفاعة - محاولة لفهم الخلاف القديم بين المؤيدين والمعارضين د. مصطفى محمود دار أخبار اليوم قطاع الثقافة كتاب اليوم عدد يوليو 1999م ص 65، 66 رقم الإيداع 9447/99 
الترقيم الدولي  
 ( I.S.B.N 977-08-0841-5.

 

لذلك كله: كان القرآن "حمال أوجه "..

تحت عنوان : حمّال ذو وجوه:

يقول د.رشيد الخيون (مفكر عراقى) :" فى ظاهرة التناقص بين آى القرآن ورد الحديث التالى :"القرآن ذو وجوه فأحملوه على أحسن وجوهه " . (نقلا عن ميزان الحكمة للطباطبائى)

وقال على ابن ابى طالب لـ عبد الله بن عباس ، وهو متوجه إلى مناظرة الخوارج : "لا تخاصمهم بالقرآن ، فإن القرآن حمال ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا" (نهج البلاغة شرح الامام محمد عبده)

ويشرح ابن أبى الحديد المعتزلى هذه الوصية بقوله :"إن القرآن كثير الاشتباه ، فيه مواضع يظن فى الظاهر انها متناقضة متنافية ، نحو قوله :" لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ " (الانعام:103) وقوله :" إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" (القيامة :23)

والحديث والوصية يشيران الى وجود حالة من التضارب او التناقض فى النصوص ، فكل طرف من الاطراف المختلفة ، فكراً وسياسة ، يجد ما يؤيد وجهة نظره ضد خصومه . فعلى سبيل المثال لا الحصر ، أن مثبتى القدر ونفاته ، ومثبتى الصفات ونفاتها ، والقائلون بخلق القرآن او انه كلام الله القديم وجدوا آيات وظفوها ضد خصومهم ،...

(جدل التنزيل –ص68 –منشورات الجمل طبعة2000 E-Mail:KALmaaly@aol.com)

ويقول د. نضال عبد القادر الصالح : "وقد روى عن على بن ابى طالب انه لما أرسل عبد الله بن عباس ليحاج بعض الخوارج اوصاه بإلا يعارضهم بالقرآن لان القرآن حمّال أوجه ويحتمل معانى مختلفة".

(هموم مسلم –ص151-الطبعة الاولى حزيران يونيو1999-دار الطليعة للنشر – ص.ب 111813 بيروت لبنان 12740/99/2000)

 

ويقول الشيخ سالم الصفار (من علماء الشيعة) :" ولا ننسى نصيحة (أو وصية) على (ع) لابن عباس فى صفيين عندما ذهب لماججة الخوارج بأن لا يحاججهم بالقرآن لأنه حمّال ذو وجوه ؟! "

(نقد منهج التفسير -ص266-الطبعة الاولى 2000 م – دار الهادى للنشر – ص.ب 286/5- بيروت لبنان )

 

ويقول د. طيب تيزينى (مفكر سورى ) :"...وهذا ما عبر عنه على بن ابى طالب ، إبان معاركه المريرة مع خصومه الدهاة الكثر ، الذين لم يألوا جهدا لتطويع ذلك النص لاحتياجاتهم ومواقفهم ، فقال ما يلى : "القرآن انما هو خط مسطور بين دفتين ، لا ينطق ، انما يتكلم به الرجال "* (نقلا عن تاريخ الطبرى) 

ومن ثم فهو بالمعنى التأسيسى –"حمّال أوجه"...

وقد عمق ذلك عبر تمييزه بين ذلك الحمّال لما يَحْصِى من الأوجه (الآراء والمقولات والنظرات ...الخ) من طرف ، والسنة التى ليست كذلك من طرف آخر .

وبذلك اتيحت لعلى امكانية ان يقرأ النص القرآنى على انه نص يحتمى به جميع من يعلن –جهارة على الاقل – انتماءه له ، وعلى انه – من ثم –قابل لأن يُستقرأ من مواقع سياسية متعددة ، أى لأن يحول الى قفاز تنتج فى ضوئه ومن موقع آليته نصوص وقراءات ورؤى سياسية تظل تصر على أنها ذات متون دينية .

(النص القرآنى امام اشكالية البنية والقراءة-ج5 – ص91:89- طبعة 1997 دار الينابيع للنشر دمشق – ص.ب 6348)

 

لذلك يقول د. نصر حامد أبو زيد (استاذ الدرسات الاسلامية – كلية الآداب – جامعة القاهرة ) :" إن تعددية الفهم والتأويل ليست تعددية مضافة الى النص بل هى تعددية كامنة فى بنيته الى حد كبير ".

(المصدر السابق – ص93)

 

لذلك يقول أيضاً د. سيد محمود القمنى (أستاذ الفلسفة الاسلامية – بجامعة عين شمس ) :" ..فهم الخليفة (على ) ذات الامر واعلنه واضحا فى قوله : " إن القرآن لا ينطق بلسان بل ينطق به الرجال " مطلقا بذلك حرية تعدد الافهام حوله .

(السؤال الآخر – ص65 –الكتاب الذهبى – كتاب شهرى – مؤسسة روز اليوسف – الطبعة الاولى فبراير 1998 – رقم الايداع 4026/98.)

لذلك ايضا تقول إقبال بركة :" فالإسلام كما قال على بن ابى طالب حمّال أوجه ، والحكم الدينى لن يكون للإسلام وإنما لتفسير البعض للإسلام ورؤيتهم " .

( قضايا إسلامية معاصرة – ص 184 – الطبعة الاولى 1993م – الناشر : مكتبة مدبولى الصغير – رقم الايداع 5345/78)

 

[ وقد خرج الخوارج للقتال بآيات قرآنية مثل :

"وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ  ".( الزمر :65) حيث رضى بتحكيم البشر ، والمبدأ القرآنى الشهير يقول :" لا حكم إلا لله ".

وفى هذا الصدد يقول د. محمد اركون (مؤرخ بجامعة السوربون) :

هناك اولا : حديث نبوى شهير يقول ان أمته سوف تنقسم إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها فى جهنم إلا واحدة. ويستخدم السنيون هذا الحديث لكى يزعموا بأنهم يشكلون الفرقة الوحيدة الناجية المدعوه بأهل السنة والجماعة .

أما الشيعة من جهتهم فيقولون انهم وحدهم الذين تلقوا الميراث الصحيح للقرآن والحديث النبوى بفضل هيبة الأئمة اولاً ومعصوميتهم . وهم يدعون انفسهم بأهل العصمة والعدالة .

 

وأخيراً فإن الخوارج ( القرّاء حفظة القرآن) يزعمون لأنفسهم حدا أكبر من الإقتراب الزمنى من زمن الوحى التدشينى . وهذا ما يضمن لهم مصداقية وصحة أكبر* .

نقصد بزمن الوحى التدشينى الفترة الممتدة بين عامى (610: 632م) . فهم قد رفضوا الاعتراف بشرعية الامويين الذين اغتصبوا الخلافة ، ثم خرجوا للجهاد (وهذا هو المعنى الحقيقى للخروج او الخوارج الذى فُهم خطأ من قِبل السنة بصفته الخروج عن الأمة المسلمة ) . لقد خرجوا للقتال باسم المبدأ القرآنى الشهير :لا حكم إلا لله .]

(الفكر الإسلامى – نقد واجتهاد – ص103، 104 – الطبعة الثالثة 1998 – دار الساقى للنشر – ص.ب 5342/113

بيروت لبنان ISBN 1 85516 095 1)

 

إذن فالقرآن حمّال أوجه ، لا ينطق وانما ينطق به الرجال ،لذلك يقول د. محمد التيجانى ( من علماء الشيعة): " القرآن والسنة لا يعصمان من الضلالة فهما صامتان لا يتكلمان ويحملان عدة وجوه " .

(كشف الجانى – ص 106 – بقلم عثمان بن محمد اّل خميس – مكتبة ابن تيمية – القاهرة - الطبعة الاولى 1997 )

 

ويقول محى الدين بن عربى فى ( الفتوحات المكية ) : " واذا كان النص هو الدال دلالة قطعية لا محال فيها لأية درجة من الاحتمالية ، فان النصوص عزيزة نادرة خاصة فى مجال الشريعة وماثم نص يرجع اليه لا يتطرق اليه الاحتمال " .

( نقد الخطاب الدينى – د. ناصر حامد ابو زيد – استاذ الدراسات الاسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة – ص 124 – الطبعة الثانية 1994 – دار سينا للنشر – رقم الايداع 8727/92 – الترقيم الدولى : 5-031-5140-977 )

 

لذلك قال قاضى البصرة عبيد الله بن الحسن :" كل ما جاء فى القرآن حق ويدل على اختلاف .

فالقول بالقدر صحيح وله أصل فى الكتاب ، والقول بالجبر صحيح وله أصل فى الكتاب .

ومن قال بهذا فهو مصيب ، ومن قال بهذا فهو مصيب ، لان الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين واحتملت معنيين متضادين ، وكل من سمى الزانى مؤمنا فقد أصاب ، ومن سماه كافرا فقد اصاب ، ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ، لان القرآن فقد دل على هذه المعانى "

(هموم مسلم – ص151 – مصدر سابق . وقد نقل عن كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة )

 

ويقول طيب تيزينى : "كل مذهب يجد ما يؤيده من القرآن نفسه" .

( النص القرآنى ... – ج5 – ص 195، 205- مصدر سابق )

 

ويقول ابن المختار الرازى :" ما من فرقة إلا ولها حجة من الكتاب " . ( المصدر السابق – ص284 )

 

لذلك يقول د. عبد الهادى عبد الرحمن :" البنية اللغوية للقرآن الكريم مرنة وقابلة لأكبر قدر من التأويل والفهم الخاص لكل اشكالية كان يواجهها المسلم فى لحظة المواجهة مع الآخر  .."

( سلطة النص – ص77 – الطبعة الثانية (الطبعة الاولى 1998) – دار سينا للنشر القاهرة – دار الانتشار العربى بيروت ISBN / 1 84110 178  )

 

فهل أخطا المستشرق المشهور " اجناس جولد زيهر " عندما قال : " ومن العسير ان نستخلص من القرآن نفسه مذهبا عقيديا موحدا متجانسا وخاليا من التناقضات ".

( كتاب الاسلام وجذور التحريف – د. الطبلاوى محمود سعد – ص 89 – الناشر : مكتبة الامانة بشبرا – الطبعة الاولى 1992 –رقم الايداع 5833/1992 )

 

لذلك نهى النبى عن التعمق فى القرآن ، فقد روى عن انس بن مالك أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله " وفاكهة وأبا" ما الأبّ ؟ فقال عمر :" نُهينا عن التكلف والتعمق "

( فجر الاسلام – أحمد أمين – ص 312 – مكتبة الاسرة 2000 – الهيئة المصرية العامة للكتاب – رقم الايداع 8542/2000 – الترقيم الدولى 8-6692-01-977 )

 

وكان النبى يحذر تبعه من كثرة الاستفسار ، فيقول الشيخ خليل عبد الكريم :[ ومن الغريب ان ( السابق بـ الخيرات) طالما حذر تبعه من كثرة السؤال عليه وان يذروه (يتركوه) ما تركهم .

"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأفعلوا منه ما استطعتم "

" ذرونى ما تركتكم ف انما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم "

"إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم على المسلمين ف حرّم عليهم من أجل مسألتهم " ]

( النص المؤسس ومجتمعه – الشيخ خليل عبد الكريم – السفر الاول – ص 261 – دار مصر المحروسة – الطبعة الاولى 2002 – رقم الايداع 2034/2002 )

 

وكان عمر يضرب من يسأل عن متشابه القرآن فقد ضرب (صُبيغ) على أم رأسه بالعراجين ثلاث مرات حتى دميت وصاح به إن أردت قتلى فأقتلنى قتلا جميلا . وكل جريرة صبيغ أنه كان يسأل عن ( متشابه القرآن)

(شدو الربابة- السفر الثانى – بأحوال مجتمع الصحابة – ص 247- دار سينا للنشر – القاهرة – الطبعة الاولى 1997 )

 

من ناحية اخرى جاء فى القرآن :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ". (المائدة:101)

وقد فرض القرآن صدقه للنبى لمن يريد ان يسأل فى الدين حتى يقلل من ظاهرة التساول فى آية مشهورة تعرف بآية النجوى (المجادلة:12)

ثم نسخت لاعتراض الناس (انظر كتب أسباب النزول والنسخ فى القرآن ) .

 

القصص القرآنى وإشكالياته ..

برغم الآيات الآتية فى القصص القرآنى :

" إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ" (آل عمران :62)

" نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ " (البقرة :252)

" وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ"(هود: 120)

إلا اننا نجد بعض اشكاليات فى هذه القصص جعلت كثيرين من العلماء يقولون عن القصص القرآنى انه من المتشابهات ( أى الآيات الصعبة الغير واضحة) ..

 

ففى(طه :10) قال موسى لأهله :" لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى  "

وفى (النمل :7) قال :" سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ  "  .

و فى (القصص :29) قال :" لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ " .

ثم قوله فى (طه :12،11) :" فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى ، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى " . إلى قوله :" وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى " (طه:17) فأخبر عن أشياء قيلت لموسى ثم جاء الى ذكر العصا فقال : " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى " .

 

وفى (النمل :8-10) :" فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، وَأَلْقِ عَصَاكَ ".

وكذلك جاء فى (القصص :30-31) :" فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ..."

 

والسؤال : لماذا اختلف ايراد القصة الواحدة فى موطن عنه فى آخر ؟؟

لماذ اختلف وصف القرآن لموقف موسى من ربه فى سورة طه عنه فى غيره من السور مع أن الموقف واحد والحادثة واحدة ؟

إن الموقف واحد وإن الحادثة واحدة ولكن الوصف يختلف والحوار غير الحوار وحديث الله مع موسى فى موطن غيره فى آخر ! فكيف يتفق هذا مع ثبوت القصة فى اللوح المحفوظ ؟!

 

وفى قصة لوط جاء:" فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ، قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ، قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ ، وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ، وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ، وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ، قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ، وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ، قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ . قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ، لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ، فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ "  ( الحجر :61-75)

 

وجاء فى (هود :77-83) :" وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ، وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ، قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ، قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ . فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ، مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ " .

 

يقول د. محمد أحمد خلف الله :[ انظر القصة فى سورة هود تجدها جرت على هذه الطريقة :

مجئ الملائكة ثم حال لوط واضطرابه النفسى ثم مجئ القوم ثم موقفه منهم وعرضه لبناته حتى لا يخزى فى ضيفه ثم ردهم عليه وعزمهم على المضى فيما جاءوا من أجله ثم موقف الملائكة واخبارهم لوطا بأنهم رسل ربه ونصحهم له بالسرى وإخبارهم له بأن العذاب نازل وان موعدهم الصبح .

 

وهكذا تجرى القصة وقد رتبت وقائعها على اساس يشعر بأن الزمن هو المحور الذى يربط هذه الوقائع المختارة وتلك الأحداث المنتقاه من حياة لوط علية السلام .

كما تجرى المحاورة بينه وبين قومه على اساس من المنطق النظرى اذ تدور بينه وبين قومه قبل ان يعرف ان ضيفه هم رسل ربه .

 

   وستجد القصة فى سورة الحجر تجرى على نسق آخر اذ تعلمه الملائكة انهم رسل ربه وتنصح له بالسرى  وتنبئه بما سيحل بالقرية وأهلها من عذاب قبل ان يجيئه قومه ويكون بينهم وبينه ذلك الحوار.

   إن المحاورة فى قصة الحجر تدور بينه وبين قومه بعد ان عرف إن ضيفه هم رسل ربه وانهم لن يصابوا بسوء . ويشعرنا هذا الصنيع بأن تسلسل هذه الاحداث لا يقوم على أساس الترتيب الزمنى ولا على أساس من التسلسل المنطقى الذى كان من الممكن أن يكون ، ذلك لان العقل يجيز ان لوطا وقد عرف ان ضيفه هم رسل ربه وأنهم من الملائكة لا يخشى شيئا ولا يخاف عليهم من قوم ومن هنا لا يعرض بناته لأذى أو مكروه . لكن القرآن خالف بين القصتين وجرى على نهجين مختلفين فى البناء والتركيب .]

(الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 156 – دار سينا للنشر القاهرة – دار الانشار العربى بيروت الطبعة الرابعة 1999 . ISBN 1 841170 429 )

قصة أصحاب الكهف (21-26) ..

يذكر الدارسون للقرآن والشارحون لأسباب النزول ان قصة اصحاب الكهف انما نزلت اجابة عن اسئلة توجه بها المشركون من أهل مكة بإيعاذ من اليهود الى النبى (ص) ليعرفوا أنبى هو أم من المتنبئين؟  (المصدر السابق ص 24)

 

وسؤال أصحاب الكهف كان عن عدد الفتية وعن مدة لبثهم فى الكهف . ورغم قوله :

" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ " (الكهف :13)

ردد القرآن على الفتية بين (ثلاثة رابعهم كلبهم) (وخمسة سادسهم كلبهم ) (وسبعة ثامنهم كلبهم ) ولم يذكر العدد الحقيقى لهؤلاء !

وبالنسبة لعدد السنين لم يذكر القرآن العدد الحقيقى للسنين  بل قال : ( ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) ثم اعقبه بقوله : ( قل الله اعلم بما لبثوا ) .

قال اليهود : لو كان خبرا من الله عن قدر لبثهم فى الكهف لم يكن لقوله ( قل الله أعلم بما لبثوا ) وجه مفهوم وقد أعلم الله خلقه مبلغ لبثهم فيه وقدره ( ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ) .

اى لبثوا (309 سنة) !!                            (المصدر السابق ص 174)

 

إشكال عبارة " يا أخت هارون" التى وردت فى سورة مريم  (27-28) ..

ورد فى سورة مريم :"فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا . يا اخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء ..." الخ .

 

فيتضح من هذه الآية أن محمدا كان يرى ان مريم كانت اخت هارون اخى موسى . ومما يزيد هذا الأمر وضوحا وجلاءً ما ورد فى سورة التحريم ونصه " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ " (التحريم :12)

ويزداد الوضوح اكثر فى ما ورد فى سورة آل عمران : " إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ...." الخ .(آل عمران :35) والقول هنا لأم مريم !!

 

وقد جاء فى سفر العدد الاصحاح (26) الآية (59) ما نصه :"واسم امرأة عمرام يوكابد بنت لاوى التى ولدت لاوى فى مصر . فولدت لعمرام هارون وموسى ومريم اختهما " .

وورد فى ( خروج 20:15) أن مريم النبية كانت اخت هارون .

فلاشك ان هذا نتج عن اعتقاد ان مريم اخت هارون التى كانت ايضا ابنة عمرام (اى عمران) هى مريم نفسها التى صارت ام يسوع – المسيح عيسى – بعد ذلك بنحو 1570 سنة .

فهذا خطأ جسيم لانه لم يقل احد من اليهود ان مريم هذه بقيت على قيد الحياة الى أيام المسيح .

 

يقول الشيخ خليل عبد الكريم :" علماء النصرانية ( المسيحية ) تؤكد أن إسم أَمة الله أم عبد الله ورسوله عيسى هو "مارى" اما مريم فهو اسم اخت هارون أخى موسى  بيد ان القرآن المجيد سماها مريم وتوج سورة كاملة بهذا الاسم وهو شرف منيف لم تنله سيدة نساء الدنيا أم هند الطاهرة خديجة بنت خويلد "            ( النص المؤسس ومجتمعه – السفر الاول – ص 175 /38 – مصدر سابق )

 

إشكال الجن واستراق السمع ..

كى لا يعتقد المشركون أن محمدا واحدا من الكهان الذين يعرفون بعض أخبار السماء عن طريق الشياطين بيّن القرآن فى عدة ايآت أن الشياطين أصبحت لا تستطيع الصعود للسماء ، حتى من يستطيع منهم ان يخطف الخطفة (المعلومة)  يتبعه شهاب ثاقب فيهلكه . وقد جاء ذلك فى عدة ايآت : فالجن كانت تقعد مقاعد للسمع ولكن الكواكب أصبحت رجوما والشهب أصبحت رواصد " وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا " (الجن :2-9) . " إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ، وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ، لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ، دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ، إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " (الصفات : 6-10) . " وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ "

                                                                                              (الملك :5)

وإلاشكال هو :

- كيف هؤلاء الجن الذين يفعلون ذلك ثم يتبعهم شهاب ثاقب يحرقهم لا يتعظون بمن احترق منهم مرة ومرارا والفا فيكفوا عن استراق السمع ( حيث ان ظاهرة الشهب موجودة حتى الآن ) .

- واذا كان الجن من نار فكيف تحرقهم الشهب وهى من نار اذ من المعلوم ان النار لا تحرق النار بل تزيدها اشتعالا وتوهجا ؟

- كما ان الفلاسفة فسروا الشهب تفسيرا علميا وثبت انها ليست مرسلة من السماء .

- والملائكة وقد علموا ان الشياطين تسترق السمع مرة ومرات فلما لم يكفوا عن تداول الأخبار بينهم بالحديث ليفوتوا على الشياطين غرضهم ؟

- ما دام قذف الشياطين بالشهب كان لحماية النبوة فلما استمرت الشهب بعد موت النبى ؟

- واخيرا : ألم يكن من الأسهل منع الشياطين من الصعود للسماء أصلا بدلا من الإنتظار حتى اقترابهم منها ثم رميهم بالشهب بعد ذلك !        ( الفن القصصى فى القرآن الكريم ص 382-383 – مصدر سابق )

 

إشكال إنطاق الاشخاص المختلفين بعبارات واحدة " أو اسناد الأحداث نفسها لغير الأشخاص فى موطن آخر ..

 

(1) جاء فى الشعراء (124-127) " إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ "

وجاء فى نفس السورة (142-145) " إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ "

وجاء فى نفس السورة ( 161-164)" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ "

 

(2) فى (هود: 28) " قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً... " .

وفى نفس السورة (هود :63) " قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً..."

فهنا خاطب كل من نوح وصالح قوميهما باللفظين الذين تساويا إلا فيما اختلفا فيه من تقديم المفعول الثانى فى الآية الاولى على الجار والمجرور وتأخيره عليهما فى الآية الثانية .

 

(3) كيف الجمع بين ما جاء في (الأعراف : 109):" الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ " إذ يتضح هنا أن القول صدر من الملأ أو من حاشية فرعون بينما في (الشعراء:34)جاء" قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ" فهنا المقالة نفسها قد صدرت كما يبين النص من فرعون , بحسب التفاسير , فمن صاحب القول السابق , أهو الملأ كما في سورة الأعراف , أم فرعون كما في سورة الشعراء ؟...

 

● اشكال الحوار بين الله وعيسى ..

جاء فى المائدة (116-119) : " وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي و َلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "

 

ونرى ان الآيات تحوى الاشكالات الآتية :

اولا : كيف يصح ذلك وعيسى لم يقل ذلك للناس ؟

 

ثانيا : وكيف يصح ان يقول واذ قال الله وذلك يخبر به عن الماضى ولم يتقدم ذلك منه تعالى فى الدنيا .

يقول الشيخ خليل عبد الكريم :"الثابت ان عيسى لم يقل ذلك ولم يحدث ان رسولا طلب من أتباعه تأليهه.                                       ( المصدر السابق ص 376)

 

ثالثا : كيف يشفع نبى من الخمسة الكبار أولى العزم فى أناس اللهوه وأمه أيضا ؟

 

فقد روى مسلم فى صحيحه أن النبى تلا قول عيسى : (ان تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك انت العزيز الحكيم ) فرفع يديه وقال :" اللهم أمتى أمتى " وبكى فقال الله عز وجل :"يا جبرائيل اذهب إلى محمد وقول له إنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوءك "

( رياض الصالحين للنووى – حديث رقم 424 – الدار المصرية اللبنانية القاهرة – الطبعة الاولى 1993 – رقم الايداع 7017/1992 ISBN 977 270 007 7 )

 

كذلك فى إسباب نزول (الانفال: 67) للواحدى النيسابورى قال النبى (ص) :

ان الله عز وجل ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن وان الله عز وجل ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة . وان مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) .

    بذلك تأكد ان المسيح شفع فيمن اللهوه رغم سؤال الله له مستنكرا ذلك !!

 

رابعا : عيسى يحمل الله مسئولية ضلال أمته من بعده * ( وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم ) .

يؤكد ذلك ما جاء فى البخارى ومسلم والترمذى والنسائى واحمد بن حنبل عن ابن عباس ( حبر الأمة ) عن رسول الله (ص) - فى حديث – قال :

ألا وانه يجاء برجال من أمتى ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول كما قال العبد الصالح : ( وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم ) .

(مسائل خلافية حار فيها أهل السنة – تأليف الشيخ على آل محسن – ص158 – الطبعة الاولى 1999 – دار الهادى للنشر  ببيروت- ص.ب 286/25 )

 

إشكال عرض الأمانة على الجماد ..

جاء فى (الاحزاب :72) :" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ".

 

والسؤال: كيف يقوم الجماد بالتكاليف الشرعية التى لابد لها من عقل مدرك مُميز ؟؟

 

يقول د. محمد أحمد خلف الله : إن عرض الأمانة على الجماد وإبائه واشفاقه بحال فى نفسه غير مستقيم ، فكيف صحّ بناء التمثيل على المحال ؟!

( الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 188- مصدر سابق )

 

إشكال معرفة الملائكة بما سيفعل آدم (أى بالغيب ) ..

جاء فى (البقرة:30) :" وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون ".

[ لذلك د. عبد الصبور شاهين ( استاذ الشريعة ) يتساءل قائلا :

من أين عرفت الملائكة سفك الدماء والافساد فى الأرض لأن الذى يعرف الغيب الله وحده .

لذلك قال(لحل الاشكال) ان الآية السابقة وصفا للبشر الذين انقرضوا قبل آدم ، لا وصفا لآدم أبى الانسان،  ولا لبنى آدم من بعده .]

 

 لكن هذا الاعتقاد لم يوافقه عليه أحد من علماء الازهر. 

(كتاب أبى آدم .. قصة الخليقة للدكتور عبد العظيم المطعنى – ص114، 122- الناشر مكتبة وهبه –الطبعة الاولى 1999 – رقم الايداع 4574/99 – الترقيم الدولى  0-131-225-977 )

 

إشكالية انتقال أصنام قوم نوح إلى العرب (سورة نوح) ..

 يقول د. محمد احمد خلف الله :" وبان للعقل الاسلامى أن ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا  كانت الاوثان التى تعبد فى الجزيرة العربية زمن البعثة المحمدية وقبلها بقليل أو كثير . وعجز العقل الاسلامى عن ان يفهم الصلة بين هذه الاوثان وبين نوح عليه السلام حتى تجئ فى قصته ولذا عد هذه المسألة من المشكلات . جاء فى الرازى بصدد تفسيره لسورة نوح ما يلى : هذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم ثم انها انتقلت عن قوم نوح إلى العرب فكان ود لكلب وسواع لهمدان ويغوث لمذحج ويعوق لمراد ونسر لحمير ولذلك سمت العرب بعبد ود وعبد يغوث . هكذا قيل فى الكتب. وفيه إشكال لأن الدنيا قد خربت فى زمان الطوفان فكيف بقيت تلك الأصنام وكيف انتقلت الى العرب ؟

ولا يمكن ان يقال ان نوحا عليه السلام وضعها فى السفينة وأمسكها لأنه عليه السلام إنما جاء لنفيها وكسرها فكيف يمكن أن يقال انه وضعها فى السفينة سعيا منه فى حفظها ؟"

( الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 66،65- مصدر سابق )

 

ويقول الشيخ خليل عبد الكريم : "يجئ فى بعض القصص مقطع أو صورة تنافى الحقيقة المعروفة مثل غروب الشمس فى عين حمئة وهى حقيقة طبيعية أو يصادم حقيقة تاريخية مثل بقاء الأصنام الخمسة ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا بعد طوفان نوح إذ العقل يحيل نقل نوح لها معه فى سفينته المعروفة" .               ( الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 376- مصدر سابق )

 

إشكال قصة إبراهيم وضيفه من الملائكة ..

جاء فى (هود :69-76) :" وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ، وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ. قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ، قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ، يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ " .

وفى (الذاريات 26-37) :" فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ، فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ، قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ . قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ، قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ ، مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ، فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ".

 

فى سورة هود لما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم فدل على أن انكارهم كان حاصلا بعد تقريبه العجل منهم . وفى الذاريات (قال سلام قوم منكرون ) ثم قال ( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه اليهم ) بعد حصول الإنكار لهم . وفى الذاريات قال ( الحكيم العليم ) وقال فى هود ( حميد مجيد ) .

 

وفى هود قالوا (انا أُرسلنا الى قوم لوط ) وفى الذاريات قالوا  ( إنا أُرسلنا الى قوم مجرمين )

أى أنطق الملائكة بالفاظ مختلفة وعبارات متفاوتة فى الحادثة الواحدة والمنظر واحد !!

 

والسؤال : اليست هذه الحادثة فى اللوح المحفوظ فكيف اختلفت ؟!

 

إشكال قصة هاروت وماوت ..

[ روى السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى " وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ " (البقرة :102) روايات كثيرة وقصصا عجيبة رويت عن ابن عمر، وابن مسعود، وعلى، وابن عباس، ومجاهد، وكعب، والربيع، والسدى، رواها ابن جرير الطبرى فى تفسيره، وابن مردويه، والحاكم، وابن المنذر، وابن أبى الدنيا، والبيهقى، والخطيب فى تفاسيرهم وكتبهم.

 

وخلاصتها : أنه لما وقع الناس من بنى آدم فيما وقعوا فيه من المعاصى والكفر بالله ، قالت الملائكة فى السماء : أى رب، هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك، وطاعتك، وقد ركبوا الكفر، وقتل النفس الحرام، وأكل المال الحرام، والسرقة، والزنا ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ، ولا يعذرونهم ، فقيل لهم انهم فى غيب، فلم يعذروهم ، وفى بعض الروايات : ان الله قال لهم : لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، قالوا سبحانك ، ما كان ينبغى لنا ، وفى رواية أخرى : قالوا : لا ، فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمرى ، وأنهاهما عن معصيتى ، فأختاروا هاروت وماروت ، فأُهبطا إلى الأرض ، وركبت فيهما الشهوة ، وامرا ان يعبد الله ، ولا يشركان به شيئا ، ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فلبثا على ذلك فى الأرض زمانا ، يحكمان بين الناس بالحق ، وفى ذلك الزمان امرأة حسنها فى سائر الناس كحسن الزهرة فى سائر الكواكب ، وانهم اراداها على نفسها، (راوداها عن نفسها) فأبت إلا ان يكون على أمرها ودينها ، وانهما سألاها عن دينها ، فأخرجت لهما صنما ، فقالا : لا حاجة لنا فى عبادة هذا ، فذهبا فصبرا ماشاء الله ، ثم أتيا عليها ، فخضعا لها بالقول ، واراداها على نفسها ، فأبت إلا ان يكونا على دينها ، وان يعبدا الصنم الذى تعبده، فأبيا، فلما رأت انهما قد أبيا أن يعبدا الصنم ، قالت لهما : اختارا احدى الخلال الثلاث : إما ان تعبدا هذا الصنم ، أو تقتلا النفس ، أو تشربا هذا الخمر ، فقالا : هذا لا ينبغى ، وأهون الثلاثة شرب الخمر ، وسقتهما الخمر ، حتى اذا اخذت الخمر فيهما وقعا بها (أى فعلا بها فاحشة ) فمر بهما انسان ، وهما فى ذلك ، فخشيا ان يفشى عليهما ، فقتلاه ، فلما أن ذهب عنهما السكر ، عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وأرادا أن يصعدا الى السماء ، فلم يستطيعا ، وكشف الغطاء فيما بينهما ، وبين أهل السماء، فنظرت إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا أنه من كان فى غيب فهو أقل خشية ، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن فى الأرض ، فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة ، قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا ، أو عذاب الآخرة، فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ، ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الدنيا ، فجعلا ببابل فهما بها يعذبان بأرجلهما ، وفى بعض الروايات : انهما علماها الكلمة التى يصعدان بها الى السماء، فصعدت فمسخها الله ، فهى هذا الكوكب المعروف بالزهرة .

