الدعارة الحلال !! .. قراءة نقدية في فقه زواج المتعة
بقلم : شهاب الدمشقي

لا نعرف قضية اسلامية اثارت جدلا وصخبا كقضية زواج المتعة ..

والمتعة ميدان لسلسة من التناقضات الغريبة التي لا تنتهي ... وتبدأ هذه التناقضات بتباين الموقف الفقهي منها : فالمذهب السني يحرم زواج المتعة ، بل ويتشدد في موقفه هذا الى ابعد حد ، وسنده في هذا التحريم روايات منسوبة الى محمد ، بالمقابل نجد المذهب الشيعي يبيح المتعة ، بل ويتحمس في الدفاع عنها والاصرار على حكمة هذه الممارسة والتأكيد على المضامين التربوية والاجتماعية الكامنة فيها ، بل وتتحول قضية المتعة في بعض الخطاب الشيعي من مباح الى مستحب !!! ( يُنسب الى جعفر الصادق قوله : كل نقطة من مياه الاغتسال ( اغتسال المتعة ) تتحول يوم القيامة سبعين ملكا يشهدون لصالح من مارس المتعة !!!! )( نقلا من كتاب المتعة لشهلا حائري ص 24)  ويُروى ان رجلا سأل جعفر : هل لزواج المتعة ثواب ؟؟ فقال الامام الصادق : ان الذي يعقد المتعة مع امرأة لإرضاء الله أو لاتباع تعاليم الدين الحنيف وسنة رسوله أو لعصيان أمر الذي حرّم المتعة ( اشارة الى عمر بن الخطاب !! في حين ان الثابت في كتب السنة أن تحريم المتعة منسوب الى محمد ذاته في روايات صحيحة ) ينال ثوابا عن كل كلمة تبادلها مع المرأة ، ويمنحه الله ثوابا عندما يمد يده الى المرأة ، وعندما يدخل عليها ، ويغفر الله له جميع ما تقدم من ذنوبه ، وعندما يغتسل تحل عليه رحمة الله ومغفرته مرات عديدة على عدد الشعرات التي تبللت بمياه الغسل ) ( نقلا عن كتاب المتعة لشهلا حائري ص 24 )

ترى ما الفرق بين الزواج الدائم وزواج المتعة ؟؟؟

يشترك الزواج الدائم مع المتعة في انه يتطلب عقدا ( أي ايجابا وقبولا من الطرفين ) ويتطلب تقديم مبلغ من المال الى المتمتع بها ، كما يثبت فيه النسب تماما كالزواج الدائم .

وتختلف المتعة عن الزواج الدائم في انها زواج مؤقت بمدة معينة ، بحيث تنتهي الزوجية ويفترق الزوجان بمجرد انتهاء الأجل المتفق عليه دون طلاق ، كما أنه لا يتطلب شهودا ولا موافقة الولي ، ولا توارث فيه بين الزوجين الا مع شرطه ، وعدة الفراق فيه حيضتان أو شهران ، ولا يتقيد حق الرجل في اربع نساء كما هو الحال في الزواج الدائم ، اذ يحق للرجل ان يستمتع بعدد لا حد له من النساء!!!!!! ( يروى أن رجل سأل الصادق عن المتعة أهي ربع ؟؟ فقال : تزوج منهن الفاً فانهن مستأجرات !!!!!!! )

 تُعتبر المتعة واحدة من أكثر المسائل جدالية في التنظير الشيعي الفقهي ، اذ يُغرقنا علماء الشيعة بكتب تمجد المتعة وتروج لها بل وتشنع على من يعارضها !!! ( اقرأ مثلا : المتعة وأثرها في الاصلاح الاجتماعي !!! لتوفيق البعلبكي ، والمتعة في الاسلام لحسين يوسف مكي ، والزواج المؤقت لمحمد تقي الدين الحكيم ، هذا فضلا عن ان موضوع المتعة والدفاع عنها هو الموضوع الحاضر في كل كتاب شيعي مكرس للدفاع عن فكر الشيعة وكأن المتعة اصبحت ركيزة من ركائز المذهب الشيعي !!!! )

