التثليث و التوحيد

·         هل يستطيع العقل المحدود أن يحوي الله الغير محدود؟

·         هل الحقائق الإيمانية ضد العقل؟

·         هل نتعامل مع الحقائق الإيمانية كما نتعامل مع الحقائق العلمية؟

·         ما هي الصفات التي يتميز بها الله دون سواه؟

·         السيد المسيح هو الله المتأنس له جسد بشري من لحم و عظم و ليس جسداً خيالياً.. فكيف نوفق بين هذه الحقيقة أن الله جسد و بين حقيقة أن الله روح لا جسم له؟

·         هل هناك آيات في الكتاب المقدس تشهد بوحدانية الله؟ هل كرزت الكنيسة بهذه الوحدانية؟

·         ما هو مفهوم الجوهرالالهى؟

·         ما هي الخواص الاقنومية؟ و هل كل اقنوم يتمايز بخاصيته الاقنومية عن الاقنومين الآخرين؟

وحدانية الله

محدودية العقل البشري :

هل يستطيع العقل المحدود أن يحوي الله الغير محدود؟

كان هناك ملكا لا يؤمن بوجود الله  و طلب من أحد الأساقفة أن يريه الله فأخذه الأسقف علي جبل عال, و طلب منه أن ينظر إلي قرص الشمس, فلم يقدر الملك النظر إلي قرص الشمس و قال للأسقف: هل تريدني أن أفقد بصري لكيما أري الله , فقال له الأسقف:إن كنت لا تستطيع أن تحتمل بهاء أحدي مصنوعاته ,فكيف تحتمل النظر إلي بهائه و مجده.

و إن كان الإنسان يستطيع أن يفهم أعمال الله من خلال الخليقة, و لكن جوهر الله سيظل فوق مستوي العقل و التصور, فيقول البابا أثناسيوس الرسولي" الله خارج كل شئ بحسب جوهره , لكنه في كل شئ بأعمال قدرته"

هل الحقائق الإيمانية ضد العقل؟

ج: الحقائق الإيمانية ليست ضد العقل و لكنها فوق مستوي العقل , فمثلاً لو قلنا أن الثالوث القدوس عبارة عن  (1+1+1=1)فهذا ضد العقل , ولكن عندما نقول أن الثالوث القدوس في المسيحية هو عبارة عن 1*1*1=1) )هذا يتمشي مع العقل.

هل نتعامل مع الحقائق الإيمانية كما نتعامل مع الحقائق العلمية؟

:و التعامل مع الحقائق الإيمانية يتمثل في الآتي:

أ- الحقائق العلمية تبدأ بالشك في صحتها, أما الحقاءق الإيمانية فإننا نؤمن بصحتها و نقبلها.

ب- الحقاءق العلمية نخضعها للفحص و التمحيص حتي تثبت صحتها. أما الحقائق الإيمانية فإننا نحاول تفهمها بالإيمان و الثقة مع الدراسة و البحث.

ج- الحقائق العلمية نقبلها بعد الاقناع بصحتها . أما الحقائق الإيمانية فإننا نقبلها حتي لو كانت فوق مستوي عقولنا.

د- الحقائق العلمية محدودة لأنها تخص البشر و الكون المحدود أما الحقائق الإلهية فهي غير محدودة لأنها تخص الله الغير محدود..الحقائق العلمية في متناول اليد فهي قابلة للبحث أما الله فهو فوق العقل.

ه- الحقائق الإيمانية تعتمد علي إعلانات الله, فعندما إعترف بطرس بأن السيد المسيح إبن الله لم يكن هذا الإعتراف وليد عقله إنما كان بإعلان سمائي "طوبي لك يا سمعان بن يونا. إن لحما و دما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات" (مت 17:16) و  قال الرب يسوع"وليس أحد يعرف الإبن إلا الآب. و لا أحد يعرف الآب إلا الإبن. و من أراد الإبن أن يعلن له" (مت  (27:11) و يقول معلمنا بولس الرسول "ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس"  1 كو 3:12) .)

صفات الله الواحد

 

ما هي الصفات التي يتميز بها الله دون سواه؟

ج: أ-الله روح: "الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي أن يسجدوا" يو 24:4)  ) هو خالق جميع الأرواح "أفلانخضع بالأولي لأبي الأرواح فنحيا"  عب 19:12). ) الله روح بسيط لا ينقسم و لا يتجزأ..

الله روح بسيط لا تركيب فيه, فالشئ المركب ليس أزلياً لأنه ركب من أشياء قد سبقته في الوجود , فمثلا الماء مركي من الأكسجين و الهيدروجين و هما سابقان في الوجود عن الماء. أما الله فهو الأزلي الذي لم يسبقه شئ قط إنما هو جابل كل شئ, و الشئ المركب محدود بقدر الأشياء التي ركب منها. أما الله فهو غير محدود      , و قال القديس أغسطينيوس "الله جوهر مجرد لا تركيب فيه"

الله روح بسيط لا أثر للمادة فيه , و بالتالي فإنه منزه عن صفات المادة مثل المحدودية و التحيز و التجزئة..الله روح بسيط لا جسم له, و لذلك فهو لا يدخل تحت نطاق الجنس ذكراً أو أنثي..

 السيد المسيح هو الله المتأنس له جسد بشري من لحم و عظم و ليس جسداً خيالياً.. فكيف نوفق بين هذه الحقيقة أن الله جسد و بين حقيقة أن الله روح لا جسم له؟

 لا يوجد تعارض علي الإطلاق بين الحقيقتين لأن جوهر اللاهوت هو روح بسيط لا جسم فيهلكيما يتم حلاصنا , و اً حقيقياً حتي بعد أن تمم خلاصنا فإن جسد المسيح لم يتلاشي و لكنه تحول إلي جسد القيامة الممجد , و بهذا الجسد سيظهر في مجيئه الثاني و تراه كل عين.

ب- الله غير محدود :"هكذا قال لرب السموات كرسي و الأرض موطئ قدمي "أش 1:66)  ) "إذا إختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه يقول الرب.. أما أملأ أنا السموات و الأرض يقول الرب"  إر (24:23)

"الذي يملأ الكل في الكل "أف23:1).الله مالئ السموات و الأرض.. يملأ كل مكان و لا يخلو منه زمان.. هو حاضر في كل مكان و زمان .. هو كائن بالكامل في كل مكان , و مثال تقريبي علي هذا أن الشمس تدخل إلي بيتي و بيتك , و تشرق في مدينتي و مدينتك مع هذا فإنها شمس واحدة قائمة في العلاء , و التشبه مع الفارق لأن الشمس تغرب لكن إلهنا أشراقه دائماً.