 

ويذكر السيوطى أيضاً فى كتابه : ما رواه ابن جرير ، وابن أبى حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقى فى سننه : عن عائشة ، انها قدمت عليها امرأة من دومة الجندل ، وانها اخبرتها انها جئ لها بكلبين أسودين فركبت كلبا ، وركبت امرأة اخرى الكلب الآخر ، ولم يمض غير قليل ، حتى وقفت ببابل ، فاذا هما برجلين معلقين بأرجلهما ، وهما هاروت وماروت ، واسترسلت المرأة التى قدمت على عائشة فى ذكر قصة عجيبة غريبة].

(كتاب تأويل ما أشكل على المفسرين – تأليف د. محمد عبد المنعم مراد – ص125-127 – طبعة 2001 م – رقم الايداع 18478/2000- الترقيم الدولى 5-213-294-977)

 

وقد أنكر البعض هذه القصة باعتبارها من الإسرائيليات والسؤال كيف دخلت الإسرائيليات إلى الصحابة وكبار التابعين ؟! وحتى ولو كانت من الاسرائيليات أليس فى الحديث الصحيح :

" بلغوا عنى ولو آية ، وحدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج .." رواه البخارى عن عبد الله

( تفسير ابن كثير ج1 ص 14 – مصدر سابق )

 

وبهذا الحديث الذى رواه البخارى عن عبد الله بن عمر أباح النبى النقل من اقاويل أهل الكتاب كما يقول ابن كثير                                    (المصدر السابق )

 

 

إشكال شبه لهم ...

".. وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ.." (النساء :157)

وفى هذه الآية إشكاليات أوردها الامام الرازى فى تفسيره للآية وهى كالتالى :

 

الإشكال الأول: لو جوّزنا القاء شبه إنسان على إنسان آخر لزم السفسطة ، فإنى إذا رأيت ولدى ثم رأيته ثانية فحينئذ أجوّز أن يكون هذا الذى رأيته ثانية ليس بولدى ، بل هو إنسان اُلقى شبهه عليه ، وحينئذ يرتفع الأمان عن المحسوسات ، ويفضى إلى سقوط الشرائع ، وأيضا فمدار الأمر فى الأخبار المتواترة ، على أن يكون المخبر الأول إنما أخبر عن المحسوس . فإذا جاز وقوع الغلط فى المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى . بالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية .

 

الإشكال الثانى : وهو ان الله تعالى قد أمر جبريل علية السلام بأن يكون معه فى أكثر الأحوال . فهو مؤيد بالروح القدس ( البقرة :87) ، ثم إن طرف جناح واحد من أجنحة جبريل عليه السلام كان يكفى العالم من البشر .فكيف لم يكف فى منع أولئك اليهود عنه ؟ ...

 

الإشكال الثالث: إنه تعالى كان قادرا على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء . فما الفائدة من إلقاء شبهه على غيره ؟ وهل فيه إلا إلقاء مسكين فى القتل من غير فائدة ؟( ولو رفعه الله إلى السماء أمام الناس ، وما ألقى شبهه على الغير ، لبلغت تلك المعجزة حداً بالغا ) .

 

الإشكال الرابع: إنه إذا أُلقى شبهه على غيره ، ثم إنه رُفع بعد ذلك الى السماء فالقوم أعتقدوا فيه أنه هو عيسى ، مع أنه ما كان عيسى . فهذا كان إلقاءا لهم فى الجهل والتلبيس . وهذا لا يليق بحكمة الله تعالى . (وتلاميذ المسيح كانوا حاضرين ، وكانوا عالمين بكيفية الواقعة ، وهم كانوا يزيلون التلبيس) .

 

الإشكال الخامس:  إن النصارى على كثرتهم فى مشارق الأرض ومغاربها ، وشدة محبتهم للمسيح علية السلام ، وغلوهم فى أمره اخبروا أنهم شاهدوه مقتولا مصلوبا . فلو أنكرنا ذلك كان طعنا فيما ثبت بالتواتر ، والطعن فى التواتر يوجب الطعن فى نبوة الأنبياء ووجود سائر الأنبياء ، وكل ذلك باطل.

(وفى الجواب على هذا الإشكال يقول الرازى فى الأسئلة التى ذكروها أمور تتطرق إليها الإحتمالات من بعض الوجوه !) .

 

الإشكال السادس:  إنه ثبت بالتواتر ان المصلوب بقى حيا زمانا طويلا . فلو لم يكن ذلك عيسى بل كان غيره ، لأظهر الجزع ، ولقال: لست بعيسى بل إنما أنا غيره ، ولبالغ فى تعريف هذا المعنى . ولو ذُكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى . فلما لم يوجد شئ من هذا علمنا أن الأمر على ما ذكرته !

 

 وقد تختلف الآراء ، أما هذا العالم فقد اصاب كبد الحقيقة فى تفسيره عندما قال : "شبه لهم" – مسند إلى ماذا ؟ إن جعلته إلى المسيح فهو مشبّه به وليس بمشبه ، وإن أسندته إلى المقتول فالمقتول لم يجر له ذكر!

 

إشكال سليمان والهدهد ..

يقول د. محمد احمد خلف الله :" وأما الهدهد فيقف من سليمان موقف المطلع الذى يعرف من أخبار الممالك الأخرى ما يجهل النبى والذى يعرف من أمر الملكة وقومها ما عُد بالأمر الغريب لدى سليمان ، حتى ليعتذر عن تخلفه أو غيابه بقوله (أحطت بما لم تحط به) وإليك المنظر من القصة : قال الله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ . فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ . وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ . أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ . قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ . اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ . قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ.....) الخ. (النمل :20-29)

 

فالهدهد هنا يقظ متنبه لكل ما يدور من الملكة وقومها من الناحية الدينية وهو يعجب من عبادتها للشمس وسجودها لها من دون الله ويرى أن الشيطان هو الذى زين لها هذا العمل وصدها وقومها عن السبيل ، بل يمضى إلى أبعد من هذا فيلفت الذهن إلى الأسباب التى تدفع إلى عبدادة الله من اخراجه الخبء ومن علمه بما يخفى الناس وما يعلنون .

 

وهذا الموقف من الهدهد هو الذى اوقع الرازى وغيره من المفسرين فى حيرة فقد نالهم العجب من صنع الهدهد الذى يدل على رجاحة عقله ونفاذ بصيرته وفهمه الأمور وفطنته إلى ما لم يُفطن إليه سليمان .                   ( الفن القصصى فى القرآن الكريم ص 287 و 288 – مصدر سابق )

 

 

 

إشكالية دعاء الأنبياء على الأعداء..

على سبيل المثال :

- نوح يدعو على الناس (نوح 26)

- موسى يدعو على المصريين (يونس 88) وغيره .

ويستجيب الله للرسل فتكون الصواعق وغيرها من ألوان العقوبات . وفى الكتاب المقدس لم يحدث أن دعا نبى على الناس !!

- (الأعراف : 133) :" فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ "

- وفى ( هود:89) :" وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ".

- وفى (هود: 94) :"وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ".

 

إشكالية قصة سليمان والصافنات الجياد ..

يقول عبد السلام بدوى : هل تصدق ان سليمان – عليه السلام :- قطع رقاب الخيل وسيقانها بالسيف.. مع أن المثل العامى يقول : إن فلانا يقطع رقاب الخيل .. للمبالغة فى شره وأذاه.. وفجوره وفسقه ؟ هذا ما قاله بعض هواة الحشو فى التفاسير ..

فقالوا تفسيرا لقوله تعالى عن سليمان – عليه السلام – " إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ، فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ، رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ " ( سورة ص : الآية 31 -33) .

 

قالوا : غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين .. فأصاب منهم ألف فرس .. وقيل ورثها عن أبيه داود .. وكان أبوه قد أصابها من العملاقة وقيل أيضا خرجت من البحر لها أجنحة .. وأبتدعوا عن الكلبى ومقاتل: أن سليمان – عليه السلام – صلى الصلاة الأولى – الظهر – وقعد على كرسيه والخيل تعرض عليه .. وكانت ألف فرس .. فعرض عليه منها تسعمائة فتنبه لصلاة العصر .. فإذا الشمس قد غربت.. ولم يعلمه أحد بذلك هيبة له .. فأغتم لذلك غما شديدا .. وطلب رد الخيل عليه فردت .. فعقرها بالسيف.. فقطع سيقانها وأعناقها .. وبقى منها مائة .. ويقولون: فما بقى فى أيدى الناس من الخيل العتاق اليوم.. فهى من نسل تلك الخيل .

 

ذكرت هذه الرواية فى جميع كتب التفسير تقريبا .. باختلاف يسير فى الألفاظ .. ولكن الروايات كلها تؤدى هذا المعنى .

( كتاب مفاهيم قرآنية .. – عبد السلام محمد بدوى ص 195 – مطبوعات دار الشعب 1994- رقم الايداع 2926/1994)

 

جاء فى (الصافات: 64-65):" إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ "

والاشكال أن الناس لم ترى رؤؤس الشياطين فكيف يمكن تشبية شئ بها ؟؟

 

جاء فى (الاعراف :12) :" قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ".

وجاء فى (الحجر :32-33) :" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ، قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ".

يقول الشيخ خليل عبد الكريم : للسائل ان يسأل لماذا اختلفت الحكايتان والمحكى شئ واحد ؟!

( الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 450 – مصدر سابق )

وكيف هى فى اللوح المحفوظ؟!

 

إشكال إشتراك الملائكة في غزوة بدر ..

جاء في تفسير المنار :[ وانكر أبو بكر الأصم قتال الملائكة وقال : إن الملك الواحد يكفى فى اهلاك أهل الأرض كما فعل جبرائيل بمدائن قوم لوط فإذا حضر هو يوم بدر فأى حاجة إلى مقاتلة الناس الكفار ؟

وبتقدير حضوره أى فائدة فى إرسال سائر الملائكة ؟

وأيضا فإن أكابر الكفار كانوا مشهورين وقاتل كل منهم من الصحابة معلوم .

وأيضا لو قاتلوا فإما ان يكونوا بحيث يراهم الناس أو لا ؟ وعلى الأول : يكون المشاهد من عسكر الرسول ثلاثة آلاف وأكثر ولم يقل أحد بذلك ولأنه خلاف قوله : " وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ " (الانفال :44) . ولو كانوا فى غير صورة الناس لزم وقوع الرعب الشديد فى قلوب الخلق ولم يُنقل ذلك البته .

 

وعلى الثانى : كان يلزم جز الرؤوس وتمزق البطون وإسقاط الكفار من غير مشاهدة فاعل ومثل هذا يكون من أعطم المعجزات فكان يحب أن يتواتر ويشتهر بين المسلم والكافر والموافق والمخالف .

وأيضا لو كانوا اجساما كثيفة وجب ان يراهم الكل وإن كانوا اجساما لطيفة فكيف ثبتوا على الخيول؟"]   

( المصدر السابق ص 67، 68)

 

 

● اشكال قصة هامان وفرعون..

يقول الرازى عند تفسير " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ " (غافر:36)

ما يلى :" قالت اليهود أطبق الباحثون عن تواريخ بنى اسرائيل وفرعون ان هامان ما كان موجودا البتة فى زمان موسى  وفرعون وإنما جاء بعدها بزمان مديد ودهر داهر فالقول بأن هامان كان موجودا فى زمن فرعون خطأ فى التاريخ . وليس لقائل أن يقول أن وجود شخص يسمى بهامان بعد زمان فرعون لايمنع من وجود شخص آخر يسمى بهذا الاسم فى زمانه . قالوا لأن هذا الشخص المسمى بهامان الذى كان موجودا فى زمن فرعون ما كان شخصاً حسيسا فى حضرة فرعون بل كان كالوزير له ومثل هذا الشخص لا يكون مجهول الوصف فلو كان موجودا لعرف والحلية حاله . وحيث أطبق الباحثون عن أحوال فرعون وموسى أن الشخص المسمى بهامان ما كان موجودا فى زمان فرعون وإنما جاء بعده بأدوار علم أنه غلط وقع فى التاريخ .

قالوا ونظير هذا انا نعرف فى دين الاسلام أن أبا حنيفة وانما جاء بعد محمد (ص) فلو ان قائلا ادعى أن أبا حنيفة كان موجودا فى زمان محمد (ص) وزعم أنه شخص آخر سوى الأول وهو أيضا يسمى بأبى حنيفة فإن أصحاب التواريخ يقطعون بخطئه فكذا ههنا "

( المصدر السابق ص 56)

 

ملحوظة : هامان فى الكتاب المقدس كان رئيس وزراء احشويروش ملك الفرس (أستير1:3) .

 

● هل المسيح تكلم فى المهد ؟!...

يقول الرازى عند تفسيره :" وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ " (آل عمران :46)

ما يأتى : واعلم أن اليهود والنصارى ينكرون أن عيسى عليه السلام تكلم فى زمان الطفولة واصبحوا عليه بأن هذا من الوقائع العجيبة التى تتوافر الدعاوى على نقلها فلو وجدت لنقلت بالتواتر ولو كان ذلك لمعرفة النصارى لاسيما وهم من أشد الناس غلوا فيه حتى زعموا كونه إلهاً ولا شك ان الكلام فى الطفولية من المناقب العظيمة والفضائل التامة . فلما لم تعرفه النصارى من شدة الحب وكمال البحث عن أحواله علمنا أنه لم يوجد .

 

ولأن اليهود اظهروا عداوته حال ما أظهر ادعاء النبوة فلو انه عليه السلام تكلم فى زمان الطفولية وأدعى الرسالة لكانت عداوتهم معه أشد ولكان قصدهم قتله أعظم فحيث لم يحصل شئ من ذلك علمنا انه ما تكلم… "                       ( المصدر السابق ص 55، 56)

 

 

 

● تناقض فى كلام يعقوب لأولاده ..

ففى (يوسف :67-68) :" وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ، وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " .

فبالرغم من أن النبى قال لأولاده ما أُغنى عنكم من الله من شئ وكررها مرتين ، لأن الأمور بيد الله ، ومع ذلك قال لهم ادخلوا من أبواب متفرقة خشية أن يصيب أولاده الحسد !!

 

● وفى قصة نوح مع ابنه فى (هود : 41-48) : فقد استقل نوح السفينة (آية 41) ، ومضت به الفلك فى موج فتعاظم (آية 42) ، ومع ذلك نادى النبى ابنه الذى بقى على البر (آية 42) ، ولكن الأمواج حالت بينهما (آيه 43)، وغرق الابن مع الآخرين ( آية 43) ، ثم هبط نوح للأرض (آية 44)، وتشفع نوح لدى الله من أجل إبنه (الآيات 47،46،45) ، وغادر السفينة (آية 48) .

فتسلسل البيان يناقض تتابع الأحداث مرتين على الأقل ، لأن نوحا نادى ابنه حين كانت السفينة محاطة بالأمواج وتشفع له بعد أن فقده !!

( كتاب إعادة قراة القرآن- ص 52، 53 – جاك بيرك – كتاب الهلال – دار الهلال – العد 588 – شعبان- ديسمبر 1999 )

 

● من هو الرجل الذى مر على قرية ؟!..

جاء فى (البقرة : 259) :" أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".

 

جاء فى البحر المحيط لأبى حيان ما يلى :" والذى مر على قرية هو عزيز … وقيل أرمياء … وقيل هو أرمياء وهو الخضر … وقيل على كافر مر على قرية … وقيل رجل من بنى اسرائيل غير مسمى … وقيل غلام لوط … وقيل أشعياء .

والقرية بيت المقدس … أو قرية العنب … أو الأرض المقدسة أو المؤتفكة … أو القرية التى خرج منها الألوف حذر الموت … أو دير هرقل … أو شابور أباد … أو سلماياذ …" ( البحر المحيط ج 2 ص290: 291 )                        ( الفن القصصى فى القرآن الكريم ص 61 – مصدر سابق )

 

 

● تدل (الأعراف :13) ، (الأعراف : 18) .،

على هبوط ابليس أو خروجه من الجنة لرفضه أمر الله وهو السجود لآدم .

" قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ "(الأعراف :13)

" قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ " (الأعراف:18)

وفى (الأعراف :24) : خروجه مرة أخرى !!

والسؤال: كيف وسوس إبليس لآدم وحواء مع أن الله اخرجه من الجنة ؟ فهل أعاده الله اليها بعد ان أخرجه منها؟ ام أن إبليس دخل الجنة ( متسللا) بعد أن غافل الملائكة !!! ولم يعلم الله به !!؟

 

● قصة ذى القرنين فى سورة (الكهف :83) ..

يتضح من معظم التفاسير انه الإسكندر الأكبر * . وقد جعله القرآن مفتاح سورة الكهف وانه رجل صالح مكن الله له فى الارض .

    يقول المفكر التونسى " يوسف الصديق" " ومن الأكيد عندى انه الأسكندر الاكبر ذو القرنين لأن كل الاشارات تقول أنه الاسكندر المقدونى بالذات، فالقرآن يقول :" حتى اذا بلغ مغرب الشمس ووجدها تغرب فى عين حمئة ...." ونحن نعلم أن هناك واحة فى غرب مصر تسمى " واحة سيوة " وهى فى موقع مقام "آمون" – الإله الفرعونى- جائها الاسكندر المقدونى – الذى نعرفه بالتاريخ – وطلب ان يتمتع ببنوة "آمون" أى يباركه آمون بأبوته – فخرج له راهب آمون قائلا أن الإله استجاب لهذا الطلب وظهر له على هيئة ذى القرنين وباليونانية " من له قرون" . والى الآن هناك عيون فى سيوة تصبح ساخنة مع غروب الشمس وهذا يعنى ان كل القصة تشير إلى أن ذا القرنين هو الإسكندر الأكبر.

هنا يطرح السؤال نفسه : كيف يمكن لنبى الله محمد ان يتصل بأخبار تجعل من شخصية الإسكندر المقدونى شخصية إيجابية ؟              (جريدة القاهرة – العدد 144 – 14 يناير 2003)

 

ومعنى ذلك أن ذى القرنين رجل وثنى كما هو معلوم تاريخيا فكيف جعله  القرآن رجل صالح مؤمن مكن الله له فى الارض !!

 

ختام إشكاليات القصص القرآنى :

يقول الشيخ خليل عبد الكريم : فى القصص القرآنى:

- إسناد بعض الاحداث لشخص بعينه ثم اسنادها هى ذاتها لآخرين مثل قول ملأ قوم فرعون عن موسى إنه ساحر عظيم وفى سورة الشعراء ورد هذا القول بنصه وفصه على لسان فرعون ، وفى سورة هود البشرى بالغلام بعد العقم الطويل وجهت لسارة فى حين أن إبراهيم نفسه الذى تلقى البشارة كما جاء فى سورتى الحجر والذاريات .

- ورود عبارات مختلفة على لسان شخص واحد حين تكرار القصة مثل موقف الإله من موسى قد جاء فى سورة النمل بصورة وفى سورة القصص بهيئة مغايرة ...

وتصوير خوف موسى وانفجار الماء وانبجاسها وهكذا ...

وهذه وأمثلها دفعت المفسرين إلى القول أن القصص القرآنى من المتشابه .

 

- إضافة مواقف للقصة لم تحدث فيها حتى انتهت وتكاملت ففى سياقها تصوير موسى واختياره إلى سبعين رجلا وذهابه إلى الله جاء ذكر الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل وقول اليهود المنكرون لرسولية عيسى انكارا مطلقا انهم قتلوا المسيح بن مريم رسول الله ، وبداهة هم لم يقولوا ذلك لأنهم لو اعترفوا به رسولا لآمنوا به واتبعوه لا قتلوه ، ومثل سؤال الله لعيسى عما إذا قال لأتباعه أن يؤلهوه من دون الله ، وما كان ينبغى أن يفعل ذلك وما فعلها رسول قبله ولو أقدم عليها لما استحق أن يكون رسولا .

 

     هذه بعض لا كل الظواهر التى تقطع بأن الحرية التى منحها القاصّين لأنفسهم إزاء الوقائع التاريخية قد وجدت فى القرآن ، بل إنه قصد اليها قصدا .

     وقبل أن نمضى فى عرض وجهة نظر خلف الله فى هذه المسأله ( علاقة الأدب بالتاريخ ) وحرية القاص فى التصرف فى احداث التاريخ وشخوصه وزمنه وأماكنه نضع تحت عينى القارئ الجرأة الفكرية التى اتسم بها خلف الله من بين البحّاث المحدثين فلم يسبقه أحدا منهم فى القول بهذه الصراحة فى القصص القرآنى مثل إسناد بعض الأحداث لشخص بعينه فى سورة وإسنادها هى ذاتها لآخر فى سورة أخرى أو تصوير موقف محدد فى سورة ثم تصويره فى سورة أخرى بهيئة مغايرة أو إيراد عبارات على لسان شخص فى موقف ثم وضع الشخص ذاته فى الموقف نفسه دون تغيير أو تحوير ثم انطاقه بعبارات مغايرة وجمل معينة . أو جعل شخص معين أو أشخاص كثيرين يقولون ما يستحيل عقلا ودينا أن يقولوه مثل نسبة التأليه لعيسى بل ومطالبة تبعه اتخاذه معه أمه إلهين وقول اليهود عن المسيح أنه رسول الله وهم الذين كفروا به ورموه وأمه الصديقة بأبشع الصفات وأشنع النعوت .

( الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 379، 380)

 

والسؤال : هذه الأقاصيص اعتمد عليها القرآن فى الإيحاء بنبوة النبى وصدق رسالته فهل تصلح أن تكون موطن للتحدى أو دليل الاعجاز ؟!..

يقول عبد الرحمن الشرقاوى : لقد أنكر الخوارج من القرآن كل الآيات التى تروى قصصا ..

رفضوا قصص القرآن جميعاً ، والله يقول لرسوله : " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين " وهكذا أنهى بهم الافراط فى التدين إلى الطعن فى الدين نفسه والتشكيك فى القرآن !

(كتاب على أمام المتقين – الجزء الثانى – ص 209 – دار غريب للنشر – رقم الايداع 5914 – الترقيم الدولى

5-080-172-977)

 

ملحوظة: يقول د. محمد عمارة (عضو مجمع البحوث الإسلامية ) أن الخوارج حفاظ القرآن هم الأقرب إلى روح الاسلام .

(تيارات الفكر الاسلامى – ص25 وما بعدها– كتاب الهلال- العدد 376-جمادى الثانى 1402-ابريل 1982-رقم الايداع بدار الكتب 262-82 -   الترقيم الدولى :12-7353-977)

 

لذلك يقول الدكتور محمد أحمد خلف الله :" والمستشرقون والمبشرون  فى موازناتهم ينتهون حتما إلى القول بأن فى القرآن مخالفات تاريخية وأن هذه المخالفات هى الدليل على أنه من عند محمد ، لأنه لو كان من عند الله لتنزه عن هذه المخالفات ولما كان فيه منها كثير أو قليل . وهم يعللون هذه المخالفات بقولهم لأقوامهم : إن محمداً كان يتعلم هذه الأخبار من العبيد والأرقاء ، أولئك الأعاجم الذين كانوا يخدمون السادة من قريش والذين أشار القرآن إلى واحد منهم حين قال " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ" (النحل :103) . وهؤلاء ما كانوا يعرفون من التاريخ الدينى للرسل والأنبياء إلا شائعات . ذلك لأنهم بحكم رقهم أو بحكم فقرهم ما كانوا يستطيعون الحصول على نسخ من الإنجيل والتوراة وكتب الأخبار ، فلم تكن المطبعة قد وجدت بعد ، ولم تكن النسخ المخطوطة من الكثرة بحيث تقع فى أيدى هؤلاء . لقد كانت نادرة ، وكان الحصول عليها يتوقف على مقدار ما يُدفع فى سبيلها من نقد ومن هنا كانت وقفاً على الأغنياء . ومن هنا أيضا كانت معارف العبيد والأرقاء وقفاً على الشائعات وليس يخفى أن ما كانت وسيلته المشافهة يكون دائماً عرضة للتحريف وعرضة للتغيير والتبديل وعرضة للزيادة والنقصان .

إن أخطاء هؤلاء فيما يقول المستشرقون والمبشرون هى لتى ظهرت بوضوح فى المخالفات التاريخية التى جاءت فى قصص القرآن .

(الفن القصصى فى القرآن الكريم – ص 250، 251- مصدر سابق)

 

تقول الكاتبة "ليلى أحمد" فى كتابها " المرأة والجنوسة فى الإسلام" : لو كان القرآن وحيا من عند الله فإن كثرة التناقض الموجود به ينزع منه الثقة وهو السبب فى كثرة الاختلافات المذهبية بين المسلمين فى العقيدة والفقه والتفسير .              (أخبار اليوم – السبت 23/6/2001م-ص15)

 

القرآن والنحويون ..

[ يقول د. أحمد مكى الأنصارى (رئيس قسم اللغة العربية ) عن النحويين انهم تعصبوا للقواعد النحوية، ضد القراءات القرآنية ، حتى ولو كانت من القراءات السبعية ، فوصفوها بأبشع الصفات ، ورموها بالقُبح ( انظر مثلا البحر المحيط لأبى حيان والكتاب لسيبويه والخزانة) ، والخطأ (انظر مثلا حاشية الشيخ يس ، والبحر المحيط ، وابراز المعانى) ، والضعف (أنظر مثلاً النشر ، والبحر المحيط ، وحاشية الشيخ يس العليمى ، وشرح المفصل ) ، واللحن (انظر مثلا حاشية الشيخ يس) ، والرداءة (راجع البحر المحيط والنشر فى القراءات العشر، والكتاب لسيبويه) ، والشذوذ (أنظر مثلا البحر المحيط) ، وأحياناً يحكمون عليها بالبطلان (راجع مثلا معانى القرآن للفراء) ، ويصفونها بالسماجة (انظر مثلا الكشاف للزمخشرى) ، وعدم الفصاحة (تفسير الطبرى).. إلى آخر ما هنالك من الصفات التى لا تليق .. وأحيانا يجاوزون كل حد معقول أو مقبول فيحرمون القراءاة بها مع أنها قراءة سبعية محكمة، لا لشئ إلا لأنها جاءت مخالفة للقواعد النحوية التى صنعوها بأيديهم فى مصنع التقعيد ...

 

ماذا أقول لهؤلاء الطغاة من النحاة ؟... إننى لا أجد شيئا أقوله أكرام من قولى (سامحهم الله)!!

ماذا عليهم لو أجازوا هذه القراءات كما أجازها الفريق المعتدل من النحاة ؟..]

(الدفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين – تأليف الدكتور أحمد مكى الأنصارى – القسم الأول (ضد النحويين) – صفحة ج ، د، هـ - دار المعارف 1973م – رقم الايداع 4265/1973)

 

وفى موضع آخر يقول سيادته :" إننى لا أتهم هؤلاء النحاة فى دين أو خلق ...ولكنها العصيبة المذهبية والتمسك بالقواعد النحوية ... كل ذلك فرض عليهم ان يقفلوا هذه المواقف التى لا تليق بالعلماء الأجلاء..!                                                  (المصدر السابق ص (و) )

وفى موضع ثالث يقول :" ويعجبنى مذهب الذى يقول :" وليس عرضنا تصحيح القراءة (قراءة القرآن ) بقواعد العربية ، بل تصيح قواعد العربية بالقراءة "           (المصدر السابق ص(ى) )

هذه كانت نبذة عن موقف النحويين أمثال الإمام سيبويه والإمام الزمخشرى والعلامة الرضى والإمام ابن خالويه والزجاج والمعرى والأخفش وأبو عبيد والعكبرى والفراء وابن الأنبارى وغيرهم فى قراءات القرآن!

كذلك نحا نحو النحويين بعض المفسرين مثل ابن عطية .      (المصدر السابق ص 9)

وعلى سبيل المثال لا الحصر :

 

● " إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ " (طه:63)
قال النحاة أن (إن) تنصب الاسم وترفع الخبر ، أو تنصب الجزأين معا . او ترفع الجزأين معا .

(المصدر السابق )

يرد أ.د. أمين فاخر (استاذ اصول اللغة والعميد السابق لكلية اللغة العربية ) ويقول : وآية "إن هذان الساحران" فإن بسكون النون – ليست ناصبة للمبتدأ ، والجملة مرفوعة على الابتداء ، "ولساحران" خبر .                               (جريدة اللواء الاسلامى – 8/6/1995)

 

لكن هذا الكلام يختلف مع ما قاله النحويون . كذلك يختلف مع دكتور سعد ظلام ( عميد اللغة العربية بجامعة الأزهر حيث يقول : هذه الآية نزلت عند مضارب ( أى حدود ) قوم من العرب لغتهم تسمى خيثم وهى تلزم المثنى الألف .

( جريدة السياسى المصرى تحت عنوان مؤامرة جديدة لإشعال الفتنة الطائفية – عام 1998 – تحقيق ابراهيم أبو داه

وداود حسن )

 

وكما ترى فإن العميدين اختلفا فى حل المشكلة ، كما اختلفا مع النحوين !.

 

يقول ابن الخطيب : [ القاعدة العربية : "إن هذين لساحران " ( منصوبة وليست مرفوعة) وذهب قوم إلى جواز " إن هذان لساحران " على لغة من يجرى المثنى بالألف فى أحواله الثلاث . وذهب آخرون إلى ان ابدال حرف فى الكتابة مكان حرف آخر جائز مثل :" الصلوة ، والزكوة ، والحيوة " بالواو مكان الألف ، وفى الجميع نظر . وهو تمحل ظاهر ، وتكلف لا داعى له .]

(كتاب الفرقان لابن الخطيب " الشيخ محمد محمد عبد اللطيف" – ص 41 – دار الكتب العلمية بيروت – توزيع دار الباز للنشر والتوزيع – عباس أحمد الباز – مكة المكرمة. وقد طبع كتاب الفرقان فى مطبعة دار الكتب المصرية سنة 1948 م)

 

فى (البقرة: 62) :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ... "

وفى (المائدة :69) :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى..."

