تحريف الإنجيل حقيقة أم افتراء؟

ما معنى كلمة إنجيل؟

 

1 -معنى كلمة إنجيل

إن كلمة إنجيل كلمة يونانية تعنى الخبر السار أو البشارة المفرحة، فهو يعلن لنا بشرى الخلاص التى جاء بها المسيح ويقدم لنا سيرة المسيح (حياته، تعاليمه، معجزاته، موته وقيامته، مجيئه الثانى) والمهم أن ندرك أن المسيح لم يكتب كتاب، ولم ينزل عليه كتاب، فالوحى فى المسيحية لا يعنى أن هناك كتاباً كان موجوداً عند الله وأنزله، فالله ليس عنده لغات وحروف. ولكن روح الله يهيمن على الكاتب وبقوده فيكتب لنا الرسالة التى يريد الله أن يرسلها لنا ويعصمه فيما يكتب مستخدماً أسلوب ولغة وثقافة الكاتب . "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ( العهد الجديد(الانجيل). رسالة بطرس الثانية 21: 1).

2 - إنجيل واحد

عندما تتصفح الإنجيل تجد أن هناك إنجيل متى، مرقس، لوقا، ويوحنا، وهذا لايعنى أن هناك أربعة أناجيل، بل هو إنجيل واحد دونه أربعة أشخاص، أى انجيل واحد فى أربع روايات تتفق فى جوهرها وموضوعها وإن اختلفت فى بعض التفاصيل . لأنها دونت بواسطة أشخاص على مايناسب الشعوب التى وجهت لها الرسالة. فالرسول متى يكتب لليهود، لذلك اهتم بالنبوات التى جاءت عن السيد المسيح فى التوراه والمزامير (الزبور) وكتابات الأنبياء وأكد أتممها أو تحققها بمجئ المسيح والبشير مرقس كتب للرومان لذلك بدأ كتابته بارسالية المسيح وتعاليمه موضحاً قوة المسيح وعظمته ومعجزاته وهكذا أى إنه انجيل واحد ورسالة واحدة دونها أربعة اشخاص لشعوب مختلفة أو نستطيع أن نقول أنه إنجيل واحد مدون بأربعة أحرف

3 - كتبة الإنجيل

المسيح لم يكتب الإنجيل، ولكنه قدم كرازة عملية، وكان من الصعب أن يفهم تلاميذه ورسله رسالته كاملة قبل أن يموت المسيح ويقوم، لذلك قبل صلبه عمل وعلم تلاميذه ووعدهم بارسال الروح القدس "ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا اليكم من الاب روح الحق الذى من عند الاب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون انتم ايضا لانكم معي من الابتداء " الإنجيل كما دونه يوحنا 15 :26، 27 " إن لى اموراً كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الان. واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق "الإنجيل كما دونه يوحنا 16: 12، 13 وبعد قيامة المسيح من الموت، قاد الروح القدس بعض رسل المسيح وتلاميذه ليدونوا الانجيل (وهم متى، لوقا، يوحنا، مرقس،بولس، بطرس، يعقوب، يهوذا) وبانتهاء القرن الأول الميلادى تم كتابة الإنجيل وبكلمة إنجيل هنا نعنى الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل الذى يقص بداية تاريخ المسيحية ثم الرسائل وسفر الرؤيا ومعظم هولاء شهود عيان .

هل حرف الكتاب المقدس؟ 

من السهل جداً توجيه الاتهامات، ولكن على من يتهم أن يأتى بالدليل، وكما يقول رجال القانون"البينة على من ادعى". وفيما يلى سوف نرد على هذا الادعاء ونقدم الادلة عل عدم تحريف الإنجيل اولاً أدلة وبراهين داخلية:(أى من محتويات الإنجيل نفسه) 

1 -إن الذين كتبوا الانجيل كانوا شهود عيان أو رافقوا شهود عيان

لقد سجلوا لنا بوحى الروح القدس كتاباتهم، وبالإضافة الى ذلك فقد شهدوا لصحة الاحداث لأنهم قد رأوها عياناً. كتب الرسول بطرس:" لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرفنا كم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته" رسالة بطرس الأولى 1: 16 " والذى عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم انه يقول الحق لتومنوا أنتم " الإنجيل كما دونه يوحنا 19: 35 وقال الرسول بطرس:" فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعاً شهود لذلك " أعمال الرسل 2: 32 كتب الرسول يوحنا:" الذى رأيناه وسمعناه نخبركم به لكى يكون لكم أيضا شركة معنا" رسالة يوحنا الاولى 1: 3 واقرا ايضاً شهادة التبشير لوقا:" اذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت أنا أيضاً اذ قد تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالى إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذى علمت به " الإنجيل كما دونه لوقا 1: 1-4 وليس من السهل تكذيب شهادة شهود العيان، ولا ننسى أنهم تلاميذ ورسل المسيح وقدتعلموا منه أسمى المبادئ والتعاليم.

