الطريق إلى الجنة
كلنا نمضي في
طريق الحياة ، لكن هل سيكون مصيرنا الجنة؟
هذه السلسة من الموضوعات تصف الطريق إلى
الجنة كتعاليم الكتاب المقدس ،
الإنجيل والتوراة. وبملء المحبة نشارك معك
هذه السلسلة التي تناقش عدد من الموضوعات
الروحية. وندعو الله القدير أن يرشدك
ويهديك إلى حقيقة إنجيل مخلصنا ومنقذنا
يسوع المسيح
الطهارة
سوف نتعرف الى الطهارة في مفهوم جديد،
الطهارة التي ليست بالشكل بل الطهارة الحقيقية الداخلية. طالما نظر الناس الى
الطهارة كونها امرًا مؤقتًا يمكن للمرء ان يعمله لنفسه لكن سوف نرى ماهية الطهارة
حسب الانجيل المقدس وماذا فعل المسيح من اجل طهارتنا.
ألا تعني الطهارة ان يغتسل المرء ويطهر نفسه خاصة قبل الصلاة؟ فما علاقة
السيد المسيح بالموضوع؟
في ايام المسيح رأى احد رجال الدين السيد المسيح يأكل من دون غسل يديه خلافا للعادات الدينية، فتعجب من كون المسيح نفسه لا يحفظ تلك العادات ويطبقها. لكن السيد المسيح أوضح له كيف يكون كل شيء طاهرًا ونقرأ ذلك في انجيل لوقا الاصحاح11 والآيات 37 إلى 40: "وفيما هو يتكلم سأله فريسي ان يتغدى عنده. فدخل واتكأ. واما الفريسي فلما رأى ذلك تعجب انه لم يغتسل اولا قبل الغداء. فقال له الرب انتم الآن ايها الفريسيون تنقون خارج الكاس والقصعة واما باطنكم فمملوء اختطافا وخبثا. يا اغبياء أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل ايضا. بل اعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقيا لكم." اراد المسيح ان يظهر للفريسي ان الاله الذي خلق جسم البشر هو نفسه صانع كل ما يراه الانسان من حوله، وليس من شيء ضار او نجس الا اذا كان الانسان بعيدا عن خطة الله. وبالفعل بيّن المسيح هنا للفريسي ان كل ما عمله الله طاهر ولا يضر سوى العصاة وقد علم المسيح بقدرته ما هو الوضع غير المرضي لله لدى ذاك الفريسي. لقد كان مثل بقية رجال الدين آنذاك: محبين للمال ولا يعطون صدقات للفقراء، وإن اعطوا فيفعلون ذلك علانية في المجالس والمجامع امام جميع الناس لينالوا المدح والتقدير وليظهروا للناس انهم صالحون.
لكن ماذا قصد المسيح حين قال: "ايها الفريسيون تنقون خارج
الكاس والقصعة واما بَاطنكم فمملوء اختطافا وخبثا؟"
كان المسيح يحاول ان يشجع الفريسي ويلفت نظره الى ان الاهم هو ان يطهر نفسه اولا كما ننقي داخل الكأس وبذلك يصبح "كل شيء يكون نقيا لكم."
ان كلام الإنجيل فيه علم ومنفعة كبيرة لكل الناس ومن أية لغة او بيئة لأن الكتاب المقدس يعلن لنا مشيئة الله الصالحة لكل البشر اذ نقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى لتيموثاوس الأصحاح 2 والأية 4: "الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون."
لكن أليس من المفروض أن يتوضى المرء قبل الصلاة؟
إن الصلاة هي اتصال نفس المؤمن بروح الله الخالق فالامر ليس موضوع طهارة خارجية للجسم ولكن هي طهارة النفس لأنها الجزء الذي يقابل روح الله في الصلاة.
لكن من الممكن ان يكون المرء مثلاً خارجا من الحمام بعد قضاء
حاجته او في أيام معينة تكون فيها السيدات غير طاهرات، فهل الصلاة ممكنة في حالات
النجاسة هذه؟
ما نبغي توضيحه هو ان الله تعالى لم يخلق شيئا نجسا. فمثلا ذاك الشخص الذي يتوضى بعد خروجه من الحمام ما زال يحتفظ بفضلات الاكل داخل جسمه. فالأمر كما قال المسيح نظافة من خارج فقط لكن الداخل كالقبور النجسة. فالاهم هي نظافة النفس.