     فأيهما أصح؟!

يقول ابن الخطيب : القاعدة العربية " والصابئين "                 (المصدر السابق ص 41)

ويقول :[ وتعليلهم فى الرفع ان "الذين آمنوا" قبل دخول "إن" عليها : مبتدأ مرفوع والصابئون معطوف على محل اسم "إن" وهو تعليل عقيم والأعجب من هذان هذه الآية بنصها قد وردت فى صورة الحج آية (17) بالنصب ، فما الذى أدى إلى نصبها فى الحج ورفعها فى المائدة ؟ وقد جاءت فى سورة البقرة آية (62) بالنصب أيضا]                                          (المصدر السابق ص42)

 

فى (النساء: 163) :" وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ "

يقول ابن الخطيب والقاعدة العربية : " والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة"  بالرفع فى الحالتين .

وقرأ بها سعيد بن جبير . وكان يقول هو من لحن الكتاب .       (المصدر السابق ص 41)

ويقول ابن الخطيب : وتعليلهم فى النصب انه على الاختصاص . أى وامدح المقيمين . وهو تعليل سقيم.                                             (المصدر السابق ص 41)

 

وقد ذكر ابن جرير الطبرى انها فى مصحف ابن مسعود ( وهو أول اربعة قال النبى خذوا القرآن عنهم ): "والمقيمون الصلاة"                    (تفسير ابن كثير 2/420 – مصدر سابق )

 

عمر يتفوه (ينطق) بـ قرآن أزلى قبل ان ينطق به جبريل أو النبى وكأنه ينظر فى اللوح المحفوظ دون وسيط !!

 

 روى البخارى والإمام أحمد وغيرهم عن أنس بن مالك قال : قال عمر : وافقت ربى فى ثلاث ، أو وافقنى ربى فى ثلاث ، قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام ابراهيم مصلى ؟ فنزلت : (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ) . وقلت : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ؟ فأنزل الله آية الحجاب . وقال : وبلغنى معاتبة النبى (ص) بعض نسائه ، فدخلت عليهن فقلت : إن انتهيتن او ليبدلن الله رسوله خير منكن ، حتى أتيت احدى نسائه فقالت : يا عمر ، أما فى رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ؟! فأنزل الله : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ...)

وفى أسباب نزول (المؤمنون: 14) للسيوطى قال :" أخرج ابن أبى حاتم عن عمر قال : وافقت ربى فى أربع نزلت :( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ) الآية ،فلما نزلت قلت أنا :" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ".                     (أنظر أيضا تفسير إبن كثير للآية (5/463) – مصدر سابق)

 

يقول دكتور محمد عمارة ( عضو مجمع البحوث الإسلامية ) : يتميز عمر ويمتاز بعبقرية ملهمة فى التشريع ،. وهذه العبقرية الملهمة فى التشريع قد برزت لدى عمر وعرفت عنه وشاعت بين المسلمين حتى على عهد الرسول (ص) .. بل لقد بلغت إلى الحد الذى جعل عمر يفكر ، فيدرك الضرورة التشريعية ، فيقترح على الرسول سن التشريع .. ثم لا يلبث الوحى أن ينزل بآيات القرآن الكريم مؤيدة ومزكية لما اقترح عمر بن الخطاب من تشريعات !

حدث ذلك فى مواطن كثيرة ، تحدثت كتب السنة النبوية وتفسير القرآن الكريم عن ستة منها :

 

1- فالرسول (ص) يأخذ بيد عمر فيريه مكانا بالمسجد الحرام ، ويقول له :" هذا مقام ابراهيم " فيجيبه عمر ، مقترحا : " أفلا نتخذه مصلى ؟" فيقول الرسول : " لم أومر بذلك !" .. فلم تغب شمس ذلك اليوم حتى نزل الوحى بالآية الكريمة : ( وأتخذوا من مقام ابراهيم مصلى )

(نقلا عن صحيح مسلم وتفسير البيضاوى)

2-  وقبل أن ينزل القرآن بآية "الحجاب" لنساء النبى (ص) ، إقترح عمر هذا التشريع على الرسول .. ثم ينزل القرآن مؤيدا اقتراحه فيقول للمسلمين :( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين اناة ولكن اذا دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم ، والله لا يستحى من الحق ، واذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )                  (نقلا عن صحيح مسلم وتفسير البيضاوى)

 

3- وعقب انتصار المسلمين فى غزوة بدر ، يقترح عمر قتل الأسرى من أئمة الشرك فى قريش ، ولكن الرسول يختار الرأى الذى حبذ إطلاق سراحهم لقاء فدية .. فينزل القرآن مؤيداً رأى عمر، ومعاتباً رسول الله لاختياره رأى الآخرين ! ( ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض ، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم)!

(نقلا عن صحيح مسلم وتفسير البيضاوى)

 

4- وفى الموقف من المنافقين ، والصلاة على موتاهم .. يذهب الرسول ليصلى على عبدالله ابن أُبى بن سلول ، فيقول له عمر :" يا رسول الله ، أتصلى عليه وقد نهاك الله أن تصلى عليه ؟! " فيجيبه الرسول :"إنما خيرنى الله فقال :" اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ" (التوبة:80) .. وسأزيدك على سبعين !".. فيتساءل عمر:"انه منافق ؟!" ولكن الرسول يصلى على عبدالله بن أُبى بن سلول .. فينزل قول الله سبحانة :" وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ "! (التوبة:84)                        (نقلا عن صحيح مسلم)

 

5-  وعندما تجتمع نساء رسول الله (ص) ، عليه فى الغيرة يتحدث عمر عن ان موقفهن هذا يجعل الخير فى طلاق الرسول لهن ، فينزل القرآن الكريم بقول الله سبحانه :( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارا)!  (نقلا عن صحيح مسلم)

 

6- وقصة التشريع الإسلامى مع تحريم الخمر هى واحدة من المواطن التى سبق فيها عمر باقتراح لتشريع ثم نزلت الآيه الكريمة :( انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )           (نقلا عن صحيح مسلم وتفسير البيضاوى)

(كتاب العدل الإجتماعى لعمر بن الخطاب –د.محمد عمارة – ص 11:8 – دار الثقافة الجديدة للنشر –رقم الإيداع 3365/78)

 

ويقول دكتور فتحى رضوان : جاءت آيات كثيرة من القرآن برأى إرتآه (عمر) قبل نزولها ، ومنها آية الحجاب :" واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب " فقالت له السيدة زينب : "إنك عذاب يا ابن الخطاب والوحى ينزل فى بيوتنا "

( محمد الثائر الأعظم – ص 161- كتاب الهلال – العدد (340) – أبريل 1979)

 

ويقول الشيخ خليل عبد الكريم عن الصحابة : أنهم وقد رافقوا " الأمين المؤمن" فى غالبية أوقاته فطنوا إلى المرونة التى حايثت ظهور الآيات الكريمة والأسباب والمناسبات التى واكبتها ، حتى إن بعضهم وأشهرهم فى هذا المجال العدوىّ عمر بن الخطاب ، الذى أصبح فيما بعد الخليفة ، دأب على نطق بعض العبارات ، فـ إذا بعد قليل يتلو "الحبيب المصطفى" آية أو آيات تتضمنها أو يشير بـ رأى فى موقف معين فـ يقرأ " مقدم ولد عدنان" آية أو آيات تقننه.

(النص المؤسس ومجتمعه- السفر الأول – ص31 – دار مصر المحروسة للنشر – الطبعة الأولى 2002 – رقم الأيداع 2034/2002)

 

وفى موضع آخر يقول : وذكر الحافظ بن عبد البر النمرى (.. ومن حديث بن عمر أيضا قال : نزل القرآن بـ موافقته فى أسرى بدر ، وفى الحجاب ، وفى تحريم الخمر ، وفى مقام ابراهيم )

( وروى من حديث عقبة بن عامر وأبى هريرة عن النبى (ص) أنه قال : لو كان بعدى نبى لكان عمر )

فـ هل أنبجاس آيات كريمات من (البشرى / القرآن) مشاكلة لـ الألفاظ التى يدلى بها العدوى أحد أسباب ورود الحديث سالف الإلماع ؟                      (المصدر السابق ص 224، 225)

 

ويقول عبد الرحمن الشرقاوى : وقد نزل القرآن موفقا لقول عمر وفعله فى آيات كثيرة ...

 ومما نزل من القرآن موافقا رأى عمر آخر آية نزلت فى الخمر .. وقد نزلت فى الخمر أربع آيات . نزلت فى مكة : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منها سكرا ورزقا حسنا). فكان المسلمون يشربونها وهى لهم حلال .. ثم إن عمر ومعاز بن جبل ونفراً من الصحابة قالوا : "يا رسول الله أفتنا فى اخمر ، فأنها مذهبة للعقل ، مسلبة للمال" فنزلت الآية :( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس ) ، فشربها بعض المسلمين وامتنع بعضهم . ثم دعا عبد الرحمن بن عوف نفرا من الصحابة ، فشربوا حتى سكروا ، فقام للصلاة فأمّهم فقرأ :( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ) ، فنزلت الآية :( لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى) فتركها كثيرون ، وشربها مسلمون آخرون.

 

    ثم دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبى وقاص فشربوا فأسرفوا ، فلما سكروا وثب بعضهم على بعض يتفاخرون ، ويتنافرون ، ويتناشدون ، حتى أن أنشد سعد شعرا فى هجاء الأنصار ، فضربه أحد الأنصار بعظمة بعير فشجّ رأسه .

   فلما أصبح شكا إلى رسول الله (ص) ومعه عمر ، فقال عمر :" اللهم بين لنا فى الخمر بيانا شافيا " فنزلت الآية :( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه...) حتى قوله تعالى :( فهل أنتم منتهون ) فقال عمر : "انتهينا يا رب" .

(الفاروق عمر بن الخطاب ص 22- دار غريب للنشر – رقم الإيداع 4368/95- الترقيم الدولى 6-159-215-977)

 

ويقول الدكتور يوسف خليف (رئيس قسم اللغة العربية – كلية الأداب – جامعة القاهرة ) : " ...ومما يتصل بذلك ما نزل من القرآن موافقا لرغبات بعض الصحابة ، وأشهرها ما عرف فى تـاريخ القـرآن

"بـ موافقات عمر" ، وهى بضع آيات نزلت موافقة لما أقترحه عمر بن الخطاب رضى الله عنه لفظاً ومعنى . وقد ذكر سيادته ما رواه البخارى (مقام ابراهيم، وآيه الحجاب ، وقصة أسرى بدر) . ثم قال وفى مصادر الحديث الأخرى تروى روايات أخرى عن هذه الموافقات ...

 

ويذكرون أيضا أن يهوديا لقى عمر فقال : إن جبريل الذى يذكره صاحبكم عدو لنا ، فقال عمر : من كان عدوا لله وملأكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين ، فنزل قوله تعالى :" مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ " (البقرة:98) .

وفى هذا يقول النبى (ص) :" إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه "، ويقول إبن عمر :" ما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال (عمر) إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر " .

 ويقول مجاهد : "كان عمر يرى الرأى فينزل به القرآن"

(دراسات فى القرآن والحديث ص 34،33 –مكتبة غريب بالفجالة )

 

ويقول دكتور طه حسين (عميد الأدب العربى) :"ومن أجل جراءة عمر وشدته فى الحق ، ومطابقة القرآن لرأيه فى غير موطن ، ونصحه لله ورسوله والمسلمين ، كان النبى (ص) يؤثره أشد الإيثار ، ويظهر له من ذلك ما كان يقر عينه ويملأ قلبه غبطة ورضى ، حتى لقد استأذن النبى مرة فى العمرة وقال : إنى أريد المشى . فأذن له النبى ، فلما أنصرف دعاه النبى فقال له : أشركنا يا أخى فى صالح دعائك ولا تنسانا ..."

(الشيخان – ص 127- دار المعارف – الطبعة السادسة – رقم الإيداع 3026/1978-                              الترقيم الدولى 6-285-247-977)

 

أما صالح الوردانى فيقول: "يروى مسلم على لسان عمر قوله : " وافقت ربى فى ثلاث :" فى مقام ابراهيم. وفى الحجاب . وفى أسارى بدر ...

ويقول ابن حجر :"والمعنى وافقنى ربى فأنزل القرآن على وفق ما رأيت . ولكن لرعاية الأدب أسند الموافقة الى نفسه ...

إن مثل هذا القول لا يعنى إلا شيئا واحدا وهو أن القرآن كان يتنزل على رأى عمر . وهذا يعنى أن عمر تفوق على الرسول وهو يشكك من جهة أخرى فى القرآن ، الذى كان يتنزل حسب رأى عمر ... "

(كتاب الخدعة  ص 128- تريدنكو للنشر- الطبعة الثالثة 1997م- بيروت لبنان – ص.ب 5316/14)

 

وأيضا صحابى يتفوه بقرآن قبل نزوله ..

يقول الواحدى النيسابورى فى أسباب النزول : قوله تعالى :" وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ " (الأنعام:93)

 

نزلت فى عبدالله بن سعد بن أبى سرح كان قد تكلم بالإسلام ، فدعاه رسول الله (ص) ذات يوم يكتب له شيئا ، فلما نزلت الآية التى فى المؤمنين ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة) أملاها عليه ، فلما أنتهى إلى قوله ( ثم أنشأناه خلقا آخر) عجب عبدالله فى تفصيل خلق الإنسان ، فقال : (تبارك الله أحسن الخالقين ) فقال رسول الله (ص) هكذا نزلت علىّ ، فشك عبدالله حينئذ / وقال : لئن كان محمد صادقا لقد أوحى إلى كما أوحى إليه ، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال ، وذلك قوله (ومن قال سأنزل مثل ماأنزل الله) وارتد عن الاسلام .

الرواية عن إبن عباس ورويت أيضا عن محمد بن إسحاق قال : حدثنى شرحبيل بن سعد قال : ...

( أسباب النزول للوحدى ص 181- تحقيق أيمن صالح شعبان – دار الحديث – طبعة 1998 –رقم الإيداع 5095/98 – الترقيم الدولى 8-002-300-977)

 

 هل القرآن تبياناً لكل شئ؟! ..

نـدرة الأحـكام الشرعية !! ..

جاء فى (الأنعام :38) : "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ "

وفى (النحل : 89) :" وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ "

وبناءا على هاتين الآيتين رفض عمر وبعض الصحابة أمر النبى وهو على فراش مرضه الأخير قوله : ["ائتونى بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا "       (مسلم كتاب الوصية – البخارى كتاب الجهاد)

 

فيقول الفقهاء : أئتونى أمر وكان حق المأمور أن يبادر للإمتثال . لكن ظهر لعمر مع طائفة أنه ليس على الوجوب وأنه من باب الإرشاد الى الأصلح فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه فى تلك الحالة مع استحضارهم قول الله تعالى ( ما فرطنا فى الكتاب من شئ ) وقوله ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ)              (دفاع عن الرسول ص 233- تريدنكو للنشر – بيروت –الطبعة الأولى 1997)

 

حتى أن الإمام الشافعى يرى أن القرآن يدل بطرق مختلفة على حلول لكل المشكلات أو النوازل التى وقعت أو يمكن أن تقع فى الحاضر أو المستقبل على السواء .

(الإمام الشافعى – دكتور نصر حامد أبو زيد ص21- سينا للنشر –الطبعة الاولى 1992 – رقم الايداع 9297/91 الترقيم الدولى 6-19-5140-977)

 

نقلا عن الرسالة وكتاب أبطال الاستحسان :

وقبل الإمام الشافعى كان الخوارج أول من رفع مبدأ الإحتكام إلى كتاب الله بما يعنيه من تضمن لمبدأ إحتواء القرآن على حلول لكل المشكلات وإجابات لكل الأسئلة . (المصدر السابق ص21)

 

لكن المستشار محمد سعيد العشماوى يقول لنا :

والادعاء بأن الله وضع للناس شريعة تمنعهم من وضع أى تشريع قول مغالط ، لأن الأحكام التشريعية فى القرآن تقع فى 80 آية من مجموع 6000 آية وأغلبها عن أحكام الزواج والطلاق والمواريث والوصية.....

ولا يوجد فى القرآن إل أربع عقوبات (حدود) مشروطة ...

 

وقد شرعت الأمة لنفسها من خلال الفقة كل المسائل المدنية والتجارية ، كما شرعت نظام الوقف الأهلى وألغت نظام الرق والتسرى بالجوارى

(جريدة الاهرام 4/11/1992- تحت عنوان: المجتمع المدنى)

 

وفى موضع اخر يقول سيادته: " ان القرآن الكريم ستة الالف آية ، ما يتضمن منها أحكاما للشريعة "أو تشريعات" فى العبادات أو فى المعاملات – لا يصل الى سبعمائة آية ، منها حوالى مائتى آية فقط هى التى تقرر احكاما للاحوال الشخصية والمواريث أو للتعامل المدنى أو الجزاء الجنائى ، أى أن الآيات التى تعد تشريعات (قانونية) للمعاملات هى مجرد جزء واحد من ثلاثين جزءا من آيات القرآن ، 200/6000 بعضها منسوخ ولا يُعمل به ، اى أن الأحكام السارية أقل من 1/30 ، وعلى وجه التحديد 80 آيه أى 80/6000 = 1/75 .

ولأن الأحكام التشريعية – وخاصة فى المعاملات – هى التى غلبت على رسالة موسى عليه السلام " مع تكرارها وتثنيتها " حتى لُقب موسى – على ما سلف- بلقب معطى التشريع ، ...

(الإسلام السياسى – ص 43 – سينا للنشر – الطبعة الثالثة 1992 – رقم الايداع 8701/1987 الترقيم الدولى 9-385-103-977)

 

وفى موضع ثالث يقول :  فالقرآن الكريم – على ما سلف- وكما لابد ان يعلم قُوّال ذلك التيار ومنظروه – لم يتضمن إلا آيات قليلة فى أحكام المعاملات . وهذه الآيات القليلة لا تحكم كل المعاملات ، فضلا عن انها عامة تحتاج الى اجتهاد الأمة .. فى التطبيق والتفسير والتفصيل ...

    فلو أن الله سبحانة أراد أن تُحكم الناس –فى كل زمان ومكان – بالتشريع الالهى وحده ، استغرقت أحكام المعاملات كل آيات القرآن ولتضمنت تفصيلات كثيرة – كما حدث فى التوراة – ولم تترك للناس . ولكان معنى ذلك – كما يقول بعض الاسرائيليين – انه لا مدعاة لأى تشريع بعد تشريع التوراة ، فهو – كما يقولون – تشريع إلهى مفصل ، لا محل لتشريع بعده .   ( المصدر السابق ص 53)

 

" ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ " (الانعام :154)

 " وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ " (الاعراف :145)

وفى موضع رابع يقول :" ولجلاء الأمر يحسن تتبع هذه الاحكام وفقا لموضوعاتها :

 

أ‌-  المسائل المدنية: لم يتضمن القرآن الكريم آيات تشريعية فى المسائل المدنية إلا آية واحدة " وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " (البقرة :275) . ولم يبين القرآن الكريم ما البيع وما الربا ، فقام الفقهاء بذلك – استهداء بأحاديث للنبى (ص) وكان منهم المتشددون وكان فيهم المترخصون (كإبن عباس) . وعلى الرغم من وضوح الآية الكريمة فى حل البيع فقد خصصها الفقهاء وحرموا بعض البيوع كبيع المزابنة أى بيع الشئ الجزاف ، وبيع المحاقلة اى بيع الزرع قبل صلاحه ، أو بيع الزرع فى سنبلة كالحنطة ، وبيع المزارعة وهو بيع الزرع على نصيب معلوم بالثلث أو الربع أو ما ماثل ، وهكذا ...

ولأن القرآن الكريم لا يتضمن الا الآية الآنف بيانها كحكم موضوعى فى المسائل المدنية فإن كل أحكام التعامل المدنى هى من وضع الفقة الإسلامى ، وليست تنزيلا من الله . ومن أجل ذلك ، فإن المشرع المصرى ، فى الاعمال التحضيرية للقانون المدنى ، نوه إلى أن أكثر أحكام هذا القانون " يمكن تخريجه على أحكام الشريعة (يقصد الفقة) فى مذاهبها المختلفة دون عناء "...

 

ب‌- مسائل الأحوال الشخصية : جميع أحوال القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية فى مصر فى شئون الزواج والطلاق والمواريث والوصية – مأخوذة نصا من أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية ،  ومما رآه المشرع أصلح للمجتمع من آراء الفقة .

 

جـ- مسائل الإجراءات :لم يتضمن القرآن الكريم عن الإجراءات إلا آية واحدة خاصة بإثبات التعاقد على الديون " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..." (البقرة: 282)

وهذا الحكم خاص بإثبات التعاقد على الديون فقط ، ومده إلى أحوال الشهادة فى كل المسائل بما فى ذلك المسائل الجنائية عمل من أعمال الفقة – قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاً – وقد يجوز فى مصر أو فى عصر ولا يجوز فى مصر آخر أو فى عصر مغاير . وقد قصد الفقهاء عندما اشترطوا شكلاً معيناً للشهادة فى مسائل الحدود الرقابية وضع ضوابط شديدة يحصر تطبيق هذه الحدود فى أضيق النطاق ، على أن يكون فى العقوبات التعزيزية متسع لأية جريمة ولو كانت حديه .

 

د- المسائل الجنائية :ورد فى القرآن الكريم النص على أربع عقوبات حدية (عقوبات مقدرة ومحددة) :حد السرقة (وهو قطع اليد ) ، وحد القذف (وهو الجلد ثمانين جلدة) ، وحد الزنا (وهو الجلد مائة جلدة) (النور:2) ، وحد الحرابة (وهو القتل أو الصلب أو النفى من الارض أى السجن) اما حد الردة فقد ورد فى حديثين للنبى (ص)، وعقوبة شرب الخمر هى عقوبة تعزيزية لأنها لم ترد فى القرآن أوالسنة النبوية وإنما أستخرجها على بن أبى طالب قياساً على حد القذف ...

 

ووضع الفقهاء للحدود شروط كثيرة تجعل تطبيقها أمراً عسيراً  ، بل إن التطبيق الصحيح يكاد يكون مستحيلا . من ذلك إنه اشترطوا فى جريمة السرقة المحدودة عليها – شروطاً كثيرة جداً ، منها أن يؤخذ المسروق من حرز ، وأن يكون مالاً متقوماً ، وألا يكون للسارق حاجة اليه ، وألا تكون له فيه شبهة ملك .واتفقوا على أنه لا حد فى الخطف والنهب والاختلاس ، كما أن جمهرتهم تتفق على أنه لا حد على من يسرق أموال الدولة (ولو كانت ملايين) لأن له فيها شبهه ملك . وفيما يتعلق بالزنا فقد أشترطوا شهادة أربعة شهود عدول يرون الفعل رأى العين ، من أوله الى منتهاه ، بحيث لا يمر الخيط بين الرجل والمرأة ، وهو مالم يحدث ابدأ على مدى التاريخ الإسلامى...                          (المصدر السابق ص 189: 191)

 

ماذا قالوا فى هذا الصدد ؟!

يقول ابن حزم: " ماورد فيه نص قليل محصور "

(كتاب التراث والحداثة – محمد عابد الجبرى – ص193- مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الاولى تموز/يوليو1991- ص.ب. 6001/113 بيروت )

 

د. نصر حامد أبو زيد (أستاذ الدراسات الإسلامية -كلية الأداب- جامعة القاهرة ) :" النصوص عزيزة نادرة خاصة فى مجال الشريعة وما ثم نص يُرجع إليه لا يتطرق إليه الاحتمال . وعلى اساس من الندرة الناتجة عن الطبيعة الإحتمالية للغة فإن الحل الصوفى للتغلب على هذه الإشكالية يكمن فى التجربة الصوفية ذاتها ، تجربة الاتصال بمصدر التشريع والأخذ عنه مباشرة ، فأهل الله هم فقط القادرون على الاطلاع على الشريعة المحمدية من حيث "لا تعلم العلماء بها ، فإن الفقهاء والمحدثين الذين أخذوا علمهم ميتاً عن ميت إنما المتأخر منهم فيه على غلبة الظن اذ كان النقل شهادة والتواتر عزيزاً . ثم إنهم اذا عثروا على أمور تفيد العلم بطريق التواتر لم يكن ذلك اللفظ المنقول بالتواتر نصاً فيما حكموا فيه فإن النصوص عزيزة ، فيأخذون من ذلك اللفظ بقدر قوة فهمهم فيه ، ولهذا اختلفوا " .

(نقد الخطاب الدينى- ص 124- سينا للنشر – الطبعة الثانية 1994-رقم الايداع 8727/92 – الترقيم الدولى5-031-5140-977)

 

وندرة النصوص جعلت الصحابة يختلفون فى بعض الأحكام الشرعية ، فيقول عبد الرحمن الشرقاوى:"ولكن الصحابة ربما اختلفوا فى اجتهادهم ، وكان أكثرهم فتيا على وعمر وزيد ابن ثابت وعبد الله بن مسعود .

وكان مما أجتهد فيه الصديق ألا يورث الإخوة مع الجد ، وخالفه فى ذلك عمر ، فقد جعل أبو بكر الجد أباً ، والاخوة لا ترث مع الأب ، ولم يجعله عمر كذلك فورث الأخوة معه ، ووافقة زيد بن ثابت.

كما أختلفوا فى بعض مسائل الطلاق والعدة .

واختلفوا حول الزكاة ، أهى حق على المال ، أم هى كغيرها من العبادات وأركان الإسلام واجب على الشخص المكلف ؟

فرأى عدد من الصحابة أن مال اليتيم ليس عليه زكاة ، فاليتامى أولى بالرعاية والمواساة ، وإن كانوا أغنياء !

ورأى على غير ذلك ، رأى أن تحصل الزكاة من أموال اليتيم ، لأن الزكاة حق على المال وحده .. والله تعالى حين أوجب الزكاة على المال ، ترك لرسوله تحديد قدر المال الذى تجب عليه الزكاة ، وتحديد قدر المال الذى يُزكى به ... واكتفى القرآن ببيان من تؤدى اليه الصدقات (أموال الزكاة) فقال تعالى فى سورة التوبة :( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) فهذه مصارف حددها الله تعالى بعلمه وحكمته ...

 

جاءت الى أبى بكر جدة تلتمس ميراث أحد أحفادها ، فقال لها الصديق : "ما أجد لك فى الكتاب الله شيئاً، وما علمت أن الرسول الله (ص) ذكر لك شيئاً " ...

وكان الخلاف قد بدأ يظهر فى نصوص الحديث ، فأدرك الصديق ما لهذا كله من خطر ، من أجل ذلك جمع الناس ، فقال :"إنكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن أصول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ".

(كتاب الصديق أول الخلفاء –ص221، 222- الناشر : مكتبة غريب – رقم الايداع 8614/87-الترقيم الدولى x-195-172-977)

ويقول ابن القيم :" .. وقد تنازع الصحابة فى كثير من مسائل الأحكام ، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة ايماناً ،... "

(تيارات الفكر الإسلامى- دكتور محمد عمارة -  ص 209- كتاب الهلال – أبريل 1-9-82 –العدد 376- رقم الايداع 262-82- الترقيم الدولى 12-7353-977)

 

ويقول د. طيب تيزينى (مفكر سورى ) :" واذا ما أتينا على أحاديث نبوية أخرى ، فإن النظر الى القرآن على أنه الذى " يحتوى كل كبيرة وصغيرة " ، يرتد إلى وراء ، نظراً إلى أن النبى لم يجد فيه إجابة على "كل كبيرة وصغيرة" . وفى هذا الإطار ، قد يكون الحديث الشهير بـ " تأبير النخل" مثالا بارزاً دالاً . ففيه يشدد الرسول على أن الناس هم أعلم بشئون دنياهم ، أى – فى الحالة المعنية فى الحديث المذكور– هم أعلم بشئون دنياهم " .

(النص القرآنى... – ج5- ص 375- دار الينابيع-دمشق –ص.ب. 6348- طبعة 1997)

 

ويقول د. محمد شحرور (مفكر سورى ) :"فلم يحدد الله سبحانه وتعالى لنا حدود الضرائب ، فالحد الأدنى هو الصفر "الإعفاء" والحد الأعلى يمليه التطور الاقتصادى والاجتماعى والوضع الطبقى "ضريبة الدخل التصاعدية " حيث أن الحد الأعلى متغير دائما وغير ثابت . والحد الأعلى يستنتجه المشرع من مصلحة المجتمع ككل . وهكذا فقط نفهم ما يقال عنه المصالح المرسلة حيث يضع حدودها المجتمع نفسه .

(الكتاب والقرآن –قراءة معاصرة – ص 475- سينا للنشر بالقاهرة – الاهالى للنشر دمشق - رقم الايداع 8248/92 – الترقيم الدولى 5-28-5140-977)

 

وفى موضع أخر يقول :" إذا سألنى سائل : ما هى المواد التى يجب أن يحتويها دستور أية دولة لكى تصبح إسلامية ؟ إننى أنوه هنا بالخطأين الشائعين جداً من قبل المسلمين وهما :

 

أ- المنادة بأن دستور الدولة القرآن ، وهذا خطأ لأن القرآن لا يحتوى على أى تشريع .

ب- خطأ المناداة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، لأن الشريعة الإسلامية لا تحتوى على أحكام ، بل على حدود ، ولا يوجد حكم حدى فى الإسلام إلا فى حالة الفاحشة العلنية .   (المصدر السابق ص 724)

 

ويقول د. على عبد الفتاح المغربى (كلية الأداب جامعة عين شمس) :" ولقد حدثت بعض الخلافات الفقهية نتيجة لاجتهادهم فيما لا نص فيه ، حيث اقتضت الظروف الجديدة بعد وفاة النبى عليه السلام أن يضطلع الصحابة بمهمة الفتوى أن يجتهدوا فيما لم يرد فيه نص ، وكان نتيجة لذلك أن حدثت بعض الخلافات فى الاحكام الفروعية كاختلافهم فى الكلالة وميراث الجد مع الإخوة وعقل الأصابع وديات الأسنان ". 

(حقيقة الخلاف بين المتكلمين – ص38 – الناشر مكتبة وهبه – رقم الايداع 5982/94- الترقيم الدولى 3-054-225-977)

 

ويقول صاحب تفسير المنار :" إن الاحكام المنزلة من الله تعالى منها ما يتعلق بالدين نفسه كأحكام العبادات وما فى معناها كالنكاح والطلاق – وهذه لا تحل مخالفتها بحال .

ومنها ما يتعلق بأمر الدنيا كالعقوبات ، والحدود ، والمعاملات المدنية .. والمنزل من الله تعالى فى هذه قليل وأكثرها موكول الى الاجتهاد..." (407 ج6 تفسير المنار)

(القرآن ومشكلات حياتنا المعاصرة – دكتور محمد أحمد خلف الله – ص 31، 32 – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – ص.ب. 5460/11 بيروت- الطبعة الاولى 1982)

 

ويقول دكتور محمد التيجانى ( دكتوراه فلسفة من جامعة السوربون) :"أما أهل السنة فقد اضطروا للاجتهاد والقياس وغير ذلك لفقدان النصوص وجهل أئمتهم بها ، من أيام الخلافة الأولى .