 

ج- الله سرمدي: الله سرمدي أي أزلي أبدي , فهو أزلي ليس له بداية, و أبدي ليس له نهاية..لا بداية لأزليته , و لا نهاية لأبديته" من قبل أن تولد الجبال و ابدأت الأرض و المسكونة منذ الأزل إلي الأبد أنت الله"مز 2:90)

د- الله غير متغير: "ليس عنده تغيير و لا ظل دوران" يع 17:1) ) "لأني أنا الرب لا أتغير" مل 6:3) )

 ه- الله خالق كل شئأنا الرب صانع كل شئ ناشر السموات وحدي باسط الأرض من معي (أش 24:44)

 و- الله ضابط الكل: " كل ما شاء الرب صنع في السموات و في الأرض في البحار و في كل اللجج "

مز 6:135))

ز- القادر علي كل شئ: "الله القادر علي كل شئ " تك 3:48)   ) "عند الله كل شئ مستطاع"  مت (26:19)

ح - العالم بكل شئ: "الغارس الأذن ألا يسمع . الصانع العين ألا يبص"مز( 9:94) "ليس خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شئ عريان و مكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرن "عب ((13:4

وحدانية الله

وحدانية الله كتابياً و كنسياً:

 

: هل هناك آيات في الكتاب المقدس تشهد بوحدانية الله؟ هل كرزت الكنيسة بهذه الوحدانية؟

: نعم

أ- في العهد القديم:

1-      وصية الله لشعبه منذ القديم "لا يكن لك آلهة أخري أمامي" خر (3:20)

2-      قال موسي النبي لشعبه " أسمع يا أسرائيل الرب إلهنا رب واحد" نث (39:32)

3-      صلي داود النبي قائلاً "لذلك قد عظمت أيها الرب الإله لأنه ليس مثلك و ليس إله غيرك"  صم 22:7)  ) "يا رب ليس مثلك و لا إله غيرك"  1اخ 20:17))

4-      صلي سليمان يوم تدشين الهيكل " ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله و ليس آخر 1 مل 60:8))

 

ب- في العهد الجديد:

1-      شهادة الرب يسوع عن وحدانية الله "فأجابه يسوع أن أول كل الوصايا هي إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد.. فقال له الكاتب جيداً يا معلم. بالحق قلت لأنه الله واحد و ليس آخر سواه" مر 29:12 , 32) )

2-      شهادة بولس الرسول "لأن الله واحد" رو(30:3)

3-      شهادة يعقوب الرسول "أنت تؤمن أن الله واحد . حسناً تفعل " يع ( 19:2)

 

شهادة العقل لوحدانية الله  :

 

: هل يقبل العقل فكرة وجود أكثر من إله واحد؟

 يؤكد العقل بأنه من المستحيل أن يكون هناك أكثر من إله واحد ..لماذا؟

أ- الله هو الوحيد الأزلي..فلو أفترضنا جدلاً بأن هناك إلهاً آخر و له بداية و لكنه ليس أزلياً , فبالتالي هو ليس إلهاً , لأن من صفات الله السرمدية.

ب- الله غير محدود مالئ كل زمان و مكان .. فلو أفترضنا جدلاً أن هناك إلهاً آخر ..فأين مكان وجوده , هل سيجد مكاناً في لسماء ليسكن فيه و يباشر سلطانه؟

ج- الله خالق كل شئ..فلو أفترضنا جدلاً بأن هناك إلهاً آخر, فهل هذا الإله الآخر له المقدرة غلي الخلقة؟ و هل اتفق الإلهان علي الخلقة؟ و هل قام كل منهما بجانب في هذه الخلقة؟ لو كانت الإجابة بالإيجاب فلا يصح أن يكون أي منهما هو الله ..لماذا؟ لأنه من صفات الله الإستقلال بالذات, و عدم الإعتماد علي كائن آخر.. و لو كان احدهما فقط قام بأغمال الخلقة فما هو عمل الإبن الإله؟!.. قال العلامة ترتليانوس "أن لم يكن الله واحدا لا يكون هو الله, لأن الله لا يكون إلا فريداً في العظمة , و لا يكون فريداً في العظمة إلا من لا مساوي له, و من لا مساوي له لا يكون إلا واحداً مفرداً" أن نظام الكون ووحدته يخبرنا بأن الخالق لابد أن يكون واحد لا أكثر, فوحدانية الكون هي انعكاس لوحدانية الله.

د- الله ضابط الكل و مدبر كل شئ..فلو افترضنا جدلاً أن هناك إلهاً آخر.. فأي شئ سيدبره ؟ أم أنه يحتاج هو لمن يدبر له أموره ؟!.. و من يقبل إلها مثل هذا؟!..

ه- الله قادر علي كل شئ ..فلو افترضنا جدلاً بأن هناك إلها آخر..فأيهما يقوي علي الثاني؟!.. و هل سندخل في مرحلة صراع الآلهة الخيالية؟!.. حقا قال المثل الشعبي "المركب التي ليس لها ريسين تغرق".

 

الجوهر الالهي و الاقنوم الالهي

 

مفهوم الجوهر الإلهي

 

ما هو مفهوم الجوهرالالهى

جوهر الشئ أي طبيعة الشئ فجوهر الإنسان أي طبيعته الإنسانية, و جوهر الملاك هو طبيعته الملائكية, و جوهر الله هو طبيعته الإلهية أي اللاهوت...الجوهر

الجوهر الإلهي= الطبيعة الإلهية = الكيان الإلهي= الذات الإلهية = اللاهوت

فالكيان يعني وجود حقيقي, أي شخصية و خواص الكائن سواء كان شخصاً أو شيئاً ( القمص تادرس يعقوب- طبيعة واقنوم ص44) , و أيضاً يعني الجوهر الكائن بذاته.. القائم بذاته الذي لا يحتاج و لا يعتمد علي غيره في وجوده. هو أصل الشئ و مصدره.

نحن نصف الله بالوحدانية, و هذه الوحدانية ليست وحدانية جامده و مصمدة  لكنها:

أ- وحدانية موجودة

ب- وحدانية عاقلة مدبرة و حكيمة

ج - وحدانية حية

 

إذا الجوهر الإلهي الواحد يحوي ثلاث حصائص ذاتية. ثلاث اقانيم.. الأب و الإبن و الروح القدس. و يتساءل البعض هل وردت كلمة "جوهر" في الكتاب المقدس؟ نعم وردت كلمة "جوهر" في الرسالة إلي العبرانيين في الحديث عن الإبن أنه من نفس الجوهر الإلهي" الذي هو بهاء مجده و رسم جوهره" عب (3:1).