لكن نحن نرى ونلمس اجسامنا فقط، اما نفوسنا فكيف نطهرها؟
في احدى المرات، اراد المسيح ان يعلم تلاميذه أي الحواريين درسا عن التواضع ومحبة بعضهم لبعض وأنه الوحيد الذي يطهر النفس من الداخل. فبعد ان تعشى معهم صب ماء وجمع التلاميذ وبدأ يغسل أرجلهم. ولما وصل الى تلميذه بطرس اعترض قائلا: أنت يا سيد تغسل رجليَّ! لكن السيد المسيح له المجد قال له: أنت لست تعرف ماذا اعمله لكنك ستفهم لاحقا! ترد هذه القصة في إنجيل يوحنا الأصحاح 13والأيات من 5-11: "ثم صبّ ماء في مغسل وابتدأ يغسل ارجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها. فجاء الى سمعان بطرس فقال له ذاك يا سيد انت تغسل رجليّ. اجاب يسوع وقال له لست تعلم انت الآن ما انا اصنع ولكنك ستفهم فيما بعد. قال له بطرس لن تغسل رجليّ ابدا. اجابه يسوع ان كنت لا اغسلك فليس لك معي نصيب. قال له سمعان بطرس يا سيد ليس رجليّ فقط بل ايضا يديّ ورأسي. قال له يسوع: الذي قد اغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله. وانتم طاهرون ولكن ليس كلكم. لانه عرف مسلمه. لذلك قال لستم كلكم طاهرين". إن السيد المسيح هو طهارتنا، فغسله لأرجل تلاميذه كان مجرد رمز الى انه هو نفسه يغسل كل من يسأله غفران خطاياه بدمه. لقد قال لبطرس ان الذي أغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله، وقصد المسيح من ذلك أن كل من يؤمن به وبأن دم المسيح سفك من اجله هو طاهر كله وليس بحاجة الى غسل او وضوء ألا لغسل رجليه فقط. فالرجلان ترمزان الى الهفوات التي يمكن للمرء ان يقع فيها وهو يسير في طريق هذه الحياة إذ اننا ما زلنا في الجسد. لكن ذلك لا يعني أن المؤمن الذي يقع في هفوة من هذه الهفوات يصبح نجسا، بل انه في حاجة الى غسل رجليه فقط أي أن يعترف بهفواته الى الله. وإذا كان هناك شيئا يربط نفسه مثل وسوسة من ابليس بأنه خاطىء، لنثق انه حالما يعترف المؤمن بخطاياه تصبح نفسه طاهرة وعنده سلام كامل لأنه بأعترافه هذا يوافق مع المسيح برفضه للذنب وبأنه لا يريد ان يقع فيه ثانية. ونقرأ تأكيدا على ذلك في رسالة يوحنا الأولى الاصحاح الاول والآية 1: "إن اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم". اذًا إن ما ينجس النفس هي الآثام والخطايا، فالموضوع ليس موضوع طهارة خارجية بل هي طهارة النفس من الداخل.
تقول الآية 3 في إنجيل يوحنا الأصحاح 15: "انتم الآن انقياء
لسبب الكلام الذي كلمتكم به"، ماذا تعني كلمة أنقياء هنا؟
إن في هذه الآية تعليما نافعا لموضوعنا. إن كان هناك شخصا عزيزا عليك ومثلا أعلى لك في الحياة وقد ترك لك هذا الشخص رسالة هامة قبل سفره، ألا تقوم بقراءتها ربما أكثر من مرة يوميا الى ان تلتقيه من جديد؟ وخلال قراءتك لها ستجد كلامه يرشدك ويعزيك حتى موعد مقابلتكما... كذلك فإن كلام الله في الكتاب المقدس له أهمية كبيرة في طهارة حياتنا هنا على الأرض.
لكن كيف أجعل الكتاب المقدس يطهرني؟
هذه قصة سمعتها من احد أخوتي المؤمنين... كان لدى أحد المعلمين تلميذا يعلمه ويرعاه منذ ان كان صغيرا. وفي احدى المرات اعطى المعلم تلميذه سلة وطلب منه ان يملأها ماء، ونعلم تماما ان ذلك مستحيل لأن السلة ذات ثقوب كثيرة. فوقف التلميذ مستغربا امام معلمه لكن كان عليه ان يطيع كلام معلمه، فراح التلميذ يملأ الماء ويرجع بالسلة فارغة. ولكن ما كان من المعلم الا ان يرسله ثانية ليملأ السلة وتكرر الامر عدة مرات وفي النهاية قال التلميذ لمعلمه: "أنت تعرف أنه ليس من الممكن ان تمتلىء هذه السلة لكنك في كل مرة تصر ان ترسلني لأملأها من جديد"، فرد المعلم وقال: "فعلا أنا عارف أن هذه السلة لن تمتلىء ابدا لكن هل لاحظت كيف تغيرت السلة منذ ان بدأت تملأها ماء؟ لقد كانت متسخة جدا في البداية لكن انظر الآن كيف هي بيضاء ونظيفة. أنا فعلت هذا لكي أعلمك درسا هاما اليوم وهو ان الكتاب المقدس كلام ربنا يعمل في نفس الإنسان تماما كما فعلت الماء بالسلة الوسخة. ان كلمة ربنا تمنح نفوسنا طهارة ونظافة. وبالتالي علينا ان نقرأ كلمة رَبنا في الكتاب المقدس كل يوم لأننا بحاجة لتنظيف نفوسنا كل يوم.