واذا كان الخلفاء عندهم قد عمدُوا لحرق النصوص النبوية والعمل على منعها وكتمانها . واذا كان كبيرهم(يقصد عمر) يقول: حسبنا كتاب الله ، ضارباً بالسنة النبوية عرض الجدار ، فمن الطبيعى جداً أن يفتقروا إلى النصوص المبينة لأحكام القرآن نفسه .

فكلنا يعلم بأن أحكام القرآن الظاهرية قليلة جداً وهى فى عمومها تفتقر إلى بيان النبى ، لذلك قال تعالى:

" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " (النحل :44)

وإذا كان القرآن يفتقر للسنة النبوية لتبين أحكامه ومقاصده.

وإذا كان أقطاب "أهل السنة والجماعة " قد أحرقوا السنة المبينة للقرآن ، فلم يبق عندهم بعدها نصوص لا لبيان القرآن ولا لبيان السنة نفسها .

فلابد والحال هذه أن يعمدوا للاجتهاد والقياس واستشارة العلماء عندهم فيأخذوا بالاستحسان وبما يرون فيه مصلحتهم الوقتية .

ومن الطبيعى جداً أن يحتاجوا الى كل ذلك لفقد النصوص ويضطروا إليه اضطراراً .

(كتاب الشيعة هم اهل السنة – ص142- شمس المشرق للنشر بيروت – الطبعة الاولى 1993)

 

ويقول أحمد أمين : "كان الصحابة يستعملون رأيهم حيث لا نص ، وقد نقل إلينا المؤرخون والمحديثن والفقهاء جملة صالحة من المسائل التى استعمل فيها الصحابة رأيهم ، فلم يكد يتوفى النبى (ص) حتى رأوا أنفسهم أمام أكبر مشكلة قانونية ، وهى من يتولى الأمر بعده ، أمن المهاجرين أم من الأنصار ؟ أم من هؤلاء أمير ومن هؤلاء أمير ؟ وإذا فصل فى ذلك ، فمن هو خير من يتولاها ؟ لم يرد فى ذلك نص من كتاب ولا سنة ، فلم يكن إلا أن يستعملوا رأيهم وقد كان ، فالمحضر الذى ذكره المؤرخون لاجتماع السقيفة يدلنا على كيفية استعمال رأيهم ، وتقليب الأمر على وجوهه .

 

ولما اختلفوا فى المسألة المشتركة وهى التى توفيت فيها امرأة عن زوج وأم وإخوة لأم وإخوة أشقاء ، كان عمر يعطى الزوج النصف ، وللأم السدس ، وللإخوة لأم الثلث ، فلا يبقى شئ للإخوة الاشقاء ، فقيل له :هب أن أبانا كان حماراً ،ألسنا من أم واحدة ! فعدل عن رأيه وأشرك بينهم ".

(فجر الإسلام- ص 373: 377- مكتبة الأسرة 2000 – الهيئة المصرية العامة للكتاب – رقم الايداع 8542/2000)

 

ويقول الشيخ خليل عبد الكريم :"ففى الذكر الحكيم ليس ثمة بيان عن أوقاتها (يقصد الصلاة) أو عدد ركعاتها أو كيفية إقامتها ، فى حين أن الملاعنة سيقت فى شأنها تفصيلات دقيقة .

والتقليديون أو التراثيون يجيبون على هذا التساؤل الجوهرى أن القرآن أوكل مهمة التبيين فى الصلاة والزكاة والحج .. الى "أول شافع وأول مشفع "، بيد أنه رد غير مقنع ، إذ من الميسور التعقيب عليه بالآتى : إذن لماذا لم يوكله فى مسألة اللعان وهى أهون شأناً وأدنى رتبة وأخفض درجة وأدنى مكانة بـ ما لا يقاس من الصلاة التى هى عمود الدين ومن تركها فـ قد هدم الدين ؟!!

(النص المؤسس ومجتمعه – السفر الاول – ص 26، 27- دار مصر المحروسة للنشر – الطبعة الاولى 2002 – رقم الايداع 2034/2002)

 

القرآن الكريم ونظام الحكم والشورى ..

يقول المستشار محمد سعيد العشماوى :"إن القرآن لم يتعرض لنظام الحكم فى الإسلام بعد النبى ، ولم ترد عن النبى أحاديث فى هذا الصدد . ولما فوجئ المسلمون بوفاة النبى ، اضطربت جماعتهم واهتزت نفوسهم حتى اختاروا أبا بكر خليفة له . ولم يتحدد – فى هذا الوقت – نتيجة الظروف المضطرمة وانعدام الفكر السياسى – طبيعة خلافة النبى والنظام الذى يتعين على الخليفة إلتزامه . وساعد لفظ "الخليفة" – وما قد يفيده من معنى وراثة كل الحقوق والاتزامات – على بلبلة الفهم واضطراب التصرفات وبقاء الغيوم فى المحيط الإسلامى ، واشتدادها جميعا عام بعد عام وحكماً إثر حكم ، حتى انتشر ظلام دامس اختلفت فيه الحقائق وتغير شكل المفاهيم وتصادمت الوقائع ، وأصبح من اللازم أن تشرق شمس الحقيقة ، فتبدد الظلام وتجلوا الحقائق وتحدد المفاهيم وتُحيّز الوقائع" .

( كتاب أصول الشريعة – ص140- الناشر : مدبولى الصغير – الطبعة الرابعة 1996 – رقم الايداع 9339/95)

 

ويقول أحمد أمين : ".. جرى على هذا كثير من الصحابة ، فكانوا يستعملون رأيهم حيث لا نص ، وقد نقل الينا المؤرخون والمحدثون والفقهاء جملة صالحة من المسائل التى استعمل فيها الصحابة رأيهم ، فلم يكد يتوفى النبى (ص) حتى رأوا أنفسهم أمام أكبر مشكلة قانونية ، وهى من يتولى الأمر بعده ، أمن المهاجرين أم من الأنصار ؟ أم من هؤلاء أمير ومن هؤلاء أمير ؟ وإذا فصل فى ذلك ، فمن هو خير من يتولاها ؟ لم يرد فى ذلك نص من الكتاب ولا السنة ، فلم يكن إلا أن يستعملوا رأيهم وقد كان ، فالمحضر الذى ذكره المؤرخون لاجتماع السقيفة يدلنا على كيفية استعمال رأيهم وتقليب الأمر على وجوهه .                      (كتاب فجر الاسلام –ص 373، 374- مصدر سابق)

 

ويقول دكتور محمد أحمد خلف الله :"إن القرآن الكريم لم يتعرض لهذه المسألة من قريب ولا بعيد. وإن النبى عليه السلام قد لحق بربه دون أن يوصى بذلك لأحد – فضلا عن أن يكون وضع نظاماً ثابتاً مستقراً للخلافة .                    (كتاب مشكلات حياتنا – ص 31- مصدر سابق)

 

ويقول طه حسين :" فالقرآن مكتوب محفوظ فى الصدور ، ولكنه لم يعرض لسياسة الحكم فى تفصيلها ووقائعها اليومية.

وسنة النبى معروفة فى جملتها ، ولكن منها ما يجهله الحاضر ويحفظه الغائب ، ومنها ما ذهب مع من ذهب من أصحاب النبى فيما كان من حرب الردة والفتوح ، وسيرة الشيخين كسنة النبى منها المعلوم ومنها ما قد يكون النسيان عرض له ، ولعلى بعد الحق كل الحق فى أن يخالف عن سيرة الشيخين إن تغير الزمن أو رأى فى المخالفة عن هذه السيرة منفعة للرعية ونصحاً للمسلمين ، فلما عرض عبد الرحمن هذا العهد على عثمان قبله وأعطى مثله وقال :"اللهم نعم!" يريد أنه سيجتهد فى إنفاذ كتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين ، وأنه متى اجتهد فى ذلك مخلصاً فقد التزم الكتاب والسنة ونهج الشيخين . وقد أصاب على ما فى ذلك شك ، ولم يُبعد عثمان ، ولكن انظر إلى ما حدث بعد أن مضت أعوام على إمرة عثمان : ذهب فى أموال المسلمين مذهباً مخالفاً لمذهب عمر وسيرته ، فأما الذين بايعوه على التزام هذه السيرة فيما التزم فقد رأوا أنه خالف عنها ولم يف بالعهد كاملا ، وأما هو فرأى أنه لم يخالف بحال من الأحوال ، لأن قوام سيرة عمر إنما هو التقرب إلى الله ، وهو قد وصل رحمه تقرباً الى الله ، فهو يقترب إلى الله كما كان عمر وأبو بكر يفعلان ، ولا عليه أن تختلف وسائل هذا التقرب إلى الله ، ولو قد كان للمسلمين فى ذلك الوقت نظام مكتوب بين الحدود واضح الأعلام ، لما أبى على أن يبايع هذا الدستور ، ولما احتاج عثمان إلى أن يبايع ثم يتأول ، ولما انقسم الناس بعد ذلك فريقين : فريقاً يشتد ويتحرج كما تحرج على ومن لاموا عثمان ، وفريقاً يتأول كما تأول عثمان .

 

نعم! ولكن ينبغى ألا ننسى أن عمر قد قتل سنة ثلاث وعشرين للهجرة ،أى قبل أن يمضى على الهجرة وتأسيس الدولة ربع قرن ، وأن هذه المدة القصيرة لم تنفق فى حياة هادئة مطمئنة قد استقرت فيها الأمور وفرغ فيها البال ، وإنما أنفق منها عشرة أعوام فى حمل العرب على الإسلام بعد أن انتقضوا عليه ، ثم أنفق سائرها فى دفع العرب إلى نشر الإسلام فى أقطار الأرض.

(الفتنة الكبرى[1] عثمان- ص43، 44- دار المعارف –الطبعة العاشرة – رقم الايداع 2580/1984-الترقيم الدولى 0- 0795-02-977)

 

ويقول دكتور محمد عمارة :"ونحن نعتقد أن صمت القرآن الكريم عن تفصيل نظم الحكم والسياسة للمسلمين هو موقف الهى مقصود ، لأنه هو الموقف الذى التزمه الدين الحنيف حيال كل ما عهد به الى عقل الانسان ، وارتبط بالأمور المتطورة المتغيرة التى تستعصى نظرياتها على الثبات .. وإلا فهل يعقل عاقل أن يضن القرآن على نظم الحكم بآيات تساوى ما جاء به عن بقرة بنى اسرائيل ؟!

(الإسلام والسلطة الدينية – ص 78- الناشر دار الثقافة الجديدة – رقم الايداع 3965/79)

 

ويقول الشيخ على آل محسن :" إلا أن فتنة الخلاف فى الخلافة باقية الى اليوم ، وما افترق المسلمين إلى شيعة وسنة إلا بسبب ذلك ".

(مسائل خلافية- ص54- دار الهادى للنشر-غيبرى –بيروت –ص.ب. 286/25- الطبعة الأولى1999)

 

وقد لخص لنا المستشار العشماوى ما ترتب على اهمال القرآن لهذه المسألة من فتنة بدأت بوفاة النبى وحتى يومنا هذا فيقول :ان الخلاف بين المسلمين والصراع بين المؤمنين والانشقاقات فى صفوف حزب الله وصحابة الرسول ، منذ عهد الخلفاء الراشدين ، حدثت بداعى السياسة لا بداعى الدين ، وبدافع الملك لا بدافع الشريعة ، وبسبب حكم الناس لا بسبب حكم الله .

فللحكم وللإمارة وللرياسة وللسيادة وحدها ، ووحدها فقط ، انشق سعد بن عبادة زعيم الخزرج على جماعة المؤمنين وظل على موقفه لا يغيره من جانبه ولا تلزمه الخلافة أو الإمارة تغييره (سياسة منها لوضعه كرئيس لأكبر قبائل المدينة ، ولوجود آخرين منشقين معه يمكنهم الدفاع عنه) . وظهر بسبب هذا الانشقاق والانفصال ، ولعله هو الذى كان سبباً فى عودة ظهور الصراع القبلى القديم بين المكيين والمدنيين. ثم حدث انشقاق آخر وانفصال ثان بين القرشيين أنفسهم ، ربما كان نتيجة أو كان سببا للنزاع الطائفى الدفين والصراع القبلى القديم بين الهاشميين والأمويين. ثم تجلى الانشقاق فى وجود خليفتين أحدهما هاشمى هو على بن ابى طالب والثانى أموى هو معاوية بن أبى سفيان . ثم تزايد الانشقاق فظهر فى جماعة على بن ابى طالب نفسها ، حين انفصل عنه طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وحارباه مع عائشة زوج النبى . ثم تضاعف الانشقاق فخرج الخوارج على علىّ بن أبى طالب .

 

وخلال هذة الانشقاقات حارب المبشرون بالجنة المبشرين بالجنة ، وصارع الصحابةُ الصحابةَ ، وقاتل المسلمون المسلمين ، وغال المؤمنون المؤمنين ، وفى كل هذه الصراعات المحمومة والقتالات العنيفة كان كل من المسلمين يعتقد أنه على الحق والجادة وغيره على الباطل والكفر ، وهو فهم سوف يصبح ديدن جماعات كثيرة من المسلمين ، طوال التاريخ الإسلامى وحتى العصر الحالى .

(الخلافة الاسلامية – ص 117، 118- سينا للنشر- الطبعة الأولى -1990- رقم الايداع 1945/1990)

 

مما سبق تبين ندرة الأحكام الشرعية رغم ما جاء فى القرآن :

سورة ( الانعام :38) :" مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ "

سورة   (النحل:89) :" وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ "

كذلك نرى ان القرآن والسنة لم يتعرضا لنظام الخلافة ولا أصول الحكم الأمر الذى جلب فتنة عظيمة مزقت الجسد الإسلامى بدأت بوفاة النبى واستمرت حتى يومنا هذا

فى الوقت الذى تكلم فيه عن أشياء أقل أهمية مثل قوله :" إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ " (لقمان:19) . وقوله:" إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ " (الأفعال :22)

 

1.    كما تناول شئون النبى الخاصة جداً ... فيقول الشيخ خليل عبد الكريم :

"لم يقتصر القرآن الكريم على الاهتمام بـ المجتمعين المكى واليثربى وأفراد كل منهما سواء من الذكور أو الإناث بل إنه أولى "سيد الناس ومقدم العرب" رعاية تميزت بـ الكثافة والتركيز البالغين فقد تناول كافة شئونه الخاصة منها بل شديدة الخصوصية :

   فعلى سبيل المثال عندما تتفق عليه زوجتان من زوجاته التسع أو يتعاقدان جميعهن على طلب زيادة النفقة عليهن وشيئاً من التوسعة أو تكتشف إحداهن أنه مس جاريته على فراشها وفى حجرتها فـ هنا تظهر آية أو آيات كريمة تزيل عنه الغمة . وكذا حُلت معضلة زواجه من السيدة الفائقة الحسن والبهاء التى تزوجها قبله عبده ثم ابنه عن طريق التبنى ثم مولاه ، ودرج تقليد راسخ بينهم على تحريم هذا النكاح بـ ورود آية فكت العقدة وأبطلت ذلك العرف المستقر وسخفته واستهجنته وأحلت زواج الرجل بزوجة ابنه المتبنى حتى ولو دخل بها وعاشرها وبذا حُق لـ تلك الزوجة الوسيمة القسيمة الفاتنة أن تفخر على سائر (نسائه) ، لأن كلا منهن زوجها وليها فى حين أنها الوحيدة التى جاء أمر نكاحها فى الذكر الحكيم وبسببه أيضا تم تحطيم قاعدة صلبة مضت عليها مئات الأعوام وهى تحريم حليلة الابن بالتبنى .

 

     وفى ليلة عرسها أطال المدعوون الى الوليمة المكث لديه وهو أمر يقطع بـ قلة الذوق ويشى بسوء الأدب وينبئ عن الخشونة وينضح بالبداوة .إذ من حق " سيد ولد عدنان" أن يدخل سريعاً على عروسة الوضيئة الجميلة فـ انبرى القرآن العظيم وظهرت منه آية كريمة عابت على الضيوف الثقلاء لبثهم غير اللائق وأمرتهم بـ سرعة الانصراف .

    وتجرأ نفر من المنافقين وبعض رقيقى الإيمان وعدد من المسلمين لا شك فى إسلامهم بيد أن عقولهم خفيفة وأخلاقهم طَفِسة ونفوسهم معقدة رموا أحب زوجات"المعصوم من الناس" وهى إبان ذاك فى الثالثة عشرة من عمرها بـ تهمة حقيرة هى منها بريئة كل البراءة وأشاعوا عنها إفكاً وبهتاناً . فتصدى لهم الذكر الحكيم وأعلن براءة الزوجة الحدثة الصغيرة السن وزيف وبطلان أكاذيب السفلة أصحاب الإفك وفرج عن "أبى قاسم" أزمة نفسية قاسية ألمت به.

 

وفى غزوة أخرى فقدت ذات الزوجة الحبيبة الحديثة العمر عقدها فـ حبس الأصحاب على التماسه مما دعا أباها التيمىّ إلى أن يصيح فى وجهها أنها فى كل سفرة بلاء وعناء على الناس . ونتيجة له تعذر على المسلمين أداء الصلاة لانعدام الماء فى الموضع القفر وفجأة أقبلت آية قرآنية حلت العقدة وفكت الأزمة فأباحت التيمم .

 

فى سورة غضب أعلن صحابى أنه سوف ينكح ذات الزوجة الشابة بعد وفاة محمد ، لأنها فضلا عن صغر سنها حلوة مُلاحة وتمت إليه "الصحابى" ب قرابة حميمة ورغم أن "الشفيع المشفع" بشرة بـ دخول الجنة إلا أنه أثبت أنه يتمتع ب غلظ فى الحس وسماجة فى الشعور وانحطاط فى الأدب إذ لا يُتصور فى رجل متحضر أن يخبر آخر أنه ما إن يموت حتى يهرول الى نكاح امرأته .

ولـ ندع الصحابى الجلف كيما نعود إلى سياق الدراسة :

 

إن كلماته الفلوت آذت أحاسيس "رافع لواء الحمد" وآلمت نفسه بيد أن القرآن لم يتركه يعانى المواجع فـ هلت إحدى آياته الحكيمة تحرم نكاح زوجاته التسع بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى راضياً مرضياً وتوافقت (=الآية) بـ الكلية مع اللقب الذى تحمله كل منهن وهو "أم المؤمنين" وعلى طول التاريخ لم نقرأ عن شريعة أباحت زواج الأم فضلاً عن أن الطبيعة البشرية السوية تنفر منه وتستقبحه .

 

أقدمت بعض النسون (النساء) على هبة أنفسهن لـ "صاحب السيف" لكى تنال شرفاً منيفاً ما بعده رفعة ولـ تحمل اللقب الباذخ "أم المؤمنين" بيد أنه أصاب زوجاته بـ قدر من القلق وشئ من الغضب كرد فعل طبيعى ، كما أنه سوف ينعكس على تصرفاتهن معه خاصة الوضيئات منهن مثل عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش مما سيصيبه بـ عنت ومشقة ، فـ أشرقت آيات كريمات تناولت الأزمة العارضة بـ ما فيه رضاه وإياهن .

 

قبيل فتح الفتوح "فتح مكة" أرسل "الحبيب المحتبى" عمرو بن أمية الضمرى الى الحبشة لـ يخطب له أم حبيبة بنت أبى سفيان ، وقد دلت هذه البادرة على حنكة محمد السياسية التى لا ضروب لها لأن ابن حرب ابن أمية غدا زعيم مكة وسيدها فبارك الذكر الحكيم هذه الخطوة الذكية واللفته التى تنم عن فطنة فاذة فى الآية السابعة من سورة الممتحنة "عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " . نكتفى بـ هذه الأمثلة الثرة الدلالة التى سقناها لـ الكشف عن جانب هام من جوانب معطيات الذكر الحكيم فى العناية بـ الأحوال الشخصية لـ " من سيفه على عاتقه" .

 

وفى موضع أخر يقول: ويُحكى عن تآمر الضرائر فـ نخلص إلى أن نكاح مرتين أو ثلاث أو أربع خيبة قوية ، ويروى عن صحابى نال من "مرة" ما دون فرجها وآخر ضرب حسناء جميلة على عجيزتها المكتنزة ثم استغفر كل منهما وصلى وورد أن " إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ " (هود :114) .

(النص المؤسس – السفر الأول-ص 33: 35، 37- مصدر سابق)

 

هل "الأمر شورى" (الشورى :9) أغنى عن إهتمام القرآن والسنة بنظام الحكم ؟!..

واذا كان هناك شورى فأين نظام الشورى ؟! ..

[أين الشورى فى ثقيفة بنى ساعدة (حيث استخلاف أبو بكر )؟!

-ألم يكن هناك اعتراض من الأنصار ومن سعد بن عبادة بالذات الذى قُتل بعد ذلك وقيل أن الجن قتلته.

- ألم يكن اعتراض من البيت الهماشى (أهل بيت النبى ) بالاضافة إلى اعتراض طلحة والزبير .

- اذا كان سعد بن عبادة قد دفع حياته ثمنا لمعارضته ، فإن الحباب أبن المنذر اختار أن يسالم ، فاستسلم للضغوط وبايع .

- ألم يقل على لعمر ابن الخطاب بشأن خلافة أبى بكر :

"ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤثرك غدا " وقد حدث !

- يقول نبيل فياض : كيف يقبل عمر "بتعيينه" خليفة من قبل أبى بكر ، وهو ما ينسف "مبدأ الشورى الإسلامى " فى حين كان يؤكد على هذا المبدأ كما رأينا سابقاً ، فى كل تصرفات أبى بكر ؟

- إقرأ عن حروب الردة وأنت ترى إصرار ابو بكر عليها رغم معارضة كبار الصحابة وعلى رأسهم عمر فأين الشورى فى حروب الردة؟!

- وفى إستخلاف عمر كتب عثمان بن عفان عهد الخليفة من بعد أبى بكر ، فأمره أن لا يسمى أحدا ، وترك إسم الرجل فأغمى على أبى بكر إغماءة ، فأخذ عثمان العهد فكتب فيه أسم عمر ، قال : فأفاق أبى بكر فقال : أرنا العهد ، فإذا فيه أسم عمر ، قال : من كتب هذا ؟ فقال عثمان : أنا ، فقال : رحمك الله وجزاك ، لو كتبت نفسك لكنت لذلك أهلا "

- ألم يقل عمر : كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله شرها !

لذلك يقول دكتور محمد عمارة (عضور مجمع البحوث الاسلامية ): "وحذر عمر من تكرار البيعة الفجائية التى تمت لأبى بكر  .. "

ألم يطلب أجل الصحابة من أبو بكر باستخلاف آخر غير عمر لشدته !!

فى استخلاف عثمان اختار عمر سبعة من المهاجرين (المهاجرين فقط دون الأنصار) ليختاروا الخليفة منهم ستة مرشحين .

 

يقول دكتور طه حسين (عميد الأدب العربى ) :" وما من شك فى أن النظام الذى وضعه عمر للشورى قد كان نظام لا يخلو من نقص ، ولعله لا يخلو من نقص شديد ، وأول ملاحظة على هذا النظام ضيق مجلس الشورى ، فقد ائتلف هذا المجلس من سبعة أحدهم يشير وليس له فى الأمر شئ وهو عبد الله بن عمر ، .............

 

وقد فوجئ المسلمون الذين كلفوا حراسة هؤلاء المشيرين مفاجأة أليمة حين رأوا هؤلاء المشيرين يختلفون فى غير ائتلاف ،ويتنافسون فى غير وفاق ، حتى قال أبو طلحة رئيس الحرس : لقد كنت من أن تَدافعوها أخوف منى من أن تَنافسوها ...

ولو قد وسع عمر مجلس الشورى وأكثر فيه من أمثال عبد الله بن عمر من أولئك الذين يحضرون الشورى ويشاركون فيها ولا يكون لهم من الأمر شئ ، لكان من الممكن ألا يتعرض مجلس الشورى لما تعرض له من الشك والاختلاف .........

 

ولم يخطر لعمر رحمه الله ولم يخطر للمسلمين من بعده أن الأنصار كانوا خليقين أن يشهدوا الشورى ، وأن يكون لهم أن يقولوا رأيهم ويشاركوا فى الاختيار بين المرشحين ، فقد نعلم أن الإمامة فى قريش مادام المسلمون قد اتفقوا على ذلك ، ولكن لا نعلم أن معنى هذه القاعدة أن قريشا وحدها هى التى تختار الإمام ، وليس الإمام إمام لقريش وحدها ولكنه إمام للمسلمين جميعا ،.....] 

(انظر الفتنة الكبرى (1) عثمان – د. طه حسين- ص 60 وما بعدها- وصدر سابق وأنظر جذور الأنحراف بقلم حسين عبد الله المعتوق – ص 179: 196- دار الكاتب العربى –ص.ب. 355/25-غيبرى بيروت – الطبعة الأولى 2002م. أنظر ايضا كتاب يوم أنحدر الجمل من السقيفة – ص 40-84- بقلم نبيل فياض – دار الكنوز الادبية بيروت لبنان ص.ب7226/11 بيروت لبنان . انظر الخلافة ونشأة الأحزاب الاسلامية د. محمد عمارة – المؤسسة العربية للدراسات والنشر ص.ب. 5460/11 بيروت لبنان الطبعة الاولى آب (اغسطس) 1977م) .

 

صلاحية القرآن لكل زمان ومكان :

نقل الشيخ خليل عبد الكريم عن الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت فى تعريفه للإسلام قوله :" إن الإسلام هو هو الصراط المستقيم وهو عبارة وردت فى القرآن العظيم أكثر من ثلاثين مرة وتدل على العديد من المعانى ومثلها رغم سموها لا تصلح أن تغدو تعريفا أو تمنح معنى منضبطا بخلاف المعنى الذى جاءت به نصوص التأسيس وخلاصة الانقياد والطاعة والاستسلام خلال أعتناق العقيدة المخصوصة والمحددة التى بشر بها (المنصور) وفى حال حياته : الاعتراف ب الدولة التى أسسها فى أثرب .

ثم يضيف إلى معنى الإسلام أو التعريف بدالته أنه الشريعة الخالدة لكل زمان ومكان .

إن الشيخ شلتوت تربع على كرسى مؤسسة الشئون التقديس فى مصر أى وصل إلى أعلى منصب دينى فى العالم الإسلامى .

 

وكما قال عمر بن الخطاب ل أبى عبيدة بن الجراح (لو غيرك قالها يا أبا عبيدة)! وصارت مثلا فـ نحن بدورنا نقول له (لو غيرك قالها يا شلتوتا)! .

فـ الإسلام عقيدة خالدة صالحة لكل زمان حقيقية لا يمارى فيها إلا لجوج ولا يعارضها إلا شكس ولا يشكك فيها إلا عنيد مخطئ .

أما الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان فإن صاحب الفضيلة أو فضيلة الصاحب لا يعدم من يحاجه ويسائله ما رأيك فى :

 

= الرق ملك اليمين والإماء والعبدان .. إلخ هل تجرؤ دولة إسلامية الآن على تقنينها ؟

= تقسيم الإسلاب والغنائم على المقاتلين ونصيب الراكب (= الذى معه فرس) ضعف نصيب الراجل أيمكن أن يتم فى أى جيش الإسلامى ؟

= صلاة الخوف من ميدان المعركة بعد استعمال الصواريخ والطائرات ..أيصلح حاليا لـ أدائها ؟

= معرفة مافى الأرحام بعد اختراع السونار ما الرأى فيها ؟

= صلاة الاستسقاء بعد ابتداع المطر الصناعى هل مازال لها محل؟

= والظهار بعد إمكانية معرفة من هو أبو المولود بعد تحليل عينة من دمه ونسيج جسمه .

= ما هى ضرورة عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها والأجهزة الحديثة فى دقائق معدودة من الميسور عليها الجزم بـ براءة الرحم أو علقه من المطلق أو الزوج المتوفى؟

= هل من التلازم موافقة ذى رحم محرم للمرأة فى وسائل النقل الحديثة ؟

= يمكن تخدير السارق تخديراً كليا ف لا يشعر ب ألم قطع يده!

= أولا يستطيع الطب الحديث إعادة اليد ب عملية جراحية بسيطة !!

= هل -فى جريمة الزنا- من الحتم إقامة الدليل عليها وجود أربعة رجال يرون الميل فى المكحلة أو يجوز شرعا إثباتها ب التسجيل = الصوت والصورة وأيهما أقوى ؟

= الذى يسرق ربع أو نصف دينار أى خمسة جنيهات على الأكثر تقطع يده والذى يشترى بضاعة ب ربع مليون جنيه (مثلا) ويعطى صكا (شيكا) بدون رصيد لا يقطع له أصبع واحد وكذا من يختلس مئات الألوف من المال العام...!

ويستمر ذلك المتسائل فى إبداء ملاحظاته:

- شهادة المرأة نصف شهادة الرجل هل هذه القاعدة تتفق مع وضع المرأة هذه الأيام بعد حصولها على أعلى الشهادات من أرقى الجامعات ؟

 

- وكذا نصيبها فى الميراث هل ينسجم حاليا بعد أن تغيرت الأوضاع الاجتماعية ب الكلية عن مثيلاتها وقت أن ظهرت النصوص التى شرعتها .

 

ألا يحتاج التأكيد – يا صاحب الفضيلة – على خلود الشريعة وصلاحيتها ل كل زمان ومكان إلى مراجعة مستأنية ؟

 

   إن من البديهى أن هذا المتسائل ينتظر ردودا من الفعل لا من النقل .

لقد قدمنا هذين المثلين كبرهان على أن النصوص المقدسة التأسيسية أكثر صراحة وأوفى طبيعية وأنضر وجها فيما تقدمه من مكان ودوال وقيم مما طرحه ويطرحه المفسرون والأصوليون والفقهاء قدامى ومحدثون ".

(النص المؤسس – خليل عبد الكريم – السفر الثانى ص 122: 124- دار مصر المحروسة للنشر – الطبعة الأولى –القاهرة 2002 – رقم الإيداع 2035/2002)

 

لذلك يقول حسين أحمد أمين :" إن الإفتراض الأساسى فى الدين – أى دين – هو أن تعاليمه الواردة فى النص المقدس صالحة للكافة فى كل زمان ومكان ". 

(دليل المسلم الحزين – ص 97- دار سعاد الصباح للنشر- رقم الايداع 4840/1992- الترقيم الدولى 3-3470-00-977)

 

ويخبرنا دكتور محمود توفيق سعد (الاستاذ بجامعة الأزهر) :"ان هذا الافتراض موجود فيقول أن القرآن صالح ومصلح كل زمان ومكان .

(تغييب الإسلام الحق- ص4 – الناشر مكتبة وهبه بعابدين – الطبعة الأولى 1996- رقم الإيداع 11620/95)

 

وحتى يتضح الأمر ندرس على سبيل المثال  الحدود الواردة فى القرآن  وهل تصلح لهذا الزمان ؟! ، ولم نرى أفضل من دراسة مستشار مسلم هو المستشار محمد سعيد العشماوى :

[(1) حد السرقة : فى القرآن :" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "

(المائدة:38،39) .