 

 

مفهوم الأقنوم الألهي

 

: ما هو مفهوم الأقنوم؟

ج: كلمة أقنوم كلمة سريانية أطلقها السريان علي كل ما يتميز عن سواه بدون إستقلال , و كلمة أقنوم تشير إلي كائن..حي..قدير..مستقل بذاته..له مقومات الذات و الشخصية..يصدر عن شخصه أقوال و أفعال تنم عن الكينونة..هو شخص يريد و يفعل و ينسب أفعاله إلي نفسه و يعبر عن ذاته قائلاً: أنا أريد ..أنا أفعل..أنا أحب..أنا أقول, فمثلاً في المعمودية و في التجلي سمعنا الآب يتكلم "هذا هو إبني الحبيب" مت (17:3) لو (35:9) فالذي تكلم هذا هو الآب و ليس الأبن و لا الروح القدس, لأن في المعمودية كان الإبن واقفاً في نهر الأردن و الروح القدس ظاهراً علي شكل حمامة, وعلي جبل التجلي كان الإبن متجلياً و جاء صوت الآب, و في موقف ثالث رأينا الإبن يخاطب الآب "أيها الآب مجد أسمك " و علي الفور سمعنا إستجابة الآب قائلاً "مجدت و أمجد أيضاً " يو (28:12) و بعد عودة إرسالية السبعين رأينا الإبن يخاطب الآب "أحمدك أيها الآب رب السماء و الأرض.." و في بستان جثماني سمعنا أيضاً الإبن يخاطب الآب "يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس" لو 42:12))

و كلمة أقنوم باللغة السريانية يقابلها باليونانية هيبوستاسيس, و هي تتكون من مقطعين هيبو= تحت, وستاسيس=قائم أو كيان, و معناها الحرفي "القائم تحت" أي ما يقوم تحت كاساس أي ا يقوم عليه الكيان الإلهي, و بدونه لا يقوم الكيان.. إذاً الاقنوم هو خاصية ذاتية بدونها لا يقوم الجوهر الإلهي, فمثلاً:

 

أ- خاصية الوجود ضرورية لقيام الجوهر الإلهي , و لا يمكن تصور الله بدون وجود ..أنه واجب الوجود.

ب- خاصية العقل الناطق ضرورية لقيام الجوهر الإلهي , و لا يمكن تصور الله بدون عقل ..أنه العقل الأكبر ..أقنوم الحكمة

ج- خاصية الحياة ضرورية لقيام الجوهر الإلهي , و لا يمكن تصور الله بدون حياة ..أنه الحي وواهب الحياة لكل كائن حي.

و الاقانيم الثلاثة ليسوا ثلاث كيانات مستقلة إنما هم كيان إلهي واحد ..قائمين في الجوهر الإلهي الواحد بدون اختلاط و لا إمتزاج..كل اقنوم يتمايز عن الاقنومين الآخرين..الاقانيم الثلاث متحدة بأنفصال ,ومنفصلة باتحاد, فلا يمكن أن نري اقنوماً منفصلاً عن الاقنومين الآخرين..كل اقنوم لا يتلاشي و لا يضمحل في الآخر..كل اقنوم حال في الآخر دون أن يطغي عليه أو يؤثر في كينونته أو يمحو كيانه.

ويقول الشماس الأكليركي د.سامح حلمي "نؤمن أن الله واحد لا شريك له, و لكنه مثلث.. الخاصيات الذاتية, فالله واحد في جوهره , و لكن هذا الجوهر الواحد ثلاث خاصيات ذاتية و هي الوجود و العقل و الحياة, و هذه ..أطلق   .. عليها آباء الكنييسة الأوائل كلمة (أقانيم) فكلمة اقنوم تعني خاصية.. ذاتية في الله تقوم عليها الذات الإلهية و بدونها بنعدم قيامها"

فالآب هو الجوهر الإلهي من حيث الوجود, و الإبن هو ذات الجوهر من حيث النطق و الحياة و الحكمة, و الروح القدس هو ذات الجوهر من حيث الحياة ..إذا الاقنوم الإلهي هو الجوهر الإلهي بالإضافة إلي خاصيته.

 

الخواص الاقنومية

 

ما هي الخواص الاقنومية؟ و هل كل اقنوم يتمايز بخاصيته الاقنومية عن الاقنومين الآخرين؟

ا- الخواص الاقنومية هي علاقة الاقانيم معاً, فالخاصية الاقنومية لاقنوم الآب أنه والد للإبن و باثق للروح القدس, و هو غير مولود و لا منبثق من أي من الاقنومين الآخرين.. الخاصية الاقنومية لاقنوم الإبن أنه مولود من الآب فهو غير والد و لا باثق لأحد الاقنومين الآخرين..الخاصية الاقنومية لاقنوم الروح القدس أنه منبثق من الآب فهو غير مولود و لا باثق لأحد الاقنومين الآخرين.. الاقانيم تتمايز في الخواص الاقنومية , و كل اقنوم ينفرد بخاصيته الإقنومية.

ب - - بغير الخواص الاقنومية كل اقنوم له ما للاقنومين الآخرين من جميع الصفات و الكمالات الإلهية , فالإبن له كل ما للآب ما عدا خاصية الأبوة, فالأبن ليس أباً, و الإبن له كل ما للروح القدس ما عدا خاصية الإنبثاق, فالإبن ليس منبثقاً, و هكذا بالنسبة للآب فهو له كل ما للإبن ما عدا البنوة.

ج- الخواص الاقنومية ثابتة لا تتغير, فيقول البابا أثناشيوس الرسولي "الآب والد أبداً لم يزل والداً و ذلك هي خاصية قوامه التي لا يتحول عنها أبداً, و الإبن مولود أبداً لم يزل و لا يزال مولوداً و ذلك هي خاصية قوامة التي لا يتحول عنها أبداً, و الروح القدس منبثق لم يزل و لا يزال منبثقاً و ذلك هي خاصية قوامة و التي لا يتحول عنها أبداً.

و يشبه القديس أثناسيوس الآب بالعقل و الإبن بالكلمة , فكل منهما غير الآخر, و لكن أحدهما لا يمكن أن ينفصل عن الآخر, فيقول "العقل غير الكلمة بخاصية الولادة, و الكلمة غير العقل بخاصية مولدها من العقل, و ليس هما أيضاُ بفرقة (مفترقين) لأن العقل فيه الكلمة المولودة منه لم يفارقها .فهما في الطبيعة شئ واحد لاجتماعهما في ذات واحدة, كذلك الإبن الذي هو كلمة الله مولود من الآب مماثل له, فكل ما هو في العقل الإلهي الوالد هو أيضاً في الكلمة المولود, و هما واحد في الجوهر.

ما رأيك في نسبة الكينونة للآب فقط, والعقل نسبة للإبن فقط و نسبة الحياة للروح القدس فقط؟  

وينبغي أن نلاحظ أنه طبقاً لتعاليم الآباء فإن( الكينونة أو الجوهر ليس قاصراً علي الآب وحده (غريغوريوس النزينزي) لأن الآب له كينونة حقيقية و هو الأصل في الكينونة بالنسبة للإبن و الروح القدس, و الإبن له كينونة حقيقية بالولادة الأزلية, و الروح القدس له كينونة حقيقية بالأنبثاق الأزلي, و لكن ليس الواحد منهم منفصلاً في كينونته أو جوهره عن الآخرين).

و كذلك العقل ليس قاصراً علي الإبن وحده, لأن الآب له صفة العقل و الإبن له صفة العقل و الروح القدس له صفة العقل , لأن هذه الصفة من صفات الجوهر الإلهي..

