أنوار
المسيحية
الكتاب الثالث
فى الثالوث الأقدس
رد على كتاب المسيح فى القرآن والتوراة والإنجيل
للأستاذ/ عبد الكريم الخطيب
بقلم
يسى منصور
واعظ الأقباط بالأسكندرية
1970
كان فى العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم
يو 1: 9 ، 10
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
فهرست
مقدمة 6
الفصل الأول ـ ضرورة الوحى 11
1 ـ التفكير الإنسانى 12
2 ـ أول نصب دينى 13
3 ـ الحاجة إلى الوحى 14
4 ـ من معلنات الوحى 16
5 ـ لا تحده العقول 17
6 ـ صحة الإنجيل 18
الفصل الثانى ـ فى الإنجيل : ـ 19
أولاً ـ الأناجيل الأربعة
1 ـ تعليم الأناجيل 19
1 ـ الثالوث الأقدس 20
2 ـ لاهوت المسيح 22
4 ـ الروح القدس 23
2 ـ رد على إعتراضات 25
1 ـ معنى الألوهية
2 ـ معنى الأبوة
3 ـ معنى البنوة
4 ـ معنى الروح القدس
5 ـ معنى الربوبية
ثانياً ـ أعمال الرسل
1 ـ عقيدة الثالوث الأقدس
2 ـ عقيدة لاهوت المسيح
3 ـ عقيدة لاهوت الروح القدس
4 ـ عقيدة تجسد المسيح
ثالثاً ـ رسائل بولس الرسول
1 ـ بولس الرسول ليس وثنياً
2 ـ فواتح الرسائل وخواتمها
3 ـ متن الرسائل
الفصل الثالث ـ فى المجامع المسكونية 27
مجمع أورشليم
أولاً ـ مجمع نيقية 29
ثانياً ـ مجمع القسطنطينية 32
ثالثاً ـ مجمع أفسس 40
رابعاً ـ المجمع المسكونى الرابع
الفصل الرابع ـ فى التوراة : ـ 51
1 ـ الوحدانية 51
2 ـ وحدانية جامعة 60
3 ـ الثالوث الأقدس
4 ـ أقنوم الابن
5 ـ أقنوم الروح القدس
الفصل الخامس ـ فى القرآن 80
1 ـ الإسلام والوثنية 80
2 ـ الإسلام والنصرانية 81
3 ـ ذات الله ووحدانيته 82
4 ـ المسيح ومولده من غير أب 84
5 ـ معجزات المسيح 87
6 ـ نظرة المسيحية لما جاء من صفات الله فى القرآن 91
الفصل السادس ـ فى إرسالية بولس الرسول : ـ
أولاً ـ الكرازة بالثالوث الأقدس
1 ـ الله وكلمته وروحه
2 ـ بولس رسول كسائر الأمم
3 ـ التبشير لكل الأمم
4 ـ السادة والحكام
5 ـ المسيح رب المسيحية
6 ـ الإيمان والأعمال
ثانياً ـ المفهوم المسيحى فى الثالوث الأقدس
1 ـ بنوية روحية
2 ـ رب واحد
3 ـ الله معلنا وظاهراً
مقدمة
ما أكثر الكتب غير المسيحية التى تكتب اليوم وتنشر وهى مملوءه بالطعون السافرة فى حقائق الدين المسيحى .
ومن بين هذه الكتب التى لا يأخذها الإحصار كتاب " المسيح فى القرآن والتوراة والإنجيل " لمؤلفه الأستاذ عبد الكريم الخطيب
ومن يتصفح هذا الكتاب المكون من 584 صفحة يجده يوجه الطعنة تلو الطعنة ضد قدس أقداس المسيحية وتتلخص طعناته فى أربعة موضوعات : ـ
أولاً ـ طعنه فى الكتاب المقدس
فأدعى الأستاذ عبد الكريم الخطيب على الكتب المقدس بالتحريف والتبديل فقال : ـ
" والقرآن يدين الفريقين (اليهود والنصارى ) ويحملهما أوزار ما وقع فى التوراة والإنجيل من
تغيير وتبديل . كما يحمل الأجيال المتعاقبة منهما وزر متابعة أسلافهم وإقرارهم بهذا التحريف والتبديل وقبوله "
صفحة 31
وأدعى إدعاء المكابر أن الكتاب المقدس غير صالح أن يكون دعوة سماوية للهداية فقال : ـ
"والواقع أن الذى ينظر إلى أسفار التوراة الخمسة والأسفار الأربعة والثلاثين الملحقة بها من مقولات الأنبياء ورؤاهم يجد أنه أمام صور كثيرة مهزوزة لا يمكن أن يقبلها العقل كدعوة من دعوت السماء للهداية إلى الإيمان بالله "
صفحة 46
بل وأدعى أن رجال السياسة هم الذينه كتبوه فقال : ـ
" إن ذلك بتدبير سياسى أكثر منه تشريع سماوى "
صفحة 55
وأغلظ القول أن الكتاب المقدس ينطق بالباطل والهوى والعبث فقال : ـ
" فإن فى التوراة وملحقاتها مدخل كثيرة تثير الريب والشكوك فى أن جميعها من عند الله . إذ ما أكثر ما يختلط فيها الحق بالباطل والرأى بالهوى والجد بالعبث "
صفحة 50
وقال :ـ
" التوراة نفسها قد حرفت وبدلت . وألقى عليها جامعوها وكاتبوها كثيراً مما كانت تنزع إليه نفوسهم وتجيش به أمالهم وتصوره أخلاقهم فأختلط الحق بالباطل وأمتزج فيها ما نزل من السماء بما أنبتت الأرض "
صفحة 67
وقد ركب المعترض من الشطط والتطاول وأدعى أن أقوال الكتاب المقدس تنطق بالخلاعه والمجون والبعد عن الحياء فقال : ـ
" إنما هى غزل ماجن خليع كغزل بن ابى ربيعة أو بشار أو أبى نواس ! "
صفحة 52
ثم قال : ـ
" التى ينفر منها العقل والضمير والحياء "
صفحة 64
وقال أيضاً : ـ
" وإن أقل ما يقال فى هذه النصوص أنها ليست فوق مستوى الشبهات وإن جانباً كبيراً منها لا يسلم به على إطلاقه ولا يتلقى بالقبول "
صفحة 74
ثانياً ـ طعن فى عقيدة تجسد الكلمة
قال الأستاذ عبد الكريم الخطيب : ـ
" والمسيح عليه السلام هو مركز الخلاف بيننا وبين أخواتنا المسيحيين . فهم يقولون أقولاً ترفعه من عالم البشرية كما يراه المسلمون إلى مقام الألوهية كما يتصوره المسيحيون "
صفحة 12
وأكثر من هذا ! نسب إلينا الضلال والشرك فقال: ـ
" وأياً كان الأمر فإن ظهور المسيح فى صورة إله لا يخدم بحالٍ أبداً قضية الألوهية ، ولا يعمل على تصفية ما فى عقول الناس من خيالات التجسيد وأوهامه وضلالة "
صفحة 167
وقال : ـ
" وفى الفرق والجماعات التى ألتقى بها الإسلام من اليهود والنصارى شرك ظاهر أو خفى . حيث كان اليهود يرون أنهم أبناء الله وإن بينه وبينهم نسباً ، كما كان النصارى يدينون بالمسيح إلهاً ويعبدونه من دون الله "
صفحة 274
بل ووصفنا المعترض بعرب الجاهلية وعبدة الأوثان فقال : ـ
" أما أتباع المسيح فقد كان ما وجده الإسلام من مقولات عن المسيح أمراً ينبغى أن يلقاه لقاءً صريحاً ومواجهاً . إذ كان لا يختلف كثيراً عما كان عليه وعرب الجاهلية من وثنية وشرك بالله "
صفحة 274
ثالثاً ـ طعن فى عقيدة الثالوث الأقدس
ظن السيد عبد الكريم الخطيب أننا نعتقد أن مريم العذراء أقنوم إلهى فقال : ـ
" أما عيسى عليه السلام فقد بلغ به أتباعه مبلغ الألوهية وقالوا فيه وفى أمه مقولات جعلتهما ألهين مع الله فكان الألهة ثلاثة الآب والأبن والروح القدس " صفحة 33
وقال أيضاً : ـ
" تقوم المسيحية على هذه الكلمات الثلاثة : الآب والأبن والروح القدس لتجعل منهم إلهاً واحداً هو الله .
وأنت ترى بادئ ذى بدء أن وضع هذه القضية فى معادلة رياضية أمر لا يقبله منطق العقل ولا يصدقة وإن جلبت له الحيل من كل وجه فالثلاثه لا تكون واحداً والواحد لايكون ثلاثة أبداً "
صفحة 209 ، 210
رابعاً ـ طعن فى صلب المسيح وقيامته ومجيئه الثانى
قال الأستاذ الخطيب : ـ
" فالمسيح لم يصلب أى لم يعلق على خشبة الصليب ولم يكن هو الذى مثل به هذا التمثيل قبيل الصلب وساعة الصلب "
صفحة 488
وقال أيضاً :ـ
" إن المسيح لم يصلب ولم يقم من بين الأموات "
صفحة 506
وقال أيضاً : ـ
" وهذا السؤال يوجه إلى أتباع المسيح وحدهم . ألم يجئهم المسيح ؟ ألم يمكث فيهم من عمره سنين ؟ ألم يبشر فيهم بدعوته ؟ ألم ينشر فيهم إنجيله ؟ ألم يعطيهم كل ما عنده ؟ فلم الرجعة ثانية ؟ "
صفحة 535
هذا ..
وقد أكد الأستاذ الخطيب أن النية القائمة وراء كتابة كل هذه الطعون أن يكون فى صميمها دعوة المسيحين إلى الإسلام فقال : ـ
" فأهل الكتاب جميعاً ـ قبل غيرهم ـ مدعون إلى الإيمان بالله إيماناً لا يخالطه شرك "
صفحة 11
وقال أيضاً : ـ
" يجب عليهم (أى أهل الكتاب ) أن يؤمنوا بالقرآن وبالرسول الذى نزل عليه القرآن وإلا فهم غير مؤمنين "
صفحة 22
وقد أرجف الأستاذ الخطيب بقوله : ـ
" وإذن فلا بأس مما تقتلعه الدعوات السماوية مما يعترض طريقها ، ويعوق سيرها من أصحاب النفوس التى تحمل فى طياتها أمراضاً خبيثة فإن فى ذهابها حياة للإنسانية وحفظاً لسلامتها ، إذ لا ضير على السيل ـ لكى يقيم مجراه ـ أن يقتلع ما فى طريقه من أحجار وأن يلقى بما يلقاه من غثاء !
وأنه لابأس أيضاً أن يذهب فى هذا الصراع بعض الأخيار من عباد الله . فإنهم الثمن المجزى لهذا الخير الذى يفيض على الناس ويفتح لهم أبواب الرشد والعلاج "
صفحة 5
الا هون عليك يا سيد عبد الكريم ، فإن شعبنا يقظ لا تنطلى عليه دعوتك ولا يستجيب لنداء الصراع والفتن للفتك بمن تدعوهم ـ بغير حق ـ أهل جاهلية وشرك ووثنية . فالبلاد فى أشد الحاجة إلى السلام والوئام " لأن الله محبة " 1يو 4 : 8 و " لا إكراه فى الدين " سورة البقرة : 256 لقد أبديت وجهة نظرك فى الحقائق المسيحية ، ونحن نبسط الآن لك ولأمثالك وجهة نظرنا فى حقائق ديننا لنكشف لك القناع عما أشتغلق عليك فهمه . فنحن أصحاب الدين المسيحى السماوى أهل الكتاب ، ومن حقكم علينا أن نجيبكم عما تسألون " فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " سورة النحل : 43
وفى ردودى هذه التى سميتها " أنوار المسيحية " سأعالج بنعمة الله طعونك الأربعة فى أربعة كتل تنشر تباعاً وهى : ـ
الكتاب الأول ـ فى سلامة الكتاب المقدس
الكتاب الثانى ـ فى تجسد الكلمة
الكتاب الثالث ـ فى الثالوث الأقدس
الكتاب الرابع ـ فى الصلب والقيامة والمجئ الثانى .
وأرجو أن تكون هذه الردود وسيلة إقناع للحق المنشود ، وخدمة لتحقيق ما تسعى إليه حكومتنا الرشيدة من وحدة شاملة لأبناء الوطن الواحد .
ولربنا المجد دائماً
المخلص
يسى منصور
الفصل الأول
ضرورة الوحى
" الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديماً
بأنواعٍ وطرقٍ كثيرة كلمنا فى هذه
الأيام الأخيرة فى أبنه "
عب 1 : 1
الوحى الإلهى هو إعلان الحق من الله بكيفية فائقة العادة ، والمراد بفائقة العادة هو ما كان خارجاً عن دائرة الطبيعية أو العقل البشرى المحدود .
ومتى سلمنا بأن لكل شئ سبباً ، وأن السبب فى وجود هذا الكون هو الله غير المحدود فى قدرته وحكمته وصلاحه ، وأننا نحن خليقته العاقلة المفكرة ، فليس من المعقول أن يتركنا بدون إعلان مشيئته ، بل يخاطبنا كما يليق ويحلو لآبٍ أن يخاطب أولاده ويعرفهم بنفسه .
وبما أن الجنس البشرى مشهود له كما هو فى الواقع بالفساد والفوضى الأخلاقية ، ولعدم كفاءة العقل البشرى ولضعف الطبيعة البشرية ، فيكون الوحى لازماً ، وضرورة حتمية ، كما يستلزم المرض وجود الطبيب .
1
التفكير الإنسانى
قال السيد عبد الكريم تحت عنوان " فكرة تعدد الآلهة " : ـ
" منذ فتح الإنسان عينيه على هذا الوجود ووصل وجوده به ، وهو يدور بعقله فى كل مداره بحثاً عن تلك القوة الخفية التى تندس فى هذا الوجود وتحرك دولابه بقوتها الهائلة وتقلب وجوهه كيف تشاء ، دقة وروعة وأحكاماً !
ولم يكن التفكير الإنسانى فى طفولته بالقادر على أن يجمع هذه القوى كلها فى كائن واحد وأن يردها إلى مصدرٍ واحد ، وأن يردها إلى مصدرٍ موحد ، تنبع منه وتصدر عنه "
صفحة 205
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن الأعتقاد بالله جل شأنه لم ينشأ أصلاً عن التفكير الإنسانى على توالى الحقب . فإن آدم وهو الإنسان الأول خلق على صورة الله فى البر والقداسة ، وكان منذ نشأته يعرف الله تمام المعرفة ، ويستمتع بالشركة معه . وحتى بعد عصيانه على الله ، أفاق من سقتطه وتمسك بالله مخلصه ، وكان فى مناجاة دائمة معه .
قال القرآن " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه أنه هو التواب الرحيم " سورة البقرة : 37 وعنه أخذت ذريته معرفة الله من جيلٍ إلى جيل ، لأنه تعالى " لم يترك نفسه بلا شاهد " أع14 : 7
قال القرآن " إن الله أصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " سورة آل عمران : 33 ، 34
إذاً لم تكن الأنسانية فى نشأتها تجهل الله ، ولم تكن فى نشأتها تبحث عن قوة خفية تندس فى الوجود وتحرك دولابه بقوتها الهائلة . لأن الله كان معروفاً للناس منذ البدء ، منذ آدم إلى عصر الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب الذين ظلوا يدعون بإسم الرب وسط الكنعانيين والمصريين القدماء الذين أنحرفوا عن عبادة الله ، مع أن الطبيعة كانت آية ـ لأولئك المنحرفين تدل على وجوده تعالى .