كذلك نقرأ في رسالة بطرس الأولى الاصحاح الأول والآيات من 22-25: "وإذا قد خضعتم للحق، فتطهرت نفوسكم وصرتم قادرين أن تحبوا بعضكم بعضا محبة شديدة صادرة من قلب طاهر! فأنتم قد ولدتم ولادة ثانية لامن زرع بشري يفنى، بل مما لا يفنى: بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد فإن الحياة البشرية كالعشب، ومجدها كله كزهر العشب ولا بد أن يفنى كما ييبس العشب ويسقط زهره! أما كلمة الرب فتبقى ثابته إلى الأبد". ونفهم من هذا أننا إذا أخضعنا انفسنا للمسيح وتعليمه الذي في الكتاب المقدس وأخذنا حياته مثلا لنا، لن نجد فقط ان نفوسنا تتطهر بل ايضا سيصبح لدينا القدرة أن نحب بعضنا بعضا محبة حقيقة لأن هذه المحبة ستكون نابعة من قلبنا الذي طهرته كلمة ربنا، محبة مثل محبته من غير رياء.
نقرأ في الكتاب المقدس الرسالة الأولى لتيموثاوس الاصحاح
الثاني والآية8: "فاريد ان يصلّي الرجال في كل مكان رافعين ايادي طاهرة بدون غضب
ولا جدال:." ألا تعني هذه الآية انه يجب ان تكون أيدينا طاهرة أي يجب ان نتوضى؟
لنراجع ما قاله المسيح لبطرس لما غسل أرجل التلاميذ: "الذي قد اغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله." وما قصده المسيح هنا هو غسل النفس من الخطايا. وهذا الامر يحصل مرة واحدة في حياتنا فقط عندما نؤمن بالمسيح وبموته على الصليب من اجلنا ونعترف به كمخلص شخصي لنا وأنه سفك دمه للتكفير عن خطايانا. هذا يعني أن كل شخص محتاج لغسل دم المسيح مرة واحدة في حياته.
لكن لماذا تذكر الآية هنا: "فاريد ان يصلّي الرجال في كل
مكان رافعين ايادي طاهرة؟"
نعرف ان الأيدي ترمز الى أعمال الإنسان، ومن أعمال بني أدم كما نعلم هي الخطية. فالذي كان يقصده الرسول بولس من هذه الآية أن يوجه نظر تيموثاوس الى ذنوب المؤمنين في كنيسته التي تجعل نفوسهم غير طاهرة وبالتالي تصبح صلاتهم غير مسموعة عند الله، فالهفوات والذنوب هي المشكلة ولذا نقرأ في رسالة يوحنا الأولى الأصحاح 3 والآية رقم 6: "كل من يثبت فيه لا يخطئ وكل من يخطئ لم يبصره ولا عرفه."
وما المقصود بكلمة يخطىء هنا؟
إن الخطية المقصودة هنا هي الخطية التي تُرتكب عمدا اذ نجد أن الذي ارتكبها يدرك تماما ما الذي عمله المسيح من اجله، ومع ذلك يرتكب خطيته بأستمرار متعمد وبعدم اكتراث. لذلك يقول الوحي المقدس في آخر الآية: "كل من يخطئ لم يبصره ولا عرفه" أي ليس له صلة بالسيد المسيح نهائيا. وهذا ما نقرأه في الآيات السابقة من رسالة يوحنا الاولى: "فإننا متأكدون أننا، عندما يعود المسيح ظاهرا، سنكون مثله، لأننا سنراه على حقيقته! وكل من عنده هذا الرجاء بالمسيح، يطهر نفسه كما أن المسيح طاهر. أما الذي يمارس الخطية، فهو يخالف ناموس الله: لأن الخطية هي مخالفة الناموس. وأنتم تعرفون أن المسيح جاء إلى هذه الأرض لكي ينزع الخطايا، ولا خطية فيه." المقصود هنا أن المؤمن الحقيقي هو الذي يثبت في المسيح وبالتالي يأخذ من طهارته يوميا أي يصير طاهرا اكثر واكثر يوما بعد يوم لأنه يعيش بحسب تعاليمه وهي كلها طاهرة. فالمسيح عندما كان هنا على الأرض كان مَثلا لكل اولاد أدم الذين ورثوا الخطية من أبيهم عندما عصى وأكل من شجرة معرفة الخير والشر. بالاضافة الى ذلك نحن ايضا عاجزون عن تطهير أنفسنا، فالوحيد الذي يمكنه تطهيرنا هو المسيح لأنه هو الوحيد المولود من غير خطية… أي اننا من غير المسيح عاجزون وغير مقبولين قدام الله. هذه هي الحقيقة الغائبة عن كثير من الناس ولكن المسيح فاتح ذراعيه دائما لكل من يأتي اليه ويسأله، ويقول لنا في إنجيل متى الأصحاح 7 والأية 7: "اسألوا، تعطوا. أطلبوا، تجدوا. إقرعوا يفتح لكم. فكل من يسأل ينال، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له." لذلك كل ما علينا ان نفعله هو نؤمن بالمسيح وهو يطهرنا ويحررنا من عبودية الخطية وهكذا نصبح طاهرين كما قال المسيح لبطرس: "الذي قد أغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله." وهكذا نصبح قادرين أن نرفع في صلاتنا أيدينا للرب إلهنا من غير أي شك في أن الله يسمعنا ويقبل صلاتنا ولا يؤلمنا ضميرنا بسبب الذنب أو الهفوة التي قمنا بها.