 

بالنسبة لخاصية الحياة فهي أيضاً ليست قاصرة علي الروح القدس وحده, لأن الآب له صفة الحياة و الإبن له صفة الحياة و الروح القدس له صفة الحياة, لأن الحياة هي من صفات الجوهر الإلهي, و السيد المسيح قال "كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطي الإبن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته " يو  (26:5) و قيل عن السيد المسيح باعتباره كلمة الله "فيه كانت حياة " يو  (4:1) و لكن الروح القدس نظراً لأنه هو الذي يمنح الحياة للخليقة لذلك قيل عنه أنه هو(ا لرب المحيي) ( قانون الإيمان و القداس الكيرلسي(

 

وحدانية الثالوث القدوس

: الاقانيم ليسوا أجزاءاً في الجوهر الإلهي

هل الاقانيم الثلاث تعتبر أجزاءاً أو أقساماً في الجوهر الإلهي ؟

ج: الاقانيم ليسوا أجزاءاً في الجوهر الإلهي, فلا نستطيع أن نقول عن الآب أنه جزء من الجوهر, و الإبن جزء ثان و الروح القدس جزء ثالث ..الآب هو كل الجوهر الإلهي مع صفة الأبوة, و الإبن هو نفس الجوهر مع صفة البنوة , و الروح القدس هو نفس الجوهر مع صفة الحياة.

الجوهر الإلهي جوهر بسيط لا ينقسم و لا يتجزأ..في الجوهر الواحد نري الوجود أو الكينونة (الآب) و نري العقل (الإبن) و نري الحياة (الروح القدس) دون أدني إنفصال بينهم..

تشبيه: هناك تشبيه يقرب المعني, و هو أنه لو كان لدينا غرفة محكمة الإغلاق, ووضعنا فيها ثلاثة قارورات بها عطور شديدة التطاير و الانتشار, و فتحنا القارورات فبعد وقت نجد العطور قد تطايرت لتملأ فراغ الحجرة بالكامل, و لا يتميز كل عطر في جزء من الحجرة, و الذي يدخل الحجرة يشم رائحة العطور الثلاثة المجتمعة, و التشبيه هنا مع الفارق لأن العطر الجديد ليس عطراً بسيطاً إنما هو عطر مركب من ثلاثة أنواع من العطور, بينما الجوهر الإلهي بسيط بعيد عن التركيب.

س: هل الله مركب من ثلاثة عناصر أو اقانيم, فيقول البعض "ولكن قد يقول بعض أصحاب الثالوث أننا لا نقول بوجود ثلاثة آلهة , و إنما نقول بوجود إله واحد مركب أو مكون من ثلاثة عناصر أو اقانيم" ؟

: الله روح بسيط لا ينقسم و لا يتجزأ..روح بسيط لا تركيب فيه, فيقول البابا أثناسيوس الرسولي "التركيب مبتدأ المضادة , و هذا مبتدأ الاختلاف , و هذا مبتدأ الانتقاص, و الانتقاص ليس من ذات  الله" وقال أوريجانوس "يجب أن لا نظن أن الله مركباً لأنه لا يكون عندئذ بسيطاً, و البسيط لا تركيب فيه"

وقال القديس يوحنا الدمشقي "الاقانيم متحدون دون اختلاط و لا امتزاج و يتميزون دون افتراق أو انقسام لأنهم هو الله الواحد"

 

:هل الاقانيم الثلاثة يمثلون ثلاثة أشخاص منفصلين مثلنا؟

نعم الاقانيم الثلاثة هم أشخاص و لكن ليسوا مثلنا..أشخاص متميزون و لكنهم ليسوا منفصلين عن بعضهم.. هم مثل الجسد و العقل و الروح في الإنسان الواحد, و كلمة اقنوم بالفرنسية برسون تعني شخص غير منفصل, فالاقنوم هو شخص عاقل , مستقل بدون إنفصال عن الأقنومين الآخرين. إذا للأقانيم الثلاثة جوهر واحد و إرادة واحدة و سلطان واحد..

: ما هي علاقة الاقانيم الثلاثة معاً؟

: تتمثل علاقة الآب و الإبن و الروح القدس في الآتي:

1 -وحدة الجوهر :فالجوهر الإلهي واحد لا أكثر ..كل اقنوم من الاقانيم واجب الوجود, فيقول القمص صليب حكبم "واضح أن الاقانيم الثلاثة كل منها واجب الوجود في ذات الله, لأن كل وجود منها يكمل الوجودين الآخرين, و يكتمل قوامه بهما".

2 - الإرسال: يمكن لأحد الاقانيم أن يرسل الآخر دون أن ينتقص هذا من قدر و لا كرامة الاقنوم المرسل, فمثلا الآب أرسل إبنه لخلاص العالم "لأنه لم يرسل الله إبنه إلي العالم ليدين الهالم بل ليخلص به العالم"  يو(17:3) و الإبن أرسل الروح القدس "ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم"  يو 26:15).)

"الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد أعظم من سيده, و لا رسول أعظم من مرسله"  يو  (16:13)

لا يوجد إنفصال قط بين الاقانيم, فالإرسال هنا يشبه إرسال الفكر من العقل, فقد تخرج الفكرة من العقل و تسجل في كتب و تصل إلي أقاصي الأرض, و مع ذلك تظل الفكرة في العقل لا تفارقه , و لهذا لم يكف الإبن عن تأكيد هذه الحقيقة أثناء تجسده أنه في الآب و الآب فيه, و أكد الإنجيل نفس الحقيقة "الإبن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر" يو (18:1) وقال الرب يسوع "ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء إبن الإنسان الذي هو في السماء" يو (13:3) وقول السيد المسيح يو (16:13) كان موجهاً لتلاميذه , و علاقة التلاميذ بالسيد المسيح تختلف تماماً عن علاقة الاقانيم معاً الذين لا يوجد بينهم إنفصال قط , و مع هذا فإن السيد المسيح الذي استنكر أن يكون العبد أعظم من سيده قال يكفي أن يكون العبد كسيده و التلميذ كمعلمه

- 3 الاتصال: الاقانيم الثلاثة يتصلون معاً, و أكد الرب يسوع هذه الوحدانية مراراً و تكراراً "الذي رآني فقد رآي الآب. فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني في الآب و الآب فيَ..الآب الحال فيَ هو يعمل الأعمال ..صدقوني أني في الآب و الآب فيَ و إلا صدقوني بسبب الأعمال نفسها"  يو  "(9:14-11)أنا و الآب واحد" يو30:10))

4 - التخاطب: كل اقنوم يتكلم مع الاقنوم الآخر أو يتكلم عنه, ففي المعمودية و التجلي شهد الآب للإبن "هذا هو إبني الحبيب"  مت 1(7:3) لو  (35:9) و الإبن خاطب الآب بعد عودة الرسل السبعين و نجاحهم في الخدمة "أحمدك أيها الآب رب السماء و الأرض" لو (21:10) و في أحدي المرات جاء بعض اليونانيين إلي فيلبس يطلبون منه أن يروا يسوع ,فخاطب الرب يسوع الآب قائلاً "أيها الآب مجَد أسمك" يو (28:12) فأجابه الآب علي الفور "فجاء صوت من السماء مجدت و امجد أيضاً" يو (28:12) و هذا التخاطب يفسر لنا الصلوات الكثيرة التي قدمها الإبن أثناء تجسده للآب إذ كان يقضي الليل كله في الصلاة, و منذ القديم خاطب الآب الإبن قائلاً "أنت إبني أنا اليوم ولدتك" مز ( 7:2) عب  "(5:1)قال الرب لربي" مز (1:110).