وبعيدا عن الجدل الفقهي الممجوج الذي يثور دائما كلما طُرح موضوع المتعة فان هدفي من هذا المقال هو طرح السؤال التالي :

هل المتعة هي علاقة جنسية سوية ومقبولة اجتماعيا وعرفاً ؟؟؟

ما هو الفارق الحقيقي بين المتعة والدعارة او الزنى ؟؟؟؟؟؟؟؟

كيف يُحرم الفقه الشيعي الزنى ويبيح المتعة ؟؟؟

واذا سلمنا بأن الفارق الوحيد بينهما هو ثبوت النسب في المتعة فالسؤال الذي يطرح هنا : اذا استعمل الرجل وسيلة لمنع الحمل الا يزول هذا الفارق الوهمي ؟؟؟ وهذا ما يحدث عمليا في جميع حالات المتعة اذ يستحيل ان تجد رجل يقدم على عقد المتعة وهو يتوقع ان يرزق بابن نتيجة هذه العلاقة التي تقوم اساسا لهدف اشباع الدافع الجنسي فحسب ( هذا مع ملاحظة ان النظرة الاجتماعية لإبن المتعة هي نظرة احتقار .. تقول الدكتورة شهلا حائري في كتابها المتعة : على الرغم من أن للاولاد المولودين في اطار نوعي الزواج ( الدائم والمتعة ) حقوقا متساوية ، يعاني الاولاد من جراء زواج المتعة من وضع اجتماعي موصوم ، وتتجلى الفوارق بين العلاقتين من خلال القول الشائع الذي يستخدمه المرء للاحتجاج على الظلم الذي يعاني منه : هل انا ابن متعة ؟؟؟ ) ( ص 295 )

بل كثيرا ما تشير وسائل الاعلام في ايران الى حيلة طريفة يلجأ اليها من يمارس الفجور والدعارة للتهرب من المساءلة الشرعية وذلك بادعاء ان
العلاقة هي زواج متعة لا زنى !!!!!!!!!

اشكالية اخرى تحيط بزواج المتعة :

يشدد فقهاء الشيعة ومنظرو المتعة على الاهداف التربوية الكامن فيها ، فالمتعة – في نظر هؤلاء – تحمي الشباب من الوقوع في الحرام ، ولكن الواقع يثبت العكس دائما ، اذ يندر ، بل يستحيل ، ان تجد فتاة تقبل بممارسة المتعة لهدف المتعة فقط ، ولا ندري ما الفائدة من اباحة علاقة اذا كان أهم طرف فيه – وهو المرأة – لا يقبل به !! في حين انك تجد الافا من النساء ممن يمتهن ممارسة المتعة بهدف كسب المال تماما كما تفعل الغواني والمومسات !!!

اذكر هنا حداثة جرت معي شخصيا ، فقبل سنتين كنت مشغولا باعداد دراسة منهجية عن زواج المسيار ، وقد رأيت ان الحق بالدراسة فصلا في توضيح الفرق بين المسيار والمتعة ، ورأيت ان اقرن الدراسة الفقهية النظرية بدراسة منهجية واقعية ، ولذلك ذهبت الى منطقة السيدة زينب في ريف دمشق ( وهي منطقة تقطنها أعداد كبير من شيعة العرق ، كما يقصدها الشيعية من كل مكان لزيارة مقام زينب ) وهناك تعرفت على شيخ عراقي شيعي ، وساعدني في الحصول على بعض المراجع الفقهية في موضوع المتعة ، وكان يقول لي دائما في معرض دفاعه عن المتعة : ( نحن الشيعية ما كو مشكلة جنسية عندنا .. اذا الواحد يبي يستانس يعقد متعة !!! ) وعندما صرحت له برغبتي في ممارسة المتعة ابدى حماسا في مساعدتي ... ووعدني باحضار فتاة كي امارس معها المتعة ، وبالفعل فقد عرفني على امرأة عراقية عمرها 37 سنة ، وعندما تفاوضنا في ( التفاصيل المالية ) طلبت مني مبلغ 4الاف ليرة سورية ( ما يعادل 80 دولار ) مقابل متعة لمدة اسبوع فقط وعندما استكثرت المبلغ قالت لي باستخفاف : ( يبى اذا ما يعجبك في ميت واحد يقبل ... مع السلامة ... )