لكن كيف يؤلمنا ضميرنا عندما نرتكب خطية؟
عندما خلق الله الانسان، جعل في داخله الضمير الذي من خلاله يتكلم ربنا مع كل بني أدم. سمعت من واعظ تشبيها جميلا قويا عن الضمير. قال أن الضمير يشبه المكعب الذي له زوايا حادة وهو موجود داخل كل إنسان. وعندما يقوم الانسان بأي أمر مخالف للصورة التي خلقه الله عليها في البدء والتي هي صورة القداسة والطهارة، يبدأ المكعب يدور داخله فيشعر بتأنيب وألم وإن سمع لتأنيب ضميره ورجع عن الذنب الذي عمله يبقى المكعب كما هو لكن إن تجاهل صوت الله الذي يكلمه في ضميره يتحول المكعب مرة بعد مرة ويتغير شكله وتتحول زواياه الحادة الى اطراف ملساء، ويصبح هذا الانسان غير حساس لصوت ربنا لأن ضميره لا يؤلمه فيما بعد، وبالتالي فضميره غير طاهر كما شاء له ربنا في البدء عند الخلق. وهنا نتذكر ما ورد في الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول الأولى لتيموثاوس الاصحاح 3 والأية 9: "ولهم سرّ الايمان بضمير طاهر." لقد كتب بولس الرسول هذه الآية حين بدأت الكنيسة تكبر وباتت محتاجة لأناس يرعون احتياجتها من تعليم المؤمنين الجدد وتدبير أمور الكنيسة المالية وغيرها من الخدمات في الكنيسة… فلتدبير أمور الكنيسة المالية مثلا يجب ان يكون الشخص الذي يتم اختياره امينا لا يقبل اغراء المال وقوة المادة ونعلم ما يقوله السيد المسيح حول سلطة المال في إنجيل متى الاصحاح 6 والآية 24: "لا يقدر احد ان يخدم سيدين. لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الآخر او يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون ان تخدموا الله والمال." وقد كان من الضروري ان يكون مشهودا للمدبرين في الكنائس ان ضميرهم طاهر أي أنه ما زال عندهم ضمير مثل المكعب ذات الزوايا الحادة التي تؤلم صاحبها حينما يقوم بأي أمر ضد إرادة ربنا… هؤلاء هم اصحاب القلب الطاهر.
قلب طاهر؟ كيف يكون القلب طاهر فالقلب كله دم؟
يقول الكتاب المقدس في سفر أرميا الاصحاح 31 والآية 33: "اجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا." والمقصود في هذه الآية أن مشيئة الله هي أن يكتب على قلوب شعبه شريعته أي إرادته الصالحة التي هي في النهاية لخير شعبه وبالتالي تصبح قلوبهم طاهرة لأنها قلوب مشتاقة لعمل إرادة الله الصالحة. كذلك نجد المسيح في آخر مرة كان يعطي امام تلاميذه مثالا للصلاة في إنجيل يوحنا والأصحاح 17والآية 17 طلب من الله: "قدسهم في حقك. كلامك هو حق." كان المسيح يصلي من اجل تلاميذه الذين آمنوا به طالبا من الله أن يملأ قلوبهم بتقواه أي ان تكون إرادة قلوبهم هي ارادة الله.. فقلب المؤمن، لا القلب اللحمي الدموي، يجب ان يكون طاهرا مليئا بكلام ربنا كما قال المسيح: "أنتم أنقياء بسبب الكلام الذي سمعتموه" أي انه سيكتب كلامه على قلوبهم لكي يعملوا به.
كذلك يقول بولس الرسول بوحي من الروح القدس في رسالته الأولى لتيموثاوس الأصحاح الأول والآية 5: "واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء." ان الرب يريد قلوبنا طاهرة مليئة بكلام ربنا ومشتاقة لتنفيذ مشيئته في حياتنا، وهذا ما قاله الرب ايضا لشعبه في سفر التثنية الأصحاح 11 والآية 18: "فضعوا كلماتي هذه على قلوبكم ونفوسكم واربطوها علامة على ايديكم ولتكن عصائب بين عيونكم." ليس هذا فحسب فالكتاب يحدثنا ان الرب يبحث من السماء عن اناس قلوبهم مليئة بإشتياق لتنفيذ إرادته وهو سيعطيهم القوة للقيام بذلك ونقرأ في سفر أخبار الأيام الثاني والأصحاح 16 والآية 9: "لان عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه." فالرب يسمع ويرى من السماء مكان سكناه ويعطي كل انسان حسب كل طرقه لأن ربنا هو الوحيد القادر ان يعرف ما بقلوب كل بني البشر.