 

5- وحدانية الثالوث: و تتمثل وحدانية الثالوث في أمور كثيرة سواء من جانب الله أو من جانبنا, و نذكر منها الآتي:

أ- وحدانية المشيئة: و تتجلي هذه الوحدة في كلمات الرب يسوع "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني و أتمم عمله" يو  "(34:4)لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني" يو (38:6)

ب- وحدانية المعرفة: فليس أحد يعرف الإبن إلا الآب و العكس صحيح "ليس أحد بعرف الإبن إلا الآب. و لا أحد يعرف الآب إلا الإبن. ومن أراد الإبن أن يعلن له" مت  (27:1) و الذي يعرف الإبن فإنه يعرف الآب وكذلك لا أحد يعرف الله إلا الروح القدس "لأن الروح يفحص كل شئ حتي أعماق الله. لأن من من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضاً أمور الله لا يغرفها أحد إلا روح الله 1"كو 10:2) (,11

ج- وحدانية العمل:فمثلا الخلقة هي عمل الثالوث القدوس..فمن هو الخالق؟ هل هو الآب أم الإبن أم الروح القدس؟ الآب هو الخالق " لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء و نحن له" 1كو  (6:8) و الإبن هو الخالق "كل شئ به كان و بغيره لم يكن شئ مما كان" يو (3:1) و أيضاً الروح القدس هو الخالق "روح الرب صنعني و نسمة القدير أحيتني" أي(4:33)

د- وحدانية الهيكل و العرش الإلهي: قال يوحنا في رؤياه لأورشليم السمائية "ولم أر فيها هيكلاً لأن الرب الله القادر علي كل شئ هو و الخروف هيكلها" رؤ (22:21) و رأي يوحنا عرشاً واحداً للثالوث القدوس "عرش الله (الآب) و الخروف (الإبن" رؤ (1:22)

ه- وحدانية الإيمان بالثالوث القدوس: من يؤمن بالإبن يؤمن بالآب و من ينكر الإبن ينكر الآب, ولذلك قال الرب يسوع "لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي" يو  "(1:14) الذي يقبلني يقبل الذي أرسلني" يو20:13) )" والذي يرذلني يرذل الذب أرسلني" لو "(16:10)  أنا هو الطريق و الحق و الحياة. ليس أحد يأتي إلي الآب إلا بي" يو 6:14))

و- وحدة المعمودية بإسم الثالوث القدوس: كقول مخلصنا الصالح "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم و عمدوهم بإسم الآب و الإبن و الروح القدس" مت (19:28)

ز- وحدانية المحبة و الإكرام للثالوث القدوس: قال الإبن "الذي يحبني يحبه أبي و أنا أحبه و أظهر له ذاتي" يو(21:14)

ح- وحدانية البركة من فم الثالوث القدوس: "نعمة ربنا يسوع المسيح و محبة الله و شركة الروح القدس تكون مع جميعكم"2 كو (14:13)

وقد يتساءل البعض أليس ترتيب الاقانيم بحسب ما ورد في مت "(19:28)الآب و الإبن و الروح القدس" يدل علي التدرج في الأهمية و العظمة و الكرامة فالروح القدس عظيم و الإبن أعظم و الآب هو الأعظم..

و الحقيقة أن المطلع علي الكتاب المقدس يعلم أنه في مواضع أخري ورد إسم الإبن أولاً 2كو (14:13) و في مواضع أخري ورد أسم الروح القدس قبل الآب و الإبن لو (35:1) و في مواضع أخري ورد أسم الآب ثم الروح القدس ثم الإبن 1بط  (2:1) و يقول البابا أثناسيوس الرسولي "أن الاقانيم الثلاثة معاً هم الله الواحد , لأن جوهرهم و هو اللاهوت واحد. ليس في الثالوث أول أو آخر , و لا أكبر و لا أصغر , فالآب هو الله, و الإبن هو الله , و الروح القدس هو الله.. و لا يوجد أدني تمييز بين الاقانيم في الذات - لأن ذاتهم واحدة- ولا في زمن الوجود لأن كلا منهم أزلي أو هم جميعاً متساوون في القدرة و العظمة" و يقول أيضاً البابا أثناسيوس عن الاقانيم "بأنها بلا سابق و لا لاحق, و ليس فيها أكبر و أصغر, و لا أول و لا ثان, و من ثم لا يوجد بين اقانيمه درجات تجعل إحداها أفضل مقاماً أو أقدم وجوداً"

 

الاقانيم الثلاثة

 

أولاً: اقنوم الآب

 

اقنوم الآب هو خاصية الوجود أو الكينونة في الله..... كلمة"الآب" تعني الأصل و العلة الأولي..فالآب هو نبع اللاهوت, و هو أصل الوجود.."لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء و نحن له" 1كو (6:8).

واقنوم الآب هو يمثل شخص في الثالوث القدوس بدون إنفصال عن إبنه و روحه القدوس, فهو له حرية التصرف, و لذلك يصفه الكتاب المقدس بأنه:

 

1-1-يسمع: "أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي" يو(41:11)

2- يسمع و يستجيب: "أيها الآب مجد إسمك. فجاء صوت من السماء مجدت و أمجد أيضاً" يو( 28:12)

3- يتكلم: "قال الرب (الآب) لربي (الإبن) أجلس عن يميني " (مز 1:110) )

4- يدعو: "أنا الرب (الآب) قد دعوتك بالبر ماسك بيدك و احفظك" ( اش 6:42) )

5- يشهد" يشهد لي الآب الذي أرسلني" يو(18:8)

6- يختار: "كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم" اف(4:1)

7- يحب: "الآب يحب الإبن و يريه جميع ما هو يعمله " يو20:5))

8- يرسل: "والآن السيد الرب (الآب) أرسلني و روحه " (اش 16:48))

لماذا دعي الاقنوم الأول بالآب؟

1-لأنه أبو ربنا يسوع المسيح "مبارك الله (الآب) أبو ربنا يسوع المسيح" (اف 3:1) )

2- للتعبير عن علاقة الحب الغير متناهية بين الآب و الإبن.

3- للتعبير عن المساواة بين الآب و الإبن, فالإبن يشلبه أباه في كل شئ, حتي قيل "الإبن لأبيه".

4- لأنه أصل كل الأشياء 1كو 6:8))

5- لأنه هو أب لكل البشرية بالخلقة "والآن يا رب أنت أبونا.نحن الطين و أنت جابلنا و كلنا عمل يديك" اش 8:64).)

6-لأننا أولاده بالتبني "أنتم أولاد للرب إلهكم" نث (1:14)

 

:هل الآب دعي أباً بعد الخلقة لأنه هو أب لكل الخليقة؟

ج: الآب دعي أباً قبل الخلقة , لأنه والد للإبن منذ الأزل "أني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي أنت إبني. أنا اليوم ولدتك" مر  (7:2) و من المعروف أن اليوم يشير للأزل

وقد تساءل بعض العقلانيين :لماذا لا ندعو الاقنوم الأول بالأم بدلاً من الآب؟ و لماذا لا نصلي قائلين "يا أمنا التي في السموات"؟..و لمثل هؤلاء نقول أن جوهر اللاهوت بعيد عن التمايز الجنسي, فليس في اللاهوت ذكورة و لا أنوثة, و نحن لا نقدر أن نخترع عقائد و مسميات , و لكن بحسبما أوضح لنا الله في الإنجيل نحن نؤمن و نطيع "فصلوا أنتم هكذا .أبانا الذي في السموات" مت (9:6).