كما قال بولس الرسول " لأن أمور الله المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عذر " رو 1: 20
هذا إلى أن جاء موسى وكتب التوراة التى تنادى بالله ، ومن بعده توالى إرسال الله للأنبياء ، حتى عصر المسيح له المجد ورسله الحواريين ، الذين نشروا معرفة الله بين جميع الأمم مبتدئين من أورشليم وكل اليهودية وإلى أقاصى الأرض أع 1 : 8
2
أول نصب دينى
قال المعترض أيضاَ تحت عنوان " فكرة تعدد الألهة " : ـ
" فكانت التماثيل المختلفة لتلك الألهة المتعددة أول عمل إنسانى تجسدت فيه أفكار الناس ومشاعرهم عن الله ! وأول نصب أقامه الناس ليحجوا إليه ويسجدوا بين يديه "
صفحة 106
ورداً على ذلك أقول : ـ
لم تكن الإنسانية منذ البدء تعرف الأوثان ، ولذلك فأول نصب دينى مجسم برئ أقامه الناس بأمر الله تعبيراً عن ضرورة الفداء فى التقرب إلى الله وكان محط أنظار الناس هو المذبح . فحسب الإعلان الإلهى بنى آدم مذبحاً وقدم عليه ذبيحة أقترب بها إلى الله وأكتسى بجلدها تك3 : 21
وكذلك هابيل بن آدم تقرب إلى الله بذبيحة تك 4 : 4
وبنى نوحاً مذبحاً للرب تك 8 : 20 ، 21
وكذلك الآباء إبراهيم تك 22 : 13 ، وإسحق تك 26 : 25 ويعقوب تك 35 : 7
وأما موسى فنصب خيمة حول المذبح حيث يجتمع الشعب لتقديم ذبائح للرب
خر 29: 38 ـ 46
وكذلك سليمان بنى هيكلاً لإجتماع الشعب حيث يقدمون ذبائح للرب 2 أخ 6 : 12 ـ 30
ولم تكن هذه الذبائح قيمة أدبية أو روحية فى التقرب إلى الله إلا بمقدار مغزاها الرمزى ، الذى يغذى روح مقدم الذبيحة بالرجاء والثقة فى الفداء الإلهى المنتظر إتمامه فى ملء الزمان بموت المسيح على الصليب تكفيراً عن الذنوب وغفراناً للخطايا .
فكان بناء المذابح وإقامة الصلاة حولها لهذا الغرض عملاً سليماً .
ولكن أول من ذكر فى الكتاب المقدس أنه أنحرف وصنع تماثيل ودعاها آلهة هو تارح أبو إبراهيم وناحور وهاران يش 24 : 2
وتارح هو الثامن من سام بن نوح كان 2000 سنة بعد نشأة آدم و2000 سنة ق م
تك 11 : 10 ـ 26
أما إبراهيم بن تارح فتمسك بمعرفة الله الحى الحقيقى أعمال 7 : 2 هو وذريته تك 18 : 19 وأما ناحور أخوه فتمسك بألهة أبيه تك 31 : 53
فكان الحق والباطل يسيران فى العالم جنباً إلى جنب ،هنا مذبح لله ، وهناك مذبحاً للوثن ، إلى أن أعلن الله نفسه بظهور كلمته للبشر فى حجاب الناسوت .
3
الحاجة إلى الوحى
وقال المعترض أيضاً : ـ
" وشيئاً فشيئاً أخذت هذه الألهة تختفى وينضوى بعضها إلى بعض ، حتى إذا أشرق عقل الإنسان بنور ربه عاف النظر إلى هذه التماثيل ، وحقر شأنها ، وسما بعقله إلى النظر فى وجه إله واحد ... يراه ضمير ولا يدركه ببصيرته ! .. فكان التوحيد الذى جاءت به الديانات السماوية وحمله الأنبياء والرسل إلى الناس ! "
صفحة 206
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن معرفة الله جل شأنه بصفاته القدسية لم تنبع من عقل الإنسان مهما تدرج فى البحث ، لأن عقل الإنسان محاط بالغباء والفساد كقول الإنجيل " الإنسان الطبيعى لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه " 1كو 2 : 14
ولكن معرفة الله قد وصلت للبشر عن طريق الوحى والإلهام الإلهى للناس منذ وجدوا .
فقد حمل راية معرفة الله آدم أول البشر ، وسلم راية لأبنه شيث تك 4 : 26 فأخنوخ عب 11 : 6 فنوح الذى كان كارزاً للبر 2 بط 2 : 5 فموسى فجميع الأنبياء على التوالى إلى المسيح الذى كشف لنا ما نحتاج إليه من معرفة الله لأنه هو كلمته المتجسد .
وقصة الخليقة منذ البدء إلى الآن ـ كما هى مدونة فى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ـ تحكى حقيقة الإله الواحد المثلث الأقانيم الآب والأبن والروح القدس ، وذلك بوضوح شامل لا لبس فيه ولا إبهام .
4
معلنات الوحى
قال المعترض تحت عنوان " الله الواحد وكيف يتصور " : ـ
" ومع أن النظر فى ذات الله نظراً مباشراً فى ذات الله نظراً مباشراً لا يمكن أن يرجع العقل منه إلا بالحيرة والبلبال ...
وهنا لابد أن يحدث ما لا بد أن يحدث من إضطراب وتخبط وضلال فتجئ تلك التصورات الخاطئة الممسوخة المضطربة ...
ولعل أكثر هذه التصورات الخاطئة قبولاً ، تلك التى تجعل الألوهية قسماً بين ألهين : إله الخير وإله للشر ...
ومن تلك التصورات أيضاً أن يكون الإله ذكراً ، وأن تقابله من الجهة الأخرى أنثى ... ثم يكون لهما ولد أو أولاد .. من بنين وبنات !! ..
وكما ولدت هذه الصورة المجسدة من خيالات وتصورات فإنها قد أخذت تنحل مع الزمن ، وتتحول إلى خيالات وتصورات ثم أصبحت أفكاراً مصورة فى العقل تقوم بين يديها الحجج والبراهين المنطقية والفلسفية .
وأقرب مثل لدينا هو " المسيح " ...
فقد ظهر فى الناس إنساناً ...
ثم إنقسم الناس فيه فريقين : فريقاً يجعله فوق مستوى الإنسانية ، ويضيفه إلى الله أبناً على المجاز أو على الحقيقة . وفريقاً – وهم غالبية اليهود – يرمونه بالبهت والكذب ..
ثم بالغ المؤمنون به فجعلوه ابن الله حقيقة وهو فى هذا الجسد الإنسانى الذى عاش فيه مع الناس ... ويمشى ويأكل وينام !
ثم كانت الخطوة .. وهى أن المسيح ليس أبناً لله على ما هو معروف من بنوية وأبوية بين الكائنات الحية ، وإنما هى بنوة من نوع خاص بنوة لا تفصل بين الآب ولا تجعل منهما أثنين فهما آب وابن معاً ، تجمع بينهما المحبة والحياة ويطلق عليها " روح القدس " !
وقد دخلت المسيحية بهذا التصور للإله فى صراع عقلى عنيف لايزال يزداد مع الأيام حدة وعنفاً ، كلما خطأ العقل خطوات فى مجال المعرفة ..
وأنه ليحسن بنا أن نقف وقفه عند هذه المرحلة من مراحل الدعوة المسيحية التى بدأت تظهر فيها مقولات القائلين بالإله المثلث الأقانيم ، وأشترك السيد المسيح فى واحد منها هو " أقنوم" الابن .. وذلك لنرى كيف دخلت هذه المقولة على الدعوة المسيحية ، ومن أين جاءت تلك الدوافع التى دفعت بها إليها ، وكيف أستقام مفهوم عند القائلين بها ؟ وماذا دفع فى إيديهم من حجج يقيمونها بين يديها ؟ "
صفحة 206 ، 209
ورداً على ذلك أقول : ـ
" إن النظر فى ذات الله نظراً مباشراً لا يمكن أن يرجع العقل منه بالحيرة والبلبال "
هذا صحيح لأن عقل الإنسان المحدود لا يمكن أن يحيط بالإله غير المحدود .
وأما خيالات وتصورات العقل الإنسانى التى ينشأ عنها تعدد الإلهة فلا يصح إطلاقاً أن تكون هى التى نشأ عنها الإيمان بلاهوت المسيح . فالمسيح لم يكن من مبتكرات عقولنا ، ولم يكن من مبالغاتنا ، ولم يكن مقوله أدخلناها على الدعوة المسيحية بل بالعكس هو شخصية فوق الطبيعة ظهرت فى التاريخ ، وكتب الوحى الإلهى كشفت لنا القناع عن حقيقة تجسده كما هو واضح من كلٍ من التوراة والإنجيل .
فالمسيح ليس من مبتكرات العقل ولكنه من معلنات الوحى وليس الإيمان بلاهوته دخل على المسيحية بل هو عين المسيحية ولا يعتبر مسيحياً إلا من يعتمد بإسم الآب والابن والروح القدس ، كما سنوضح ذلك فيما بعد .
5
لا تحده العقول
قال المعترض : ـ
" تقوم المسيحية على هذه الكلمات الثلاث : الآب ، الابن ، والروح القدس .. لتجعل منها إلهاً واحداً هو الله !
وأنت ترى بادئ ذى بدء أن الله وضع هذه فى معادلة رياضية أمر لا يقلبه منطق العقل ، ولا يصدقه ، وإن جلبت له الحيل من كل وجه .. فالثلاثة لا تكون واحداً ، والواحد لا يكون ثلاثة أبداً ..
إن أحداً لا يمكن أن يحمل عقله على التحميل هذه البديهات المغلوطة .. الثلاثة واحد ، أو الواحد ثلاثة !! ..
ولكنها كما قال عنها أصحابها ودعاتها – قضية فوق مستوى العقل ، ووراء متطلعاته !
يقول الأستاذ يسى منصور ، فى كتابه : ( رسالة التثليث والتوحيد ) : " على أنه من الصعب أن نحاول فهم هذا الأمر – يريد التثليث – بعقولنا القاصرة ، كما قال الدكتور "تورى " لأن الله روح ، والإعداد مبدأياً من خصائص العالم الطبيعى ! – فتعترضنا صعوبة إذا حاولنا تصور كائن روحى بصور الفكر الطبيعى ، وأيضاً الله غير محدود ونحن محدودون ، وهو تعالى يسكن فى نور لا يدنى منه ، ومحاولتنا شرح وحدانية الله المثلثة ، شرح فلسفى هى محاولة وضع حقائق غير المحدود ، فى صور وهيئات فكر محدود "
رسالة التثليث والتوحيد صفحة 32
ويقول صاحب كتاب " الله : ذاته ونوع وحدانيته " أننا لا ننكر أن التثليث يفوق والإدراك ولكنه يتوافق مع كمال الله كل التوافق ! ! " الله : ذاته ونوع وحدانيته صفحة 4
وندع الآن التعليق على هذه الأحكام ، التى تبنى على أسس لا معقول لها "
صفحة 209 – 211
ورداً على ذلك أقول : ـ
أنه من المسلم به أنه توجد أشياء يحيط بها العقل ويجزم بصحتها . وتوجد أشياء لا يحيط بها العقل لأنها فوق المعقول ويجزم بصحتها . فليس من المعقول أن يدرك العقل البشرى المحدود كنه الله غير المحدود ، كما لا نستطيع أن ننقل البحر الكبير فى حفرة صغيرة ، ونحن نجزم بصحة وجوده تعالى وبما أن الله ثلاثة أقانيم متميزه غير منفصله فى لاهوت واحد ، فالمسألة ليست كما يقول المعترض 1+ 1 + 1 = 3 بل هى 1× 1× 1 = واحد . فنحن ننظر إلى الله واحداً من زاوية واللاهوت وننظرة ثلاثة من زاوية الأقانيم ، كما ينظر الأخ المسلم الله واحداً من زاوية لاهوته وينظره متعدداً من زاوية صفاته وأسمائه .
وعليه فإذا نسبنا لله الوحده أو نسبنا له الكثرة فلا تعارض ، كما أن وجود الصفات المتباينة المتغايرة الكثيرة فى الله لايقدح فى وحدانيته والمسلم إذا دعا الله بالنور اللطيف والغنى المغنى والواحد الجامع والأول الآخر والباطن الظاهر فهو لا يرى فى ذلك أى تضاد أو تناقض .
فهو تعالى النور الذى يدرك الأبصار ، واللطيف الذى لاتدركه الأبصار ، والغنى فى ذاته والمغنى لعباده ، والواحد فى جوهره والجامع لصفاته . والباطن فى كهنه وحقيقته والظاهر فى أعماله وتجلياته .
والإسلام يؤيد بلا ريب إن الله فوق العقول ، وكفى قول على بن ابى طالب " كل ما يخطر على بالك فالله بخلاف ذلك " .
فسمو العقيدة وعدم مقدرة العقل الضعيف على سبر غورها ليس دليلاً على عدم صحتها .
فجميع الذين يؤمنون بالله لا يدركون كهنه ، وقصورهم عن إدراك حقيقته لا يطعن فى وجوده فهل يقدر العقل أن يجيب إن كان فى الوجود الآزلى مكان أو زمان أو حركة أو ضوء أو صوت ؟
وهل يتصور العقل وجود الله الآزلى بدون مكان أو زمان أو حركة أو ضوء أو صوت ؟
فإذا كان المسلم يؤمن بما لا يدرك كهنه ، فلماذا لا يقبل الإيمان بالله الواحد المثلث الأقانيم لعدم إدراك كهنه ؟ !
لقد أعترف الإمام الغزالى بعجز الإنسان التام عن إدراك حقيقة الله تعالى فقال : ـ
قصر القول فذا الشرح يطول قصرت والله أعناق الفحول تدرى من أنت ولا كيف الوصول فيك حارت فى خفاياها العقول هل تراها فترى كيف تجول لا ولا تدرى متى عنك تزول غلب النوم فقل لى ياجهول كيف يجرى منك أو كيف تبول بين جنبيك كذا فيها ضلول لا تقل كيف أستوى كيف النزول فلعمرى ليس ذا إلا فضول وهو رب الكيف والكيف يحول وهو فى كل النواحى لا يزول وتعالى قدره عما تقول
|
قل لمن يفهم عنى ما أقول ثم سر غامض من دونه أنت لا تعرف إياك ولا لا ولاتدرى صفات ركبت أين منك الروح فى جوهرها وكذا الأنفاس هل تحرصها أين منك العقول والفهم إذاً أنت أكل الخبز لا تعرفه فإذا كانت طواياك التى كيف تدرى من على العرش أستوى كيف يحكى الرب أم كيف يرى فهو لا أين ولا كيف له وهو فوق العقل لا فوق له جلّ ذاتا وصفات وسما |
وفوق هذا ، إذا أراد المسلم أن يحكم العقل ، فأقول له إن توحيد الله مع تثليث أقانيمه هو متفق مع العقل والمنطق تمام الإتفاق ، أما التوحيد المجرد من الأقانيم فهو ضد العقل والمنطق على خط مستقيم .