ويقصد بالسرقة المحدود عليها ، أخذ المال على وجه الخفية والاستتار ، فلا يدخل فيها – بهذا المعنى – المختلس والمنتهب ( روى عن النبى أنه قال :" ليس على الخائن ولا على المختلس قطع " وأنه قال :"ليس على المنتهب قطع" . كما روى عن على بن أبى طالب أنه سئل عن المختلس والمنتهب فقال "تلك لا شئ فيها" ) . والمختلس هو من يخون الأمانة ، فيحوز الشئ لصالح غيره ثم يغير نيته فيحوزه لنفسه ، أما المنتهب فهو الخاطف .

    ويشترط لهذه السرقة أن يكون المسروق مالا متقوماً ، أى تحسب له قيمة ، لا شبهة فى قيمته ولا قصور ، وأن يبلغ قيمة معينة (اختلف فيها إذا كان الحد الأدنى دينار أو عشرة دراهم ) ، وألا تكون للسارق شبهة ملك فيه ، وأن يكون فى حزر يخرجه منه وينقله إلى غير مكانه .

 

    وأضاف البعض اشتراط العود ، أى تكرار السرقة حتى يصدق على الشخص وصف السارق الذى ورد فى الآية ، وهو وصف لا يتحقق بفعل واحد وأنما يلزم له التكرار . كما استلزم البعض ألا تكون بالسارق حاجة لما سرقه . فقد رفض عمر بن الخطاب أن يقيم حد السرقة على غلمان لعربى سرقوا ناقته ، لما رآه من أنهم سرقوا الناقة مضطرين لجوعهم وحاجتهم إلى سد رمقهم .

 

    من ذلك يخلص أن حد السرقة يتطلب شروطاً يصعب أن تتحقق فيلزم بها الحد ، وهو لا ينطبق على من يسرق أموال الدولة ، لأن لكل فرد حقا فى مال الدولة ، وهذا الحق هو ما يسمى شبهة الملك فى المال ، ترتفع به الجريمة فلا تقوم . هذا فضلاً عن عدم انطباق النص على المختلس الذى يحوز مال الحكومة أو أى مؤسسة ثم يغير نيته فيحوز لنفسه ما كان يحوزه للحكومة –أو الهيئة – خائناً بذلك الأمانة . 

 

(2) حد الزنا : نزل تأثيم الزنا ، وتقدير عقوبته – على ثلاث مراحل :

الأولى :" وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً " (النساء: 15) .

والعقوبة فى هذه الآية هى الحبس فى البيوت حتى الموت أو قيام سبيل من الله .

وفى الثانية :" وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا " (النساء 4: 16) والعقوبة فى هذه الآية هى مجرد الإيذاء غير المحدد ، والذى يحدده ولى الأمر فى كل حالة على حدة حسب ظروفها .

وفى الثالثة :" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ " (النور: 2)

 

فالعقوبة على الزنا – فى القرآن- هى الجلد مائة جلدة لكل من الزانى والزانية ، غير أن النبى عاقب بالرجم ، وقيل فى ذلك أنه كانت ثمة آية فى سورة الأحزاب تقضى برجم الزانى والزانية المحصنين "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما لبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم" : وأن نص الآية قد نسخ أى رفع من القرآن ، وبقى حكمها – وهو الرجم- ساريا . ويؤخذ على هذا القول أن ليس ثمة حكم فى الإسلام قد نُسخ نصه بالرفع من الآيات وبقى مع ذلك ، وأن عقوبة الرجم أخطر من أن يُنسخ نصها ويبقى حكمها ، هذا فضلا عن الآية المقال بأنها نُسخت ليست من النسيج البيانى للقرآن .

ورُوى فى الحديث أن "الثَّيب بالثيب جلد مائة والرجم" كما رُوى أن النبى قضى على فتى زان بالجلد والتغريب وقضى على شريكته –وهى محصنة بالرجم...

 

     وبعد ذلك ، فإن المقصود بالزنا – المحدود عليه – أن يولج الرجل قضيبه فى فرج المرأة – كالمررد فى المكحلة- بحيث لا يمر بينهما خيط ، فلا يقام الحد إذا حدثت ملامسة أو أمكن أن يمر الخيط. كما يُشترط لإقامة الحد أن يرى الفعل – رأى العين- أربعة شهود عدول .

 

     فجريمة الزنا – فى التشريع الإسلامى- بأركانها وشروطها ، جريمة من الصعب إثباتها . وهى –إن حدثت بصورة يمكن إثباتها – تكون أدنى إلى الفعل العلنى الفاضح – فى مفهوم التشريع الجنائى المعاصر- الذى لا يتروع عن الظهور أمام الملأ بما يخدش الحياء ويشيع الفاحشة بين أبناء المجتمع . ذلك أنها إن حدثت فى الخفاء أو دون أن تتوافر أركانها أو بغير أن يشهدها أربعة عدول ، تفلت من احد المقرر وتصبح إثما دينيا ملعونا فى الدنيا مجاوى عليه فى الآخرة.

 

(3) حد القذف : وفى القرآن :" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (النور: 4-5).

وفى القرآن –كذلك- " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " (النور: 23).

فكلتا الآيتين أثمت قذف المحصنات ، والآية الأولى وحدها هى التى بينت قدر العقوبة (بما أصبح يعرف بالحد).

 

    وفضلا عن عقوبة الجلد ، فإن الآيتين ألحقتا بالقاذف وصف الفسق ولعنه فى الدنيا والآخرة ، كما قدرت الآية الأولى جزاء آخر ، هو إسقاط شهادته ، وعلة ذلك أنه لم يصبح بما اقتراف عدلا يمكن أن يُركن إلى صحة قوله . فالآية – بهذا التقدير- جزء من النسيج الإسلامى الذى قصد أن يكون المجتمع كله فاضلا تقيا، وأن يستبعد من صميمه كل من يتيقن أنه حاد عن العدل أو جاوز الفضل أو عبث بالتقوى .

 

  وواضح أن الحكم القرآنى اقتصر على تأثيم قذف المحصنات من النساء وأنه لم يؤثم قذف الرجال . ]   

(أصول الشريعة- ص 121: 126- مصدر سابق . أنظر ايضا الشريعة والقانون والإسلام السياسى لنفس المؤلف ومقالاته فى مجلة أكتوبر فى أبريل 1988م)

 

واضح من النماذج الثلاثة أن تطبيق الحدود القرآنية إن كان يساير زمن النبى فإنه لا يساير هذا الزمن!!

 

لذلك يقول الدكتور سيد القمنى (استاذ الفلسفة الإسلامية – جامعة عين شمس): أن أحكام الشريعة إن لم تتكيف مع المتغيرات باجتهاد واضح فإنها ستؤول وحدها إلى الظل ثم إلى التعطل كما تعطلت أحكام آيات قرآنية أخرى تصل إلى حوالى ثلاث وعشرين آية ، تتعلق بالرق والسبايا وملك اليمين ، بعد أن ارتقى البشر عن تلك الوصمة التى لطخت جبين البشرية طويلا .

(السؤال الآخر – ص223– الكتاب الذهبى – كتاب شهرى – مؤسسة روز اليوسف – الطبعة الاولى فبراير 1998 – رقم الايداع 4026/98.)

 

    وإذا كان بعض الفقهاء قالوا بتقديم المصلحة على النص إذا تعارضا .. فهذا يتعارض مع كونه صالحا لكل زمن ومكان .                  (نقد الخطاب الدينى – ص120- مصدر سابق)

 

     وبالنسبة لفترة العدة مثلاً وهى أربعة أشهر وعشر لاستبراء الرحم يقول عبد الهادى عبد الرحمن:" بغض النظر النظر عن الحديث المنسوب الى ابن مسعود من أن تكون الجنين يأخذ أربعة أشهر حتى تنفخ فيه الروح ، وهو تفسير قد يكون مقبولا لابن مسعود وغيره فى وقتها ، فإن المحدد لمدة العدة هو ظهور الحمل من عدمه ، فإن كان الناس يتأكدون من وجود حمل المرأة بعد هذه المدة (الأربعة أشهر وعشر ليال) ، فما بال ناس هذا العصر الذين يستطيعون التيقن من حمل المرأة فى فترة مبكرة جدا من الحمل – وقد يختصر هذا الوقت كثيراً فى المستقبل – وذلك حين نمد الخط على استقامته ؟ هل يتيح لنا الاجتهاد (الجابرى) أن نعتبر فترة العدة تنتهى وقت التيقن من عدم الحمل بإحدى الوسائل العلمية الحديثة ؟ ألسنا فى الحالة هذه سنخالف النص صراحة أو سنتجاوزه أو ننساه ، وهنا سنسقط فى فخ (الأيديولوجيا) .

(سلطة النص – ص237- سينا للنشر بالقاهرة – الانتشار العربى ببيروت – الطبعة الاولى 1998- الترقيم الدولى       1 84110178  ISBN)

إشكالية الزيادة والنقصان فى النص ونماذج من الإختلاف بين مصاحف الصحابة ..

      يقول صالح الوردانى :"توجد الكثير من الروايات لدى السنة والشيعة تشكك فى القرآن وتتحدث عن زيادته ونقصانه وتثير الشبهات من حوله .... "

(المناظرات – ص22-مركز الحضارة العربية – الطبعة الاولى 1999-رقم الايداع 10286/9-الترقيم الدولى 5-05-5751-977)

فما صحة هذا الكلام ؟

 

روايات أهل السنة :

عن عمر قال: "إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإنى أخشى أن يستحر(يشتد) القتل بالقرّاء فى المواطن فيذهب كثير من القرآن،....

(صحيح البخارى- (65) كتاب تفسير القرآن- حديث 4679- ضبط وتحقيق طه عبد الرؤف سعد- مكتبة الايمان بالمنصورة )

 

وتقول د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)* تحت عنوان التقويم الإسلامي للهجرة:

استُشهد في موقعة اليمامة وحدها خمسمائة (500) أو أكثر من حفَظَة القرآن وكان محفوظاً في الصدور.                 (جريدة الأهرام – 13/7/1995م)

وتحت عنوان قتل أكثر القُرّاء في واقعة اليمامة، يقول إبن الخطيب:

" في واقعة اليمامة، مات من المؤمنين خلق كثير، منهم سبعمائة (700) من القُرّاء. فلما رأى عمربن الخطاب (رض) ما وقع بأكثر القراء، خشي على مَن بقي منهم"

(الفرقان لابن الخطيب– ص34–دار الباز للنشر والتوزيع– عباس أحمد الباز – مكة المكرمة – دار الكتب العلمية – بيروت لبنان)

 

عن النبى قال: "رحم الله "فلانا" لقد اذكرنى كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا وكذا "

(صحيح البخارى (66) – كتاب فضائل القرآن – حديث5042- مصدر سابق)

وفى رواية أخرى: "يرحمه الله لقد أذكرنى كذا وكذا آية من سورة كذا" .

(حديث 5037-المصدر السابق)

ومعلوم قول القرآن:"سنقرئك فلا تنسى" ( الأعلى:6)

والحديث السابق رواه أيضا : الإمام أحمد ، والبيهقى فى الكبرى ، وأبو داود، والقاضى عياض فى الشفا ، والزبيدى فى اتحاف السادة المتقين ، والمتقى الهندى فى كنز العمال .

(انظر جمع الجوامع الكبير للسيوطى(ج4) –ص 361- (15 مجلد) – حديث 12498- تحقيق خالد عبد الفتاح شبل – طبعة أولى 2000م – دار الكتب العلمية ببيروت)

عن عائشة قالت: "كان فيما أنزل من القرآن :عشر رضعات معلومات يحرمن .ثم نسخن :بخمس معلومات . فتوفى الرسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن".
(صحيح مسلم-(17)كتاب الرضاع- باب التحريم بخمس رضعات –حديث 1452-دار ابن الهيثم – طبعة 2001- رقم الايداع 18725/2003م- رواه ايضا الترمذى حديث 1150)

 

ومعلوم ان القرآن ليس فيه أى شئ عن الرضاعة، فأين ذهبت؟؟

 

وروى ابن أبى داود : قالت عائشة:" لقد نزلت آية الرجح ورضعات الكبير عشر وكانت ورقة تحت السرير فى بيتى، فلما أشتكى رسول الله (ص) تشاغلنا بأمره (فدخلت) ربيبه(داجن) لنا فأكلتها،تعنى الشاة .رواه ابن ماجه – حديث رقم 1510 –حديث حسن .

(كتاب الزواج واولاد الطلاق والرضاع – محمد ناصر الدين الألبانى ص 328 – الناشر مكتبة التربية العربية لدول الخليج الرياض – الطبعة الثالثة 1408هـ -أنظر ايضا نواسخ القرآن لابن الجوزى (508-597هـ) – دار الكتب العلمية – بيروت – ص.ب9424/11) .

 

وقد علق الدكتور سيد القمنى (استاذ الفلسفة الاسلامية بجامعة عين شمس ) على هذه الرواية بقوله : ان النسخ كان لابد من وقوعه فى عهد الرسول (ص ) نفسه بينما السيدة عائشة (رض) تؤكد أن الرسول قد توفى وتلك الآية مما يقرأ فى القرآن .

(الاسطورة والتراث ص 266-سينا للنشر –الطبعة الثانية 1993 رقم الايداع 9299/1991 الترقيم الدولى 8-12-5140-977)

 

عن أبى موسى الأشعرى قال :"إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها فى الطول والشدة بسورة براءة فأُنسيتها . غير أنى حفظت منها : "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا . ولا يملا جوف ابن آدم إلا التراب .." (رواه مسلم واخرجه الحاكم فى المستدرك عن أُبى بن كعب).

 (صحيح مسلم-كتاب الزكاة- (39) باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا – حديث (1050) – مصدر سابق . انظر ايضا الاتقان فى علوم القرآن للسيوطى باب ناسخة ومنسوخة- ص 48-مصدر سابق)

 

وقال أيضا فى نفس الحديث: وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات. فأنسيتها (وفى لفظ :نسيناها) . غير أنى حفظت منها :

"يا أيها الذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة فى أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة" .                           (المصدرين السابقين)

يعلق الشيخ محمد محمود ندا (مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الاوقاف) : كيف ينتقل النبى (ص) من الدنيا وهناك قرآن تتلوه الألسنة ثم ينسيه الله الناس بعد النبى (ص) ؟ ...أليس هذا مدخلا للطعن والتزوير ؟!

(النسخ فى القرآن بين المؤيدين والمعارضين – ص59- مكتبة الدار العربية للكتاب- الطبعة الاولى 1996- رقم الايداع 8002/1996 )

 

وعن زر قال:  قال لى أُبى بن كعب كأين تقرأ سورة الأحزاب ؟ أو كأين تعدها ؟ (أى :كم آية تقرأ؟ وكم آية تعد هذه السورة؟) قال :قلت ثلاثاً وسبعين آية . فقال: قط ! لقد رأيتها وإنها لتعادل "سورة البقرة" ، ولقد قرأنا فيها:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، نكالا من الله، والله عليم حكيم" رواه الامام أحمد والنسائى وقال ابن كثير هذا إسناد حسن .

(تفسير ابن كثير – سورة الاحزاب- المجلد السادس(8 مجلدات) – ص376- طبعة دار الشعب)

 

وفى رواية اخرى عن زر بن جبيش قال : قال لى أبى بن كعب (وهو واحد من أربعة قال النبى خذوا القرآن عنهم ) :"كأىّ تعد سورة الأحزاب ؟ قلت : اثنين وسبعين آية :أو ثلاثاً وسبعين آية . قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم .  

(الإتقان فى علوم القرآن – ص 48 - مصدر سابق)

 

وعن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ فى زمن النبى (ص) مائتى آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن .

(الاتقان فى علوم القرآن – ص48- مصدر سابق)

 

عن أبى أمامة بن سهل : أن خالته قالت: " لقد أقرأنا رسول الله (ص) آية الرجم"

(المصدر السابق –ص48)

 

وروى أبو عبيد ... عن عمر قال : كنا نقرأ :" لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم" . ثم قال لزيد بن ثابت :"أكذلك ؟ قال نعم"

(المصدر السابق. أنظر أيضا صحيح البخارى(87)-كتاب المحاربين(17) باب رجم الحبلى – حديث 6830- مصدر سابق)

 

وعن أنس: فى قصة بئر معونة الذين قتلوا ، وقنت يدعو على قاتليهم – قال أنس :ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع :"أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا " رواه البخارى ومسلم.

(الإتقان فى علوم القرآن – ص49- مصدر سابق.  مسلم [33] كتاب الإمارة . البخارى [56] كتاب الجهاد والسير . والحديث فى اللؤلؤ والمرجان فيما أتفق عليه الشيخان – كتاب الإمارة – ص409 – حديث 1242-دار الحديث- طبعة 2003م رقم الايداع3958/1994م)

 

وعن ابن عمر قال: قرأ رجلان سورة اقرأهما رسول الله (ص) فكانا يقرآن بها ، فقاما ذات ليلة يصليان ، فلم يقدرا منها على حرف ، فأصبحا عاديين على رسول الله(ص) ، فذكرا ذلك له، فقال :"إنها مما نسخ ، فالهوا عنها "أخرجه الطبرانى فى المعجم الكبير.

(الإتقان للسيوطى –ص49- مصدر سابق)

 

عن عمر بن الخطاب قال :"... ، فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ووعيناها ... " رواة البخارى ومسلم

(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان  –ص349- مصدر سابق)

وعن زيد ابن أسلم قال : أن عمر خطب الناس فقال لا تشكّو فى الرجم ، فإنه حق ، ولقد هممت أن اكتبه فى المصحف ، فسألت أُبى بن كعب ، فقال(لعمر) :أليس أتيتنى وأنا استقرئها رسول الله (ص) ، فدفعت فى صدرى وقلت :"تستقرئه آية الرجم، وهم يتسافدون تسافد الحُمُر ؟"    

(الاتقان للسيوطى – ص51- مصدر سابق)

 

وعبارة عمر الأخيرة كناية عن انتشار الزنى بين المؤمنين كإنتشاره بين الحمير ، لذلك لو كتبت سترجم جموع غفيرة!!

لذلك يرى الدكتور القمنى :أن المرجح أن كتابتها كانت تعنى ابتعاد الناس وهم على تلك الحال عن الاسلام ، لشدة الحكم وغلظته ، ومن ثم كان لتلك الظروف والحجج دوراً واضحاً فى عدم تدوين "الشيخ والشيخة اذا زنيا" فى أى من الرقاع والصحف ، بحيث ظلت غير مدونه حتى زمن التدوين ، حيث استبعدها (زيد بن ثابت) بدوره كما فى روايته مع ( مروان بن الحكم ، فجاء المصحف العثمانى خلواً منها ، لكن الاصرار على العمل بحكمها ، كان فيما يبدو ، مدعاة لنشؤ باب ( ما نسخ تلاوته وبقى حكمه) ، تندرج منه ، وبذلك لم يعد حكم الجلد بديلا لحكمها ، وبحيث بدأ الأمر غير منطقى فى رأى (ابن الحصار) .            (الاسطورة والتراث ص 265 – مصدر سابق)

اخرج النسائى : أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت : ألا تكتبها فى المصحف ؟ قال : ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان! ولقد ذكرنا ذلك ، فقال عمر : أنا أكفيكم ، فقال : يا رسول الله ، اكتب لى آية الرجم . قال : " لا تستطيع " .

(الاتقان فى علوم القرآن –ص51- مصدر سابق)

 

والسؤال: كيف يترك زيد آية الرجم لانها تخالف حكم الشابين المحصنين ؟

أخرج الحاكم عن طريق كثير بن الصلت ، قال : كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف ، فمرّا على هذه الآية ، فقال زيد : سمعت رسول الله (ص) يقول :" الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " ، فقال عمر : لما نزلت أتيت النبى (ص) فقلت : أكتبها؟ فكأنه كره ذلك ، فقال عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جُلد ، وأن الشاب إذا زنى وقد أُحصن رُجم .

فقال ابن حجر فى شرح المنهاج : فيستفاد من هذا الحديث السبب فى نسخ تلاوتها ، لكون العمل على غير الظاهر من عمومها .

قلت(السيوطى) : وخطر لى فى ذلك نكتة حسنة ، وهو أن سببه التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها فى المصحف ، وإن كان حكمها باقيا ، لأنه أثقل الأحكام وأشدها ، وأغلظ الحدود ، وفيه الإشارة إلى ندب الستر .                  (الإتقان فى علوم القرآن –ص50 – مصدر سابق)

 

السؤال :كيف تحذف آية من القرآن بسبب اعتراض بعض المكلفين عليها؟

 

روى الحاكم فى المستدرك (2/330-331) عن حذيفة قال : ما تقرؤون ربعها .يعنى براءة . قال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبى .     

(النسخ عند الأصوليين - للدكتور على جمعة(مفتى الجمهورية) ص 61 – نهضة مصر للنشر رقم الايداع 3519/2005، أنظر ايضا الاتقان فى علوم القرآن- ص49- مصدر سابق)

 

قال عمر لـ عبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا :"أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة "؟فإنا لا نجدها ! قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ." رجاله رجال الصحيحين

(أنظر النسخ عند الاصوليين ص 62 – مصدر سابق ، وانظر أيضا الإتقان ص49-المصدر السابق)

 

قال مسلمة بن مخلد الأنصارى ذات يوم :أخبرونى بآيتين فى القرآن لم يكتبا فى المصحف؟ فلم يخبروه – وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك – فقال مسلمة :"إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ... والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم..."          (الإتقان-ص49- مصدر سابق)

 

لذلك قال ابن عمر : "لا يقولن أحدكم : قد أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كله ؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر" . رواه ابو عبيدة فى فضائل القرآن (ح699). قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية إسناده صحيح على شرط الشيخين (البخارى ومسلم) ، ورجاله من مشاهير الرواة .  

(النسخ عند الأصوليين - ص63 – مصدر سابق- أنظر أيضا الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى – ج2- ص48-(ناسخه ومنسوخه) – طبعة 2003م – 1424هـ- دار الكتب العلمية – بيروت)

 

ولحل هذا الاشكال قال كثير من العلماء عن هذا الكم من الآيات والسور والتى لا نراها فى قرآن عثمان الموجود بين أيدى المسلمين اليوم هو من أنواع النسخ :

النوع الأول : نسخ الحكم مع بقاء التلاوة .

النوع الثانى : نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.

النوع الثالث : نسخ الحكم والتلاوة معاً.

والنوع الاول كان لحل إشكال التعارض بين النصوص ويعلق الشيخ ندا على هذا النوع بقوله : واستشعر هؤلاء العلماء وجود معارضة على هذا القول مؤداها أن بقاء التلاوة مع نسخ الحكم يوقع المكلف فى لبس ، إذ يوهمه بقاء الحكم مع وجود التلاوة فيتورط العبد فى اعتقاد فاسد ، ومحال على الله أن يشكك عباده فى أمر ما .

(النسخ فى القرآن بين المؤيدين والمعارضين –ص67 – مصدر سابق)

 

أما النوعين الآخرين فكانا لحل إشكال وجود زيادة ونقصان بالنصوص – أى تحريف!

ولكن المشكلة التى تواجه القائلين بهذين النوعين من النسخ هى :

 

1-كيف يقع النسخ دون بدل ، حيث يقول القرآن : لا ما ننسخ من آية أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها"  (البقرة:106)

2- ما الحكمة فى رفع التلاوة مع بقاء الحكم ؟ وهلا بقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟

3- ان لفظ الآية ذريعة الى معرفة الحكم ،فإذا نسخت الآية دون الحكم أشعر ذلك بارتفاع الحكم ، وفى هذا تعريض للمكلف لاعتقاد الجهل ، وهو قبيح من الشارع .

4- أن نسخ التلاوة مع بقاء الحكم خال من الفائدة ، وما كان ذلك كان عبثاً يستحيل على الله تعالى ، فيكون نسخ التلاوة دون الحكم باطلاً .

5- فى آية الرجم مثلاً قدم السيوطى تفسيراً سبق ذكره . فإذا كانت العبرة من النسخ هو غلظ الحد وقسوته أفلا يكون نسخ الحكم بدوره هو الأكثر منطقية ؟

6- يقول الشيخ ندا : إذا كانت هناك أحكام لم توجد صراحة فى كتاب الله فإن ذلك لا يستدعى القول بأنها كانت موجودة ونسخ لفظها وبقى حكمها . فإن هذا القول مدعاة للقول بأنه لا حكم إلا للقرآن فما لم يأت عن طريق القرآن فلا داعى له ولا يجب العمل به ، وذلك باب من ابواب الفتنة كبير .       

(النسخ فى القرآن بين المؤيدين والمعارضين ص65- مصدر سابق)

 

 

 

لذلك يقول الشيخ محمد حسين العاملى عن :

أ-نسخ التلاوة والحكم مثل (حديث الرضاعة عن عائشة) : إن هذا النوع من النسخ قول شاذ وهو يلازم القول بالتحريف فى الكتاب العزيز ...

 

ب- نسخ التلاوة دون الحكم (مثل آية الرجم) : إن القول بنسخ التلاوة دون الحكم لا يفارق التحريف قيد شعرة فإن الظاهرمن الرواية أن الاسقاط لم يتم بأمر من النبى (ص) وإنما تم بعد مفارقته الدنيا وهذا هو القول بالتحريف .

 

إن لفيفاً من علماء السنة التجأوا إلى تصحيح هذا النحو من النسخ ليصححوا بذلك ما ورد من الروايات حول التحريف بغية التجنب عن القول به ، فكلما أورد عليهم بما فى كتبهم فى سقوط آيات من المصحف الكريم أجابوا بأنها من قبيل النسخ فى التلاوة .

(النسخ والبداء فى الكتاب والسنة – ص12: 14-دار الهادى ص.ب. 286/25 - طبعة 1997 – غبيرى- بيروت –لبنان)

 

وعن الاختلاف بين مصاحف الصحابة :

قال أبو عبيد : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج : أخبرنى ابن أبى حميد ، عن حميدة بنت أبى يونس قالت : قرأ على أبى – وهو ابن ثمانين سنة- فى مصحف عائشة: (إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، وعلى الذين يصلون الصفوف الأوَل" . قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف. قال ابن جريج : وأخبرنى ابن ابى حميد عن عبد الرحمن بن هرمز وغيره مثل ذلك فى مصحف عائشة . واخرجه ابن الجوزى فى نواسخه عن طريق ابن ابى داود .

(النسخ عند الاصوليين ص 63 – مصدر سابق – انظر ايضا الاتقان فى علوم القرآن - ص48 مصدر سابق أنظر أيضا المصاحف للسجستانى – باب اختلاف مصاحف الصحابة- مصحف عائشة )

 

ويعلق الشيخ محمد محمود ندا قائلاً: وفى هذا طعن فى خليفة المسلمين عثمان ، وطعن فى القرآن أيضا ..              ( النسخ فى القرآن بين المؤيدين والمعارضين –ص59- مصدر سابق)

 

عن هشام عن أبيه قال : كان مكتوباً فى مصحف عائشة (س2آ 238) "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر" اخرجه الامام مالك تحت رقم 348 والامام مسلم تحت رقم 629 ، وابو داود تحت رقم 410 .

(كتاب المصاحف للسجستانى- تحقيق واعداد د.جمال محمد أبو زيد ص 81- الناشر : مكتبة الحرية – رقم الإيداع 7622/2006 )

 

● جاء في تفسير الطبري والامام الرازي والامام السيوطي وغيرهم أن عبدالله بن مسعود   ( وهو من هو ) وعبد الله بن عباس (وهو حبر الأمة وترجمان القرآن ) وأبي بن كعب     ( وهو اشهر كتاب الوحي ) كانوا يرون ان هذه الاية نزلت في المتعة , وجميعهم كان يقرأها قراءة مختلفة نصها " فما أستمتعتم به منهن إلي أجل مسمي  فآتوهن أجورهن فريضة " بإضافة ( إلي أجل مسمي ) , ويقسمون أنها هكذا نزلت , وعلي هذا تابعهم – في ذات المراجع – تابعون أجلاء مثل مجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب وغيرهم كثير .

( كتاب زواج المتعة –د. فرج فودة – تقديم د. أحمد صبحي منصور الأستاذ بالأزهر ص 109 الدار العربية للنشر الطبعة الاولي يناير 1993 رقم الايداع 2837 /93 – الترقيم الدولي 5-24-5090-977 – أنظر أيضا كتاب الفرقان لابن الخطيب تحت عنوان : قراءة بعض الصحابة (رض )- ص106 وما بعدها – دار الباز للنشر مكة المكرمة – دار الكتب العلمية بيروت – لبنان )

 

نكتفى بهذه الامثلة من الإختلاف فى مصاحف الصحابة ، ويمكن الرجوع لكتاب الاتقان للسيوطى ج1 والمصاحف للسجستانى أو كتاب الفرقان لابن الخطيب أو كتب علوم القرآن .

ويكفى قول بن أبى داود : انما قلنا مصحف فلان لما خالف مصحفنا هذا من الخط أو الزيادة أو النقصان أخذته عن أبى (ابو داود) رحمة الله هكذا فعل فى كتاب التنزيل .

(المصاحف للسجستانى- ص 53- مصدر سابق)

 

تعليق صالح الوردانى على الروايات السابقة:

" ومثل هذه الروايات كثيرة فى كتب السنة والفقه عند أهل السنة وهى على ما يبدو من ظاهرها توجب الكفر على من يعتقدها ، .."

(المناظرات – ص23- الهدف للنشر – مركز الحضارة العربية – رقم الايداع 10286/9 – الترقيم الدولى 5-05-5751-977 I.S.B.N)

 

وتحت عنوان عدد سوره وآياته جاء فى الأتقان للسيوطى :

 

[ وفى مصحف ابن مسعود 112 سورة (مائة واثنتا عشر سورة) لأنه لم يكتب المعوذتين . وفى مصحف أُبى ست عشرة ، لانه كتب فى آخره سورتى الحفد والخلع .

 

وأخرج أبو عبيد ، عن ابن سيرين ، قال : كتب أُبى بن كعب فى مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين و"اللهم إنا نستعينك" ، و" اللهم إياك نعبد" وتركهن ابن مسعود ، وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين.

 

ومن المشهور قول النبى (ص) : استقرئوا القرآن من أربعة:

"عبد الله بن مسعود ، فبدأ به ، وسالم مولى أبى حذيقة ، وأبى بن كعب ، ومعاذ بن جبل " رواه أحمد والبخارى ومسلم والترمذى .

