لماذا لا نؤمن بمحمد كنبي مرسل من الله ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال ، عن شخص
الرسول العربي " محمد " ، دعنا نقول بأننا كمتنصرين لا نكن له آية مشاعر سلبية ، بل
نحترمه كرجل قام بدور بارز في المجتمع البدوي الصحراوي الذي نشأ فيه ، وكون أننا لا
نرى أنه نبي ، أو مرسل من قبل الله بكتاب ما ( وهو هنا القرآن ) فهذا لا يعني
إنكارنا لدوره الإجتماعي الإخلاقي في بيئته التي نشأ فيها ! لكن الأمر مختلف تماماً
إذا نظرنا إليه من منظور ديني ، لماذا ؟!
لأن كل الديانات تحدد
سمات ، وخصائص ، لابد وأن تكون متوفرة في النبي أو الرسول الذي يمثلها ، وبخاصة إذا
كان مرسل من قبل الله ـ والله هنا هو إله " اليهود ، والمسيحيين " فما هي هذه
الشروط :
أولاً
: لابد أن يكون إعلان هذا الرسول ، أو النبي متوافق وبإنسجام مع إعلان الله في هذه
الكتب ، لذا نجد أن المسيحيين لم ينكروا على اليهود كتابهم ، وهو هنا " التوراة
وكتابات الأنبياء ، والزابور ، وكتب الحكمة " بل اعتمدوها بلا زيادة أو نقصان ،
واعتبروها كتباً مقدسة ، هذا مع الإختلاف البين بين كلاً من الديانتين . فالمسيحية
لا تتهم اليهود بالتحريف مثلاً ، لكن تتهمهم بعدم إدراك إعلان الله الذي أُكما في
شخص المسيح " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء ، بأنواع وطرق كثيرة ، كلمنا في هذه
الأيام الأخيرة في إبنه " .. ومن هذه الآية نرى بأن الإختلاف في الديانتين هو في
طريقة التفسير ، وتباين منهجي التأويل ـ ولكن كل هذا حول نفس الكتاب ، وبدون أي
إتهام بينهما للكتاب المقدس ـ فنرى اليهود لا يعترفون بيسوع ( عيسى في القرآن ) على
أنه المسيح .. ترى لماذا ..؟ لأنهم يدركون بأن هذا المسيح لابد وأن تكون فيه صفات
خاصة جداً ـ بل دعينا نقول : سامية جداً ! ـ ويرون أنها غير متوفرة في شخص يسوع
المسيح . ولكن ألا ترين بأنه من الغرابة أن القرآن يرى في شخص يسوع أنه هو المسيح ،
وهنا يترآى لنا سبب ذلك ، وهو أن الرسول العربي لا يفهم أدوات الوحي الإلهي ، بل
أنه غير واعي بمفهوم الوحي وطبيعته ، ولا بسمات النبي ، مما أوقعه في الخلط بلا
تمييز ! وهو ما ستجدينه بيسر إن طالعتي كل الآيات الواردة في القرآن حول شخص المسيح
في القرآن ، وقارنتيها بما حوته روايات الإنجيل الشريف عن شخص السيد المسيح .
ثانياً
: أن يكون هذا النبي ، إمتداد طبيعي ـ غير متعارض ـ مع منهج الكتاب المقدس في رسمه
لصور الأنبياء ، والعلماء المسلمين أدركوا هذه الفجوة وحاولوا تداركها ـ وبخاصة بعد
خروجهم من تقوقعهم في الجزيرة العربية إلى خارج الحدود ، وهو ما أسموه بـ " الفتح "
فحاولوا أن يربطوا رسولهم بالتوراة وبالأنبياء السابقين ـ الوارد ذكرهم في الكتاب
المقدس ـ وهذا واضح كل الوضوح إذا قرأتي السيرة النبوية لبن هشام ، على سبيل المثال
.. حيث تجدين خرافات وأساطير كثيرة وضعها الكاتب ، أو الراوي ، كتمهيد لبعثة النبي
العربي ، أي أنه حاول التغلب على المشكل بهذا الربط .. إلا أن محاولته هذه كشف عن
عدم معرفته بالروايات التوراتية ، مما أوقعه في الخلط في الروايات ، ولست هنا أسعى
لتشويش ذهنك بسرد الأمثلة ، وهي كثيرة ، ولكن يمكنك أن تتعرفي عليها بسهولة ،
بالرجوع إلى المرجع المذكور ، ومقارنتها بالكتاب المقدس ، وهنا ستدركين الفرق بنفسك
.. ولكن كل هذا يقودنا إلى أين ؟!
يقودنا إلى أن الرسول العربي هو خارج
الإطار الرسولي والنبوي ، والمرسوم في الكتاب المقدس ، لذا لا يمكننا أن نعترف به ،
كرسول من قبل الله . والمسلمين الأوائل أدركوا هذه المشكلة لذا بدأوا في إتهام
الكتاب المقدس بالتحريف ، وهم لا يدركون أنهم بهذا ينالون من كتابهم ، والذي
يعتقدون بأنه لم يسلم من الأذى ، وقليل من المراجعة التاريخية ، في كتابات المؤرخين
المسلمين يكشف لنا عن دور " الحجاج بن يوسف الثقفي مثلا ، أو دور عثمان بن عفان
مثلاً آخر ... والأمثلة كثير ، ولكن مراجعة منك لها ستكشف لك الكثير ، وبدون تلميح
منا بشئ ! ( راجعي على سبيل المثال كتاب :" الفتنة الكبرى لـ الدكتور طه حسين " وهو
من جزئين وصادر عن دار المعارف بالقاهرة )
السبب الثالث
: أنه لا يمثل أي ضرورة في الوحي ، إذ أن السيد المسيح هو خاتم الوحي الإلهي ،
ورسله ( بكتاباتهم ) ليست كتب تشريع ، وإلا لكان هذا يمثل نسخاً للتوراة ، وهي ما
لا تعترف به المسيحية ، بل هي كتب موحى بها من قبل الله لتفسير كيفية إتمام نبؤات
العهد القديم ( القسم الأول من الكتاب المقدس ) في العهد الجديد ( وهو القسم الثاني
من الكتاب المقدس ، وهو الإنجيل ) ، بينما نجد أن محمد أتى لنا بقصاصات غير منظمة
تحوي موضوعات غير منظمة لقصص بعضها من التوراة ، وبعضها من كتابات متداولة في زمنه
بالجزيرة العربية ، وأغلبها قصص شفهية ، ( والرجوع إلى رسالة الدكتوراة المعنونة "
الفن القصصي في القرآن " شرح وتزييل الشيخ خليل عبد الكريم ، والصادرة عن دار سيناء
بالقاهرة " تكشف لك الكثير )
أي أن محمد لم يأتي لنا بكتاب مرتبط ـ
بقريب أو من بعيد بالكتاب المقدس ـ وهذا طبعاً غريب ! ولم يأتينا بكتاب منظم يكشف
لنا عن طبيعة الإله الذي أرسله ، بل فقط قدم لنا دفعات ـ وهو متناثرة بطول القرآن
وعرضه ـ عن إله لم يقدم لنا صفاته ، بل كثر لنا من اسمائه . وهذا الفصام يكشف لنا
عن عدم مصداقيته ، بل وعدم ترابطه مع الكتاب السابق له ، لذا لا غرابة أن يميز
الغربيين بين إله القرآن وإله الكتاب المقدس !!
هذا بعض من كثير ، ولكن رغبتنا في ألا نقل عليك بالكتابة في هذا الموضوع الطويل هو ما دعانا للاختصار