فمن البديهيات المسلم بها أن الله غنى عن عباده وأن صفاته تعالى ملازمه لذاته منذ الأزل ، وأن هذه الصفات عامله لا عاطله .
فإذا كان الإجماع على أن الله سميع كما جاء فى سورة البقرة : 137 وبصير كما جاء فى سورة النساء : 134 ومتكلم كما جاء فى سورة النساء : 163 وودود كما جاء فى سورة المائدة : 54 وواضح إن هذه الصفات أزلية بأزليته وليست حديثة عليه . فيأتى الإشكال الذى لا مفر منه وهو : إن كان الله أقنوماً واحداً وليس ثلاثة أقانيم ، فمع من هو متكلم ؟ ولمن هو سميع ؟ ومع من هو بصير ؟ ومع من هو ودود ؟
وإذا كان الله فى الآزل معه غيره يبادله السمع والبصر والتكلم والود فهذا شرك ؟
وإذا كان الله فى الآزل سميعاً بلا سمع وبصيراً بلا بصر وودوداً بلا ودّ فهو فى عزلة الآزل أشبه بصفر فى طى العدم !
لكن الله بصفاته العاملة يتجلى فى كمالاته المتبادلة بين أقانيمه الثلاثة ، وهذا ينفى الشرك وينفى التعطل ، وهذا الإيمان لاينافى العقل وإن يكن فوق العقل .
6
صحة الإنجيل
قال المعترض تحت عنوان " ماذا فى الأناجيل " : ـ
" ونود أن ننبه من أول الأمر إلى أن هناك أعداداً كثيرة من الأناجيل قد ذهبت أو أنحبست عن التداول ، وذلك بعد أن أصبح أمر هذه الأناجيل مثار فتنه وإزعاج لأتباع المسيح ، لما بينها من خلافات حادة ، لا يمكن تلافيها أو الجمع بينها ، بأى حال ، وعلى أية صورة من صور التخرج أو التأويل .
ومازالت الأناجيل تتساقط وتختفى واحداً أثر آخر حتى أستقر الرأى فى مؤتمر " نيقية " على إعدام جميع الأناجيل المتداولة ، عدا أربعة الأناجيل المعروفة ، والمتداولة إلى اليوم !
وعلى هذا فإن نتظرتنا إلى التثليث فى الأناجيل ستكون قاصرة على هذه الأناجيل "
صفحة 212 ، 213
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن تمسك الكنيسة على توالى الأجيال بالكتب المقدسة المسلمة لها من رسل المسيح ووقوفها منذ اليدء ضد الكتب المفتعلة لهو عمل شريف .
ومما لا يضير الأناجيل الأربعة ويؤيد صحتها تمام التأييد هو تمسك مجمع نيقية بها . وقد كان ذلك قبل ظهور الإسلام بثلاثمائة سنة . وقد جاء الإسلام شاهداً . بصدق هذه الأناجيل وموصياً مسيحى عصره بالعمل بها .
وقد مدح القرآن شهداء الأخدود الذين أستشهدوا وهم مؤمنون بهذه الأناجيل دون الكتب المفتعلة التى شجبها مجمع نيقية .
ويكفى إجماع جميع المسيحيين . منذ عهد رسل المسيح الحواريين إلى الآن فى كل مكان وفى كل زمان على صحة الإنجيل الذى بين إيدينا .
وقد قال سيادة المعترض نفسه " وهؤلاء الشهود هم الأناجيل الأربعة المعتمدة التى يدين بها أتباع المسيح جميعاً على إختلاف طوائفهم ، وعلى ما بينهم من خلاف فى مفاهيمها فهى الشاهد الذى لا ترد شهادته عندهم "
صفحة 213
فالإنجيل المقدس هو كالسندان الذى ترتد عنه جميع المطارق فاشلة لم يزد عليه شئ ولم يفقد منه شئ لا بالنسيان ولا بالنسخ ولا بالتبديل ولا بالضياع ولا بالرفع ولا بالحرق ، بل أحتفظت به الكنيسة كما هو . كيف لا وقد قال السيد المسيح له المجد " السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول " مت 24 : 35
الفصل الثانى
فى الإنجيل
أولاً : الأناجيل الأربعة
قال المعترض تحت عنوان " الأناجيل والتثليث " :ـ
" إذا كانت الأناجيل الأربعة المعتمدة هى كتاب المسيحية الأولى ، وهى دستور عقيدتها وشريعتها ، أو هذا ما ينبغى أن يكون ـ فإنه لابد من نظرة فى هذه الأناجيل لنستطلع مقولاتها فى الإله ، وفى تصوره ، وفى الأقانيم الثلاثة التى تدين بها المسيحية .. من الآب والابن والروح القدس .
وبعبارة أوضح وأصرح : ماذا تقول الأناجيل عن المسيح ؟ أهو الله ؟ أم هو ابن الله ! وإذا كان أبناً فما معنى هذه البنوة ؟ وما العلاقة التى بين الآب والابن ؟ ماذا تقول الأناجيل فى هذا كله ؟ وفى أى صورة تصوره ؟ "
صورة 214
ثم أدعى المعترض أن الأناجيل الأربعة خالية من تعليم الثالوث الأقدس ، فقال : ـ
" ونستطيع أن نقول أن الأناجيل لم تتحدث عن الله ، هذا الحديث الذى عرفته المسيحية بعد ، أنه مثلث الأقانيم ، وما عرف أحد من حوارى المسيح وتلاميذه والمستمعين إليه ممن آمن به ، والذين لم يؤمنوا أى حديث منه عن الله غير ما جاءت به الرسل والأنبياء أن الله واحد له ملك السموات والأرض .. بيده كل شئ . وهو على كل شئ قدير ! "
صفحة 214
ورداً على هذا أقول : ـ
1 ـ تعليم الأناجيل
إن الأناجيل الأربعة تفيض بتعليم الثالوث الأقدس ووصف كل أقنوم بصفةٍ قاطعة .
1
الثالوث الأقدس
البشائر الأربعة هى سجل حياة المسيح له المجد من ميلاده إلى صعوده ، وبين جميع حوادث وأعمال وتعاليم المسيح المسجلة فى هذه البشائر تنساب عقيدة الثالوث متدفقة تدفق النيل فى واديه .
وإليك ماجاء عن الثالوث الأقدس فى تاريخ المسيح المتتابع (1) : ـ
1 ـ فى تجسده
كم يطيب لنا أن نرى بياناً صريحاً عن الثالوث الأقدس على أول صفحة من قصة المسيح الحلوة . فلما بشر الملاك جبرائيل السيدة العذراء قال لها : ـ
" الروح القدس يحل عليكى وقوة العلى تظللك ، لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله " لو1 : 25
وها أنت ترى الثلاثة أقانيم ـ الله العلى يظلل العذراء بقوته ، وروحه القدوس يحل عليها ، وأبنه القدوس يتجسد ويولد منها .
2 ـ وفى عماده
وفى مستهل خدمته الجهارية وقت عماده المبارك ظهر الثالوث الأقدس بصورة ماثلة للحواس مما يقطع الشك باليقين .
قال متى البشير " ولما أعتمد يسوع صعد للوقت من الماء فإذا السموات قد أنفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه وصوت من السماء قائلاً هذا هو أبنى الحبيب الذى به سررت " مت 3 : 16 ، 17
حقا ما أشهى للأذن أن تسمع الله الآب ينادى يصوت من السماء ، وللعين أن ترى ابن الله قائماً فى نهر الأردن ، وهذا الروح القدس نازلاً عليه مثل حمامة
3 ـ فى تعاليمه
هيا بنا إلى الناصرة وهناك فى المجمع فأنظر معى إلى السيد المسيح واقفاً يخطب الجماهير فما
(1) أنظر رسالة التثليث والتوحيد صفحة 48 ـ 58
أكرمه وما أصرحه إذ يقول : ـ
" روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية " لو 4 : 18
وهنا للإنسانية أن تتهلل ما شاءت وشاء لها جمال ما ترى : الرب مرسلاً أبنه ، الابن قائماً باداء الرسالة ، والروح القدس حالاً على الإبن للمسحة والتأييد .
4 ـ فى معجزاته
دون ما ريب أن المسيح فى كل ما صنع من معجزات كان بدافع من أحساس الرحمة وشعور الحنان .
وللحق أشهد . كم أشعر بغبطة عمل المسيح حين شفى المجنون الأعمى الأخرس وقال لليهود:ـ
" ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله " مت 12 : 28
فهذه الآية تدلنا دلالة واضحة على أن المسيح يخرج الشياطين فعلاً ، وروح الله يؤيده ، وعلى أن الله بدأ يظهر للناس ملكوته .
5 ـ فى أخلاقة
لقد أشار متى البشير إلى رسالة المسيح ودماثة أخلاقة وسمو مبادئه فيما أستشهد به من أشعياء النبى فقال : ـ
" هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي. أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق
لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته " مت 12 : 28
وواضح من نص هذه الآية أن هناك اباًوأبناً وروحاً ، فالآب ، وضع روحه القدوس ،على ابنه الحبيب ، لينصر الحق بلا ضوضاء أو صياح .
6 ـ فى أرساليته للأثنى عشر
حين أرسل السيد المسيح تلاميذه الأثنى عشر ذودهم بالكثير من النصائح ومن بينها ما سجله متى البشير بقوله : ـ
" ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب ... وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلي شهادة لهم وللأمم
فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به
لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم " مت 10 : 16 ـ 20
فههنا المسيح يرسل تلاميذه والآب يعطيهم روحه القدوس ، والروح القدس يتكلم فيهم أمام أخصامهم .
7 ـ فى حديثه مع نيقوديموس
مرة دخل نيقوديموس رئيس اليهود فى حوار مع السيد المسيح على نحو ما نقرأ تفصيله بالأصحاح الثالث من إنجيل يوحنا . والذى لفت نظرى من هذا الحديث مشيراً للثالوث بصفة عامة ما خاصة فى إجابة المسيح بقوله : ـ
" أجاب يسوع: الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله " يو 3 : 5
ومن هذه الإجابة نرى بأجلى بيان : إن يسوع هو مؤسس الملكوت ، وأن الروح القدس هو الذى لابد للناس من أن يولدوا منه ليكونوا جنساً جديداً وأهلاً لأن يدعو أبناء الملكوت وأن الله هو صاحب الملكوت .
8 ـ فى حديثه مع السامرية
مرة ترك يسوع اليهودية منعاً لمنازعة الفريسيين له بلا جدوى ، وذهب إلى السامرة مشياً على قدميه ست ساعات سعياً ليهدى نفساً ضالة ، وهناك وهو جالس على البئر تسمع منه أرق حديثه المشبع بالحكمة مع المرأة السامرية حيث تدرج بها إلى إعلان توبتها وبحثها عن الله وتعطشها لمعرفة كيفية السجود له .
فقال لها يسوع : ـ
" تأتى ساعة هى الآن حين الساجدون الحقيقون يسجدون للآب بالروح والحق " يو4 : 23
ومن الواضح البين أن نرى هنا الثالوث الأقدس ظاهراً فى يسوع وهو الحق السماوى الداعى للسجود ، والآب المسجود له ، والروح القدس المعين الإلهى الذى يقدرنا على السجود .
9 ـ فى مناظرته للفريسين
لقد كان يوم الثلاثاء من أسبوع الآمه يوماً مشهوداً . فقد برزت فيه جميع طوائف اليهود على إختلافها لمناظرة المسيح فهاجموه بأسئلة شائكة محبوكة فصدهم له المجد بحلول رشيدة وقعت منهم موقع الدهشة والذهول ثم فاجئهم فى الحال بسؤال لاهوتى أوقع فى صفوفهم الأرتباك ردهم على أعقابهم . فقال للفريسين : ـ
" ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له: ابن داود . قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح ربا ؟ قائلا . قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك
فإن كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ " مت 22 : 43 ـ 45
والمتأمل فى هذه الأقوال يسبح بأفكاره إلى أسرار الاهوت ، فيرى للأقنوم الأول حديثاً مع الأقنوم الثانى ، رواه وأوحى به الأقنوم الثالث
10 ـ فى خطابه الوداعى
أما فى الليلة التى أسلم فيها المسيح للمحاكمة ، والموت فقد أستهلها بأعلى مثل للتواضع حيث غسل أرجل تلاميذه . وبأعذب صورة للحب حيث رسم تذكاراً لآلامه .
ولما شعر أن أقواله عن موته وقعت على مسامع تلاميذه وقع الصاعقة ، أخذت تنساب من فمه المبارك كلمات التعزية ، فوجه أنظارهم إلى حب الآب ورحابة قلبه لهم ، وسما بعقولهم إلى عمله الفدائى الذى وحدهم به مع الآب ، وأكد لهم فى تكرار مطمئن أنه سيرسل لهم من الآب الروح القدس المعزى ليمكث معهم إلى الأبد .
والسامع بإنتباه لخطاب المسيح الوداعى يحس إحساساً عميقاً فى قرارة نفسه بالثالوث الأقدس ماثلاً أمامه . فقد ذكر الثلاثة أقانيم ذكراً مفصلاً وإليك بعضاً من أقواله المقدسة بغاية الصراحة والجلاء .
" وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم " يو 14 : 26
"ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي " يو 15 : 26
" وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية . ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم
كل ما للآب هو لي. لهذا قلت إنه يأخذ مما لي ويخبركم " يو 16 : 13 ـ 15
الا ترى إذا ً الوعد بالروح القدس الى يأتى وينبثق من الآب بإسم وسلطان المسيح هو أمر يتجلى فيه الثالوث الأقدس فى صورة واضحة كوضوح الصبح .
11 ـ فى إعطائه سلطاناً للإرساليات
فى يوم الأيام ، يوم الأحد ، الذى قام فيه من الأموات فى عشية ذلك اليوم كان التلاميذ مجتمعين والأبواب مغلقة لسبب الخوف من اليهود .
فظهر لهم فى الوسط وقال لهم سلام لكم وأراهم يدية وجنبه "قال لهم يسوع سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا . ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس
من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت " يو 20 : 21 ـ 23
وليس أبهج للقلب من أن يرى يسوع قائماً من الأموات يتلألأ فى ابهة النصر ، وليس أدعى للثقة والنشاط من أن تقوم إرساليتنا للعالم على منوال إرسالية المسيح من الآب ، وليس أدعى للإعجاب والشكر من أن نشاهد المسيح ينفخ فى تلاميذه نسمة الروح القدس ليقووا على تجديد العالم وإصلاحه .
الا ترى الابن يتحدث مع تلاميذه عن ابيه ، ويمنحهم روحه . فكأنك أمام الثالوث الأقدس مواجهة ولا أخالك ترقص طرباً بهذا الكشف المقدس والمنظر السامى المجيد
12 ـ وصيته الأخيرة
إن السيد المسيح بعد رحلته الملوكية القصيرة على الأرض وقبيل صعوده إلى السماء قال لتلاميذه:" فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس"
مت28 : 19
وعلى أساس هذه الوصية المقدسة نرى جميع المسيحيين فى مشارق الأرض ومغاربها لا يصبغهم بصبغة المسيحية إلا دخولهم فى ماء المعمودية وخروجهم منها وذلك عند إعترافهم العلنى بموتهم مع المسيح وقيامتهم معه فيموتوا عن الخطية ويحبوا البر وذلك بقوة وسلطان إسم واحد فى ثلاثة أقانيم . الآب والابن والروح القدس .