(أحاديث الصادقة- حديث رقم 101 – ص 129- تحقيق وتوثيق محمد سيف الدين عليش-الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995- رقم الايداع :4778/1995- الترقيم الدولى2-4381-01-977)

 

وعن عبد الله بن زرير الغافقى قال : قال لى عبد الملك بن مروان : لقد علمت ما حملك على حب أبى تراب (يقصد على) إلا انك أعرابى حاف، فقلت : والله لقد جمعت القرآن قبل ان يجتمع ابواك، ولقد علّمنى منه على بن أبى طالب سورتين علمهما إياه رسول الله (ص) ما علمتهما أنت ولا أبوك :"اللهم "إنا نستعينك ونستغفرك ......"   "اللهم اياك نعبد ولك نصلى ونسجد ....."

وقال ابن جريج : حكمة البسملة أنهما سورتان فى مصحف بعض الصحابة .

وقال عبد الله بن عبد الرحمن عن ابيه قال : " فى مصحف ابن عباس قراءة أُبى وأبى موسى : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ...

                                    اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد، ...

وأخرج الطبرانى بسند صحيح عن أبى اسحاق قال : أمنا أُمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان ، فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك ونستغفرك ].  

(الاتقان للسيوطى ج1 – ص130، 131- مصدر سابق)

 

 روايات التحريف فى كتب الشيعة :

 

[ (1) أسماء الرجال : نقل العياشى رواية الامام ابى عبد الله (علية السلام) يقول فيها :"إن فى القرآن ما مضى وما هو كائن ، فيه أسماء الرجال فألقيت ، وإنما الاسم الواحد منه فى وجوه لا يحصى ، يعرف ذلك الوصاة (العياشى – كتاب التفسير- تحقيق المحلاتى – منشورات المكتبة العلمية الاسلامية طهران ج1 ص12)

 

(2) فى ولاية على : نقل الكافى رواية عن الإمام الصادق (علية السلام) فى قول الله عز وجل "من يطع الله ورسوله فى ولاية على والأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً وهكذا أنزلت " (الكلينى –الكافى ج1 ص341)        

(3) كلام الحسين (علية السلام) فى عاشوراء :

رُوى أن الحسين (علية السلام) خطب فى يوم عاشوراء قائلاً :"إنما أنتم من طواغيت الأمة ، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ومحرفى الكتاب" (المجلسى – بحار الأنوار- ج45 ص8)                     

 

(4) ومن الروايات الصحيحة السند ما رواه الكلينى فى كتاب الكافى عن "عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن الحجال ، عن أحمد بن عمر الحلبى عن أبى بصير قال: دخلت على أبى عبد الله (علية السلام) فقلت له : جعلت فداك إنى أسألك عن مسألة ... (إلى أن قال) ثم سكت [ أى الإمام الصادق(علية السلام)] ساعة ثم قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة(عليها السلام) وما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ قال :مصحف فاطمة فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد (الكلينى –الكافى –ج1-ص239-حديث1- الصفار – بصائر الدرجات ص152 حديث 3- المجلسى – بحار الانوار ج26- ص 39- حديث 70- الفيض الكاشانى –الوافى – منشورات مكتبة الامام أمير المؤمنين – اصفهان – الطبعة الاولى 1406هـ ج2 ص579-580- المظفر – علم الامام – منشورات مطبعة الحيدرية – النجف 1384هـ ص38) ... الى آخر الرواية .

ففى السند الرواة التالية أسماؤهم :

 

1- عدة من أصحابنا ، وقد صرح الكلينى بأسماء هذه العدة وفيهم الثقة قطعاً مثل على بن إبراهيم بن هاشم (أنظر :الحر العاملى –الوسائل (الخاتمة) تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت ، قم، ج30 ص147-148) .

 

2- أحمد بن محمد : وهو لا يخلو من اثنين قطعاً إما أحمد بن محمد بن عيسى وإما أحمد بن محمد بن خالد البرقى ، وهما من أعلام الشيعة وثقاتها (رجال النجاشى ص204-205-ورجال الطوسى ص366)

 

3- عبد الله بن الحجال وهو من قال فيه النجاشى ثقة ثقة . (رجال النجاشى ج2 ، ص30).

 

4- أحمد بن عمر الحالبى ، وهو ممن وثقه النجاشى أيضاً (رجال النجاشىج1 ص248)

 

5- أبو بصير ، والمنصرف منه ثقة ، كما لا يخفى على أهل التتبع والتحقيق (أنظر المحسنى بحوث فى علوم الرجال – مطبعة سيد الشهداء ، قم ، الطبعة الثانية 1403هـ ص229، 240)

(5) ومن الروايات الصحيحة السند ما رواه الكلينى أيضا فى الكافى عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب عن ابن عبيدة قال : سأل أبا عبد الله بعض اصحابنا عن الجفر فقال هو جلد ثور مملوء علماً ، قال فالجامعة ؟ قال تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً فى عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كل ما يحتاج الناس اليه ، وليس من قضية إلا وهى فيها ، حتى أرش الخدش قال :فمصحف فاطمة (عليها السلام) ؟ قال :فسكت طويلاً ثم قال : انكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون . إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرائيل (عليه السلام) يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون فى ذريتها ، وكان على (علية السلام) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة "

(أصول الكافى ج1 ص241 حديث5- الصفار ،بصائر الدرجات ص153-154،حديث 68- المجلسى ، بحار الانوار ج26 ص41 حديث 72 / ج22 ص545-546 حديث 63/وج43 ص79 حديث 67 /ج43 ص194-195 حديث 22 ابن شهر آشوب ، المناقب ، ج3 ص337 (أورده مختصراً).

 

وفى هذا السند الرواة التالية أسماؤهم :

1- محمد بن يحيى ولقبه العطار وهو الثقة العين كما عبر النجاشى .( رجال النجاشى ص250)

2- أحمد بن محمد وهو أحمد بن محمد بن عيسى(أنظر الكاظمى ، هداية المحدثين، تحقيق الرجائى، منشورات مكتبة المرعشى النجفى ، قم 1405 ص175) وقد تقدم أنه ثقة .

3- إبن محبوب وهو أما الحسن بن محبوب أو محمد بن على بن محبوب وكلاهما ثقة (أنظر :رجال النجاشى ج2 ص245.ورجال الطوسى ص372)

4- ابن رئاب وهو على بن رئاب الذى وثقه الشيخ فى رجاله ووصفه بأنه جليل القدر (أنظر:الطوسى،الفهرست ص87)

5- أبو عبيدة وهو زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذّاء (أنظر الخوئى ، معجم الرجال ج21 ص236) وهو ممن وثقة النجاشى (رجال النجاشى ج1 ص388).

ونقتصر فى بحثنا السندى على هاتين الروايتين لكفايتهما فى إثبات صحة القول بمصحف فاطمة (عليها السلام) ].

(حقيقة مصحف فاطمة عند الشيعة – بقلم اكرم بركات العاملى –ص128 وص69: 72- دار الصفوة بيروت – ص.ب.97/25-الطبعة الاولى 1418هـ،1997م)

قالوا فى التحريف:

- يقول أكرم بركات العاملى :"لم تقتصر كتب أهل السنة على ايراد الروايات الحاكية عن مصاحف محرفة ، بل ورد فيها روايات كثيرة تتحدث عن نقصان حدث فى القرآن ....... ولم تسلم كتب الشيعة من تلك الروايات ...      (حقيقة مصحف فاطمة ص 124- مصدر سابق)

- ويقول الشيخ محمد حسين الأصفهانى :" والأحاديث الظاهرة فى تغيير القرآن وتبديله والتقديم والتأخير والزيادة والنقيصة وغير ذلك كثيرة ، حتى نقل بعض العارفين المحدثين عن السيد نعمة الله الجزائرى أنه ذكر فى – الرسالة الصلاتية – أن الأخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفى حديث ، وذكر أنه لم يقف على حديث واحد يشعر بخلاف ذلك ، وقال : القرآن الموجود الآن ستة آلاف آية وستمائة وست وستون آية تقريباً، والمروى فى صحيحة هشام الجواليقى :"أن القرآن الذى نزل على محمد (ص) سبعة عشر ألف آية وفى رواية ثمانية عشر ألف آية ". (كما فى الكافى : ج2 ص634 باب النوادر فى فضل القرآن ح28 وأنظر هامش الصفحة المذكوره .

(آراء حول القرآن ص 89 –دار الهادى بيروت – ص.ب. 286/20 –الطبعة الأولى 1991م 1411هـ)

 

ويقول سماحة الله العظمى الإمام السيد على العلامة القانى الأصفهانى :"وأقول أن السيد نعمة الله (قده) قد استوفى الكلام فى هذا المطلب فى مؤلفاته كشرح التهذيب والاستبصار ورسالته منبع الحياة ، وأنا أنقل ما فى الرسالة لأن فيه كفاية ، قال (ره) :"إن الأخبار المستفيضه بل المتواترة قد دلت على وقوع الزيادة والنقصان والتحريف فى القرآن ، منها ما روى عن أمير المؤمنين (ع) لما سُئل عن التناسب بين الجملتين فى قوله تعالى :"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"(النساء:3) فقال: "لقد سقط من بينهما أكثر من ثلث القرآن " كما فى الاحتجاج :ج1 ص377

 

- وقال العلامة التقى المجلسى الأول فى شرحه –الفارسى – على – من لا يحضره الفقيه- فى باب ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه ، ما تعريبه : أو كان فى قرآن القوم لأنهم لم يذكروا أكثر الآيات والعامة أيضاً معترفون فى أكثر كتبهم ، إلا أنهم يقولون بأنها منسوخة ، وروى الكلينى بسند صحيح عن الصادق (ع) :"بأن قرآناً نزله جبرائيل على سيد المرسلين كان سبعة عشر ألف.آية (كما فى الكافى:ج2 ص634 باب النوادر فى فضل القرآن ح28) ، وتواترت الأحاديث على أن علياً (ع) جمع القرآن بعد النبى (ص) وعرضه على الصحابة وقال : هذا قرآن أنزله الله على الترتيب الذى نزله ، فقال المنافقون : لا حاجة لنا إلى قرآنك نحن نجمع القرآن ، فاجتمع منهم جمع جمعوا قرائين سبعة بسبع لغات من قريش ، وأودعها عمر فى زمن خلافته الى حفصة ، ولم يلتفت الناس الى القرآن لابتلائهم بالحرب الى زمن عثمان حيث أرسل الى حفصة وأخذه منها واختار من السبعة لغة وكتب ستة أو سبعة قرائين وأرسلها إلى أطراف العالم وأمر بإحراق كل قرآن ليس بقرآنه ، وروى بأنه أحرق أربعين ألفاً من القرآن ، منها قرآن عبد الله بن مسعود حيث طلب منه فامتنع من اعطائه وقال بأنى قرأته على النبى (ص) مكرراً ، فضربوه الى أن عارضه الفتق ، فأخذوا منه القرآن وأحرقوه ، ولذا لما أحصى الصحابة مطاعنه وكتبوها ، كان من جملتها إحراقه للمصاحف ، ومنها مصحف ابن مسعود الذى نقلوا أحاديث كثيرة فى فضله فى الصحاح الستة فافتوا – بعد الاستفتاء عن حكم من أتى بهذه الجرائم –بقتله فقتلوه ، ومن جملتهم كانت عائشة وتقول :اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا، وبعد قتله ادعت أن قتله كان بأمر من أمير المؤمنين (ع) ، وصار ذلك سبباً لقتل ستة عشر ألفا من الصحابة انتهى .

 

      وقال المحدث الجليل المولى أبو الحسن الشريف الفتوني العاملى الأصفهانى فى مقدمة تفسير – مرآة الأنوار- فى المقدمة الثانية : اعلم أن الحق الذى لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذى فى أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله (ص) شئ من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه على (ع) وحفظه الى أن وصل الى ابنه الحسن (ع) وهكذا الى أن انتهى الى القائم (ع) وهو اليوم عنده صلوات الله عليه ، ولهذا ورد صريحاً فى حديث سنذكره لما أن كان الله عز وجل قد سبق فى علمه الكامل صدور تلك الأفعال الشنيعة من المفسدين فى الدين ، وأنهم بحيث كلما اطلعوا على تصريح بما يضرهم ويزيد فى شأن على(ع) وذريته الطاهرين ، حاولوا إسقاط ذلك رأساً أو تغييره محرفين.                               (آراء حول القرآن –ص95-97 –مصدر سابق)

 

       وتحت عنوان :من القائلون بالتحريف؟ قال مؤلف كتاب "دبستان المذاهب " :"وقوع التغير والنقصان هو مذهب الشيخ الجليل على بن إبراهيم القمنى شيخ الكلينى ، فى تفسيره صرح بذلك فى أوله ، وملأ كتابه من أخباره ، مع التزامه فى أوله بأن لا يذكر فيه إلا مشايخه وثقاته . ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكلينى رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة فى هذا المعنى فى كتاب الحجة ، خصوصا فى باب النكت والنتف من التنزيل ، وفى الروضة ، ومن غير تعرض لردها أو تأويلها (أنظر دراستنا لكتاب الحجة من الجزء الاول لأصول الكافى ، وكذلك دراستنا لروضة الكافى، فى كتاب أثر الإمامة فى الفقة الجعفرى وأصوله ص296: 355) .

 

      واستظهر المحقق السيد محسن الكاظمى فى شرح الوافية مذهبه من الباب الذى عقده فيه وسماه "باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام" ، فإن الظاهر من طريقته أنه إنما يعقد الباب لما يرتضيه .قلت: وهو كما ذكره ، فإن مذهب القدماء تعلم غالباً من عناوين أبوابهم ، وبه صرح أيضا العلامة المجلسى فى مرآة العقول . وبهذا يعلم مذهب الثقة الجليل محمد بن حسن الصفار فى كتاب البصائر من الباب الذى له أيضاً فيه ، وعنوانه هكذا "باب فى الأئمة أن عندهم لجميع القرآن الذى أنزل على رسول الله (ص) " ، وهو أصرح فى الدلالة مما فى الكافى ، ومن باب "أن الأئمة محدثون" .

 

     وهذا المذهب صريح الثقة محمد بن إبراهيم النعمانى ، تلميذ الكينى صاحب كتاب الغيبة المشهور ، فى تفسيره الصغير الذى اقتصر فيه على ذكر الآيات وأقسامها ، وهو بمنزله الشرح لمقدمة تفسير على بن إبراهيم ، وصريح الثقة الجليل سعيد بن عبد الله القمى فى كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه كما فى المجلد التاسع عشر من البحار ، فإنه عقد فيه باباً ترجمته "باب التحريف فى الآيات التى هى خلاف ما أنزل الله عز وجل مما رواه مشايخنا رحمة الله عليهم من العلماء من آل محمد" (فصل الخطاب ص26،25).

 

    واستمر المؤلف فى ذكر القائلين بالتحريف (وممن ذكرهم محمد بن مسعود العياشى صاحب أحد تفاسيرهم المشهورة ،انظر ص26) إلى أن قال :"ومن جميع ما ذكرناه ونقلناه بتتبعى القاصر ، يمكن دعوى الشهرة العظيمة بين المتقدمين ، وانحصار المخالف فيهم بأشخاص معينين يأتى ذكرهم . قال السيد المحدث الجزائرى فى الأنوار ما معناه أن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف فى القرآن كلاماً ومادة وإعراباً والتصديق بها" (محمد بن مسعود العياشى صاحب أحد تفاسيرهم المشهورة ،انظر ص30).

 

      ثم قال :"ومن جميع ذلك ظهر فساد ما ذكره المحقق الكاظمى من انحصار القائل به فى على بن إبراهيم والكلينى، أو مع المفيد وبعض متأخرى المتأخرين"( محمد بن مسعود العياشى صاحب أحد تفاسيرهم المشهورة ،انظر ص31، 32) .

 

ثم أتهم الصحابة – خير أمة أخرجت للناس – بالكفر والعناد والجبروت والغباء ،ليصل إلى أنهم ليسوا أهلاً لجمعه كما أُنزل .

وأكثر من ذكر الروايات كرواية الكلينى عن الإمام الصادق :

"إن القرآن الذى جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد (ص) سبعة عشر ألف آية " .

وقال :"إن الأخبار الدالة على ذلك-أى التحريف – تزيد على ألفى حديث ، وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق والداماد والعلامة المجلسى وغيرهم .

 

ثم قال :"واعلم أن تلك الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التى عليها معول أصحابنا فى إثبات الأحكام الشرعية ، والآثار النبوية ، إلا كتاب القراءات لأحمد بن محمد السيارى ، فقد ضعفه أئمة الرجال ، فالواجب علينا ذكر بعض القرائن الدالة على جواز الاستناد إلى هذا الكتاب".

وقال أحد مفسرى الجعفرية (هو محمد بن مرتضى المدعو بمحسن ،انظر كتابه الصافى ج1 ص19) :"أما أعتقاد مشايخنا رحمهم الله فى ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكلينى –طاب ثراه- أنه كان يعتقد التحريف والنقصان فى القرآن ، لأنه روى روايات فى هذا المعنى فى كتابه الكافى ، ولم يتعرض لقدح فيها ، مع أنه ذكر أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ، وكذلك أستاذه على بن إبراهيم القمى ، فإن تفسيره مملو منه ، وله علو فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبى طالب الطبرسى قدس سره ، فإنه أيضاً نسج على منوالهما فى كتاب الاحتجاج ".

 

وقال أحد كتابهم المعاصرين فى مقدمة كتبها لتفسير القمى :"هذا التفسير ، كغيره من التفاسير القديمة ، يشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذى بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير ، وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكراها ، بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين عامة وخاصة ".

 

ثم ذكر القائمين بالتحريف فقال بأنهم :"الكلينى والبرقى ، والعياشى، والنعمانى ، وفرات بن إبراهيم ، وأحمد بن أبى طالب الطبرسى صاحب الاحتجاج ، والمجلسى ، والسيد الجزائرى ، والحر العاملى ، والعلامة الفتونى ، والسيد البحرانى ، وقد تمسكوا فى إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التى لا يمكن الإغماض عنها...

(مع الشيعة الاثنى عشرية فى الاصول والفروع –أستاذ دكتور على أحمد السالوس- أستاذ الفقه والأصول- كلية الشريعة –جامعة قطر-الجزء الثانى ص151: 154- دار التقوى للنشر – رقم الايداع 5573/1991- الطبعة الاولى 1997)

 

     ويقول الدكتور محمد حسين على الصغير (استاذ الدراسات القرآنية – جامعة الكوفة): "تشير روايات الأئمة من اهل البيت (ع) إلى أن علياً كان له مصحف غير المصحف المتداول ، وهذا يعنى التغاير بين المصحفين ، أو فرضية الزيادة والنقصان بين النصين ، وروايات هذا الباب كثيرة ، أبرزها ، قول الإمام على (ع) :

"يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالى على محمد عندى بإملاء رسول الله (ص) وخط يدى ،وتأويل كل آية أنزلها الله تعالى على محمد وكل حلال أو حرام ، أو حد أو حكم ، أو شئ تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ، فهو عندى مكتوب بإملاء رسول الله(ص) وخط يدى ، حتى أرش الخدش...(ظ: الخوئى البيان: 222 وما بعدها).

 

    ومنها ما فى احتجاجه (ع) على الزنديق من أنه :"أتى بالكتاب كملاً مشتملاً على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه ألف ولا لام ، فلم يقبلوا ذلك "    (ظ: الخوئى البيان: 222 وما بعدها) .

      ومنها ما رواه جابر بن عبد الله الأنصارى قال :"سمعت أبا جعفر يقول ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا على بن أبى طالب والأئمة من بعده عليهم السلام" (ظ: الخوئى البيان: 222 وما بعدها- الفصل الثانى نزول القرآن – الفقرة 6) .

(كتاب تأريخ القرآن –ص 165- دار المؤرخ العربى للنشر بيروت – ص.ب.124/24 – الطبعة الاولى 1999)

       وفى موضع أخر يقول الدكتور الصغير :"وهناك بعض الروايات عن الأئمة تدل بظاهرها على التحريف منها ما رواه جابر بن عبد الله عن النبى (ص) :" يجئ يوم القيامة ثلاثة يشكون ، المصحف والمسجد والعترة . يقول المصحف : يارب حرفونى ومزقونى ، ويقول المسجد : يارب عطلونى وضيعونى ، وتقول العترة : يارب قتلونا وطردونا ، وشردونا " (الخوئى البيان :288)                         

(المصدر السابق ص 166)

 

شكل المصحف ونقطه..

لم يكن مصحف عثمان بالنقط والشكل (التشكيل)!

ونقلا عن الجامع لآيات القرآن للقرطبى يقول دكتور نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية:

" وأما شكل المصحف ونقطه فروى أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والى العراق الحسن بن يعمير بذلك . وألف أثر ذلك بواسط كتاب فى القراءات . وأسند الزبيدى فى كتاب الطبقات إلى المبرد . إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلى . وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه يحيى بن يعمير".

(جريدة الاهرام - 14 يناير 1999- ص 20)

 

ويقول ابن الخطيب :" إن القرآن قد كتب فى المصحف الإمام ، بالرسم الأول بدون نقط ولا شكل .

وفى هذه الحال تزداد الكلمات عجمة على عجمة والتباساً على التباس (وذلك للخطأ الموجود فى الرسم الإملائى ، ولانعدام النقط والشكل ) ، وتصير قراءة القرآن على صحته مستحيلة أو أشبة بالمستحيلات " .

(كتاب الفرقان لابن الخطيب تحت عنوان : الخلاف بين الرسم القديم والهجاء الحديث – ص65 وما بعدها – دار الباز للنشرمكة المكرمة – دار الكتب العلمية بيروت – لبنان )

 

ومن المعلوم فى الفكر الإسلامى أن القرآن هو معجزة الإسلام وإعجازه لغوى فكيف يكتب فى اللوح المحفوظ بدون النقط والشكل وينزل هكذا مما أدى الى تعدد القراءات وتكفير البعض للبعض .

 

ويقول دكتور يوسف خليف(رئيس قسم اللغة العربية – كلية الآداب- جامعة القاهرة) :أما ضبط الكلمات بالشكل، أو – بعبارة أخرى – ضبط أواخر الكلمات بحركات الإعراب ، وهو ما يسمى بإعراب المصحف ، فقد تم على يد أبى الأسود الدؤلى قاضى البصرة أيام الأمويين المتوفى سنة 67 بأمر من أميرها زياد بن أبيه المتوفى سنة 53 ، وذلك لما كثر دخول الأعاجم فى الإسلام ، وفشا اللحن على ألسنة المتكلمين بالعربية . وكانت حركات الإعراب التى وضعها أبو الأسود نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة ، ونقطة تحته الدلالة على التنوين . أما وضع النقط على الحروف المتشابهة أو ما يسمى بإعجام المصحف فقد تم على يد نصر بن عاصم المتوفى سنة 99 وهو تلميذ أبى الأسود ، وكان ذلك فى أثناء ولاية الحجاج بن يوسف المتوفى سنة 95 على العراق . وقد وضعت هذه النقط على الحروف بمداد يخالف لون المداد الذى وضعت به نقط أبى الأسود تمييزاً بينهما . وأستمر الأمر على هذا الصورة حتى جاء الخليل بن أحمد المتوفى سنة 170 فاستبدل بنقط الإعراب حركات الإعراب المتداولة بيننا اليوم ، الفتحة والكسرة والضمة والتنوين .

ومع الأسف ضاعت نسخ المصاحف العثمانية عبر التاريخ ، ولم يصل إلينا منها شئ .

(دراسات فى القرآن الحديث- ص 53- الناشر مكتبة غريب بالفجالة )

 

آيات تتعارض مع كون الله (القدوس- العدل –العليم )..

· ففى (الأنعام:123):" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا... "

والمكر هنا هو الفسوق وانتشار الشر والعصيان بحسب التفاسير فهل يتوافق هذا مع اله قدوس عادل؟؟

 

· وفى (الأسراء :16) :" وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " . فإذا كان الله يأمر بالفسوق فبماذا يأمر الشيطان ؟؟

وفى (الشمس: 7، 8) :" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ".

فهل الله "القدوس" "العدل " هو الملهم بالفجور؟؟ وكيف يحاسب الله الفاجر إذن؟؟

 

· فى (البقرة :223) " نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ..."

جاء فى شرح الآية الآتى :"أخرج ابن جرير وأبو يعلى وابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا أصاب امرأته فى دبرها فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزلت (نساؤكم حرث لكم) "الآية".

وأخرج البخارى عن ابن عمر قال : أنزلت هذه الآية فى إيتان النساء فى أدبارهن ، وأخرج الطبرانى فى الأوسط بسند جيد عنه قال: إنما أنزلت على رسول الله (ص) (نساؤكم حرث لكم) رخصة فى إتيان الدبر.

وأخرج أيضا عنه أن رجلا أصاب امرأة فى دبرها فى زمن الرسول الله (ص) فأنكر ذلك الناس ، فأنزل الله (نساؤكم حرث لكم) .

(أسباب نزول القرآن – للسيوطى- ص68 – الجزء الثانى – تحقيق أ.د. حمزة النشرتى توزيع الاهرام)

 

فهل هذا من قداسة الله وعدالته ؟؟

· جاء فى (النساء:24) :" فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ف َرِيضَةً..." 

جاء في تفسير الطبري والإمام الرازي والإمام السيوطي وغيرهم أن عبدالله بن مسعود ( وهو من هو ) وعبد الله بن عباس ( وهو حبر الأمة وترجمان القرآن ) وأبي بن كعب ( وهو أشهر كتاب الوحي ) كانوا يرون أن هذه الاية نزلت في المتعة , وجميعهم كان يقرأها قراءة مختلفة نصها " فما أستمتعتم به منهن إلي أجل مسمي  فآتوهن أجورهن فريضة " بإضافة ( إلي أجل مسمي ) , ويقسمون أنها هكذا نزلت , وعلي هذا تابعهم – في ذات المراجع – تابعون أجلاء مثل مجاهد وقتادة وسعيد بن المسيب وغيرهم كثير.

[ كتاب زواج المتعة –د. فرج فودة – تقديم د. أحمد صبحي منصور الأستاذ بالأزهر ص 109 الدار العربية للنشر الطبعة الاولي يناير 1993 رقم الايداع 2837 /93 – الترقيم الدولي 5-24-5090-977 – أنظر أيضا كتاب الفرقان لابن الخطيب تحت عنوان : قراءة بعض الصحابة (رض )- ص106 وما بعدها – دار الباز للنشرمكة المكرمة – دار الكتب العلمية بيروت – لبنان]

وجاء في السنة النبوية الحديث الصحيح التالي : " أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليالي, فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا "

[ صحيح البخاري – الحديث رقم (5119) – ص 1089 - باب النكاح-  مكتبة الأيمان بالمنصورة طبعة 2003 ميلادية – ضبط طه عبد الرؤوف سعد ]

 

وهناك ثلاثة أحاديث عن جابر بن عبد الله  تفيد الاستمتاع علي عهد الرسول وابي بكر وعمر وان الذي حرمها هو عمر :

الحديث الأول : ( حدثنا الحسن الحلواني . حدثنا عبد الرازق .أخبرنا ابن جريج . قال : قال عطاء : قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله . فسأله القوم عن أشياء . ثم ذكروا المتعة . فقال نعم. استمتعنا علي عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر ) رواه الامام مسلم.

 

الحديث الثاني : ( حدثني محمد بن رافع . حدثنا عبد الرازق .أخبرنا ابن جريج .أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع , بالقبضة من التمر والدقيق ,الأيام , علي عهد رسول الله (ص) وأبي بكر ,حتي نهي عنه عمر في شأن عمرو بن حريث .

 

الحديث الثالث : ( حدثنا حامد بن عمر البكرواي . حدثنا عبد الواحد " يعني ابن زياد" عن عاصم , عن أبي نضرة , قال : كنت عند جابر بن عبد الله . فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ( متعة النكاح ومتعة الحج ) . فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله (ص) . ثم نهانا عنهما عمر . فلم نعد لهما )

[ صحيح مسلم – كتاب النكاح -  باب نكاح المتعة حديث 1404 – 1407 ص344 طبعة دار الهيثم 2001 م ]

لذلك جاء في كتاب "الأوائل" للعسكري(ص 117 ): "أول من حرم المتعة عمر بن الخطاب (رض)"

[ كتاب الأوائل للعسكري ص117 دار الكتب العلمية بيروت طبعة 1997م ]

فهل الله يسمح بالزنا ؟؟ لأن زواج المتعة معلوم عند أهل السنة أنه زنا وبغاء!

· جاء فى (الطلاق:4) :" وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ..." 

قال الإمامان الجلالان  وغيرهما : واللائى لم يبلغن المحيض لصغرهن!!

ومعلوم أن النبى بنى بعائشة وهى إبنة 8أو 9 سنوات ، أى لم تبلغ المحيض .

ألا يتعارض هذا مع صفات الله من القداسة والعدل ؟؟..

 

· جاء فى (الأنعام :125) :" فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ  "

وفى (النساء : 88):" أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً"

وفى (الروم: 29) :"فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ"

وفى (النساء: 143) :" وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً" .

وفى (الرعد: 33) :" وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ "

وفى(الشورى : 44):" وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ .."

وفى(الانعام: 39):" مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" .

وفى (الانعام :111) :" مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ "

وفى (المائدة:41) :" أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ "

وفى (القصص:56) :" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء "

وفى (المائدة:41) :" وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا " . وغيرها كثير .

ولكى لا يطلع علينا أحد يتأول هذه الآيات بعيداً عن مدلول الفاظها نورد حديثاً من أحاديث السنة التى تنتصر للجبر وتؤيد ما فهم من الآيات السابقة:

[ جاء فى البخارى ومسلم (كتاب القدر) وغيرهما من المسانيد وهذا لفظ البخارى : عن أبى هريرة عن النبى (ص) قال : حاج موسى آدم ، فقال له أنت الذى أخرجت الناس من الجنة بذنبك واشقيتهم ؟ قال آدم : يا موسى ، أنت الذى اصطفاك الله برسالاته وبكلامه أتلومنى على أمر قد كتبه الله على قبل ان يخلقنى – أو :قدره الله على قبل ان يخلقنى – قال رسول الله :فحج آدم موسى .

ويقول ابن كثير ومعنى "حج آدم موسى" : غلبه فى الحجة ]

(تفسير ابن كثير -5/315، 287- مصدر سابق)

 

انظر ايضا صحيح مسلم باب : تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء حديث (2654) ، باب قدّر على ابن آدم خطة من الزنى وغيره حديث 2657 .

(طبعة دار ابن الهيثم – القاهرة- رقم الايداع 18725/2003)

 

لذلك قال له موسى " إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ" .

وغيرها كثير

والسؤال : ألا تنتصر مثل هذه الآيات للجبر وهو ما يتعارض مع عداله الله (العدل)؟!!

 

· وفى (الاحزاب :36) :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا" .

وقد أجمعت كتب التفاسير وأسباب النزول أن هذه الآية نزلت فى زينب بنت جحش عندما رفضت الزواج من زيد بن حارثة فأمرها الله ورسوله بالزواج .

فهل هذا يناسب عدل الله ورحمته ؟؟! وهو اكراه فتاة على الزواج مما لا تريده ؟؟ أين مبدأ الاختيار الحر؟؟

والغريب أن هذا الزواج انتهى بالطلاق !!