 اذن .. ما الفارق الحقيقي بين الدعارة والمتعة ؟؟ وبماذا تختلف ممارسة البغي عن ممارسة المتعة ؟؟

 يجيبنا عز الدين بحر العلوم : المتعة ليست من قبيل قضاء الحاجة دون الخضوع الى تبعات الزواج الشرعي لتكون المرأة لعبة بيد الرجل تستقبل في كل ساعة ضيفا جديدا يشبع بين احضانها رغباته الجنسية .. فللمتعة شروط واحكام هي : العقد ( أي تبادل الفاظ الايجاب والقبول ) والمهر والعدة وثبوت النسب ) ( مجلة العربي : ع 61 – 1963 )

 لا ندري ان كان الشيخ بحر العلوم  جادا في هذه ( الفروق !! ) التي تميز بين المتعة والدعارة أو الزنى !!!!!

هل تعتبر ان الفوارق الشكلية ( الايجاب والقبول – ثبوت النسب – ذكر المدة – العدة – المهر ) هي الفوارق الحقيقة التي تميز الزنى عن المتعة ؟؟؟

ترى هل تسمية اجرة العاهرة ( مهرا) ( بالمناسبة كانت اجرة العاهرة في الجاهلية تسمى مهر البغي ) واشتراط ان يتم الاتفاق بينهما بصيغة محددة الالفاظ ( ايجاب وقبول ) يقلب الحقائق ويجعل الحرام حلال والدعارة طهر ونقاء ؟؟؟

عندما يرغب شخص بممارسة الفجور مع عاهرة فأنه يبدأ هذه العلاقة بالتفاوض ( الايجاب والقبول في الاصطلاح الاسلامي ) ثم يتفقان على الاجرة ( المهر ) والمدة التي تتناسب مع الاجرة ( أجل العقد ) اذن ما هو الفرق الحقيقي بين العلاقتين بعيدا عن التسميات الشكلية ؟؟؟ وهل اختلاف التسميات تجعل الحلال حرام والدعارة نقاء ؟؟؟

ثبوت النسب والعدة !!!!!!!!

هل تعتقد ان من يقدم على ممارسة شرعت اساسا لاشباع الدافع الجنسي بأسهل الطرق ومن خلال علاقة عابرة كالمتعة سيفكر في حدوث حمل ؟؟

ماذا لو أنه اتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الحمل ؟؟

 لقد اعتدنا دائما في الخطاب الاسلامي على المراهنة على قضية الاخلاق بحيث يُصوّر الاسلاميون انفسهم على أنهم سدنة الحشمة والاخلاق ، وأن خصومهم هم اراذل القوم ودعاة الفجور والتحلل والاباحية ، وعلى هذا الاساس يُختزل الغرب الى فجور وعهر وتغيب كل قيمه الانسانية والحضارية ، أما العلمانية فهي (لا تعرف أية أخلاقيات ... فالدعارة والاباحة الجنسية من أبجديات العلمانية ) !!!

ومن هنا فقد احببت في هذا المقال ان انبه الاسلاميين الى انهم في واقع امرهم انما يقعون في مغالطات خطيرة ، فهم يتهموننا بتهمة خطيرة وينسون أنهم يمارسون تجاوزات اخلاقية تحت ستار شرعي غريب ؟؟؟

يتهموننا ( نحن العلمانيين ) بالدعوة الى الدعارة وينسون أنهم يمارسون شكلا من اشكال الدعارة المقننة ...

يتهموننا بالانحلال الاخلاقي وينسون أن المجتمع الاسلامي ( من عصر الخلافة الاسلامية وحتى اليوم ) غارق في الانحلال ....

يتهمون الغرب بأنه يعيش كل الموبقات وينسون ان التاريخ الاسلامي عرف كل اشكال الموبقات الجنسية والشذوذ المرذول ..

 شهاب الدمشقي .

shahabx@gawab.com

الصفحة الرئيسية