أليس كثير من الحيوانات نجس وإن أكل أحد منها يمرض وتتدهور
صحته لذا طالما تعلمنا ان لا نأكل من انواع الحيوانات هذه؟
هناك قصة جميلة حصلت مع بطرس الرسول وتوضح لنا هذه القصة أن الناس والحيوانات طاهرون لأن الله خلقنا كلنا طاهرين من غير خطية ولكن عند سقوط أبينا آدم وامنا حواء في الخطية خسرنا كل هذه الطهارة ولكننا استرجعناها بتجسد المسيح على أرضنا وقيامته من الموت. فكل من يؤمن به يكون طاهرا وكل شيء طاهر له… نقرأ عن هذه القصة التي حصلت مع بطرس في سفر اعمال الرسل الأصحاح العاشر والأيات من 10-16: "فجاع كثيرا واشتهى ان يأكل. وبينما هم يهيئون له وقعت عليه غيبة. فرأى السماء مفتوحة واناء نازلا عليه مثل ملاءة عظيمة مربوطة باربعة اطراف ومدلاة على الارض. وكان فيها كل دواب الارض والوحوش والزحافات وطيور السماء. وصار اليه صوت قم يا بطرس اذبح وكل. فقال بطرس كلا يا رب لاني لم آكل قط شيئا دنسا او نجسا. فصار اليه ايضا صوت ثانية ما طهره الله لا تدنسه انت. وكان هذا على ثلاث مرات ثم ارتفع الاناء ايضا الى السماء." نجد في هذه الرؤية ان الحيوانات كانت نازلة من السماء وهذا رمز لطهارتها لأنها آتية من عند الإله الطاهر. لكن حين طلب الرب من بطرس ان يذبح ويأكل، رفض بطرس- اليهودي الاصل- أن يأكل أي شيء غير طاهر وفق ديانته اليهودية إذ كان لدى اليهود عادات وشعائر ووضوء وطهارة ونجاسة… فمع انه آمن بالمسيح لكنه ما زال متمسكا ببعض الامور التي لم يفهمها جيدا… كان عقله ما زال متمسكا بالعادات التي نشأ عليها لكن قلبه كان مع المسيح… واجابه الصوت من السماء قائلا ان الذي طهره الرب ليس لنا ان ندنسه نحن… فالرب في بدء الخليقة جعل كل شيء طاهرا فنحن غير محتاجين أن نفرق بين طاهر ونجس… لذلك كرر ذاك الصوت هذا الكلام تأكيدا ثلاث مرات، ومن ثم رجعت هذه الحيوانات الى السماء من جديد مما يدل مرة تانية الى طهارتها لأن الرب لا يمكن ان يتعامل مع اشياء غير طاهرة لأنه هو طاهر وقدوس. كذلك نقرأ في الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول لتيطس الأصحاح الأول والأية 15: "كل شيء طاهر للطاهرين واما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم ايضا وضميرهم."
ما المقصود في أن ذهنهم تنجس وضميرهم؟ من الممكن ان يتربى
المرء على فكرة وجود اشياء غيرطاهرة، لكن ما العلاقة في أن يكون ذهنه نجس وضميره
ايضا؟
إن في آيات الكتاب المقدس عدة معانٍ، أي ان في الآية معنى آخر غير الذي نقرأه لأن كلمة الله حية فمع كل قراءة لها يلقي الروح القدس عليها نورا جديدا وبعدا جديدا. وبالعودة الى الآية المذكورة التي تقول ان كل شيء طاهر للناس الطاهرين، فالمقصود باولئك الناس هم الذين طهرهم المسيح أي أرجع لهم حقهم الذي فقده بنو آدم عندما اوقعت الحية بأمنا حواء وجعلتها تخطىء امام الرب… انما المسيح هو الذي يجعل كل شيء طاهرا… فهو يطهرنا اولا ويجعل كل شيء لنا طاهرا. وعندما نجتمع حول مائدة الطعام نصلي للمسيح أن يبارك طعامنا ويطهره لكننا لا نطهر هذه الاشياء بصلاتنا لأن ربنا جعلها طاهرة من البدء انما نعلن امام كل الأرواح التي في السماء وعلى الأرض أن المسيح بدمه المسفوك من اجلنا هو طهارتنا… لذلك نحن نشكره من اجل هذا الأكل الطاهر.