 

:هل ولادة الإبن من الآب ولادة جسدية؟

ج: ليست ولادة الإبن من الآب ولادة جسدية لأن الله روح بسيط بعيد عن المادة, و تختلف ولادة الإبن من الآب عن أي ولادة جسدية في الآتي:

1- ولادة الإبن ليست ولادة حسية مادية لحمية جسدية مثل ولادة الإنسان التي تحتاج إلي ذكر و أنثي و تزاوج و إنجاب. إنما هي ولادة روحية لأن "الله روح" يو (24:4) مثل ولادة النور من النار , و لهذا قال الإبن عن نفسه "النور قد جاء إلي العالم و أحب الناس الظلمة أكثر من النور" يو (19:3) و مثل ولادة الشعاع من الشمس, وولادة الكلمة من العقل و لذلك نقول في قانون الإيمان عن الإبن "المولود من الآب قبل كل الدهور.نور من نور. إله حق من إله حق. مولود غير مخلوق. مساو للآب في الجوهر"

2- ولادة الإبن من الآب ليس بها سابق و مسبوق, فلم تمر لحظة كان فيها الآب بدون الإبن كقول البابا أثناسيوس "أزلي (الإبن) مع أزلي (الآب) مولود منه بلا بدء للوالد و لا للمولود , لأنه لم يكن الآب قط إذ لم يكن الإبن ..لم يدع (الآب) آب من غير أن يكون له إبن

3- ولادة الإبن من الآب بدون إنفصال مثل ولادة الفكرة من العقل, فقد تصدر الفكرة من العقل و تسجل في كتب تصل إلي أقاصي الأرض, و في ذات الوقت هي قائمة في العقل و لا تفارقه و إذا تشاءل أحد كيف يكون هذا؟ يرد عليه البابا أثناسيوس الرسولي "كيف تولد كلمتك من عقلك بلا مفارقة منها لعقلك فتصل إلي كل من سمعها من غير أن تفارق والدها..

4- بنوة الإبن من الآب بنوة ذاتية فريدة من نوعها ليس لها نظير قط, و لذلك دعي الكتاب الإبن بالإبن الوحيد الجنس "مونوجينيس"

5- بنوة الإبن من الآب بنوة طبيعية "الذي وهو بهاء مجده و رسم جوهره" عب (3:1) و من الطبيعي لا يمكن فصل البهاء عن المجد "الذي هو صورة الله الغير منظور" كو(15:1)

6- الآب هو ينبوع الحكمة و الإبن هو الحكمة, فالإبن أزلي بأزلية الآب مولود منه ولادة أزلية. "أسس الله الأرض بالحكمة و بالفهم هيأ السموات" أم (19:3)

7- ولادة الإبن من الآب لم تتم في زمن معين و انتهت إنما هي دائمة منذ الأزل إلي الأبد كولادة النور من النار و الشعاع من الشمس بدون انقطاع, فلا توجد نار بلا نور و لا سمش بلا شعاع.

 

هل بنوة السيد المسيح للآب هي بنوة مجازية مثل كثير من البنوات التي ذكرها الكتاب المقدس كبنوة الملائكة لله؟ "جاء بنوا الله ليمثلوا أمام الرب" أي  "(6:1) و بنوة آدم لله (آدم إبن الله " (لو 38:3))

بنوة الإبن للآب فهي بنوة حقيقية فريدة أكدها الكتاب المقدس مراراً و تكراراً "الإبن الوحيد الذي في حضن الآب" يو  (18:1) و أوضح الكتاب المقدس أنها بنوة متصلة فالابن في الآب, و الآب في الإبن لا يفترقان قط, و الروح القدس روح الآب و الإبن معاً. "أن أبوة الله للمسيح ليست كما يظن البعض بجهالة من قبيل أبوة الله لجميع البشر, لأن آدم قد سمي إبن الله  لو  (28:3) و نحن ندعو الله "أبانا الذي في السموات" مت9:6) ) و لكن ما أبعد الفرق بين بنوة المسيح لله و بنوة الإنسان لله , تلك بنوة طبيعية, و هذه نسبية, تلك بنوة حقيقية, و هذه بنوة مجازية. فالمسيح سمي إبن الله بالطبيعة و الجوهر, و إنما بنوته بالفضل و الإنعام كقول الكتاب "أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بإسمه" يو (12:1)

و إن كان السيد المسيح له المجد قد سمي نفسه بإبن الإنسان أو إبن البشر فهو من قبيل الإتضاع, و لأنه ليس صورة الناس في تجسده المنيف.

 

 

اقنوم الإبن

 

اقنوم الإبن هو اللوغوس, و اللوغوس في الأصل اليوناني يعني العقل المعبر عن ذاته.. هو عقل الله الناطق أو نطق الله العاقل

اقنوم الإبن هو اقنوم الحكمة الأزلي, فكل حكمة هي مستمدة منه..هو الكلمة الأزلي الذي قال عنه الإنجيل "في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله"  يو(1:1)

متي كان الكلمة؟..في البدء..البدء الذي ليس قبله بدء..البدء هنا يساوي الأزل, و هو ليس كالبدء الذي ذكره موسي "في البدء خلق الله السموات و الأرض"  تك (1:1) لأن موسي قصد بدء الخليقة المادية أما البدء الذي ذكره يوحنا فهو يعني الأزل, ولا يوجد أزلي غير الله..إذا فالكلمة هو الله الأزلي.

 

وأين كان الكلمة؟ كان الكلمة عند الله الآب, أو نحو الله الآب, أو في حضن الله الآب "الابن الوحيد الذي في حضن الآب"  يو (18:1) و لذلك لم يكف الإبن خلال فترة تجسده عن تأكيد كيانه في الله الآب.