2 -الوحدة بين الأسفار

الإنجيل هو كتاب واحد، له رسالة وهدف واحد، وعندما تقرأه تشعر بالوحدة التى تربط بين أسفاره المختلفة، رغم اختلاف المستوى الفكرى والثقافى بين كتابه وذلك لأن مؤلفه واحد وهو الروح القدس " كل الكتاب هو موحى به من الله " رسالة تيموثاوس الثانية 3: 16

3 -سمو التعاليم

عندما تقرأ الإنجيل تشعر بسمو تعاليمه، وعندما تقارنها بالتعاليم والمبادئ التى كانت تسود فى عصر كتابته أو حتى التى كتبت بعده تدرك الفارق الرهيب بين ما جاء به وما نادى به أخرين وهذا يدل على مصدره الالهى . وأوضح دليل على ذلك ما جاء فى الإنجيل كما دونه متى الأصحاحات 5-7 (الموعظة على الجبل)

4 -عدم مناقضة ما به للعقل

توجد فى الإنجيل تعاليم سامية وعقائد لاهوتية تسمو فوق ادراك العقل مثل عقيدة الثالوث وقضية الفداء ةوعدم ادراكنا لها ليس دليلاً على أنها غير صحيحة، بل على سموها ومحدودية إدراك عقولنا. فلو حاول إنسان بدائى ادراك نظرية النسبية لاينشتاين ولم يستطيع فهذا ليس دليلاًعلىخطأ هذه النظرية، بل عدم ادراكه هو وهذه التعاليم التى تسمو عن ادراكنا دليل على صحة وحى الإنجيل، لأن اعلان الله الفائق والسامى فوق إدراك العقول

5 -التاثير العجيب

إن لكلمات الانجيل تأثير عجيب وقوى، فقد غير الأفراد والشعوب من حياة البداوة والجهل وشريعة الغاب إلى أسمى وأرقى الحضارات. وله تأثير غير عادى على الأداب والفنون. مما يدل على صحته ومصدره الإلهى . ثانياً: البراهين الخارجية هناك كثير من البراهين التى تثبت أن الانجيل، كلمة الله الحية لم يحرف ومن هذه الأدلة:

1 -التواتر

إن الكتاب المنقول بالتواتر لا يتأتى فيه تغيير اللفظ. عند المتكلمين هذا ممتنع لأنهما (التوراة والانجيل) كانا كتابين بلغا فى الشهرة والتواتر الى حيث يتعذر ذلك فيهما ولقد وصل الينا الإنجيل بالتواتر والاسناد غير المنقطع عن الرسل والتلاميذ الذين كانوا منذ البدء شهود عيان ثم صاروا دعاة ومبشرين v كان يتم تلاوة الإنجيل فى الاجتماعات والصلوات وهذا دليل على أنه قبل بالاجتماع v وجود مخطوطات ترجع إلى القرن الأول أى أن الفترة بين كتابة ملك المخطوطات والنسخ الأصلية قصيرة جداً وهناك شهود عيان أحياء معاصرين للأحداث المدونة فى تلك الأسفار

2 -وجود الأناجيل المزيفة والمنحولة

لقد اعتمد المسيحيون الأوائل انجيل واحد دونه أربع رواه بارشاد الروح القدس ثم لأسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا ظهرت بدع وهرطقات دون أصحابها كتب نسبوها إلى بعض رسل المسيح لتلقى قبول بين جمهور المسيحيين، وربما صدق حيلتهم بعض الناس، ولكن رجال الدين والعلماء أظهروا بطلانها وزيفها ورفضت الكنيسة تلاوتها واستخدامها فى الصلاة، ورغم ذلك لم تعمل الكنيسة على حرقها أو اتلافها. ومن المقارنة بينها وبين الإنجيل الصحيح يظهر لنا صحة الأناجيل المعتمدة وتاريخيتها وقانونيتها

3 -الأحداث التاريخية

عنما نقارن الأحداث التاريخية المدونة فى الإنجيل وكتب التاريخ العالمية ( اليهودية والرومانية واليونانية) نرى صحة الأحداث المدونة فيها، ولم يكشف حتى اليوم أى تناقض أو تحريف

لماذا يستحيل تحريف الكتاب؟

إنه من المستحيل أن يحرف الإنجيل لما يلى:

أ - تاريخيا

إن تهمة التحريف التى يدعيها البعض لا تستند عندهم إلى فاعل أو مفعول بعينه، ولا إلى زمان ومكان معين؟ ويحتاج المدعى أن يذكر لنا: متى تم التحريف؟ إن اثبات تهمة التحريف تاريخياً نقتضى اظهار النص الأصلى والنص المحرف، ثم مقابلتها الواحد بالآخر لإثبات التحريف