لكن ما المقصود في هذه الآية من رسالة بولس لأهل رومية
الأصحاح 14 والعدد 20: "لا تنقض لاجل الطعام عمل الله. كل الاشياء طاهرة لكنه شر
للانسان الذي يأكل بعثرة." ماذا يعني أني آكل بعثرة؟
كما تحدثنا سابقا هناك اناس يعتقدون ان هناك اشياء غير طاهرة وهذا الفكر ينجس ذهنهم وضميرهم لأنهم يعيشون عادات لا أساس لها من الصحة. ونكرر الفكرة ان ربنا جعل كل شيء طاهرا في البداية ومن ثم فتح الباب ثانية عن طريق المسيح لكي يرجع كل شيء طاهرا. فالذي ما زال يفكر ان هناك اشياء غير طاهرة "ينقض عمل الله" كما تذكر الآية. فنجده خائفا ان يأكل انواع معينة من الطعام، وإن فعل نجده غاصبا نفسه شاكا ان هذا الطعام سينجسه او سيمرضه وهذا شر عند الرب كما هي تتمة الآية: "شر للانسان الذي يأكل بعثرة" أي ان مصدر الشر هو فكر هذا الشخص وعدم إيمانه في عمل المسيح الذي نتج عنه طهارة كل شيء مرة تانية وبالتالي يبقى هذا الاكل نجسا كما كان بعد خطية أبينا آدم ولا يسلم ذاك الإنسان من المرض ولا من التعب.
اذًا فكل أنواع الطهارة والاغتسال التي يقوم بها الإنسان غير لازمة لأنها طهارة وقتية، لأن الإنسان الذي بيؤمن بذلك نجده بعد\ما يتوضى مثلا أو يغتسل من جنب أو أي من أنواع الطهارة مضطرا بعد وقت قصير الى طهارة تانية والاغتسال من جديد، حتى انه احيانا يشك في طهارة نفسه ويضطر للوضوء ثانية ويصبح واقعا تحت وساوس وبعيدا عن الطهارة الحقيقية الموجودة في المسيح… الطهارة من خطايانا والتي تجعل كل شيء طاهرا لنا. ويقول الكتاب المقدس على لسان سيدنا أيوب في الإصحاح 14 والآية 4: "من يخرج الطاهر من النجس. لا احد." أي ان كل محاولات بني آدم أن يخرجوا أنفسهم من حالة النجاسة فاشلة ولا قيمة لها عند الله. ونقرأ آية اخرى في سفر الأمثال الأصحاح 30 والآية 12 عن الاشخاص الذين يحاولون تطهير نجاستهم من الخطية بالاعتماد على انفسهم: "جيل طاهر في عيني نفسه وهو لم يغتسل من قذره." أي ان هناك اشخاص يرون انفسهم طاهرين بعد غسلات معينة لكنهم ما زالوا على حالهم لأن الخطية في داخلهم ما زالت تنجس نفوسهم.
اما الكتاب المقدس فيقول عن كنيسة المسيح، أي عن كل شخص مؤمن بالمسيح في كل أنحاء الدنيا، في سفر نشيد الأنشاد والإصحاح 6 والآية 10: "من هي المشرفة مثل الصباح جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مُرْهِبَةُ كجيش بألوية." فالكتاب المقدس يصور كنيسة المسيح من كل بلاد العالم ومن كل الألسنة أنها طاهرة كالشمس بفضل عمل المسيح العظيم على الصليب ودمه المسفوك من اجل طهارتها.
لذلك اذا وجدت نفسك محتاجا لطهارة حقيقية من المسيح بواسطة دمه المسفوك من اجلنا على الصليب، صلّ معي الآن هذه الصلاة البسيطة وأقبل طهارة المسيح الدائمة… ارفع قلبك وصوتك قائلا:
"يا سيدي المسيح أنا عرفت أني من غيرك ومن غير عملك على الصليب نجس… يا سيد انا نادم على كل خطيئة عملتها في الماضي ونادم أني عشت من دون ان أعرف طهارتك الكاملة الموجودة في دمك الكريم… إقبلني يا رب أن أقول كما قال داود النبي: اغسلني فأبيض اكثر من الثلج… يا رب أنا أعترف بكل ذنونبي ومعاصي قدامك اليوم واعترف أنك الوحيد القادر ان يطهرني من كل إثم لأنك أنت الذي أرسله الله لكي يكفر عن خطية العالم ويطهر كل شيء مرة تانية كما خلقها قبل خطية أبينا آدم. يا الله أنا آتي اليك اليوم باسم المسيح ارجوك أن تقبل نفسي وتطهرها بدم المسيح الثمين… آمين."
الكتاب المقدس
ما هو الكتاب المقدس، كلمة الله الحي عند المسيحيين؟
ما سر السلام والهدوء التي يتمتع بهما المؤمنون المسيحيون؟
يقول الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول إلى أهل فيليبي الأصحاح 4: "افرحوا في الرب كل حين واقول أيضا افرحوا. ليكن حلمكم معروفا عند جميع الناس. الرب قريب. لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." إن السلام الذي يتمتع به أولاد الله ليس من صنع بشري بل يأتي من كلمة الله الحية والأزلية لكل من يقرأها بحب كما قال النبي داود في الزبور: "كم أحببت شريعتك!" يعتقد كثيرون أن السلام هو في كثرة المال أو السلطة لكن أية صعوبة نواجهها في حياتنا أو ربما زلزالا صغيرا أو كارثة طبيعية تكشف نوعية السلام الذي نتمتع به. ويقول السيد المسيح في إنجيل يوحنا الأصحاح 14 والآية 27: "سلاما اترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب ". ويقصد السيد المسيح بهذا السلام هو السلام الذي يمنحنا إياه كلام الكتاب المقدس لأنه كلام الله ووصاياه التي فيها صلاح البشرية كلها بينما يبحث العالم عن السلام في نواحٍ أخرى يقودهم إليها إبليس كالملذات وامتلاك الأشياء الغالية الثمن وغيرها من أمور هذا العالم الزائفة.