فالثالوث الأقدس هو إذاً دعامة إيمان المسيحين وهو فى شرعهم وعرفهم أشهر من نار على علم ، وصلتهم به صلة الجسد بالروح والعين بالنور .
هذا قليل من كثير مما ورد فى الأناجيل الأربعة عن الثالوث الأقدس !
2
لاهوت المسيح
وللإجابة عن سؤال المعترض : ـ
" ماذا تقول الأناجيل عن المسيح ؟ أهو الله ؟ " صفحة 214
أقول : ـ
أقرت الأناجيل أن الله الواحد ثلاثة أقانيم ، وأن الأقانيم ليست هى مجرد أسماء تطلق على الله ، أو مجرد صفات ينعت بها الله ، بل ثلاث شخصيات متميزة غير منفصلة متساوية فائقة عن التصور بلاهوت واحد جوهر واحد ذات واحدة .
وقد دعى المسيح فى الكتاب المقدس " الله " بصريح العبارة مراراً كثيرة .
فإن لاهوت أحد الأقانيم لاينفى اللاهوت عن الأقنومين الأخريين لأن للثلاثة لاهوتاً واحداً .
فالآب هو الله ، والابن هو الله ، والروح القدس هو الله ، ونسبة اللاهوت للثلاثة لاتستدعى ثلاثة الهة ، لأن اللاهوت واحد ولا تعدد فى الجوهر البته .
وبما أن المسيح له جوهر اللاهوت الواحد فهو الله الذى ظهر فى الجسد لأجل خلاصنا .
ومما جاء فى الأناجيل أن " المسيح " هو " الله " قوله : ـ
" هوذا العذراء تحبل وتلد أبناً ويدعون أسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا " مت 1 : 23
"فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله والكلمة صار جسداً"يو 1: 1 ، 14 " أجاب توما وقال له ربى وإلهى " يو 20 : 28
وفوق هذا ، فقد ذكر المسيح نفسه الشئ الكثير جداً فى الأناجيل الأربعة مما يدل على لاهوته. ولنذكر بعض ذلك على سبيل المثال لا الحصر : ـ
1 ـ فعن مساواته للآب فى الجوهر قال :ـ
" أنا والآب واحد " يو10 : 30
2 ـ وعن وجوده الآزلى قال :ـ
" والأن مجدنى أيها الآب بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم " يو 17 : 5
" قبل أن يكون أبراهيم أنا كائن " يو 8 : 58
3 ـ وعن وجوده فى كل زمان وزمان قال :ـ
" ها أنا معكم كل الأيام إلى أنقضاء الدهر " مت 28 : 20
" وأقول لكم أيضاً إن أتفق إثنان منكم على الأرض فى أى شئ تطلبانه فإنه يكون لهما من قبل أبى الذى فى السموات لأنه حيثما أجتمع أثنان أو ثلاثة بإسمى فهناك أكون فى وسطهم " مت18 : 19 ، 20
" وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذى هو فى السماء " يو13:3
4 ـ وعن صدور الوحى منه للأنبياء والرسل قال :ـ
" لأنى أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها "
لو 21 : 15
" لذلك قالت حكمة الله أنى أرسل إليهم أنبياء ورسلاً فيقتلونهم ويطردون " لو 11 : 49
5 ـ وعن قداسته المطلقة قال :ـ
" من منكم يبكتنى على خطية " يو 8 : 16
6 ـ وعن قدرته على الخلاص وغفرانه للخطايا قال :ـ
" ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص من قد هلك " لو 19 : 10
" لكى تعلموا أن لإبن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا " مت 9 : 6
7 ـ وعن إحيائه للبشر يوم القيامة قال :ـ
" تأتى ساعة فيها يسمع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة " يو 5 : 27 ـ 29
8 ـ وعن أنه ديان للأحياء والأموات قال :ـ
" الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للأبن " يو 5 : 22
" فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله " مت 16 : 27
9 ـ وعن إجابته للدعاء وإستجابته للصلاة قال :ـ
" مهما سألتم بإسمى فذلك أفعله " يو 14 : 13
10 ـ وعن وجوب إعتمادنا على إسمه قال :ـ
" عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19
11 ـ وعن وجوب إيماننا به كإيماننا بالله قال :ـ
" أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى " يو 14 : 1
12 ـ وعن وجوب إتكالنا عليه قال :ـ
" تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم " مت 11 : 28
13 ـ وعن وجوب إطاعتنا له قال :ـ
" إن كنتم تحبوننى فأحفظوا وصاياى " يو 14 : 15
14 ـ وعن وجوب المناداة بأسمه مخلصاً لكل الشعوب قال :ـ
" هكذا هو مكتوب وهكذا ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث وأن يكرز بإسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم " لو 24 : 46 ، 47
15 ـ وعن وجوب تكريس حياتنا بجملتها له وأن يكون هو موضوع أستشهادنا قال :ـ
" من أضاع حياته من أجلى يجدها " مت 10 : 39
فهل بعد كل هذا لا يرى سيادة المعترض أى حديث من المسيح عن لاهوته ؟؟ !!
3
بنوية المسيح
وللإجابة عن سؤال المعترض : ـ
" ماذا تقول الأناجيل عن المسيح .. أهو ابن الله ؟ وإذا كان أبناً فما معنى هذه البنوة ؟ وما العلاقة التى بين الآب والابن ؟ " صفحة 214
أقول : ـ
نعم تقول الأناجيل الأربعة أن المسيح هو ابن الله كما ترى فى الشهادات التالية : ـ
شهادة الملاك جبرائيل ـ " هذا يكون عظيماً وابن العلى يدعى " لو 1 : 22
" القدوس المولود منك يدعى ابن الله " لو 1 : 25
شهادة الآب " صوت من السماء قائلاً أنت أبنى الحبيب بك سررت " لو 3 : 22
" هذا هو ابنى الحبيب له أسمعوا "لو 9 : 30
شهادة يوحنا المعمدان ـ " وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله " يو 1 : 34
" الآب يحب الابن وقد دفع كل شئ فى يده . الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله " يو 3 : 35 ، 36
شهادة قائد المائة ـ " وأما قائد المائة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا وقالوا حقاً كان هذا هو ابن الله " مت 27 : 54
شهادة الرسل ـ قال نثنائيل ـ " ما معلم أنت ابن الله أنت ملك إسرائيل " يو 1 : 49
وقال بطرس ـ " أنت هو المسيح ابن الله الحى " مت 16 : 16
شهادة المسيح لنفسه : ـ
قال فى طفولته ـ " ينبغى أن أكون فيما لأبى " لو 2 : 46
وقال لنيقوديموس ـ " هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " يو 3 : 16
وقال لليهود ـ " كما أن الآب يقيم الأموات ويحيى كذلك الابن يحيى من يشاء .... لكى يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب " يو 5 : 21 ، 23
وقال للأعمى الذى شفاه ـ " أتؤمن بأبن الله ؟ ... فقال أؤمن يا سيد وسجد له " يو 9: 35 ،36 وقال لتلاميذه ـ " كل ما للآب فهو لى " يو 16 : 14
وقال فى صلاته عنهم ـ " نعم أيها الآب لأنه هكذا صارت المسرة أمامك . كل شئ قد دفع إلى من أبى وليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن " مت 11 : 26 ، 27 وقال فى صلاته على قبر لعازر ـ " أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتنى يكونون معى حيث أكون أنا لينظروا مجدى الذى أعطيتنى لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم " يو 17: 24
وقال فى صلاته على الصليب ـ " يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " لو 23 :34 وقال فى وصيته الأخيرة ـ " فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19 (1)
بنوية خاصة
وللإجابة عن سؤال المعترض : ـ
" وإذا كان أبناً فما معنى البنوية ؟ وما العلاقة التى بين الآب والابن ؟ " صفحة 214
أقول : ـ
كما دعى المسيح ابن الإنسان للدلالة على أنه إنسان له الطبيعة الناسوتية ، كذلك دعى ابن الله للدلالة على أنه إله له الطبيعة اللاهوتية كقول الإنجيل " قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله " يو 5 : 18
فالبنوية هنا لا تدل على التوالد الجنسى بل تدل على المعادلة بين أقنوم الآب وأقنوم المسيح أى أن كليهما لهما لاهوت واحد ، فالمسيح هو صورة الله نور من نور إله حق من إله حق . والبنوية تعبر عن العلاقة السرية والمحبة الفائقة الكائنة بينهما بالروح كقول يوحنا الرسول : " تكون معكم نعمة ورحمة وسلام من الله الآب ومن الرب يسوع ابن الآب بالحق والمحبة " 2يو : 2
وكقول بولس الرسول " الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته"كو1: 13
وما أحسن ما قاله القس جردنر بهذا الصدد " إن الأبوة والبنوة فى اللاهوت عبارة عن إعتبارات أدبية وعلاقات روحية ومن تلك العلاقات المحبة والإكرام والمناجاة المتبادلة والتبادل الكامل المبارك ووحدة الطبيعة والصفات والإدارة والإتفاق فى العمل وتناسب الوظائف " .
وبما أن هذه المعانى المتضمنه فى بنوة المسيح لله والدالة على لاهوت خاصة به وحده ولا
(1) أنظر رسالة التثليث والتوحيد للمؤلف صفحة 131 ـ 133
يشاركه فيها أحد ، فقد دعى ابن الله الوحيد ، كما هو مذكور فى الآيات التالية : ـ
" هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " يو 3 : 16
" ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " يو1 : 14
" الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن به قد دين لأنه لم يؤمن بإبن الله الوحيد "يو3 : 18 (1)
فإذا دعى المسيح " الله " أو " ابن الله " فكل من الأسميين صحيح . لأن المسيح هو بهاء مجد الله عب 1: 3 وشعاع الشمس هو من الشمس وهو الشمس .
4
الروح القدس
وللإجابة على سؤال المعترض :ـ
"وما الأقنوم الثالث ـ روح القدس ـ الذى يجتمع مع الآب والابن ؟ " صفحة 214
أقول : ـ
نعرف من الأناجيل الأربعة كما نعرف من كل الكتاب المقدس أن الروح القدس هو أحد الأقانيم الثلاثة كقول المسيح له المجد"عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس"مت28 : 19
ولهذا فالروح القدس يسمى " روح الله " مت 12 : 18 ويسمى " روح يسوع المسيح " فى1:19
فالروح القدس أقنوم متميز غير منفصل مع الآب والابن فى لاهوت واحد كقول يوحنا الرسول " الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " 1يو 5 : 6 ، 7
فالروح القدس هو من الآب كقوله له المجد " متى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى " يو 15 : 16
(1) رسالة التثليث والتوحيد للمؤلف صفحة 120 ـ 122
وهو من الابن كقول الإنجيل " ولما قال هذا نفخ وقال لهم أقبلوا الروح القدس " يو 20 : 22 وهو مساوٍ للآب والابن ، فكل ما للآب هو للأبن وكل ما للأبن هو للروح القدس كقوله له المجد " ومتى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق . لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية . ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم "
يو 16 : 13 ـ 15
وبما أن روح الإنسان هو الإنسان ، كذلك روح الله هو الله ، كقوله " ما لم تر عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه . فأعلنه لنا الله نحن بروحه . لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله . لأن من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذى فيه . هكذا أيضاً أمور الله لايعرفها أحد إلا روح الله " 1كو 2 : 9 ـ 11
وقد علمنا السيد المسيح فى الأناجيل بوضوح أن الروح القدس ليس مجرد تأثير أو صفة أو قوة بل هو ذات حقيقى وشخص حى أقنوم متميز ولكنه غير منفصل . وهو وحدة أقنومية مع أقنوم الآب وأقنوم الابن . وهو نظير الآب والآبن ومساوٍ لهما فى السلطان والمقام ومشترك وإياهما فى جوهر لاهوت واحد .
فعن أقنومية الروح القدس المتميزة قال " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً أخر ليمكث معكم إلى الأبد " يو 14 : 16
وعن نسبة الروح فى اللاهوت الواحد وإنبثاقة من الآب قال " ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى " يو 15: 16
وبما أن الروح القدس هو أقنوم متميز غير منفصل فقد بين السيد المسيح أن له كل مقومات الشخصية .
فهو يتكلم مت 10 : 20 ويسمع يو 16 : 13 ويفكر يو 14 : 26 ويرسَل (بفتح السين ) يو15 : 26 وينظرُ (بضم الراء ) مت 3 : 16
وقد شهد المسيح عن لاهوت الروح القدس .
فدعاه " روح الله " مت 12 : 18 و " روح الرب " لو 4 : 18 ووصفه بأوصاف الهية .
فبين أنه كلى القدس والطهر لو 11 : 13 وأنه العالم بكل شئ يو 14 : 26 وأنه الحى الباقى إلى الأبد يو 14 : 16
وأشار إلى أعماله الإلهية .
فبين أنه مصدر الوحى للأنبياء والرسل مر 2 : 26 و 16 : 12، 13 مت 10 : 19 ، 20 وأنه صانع المعجزات مت 12 : 28 لو 4 : 18 وأنه غافر الخطايا يو 20 : 22 وهو الذى يجدد المؤمنين يو 3 : 5 ـ 7 ويساعدهم فى الأقتراب إلى الله يو 4 : 23 ، 24 وهو الذى يبكت الخطاة يو 16 : 8
كما أوصى أن نقدم له الإكرام الإلهى .
فأمر أن نعتمد على أسمه مت 28 : 89 (1 )
2 ـ رد على إعتراضات
1
معنى الألوهية
ذكر المعترض الخمس آيات التالية : ـ
1 ـ " مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " مت 4 : 10
2 ـ " ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله " مت 19 : 17
3 ـ " فأجابه يسوع إن أول الوصايا هى أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " مر 2: 29
4 ـ " طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه " لو 11 : 28
5 ـ " فقالوا له ... لنا أب واحد وهو الله . فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبوننى لأنى خرجت من من قبل الله وأتيت . لأنى لم آت من نفسى بل ذاك أرسلنى " يو 8 : 41 ، 42
وظن المعترض أن هذه الآيات بما أنها تدل على الواحدانية فلا داعٍ للقول بالتثليث وبلاهوت المسيح .
صفحة 215 ، 216
(1) كتاب لكى لا ننكر المسيح للمؤلف صفحة 44 ـ 47
وفات سيادته أننا نقر بالوحدانية الجامعة ، فتثليث الأقانيم لا ينفى هذه الوحدانية ، والوحدانية لا تنفى التثليث ، كما أن تعدد صفات الله لاينفى وحدة الجوهر ، ووحدة الجوهر لا تنفى تعدد الصفات .
فمثلاً ـ الآيه " إن أول الوصايا هى أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " مز 2: 29 قد أقتبسها السيد المسيح من أقوال موسى النبى ، وهذا نصها باللغة العبرية " يسمع يسرائيل يهو اليهنو يهوه أحد " فكلمة " يهوه " إسم الرب بصيغة المفرد وكلمة " اليهنو " اسم الإلة بصيغة الجمع و " أحد " بمعنى واحد .
فالله فى لاهوت واحد بصيغة المفرد وهو هو فى أقانيمه بصيغة الجمع .