ب - منطقيا

 من المسلمات البدلهية أن لايجتمع الإيمان بشئ والكفر به على صعيد واحد وفى آن واحد، فلا يمكن أن يؤمن المسيحيون بالانجيل ويموت البعض فى سبيل المناداة به ثم يحرفونه ولنفترض أن شخصاً حاول ذلك، فلا يعقل أن يكفر جميع المؤمنين معاً حتى يحرفون كتابهم وإذا ماحاول أحد ذلك لتصدت له الأغلبية المؤمنة وأبطلت محاولته  من الثابت أن الانجيل قد انتشر فى كل زمان ومكان انتشاراً عظيماً الأمر الذى يجعل محاولة التحريف شيئاً مستحيلاً اذ لا يمكن أن يتواطأ جميع الناس من كل الأمم وكل الألسنة على جمع كل النسخ وكل الترجمات ويحرفوا كلام الله، وما يكون من بقية تنتصر للوحى وتبعث صرخة الاعتراض مدوية  لقد اختلف المسيحيون فرقاً ومع ذلك فالكتاب واحد بنصه عند الجميع، كل فرقة تقرّ هذا النص وتؤيد رأيها ما جاء فيه من نصوص، فاذا حرفته فرقة لاعترضت الأخرى ولاصبح لدينا نصين واحد محرف والأخر صحيح .  إن الإنجيل يحمل رسالة الخلاص إلى جميع الناس فى كل زمان وكل مكان، فلئن ضاعت هذه الكلمة أو حُرفت ضاع على الله سبحانه قصده الخلاص ولذلك فهو مسئول عن حفظ كتابه ومن المؤكد أنه قادر على ذلك ومن المؤكد انه فعل ويفعل ولايستطيع أحد أن ينسب له عدم المقدرة. سبحانه

ج - علم المخطوطات أو ثبت المراجع (ببليوجرافيا)

يوجد لدينا اليوم أكثر من ثلاثة عشر ألف مخطوطة للعهد الجديد. وبالمقارنة بينها أمكن الوصول للنسخة الأصلية - الفترة الزمنية بين الوحى والتدوين، وبين النسخ الأصلية والمخطوطات المكتشفة قصيرة جداً مما يؤكد التواتر واستحالة التحريف. - لو أننا جعلنا هذه المخطوطات موضع شك للزمنا أن نرفض كل الكتابات الأخرى، لأنه لايوجد كتاب ثابت ببليوغرانيا مثل الإنجيل - يوجد اليوم فى كبرى المكتبات ودور الكتب مخطوطات من الإنجيل مع ترجمات متعددة من كل العصور، خاصة من القرن الأول الميلادى الى السادس الميلادى. ومنها:

1 - مخطوطة جون رايلاند (130م) توجد فى مانشستر بانجلترا، وهى أقدم المخطوطات وجدت فى مصر، بها الإنجيل كما دونه يوحنا، وحيث أن هذا الانجيل قد دون فى نهاية القرن الأول، إذن الفترة مابين كتابة النسخة الأصلية والمخطوطة لا تتجاوز 30سنة

2 - مخطوطة تشستر بيتى (200م) موجودة فى متحف بيتى فى دبلن، وجزء منها فى جامعة ميتشجان. وتحتوى على معظم الإنجيل

3 - مخطوطة بدمر(150- 200م) موجودة فى مكتبة بدمر وتحتوى على معظم إنجيل يوحنا ولدينا مخطوطة كاملة مكتوبة باللغة اليونانية من أهمها

1 - المخطوطة السينائية(350م) فى المتحف البريطانى. وعثر عليها فى دير سانت كاترين

2 - المخطوطة الفاتيكانية(325- 350م) فى مكتبة الفاتيكان

3 - المخطوطة الاسكندرانية(400م) بالمتحف البريطانى

4 - المخطوطة الافرايمية(400م) بالمكتبة الوطنية بباريس

2 - الترجمات

لدينا اليوم مئات الترجمات، وآلاف النسخ من الترجمات القديمة منها الترجمة السريانية والتى تعود الى سنة 150م ومن المقارنة يتضح مطابقة النص الموجود بين أيدينا اليوم للأصل الموحى به

3 - اقتباسات آباء الكنيسة

لقد أقتبس آباء الكنيسة فى القرنين الأول والثانى اقتباسات كثيرة من العهد الجديد (الإنجيل) تمكنا من تجميع العهد الجديد منها. ولقد قضى السير دافيد دابرمبل زمناً درس فيه كل هذه الاقتباسات ووصل إلى النتيجة التالية: لقد وجد كل العهد الجديد ماعدا إحدى عشرة أية

الخاتمة

بعد كل هذه البراهين سواء الخارجية أو الداخلية هل يستطيع أحد أن يقول إن الانجيل قد حرف عزيزى المحترم: إننا ندعوك الى قراءة الانجيل حتى تستطيع أن تحكم بنفسك ولا تكن مثل غيرك تردد الاتهامات باطلاً وبدون دليل أو برهان. والآن يتواجد نسخة من الإنجيل مجاناً فى هذا الموقع فى قسم الارتباطات

 

عودة الى صفحة الرد على الاسلام