 

من هو الكلمة؟ "وكان الله الكلمة" و لذلك لم يقل الإنجيل " وكانت (بالمؤنث) الكلمة " لأنه لا يقصد الكلمة المنطوقة التي ينطق بها الله. إنما قصد اقنوم الكلمة..اللوغوس.."الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل الخليقة.فانه خلق الكل..الكل به و له قد خلق"  كو15:1 ,16) ) "لأنه من الملائكة قال قط أنت إبني أنا اليوم ولدتك"  عب 5:1) ) "أرسل كلمته فشفاهم و نجاهم من تهلكاتهم"  مز(20:107)

 

واقنوم الإبن تصدر منه الاقوال و الأفعال التي تظهر كينونته فهو:

1-يتكلم: "منذ وجوده (الآب) أنا هناك" (اش 16:48) ) "وكما قال لي الآب هكذا أتكلم"  يو(50:12)

2- يري: "ولكني سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم"  يو(22:16)

3- يشهد: "أنا هو الشاهد لنفسي"  يو(18:8)

4-يخلق: "لما رسم اسس الأرض. كنت عنده صانعاً"  ام (29:8 , 30)

5-يريد: "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينيظروا مجدي"  يو(24:17)

6-يحب: "كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا"  يو(9:15)

7- يصعد و ينزل: "ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء إبن الإنسان الذي هو في السماء"  يو 13:3) )

8- يختار: "أليس اني أنا أخترتكم الإثني عشر"  يو(70:6)

9-يرسَل: "ترنمي و اخرجي يا بنت صهيون .. و اسكن في وسطك فتعلمين ان رب الجنود قد ارسلني إليك" زك 10:2 ,11) )

10- يرسل: "ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب"  يو (26:15)

لماذا دعي الاقنوم الثاني بالإبن؟

 دعي الاقنوم الثاني بالإبن للأسباب الآتية:

1- لأن الإنجيل دعاه هكذا مراراً و تكراراً فورد إسم "إبن الله" في الإناجيل 40 مرة

2- ليعبر عن طبيعته التي هي نفس طبيعة الآب, فكما أن إبن الطير هو طير, و إبن الإنسان هو إنسان, هكذا إبن الله هو الله. من ذات الجوهر , و مساو له في كل شئ

3- للدلالة علي المحبة الكاملة بين الآب و الإبن

4- لأن الإبن صادر من الله مثل صدور الشعاع من الشمس

5- لأن لفظة الإبن و الآب من أسهل الألفاظ و أعمها و أقربها للفهم في كل مكان و زمان

و لا يظن أحد يا إخوتي أن الإبن دعي هكذا لولادته من العذراء مريم, لأن هذه الولادة حدثت في زمن معين بينما الإبن دعي هكذا لولادته من الآب قبل التجسد و قبل كل الدهور و الدليل علي هذا أن العهد القديم كما رأينا دعاه الإبن قبل التجسد و قبل ولادته من العذراء مريم في ملء الزمان, فمنذ الأزل و إلي الأبد هو الإبن.

 

:لماذا دعي الاقنوم الثاني بالكلمة؟

و الكلمة في الأصل اليوناني لوغوس في الأصل الانجليزي لوجيك أي المنطق و ليس النطق فالمقصود بالكلمة هنا نطق الله العاقل أو العقل المنطوق به , أو العقل الأعظم , فهو شخص حقيقي, و لذلك ترد بصيغة المذكر.

ودعي الاقنوم الثاني بكلمة الله للأسباب الآتية:

لأن الإنجيل دعاه هكذا "في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله"  يو(1:1)

2- كلمة الإنسان تعلن أفكار الإنسان و أسرار العقل, و الكلمة تجسد الفكر الغير منظور

3- كلمة الإنسان تعلن قوة و سلطة المتكلم هكذا عندما تجسد الاقنوم الثاني أعلن لنا شخصية الآب

 

 

هل السيد المسيح هو إبن الله أم أنه الله؟

ج: السيد المسيح هو إبن الله, و هو الله أيضاً..كيف؟

من جهة الجوهر الإلهي هو الله لأنه فيه حل ملء اللاهوت , و من جهة الاقنومية هو إبن الله..و مثال علي هذا لو أن عقل مينا يتمتع بامكانات كبيرة, فإننا نستطيع أن نقول بالإجمال أن مينا رجل جبار, و نستطيع أن نقول بالتفصيل أن عقل مينا جبار, و ليس هناك فرق بين مينا و عقله...

 

ثالثا: اقنوم الروح القدس:

 الله هو الحياة.. كله حياة لا موت فيه..الله حي بروحه القدوس الكائن في الآب و الناطق بالإبن و الحي بخاصيته..الروح القدس ينبعث أو ينبثق من الآب إنبثاقاً مستمراً منذ الأزل و إلي الأبد بغير توقف مثل انبثاق الحرارة من النار, و من الطبيعي أنه لا توجد حرارة بدون نار, و لا نار بدون حرارة, و قال الرب يسوع "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق"  يو  (26:15) و الفعل ينبثق في الحاضر المستمر, و لم يكن قد تم في الماضي و انتهي.

و لا يتصور أحد أن أنبثاق الروح القدس من الآب و هو لا ينفصل عنه قط

س 26: هل الروح القدس له الألقاب الإلهية؟

نعم و من هذه الألقاب التي أطلقت علي الروح و هي لا تطلق إلا علي لله ما يلي:

1- الله: "فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملآ الشيطان قلبك لتكذب علي الروح القدس.. أنت لم تكذب علي الناس بل علي الله"  أع (3:5 , 4)

2- روح الله: دعي الكتاب المقدس الروح القدس بروح الله " و كانت الأرض خربة و علي وجه الغمر ظلمة و روح الله يرف علي وجه الماء"  تك ( 2:1)  "أما تعلمون أنكم هيكل الله و روح الله يسكن فيكم" 1كو (16:3)

3- الرب و روح الرب: "وأما الرب فهو الروح و حيث روح الرب هناك حرية  2" كو (17:3)

4- روح الآب: "لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم"  مت (20:10)

5- روح الإبن: "ثم بما أنكم إبناء أرسل الله روح إبنه إلي قلوبكم صارخاً يا أبا الآب"  غل (6:4)

6- روح الحق: "ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي"  يو (26:15)

س: هل الروح القدس له الصفات الإلهية؟

نعم لقد وصف الكتاب المقدس الروح القدس بصفات لا يوصف بها إلا الله, و من هذه الصفات ما يلي:

1- السرمدية: الروح القدس هو روح الآب و لإبن, و بما أن الآب و الإبن أزليان إذا لابد أن روحهما القدوس أزلياً  "فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب"  عب (14:9)

2- المساواة مع الآب و الإبن: "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلي الأبد يو (16:14)

3- القداسة: "لا تطرحني من قدام وجهك و روحك القدوس لا تنزعه منه"  مز (11:51)

4- القدرة علي كل شئ: "هذه كلمة الرب إلي زربابل قائلاً لا بالقدرة و لا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود"    زك 6:4) )

5- افاحص كل شئ: "أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب بإسمي فهو يعلمكم كل شئ و يذكركم بكل ما قلته لكم"  يو (26:14)

6- الحضور في كل زمان و مكان: "وكانت الأرض خربة و خالية و علي وجه الغمر ظلمة و روح الله يرف علي وجه الماء"  تك (2:1)

7- معطي الحياة: " روح القدير صنعني و نسمة القدير أحيتني"  أي (4:33)

8- العالم بكل شئ: "لأن الروح يفحص كل شئ حتي أعماق الله 1" كو10:2) )

9- المعبود: " الله روح و الذين يسجدون له.." يو 24:4))

هل الروح القدس له الإعمال الإلهية و الإكرام الإلهي؟

1- عمل الروح القدس في الخلق: الآب خلق كل شئ بكلمته (يو 3:1) و بعث الحياة بروحه القدوس "بكلمة الرب (الإبن) صنعت السموات و نسمه فيه (روحه القدوس) كل جنودها" (مز 6:33) ) و يقول الكتاب "أنه ما دامت نسمتي في و نفخة الله في أنفي"  أي (4:27)