كيف يمكن للمرء أن يحصل على هذا السلام من الكتاب المقدس؟
يكتشف الإنسان نفسه من خلال قراءته لكلمة الله الأزلي، فالكتاب المقدس ينفرد عن كل الكتب الأخرى بتوضيح كل أسرار الحياة.
أليست هناك كتب أخرى تكشف هذه الأسرار؟
حتى وإن وجدت كتبا أخرى فلن تبين كل أسرار الحياة وإن ذكرت بعضها فقد لا يكون واضحا ومفهوما. فمثلا ليس من كتاب آخر سوى الكتاب المقدس يوضح كيف خلق الله الأرض والسماء والعالم الذي نعيش فيه. فكلمة الله تكشف كيفية مجيئنا إلى هذه الحياة وسبب وجودنا فيها والى أين ستؤدي بنا.
ولماذا ينفرد الكتاب المقدس بهذه الصفات والميزات؟
يجيب الكتاب المقدس نفسه عن هذا السؤال فيقول بولس الرسول معرفا عن فائدة الكتاب المقدس: "كل الكتاب هو موحى به من الله وهو نافع لتعليم الحق وتوبيخ الضلال وتصحيح الخطأ والإرشاد إلى الصلاح." الكتاب المقدس كتاب حي، فكما نفخ الرب في تراب الأرض وأعطى آدم حياة كذلك نفخ نسمة حياة في كلمات الكتاب المقدس فأصبحت كلماته حية تتكلم لكل من يقرأها وتعرفه معنى حياته وحقيقتها.
كيف يمكن أن تتحدث كلمات الكتاب المقدس إلى قارئها؟ فهل
للكلمات لسان؟!!
طبعا ليس للكلمات لسان لكن روح الله الموجودة في كل مكان تكلم كل واحد في ضميره عن طريق الكلمة الموحى بها، لذا فإن كلمة الله هي المصدر الذي منه نعرف مشيئة الله تعالى.
هل صحيح أن الكتاب المقدس لم يكتب على يد إنسان واحد بل كتبه
اكثر من شخص؟
صحيح لكن هذا يبين عظمة كلمة الله وقوتها أي أن هذا شهادة لصحة الكتاب المقدس فنقرأ في رسالة بطرس الرسول الثانية الأصحاح 1 والآيات من 19-21: "وعندنا الكلمة النبوية وهي اثبت، التي تفعلون حسنا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفلج النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم عالمين هذا أولا أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس."
وما المقصود بذلك؟
إن الكتاب المقدس فريد حتى في طريقة كتابته لأن الذين كتبوه هم أنبياء كثر عاشوا في فترة زمنية دامت 1500 سنة وقد أتوا من بيئات مختلفة ولكن كل واحد كتب سفره أو كتابه مكملا السفر الذي يليه وشارحا نفس القصة وهي قصة الخليقة وسقوط آدم والحل الذي قدمه الله عن طريق مسيحه لكي ينقذ البشرية من عقاب الخطية. نجد اتحادا وانسجاما بين كل أسفار الكتاب المقدس على الرغم من اختلاف كتّابه.
كيف يكون هناك انسجام في حين أن أناسا كثيرين اشتركوا في
كتابة الكتاب المقدس في فترة زمنية كبيرة؟ وكيف يكون هناك اتحاد في حين أن الذين
كتبوه هم من بيئات مختلفة؟
هذا هو التفرد والعظمة في كتابة كلمة الله الحي مع مرور كل هذه العصور. فكلمة الكتاب المقدس واحدة لأن المؤلف واحد هو الله عز وجل. صحيح أن أسلوب الذين كتبوه مختلف كونهم من بيئات مختلفة لكنهم جميعا خضعوا خضوعا كاملا لروح الله مما جعل الكلام الذي كتبوه على اختلاف العصور واحد ويشير إلى محور واحد هو المسيح الذي هو طريق الخلاص والنجاة. وهذا ما يشير إليه الكتاب المقدس في إنجيل يوحنا الأصحاح 1 والآية 1: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله." والكلمة هنا هو المسيح ولكنه الكلمة المتجسد يعني عقل الله الناطق الذي عاش معنا هنا على الأرض لمدة 33 سنة معطيا إيانا مثلا نعيش به.