ومثلاً آخر ـ قول اليهود " لنا أب واحد هو الله " وقول المسيح " لو كان الله أباكم لكنتم تحبوننى لأنى خرجت من قبل الله وأتيت " تعنى أن الله الواحد كلمته المسيح ليس بغريب عنه بل معه أزلياً ومنه خرج وأتى ظاهراً بين الناس كخروج أشعة الشمس من الشمس .
ولأن المسيح هو الإله المتأنس ، فالآيات الدالة على ناسوته لا تنفى لاهوته ، والآيات الدالة على لاهوته تنفى ناسوته ، كما فى الإنسان الأوصاف التى تشير إلى جسده المادى لا تتنافى مع الأوصاف التى تشير إلى روحه الخالدة فهو جسد وروح إنسان واحد . فإذا قلنا أن الإنسان فانٍ نقصد جسده وهو صحيح وإذا قلنا إن الإنسان خالد نقصد روحه وهو صحيح
2
معنى الأبوة
ذكر المعترض العشر آيات التالية :ـ
1 ـ "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم . لكى تكونوا أبناء أبيكم الذى فى السموات " مت 5 : 44 ، 45
2 ـ "احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات" مت 6 : 1
3 ـ" فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية"مت 6 : 4
4 ـ "فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك "مت 6 : 9
5 ـ " فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه " مت 7 : 11
6 ـ "ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات" مت 7 : 21
7 ـ " رد سيفك إلى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون . أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة؟ . فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون؟ " مت 26 : 25 ـ 54
8 ـ "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. نعم أيها الآب لأن هكذا صارت المسرة أمامك " لو 10 : 21
9 ـ "كل شيء قد دفع إلي من أبي. وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له " لو 10 : 22
10 ـ "فقالوا له: "من أنت؟" فقال لهم يسوع: "أنا من البدء ما أكلمكم أيضا به . إن لي أشياء كثيرة أتكلم وأحكم بها من نحوكم لكن الذي أرسلني هو حق. وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم . ولم يفهموا أنه كان يقول لهم عن الآب . فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي . والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه "يو8 : 25 ـ 29
ثم قال المعترض : ـ
" ولا نستكثر من عرض هذه الشواهد ، وهى كثيرة مبثوثة فى صفحات الأناجيل . وهى أيضاً واضحة الدلالة على أن المقصود بالآب هو الله سبحانه وتعالى ، و أنه شئ والابن الذى يتحدث بإسمه شئ آخر .. الآب فى السماء لايراه أحد .. والابن على الأرض يسعى بين الناس ويتحدث إليهم ! !
وليست إشارة السيد المسيح إلى الآب بأنه فى السماء مراداً به تحديد الذات وحصر مكانها فى السماء ولكنها إشارة إلى علو الذات وبعدها عن متناول الحواس وإن كانت قائمة فى الوجود كله مستولية على كل شئ "
ثم قال : ـ
" والأبوة التى يضيف إليها المسيح نفسه هنا ليست أبوة نسب كتلك التى هى من اللحم والدم ، والتى تجمع بين الأبناء والآباء ، ولكن هى أبوة ولادة روحية كما يقول بذلك المتأولون لهذه الأبوة ، ولكنها أبوة رعاية وحنان ورحمة أشبه بها بتلك التى تكون من الآباء نحو الأبناء ... فالله هو الآب الحانى على مخلوقاته ، الراحم لها والمقدر لأقواتها وأرزاقها .
ولهذا فإن المسيح يخاطب الناس جميعاً بأنهم أبناء الله ، وأنه لم يتفرد بينهم ببنوة خاصة .. فالله سبحانه وتعالى هو الآب الراعى لهذه المخلوقات والمدبر لأمورها .. "
صفحة 217 ـ 219
وللرد على هذا أقول : ـ
إن أستدلال المعترض من هذه الآيات على أن المقصود بالآب هو الله سبحانه وتعالى وأن شئ والابن الذى يتحدث بإسمه شئ آخر منفصل عنه هو إستدلال خطأ .
لأننا وإن كنا نميز بين الآب والابن والروح القدس كل بأقنومه ، لكننا لا نفصل هذه الأقانيم القائمة بلاهوت واحد ، لأن الله وكلمته وروحه شئ واحد .
فهل يكون الله بغير كلمته ؟ وهل يكون الله بغير روحه ؟ وهل يكون كلمة الله بغير الله ؟ وهل يكون روح الله بغير الله ؟ فالثلاثة أقانيم مقومات ومستلزمات وجود اللاهوت والجوهر الواحد
وأما قوله " الآب فى السماء لا يراه أحد ولابن يسعى بين الناس ويتحدث إليهم " صفحة 218
فسبب ذلك تجسد الكلمة ، كقول يوحنا البشير " الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر " يو 1 : 18
وظهور الله لموسى يتحدث إليه من النار خير مثال لمكالمة الله لنا من وراء حجاب ناسوت المسيح .
وأما الفرق بين أبوة الله للمسيح وأبوة الله للبشر فهو فرق شاسع وبون واسع لا حد له .
فأبوة الله لبشر هى : ـ
أولاً ـ للدلالة على أنه مصدر وجودنا كقول موسى النبى " وأليس هو أباك ومقتنيك هو عملك وأنشأك " تث 32 : 6
ثانياً : للدلالة على أنه صاحب العناية بنا . كقول داود النبى " كما يتراف الأب على البنين يترأف الرب على خائفية " مز103 :12
ثالثاً : للدلالة على ما علينا فعله من واجب الخوف والطاعة
كقول بطرس الرسول " فإن كنتم تدعون أباً الذى يحكم بغير محاباة فسيروا زمان غربتكم بخوف " 1بط 1 : 17
رابعاً ـ للدلالة على ما حصلنا عليه من المحبة والتقرب إليه تعالة بواسطة الفداء
كقول يوحنا البشير " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنيين بإسمه ، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله "
يو1 : 12 ،13
وأما أبوة الله للمسيح فهى أبوة بإعتبار المعادلة والمساواة بالنسبة لوحدة الجنس ووحدة الطبيعة لأن الابن نظير أبيه من جنسه ومن طبيعته . فهى أبوة خاصة به وحده ولا يشاركه فيها أحد ، كقول المسيح بكل صراحة فى الآيات التالية : ـ
"لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية "يو 3 : 16
" ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا " يو 1 : 14
"الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد " يو 3 : 18
بينما نجد البشر يدعون ابناء الله لأنهم من صنع يديه نجد المسيح يدعى ابن الله الوحيد بإعتبار معادلته ومساواته بالآب .
وبينما نجد البشر يدعون ابناء الله بواسطة الفداء نجد المسيح هو الذى صنع هذا الفداء وهو الذى أعطانا سلطاناً أن نصير أولاد الله يو 1 : 12
3
معنى البنوة
قال المعترض : ـ
" فليست بنوة المسيح المذكورة فى الأناجيل بالتى تجعل منه ابن الله ، ولا الله ، ولا تجعل منه أقنوماً من الأقانيم الثلاثة . التى تجعل المسيحية منها لله ذاتاً مزعة بينها "
صفحة 220 ، 221
وللرد أقول : ـ
ابن الله
إن بنوة المسيح الذكورة فى الأناجيل صريحة غاية الصراحة أنه ابن الله :
فجاء فى إنجيل متى " أنت هو المسيح ابن الله الحى " مت 16 : 16
وجاء فى إنجيل مرقس " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله " مر 1 : 1
وجاء فى إنجيل لوقا " القدوس المولود منك يدعى ابن الله " لو 1 : 35
وجاء فى إنجيل يوحنا " يا معلم أنت ابن الله " يو 1 : 49
الله
وبنوة المسيح لله الواردة فى الأناجيل أيضاً صريحة أنه الله .
لأنها بنوة أزلية فى اللاهوت كصلة الشعاع بالنور وكصلة الكلمة بعقل صاحبها تصدر عنه وهى ملازمة له بغير أنفصال .
فقال يوحنا البشير " فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الله الكلمة الله . هذا كان فى البدء عند الله . كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " يو 1 : 1 ـ 3
وقال متى البشير " هوذا العذراء تحبل وتلد أبناً ويدعون أسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا" مت 1 : 23
أقنوم
وبنوة المسيح المذكورة فى الأناجيل تجعل منه أقنوماً من الأقانيم الثلاثة فى الإله الواحد :
جاء فى إنجيل متى " عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19
فالأسم الواحد لله الذى نعتمد به يسمى الآب والابن والروح القدس .
أقنوم متصل غير منفصل
ومن عجيب أمر المعترض أن يذكر بعض آيات من إنجيل يوحنا تعزز الإيمان بلاهوت المسيح ويحاول أن ينفى بها لاهوت المسيح كمن يكابر وينكر الشمس فى رابعة النهار .
وهذه هى الآيات التى ذكرها مع تعليقه عليها : ـ
1 ـ " الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده "يو 3 : 35
2 ـ "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله " يو 3 : 36
3 ـ "الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب ...
لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم" يو5 : 19 ، 20
4 ـ "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية"يو 5: 24
5 ـ " أنا قد أتيت بإسم أبى ولستم تقبلوننى " يو 5 : 43
6 ـ "لا تظنوا أني أشكوكم إلى الآب. يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم
لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني ، فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي؟ " يو 5 : 45 ـ 47
7 ـ لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني . وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا بل أقيمه في اليوم الأخير "يو 6 : 38 ، 39
8 ـ " وأنا معكم زماناً يسيراً ثم أمضى إلى الذى أرسلنى " يو 7 : 33
9 ـ "وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي . أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي . أنا والآب واحد "
يو 10 : 28 ـ 30
10 ـ " لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا
أتكلم وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية. فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم "
يو12 : 49 ، 50
11 ـ "الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال
صدقوني أني في الآب والآب في " يو 14 : 10 ، 11
12 ـ " سمعتم أني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم. لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب لأن أبي أعظم مني " يو 14 : 28
13 ـ " أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام . كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر " يو 15 : 1 ، 2
14 ـ " أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا "يو 15 : 5
وهذا هو تعليق المعترض على هذه الآيات : ـ
" ونكتفى بهذا القدر من إنجيل يوحنا . وننظر فى هذه المقولات فنجد أن المسيح يتحدث عن نفسه بوصفه " ابن الله " كما نجد أن هذه البنوة أياً كانت صفتها منفصله تماماً عن الآب وأن هناك بين الآب والابن علاقات متعددة لا يمكن أن تقوم إلا إذا كانت ذات كل منهما غير الذات الأخرى ...
فهناك علاقة حب .. بين محب ومحبوب ، وعلاقة عمل .. بين داع إلى العمل وعامل ، وعلاقة عطاء .. بين معط وآخذ ، وعلاقة إرسال .. بين مرسل ومرسل ، وعلاقة شكوى .. بين شاك ومشتكى إليه كما نجد بين الآب والابن تقابلاً فى الصفات .. فهناك عظيم وأعظم منه . وهناك الكرمة وصاحب الكرمة "
صفحة 221 ـ 223
وللرد على ذلك أقول : ـ
إن الآيات التى أستشهد بها المعترض من إنجيل يوحنا لا تدل على بنوية منفصلة عن الآب كما يدعى المعترض بل تدل على بنوية متصلة بوحدة لا تنفصم عراها وحدة اللاهوت الواحد.
ففى الآية الأولى ـ نرى أن الآب قد دفع كل شئ للابن ، لأن الابن قبل تجسده هو الذى .. به كل شئ وبغيره لم يكن شئ مما كان " يو 1 : 3 فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه دفع إليه كل شئ على هذا المنوال ؟
وفى الآية الثانية ـ نرى أن الابن يمنح حياة أبدية ويعطى السعادة الخالدة لكل نفس تؤمن به . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه بيده جزاء الحياة الأبدية وجزاء الموت الأبدى للبشر ؟
وفى الآية الثالثة ـ نرى ان الابن يعمل جميع ما يعمله الآب ، فكما أن الآب يقيم الأموات ويحيى كذلك الابن أيضاً يحيى من يشاء يو 5 : 21 فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه يعمل جميع ما يعمله الله ! وأنه يعطى الحياة لمن يشاء ؟
وفى الآية الرابعة ـ نرى الابن يعطى حياة أبدية لمن يسمع كلامه ويؤمن بالله المنبعث منه . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه يعطى الحياة الأبدية ؟
وفى الآية الخامسة والسادسة ـ نرى الابن لا يشكو ويدين المذنبين كموسى بل يعفو ويبرر المذنبين بنعمته الغافرة . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه يقدر أن يبرر من تدينه الشريعة؟
وفى الآية السابعة ـ نرى الابن مالك يوم الدين وأنه هو الذى يبعث الموتى من القبور ! فمن هو الذى يمكن أن يقال عنه أنه صاحب البعث والنشور ؟
وفى الآية الثامنة ـ نرى الابن يتحدث عن إرساليته من الله وذهابه إليه . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه من عند الله خرج وإليه يمضى ؟
وفى الآية التاسعة ـ نرى الابن يصرح ويتحدى كل قوة بحيث لا يستطيع أحد أن يخطف الرعية لا من يده ولا من يد أبيه لأنه هو الآب واحد . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه هو والآب واحد ؟
وفى الآية العاشرة والحادية عشر ـ نرى الابن متحداً بالآب إتحاداً وثيقاً ذاتياً فى المشيئة والقدرة لمنح البشر حياتهم الأبدية . فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما إن فيه يحل كل ملء الله؟ الآية الثانية عشر ـ نرى الابن يتحدث عن صعوده إلى السماء ثم مجيئه الثانى من السماء ووجوب فرح التلاميذ بهذا الصعود الذى على آثره يأخذ من الآب عطية الروح القدس للبشر . وأن الابن المساوى للآب فى اللاهوت أتضع بالتجسد . فهل يمكن لإنسان ما أن يقال عنه أنه مصدر فرح للناس لسبب صعوده للسماء ونزوله منها ثانية ؟
وفى الآية الثالثة عشر والرابعة عشر ـ نرى الابن يمثل كرمه وكل المؤمنين أغصان فيه ، يمدهم بعصارة حياته ليأتوا بكل أثمار الأعمال الصالحة ، وأن المؤمنين بدون المسيح لايقدرون أن يفعلوا شيئاً كما أن الأغصان لاتأتى بثمر إن لم تثبت فى الكرمة ، وإن أياً من أبتعد عن المسيح يكون غصناً جافاً لايصلح إلا للحريق .
فهل يمكن أن يقال عن إنسان ما أنه الأصل لكل من عمل صالحاً وبدونه تنعدم كل قدرة على عمل الصلاح ؟
لا مكان للتصوف
لقد حاول أن يقتحم ميداناً ليس له فأخذ يفسر إنجيل يوحنا قائلاً : ـ
" وأما ماجاء فى إنجيل يوحنا من كلمات مثل " أنا فى الآب والآب فىَّ " يو 14 : 10 " أنا والآب واحد " يو 10 : 30 " الآب الحال فى هو يعمل الأعمال " يو 14 : 10 ـ فإنه محمول على التفانى فى الولاء والطاعة ، والتسليم المطلق له ، حيث لا يرى الإنسان لنفسه حياة ولا جوداً ولا مشيئة إلى جانب الله ووجود مشيئته .. وهذا ما ينطق به لسان الحال عند بعض العارفين بالله ، حيث تستبد بهم نشوة التوافق مع الله ، فلا يروق لذواتهم وجوداً ، بل هى قطرة ماء ألقت بها السحب فى عباب المحيط ! "
صفحة 223
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن التفانى فى العبودية لله الذى فيه لايرى الإنسان لنفسه حياة ولا وجوداً ولا مشيئة إلى جانب حياة الله ووجوده ومشيئته وبمقتضاة يتضاءل الإنسان ولا يرى لنفسه وجوداً وهذا لاينطبق على السيد المسيح له المجد .