2- عمل الروح القدس في الأنبياء: الروح القدس هو الذي أعطي النبوة للأنبياء و لذلك يقول موسي النبي "ياليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذ جعل الرب روحه عليهم"  عد (29:11)

3- عمل الروح القدس في التجسد الإلهي و الفداء: الروح القدس هو الذي هيأ الجسد المقدس للسيد المسيح من أحشاء العذراء مريم , و لذلك عندما تساءلت العذراء قائلة : "كيف يكون هذا و أنا لست أعرف رجلاً. فأجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك "  لو (34:1 ,35)

4- عمل الروح القدس في تكوين الكنيسة: بحلول الروح القدس علي المجتمعين في العلية ولدت كنيسة العهد الجديد , و يعمل الروح القدس في الكنيسة و الأسرار تنمو الكنيسة و تمتد "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله"  يو (5:3)

التثليث و التوحيد كتابياً و كنسياً

عقيدة التثليث و التوحيد في العهد القديم

 

س30: يقول البعض إن كان التثليث عقيدة كتابية , فلماذا لم تكن واضحة في العهد القديم, و لماذا لم بعتنقها رجال العهد القديم؟

ج: كانت عقيدة التثليث مخفية من طيات أسفار العهد القديم , و لم تشاء الحكمة الإلهية الإعلان عنها في تلك العصور المبكرة, و لا سيما أن الشعب الذي كان يعرف الله حينذاك هو الشعب اليهودي فقط كقطيع صغير محاط بالشعوب الوثنية التي تؤمن بتعدد الآلهة , فلو تم الإعلان عن عقيدة الثالوث في هذه المرحلة المبكرة التي تمثل الطفولة الروحية للبشرية لقوي الشعور لدي اليهود بتعدد الآلهة, و لا ننسي أن الشعب اليهودي كان متأثراً بعبادة الوثنيين , فمثلا بعد خروجه من أرض مصر و غياب موسي عنه صنعوا عجلاً من ذهب و عبدوه قائلين "هذه آلهتك يا إسرائيل التي أخرجتك من أرض مصر" ..لقد كان شعب إسرائيل متأثراً بعبادة عجل أبيس, و علي مدار تاريخ بني إسرائيل كثيرا ما سقطوا في عبادة الأوثان

و لكن عندما نضجت البشرية بالتجسد الإلهي, و عاينا بأعيننا الله متجسداً و لمسناه بأيدينا, و سمعناه بآذاننا يحدثنا عن وحدانيته مع الآب, و أنه سيرسل لنا الروح القدس المنبثق من الآب. عندئذ انفتح ذهن البشرية و بدأت تقبل هذه العقيدة الإلهية, و جاءت قمة الإعلان في معمودية الرب يسوع , و مع هذا فانه كان هناك آيات كثيرة في العهد القديم عندما نتأملها نقف مواجهة أمام عقيدة التثليث و التوحيد, و من أمثلة هذه الآيات ما يلي:

"وقال الله نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا"  تك (26:1)

و الإشارة إلي الثالوث القدوس هنا واضحة في القول "نعمل" , "صورتنا كشبهنا", و قد يتشاءل البعض:لماذا لا يكون المقصود من الفعل "نعمل" ليس هو التثليث لكن المقصود هو تشاور الله مع ملائكته؟ هذا التساؤل يكون صحيحاً لو أن الملائكة شاركوا الله في خلقة الإنسان, و لكن الحقيقة أن الخالق هو الله وحده, و الإنسان خلق علي صورة الله وحده "فخلق الله الإنسان علي صورته.علي صورة الله خلقه"  

تك 27:1) )  "   وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا"  تك (22:3)

جاء الفعل "قال" في صيغة المفرد إشارة لوحدانية الله , و "كواحد منا" إشارة واضحة للاقانيم الثلاثة

لماذا لا يكون المقصود من أسلوب الجمع في العهد القديم التعظيم؟

أ- اللغة العربية لم تعرف استخدام الجمع كأسلوب للتعظيم, و الدليل علي ذلك أن أعظم ملوك الأرض حينذاك لم يستخدم هذا الأسلوب للتعظيم, فمثلا "قال فرعون ليوسف انظر. قد جعلتك علي كل أرض مصر"  تك  (41:41)  فقال "جعلتك" بصيغة المفرد و لم يقل "جعلناك" , و يتحدث نبوخذ نصر ملك بابل العظيم قائلاً "أنا نبوخذ نصر قد كنت مطمئناً في بيتي"  دا (6:4) فلم يقل "نحن نبوخذ نصر"

ب- لو كان المقصود التعظيم لقال بدلاً من "صار كواحد منا"  تك 22:3)) صار كمثلنا" .

: إن كانت عقيدة التثليث مخفية في طيات العهد القديم,فما هو الحال في العهد الجديد ؟

ج: في العهد الجديد و بعد تجسد الإبن الوحيد الجنس, و قد انسكبت محبة الله علي البشرية, فتمتعت بإعلان الثالوث القدوس علي ضفاف الأردن, فالإبن قائما في مياه الأردن "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء" مت (16:3) و السماء قد انشقت و سمع الجميع صوت الآب "هوذا إبني الحبيب الذي به سررت"  مت           (17:3) و الروح القدس ظهر في شكل حمامة "وإذا السموات قد انفتحت له فرأي روح الله نازلاً مثل حمامة و آتياً عليه"  مت  (16:3) و هنا النص واضح أن روح الله قد ظهر علي شكل حمامة و ما أكثر الآيات التي نري فيها الثالوث القدوس, و دعنا يا صديقي نذكر منها الآتي:

1- في البشارة و الميلاد كان لكل اقنوم عمله فالآب أرسل إبنه "و لما جاء ملء الزمان أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة"  غل  (4:4) و أرسل الآب رئيس الملائكة الجليل جبرائيل يبشر العذراء "أرسل جبرائيل من الله (الآب).. إلي عذراء مخطوبة لرجل  (لو  (26:1 ,27) و حل الروح القدس علي العذراء مريم "فأجاب الملاك و قال لها الروح القدس" يحل عليك و قوة العلي تظللك"  لو  (35:1) و اقنوم الإبن هو إبن العلي المولود من العذراء مريم "فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعي إبن الله"  لو (35:1)

2-بعد القيامة أوصي الرب يسوع لتلاميذه قائلا "فاذهبوا و تلمذوا جميع الأمم و عمدوهم بإسم الآب و الإبن و الروح القدس"  مت  (19:28) فالمعمودية تتم بإسم الثالوث القدوس الآب و الإبن و الروح القدس , و أشار للوحدانية في قوله "بإسم" و ليس بإسماء , و الأمر الملاحظ أن لتلاميذ عندما سمعوا هذا لم يستعجبوا و لم يستغربوا الأمر, لأنهم كانوا قد أدركوا هذه الحقيقة تماماً خلال مدة تامذتهم له علي مدار ثلاث سنوات.

الصفحة الرئيسية