ألم يكن مع المسيح إنجيلا منزلا من السماء إذ لا نجد أي
إنجيل باسم المسيح بل كل الأناجيل دونها تلاميذه أو رسله؟
المسيح نفسه هو الإنجيل الذي نزل من السماء لأن كل كلمة كان يقولها لم تكن من نفسه لكن يقول عنه إنجيل يوحنا الأصحاح 7 والآيات من 15-18: "فتعجب اليهود قائلين كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلّم. أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني. إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي. من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه، وأما من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم."
حسنا إذا كان المسيح هو الإنجيل بنفسه فلماذا لم يكتبه بنفسه
ايضا؟
لم يكتب المسيح إنجيلا بنفسه لأنه هو عقل الله الناطق للبشر وقد اختار الله قديسين لهذه المهمة وهم تلاميذ المسيح الذين اختارهم الله.
لكن لماذا اختار الله أربعة أشخاص وليس واحدا فقط ليكتب
الإنجيل؟
لنأخذ هذا المثل رغم اختلافه بعض الشيء لأنه من حياتنا. لنفترض أن لديك شركة وعملاء مختلفين في عاداتهم ومعتقداتهم وأساليبهم لكنك تريد أن تكون تجارتك ناجحة معهم جميعا. فمن المتوقع أن تختار أشخاصا لهم شخصيات تتناسب مع كل عميل لكي تكون تجارتك ناجحة مع كل العملاء لأن مندوبيك سيوصلون لهم المعلومات بالطريقة التي يفهمونها.
وما علاقة ذلك في أن أربعة أشخاص كتبوا الإنجيل وليس واحد؟
هذا ما حصل أيضا مع المسيح إذ اختار المسيح تلاميذه الذين عاشوا معه وعاينوا كل ما فعله وسمعوا كل ما قاله. وبما أن مشيئة الله هي توصيل رسالة الخلاص لكل الناس، كان لكل تلميذ من التلاميذ الأربعة أسلوبه المختلف وطريقة كتابته المختلفة.
ها انك تقول بنفسك أن لكل واحد طريقته المختلفة، ألا يعني أن
كل واحد كتب قصة على مزاجه؟
حتما لا، بل إن كل واحد تكلم عن نفس القصة لكن بالطريقة التي يفهمها الناس الذين يكتب إليهم.
ما هي الطرق الأربعة التي كتب بها الإنجيل؟
التلاميذ الذين كتبوا الإنجيل هم: متى ومرقس ولوقا ويوحنا. كتب متى إنجيله لليهود، وبما أن اليهود كانوا عارفين التوراة وصحف الأنبياء والزبور وكل النبوات التي كتبت عن المسيح كان أسلوب متى يعلن المسيح المنتظر أي مسيح النبوات وكان يستخدم هذا الأسلوب معهم لكي يقنعهم ويفهمهم من هو المسيح من الكتب التي يؤمنون بها. أما مرقس فقد كتب إنجيله للرومان وكان يركز في إنجيله على إظهار المسيح انه الملك المسيطر على مملكته وسلطانه على الكون كله وأن مملكته أعظم من كل ممالك الرومان. لذلك لا نجد في إنجيل مرقس أية نبوات من التوراة. أما لوقا فكتب إنجيله ليكون نافعا لكل الأمم الأخرى غير المؤمنة بالمسيح وبين فيه قصة يسوع كونها دستورا لكل الجنس البشري من غير أن يفرق بين عادات معينة أو شعب معين، فنجده يستشهد من سفر النبي أشعيا الأصحاح 52 والآية 10: "كل جسد يرى خلاص الرب." أما الإنجيل الرابع والأخير فكتبه يوحنا للمؤمنين بالمسيح من كل الشعوب لكي يشجعهم ويكلمهم عن الحق الذي هو يسوع المسيح. ورغم كل الاختلافات في أسلوب التلاميذ الأربعة لكننا نجد الأناجيل الأربعة تتكلم عن شخصية واحدة وقصة واحدة هي قصة السيد المسيح الذي عن طريقه عرف الناس طريق النجاة من العذاب الأبدي. وهذا هو تماما معنى كلمة الإنجيل باللغة اليونانية أي الخبر السار أو البشارة لكل الناس. حقا إن الاختلاف رحمة فلولا الاختلاف في أساليب الذين كتبوا الإنجيل لبقي الإنجيل مكتوبا من اجل شعب معين وليس لكل البشرية.
فإن كان لديك من شك في كلمة ربنا الحية المكتوبة في الكتاب المقدس والتي قال عنها السيد المسيح في إنجيل متى الأصحاح 24 والآية 35: "السماء والأرض تزولان لكن كلامي لا يزول" أدعوك أن ترفع قلبك بالصلاة:
"يا رب أنت تعرف أني ضعيف وعندي شكوك دوما لكن يا رب سامحني أني في يوم من الأيام اعتقدت أن كلمتك قد تتغير أو يمكن لأية قوة بشرية أن تحرف معناها. يا رب أشكرك على كلمتك الحية التي تعطينا حياة وترشدنا لكل الحق في المسيح يسوع. آمين.