لأن المسيح لا يقف من الآب موقف المتضائل وغير الموجود ، بل بحسب طبيعته الإلهية ، يقف من الآب موقف المعادلة والمساواة .
وهو لا يرى فى نشوة توافق مع الله أنه والآب واحد ، ولكنه يعلن للناس أن يروا فيه أنه مساو للآب فقال " الذى رآنى فقد رأى الآب " .
وهل من المعقول أن المتفانى فى جانب الله ينسب لنفسه الوجود الآزلى مع الله ، والإدراك الشامل لكنه الله ، وعدم المحدودية بحيث لا يدرك كهنه هو إلا الله ، وأنه مستحق للكرامة التى يستحقها الله ، وأنه قاضى الكون وأنه المجيد السرمدى ؟
وهل التصوف يدعو المتصوف أن يقول ما قاله المسيح له المجد : ـ
" لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء " يو 5 : 21
"لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" يو 5 : 23
" ليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن " مت 11 : 27
" لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى " يو 14 : 1
" عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19
" الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن " يو 5 : 22
" قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " يو 8 : 58
" والأن مجدنى أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم " يو 17 : 5
فهذه الأقوال لا يمكن أن تكون من تصورات المتصوفين ولكنها تصريحات علنية من الإله المتأنس . له المجد .
4
معنى الروح القدس
الروح القدس والإنجيل
أستشهد المعترض بخمس آيات من الإنجيل عن الروح القدس لينفى أقنوم الروح القدس . وكان مثله فى ذلك مثل من يشير للشمس ويقول لا أرى هناك نوراً ، وهذه هى الآيات : ـ
1 ـ " لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس " مت 1 : 18
2 ـ "يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس " مت 1 : 20
3 ـ " ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي " مت 12 : 32
4 ـ "دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض . فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19
5 ـ " فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح القدس " مر 13 : 11
صفحة 223 ـ 225
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن الآية الأولى والثانية ، تبينان أن الروح القدس هو الذى كون من دم العذراء جسداً أتحد بالكلمة ، فجاء الحبل به ليس من إنسان بل من الروح القدس ، وبديهى أن عمل الإبداع والتكوين لا ينشأ إلا عن أقنوم إلهى هو روح الله روح القداسة .
وأما قول المعترض : " فروح القدس الذى جاء ذكره فى صدر إنجيل متى هو جبريل الذى بشر مريم بمولودها الكريم الذى ستلده .. وإذن فيكون معنى روح قدس هو جبريل عليه السلام " صفحة 226
فهذا كلام خلط وخبط لأن جبرائيل نفسه كلم العذراء عن الروح القدس . فلما سألته
قائلة
" كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً قال لها الروح القدس يحل عليكى وقوة العلى
تظللك فلذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله " لو 1 : 34 ، 35
والآية الثالثة ، تبين قدر الروح القدس وجلاله الإلهى حيث قال المسيح إن الذى يجدف على ابن الإنسان بجهالة ويتوب يغفر له . وأما الذى يجدف على الروح القدس الذى ينير الإنسان ويبكته ويدعوه للخلاص ويرفض هذه الإستنارة ويرفض فرصة التوبة فلا يغفر له لا فى هذا العالم ولا فى الآتى .
ومن الغريب أن المعترض بعد خلط وخبط أعترف أن الروح القدس هو الله ، فقال : ـ
" ومفهوم أن هذا القول أن من جدف على " ابن الإنسان " وهو المسيح فهو فى معرض أن يغفر الله له ، وأما من جدف على " الله " فلن يغفر له لافى الدنيا ولا فى الآخرة .. فروح القدس هنا تعنى الله سبحانه وتعالى "
صفحة 224
فإذا سلمنا أن الروح القدس هو الله لأنه أحد أقانيم اللاهوت .
والآية الرابعة ، تتضمن وصية المسيح الأخيرة لتلاميذه أن يبشروا جميع الأمم ويعمدوهم بإسم الاب والابن والروح القدس . فلا ينال الإنسان الخلاص إلا بالإعتماد على الله الواحد المثلث الأقانيم .
ولكن المعترض قال " فهناك ثلاثة مقاطع يدعو السيد المسيح تلاميذه أن يبشروا بها الآب والابن والروح القدس .. وهى ذوات مستقله لا يمكن أن تجتمع فى ذات واحدة ، وإلا لجمعها المسيح فى تلك الذات فقال مثلاً : عمدوهم بإسم " الله " الذى تقول المسيحية أن هذه الأقانيم هى " الله " فى مجموعها "
صفحة 224 ، 225
وفات المعترض أن المسيح قال عمدوهم " بإسم " ولم يقل " بأسماء " بل " بإسم " واحد للآب والابن والروح القدس .
والآية الخامسة ، تبين أن الروح القدس يلهم الرسل بالوحى والحكمة ويؤيدهم بقوة للشهادة أمام مضطهديهم .
وبديهى أن الوحى الإلهى لا يتأتى إلا من أقنوم إلهى .
ولكن المعترض قال متخبطاً " ومفهوم هذا أن الروح القدس يلقى فى روعهم ما يتكلمون به وروح القدس هنا إما أن يكون الله سبحانه وتعالى أو جبريل ، أو ملك من ملائكة الله الكرام "
صفحة 225
ولكن مما يدل على أن الروح القدس هو أقنوم إلهى هو قول المسيح له المجد " لأن لستم أنتم المتكلمون بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم " مت 10 : 20 فههنا يذكر المسيح الروح أقنوماً مع الآب .
ولم يكن الروح القدس هو جبريل أو ملاك من الملائكة بل هو روح الله الذى حل على الرسل " وكانوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم أن ينطقوا " أع 2 : 4
الروح القدس والقرآن
هذا ، وقد ذكر القرآن الروح القدس مع المسيح ـ فى القرآن ـ تخصيصاً له لمقامه الرفيع كقوله " وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " سورة البقرة : 78
" وإذا قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس " سورة المائدة : 11
وقال الأستاذ الحداد فى ذلك : ـ
" قال بعضهم ذهب محمد ولم يدر ما الروح وكذلك مفسرو القرآن .
فليس روح القدس ، روح عيسى التى نفخها الله تعالى فيه كما قال " أبو مسلم " فالتأييد للمسيح بالروح القدس حاصل له بعد وجوده ، فالروح القدس إذاً غير روح عيسى . وهب ما زعم حق ، فلم يبق فى الآية نكته من أختصاص عيسى بميزة فضله الله بها على غيره . وهو يذكرها أيضاً حيث يذكر فضائل الأنبياء بأفضال الله عليهم .
وليس هو جبريل وقد سمو ـ كذلك على المشاكلة تشبيها له بحال محمد مع الوحى إليه ـ ولو ورد إسم جبريل موصوفاً بروح القدس فى قوله " قل نزله روح القدس " فهو ههنا صفة ظاهرة لجبريل الموحى إليه ، وأما عن المسيح فهو إسم ذات غيرهما .
والمعلوم من التوراة والإنجيل والقرآن أن الملائكة كانت واسطة الوحى بين الله والأنبياء ، فتخصيص المسيح بتأييد جبريل لا يفيد معنى التخصيص المطلوب وتفوت النكته المقصودة . وليس هو الإنجيل مؤيداً ومؤيداً .
فروح القدس إذا الذى به أيد الله المسيح هو ذات قائمة بنفسها غير ما ذكر : وهى " روح الله " كما قال الحسن " والذى كان يحيى به عيسى الموتى " كما قال ابن عباس .
فالروح القدس هو " الأسم الأعظم الذى كان يحيى به عيسى الموتى ويصنع المعجزات "
الإنجيل فى القرآن 216 ، 220
غير أن السيد عبد الكريم أعترض قائلاً : ـ
" وروح الله الذى يجعله الحداد خصيصة لعيسى قد جاء فى خلق آدم .. قال تعالى " فإذ سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين " سورة ص : 52 وإذن فليس روح الله الذى هو الروح القدس والذى أيد الله به عيسى مما أختص به عيسى ، فقد شاركه فى ذلك آدم " صفحة 228
ورداً على ذلك أقول : ـ
من المهم أن نعرف الفرق بين قول القرآن عن آدم " ثم سواه ونفخ فيه من روحه " سورة السجدة : 9 وبين قوله عن المسيح " كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " سورة النساء : 170 فالقول الأول " نفخ فيه من روحه " يعنى أن النفخة لآدم صادرة من الروح ، والقول الثانى " روح منه " يعنى أن المسيح هو ذات الروح معطى الحياة ! (1)
وقد أستشهد المعترض بابن تيمية فى قوله : ـ
" وليس المراد بروح القدس أنها حياة الله قائمة به ، كما فى قول المسيح " عمدوهم بإسم الآب والابن والروح القدس "
(1) بيان الحق 2 للمؤلف صفحة 132
ومراده : مروا الناس أن يؤمنوا بالله ونبيه الذى أرسلة وبالملك الذى أنزل عليه الوحى الذى جاء به "
صفحة 228 ، 229
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن المعمودية المسيحية ليست بإسم الآب والابن وملاك ، بل بإسم الآب والابن والروح القدس ولم يرد قط فى الكتاب المقدس كله أن الروح القدس ملاك ، بل ورد أن الروح القدس شخصية متميزة غير منفصلة فى اللاهوت .
فهو " الخالق " كقول اليهو بن برخئيل البوزى " روح الله صنعنى ونسمة القدير أحيتنى " أى33 : 4
و " غير محدود " كقول أشعياء النبى " من قاس روح الرب " أش 40 : 13
و " المالئ كل مكان " كقول داود النبى " أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب " مز 139 : 7
و " العالم بكل شئ " كقول بولس الرسول " الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله "
1كو2: 10
وغير ذلك من الأوصاف الإلهية .
ولهذا لايمكن إطلاقاً أن نعتمد بإسم كائن مخلوق أياً كان كقول الإنجيل .. " ألعل بولس صلب لأجلكم ؟ أم بإسم بولس إعتمدتم ؟ " 1 كو 1 : 13
ومما هو جدير بالذكر أن المسيح له المجد لم يكن ليصحبه ملاك يوحى إليه كوسيط بينه وبين الله ، لأنه هو ذات كلمة الله قائم بذات الله قبل إلقائه إلى مريم . لذلك قال " ليس أحد يعرف الآب إلا الابن " مت 11 : 27 فالمسيح ليس فى حاجة لمن ينقل كلاماً من الله إليه .
ونحن لا نعتمد على إسم المسيح كنبى على قياس الأنبياء فالأنبياء كانوا يتكلمون مع الناس بكلام الله ، أما المسيح فكان هو نفسه كلمة الله المتجسد الذى أعلن الله للبشر فهو رب الأنبياء " الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى فى حضن الآب هو خبر " يو 1 : 18
5
معنى الربوبية
قال المعترض تحت عنوان كلمة " الرب " : ـ
" ترد هذه اللفظة فى الأناجيل مراداً بها السيد المسيح عليه السلام يدعوه بها أتباعه وحواريوه .. فماذا كان يراد بها ؟ وهل تعنى المعنى المقصود بها على إطلاقه فتكون إسماً من أسماء الله تعالى مرادفاً لكلمة " الله " أو الإلة ؟ "
صفحة 229
ورداً على هذه الأسئلة أقول : ـ
الربوبية لغة ً
جاء فى مختار الصحاح : " رب " كل شئ مالكه و " الرب " إسم من أسماء الله تعالى ، ولا يقال فى غيره إلا بالإضافة . وقد قالوه فى الجاهلية "
وجاء فى القرآن كلمة " رب " تحمل معنيين : ـ
المعنى الأول ـ ما تحمله من معنى الألوهية . وهذا يختص بالله
المعنى الثانى ـ ما تحمله من معنى الملكية والسيادة وهذا مختص بالسادة والعبيد .
الرب بمعنى الله فى القرآن
سورة الصافات : 18 سورة السجدة : 15 سورة يس : 58 سورة الناس : 4 سورة مريم : 36 سورة الكهف : 14 سورة البقرة : 3 سورة الأنبياء : 56 سورة البقرة : 12 سورة التحريم : 12 سورة الأعراف : 122 سورة الشعراء : 26 سورة الأنعام : 164 سورة التوبة : 129 سورة قريش : 3 سورة النمل : 91 سورة الجاثية : 36 سورة الفلق : 1 سورة النجم : 49 سورة الرعد : 46 سورة مريم : 65 سورة المؤمنين : 86 سورة المزمل : 9 سورة الصافات : 5 سورة المعارج : 40 سورة الرحمن : 17 سورة الرحمن : 170 سورة البقرة : 137 |
" رب العزة " " رب غفور " " رب رحوم " " رب الناس " " ربى " " ربنا " " ربك " " ربكم " " ربه " " ربها " " رب موسى وهرون " " رب أبائكم الأولين " " رب كل شئ " " رب العرش " " رب هذا البيت " " رب هذه البلدة " " رب الأرض " " رب الفلق " " رب الشعرى " " رب السموات والأرض " " رب السموات والأرض وما بينهما " " رب السموات السبع " " رب المشرق والمغرب " " رب المشارق " " رب المشارق والمغارب " " رب المشرقين " " رب المغربين " " رب العالمين " |
الرب بمعنى غير الله فى القرآن
رب بمعنى سيد ودعى به فرعون : ـ
" أما أحدكم فيسقى ربه خمراً " سورة يوسف : 41
" أذكرنى عند ربك " سورة يوسف : 42
" إن ربى بكيدهن عليم " سورة يوسف : 50
ودعى به فوطيفار : ـ
" قال أرجع إلى ربك فأساله ما بال النسوة " سورة يوسف : 50
وجاءت كلمة " الأرباب " بمعنى الأصنام : ـ
" أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " سورة يوسف : 39
الربوبية فى الإنجيل
وكذلك جاءت كلمة " رب " تحمل معنى الألوهية مرادفاً لإسم الله ، كما وردت كلمة " رب " تحمل معنى التبجيل مرادفاً لكلمة سيد أو معلم .
ولأن المسيح هو الإله المتأنس ، فقد دعاه الإنجيل " الرب " بالمعنيين ، بمعنى الله بإعتبار لاهوته ، وبمعنى السيد والمعلم بإعتبار ناسوته .
الرب بمعنى الله فى الإنجيل
دعى المسيح رباً فى البشائر الأربع 87 مرة ، وفى الإنجيل كله أكثر من ربعمائة مرة ، نذكر منها على سبيل المثال الآيات التالية : ـ
" أجاب توما وقال ربى وإلهى " يو 20 : 28
" ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم . ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا " لو 1 : 16 ، 17
" أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " لو 2 : 11
"وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع . ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود . قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلا . قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك؟ . فإن كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ "
مت 22 : 41 ـ 45
" " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي
مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من
الجداء ، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار
ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم
لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني.... فيجيبه الأبرار حينئذ: يارب متى رأيناك جائعا فأطعمناك أو عطشانا فسقيناك؟
فيجيب الملك: الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم .
ثم يقول أيضا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته
لأني جعت فلم تطعموني. عطشت فلم تسقوني ...
حينئذ يجيبونه هم أيضا: يارب متى رأيناك جائعا ... فيجيبهم: الحق أقول لكم: بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا .
فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية " مت 25 : 31 ـ 46
رب بمعنى سيد فى الإنجيل
" فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما: "ماذا تطلبان؟" فقالا: "ربي (الذي تفسيره: يا معلم) أين تمكث؟ " يو 1 : 38
" قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له "ربوني" الذي تفسيره يا معلم " يو 20 : 16
ومن كل ذلك نرى أن مركز المسيح القيادى كإنسان بين الناس ودعاءه بلقب معلم لا يقدح فى كهنه السرمدى كإله متأنس كيف لا وهو الذى قال " أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شئ " رؤ 1 : 8
ثانياً : أعمال الرسل
قال المعترض : ـ
" وهكذا نستعرض هذه الرسالة _أعمال الرسل_ فلا نجد فيها إشارة واحدة إلى تأليه المسيح
أوجعله أحد أقانيمهم الثلاثة ، وهى التى تمثل حقيقة الذات الإلهية ، حسب عقيدة التثليث"
صفحة 238
وللرد أقول : ـ
إننا إذا أستعرضنا سفر أعمال الرسل وتصفحناه جيداً نجد فيه العقائد المسيحية ظاهرة كظهور الشمس وهذه العقائد هى : ـ
1 ـ التثليث والتوحيد
2 ـ لاهوت المسيح
3 ـ لاهوت الروح القدس
4 ـ تجسد الكلمة
1
عقيدة الثالوث الأقدس
سفر أعمال الرسل يتضمن تاريخ الرسل الحواريين تلاميذ المسيح وصحابته المشهود لهم فى القرآن أنهم " أنصار الله " سورة آل عمران : 52 والملقبين " بالمرسلين " سورة يس : 20 والذين أوحى إليهم الله بروحه الإيمان به وبكلمته المسيح المرسل منه " وإذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى " سورة المائدة : 111
فهؤلاء الرسل آمنوا وأيقنوا بالثالوث الأقدس يقيناً يحاكى رؤية العين .
فالله الآب يعرفون عنه الشئ الكثير حسب نشأتهم اليهودية وقد سمعوا صوته من السماء مراراً مت 3 : 17 مت 17 : 5 مر 1 : 11 مر 9 : 7 لو 3 : 23 يو 12 : 28 2بط 1 : 17 ، 18
والابن رأوا مجد لاهوته أمام أعينهم عدة سنين فقالوا " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب " يو 1 : 14 1يو 1 : 1
والروح القدس هو الذى حل عليهم يوم الخمسين ، وأختبروا عمله فى تجديد قلوبهم وتوشحوا بقوته فى نشر الكرازه والإتيان بالمعجزات .
وفى سفر أعمال الرسل نذكر بعض أقوالهم فى الخطابات العلنية التى كانوا يلقونها منادين بالثالوث الأقدس : ـ
1 ـ فى خطاب بطرس يوم الخمسين
فى عيد الخمسين وقف بطرس أمام ألوف اليهود الذين أتول من كل أمة تحت السماء وشهد قائلاً : ـ
" فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا شهود لذلك .. وإذ ارتفع بيمين الله وأخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه" أع 2 : 32 ، 33
فهنا نرى شهادة صحيحة للأقانيم الثلاثة ـ فالمسيح أرتفع إلى السماء ، وأخذ موعد الآب ، موعد الروح القدس وسكبه على التلاميذ على مرأى ومسمع من ألوف المجتمعين .
2 ـ فى خطابه أمام مجمع مشيخة إسرائيل
لما أخرج ملاك الرب الرسل ليلاً من السجن ، ذهب الرسل فى الصباح وأخذوا يعلمون بإسم الرب فى الهيكل فأحضرهم الجنود إلى مجمع مكون من كل مشيخة إسرائيل ليحاكموهم على إستمرارهم فى التعليم بإسم يسوع فجاهر بطرس قائلاً : ـ
" هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا . ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه " أع 5 : 31 ، 32
فهنا نرى المجاهرة العلنية بالأقانيم الثلاثة ـ فالآب يعطى الروح القدس ليشهد ، للمسيح .
3 ـ فى خطابه ببيت كرنيليوس
ظهر ملاك الرب فى قيصرية لكرنيليوس قائد المائة وأمره أن يستدعى بطرس من يافا ليسمع منه كلاماً به يخلص هو وأهل بيته . ولما حضر بطرس وجد فى بيت كرنيليوس جمعاً من أنسبائه وأصدقائه فبشرهم بقصة المسيح قائلاً : ـ
" يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه " أع 10 : 38
وفى هذه البشارة التى قدمها بطرس للقائد الإيطالى نرى الأقانيم الثلاثة : الله الآب مسح ، يسوع الابن ، بالروح القدس .
4 ـ فى خطابه بمجمع أورشليم
لما عقد رجال الكنيسة والرسل والمشايخ فى أورشليم أول مجمع مسيحى ، ليحققوا مسأله الختان وعدم ضرورته للأمم فى نوال الخلاص ، وقف بطرس فى المجمع وقال عن الأمم :ـ
" والله العارف القلوب شهد لهم معطيا لهم الروح القدس كما لنا أيضا ... لكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضا " أع 15 : 8 ـ 11
ومن هذا القرار العام نرى الأعتراف بالثلاثة أقانيم ـ فالله الآب يشهد للأمم ، والروح القدس يعطى لهم ، والمسيح بنعمته يخلصهم .
5 ـ فى خطاب أستفانوس لليهود
لما وقف أستفانوس أمام مجمع اليهود وسئل عما نسب إليه من قول أن يسوع سينقض الهيكل ويغير عوائد موسى ، أخذ يعدد معاملات الله المتنوعة مع بنى إسرائيل إلى أن نفى فى جرأة تحديد سكن الله فى الهياكل المصنوعة بالأيادى مذكراً أياهم بقول الله على فم أشعياء النبى أى بيت تبنون لى يقول الرب ؟ وأى مكان هو راحتى ؟ أليست يدى صنعت هذه الأشياء كلها ؟ " ثم قال"يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم . أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه " أع 7 : 49 ـ 52
فهنا نرى أستفانوس الشهيد يتكلم عن الثلاثة أقانيم ـ الآب ـ الذى تكلم عن فم الأنبياء ، والابن الذى تنبأ عنه الأنبياء ، والروح القدس الذى يقاومه الشعب لعدم سماعهم أقوال الأنبياء .
6 ـ فى خطاب بولس لكنيسة أفسس
لما كان بولس ذاهباً إلى أورشليم وهو عالم أنه سيلاقى أشد الإضطهادات ووصل إلى ميلتس أستدعى قسوس كنيسة أفسس وألقى عليهم خطابه الوداعى فقال فيه : ـ
" غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا: إن وثقا وشدائد تنتظرني . ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله " أع 20 : 23 ، 24
فهنا نرى بولس يشير للثلاثة أقانيم ، فيعترف أنه يشهد ببشارة نعمة الله الآب ، وأنه أخذ هذه الخدمة من الرب يسوع ، وأنه لهذا يهون عليه الآلام التى بتنبأ بها الروح القدس .
هذا ويعوزنى الوقت أن أسرد باقى المواضيع التى يذكر فيها الثالوث الأقدس فى سفر الأعمال(1)
2
عقيدة لاهوت المسيح
وواضح كل الوضوح فى أعمال الرسل أن المسيح وهو أحد أقانيم اللاهوت أنه بلا شك إله .
فقد لقب بالألقاب الإلهية
فدعى " الله "صراحة كقول بولس الرسول لقسوس كنيسة أفسس " احترزوا اذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه "
أع 20 : 28ودعى " الرب " صراحة كقول بطرس الرسول " هذا هو رب الكل " أع 10 : 36 وقد تكرر هذا اللقب 76 مرة فى سفر أعمال الرسل كقوله " الرب يسوع " أع 1 : 21 "الرب العارف قلوب الجميع " أع 1 : 24 " ربى " أع 2 : 34 " ربنا يسوع المسيح " أع 15 : 26 " الرب يسوع المسيح " أع 16 : 32
وقد وصف بالأوصاف الإلهية
فدعى " بالقدوس البار " كقول بطرس الرسول " ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار " أع3 : 14 ودعى " رئيس الحياة " كقوله " رئيس الحياة قتلتموه " أع 3 : 15
وقد نسبت إليه الأعمال الإلهية
فهو الذى تصنع المعجزات بإسمه ـ كقول بطرس للمقعد " باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه الله من الأموات بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا" أع 4 : 10
وكقوله لإينياس "يا إينياس يشفيك يسوع المسيح. قم وافرش لنفسك"أع 9 : 34
وكقول الرسل فى صلاتهم " ولتجر آيات وعجائب بإسم فتاك القدوس " أع 4 : 30
(1) رسالة التثليث والتوحيد للمؤلف صفحة 59 ـ 64
وهو المخلص ـ كقول بطرس الرسول " ليس بأحد غيره الخلاص " أع 4 : 12
وكقول بولس الرسول للسجان " آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك " أع 16 : 31
وهو الذى " يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون " أع 2 : 42
وهو الغفار للذنوب ـ كقول أستفانوس " يارب لاتقم لهم هذه الخطية " أع 7 : 60
وهو الحفيظ على النفوس ـ كقوله عن بولس وبرنابا " وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به " أع 14 : 23
وهو ديان الأحياء والأموات ـ أع 10 : 42 وهو الذى به تدان المسكونه بالعدل أع 17 : 30
وقد أعطيت له الإكرامات الإلهية
فكانوا يخدمونه بتعبد ـ كقوله " كانوا يخدمون الرب ويصومون " أع 13 : 2
وكانوا يدعون بإسمه ـ كقوله " كل من يدعو بإسم الرب يخلص " أع 2 : 21 وقوله " لماذا تتوانى قم وأعتمد وأغسل خطاياك داعياً بإسم الرب " أع 22 : 6
وكانوا يكرزون بإسمه ـ كقوله " وكانوا لا يزالون كل يوم فى الهيكل وفى البيوت معلمين ويبشرون بيسوع المسيح " أع 5 : 42
3
عقيدة لاهوت الروح القدس
الروح القدس ، لأنه أحد الأقانيم الثلاثة فى اللاهوت الواحد ، فهو إله .
فقد لقب بالألقاب الإلهية
فلقب بإسم " الله " صراحة كقول بطرس الرسول لحنانيا " لماذا ملأ الشيطان قلبلك لتكذب على الروح القدس ... أنت لم تكذب على الناس بل على الله " أع 5 : 3 ، 4
وقد رآه أشعياء النبى فقال " " في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل
السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة. باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير وهذا نادى ذاك قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض . فأهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وأمتلأ البيت دخاناً .
فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود فطار إلي واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها فمي وقال: إن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك
ثم سمعت صوت السيد قائلاً : "من أرسل ومن يذهب من أجلنا؟ فقلت هأنذا أرسلنى .
فقال: اذهب وقل لهذا الشعب: اسمعوا سمعا ولا تفهموا وأبصروا إبصارا ولا تعرفوا
غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه واطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى " أش 6 : 1 ـ 10
فهذا الذى تسبحه الملائكة بالثلاث تقديسات والذى رآه أشعياء فى ملء المجد والذى أرسل أشعياء النبى لبنى إسرايل هو الله المثلث الأقانيم .
فأشعياء قال أنه " رب الجنود "
ويوحنا قال الذى رآه أشعياء هو المسيح : " قال أشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه "
يو 12: 41
وبولس الرسول قال أنه الروح القدس كقوله "إنه حسنا كلم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي
قائلا اذهب إلى هذا الشعب وقل ستسمعون سمعا ولا تفهمون وستنظرون نظرا ولا تبصرون
لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وبآذانهم سمعوا ثقيلا وأعينهم أغمضوها. لئلا يبصروا بأعينهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم " أع 28 : 25 ـ 27
فالواحد الجالس على العرش هو الله القائم بأقانيمه الثلاثة الآب والابن والروح القدس .
ومن أعماله الإلهية
أنه مصدر الوحى للأنبياء ـ كقول بطرس الرسول فى خطبته لزملائه الرسل " كان ينبغى أن يتم هذا المكتوب الذى سبق الروح القدس فقال بفم داود " أع 1 : 16 وكقوله فى عظته يوم الخمسين " يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاما . وعلى عبيدي أيضا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون " أع 2 : 17 ، 18
وهو قائد القادة ـ فهو الذى يقيم الرعاة كقول بولس الرسول " احترزوا اذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه "
أع 20 : 28
فعن قيادته لفيلبس قال " فقال الروح القدس تقدم ورافق هذه المركبة . فبادر إليه فيلبس ... ولما صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس فوجد فى أشدود " أع 8 : 29 ـ 40
وفى قيادته لبطرس قال " وبينما بطرس متفكر في الرؤيا قال له الروح هوذا ثلاثة رجال
بطلبونك لكن قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء لأني أنا قد أرسلتهم . فنزل بطرس إلى الرجال " أع 10 : 91 ـ 21
وفى قيادته لبولس وبرنابا قال " وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه . فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما . فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية " أع 13 : 2ـ 4
" فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح " أع16 : 7
وهو الذى يعمد المؤمنين لختمهم وتقديسهم ويملأهم للقيام بخدمات الجليلة كقول المسيح له المجد " لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فتسعمدون بالروح القدس " أع 1 : 5
كإمتلاء بطرس أع 4 : 8 وإمتلاء أسطفانوس أع 6 : 4 أع 7 : 55 وبرنابا أع 11 : 24 وبولس أع 13 : 9 والرسل 4 : 31 والتلاميذ أع 13 : 52
ويعطى الروح القدس بالصلاة أع 8 : 15 ووضع الأيدى أع 8 : 17 للتائبين أع 2 : 38 والمعمدين أع 9 : 17
وهو مصدر إنماء وتكاثر الكنيسه كقوله " وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر " أع 9 : 21
ومن صفاته الإلهية
علمه بالغيب ـ كقول بولس الرسول " لا أعلم ماذا يصادفني هناك . غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا: إن وثقا وشدائد تنتظرني " أع 20 : 23
وكقول أغابوس "هذا يقوله الروح القدس: الرجل الذي له هذه المنطقة هكذا سيربطه اليهود في أورشليم ويسلمونه إلى أيدي الأمم " أع 21 : 11
وهو يعرف جميع لغات البشر كقوله " وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا " أع 2 : 4
وهو يتصف بالقوة ـ " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض " أع 1 : 8
وهو يتصف بالحكمة ـ " لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذى كان يتكلم فيه " أع6 :10
ومن إكرامه الإلهى
أننا نفرز لخدمته ـ " أفرزوا لى " أع 13 : 2
وهو يرى ويسمع ـ بضم الياء ـ كما حدث فى يوم الخمسين صوته كهبوب ريح عاصفة ومنظره كألسنة منقسمة كأنها من نار أع 2 : 2 ، 3 وكما رؤى وقت عماد المسيح بهيئة جسمية مثل حمامة يو 3 : 22
وأما علاقة الروح القدس بالآب والابن فقد جاء فى أعمال الرسل قوله عن المسيح " أوصى بالروح القدس الرسل الذين أختارهم " أع 1 : 2 وقوله " موعد الآب الذى سمعتموه منى " أع 1 : 4 " أرتفع وأخذ موعد الروح " أع 2 : 33
4
عقيدة تجسد الكلمة
ذكر المعترض ثمانى آيات من سفر أعمال الرسل للأستدلال على أن المسيح له المجد مجرد أنسان .
