رأي القرآن بالسيد المسيح
يعتبر المسلمون عامة إن المسيح عيسي بن مريم هو مجرد نبي من الأنبياء ، لكن كل دارس متعمق في القرآن يجد أن شخصية المسيح كانت فريدة من كل جوانبها :
السيد المسيح هو وحده الذي وُلد من عذراء متميزا عن كل بني البشر وكل الأنبياء بلا استثناء . فمع أن ميلاد آدم وحواء كان بدون أب أو أم . لكن هذا كان بديهيا لأن الله خلقهما كأول أب وأم للبشر . أما ميلاد السيد المسيح فكان فريدا . لأنه هو كان فريدا ، وإلا لما كانت هناك حاجة لأن يولد على خلاف بني البشر (مريم 21). " أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيا .قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ، ورحمة منا ، وكان أمرا مقضيا " . فالمسيح جاء آية من الله ورحمة لخلاص البشر.
السيد المسيح هو كلمة الله كما جاء في سورة النساء 171 ، وهو روح من الله ورسول منه تعالي : " .. .إنما المسيح عيسي بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي مريم وروح منه..." فالمسيح هو تعبير ذات الله وفكره ، لأنه كلمة الله ، وقد جسد الله كلمته في المسيح ، ليعبَر للبشر عن إرادته ورسالته لهم ، بالخلاص من الخطيئة والشيطان وجهنم . والمسيح هو روح من الله لذلك لم يحتاج إلي ولادة بشرية تناسلية .
السيد المسيح وحده تكلم في المهد بحسب ما جاء في سورة مريم 24-33 وآل عمران 46 و 48 والمائدة 110 فهو لم يتعلم شيئا من أحد ولا حتى الكلام ، فكلامه وحكمته هما من ذات الله وحكمته ، لأنه كلمة الله وروح منه : "... كيف نكلم من كان في المهد صبيا ، قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا ، وجعلني مباركا أينما كنت .. وبارا بوالدتي .. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا..."
تميز السيد المسيح وحده عن جميع الأنبياء بعصمته وانفراده بالكمال دون الوقوع في أي خطأ ، فبينما أخطأ جميع الأنبياء ، كان المسيح المستثني الوحيد إذ إنه وجيه في الدنيا والآخرة (آل عمران 45) ، " ومبارك أينما كان" (مريم 31) ، و"زكي " (مريم 19) أي بلا إثم ، كما جاء في تفسير البيضاوي ، أو طاهر من الأدناس ، كما جاء في تفسير عبد الله شبر . وقد جاء في الحديث : " كل ابن آدم يطعنه الشيطان في جنبه حين يولد ، غير عيسي ابن مريم ، ذهب ليطعنه فطعن الحجاب".
تميز السيد المسيح وحده بالقدرة على الخلق : " إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله " (آل عمران 49) . أفمن يخلق كمن لا يخلق (النحل 17)؟
تميز السيد المسيح وحده بمعرفة سرائر الناس : " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرونه في بيوتكم ، إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " (آل عمران 49).
تميز السيد المسيح وحده بصنع المعجزات والخوارق التي لم يتسطع أن يعملها أي شخص آخر " وأُبرئ الأكمة والأبرص بإذن الله " (آل عمران 49 والمائدة 110).
تميز السيد الميسح وحده بالرقابة علىا لناس حتى ارتفاعه الي الله تعالي : " وكنتُ عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، فلما توفيتني ، كنت أنت الرقيب ." (المائدة 117).
تميز السيد المسيح بكونه مؤيدا بالروح القدس : " .. وآتينا عيسي بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس .." أو بالاسم الأعظم ، بحسب ما جاء في تفسير عبد الله شبر.
تميز السيد المسيح بأنه رُفع إلي الله العلي : " إني متوفيك ورافعك إلي .." (آل عمران 55) ، " بل رفعه الله إليه " (النساء 158) . وإن في هذا الترفيع إلي حضرة الله لإكرام لم يحظ به أي شخص آخر.
تميز السيد المسيح بأنه هو المزمع أن يأتي في آخر الزمان للدينونة العادلة ، حيث جاء في الحديث :" لا تقوم الساعة حتى ينزل ابن مريم حكما مقسطا" أي ديانا عادلا . " وإنه – أي المسيح- لعلم للساعة " (الزخرف 61)
ميز الله أتباع المسيح بمركز سام وبتأكيد ليوم القيامة : " وجاعلا الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلي يوم القيامة." (آل عمران 55). ليس كلمن ادعي المسيحية كان من اتباع المسيح ، بل من آمن بالله بحسب رسالته في المسيح ، وأما رسالة المسيح فهي الإنجيل ، ومن أراد اتباع المسيح ، عليه أن يتوب ، وينكر نفسه ، مؤمنا بالمسيح ، وموته البديلي على الصليب عنه شخصيا (اموت) ، وقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث ، (أُبعث حيا) ، ومجيئه الثاني (.. حتى ينزل ابن مريم ) القريب بالمجد حسب الانجيل ، فيصبح خليقة جديدة ، لأن في المسيح وحده قوة الله لخلاص الإنسان من الخطيئة والشيطان وجهنم ، وقد أوحي الله لحواريي المسيح فدونوا رسالته في الإنجيل وأظهروا حقيقة شخصيته وهدف الله من خلاله.
اننا ندعوك لقراءة الإنجيل وفهم معناه الحقيقي بعيدا عن كل تحريف أو تشكيك أو كفر ، فشخص المسيح المميز عن سائر الأنبياء والبشر ، يستحق أن نعرفه تماما كما جاء في الإنجيل .