انظر القصة بالتفصيل فى بحث "من السيرة النبوية" تحت عنوان: النبى والنساء:

 

· فى (آل عمران :14) :" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ" .

 

تقول د. نضال :" لقد أجمع المفسرون على أن النساء والبنين وقناطير الذهب والفضة والخيل المسومة (الحسان ) والأنعام (الإبل والبقر والغنم) والحرث(الزرع) هي من الشهوات (أى ما تشتهيه الأنفس) زينها الله ابتلاء أو الشيطان , وكل ذلك متاع الحياة الدنيا .

 

 هنا يقع المرء فى حيرة ويحق له أن يتساءل : هل يمكن أن يضع القرآن المرأة على مستوى الأنعام من إبل وبقر وغنم , وأن يعتبرها متاعا (ما ينتفع به من الأشياء ) وشهوة ؟ أم أن هذا ما فهمه السلف من الآية أو أرادوا أن يفهموها على هذا الشكل , لأن ذلك يلبى رغبات الرجال فى ذلك الوقت حيث كان المجتمع رجاليا مائة فى المائة ؟ وقد طغى هذا الفهم على الوعي الاسلامى على امتداد قرون طويلة , ولقد عوملت المرأة بناء على هذا الفهم المغلوط "

(هموم مسلم- التفكير بدل من التكفير- د. نضال عبد القادر الصالح دار الطليعة بيروت- لبنان ص175 الطبعة الأولى خيزران(يونيه 1999 ) ص.ب 111813)

 

وفى موضع أخر يقول : " لقد تحولت المرأة فى الفكر الديني إلى متاع وجد لخدمة الرجل وإشباع شهواته ورغباته الدنيوية والجنسية . ولم يعد ينظر إليها على أنها نفس إنسانية , كما لم يعد يحسب حساب لإحساسها ولا لحاجتها ورغباتها "            (المصدر السابق ص181)

ويقول دكتور محمد شحرور (مفكر سورى) :"...لقد ذكر أن الشهوة الأولى من هذه الشهوات "النساء" . فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن : هل النساء المقصودات فى هذه الآية هن أزواج الرجال ؟ فإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا قال : (زُين للناس) (آل عمران :14) والناس هم الذكور والإناث معاً ولم يقل (زُين للرجال) ؟ هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى قال فى نهاية الآية : (ذلك متاع لحياة الدنيا) فإذا كان  المقصود بالنساء أزواج الرجال , فهل هذا يعنى أن المرأة حاجة كالطعام والشراب والبيت والسيارة والحذاء ؟ ومن ناحية أخرى أيضا إذا كان المقصود بالنساء أزواج الرجال فقد ووردت في الشهوات مع الخيل المسومة ومع الأنعام التي هي الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والماعز والإبل . هذا الفهم الخاطئ الشنيع هو الذي سمح للفقهاء المسلمين , والمسلمين بشكل عام بأن يعاملوا المرأة كالغنم والبقر وعلى أنها شئ من الأشياء "

(الكتاب والقرآن قرأه معاصرة ص641- دار سينا للنشر- القاهرة الطبعة الأولى     –مصر 1992 رقم الإيداع 8248  /92 - الترقيم الدولي 5-28-5140-977 )

 

اذن فهى وضعت ضمن متاع الحياة الدنيا !

لذلك للرجل ان يستبدها لو أراد !!

" وإن أردتم إستبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطارا .. " (النساء: 20)

قال ابن كثير :  جاء فى التفسير : " أى إذا أراد أحدكم أن يفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها .. "

(ابن كثير 2/212 - مصدر سابق)

 

· فى (الانفال :65) :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ" أى النسبة 10:1

وفى (الانفال :66) :" الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"  اى النسبة 2:1

 

يقول الدكتور سيد القمنى :"واذا أخذنا الأمر بظاهره لكان المعنى أن الله جل وعلا لم يكن يعلم بضعف المسلمين ، ثم علمهم متأخراً (الآن ... علم أن فيكم ضعفاً ) وحاشا لله أن يقصر علمه عما يليق بكماله.

(حروب دولة الرسول – ص64 – الناشر مكتبة مدبولى الصغير – الطبعة الثانية 1996- رقم الايداع 9347/95)

 

· وفى (البقرة :143) :" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"

أنظر ايضا (الانفال :23) (والنور:63)(والاحزاب :18)

فهل الله (العليم) يعلم أم لا يعلم ؟؟

أم هذا هو "البداء"* كما تؤمن الشيعة ؟؟

 

· فى (البقرة :62):" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" ومؤكدة فى (المائدة:69) فهنا وعدهم بالفوز بالجنه والنجاة من النار اذ هم عملوا بالشروط التى فى الاية وحتى لا يقول قائل أن هذه الآية نزلت فى أهل الكتاب أيام موسى وعيسى .. نقول وهل نزلت فى الذين آمنوا من المسلمين فى الماضى أيام موسى وعيسى ؟؟

ومن هم المؤمنين من الصابئين وفى أى زمن؟؟

أنظر ايضا اسباب نزول الآية وقصة سلمان الفارسى والصابئين .

 

ومعلوم فى علوم القرآن أن المائدة هى آخر ما نزل : أى لم تُنسخ (ارجع لبحث الكتاب واهل الكتاب ص43 وما بعدها).

" يقول صاحب تفسير المنار ( جـ7 ص 277 ) تعليقاً على هذه الآية القرآنية الكريمة : " بيان أصول الدين الإلهي على ألسِنة الرُّسُل كلهم هي الإيمان بالله واليوم الآخر ، والعمل الصالح فمَن أقامها من أيّة مِلّة من مِلل الرّسُل كاليهود والنّصارى والصابئين فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

(القرآن ومشكلات حياتنا المعاصرة – د. محمد أحمد خلف الله – ص 54 – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – الطبعة الأولى 1982) .

 

وقال أيضاً في تفسيره : " ولا إشكال في عدم اشتراط الإيمان بالنّبي ( صلعم ) .

(تيارات منحرفة فى التفكير الديني المعاصر – د. على العمّارى – ص 57 – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة – العدد 169 – السنة الخامسة عشر 1395هـ / 1975م . يشرف على إصدارها محمد توفيق عويضة)

 

لذلك يقول د. محمد عمارة : [ فالفوز بأجر الله سبحانه وثوابه والنّجاة من العذاب الذي تحدث عنه القرآن في وعيده الذي توعد به العُصاة والسّعادة الإلهية التي تنفي الحُزن كل ذلك حق وعد به الله سبحانه لا المسلمين المؤمنين بالشريعة المُحَمّدية فقط ، وإنما مُطلَق المُتَدَيِّنين بالدين الإلهي الذين جمعوا إلى إيمانهم بالألوهية الإيمان بالجزاء والحساب وعملوا لذلك عملاً صالحاً .. جميع هؤلاء قد صدق الله لهم الوعد بالنجاة والسعادة والأمن سواء منهم الذين آمَنوا بشريعة محمد ، أو موسى أو عيسى وكذلك الصابِئة " ولعلهم الحُنفاء " وفي ذلك يقول الله سبحانه " إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ .. "    ( البقرة : 62 ) ، ونفس المعنى يتأكّد عندما يتكرر في موطن آخر تقول آيته : " إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى " ( المائدة : 69 ) . ولقد جاءت الآية الأولى بعد آية نزلت لتقريع اليهود وتحدّثت كيف أنه قد " ضُرِبَت عَلَيْهِمُ الذِّلّةُ والمَسْكَنَةُ وباءوا بغَضَبٍ مِن الله .. " : فجاءت هذه الآية .. كما يقول الإمام محمد عبده : " بمنزلة الاستثناء من حُكم الآية السابقة .. تبشر بالنجاة جميع مَن تمَسَّك بهَدي نبي سابق وانتسب إلى شريعة سماوية ماضية .. " ]

(د. محمد عمارة – الإسلام والوحدة الوطنية – ص 113 : 116 – كتاب الهلال العدد 338 – ربيع الأول 1399هـ – فبراير 1979م)

 

بعد ذلك عاد وقال " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"             (ال عمران:85) .

 

· وفى ( البقرة:256) قال : "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" .

· وفى (الكهف:29) : ".. فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ.. " .

عاد وأنزل آية السيف (التوبة :5) وآية القتال والجزية (التوبة :29) .

 

فى (النساء :3) :" فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ "

حيث اشترط العدل فى هذه الآية .

وفى (النساء:129) قال :" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ "

 أى فتح باب التعدد مع اشتراط العدل ثم أقفله لان العدل مفقود حتماً .

لذلك يقول مصطفى محمود : "ولكن القرآن لا يفتح لنا باباً إلا ويسده .. وما زلنا ندور فى حلقة مفرغة تبدأ من الحق وتنتهي إلى الحق "

(كتاب الشفاعة د. مصطفى محمود دار أخبار اليوم كتاب اليوم عدد يوليو 1999 ص65 , 66 رقم الإيداع بدار الكتب :9447 /99 -الترقيم الدولي 5-0841-977)

 

وفى (طه:109) : إلا لمن أذن له الرحمن" أى أن فى اليوم الآخر يوجد شفاعة

وفى (البقرة : 254) :" مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ "

ثم عاد وقال :" لاتوجد شفاعة فى اليوم الآخر .

لذلك يقول مصطفى محمود : إذا جاء القرآن بنفي الشفاعة في بعض آياته وجاء بجوازها في آيات أخرى! ..

(كتاب الشفاعة - محاولة لفهم الخلاف القديم بين المؤيدين والمعارضين د. مصطفى محمود دار أخبار اليوم قطاع الثقافة كتاب اليوم عدد يوليو 1999م ص 51 رقم الإيداع 9447/99 
الترقيم الدولي  
  I.S.B.N 977-08-0841-5)

 

وفى موضع آخر يقول : وتدور الحلقة المفرغة .. وتأخذ الجميع السكرة .     (المصدر السابق – ص55)

وهذا كله يتعارض مع قوله :" لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ  " (الكهف: 27) ،(الانعام:34) ،(يونس:64)

 

· وفى (النساء :24) :".. إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .."

جاء فى تفسير ابن كثير :" عن ابى سعيد الخضرى قال أصبنا نساء من سبى أوطاس ، ولهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أوزاج، فسألنا النبى (ص) فنزلت هذه الآية :" وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " رواه الامام أحمد ومسلم والنسائى والترمذى .

(تفسير ابن كثير 2/223- مصدر سابق)

 

وفى ملك اليمين يقول دكتور سيد القمنى: ".. ونحن نعلم أن النكاح فى الإسلام يقوم على الاختيار الحر للطرفين , ناهيك عن زواج المتعة الذي كان معمولا به فى زمن الدعوة ولم يزل معمولا به عند الشيعة الاثنى عشرية وفى دولة إيران الإسلامية ...

 

     ماذا لو رد علينا أصحاب تلك القيم الحرة يتساءلون عن القيم لدينا, وعن القيمة الأخلاقية فى شراء امرأة حرة أوقعها سوء حظها فى يد النخاسين تجار الرقيق أو فى الأسر, وتشريع مواقعة هذه المرأة وهى لا تملك اختيارا بالقبول أو الرفض , بتصريح شرعي بوطء ملك اليمين " .

(الفاشيون والوطن - د. سيد القمنى ص 263 - الطبعة الأولى  1999م المركز المصري لبحوث الحضارة (تحت التأسيس) الهرم رقم الإيداع :13593  /99- الترقيم الدولي 5- 9828- 19- 977)

إذن فهو اغتصاب شرعى !!

 

وفى (البقرة:230) :" فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا "

قال ابن كثير : " أى انه إذا طلق الرجل امرأته طلقة ثالثة بعد ما أرسل عليها الطلاق مرتين , فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره , أى حتى يطأها زوج آخر فى نكاح صحيح "  .

وجاء فى صحيح الإمام مسلم عن عائشة  أن رسول الله )صلعم( سُئل عن المرأة التي يتزوجها الرجل فيطلقها فتتزوجها رجلا فيطلقها قبل أن يدخل بها : أتحل لزوجها الأول ؟ قال : لا حتى يذوق عسيلتها".

وفى لفظ آخر : " لا حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها "] . (تفسير ابن كثير 1/407- مصدر سابق)

 

وفى لفظ ثالث : " لا حتى يمس .. فيجامعها فإن طلقها بعدما جامعها فلا جناح عليهما أن يتراجعا " .

(اسباب النزول للسيوطى- البقرة 230)

 

     فإذا كان الله يريد عقاب الزوج بأن تُنكح امرأته من زوجا غيره قبل ان تعود اليه فما هو ذنب الزوجة التى لا تريد هدم بيتها وما هو ذنب الاولاد وما هو شعور الكل ؟؟

 

فى (الاحزاب:53) "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا "

 

[ أخرج ابن ابى حاتم عن ابن زيد قال : بلغ النبى (ص) أن رجلا يقول : لو قد توفى النبى (ص) تزوجت فلانة من بعده ، فنزلت :" وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ" الآية .

وأخرج عن ابن عباس قال : نزلت فى رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبى (ص) بعده ، قال سفيان : ذكروا أنها عائشة .

وأخرج عن الّسدى قال : بلغنا أن ابن طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده ، فأنزل هذه الآية .

وأخرج ابن سعد عن أبى بكر عن محمد بن عمرو بن حزم قال : نزلت فى طلحة بن عبيد الله لأنه قال : إذا توفى رسول الله (ص) تزوجت عائشة ] .

(أسباب نزول الأحزاب 53 للسيوطى)

 

واضح أن الآية فرضت الرهبنة على نساء النبى ومعظمهن صغار السن مثل عائشة وحفصة وصفية وجويرية رغم محاربة القرآن للرهبنة "ورهبانية يتراعوها" (الحديد:27)

أليس فى هذا ظلم يتعارض مع كونه (العدل) لأن الرهبنة اختيار وليست فرض !!

 

فى (هود: 114) :" وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ"

وجاء في السنة النبوية : " اذا عملت سيئة فاتبعها حسنة تمحها " .رواه الامام احمد .

[( انظر كتاب 33 سببا لنجاة المرأة المسلمة من النار – اعداد علي عبد العال الطهطاوي - رئيس جمعية أهل القرآن والسنة ص  56 , 57 – مكتبة الصفا بالأزهر  طبعة 2000م . رقم الايداع 1991/2001 . انظر ايضل تفسير ابن كثير – المجلد الرابع ص 289 – تفسير سورة هود- طبعة دار الشعب ( 8 مجلدات )]

وقد جاء في شرح الآية السابقة روايات كثيرة متشابهة نأخذ منها رواية واحدة :

" عن ابن مسعود قال جاء رجل الي النبي (ص) فقال يارسول الله , إني وجدت أمرأة في بستان ,ففعلت بها كل شئ ,غير اني لم اجامعها , قبلتها ولزمتها ( اي عانقتها وأطلت العناق ) ولم أفعل غير ذلك , فأفعل بي ما شئت . فلم يقل رسول الله (ص) شيئا, فذهب الرجل فقال عمر : لقد ستر الله عليه , لو ستر علي نفسه . فأتبعه رسول الله بصره ثم قال : ردوه عليّ فردوه عليه فقرأ عليه " أقم الصلاة ....إن الحسنات يذهبن السيئات  ذلك ذكري للذاكرين ) . فقال معاذ – وفي رواية عمر- : يا رسول الله, أله وحده , أم للناس كافة ؟  فقال (ص) بل للناس كافة " رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطبري .

[ تفسير ابن كثير (4/286 ) – مصدر سابق - سورة هود]

 

ويمكن الرجوع لبقية الروايات في هذا الصدد للمصدر السابق– تفسير سورة هود. 

أليس من التفسير وروايات أسباب النزول أن هذا تهوين من ارتكاب الذنوب ينافى كون الله (القدوس)؟؟

 

· كذلك فى (النساء : 48، 116) :" إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء "

جاء في شرح هذه الآية الأحاديث الآتية :

قال النبي ( ص) لأبي هريرة :" أذهب فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة "رواه الإمام مسلم .

[ رياض الصالحين للنووي حديث رقم 431 ص 197الدار المصرية اللبنانية طبعة 1993 . رقم الايداع بدار الكتب 7017/1992 ]

 

يقول الامام عبد الحسين شرف الدين الموسوي في هذا الحديث :"تبشيره (ص) بالجنة لكل من لقي الله عز وجل بالتوحيد مطمئما بها قلبه . وذلك حيث اقتضت حكمة الله تعالي ورسوله (ص) أن يؤذن بالناس بهذه البشري تبيانا للحقيقة عن عاقبة الموحدين "

[ كتاب النص والاجتهاد –ص 191- الطبعة الاولي 1404 هـ الناشر: ابو مجتبي – مطبعة سيد الشهداء (ع) – قم]

 

لذلك جاء في الحديث :" كل أمتي معافي إلا المجاهرين " رواه البخاري ومسلم

[رياض الصالحين للنووي حديث رقم 241 – ص 125 – مصدر سابق ]

 

وشرح الحديث : " أي الذين يجهرون بالمعاصي  ويكشفون ما ستر الله عليهم بالتحدث ....ألخ " وان من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ".        [المصدر السابق-نفس الصفحة ]

بل جاء ايضا فى الحديث : " الموت كفارة لكل مسلم " رواه أبو نعيم ، وذكره ابن العربى فى (سراج المريدين) وقال: حديث صحيح حسن .

[كتاب عذاب القبر ونعيمه وعظة الموت – د. عبد اللطيف عاشور –صفحة 19- طبعة منقحة- رقم الايداع 18783/2000 الرقيم الدولي 1-246-250-977 ]

 

لذلك جاء في صحيح الإمام مسلم باب يسمي :أن من مات علي التوحيد دخل الجنة قطعا.

(صحيح مسلم – طبعة دار الهيثم – رقم الايداع 18725/ 2003 )

 

لذلك يقول د. أحمد عمر هاشم (رئيس جامعة الأزهر وأستاذ علم الحديث) :

" كل الموحدين سيدخلون الجنة وإن كانوا من مرتكبي الكبائر "

( مجلة المصور – العدد 3899 – 2 يوليو 1999 – ص25 – أدار الحديث عادل سعد )

 

وقد جاء إيضا في صحيح الامام مسلم باب يسمي ( الدليل علي أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا فهو مؤمن وإن ارتكب المعاصي الكبائر .

[ صحيح الامام مسلم – دار بن الهيثم – رقم الايداع -18725/2003 ]

 

لذلك يري كل من الصاحبين (أو الصحابين ) معاوية وعمرو بن العاص أنه لا يضر مع إلايمان معصية  وكان معاوية يقول لمن قال له : حاربت من تعلم ! وارتكبت ما تعلم ؟! ... وثقت بقول الله تعالي : (إن الله يغفر الذنوب جميعا) .

[الإسلام وفلسفة الحكم (1) – الخلافة ونشأة الأحزاب الاسلامية –للدكتور محمد عمارة ص 174 – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت ص ب 5460/11 الطبعة الأولي اغسطس 1977 ]

 

ونفس هذا الاعتقاد ( انه لا يضر مع الإيمان معصية) تعتقده فرقة المرجئة .

[فجر الإسلام – احمد أمين – ص 442 رقم الايداع 8542/2000 – الترقيم الدولي 8- 6692-01-977 ]

أليس هذا أيضا تهوين من ارتكاب الذنوب ينافى كون الله (القدوس) ؟؟

 

القرآن وبعض أسباب النزول:

وفى (التحريم:1-3) :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ"

قال الامامان الجلالان فى تفسيرهما (إذ اسر النبى الى بعض ازواجه ) هى حفصة (حديثاً) هو تحريم ماريا وقال لها لا تفشيه (فلما نبأت به) عائشة ظناً منها أنه لا حرج فى ذلك ...

 

وجاء فى أسباب النزول :"أخرج الحاكم والنسائى بسند صحيح عن أنس :أن رسول الله (ص) كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراماً ، فأنزل الله :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ" .                                   (أسباب النزول للسيوطى)

 

وأخرج الضياء فى المختارة من حديث ابن عمر عن عمر قال :قال رسول الله (ص) لحفصة : لا تخبرى أحداً أن ام ابراهيم (مارية) علىّ حرام ، فلم يقربها حتى أخبرت عائشة ، فأنزل الله " قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ"                                      (أسباب النزول للسيوطى)

فهل يتصور أن يتدخل الله القدوس الكبير فى مشكلة مثل هذه سببها الجنس .. أليس الله أكبر من ذلك؟!

 

· جاء فى (الأنفال :24) :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" .

جاء فى البخارى عن ابى سعيد بن المعلى قال : كنت أصلى . فمرّ بى رسول الله (ص) فدعانى فلم آته حتى صليت ، ثم اتيته فقال :"ما منعك ان تأتينى ؟ ألم يقل الله (الآية) .   (ابن كثير 3/574- مصدر سابق)

 

·  جاء فى (الحجرات:3) :" إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ"

جاء فى أسباب نزول هذه الآية الآتى : أخرج أيضاً عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال : لما نزلت هذه الآية :" لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى" قعد ثابت بن قيس فى الطريق يبكى فمر به عاصم بن عدى بن العجلان فقال : ما يُبكيك ؟ قال : لهذه الآية أتخوّف أن تكون نزلت فىّ وأنا صيّيت رفيعُ الصوت .                               (أسباب النزول للسيوطى)

وفى أسباب النزول للواحدى : لما نزلت هذه الآية "" لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى" قال ثابت بن قيس : أنا الذى كنت أرفع صوتى فوق صوت النبى وأنا من أهل النار ، فذكر ذلك لرسول الله (ص) ، فقال : هو من أهل الجنة . رواه مسلم عن قطن بن نسير .           (أنظر أسباب النزول للواحدى)

 

· أخرج ابن أبى حاتم والواحدى عن مجاهد : أن رسول الله (ص) ذكر رجلاً من بنى إسرائيل لبس السلاح فى سبيل الله ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك فأنزل الله :" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" قال خير من التى لبس فيها السلاح ذلك الرجل .

                             (أسباب النزول للسيوطى – أسباب النزول للواحدى)  

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : فى بنى إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسى ، فعمل ذلك ألف شهر فأنزل الله : "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل .                    (أسباب النزول للسيوطى)

 

بالنظر الى أسباب النزول السابقة .. هل ترى معى أن هذه اسباب لا تستدعى تدخل الله (الحكيم –الكبير –المتعال) ، وكان للنبى أن يتداركها؟!

ألم يقل القرآن " وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ "  (النساء :59)

 وقوله:" وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى " (النجم:3) .

 

الله يقسم فى مكة بمخلوقاته ويقسم فى المدينة بذاته ؟!

 أقسم الله بالبقر الوحشى والخيل والنفس اللوامة والكواكب...... الخ ؟

يقسم بالبقر الوحشى (الخنس) (التكوير: 15) - يقسم بالخيل (العاديات: 1-3) - يقسم بالنفس اللوامه (القيامة:2)-يقسم بالكواكب (التكوير: 15)

وقال ان القسم بمواقع النجوم عظيم (الواقعة :75-77) ......الخ.

يقول د. يوسف خليفة (سبق تعريفه)   : وكما اختفت "كلا*" من الآيات المدنية اختفت أساليب القسم بمظاهر الطبيعة وظواهر الكون ومخلوقات الله التى شاءت حكمته أن يقسم بها ، كما قلت أساليب القسم الاخرى قلة نادرة ، فليس فى الآيات المدنية سوى آيتين أقسم الله تعالى فيهما بذاته العلية : إحداهما فى سورة النساء "فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا " (الآية 65) ، والأخرى فى سورة التغابن :" زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ " (الآية 7) وذلك لأن الخطاب فى هذه المرحلة المدنية كان موجهاً إلى جماعة المسلمين الذين صدقوا بالنبى ودعوته ، بخلاف أهل مكة الذين ظلوا طوال المرحلة المكية ينكرون على النبى رسالته إنكاراً شديداً، فاحتاجوا إلى أساليب التوكيد ومن بينها القسم.                    (دراسات فى القرآن والحديث – ص69، 70- مصدر سابق)

 

والسؤال : لماذا عندما ذهب (ص) للمدينة حيث تمركز اليهود غير الله القسم فأصبح يقسم بذاته بعد أن كان يقسم بمخلوقاته ؟!

هل لأن فى توراة اليهود الله يقسم بذاته وليس بمخلوقاته ؟!

 

 

لغة القرآن وهل هو بلسان عربى مبين ؟!

جاء فى (النحل : 103) :" وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ "

وفى (الشعراء : 195) :" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ "

وفى (يوسف:2) :" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "

وفى (الرعد: 37) :" وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا "

وفى (طه:113) :" وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا "

وفى (الزمر:28) :" قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ "

وفى (فصلت:3) :" قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "

وفى (الشورى :7) :" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا "

وفى (الزخرف :3) :" إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "

وفى (الاحقاف:12):" وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا "

فهذه كلها آيات قاطعة على أن القرآن جاء بلسان عربى مبين لقوم يعلمون لغته لعلهم يتقون ويعقلون ومصدقا للكتب السماوية التى نزلت بلسان غير عربى لغير العرب .

لكننا مع ذلك نجد كلمات والفاظ غير عربية !

يقول ابن الخطيب :"وقد جاء فى القرآن الكريم كثير من الألفاظ الأعجمية من شتى اللغات ، ولقد جمعها العلامة جلال الدين السيوطى فى مؤلف خاص أسماه "المتوكلى" (نسبة الى الخليفة المتوكل على الله العباسى ، حيث أمره بتأليف هذا الكتاب) .

وقد أورد إبن الخطيب ما جاء فى هذا المؤلف تحت العناوين الآتية :

ماجاء فى القرآن بالحبشية... - ما جاء فى القرآن بالهندية... - ما جاء فى القرآن بالسريانية... - ما جاء فى القرآن بالعبرانية... - ما جاء فى القرآن بالقبطية... - ما جاء فى القرآن بالتركية... - ما جاء فى القرآن بالزنجية... - ما جاء فى القرآن بالبربرية ...

(ارجع لكتاب الفرقان لابن الخطيب – ص 212: 217- مصدر سابق)

 

وقد أورد عبد الرحمن بدوى(عميد الفلسفة العربية) قائمة الزركشى من الألفاظ الغير عربية وكذلك قائمة السيوطى.

(ارجع للمصدر – كتاب الدفاع عن القرآن ضد منتقديه – ص130 وما بعدها – الناشر مدبولى الصغير- رقم الايداع 3113/98 – الترقيم الدولى x- 052-286-977)

 

ويقول د. نصر حامد ابو زيد (أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة) :"ومن اللافت للانتباه أن الموقف الذى اتخذه الشافعى من مشكل وجود الأجنبى فى القرآن موقف وسطى تلفيقى يقع بين طرفين: يذهب أحدهما إلى وجود ما كان فى الأصل أجنبياً من الألفاظ فى القرآن ، وهذا هو اتجاه كثير من المفسرين، على رأسهم عبد الله بن عباس الذى عاصر النبى ودعا له بالفقة فى الدين وبعلم التأويل (الطبرى – جامع البيان عن تأويل آى القرآن) .والاتجاة الثانى ينكر انكارا تاماً وجود ذلك فى القرآن لا على طريقة الشافعى ، بل على أساس أن وجود الأجنبى يتناقض مع وصف النص لنفسه بأنه عربى ، وبأنه بلسان عربى مبين" .

(كتاب الامام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية –ص12، 13- سينا للنشر – الطبعة الاولى 1992- رقم الايداع 9297/91- الترقيم الدولى 6-19-5140-977 )

 

أخيرا آراء حول الإعجاز اللغوى فى القرآن ..

أ) من مفكرى القرن الثانى الهجرى ومن جاء بعدهم ..

 

من شذرات متبقية لـ ابن المقفع وابن الراوندى ، وابن زكريا الرازى حيث يقول د. سيد القمنى اختفى 90 كتاب لابن الراوندى وحده نعرض الاتى:

 

- قالوا ان باستطاعتهم ان يكتبوا خيرا منه . وكان هناك تقليد له (شذرات) .

- قالوا : لا يمتنع أن تكون قبيلة من العرب أفصح من القبائل كلها وتكون عشيرة داخل القبيلة أفصح من كل القبيلة ويكون واحد من تلك العشيرة أفصح من تلك العشيرة .

- وقالوا : وهب أنّ باع فصاحته طالت على العرب ، فما حكمه على العجم الذين لا يعرفون اللسان وما حجته عليهم؟

- وقالوا : انه من كلام غير حكيم وغير تناقضا واخطاءه كلام يستحيل .

- به أخطاء لغويه .

- وإن فصاحة أكثم بن صيفى تفوق فصاحته .

- وقالوا : كيف انه معجز وهو مملوء من التناقض ومملوء من أساطير الأولين . وهاجموا النّظم والتآليف والمعنى .

ائتو بمثله :

علينا ان نأتيكم بألف مثله وما هو أطلق منه الفاظاً وأشد اختصار فى المعانى . وأبلغ أداء وعبارة وأشكل سجعاً ، فإن لم ترضوا بذلك ، فإنا نطالبكم بالمثل الذى تطالبونا به ائتونا انتم بمثل ما فى كتاب أصول الهندسة والمجسطى وغيرهما .. وبهذا نشير إلى أن الحجة ترتد عليهم فليس بوسع انسان أن يأتى تماما بما أتى به غيره .

ومن بعض ما أخذوه عليه :

 - انه دفع فى وجه ملتين عظيمتين (يقصداليهود والنصارى) اتفقا رغم تضادهما على صحة صلب المسيح فكذبهما . وقالوا الأجوز رد الخبز على إبطال الجمهور العظيم المتكاثر . وإلا كان إفك وزور !!

أى قضى على مبدأ التواتر !!.

- ملائكة بدر مفلولى الشوكة على كثرة عددهم وإجتماع ايديهم على أيدى المسلمين ، فلم يقدروا أن يقتلوا أكثر من 70 رجلاً .

- وعن أنهار الحليب فى الجنة !! قالوا الحليب لا يكاد يشتهيه إلا الجائع !! والسندس يفرش ولا يلبث وإلا ستبرق غليظ وشراب الزنجبيل ليس من لذيذ الأشربة . والعسل لا يطلب إلا صرفا .

ويقول أبو موسى المردار راهب المعتزله بإبطال إعجاز القرآن من جهة الفصاحة والبلاغة .. 

