الشفاعة
القمص زكريا بطرس

مقدمة

} ... الأربعة والعشرون شيخاً أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخورا هي صلوات القديسين { (رؤ8:5)

تعترض الطوائف البروتستانتية على شفاعة القديسين بقولهم أن السيد المسيح هو شفيعهم الوحيد معتمدين على قول معلمنا بولس الرسول: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1تي5:2) وللرد على هذا الاعتراض يلزم أن نوضح مفهوم الشفاعة، ثم أنواعها، وأخيراً الرد على تساؤلات حولها.

القمص زكريا بطرس

الفصل الأول مفهوم الشفاعة

معنى الشفاعة هو التوسط بين اثنين، وتعني أيضاً المحاماة عن الغير، وتشمل أيضاً معنى التوسل لأجل الآخرين.

الفصل الثاني أنواع الشفاعة


إن القارئ المدقق في الكتاب المقدس يعرف جيداً أن هناك ثلاث أنواع للشفاعة سنوضحها بالآيات فيما يلي:

أولاً: الشفاعة الكفارية
وهي الشفاعة التي يقوم بها الإنسان يسوع المسيح وحده لأنه الشخص الوحيد الذي سُفك دمه على الصليب ليكفر عن خطايانا إذ يقول معلمنا بولس الرسول: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح" (1تي5:2) وأيضاً يقول معلمنا يوحنا الرسول: "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا" (1يو1:2،2)، "من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا" (رو34:8)، "فمن ثم يقدر أن يخلّص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حيّ في كل حين ليشفع فيهم" (عبر25:7)، "لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأُحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (أش12:53)، "فرأى أنه ليس إنسان وتحيّر من أنه ليس شفيع. فخلّصت ذراعه لنفسه وبره هو عضده" (أش16:59).

هذا عن الشفاعة الكفارية بدم يسوع المسيح البار ليكثر عن خطايانا.

ثانياً: الشفاعة النيابية

وهي الشفاعة التي يقوم بها الروح القدس في قلوبنا كما يقول معلمنا بولس الرسول: "وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا ينطق بها" (رو26:8).

يلاحظ أن شفاعة الروح القدس النيابية هي في قلوبنا. وبالأنّات التي لا يُنطق بها بينما شفاعة المسيح الكفارية هي أمام الآب في السماء وهي شفاعة بالدم المسفوك على الصليب.

ثالثاً: الشفاعة التوسلية

هي توسلات وتضرعات وصلوات المؤمنين بعضهم لأجل بعض من منطلق المحبة وعضوية جسد المسيح، وهي ثلاثة أنواع:

1- شفاعة الأحياء على الأرض لأجل أحياء آخرين على الأرض أيضاً:

وهذا النوع من الشفاعة واضح في قول معلمنا يعقوب الرسول: "... صلوا بعضكم لأجل بعض" (يع16:5).

2- شفاعة الأحياء على الأرض لأجل المنتقلين:

يتضح هذا النوع من صلوات بولس الرسول لأجل أنيسيفورس: "ليعط الرب رحمة لبيت أنيسيفورس لأنه مراراً كثيرة أراحني ... ليعطه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم" (2تي16:1-18) ويتضح من سياق الحديث أن أنيسيفورس كان قد انتقل ومعلمنا بولس يطلب له.

3- شفاعة المنتقلين لأجل الأحياء الذين على الأرض:

بدافع الحب الذي يربط أعضاء جسد المسيح المؤمنين الذين في السماء وعلى الأرض يطلب الذين انتقلوا من أجل الذين على الأرض حتى لا يذهبوا إلى الجحيم بل يكون لهم نصيب في النعيم. ويوضح لنا الكتاب المقدس أن ليس القديسون فقط يطلبون ذلك. بل حتى الأشرار الذين في الهاوية يطلبون من أجل اخوتهم أن لا يذهبوا إلى العذاب "فقال (الغني) أسألك إذاً يا أبتي (إبراهيم) أن ترسله (لعازر) إلى بيت أبي لأن لي خمسة اخوة. حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا" (لو27:16،28).

أما عن صلوات القديسين فإليك بعض الآيات التي تبرهن عليها: " ... الأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخورا هي صلوات القديسين" (رؤ8:5)، "وجاء ملاك آخر وأعطي بخوراً كثيراً لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش. فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله" (رؤ3:8،4).

من هذا يتضح أن الشفاعة التوسلية هي صلوات يرفعها القديسون، وليست مثل الشفاعة الكفارية بدم المسيح.

الفصل الثالث الرد على التساؤلات حول الشفاعة

يعترض البعض على شفاعة القديسين باعتراضات كثيرة منها:

أولاً: لا يوجد إلا شفيع واحد بين الله والناس. فما لزوم شفاعة القديسين؟

الرد: إن شفاعة السيد المسيح الكفارية لا يشاركه فيها أحد. أما شفاعة القديسين فهي توسلية بدافع الحب الذي يربط أعضاء جسد المسيح.

ثانياً: كيف يقبل الله صلوات القديسين وهم أموات؟

الرد: القديسون المنتقلون ليسوا أمواتاً فالسيد المسيح قال: " … إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب وليس هو إله أموات بل إله أحياء لأن الجميع عنده أحياء" (لو37:20،38).

ثالثاً: إن القديسين مبتلعون في المجد فلا يعلمون عنا شيئاً؟

الرد: الواقع أن القديسين لم يدخلوا بعد إلى المجد ولكنهم في فردوس النعيم بأرواحهم فقط. ويؤكد الكتاب المقدس أنهم مرتبطون بما على الأرض كما يتضح في (رؤ9:6،10) "ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض" من هذا يتضح أن الذين في السماء يعلمون بأخبار الأرض ويهتمون بذلك.
 

عودة للصفحة الرئيسية