(الملل والنحل للشهرستانى – ص 24، 25- ج1 – دار الكتب العلمية ببيروت)

 

وفى موضع آخر يقول أبو موسى (عيسى بن صبيح) : أن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحته ونظما وبلاغة                         (المصدر السابق – ص60)

 

لذلك قال جولد تسيهير فى حديثه عن المعتزلة:" .. نعم وجد فى دوائرهم من يرفض أو يضعّف الاعتقاد بعدم القدرة على الإتيان بمثل القرآن فى الآية (88 من سورة الإسراء) بل القدرة على أحسن منه اعتماداً على وجهات من النظر العقلى ، بيد أن مما يخالف الواقع ذلك الغض من شأن القرآن فى مقابلة الإشادة بأحكام نظمه ، على أنه مبدأ مدرسى عام للمعتزلة "  

(إعجاز القرآن بين المعتزلة والأشاعرة – بقلم د. منبر سلطان – أستاذ النقد والبلاغة المساعد كلية البنات جامعة عين شمس ص213- الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية – رقم الايداع 5528/86- الترقيم الدولى 6-297-103-977)

 

ملحوظة : جاء عن بعض المعتزلة بأن الله صرف العرب وسلبهم العلوم التى يحتاجون اليها فى المعارضة . وهذا قول فيه نظر.. فربما أتى العرب بمثله وما أدرانا اذا كان ما جاء به العرب قد حُرق.. فإذا كانت مصاحف الصحابة أنفسهم قد حرّقت فكيف بما جاء به العرب من قرآن ..

من ناحية اخرى تخبرنا المصادر أن القرآن الذى جاء به " مسيلمة" رقيق وضعيف وهذا لا يعقل لأن مسيلمة آمنت به جموع غفيرة واليك بعض ما جاء به مسيلمة من قرآن :" يا ضفدع يا بنت ضفدعين ، نقى ما تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين ، لا الماء تكدرين ، ولا الشارب تمنعين ..."

فهل من المعقول أن يقول رجل قرآن مثل هذا ملئ بالسخافات ويتبعه جموع غفيرة كما تروى لنا كتب التراث .

لذلك يقول ابن الخطيب :"لعل الرواة بدلوا وغيروا فى قرآن مسيلمة ..

(الفرقان لابن الخطيب – ص25- مصدر سابق)

وشبهة التبديل التى ذكرها ابن الخطيب واردة لأن الذى يكتب التاريخ "المنتصرون" .

ومن ناحية أخرى فحرق الكتب معروف فى التاريخ الاسلامى ، وقد سبق ذكر حرق 90 كتاب لابن الراوندى . ومعروف تاريخياً أن مكتبة الاسكندرية قد حُرقت بأمر من الخليفة عمر .

وقد كان العرب يقولون :" لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا " (الأنفال :31)

وكانوا يستملحون حديث النضر ابن الحارث ويتركون سماع القرآن .

(مفحمات الأقران- فى مبهمات القرآن- للسيوطى- ص162- مؤسسة الرسالة بيروت- الطبعة الثانية 1988)

 

ويقول د. محمود على مراد :" ولابد من أن مناقشات دارت أيضا بشأن القرآن ذاته ، وأن بعض الناس كانوا يعجبون به وأن آخرين ، لا سيما الشعراء ، سواء كانت الهيئة الحاكمة تكافئهم أو لا تكافئهم على ذلك ، كانوا يدعون أن به عيوباً.

( كتاب سيرة رسول الله – ص 106- دار الهلال – رقم الايداع 17942/2000- الترقيم الدولى 2-0742-07-977)

 

من مفكرى القرن العشرين ..

د.نصر حامد أبو زيد :" القرآن مجرد نص لغوى ومنتج ثقافى شكلته ظروف البيئة . وينكر د.أبو زيد سابق وجوده فى اللوح المحفوظ .

-الإسلام ليس له مفهوم موضوعى محدد منذ عهد البنوة إلى يومنا هذا .

- علوم القرآن تراث رجعى .

- الشريعة سبب إنحطاط المسلمين وتخلفهم .

- الإسلام دين عربى (يصلح للعرب) .

- النصوص تتنافى مع الحضارة .

- النهج الإلهى يتصادم مع العقل .

- تثبيت القرآن فى قراءة قريش كان لتحقيق السيادة القريشية التى سعى الإسلام لتحقيقها .

- الباسه(القرآن) قدسية إلهية تجعل منه مشرعاً.

- اتهام القرآن والسنة والصحابة والشافعى وأبو حنيفة بالعصبية الجاهلية .

- اعتراض على نصيب البنت فى الميراث .

- الشريعة غير صالحة لكل الازمنة .

- أنكر أن السنة وحى من عند الله .

- سخر من أحكام الجزية وملك اليمين .

- القرآن حوى كثيراً من الأباطيل .

(حيثيات الحكم بارتداد أبو زيد عن الاسلام-الاهرام9/8/1996-ص8)

- النصوص الشرعية ليس فيها عناصر جوهرية ثابتة وانها لا تعبر إلا عن مرحلة تاريخية ولت .

(كتابات دكتور نصر أبو زيد فى ميزان صحيح الإسلام – خليل عبد الكريم0 ص27- دار قضايا فكرية للنشر – رقم الايداع 9945/1996 – الترقيم الدولى 0-04-5599-977)

 

- ويرى أن المجاز تحول فى يد المتكلمين الى سلاح لرفع التناقض المتوهم بين آيات القرآن من جهة وبين القرآن وأدلة العقل من جهة أخرى .

(فلسفة التأويل – ص5- المركز الثقافى العربى للنشر – الدار البيضاء- الطبعة الثالثة  1996)

- إن إعجاز القرآن ليس إلا فى تغلبه على الشعر وسجع الكهان (فى ذلك الوقت) ولكنه ليس معجزاً فى ذاته .

(كتاب نقض مطاعن نصر أبو زيد فى القرآن والسنة والصحابة بقلم الدكتور اسماعيل سالم الاستاذ المساعد للفقه المقارن – ص55- رقم الايداع 4631/93- الترقيم الدولى 5-080-220-977)

 

من هو نصر أبو زيد ؟!..

د. نصر حامد أبو زيد (53سنة) بدأ حياته عضوا بجماعة الاخوان المسلمين ثم اختلف معها وهو من أهم العقول الملمة الماماً كبيراً بالتراث الاسلامى وهو استاذ للدراسات والبلاغة بكلية الآداب – جامعة القاهرة .                                     (جريدة العربى 12/8/1996م)

 

نصر حامد أبو زيد : نشأ مسلما فى مجتمع إسلامى ويعمل أستاذ للغة العربية والدراسات الاسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة ويقوم بتدريس علوم القرآن .

ومثله لا تخفى عليه أحكام الإسلام وأركانه وأصوله وعقائده . بل انه يدعى الفقة والعلم ، وذلك حجه عليه.. فإنه يعد مرتدا عن دين الإسلام لاظهاره الكفر بعد الايمان.

(حيثيات الحكم بارتداد أبو زيد عن الإسلام-الاهرام9/8/1996-ص8)

 

د. محمد خلف الله " :"يدلنا الإستقراء على أن ظواهر كثيرة من ظاهرات الحرية الفنية توجد فى القرآن الكريم ونستطيع أن نعرض عليك منها فى هذا الموقف ما يلى :

1- اهمال القرآن حين يقص لمقوّمات التاريخ من زمان ومكان فليس فى القرآن الكريم قصة واحدة عنى فيها بالزمان . أما المكان فقد أُهمل إهمالاً يكاد يكون تاماً لولا تلك الأمكنة القليلة المبعثرة هنا وهناك والتى لم يلفت القرآن الذهن إليها عرضاً .

على أن القرآن عمد على إهمال الأشخاص فى بعض أقاصيصه إهمالا تاماً .

(الفن القصصى فى القرآن الكريم- ص 80، 81- مصدر سابق)

 

وفى موضع آخر يقول :"وللجن صور أخرى فى قصة سليمان هى الصور التى نجد صداها فى الشعر الجاهلى قبل النبى العربى وبخاصة شعر النابغة . والجن هنا ما بين غواص وبناء ومقارن فى الأصفاد وصورتهم مبهمة غامضة على كل حال .         ( المصدر السابق – ص291)

 

عبد الرحمن بدوى : ".. وليس فى نيتنا ، مع هذا ، حل المعضلات القرآنية المثارة – بعضها يضل- وسيظل ربما دائماً – موضع بحث ودراسة اعمق وافضل تناولا من عدة زوايا . بالقرآن مفصلات بعضها يظل              (الدفاع عن القرآن .. – ص 8- مصدر سابق)

 

الدكتور طيب تيزينى : ان آياته أتت فيه ليس على نحو زمنى تعاقبى (كرونولوجى ) ، ولا على أساس تصنيف موضوعاته ومسائله تصنيفاً تخصيصاً حصرياً ، هذا بالرغم من أنه (أى القرآن) أتى منجّماً ، متوافقاً مع الأحداث والمناسبات التى تحدث عنها ، والتى تتالت – بطبيعة الحال – بصورة زمنية تعاقبية ومتداخلة . ومن هنا فإنك "لا ترى الآيات القانونية قد جمعت فى موضوع واحد ولا الآيات المتعلقة بموضوع واحد فى مقام واحد أو مقامين إلا نادراً كآيات المواريث وآيات الطلاق .

(النص القرآنى أمام اشكالية البنية والقراءة –ج5 – ص 211- مصدر سابق)

 

يقول طه حسين :" كل سورة تختلف موضوعاتها وتتباعد ولا تتداعى ولا يُلتزم فى آياتها نسق بعينه.."

(المصدر السابق – ص 369- نقلا عن كتاب مرآة الإسلام )

 

د. عبد الهادى عبد الرحمن : ان البنية اللغوية للقرآن الكريم قابلة لأكبر قدر من التأويل والفهم الخاص لكل إشكالية كان يواجها المسلم فى لحظة المواجهة مع الآخر .

(سلطة النص – ص77- مصدر سابق)

 

"بن نبى" :" أنه لا يرى إعجازاً فى اللفظ لا عن طريق التذوق العلمى ولا عن طريق الذوق الفطرى...

 من هنا يرى ضرورة البحث عن منهج جديد للاعجاز ، أى إثبات إعجاز القرآن بطريقة غير طريقة الإعجاز اللغوى التى انتهت بانتهاء (الفصاحة العربية) ..           (المصدر السابق – ص 110)

 

جاك بيرك :" ينعدم فى القرآن الانسجام الزمنى والموضوعى بين السور المتتالية ، وانعدام الانسجام بين الآيات فى داخل السورة الواحدة ،.. 

(اعادة قراءة القرآن – ترجمة د. وائل غالى شكرى – ص 32 – دار النديم للنشر – الطبعة الاولى 1996- رقم الايداع 3434/96- الترقيم الدولى 8-14-47-55-977)

 

وفى موضع آخر يقول : " ويمكن أن يقال مقابل ذلك أن العرض القرآنى يميل الى الطفرات الفجائية ، فهو ينتقل من موضوع الى آخر دون تمهيد ثم يعود إلى الموضوع الأول أو إلى غيره من الموضوعات. وهذا النهج الذى تبرزه الترجمات الغربية يعطى انطباعا بالتباين الذى يعتبره الأجنبى بسهولة تشوشاً . والحق أن هذا الطابع ملحوظ فى الشعر العربى القديم وقد تم ربطه بالأريحية البدوية ، فالشعر كما يقول السكاكى "هو " قرى الأنفس" وليس ثمة ما يثير الدهشة فى أن ينتشر هذا التنوع ، أو لنقل هذا التغير ، فى القرآن على قدر السخاء الالهى . من هنا كان تعدد الانقطاعات الظاهرة فى الاسلوب وفى التسلسل ، وهو ما يطلق عليه فقه اللغة التقليدى "الاقتضاب".

وهكذا فإن مبتدأ السورة الثانية ، البقرة ، يتتابع فيه بايقاع سريع : تعريف بالمؤمنين (الآيات من 2 إلى 4) ، ثم حملة ضد المخالفين الذين تمت تعرية نوازعهم (الآيات من 6 إلى 16) ، ثم صور مجازية عن الطبيعة (الآيات من 17إلى 20) ، ثم أوامر للمؤمنين (الآيات من 21 إلى 25)، ثم فقرة تتضمن مرجعية ذاتية (الآية 26) ، ثم الواعيد الأخروى (الآية 27) ، ثم مناظرة مستخلصة من سفر التكوين (الآية 29 وما بعدها ... الخ . وستبين ملامح مماثلة فى السورة السادسة ، الأنعام وهى الوحيدة من بين السور الطوال الذى يذكر الحديث أنها نزلت دفعة واحدة فقد ساد فجأة حضور غامض فى لحظة نزولها وبلغ من ثقله أن كاد يقصم ظهر الناقة التى كان يستقلها النبى ، فنرى فيها نفس التعدد الذى رأيناه فى البقرة ، ونفس الوحدة التى تتناثر مع عدة تكرارات ، وكذلك الانتقال الفجائى من موضوع إلى آخر .

(إعادة قراءة القرآن – الدكتور محمد رجب البيومى – ص50 ،51- كتاب الهلال – رقم الايداع 16045/99- الترقيم الدولى 8-0686-07-977)

 

وفى موضع ثالث يقول :" وبالطبع لاحظ القارئ أنه فى هذه المحاولة فى القراءة الطولية – إن جاز التعبير – لم تساعدنا عناوين السور إلا بالقليل ، فبالفعل لا تطابق دلالتها إلا نادراً دلالة النص المعلن عنه ، وبالتالى لا يجب أن ننظر إليها إلا من ناحية أنها تمثل مقاييس لا تهدى أحيانا سوى علاقة بعيدة عن المضمون "             (إعادة قراءة القرآن- ترجمة د. وائل غالى شكرى – ص 72- مصدر سابق)

 

محمد شحرور :" القرآن كله متشابه وكله قابل للتأويل لا للتفسير .

(الكتاب والقرآن -ص 87 – مصدر سابق)

وفى موضع آخر يقول: آيات العقيدة من الآيات المتشابهات وهى قابلة للتأويل .

(المصدر السابق –ص 37)

 

وفى موضع ثالث يقول: تتداخل المواضيع فى السورة الواحدة فنرى أن قصة موسى فى أكثر من موضع وكذلك آيات خلق الإنسان وخلق الكون حيث نراها متداخلة مع غيرها ومتناثرة ضمن نسق لا ندرى إلى الآن الآلية الرياضية لهذا النسق ..

والكتاب فى توزيع آياته وتفصيله معقد كتعقيد تركيب جسم الانسان ، وما زلنا إلى اليوم نكتشف الجديد وأمامنا الكثير والكثير لنبحث عنه ونعلمه .     (المصدر السابق –ص 117)

وفى موضع رابع يقول: ان عدد الآيات المتشابهة (أى التى لا يعلم تأويلها إلا الله) اكثر بكثير من عدد آيات المُحكم.                                (المصدر السابق –ص 118)

 وفى موضع خامس يقول:" لو كان الاعجاز فقط أدبيا ،وافترضنا أنه لا يمكن تقليد صياغة القرآن من الناحية الأدبية الفنية فهذا يعنى أن الإعجاز واقع على العرب فقط دون غيرهم لأن الصياغة القرآنية جاءت بلسان العرب والقرآن نفسه يقول :إنه لو كان المقصود بإعجاز الصياغة فقط دون المضمون لأمكن للناس صياغة بعض القطع الأدبية التى تشبه القرآن من الناحية الصنعية فقط  وهذا ما جاء فى قوله :" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "..                                (المصدر السابق – ص 187، 188)

 

وفى قول الرسول :" سألت ربى مسألة و وددت أنى لم أكن سألته , قلت : يارب إنه قد كانت الأنبياء قبلي: منهم من سخرت له الريح , و ذكر سليمان إبن داود , ومنهم من كان يحيي الموتي , و ذكر عيسى بن مريم , و منهم و منهم , قال : فقال :

ألم أجدك يتيما فأويتك ؟  قال : قلت : بلي يارب , قال :

ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ قال : قلت : بلي يارب , قال :

ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ قال : قلت : بلي يارب , قال :

ألم أشرح لك صدرك و رفعت عنك وزرك ؟ قال : قلت : بلي يارب]

(أسباب النزول للواحدي النيسابوري (ت 418هـ)- ص183- تحقيق أيمن صالح شعبان- دار الحديث –القاهرة-الطبعة الرابعة1998م. رقم الايداع 5095/98 – الترقيم الدولى   ISBN : 977-300-002-8)

 

نستنتج أن القرآن ليس معجزة لأنه لو كان معجزة لقال الله للرسول :إنى كما أتيت موسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء بالآيات .. أتيتك انت أيضاً بـ معجزة القرآن .لكن هذا لم يحدث !

 

قال بعض المستشرقين :إن النص القرآنى تنقصه الوحدة التى لابد منها .

(قراءة جديدة للقرآن – للدكتور عطية عامر – ص 19- دار المعارف للنشر سوسة- تونس –الرقم المسند من طرف الناشر 737/99)

 

الإمام النورى الطبرسى : إن القرآن فيه آيات سخيفة . (نقلا عن فصل الخطاب فى اثبات تحريف كتاب رب الارباب)                           (كتاب كشف الجانى – ص 28- مصدر سابق)

 

 

وقال الطبرسى أيضا: الآيات غير مرتبطة ! والقرآن الذى جمعه أمير المؤمنين (يقصد على) عليه السلام بخطه محفوظ عند صاحب الأمر عجل الله فرجه ، فيه كل شئ حتى أرش الخدش . ويراد بصاحب الأمر إمامهم الثانى عشر .

(كتاب مع الشيعة الاثنى عشرية فى الأصول والفروع –ج 2- ص 151- أ.د. على احمد السالوس  أستاذ الفقة والاصول – كلية الشريعة جامعة قطر – دار التقوى للنشر- الطبعة الاولى 1997 – رقم الايداع 5573/1997- الترقيم الدولى X-24-5242-977)

 

ويقول محمد بن مرتضى (1075هـ) :فى القرآن تنافر وتناكر يدل على التحريف .

(المصدر السابق – ص226)

 

يقول د. سيد القمنى : "لان معنى النص هو (النص الواضح القاطع الذى لا يحتمل إلا معنى واحداً) ، والنص بذلك نادر فى الوحى ، وتظل سائر الآيات قابلة للاجتهاد والتأويل .

(رب الزمان – ص147- الناشر مدبولى الصغير- الطبعة الاولى 1996- رقم الايداع 9350/95)

 

الشيخ خليل عبد الكريم :" من يدرس الفقة الاسلامى دراسة متأنية يكتشف أن الفقهاء اجهدوا أنفسهم بشدة لإيجاد حلول لتعقد النصوص وتشابكها وتداخلها ... الخ ولكن بعض حلولهم او اكثرها يبدو عليه الافتعال الواضح وعدم الإقناعية والمصداقية ".       

(كتاب شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة السفر الأول –ص 105- هوامش-سينا للنشر بالقاهرة- الانتشار العربى ببيروت الطبعة الاولى 1997)

 

تحت عنوان أخطاء الرسم لا تحد يقول ابن الخطيب : وليس ما أوردناه بهذا الباب هو كل ماجاء برسم المصحف من متناقضات ومتباينات ، اذ هى أشياء تفوق الحصر ، وتخرج عن حد الوصف . (ارجع للمصدر لمعرفة ما اورده)                        (الفرقان لابن الخطيب – ص65 – مصدر سابق)

 

وتحت عنوان التناقض الموجود فى رسم المصحف يقول :" والناظر لهذا الاختلاف – الذى أوردنا بعضه – يرى أن الرسم القديم يقلب معانى الألفاظ ، ويشوهها تشويها شنيعاً ، ويعكس معناها بدرجة تكفر قاريه ، وتحرف معانيه .

وفضلا عن هذا فإن فيه تناقضاً غريباً ، وتنافراً معيباً ، لا يمكن تعليله ، ولا يستطاع تأويله .

وإلا فقل لى أيها المسلم المنصف : كيف يقرأ المتلقى للقرآن قوله تعالى:(لأذبحنه) (النمل :21) ؟ وقد وردت بأداتى توكيد : لام القسم ، ونون التوكيد الثقيلة .

كيف يقرؤها القارئ ، وهى مرسومة أمامه هكذا : (لأ أذبحنه)؟ بصورة نفى الذبح ، لا تأكيده .

هذا مع أن قوله تعالى : (لأعذبنه) فى نفس السورة ، وفى نفس الصفحة ، بل وفى السطر عينه ، مرسومة حسب النطق تماما ، بأداتى توكيدها .

فما السبب فى اختلاف هذين الرسمين ، وتناقض هاتين الكلمتين ؟ وما حجة القرّاء ، والمتمسكين بالرسم القديم فى هذا ؟

وإذا كانت حجتهم فى بعض التناقضات ، هو احتمال بعض القراءات لها . فما حجتهم الآن؟

وهل يوجد قارئ يقرأ : (لأ ذبحنه) بنفى الذبح : (لا أذبحنه) كما ورد فى الرسم القديم ؟

وقد جاء فى بعض كتبهم دفاعا عن هذا : أنه إشارة إلى أن الذبح لم يحصل . وجوابنا على ذلك : ان التعذيب أيضا لم يحصل . فلم لا يزيد فى (لأعذبنه) ألف ، مثل (لأ أذبحنه)؟

(الفرقان – ص 71، 72 – مصدر سابق)

 

يقول د. محمد حسين على الصغير – (استاذ الدرسات القرآنية بجامعة الكوفة) :" ولقد اوضح السيوطى حقيقة مخالفة النص المصحفى فى بعض الحروف لقواعد الخط العربى فقال :"القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء والوقف عليه ، وقد مهد النحاة له أصولاً وقواعد ، وقد خالفها فى بعض الحروف خط المصحف الإمام " (نقلا عن السيوطى ، الاتقان 4/146)

(كتاب تأريخ القرآن –ص 140- دار المؤرخ العربى – بيروت- ص.ب. 124/24 – الطبعة الأولى 1999)

 

ويقول الوردانى :" إن المتأمل فى نصوص القرآن يكتشف أن آيات الأحكام لا تزيد على خمسمائة آية كما يكتشف أن النصوص الظنية أى التى لا ترمى لمعنى محدد هى أكثر بكثير من النصوص القطعية...".

(الكلمة والسيف – ص 12، 13- مركز الحضارة العربية للنشر – الطبعة الاولى 1997- رقم الايداع 1893/97- الترقيم الدولى 5-005-291-977)

 

وفى موضع آخر يقول :".. أى ان فعل عثمان (حرق المصاحف) أجبر الأمة على فهم القرآن وتلقيه بشكل محدد وقد رُتب ترتيباً خاصاً لا مجال لإعمال العقل فيه وأصبح يعوق فهم نصوص القرآن ..

(المصدر السابق – ص 17)

 

ويقول محمود عفيفى :" وأقول للمفسرين وللعلماء والمتطرفين وللإرهابيين ، لا يمكن لأحد أن يدعى بمعرفة الحقيقة للعقيدة الاسلامية، ... "

( هذا قرآنى –ص 196- الطبعة الاولى- رقم الايداع 7372/1995)

 

من كتاب تيارات منحرفة فى التفكير الدينى المعاصر - د.على العمارى - المجلس الاعلى للشئون الاسلامية – القاهرة دراسات فى الاسلام العدد 1690- أبريل 1975م . جاء تحت عنوان: "من اعجاز النظم القرآنى " : الآتى :

فى العدد 193 من مجلة (المجتمع) التى تصدر بالكويت نشر بحث بعنوان : (من إعجاز النظم القرآنى فى شهادة شاهدى الميت المغترب) تناول فيه الكاتب بالتفسير والتعليق قوله تعالى :

" يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَ ا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ ، فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ، ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " (المائدة:106-108)

.. وقد وصف الكاتب هذه الآيات الكريمة بهذه الاوصاف :

1- قد كثر منها الخروج على مألوف النظم القرآنى خروجا متعمدا . فهناك تقديم وتأخير بحيث تبدوا الجمل وكأنما يدفع بعضها بعضا ليزيله عن موضعه قسرا .

2- ثم هناك هذا العسر الشديد فى النطق بالكلمات ، شدها إلى اللسان وجمعها عليه .

3- ونقرأ الآيات مرة ومرة فإذا هى كعهدنا بها تتأبى على لسان وتكاد تمسك به .

 

العمَّارى:

ولا يشفع له انه قال بعد هذه الفقرات اننا حين نقرؤها ترتيلا نجد (كلماتها متناغمة يأنس بعضهها ببعض ، ويتجاوب بعضها مع بعض واذا هى لينه اللمس عذبه المذاق ، واذا هى على الأذن لحن موسيقى علوى النغم ، يهز القلب ويمسك بمجامعه) .

أقول : لا يشفع له هذا لأن هدفه الذى يريد الوصول اليه هو اثبات المناسبة التامة بين نظم هذه الآيات وبين ما تعالجة من موقف غريب مضطرب . وهذه الأوصاف الأخيرة تنقُض عليه غرضه ، ولذلك نجده يقول بعد ذلك :

ومن أجل هذا أيضا كان تنازع الكلمات القرآنية فيما بينهما حتى لكأنها هى هذه الجهات المتنازعة المتخاصمة فى مسارب نفوسها ، وفى مجرى خواطرها ).

 

فنرى أن الكاتب لم يترك صفة من الصفات التى تخل بفصاحة الكلام إلا كاد يثبتها ويؤكدها ولو كان ينظر إلى وصفها به عند الترتيل ما قال شيئا من ذلك بل وما تحقق له هذا الذى يجرى جاهدا ليدركه .

فالآيات علىغير مألوف النظم القرآنى ، فيها من التقديم والتأخير ما يجعل الجمل يدفع بعضها بعضا والكلمات متزاحمة متواكبة ، وهى تشبه فى اضطربها هذا الإضطراب فى النفوس المتخاصمة المتنازعة.

وكنت أود أن يراجع الكاتب ما أجمع عليه علماء البلاغة من أن تنافر الكلمات يخل بفصاحة الكلام ، ومن ثم يخل ببلاغته ، وأن معنى هذا التنافر هو ثقل الكلمات على اللسان وعسر النطق بها ، وانه من الخطأ والخطر أن يوصف كلام ، بل كلمة فى القرآن الكريم بعدم الفصاحة .

ويقول الكاتب ان المتقدمين أفردوا هذه الآيات بوصف مما يدل على أن لها فى حكمها ومعناها ونظمها شأناً خاصاً . ومن ذلك – مثلا – ماروى المفسر الواحدى فى (البسيط) من قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه : هذه الآيات أعضل ما فى هذه السورة من الأحكام .

 

وقد ذكر صاحب (البحرالمحيط) وغيره عن على بن مكى قوله :

(هذه الآيات عند أهل المعانى من أشكل ما فى القرآن إعرابا ومعنى وحكماً)

وجاء فى كلام الفخرالرازى – وعنه نقله بعض المفسرين – قوله:(اتفق المفسرون على انها فى غاية الصعوبة اعراباً ونظماً وحكماً ...) ...

 

ننقل هنا ما قاله الشيخ رشيد رضا فى تفسيره (المنار) مع ما فيه من الطول لعل فيه ما يوجه إلى الصواب . قال الشيخ رشيد – بعد ان اشار إلى هذه الأقوال التى نقلناها :

(نحن لا يروعنا ما يراه المفسرون من الصعوبة فى اعراب بعض الآيات أو فى حكمها . لأن لهم مذاهب فى النحو والفقة يزنون بها القرآن فلا يفهمونه الإ منها . والقرآن فوق النحو والفقة والمذاهب كلها – فهو أصل الأصول . وما وافقة فهو مقبول وما خالفه فهو مردود مرذول ، وانما يهمنا ما يقوله علماء الصحابة والتابعين – فهم العون الأكبر لنا على فهمه ، ولم يُرو عن أحد منهم ما يدل على وجدان شئ من الصعوبة فى عبارة الآيتين ،...

يقول د. العّمارى:

أما الضمائر التى تصلح أن تعود إلى اكثر من شئ واحد ، والضمائر التى يفهم ما تعود إليه من السياق فكثيرة فى القرآن الكريم . وكل ذلك جائز بل وكثير فى كلام العرب .

 

وليس شئ من ذلك غريبا حتى يقول الكاتب:( بعد هذا النداء يلقاك المبتدأ "شهادة بينكم" ثم تلقاك هذه الجملة المعترضة- اذا حضر أحدكم الموت حين الوصية - ، وبعدها يلقاك الخبز "إثنان" ولا تكاد تتبينه الإ بعد معاودة الفكر وترداد النظر ).

 

وفى موضع آخر يقول العّمارى :

فليس للكاتب ولا لنا أن نحكم على كلام القرآن الكريم بأنه ثقيل على اللسان ، فإذا كان من كبار العلماء فى القرن الثانى الهجرى من يصرح بأنهم بعدوا عن اللغة التى نزل بها القرآن فكيف بنا ، ونحن فى القرن الرابع عشر ؟؟

 

يقول الكاتب (الكويتى) : (هو تشريع للمؤمنين فيما يواجهون به موقفا كهذا الموقف وهو موت أحدهم ،وهو يضرب فى الأرض بعيداً عن أهله وذوى قرابته ، ففى تلك الحال ينبغى أن يتخير المتحضر شاهدين يتوسم فيهما الأمانة والاستقامة ثم يدعوهما إليه ويقضى إليهما بما يريد أن يوصى به أهله فيما خلفه وراءه من شئون).

ثم يقول (الكاتب الكويتى) فى موضع آخر معقبا على تساؤلات الفقهاء والمفسرين حول موقف الشاهدين، يقول :

(وهذا التخريج للآية الكريمة على هذا الوجه غير صحيح ، فالمفروض فى الشاهدين أنهما ذوا عدل) .

العمارى : وبكل ذلك يهمل الكتب جانبا هاما فى هذه القضية ، فالمحتضر يتخير شاهدين ذوى عدل فاذا لم يجد من يشهده من ذوى العدل أشهر من حضره وقد اختلف العلماء فى تفسير قوله تعالى :"من غيركم"

قال الرازى : إن الشاهدين الآخرين من غير المسلمين وغير المسلمين لا يوصف بالعدالة وان ذلك جائز فى السفر خاصة بنص هذه الآيات . ثم قال الرازى : وأجمع المسلمون على ان الشاهد المسلم لا يجب عليه الحلف.

ورأى بعض المفسرين أن (الآخرين) يكونان من غير الأقارب ، أى من المسلمين ولكنهم من غير الأقارب.

وقالوا :... ولا يجوز شهادة الكافرين على المسلمين إلا فى هذه الصورة .

 

تقول ليلى أحمد :

"إن الإسلام كدين لم يأت بحضارة جديدة إنما هو مزيج مشوش من حضارات الشعوب القديمة .وان الفتوحات الإسلامية ماهى إلا غزوا"

(اخبار اليوم – السبت 23/6/2001م-ص15)

 

                                                                .. إنتهى.. 


 

*أستاذ الشريعة الإسلامية داعية مشهور وهو السبب فى مغادرة د. نصر حامد ابو زيد (استاذ الدراسات الإسلامية) البلاد!

* أى تتعدد الأفهام حوله .

* بذلك يعتبرهم د. محمد عمارة أنهم الأقرب إلى روح الإسلام . (تيارات الفكر الاسلامى – ص25 وما بعدها– كتاب الهلال- العدد 376-جمادى الثانى 1402-ابريل 1982-رقم الايداع بدار الكتب 262-82 -   الترقيم الدولى :12-7353-977)

* هي أستاذ التفسير والدراسات العليا بكليات الشريعة – جريدة الأهرام – 13/5/1986م

* البداء باختصار هو الجهل بعواقب الأمور أو ظهور الشئ بعد خفائه .

* تكررت 33مرة فى المرحلة المكية .

 

الصفحة الرئيسية