صفحة 234 ـ 238
وللرد أقول : ـ
إن هذه الآيات الكريمة ، فى الوقت الذى تشير فيه إلى ناسوت المسيح ، هى لا تنفى لاهوته بل تؤيده .
لأنه واضح من نفس هذه الآيات ومن سفر أعمال الرسل ومن سائر الأسفار المقدسة أن المسيح هو إله متأنس .
وهذه هى الآيات الثمانية مع شرحنا لها : ـ
1 ـ " فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل
لأنه أقام يوما هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه مقدما للجميع إيمانا إذ أقامه من الأموات " أع 17 : 30 ، 31
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتباره " رجل " وتدل على لاهوته بإعتبار أنه مطلوب من كل الناس فى كل مكان أن يؤمنوا به للخلاص وبإعتبار أنه ديان المسكونة كلها .
ومعلوم أن خلاص كل البشر ودينونة كل البشر هو عمل لا يقدر عليه إلا الله .
2 ـ "أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون .
هذا أخذتموه مسلما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه .
الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه " أع 2 : 22 ـ 24
فهذه الآية تدل أيضاً على ناسوته بإعتباره " رجل " تحمل الآم البشر بمشورة الله ، وتدل على لاهوته بإعتبار أنه بخلاف كل البشر لايمكن أن يمسك من الموت .
3 ـ " فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربا ومسيحا " أع 2 : 36
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار صلبه ، وتدل على لاهوته بإعتبار ربوبيته ومسحته الإلهية لخلاص البشر .
4 ـ " فإن موسى قال للآباء: إن نبيا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به . ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب " أع 3 : 22 ، 23
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار أنه " مثل موسى " ، وتدل على لاهوته بأعتبار أنه قبل التجسد ليتكلم منه للبشر حتى لا يبهرهم جلال لاهوته ، وذلك إستجابة لطلب بنى إسرائيل أن يكلمهم موسى ولا يكلمهم الله لئلا يموتوا فقال لهم موسى : نبى مثلى سيقيم لك الرب وأجعل أسمى فيه .
5 ـ "إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه " أع 3 : 13
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار آلامه من اليهود ، وتدل على لاهوته بإعتبار أمجاده كوحيد من الآب
6 ـ "أيها السيد أنت هو الإله الصانع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها . القائل بفم داود فتاك: لماذا ارتجت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل؟ . قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه . لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل . ليفعلوا كل ما سبقت فعينت يدك ومشورتك أن يكون " أع 4 : 24 ـ 28
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار آلامه من حكام الأمم ومن مجمع اليهود ، وتدل على لاهوته بإعتبار أنه الممسوح أزلياً ليقوم بتنفيذ المشورات الأزلية من جهة خلاص البشر ، وأن الخلاص أنحصر فى بيت داود وسمى داود فتى الله من باب الرمز وسمى المسيح فتى الله من باب الحقيقة كما قيل " من مصر دعوت أبنى " هو 11 : 1 عن إسرائيل رمزاً وعن المسيح حقيقة مت 2 : 15
7 ـ " إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة . هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا " أع 5 : 30 ، 31
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار صلبه ، وتدل على لاهوته بإعتبار سلطانه ومنحه غفران الخطايا .
كما تدل على أن الكرازة بإسمه تبتدى لبنى إسرايل الموجه إليهم الخطاب ولكنها لا تنحصر لهم ، بل تمتد منهم إلى كل الشعوب كقول المسيح له المجد فى نفس سفر أعمال الرسل " وتكونون لى شهوداً فى أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض " أع1 : 8
8 ـ "هذا هو رب الكل . أنتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئا من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا . يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة " أع 10 : 36 ـ 38
فهذه الآية تدل على ناسوته بإعتبار تأييده من الآب ومن الروح القدس ، وتدل على لاهوته بإعتبار أنه " رب الكل " وليس " رب كل شئ " سورة الإنعام : 164 إلا الله .
فالذى هذه أوصافه أنه يدين المسكونة بالعدل ، ولا يمكن أن يمسك من الموت ، ويغفر الخطايا ، ويلقب بالرب والمخلص ورب الكل ، أيكون هذا مجرد إنسان ؟ أم هو الإله الحق ؟
ثالثاً : رسائل بولس الرسول
1
بولس الرسول ليس وثنياً
كان بولس الرسول يهودياً ممتعصباً بل مضطهداً للمسيحية ، فظهر له الرب يسوع نفسه ودعاه للخدمة قائلاً " أنا يسوع الذى أنت تضطهدة . ولكن قم وقف على رجليك لأنى لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به ، منقذاً أياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الأن أرسلك إليهم لتفتح عيونهم كى يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله ،حتى ينالوا بالإيمان بى غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين "
أع 26 : 15ـ 18
وقد تأيد بالروح القدس فقال " وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة " 1 كو 2 : 4
وقد تبرهنت رسوليته بالمعجزات كقوله "إن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر، بآيات وعجائب وقوات " 2 كو 12 : 12
وقد شهد له رسل المسيح كقوله " فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون أنهم أعمدة، أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم وأما هم فللختان " غل2 : 9
وشهد بطرس لرسائله قائلاً " كما في الرسائل كلها أيضا، متكلما فيها عن هذه الأمور، التي فيها أشياء عسرة الفهم، يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا، لهلاك أنفسهم " 2بط 3 : 15 ، 16
وشهد هو عن نفسه أن تعليمه ليس من الناس بل بالإعلان الإلهى كقوله " وأعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به، أنه ليس بحسب إنسان . لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته. بل بإعلان يسوع المسيح " غل 1 : 11 ، 12
وقد أقتبس القرآن من أقوال بولس الرسول الشئ الكثير
وأليكم أمثله : ـ
القرآن |
رسائل بولس |
" وماربك بظلام للعبيد " سورة السجده : 47 |
1 ـ الله ليس بظالم " عب 1 : 6 |
" خلقتنى من نار وخلقته من طين " سورة الأعراف : 12 |
2 ـ الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار " عب 1 : 7 |
" وباءوا بغضبٍ من الله " سورة آل عمران : 13 |
3 ـ " ولكن قد أدركهم الغضب إلى النهاية " 1تس 2 : 16 |
" إن ربى قريب " سورة هود : 61 |
4 ـ " الرب قريب " فى 4 : 5 |
" من عمل صالحاً لنفسه ومن أساء فعليها " سورة السجدة : 47 |
5 ـ " لأن كل واحد سيحمل حمل نفسه " غل6 : 5 |
" ونفخ فى السور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذ هم قيام ينظرون " سورة الزمر : 69 |
6 ـ " كلنا نتغير فى لخظة فى طرفة عين عند البوق الأخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمى الفساد ونحن نتغير" 1كو 15 : 51 ، 52 |
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين قبلكم " سورة البقرة : 182 |
7 ـ لكى تتفرغوا للصوم والصلاة" 1كو 7: 5 |
" من كان يريد حرث الآخرة نزد له ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله فى الأخرة من نصيب " سورة الشورى : 20 |
8 ـ ما يزرعه الإنسان أياه يحصد " غل6 : 7 |
" ولا تستوى الحسنة ولا السيئة . أدفع بالتى هى أحسن فإذا بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم " سورة فصلت : 34 |
9 ـ معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانا للغضب .. فإن جاع عدوك فأطعمه. وإن عطش فاسقه .. لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير" رو 12 : 17 ـ 21 |
وبعد أن عرفت هذا أيها القارئ العزيز عن بولس الرسول ترى : أن بولس لم يعتقد بلاهوت المسيح متأثراً بتعاليم الرومان الوثنية ، كما تجنى عليه المعترض حيث قال بالحرف الواحد :ـ
" وقد قضى شطر حياته بين الرومانيين الذى بلغ من تقدير بعضهم له أن أعتبروه إلهاً نزل على الأرض ، كما يقول هو فى إحدى رسائله ـ قد أبى عليه تواضعه إلا أن يزهد فى هذه الصفة وأن يخلعها على من هو أولى بها منه .. على المسيح الذى يدعو بإسمه ويبشر برسالته " صفحة 241
وكم يتولانا العجب كيف فات المعترض : أن بولس الرسول قبل كل شئ هو يهودى يؤمن بالله وله تعصب شديد ضد الوثنية ؟ !
وقد جاء عنه فى سفر أعمال الرسل أنه كان يبشر فى مدينة لسترة "وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه ولم يمش قط . هذا كان يسمع بولس يتكلم فشخص إليه وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى . قال بصوت عظيم: "قم على رجليك منتصبا". فوثب وصار
يمشى فالجموع لما رأوا ما فعل بولس رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين: إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا فكانوا يدعون برنابا "زفس" وبولس "هرمس" إذ كان هو المتقدم في الكلام
فأتى كاهن زفس الذي كان قدام المدينة بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع وكان يريد أن
يذبح فلما سمع الرسولان برنابا وبولس مزقا ثيابهما واندفعا إلى الجمع صارخين :
أيها الرجال لماذا تفعلون هذا؟ نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها " أع 14 : 8 ـ 15 فليس من المعقول أن بولس الرسول وهو يضرب الوثنية بيد من حديد أن يدعو لتأليه البشر . ولكنه إنما كان ينادى بحقيقة التجسد الإلهى بناءً على ما أعلنه الله فى الكتاب المقدس ، وبناء على الواقع التاريخى ، وبناءً على أختباره الشخصى فى ذات المسيح ، وقد سجل هذه الحقيقة الناصعة فى جميع رسائله .
2
فواتح الرسائل وخواتمها
قال المعترض : ـ
" فإذا جئنا إلى رسائل " بولس " وجدنا أنها تكاد تأخذ نمطاً واحداً فى أبتدائها وخواتمها .. تتحدث بنعمة الله الآب ، والرب يسوع ! "
صفحة 238
ثم قال : ـ
" وهكذا تمضى رسائل بولس متحدثة فى بدئها وختامها عن الله ، وعن يسوع المسيح .. كل منهما له مقامه فالله هو الذى مسح المسيح ، وهو الذى أرسله وهو الآب الحانى عليه اللطيف به "
صفحة 239
وفات المعترض أن هذه الفواتح والخواتيم تتفق مع متن الرسائل وتؤيد العقيدة بلاهوت المسيح وهى دعاء مقدم للآب والابن والروح القدس على السواء كى يمنح الله المثلث الأقانيم النعمة والسلام لجميع المؤمنين ، وهذا نصها : ـ
الخاتمة |
الفاتحة |
الرسالة |
" نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم " رو 16 : 24 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " رو 1 : 7 |
رومية |
" نعمة الرب يسوع معكم " 1كو 16 : 23 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " 1كو 1 : 3 |
1كورنثوس |
" نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم " 2 كو 13 : 14 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " 2كو 1 : 2 |
2 كورنثوس |
" نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم أيها الأخوة " غل 6: 18 |
" نعمة لكم وسلام من الله الآب ومن ربنا يسوع المسيح " غل 1 : 3 |
غلاطية |
" سلام على الأخوة بإيمان ومحبة بإيمان من الله الآب والرب يسوع المسيح النعمة مع جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح فى عدم الفساد " أف 6 : 23 ، 24 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " اف 1 : 2 |
أفسس |
" نعمة ربنا يسوع مع جميعكم " فى 4 : 23 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " فى 1 : 2 |
فيلبى |
" النعمة معكم " كو 4 : 18 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " كو 1 : 2 |
كولوسى |
" نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم " 2 تس 3 : 18 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " 1تس 1 : 1 |
1 تسالونيكى |
" نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم " 2 تس 3 : 18 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " 2تس 1 : 2 |
2تسالونيكى |
" النعمة معك " 1 تى 6 : 22 |
" نعمة ورحمة وسلام من الله الآب و المسيح يسوع ربنا " 1تى 1 : 2 |
1تيموثاوس |
" الرب يسوع المسيح مع روحك النعمة معكم " 2 تى 4 : 22 |
" نعمة ورحمة وسلام من الله الآب و المسيح يسوع ربنا " 1تى 1 : 2 |
2 تيموثاوس |
" النعمة مع جميعكم " تى 3 : 15 |
" نعمة ورحمة وسلام من الله الآب و الرب يسوع مخلصنا " تى 1 : 4 |
تيطس |
" نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم " فل : 25 |
" نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح " فل : 2 |
فيلمون |
فمن هو مصدر النعمة والسلام والرحمة إلا الله ؟
ومن هو الذى ترفع إليه الصلاة والدعاة إلا الله ؟
ومن هو الذى يمنح النعمة والسلام والرحمة لجميع المؤمنين فى كل مكان وزمان إلا الله ؟
فلو لم يكن الآب والأبن والروح القدس أقانيماً فى اللاهوت الواحد لكان هذا الدعاء فى فواتح الرسائل وخواتمها لغواً لا معنى له .
ولكن أنظروا فيض البركات الإلهية التى يفيضها الله المثلث الأقانيم على شعبه النعمة والسلام والرحمة ؟
النعمة
فالنعمة هى من الله الآب . قال عبد الرب داود " ما أكرم رحمتك يا الله فبنو البشر فى ظل جناحيك يحتمون يروون من دسم بيتك ومن نهر نعمك تسقيهم " مز 36 : 7 ، 8 وقال موسى رجل الله " ولتكن نعمة ألهنا علينا " مز 90 : 17
والنعمة هى من الابن . قال يوحنا البشير " ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة " يو1 : 16 وقال بولس الرسول " فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم أفتقر وهو غنى لكى تستغنوا أنتم بفقره " 2 كو 8 : 9
والنعمة هى من الروح القدس . قال زكريا النبى " وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات لينظروا إلى الذى طعنوه " زك 12 : 10
السلام والرحمة
والسلام هو من الله الآب . قال أشعياء النبى " تجعل لنا سلاماً لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا " أش 62 : 12
وقال بولس الرسول " وسلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم فى المسيح يسوع" فى 4 : 7
والسلام هو من الابن . قال أشعياء النبى " تأديب سلامنا عليه " أش 53 : 5 وقال بولس الرسول " لأنه هو سلامنا " أف 2 : 14
والسلام هو من الروح القدس . قال بولس الرسول " ولكن أهتمام الروح هو حياة وسلام " رو8 : 6 وقال أيضاً " وأما ثمر الروح محبة فرح سلام " غل 5 : 22
فلما رأى الله أنه " ليس سلام لأحد من البشر " أر 12 : 12 رأى الله أن يتجسد ويصنع لنا فداء ، وعلى الصليب " الرحمة والحق ألتقيا . البر والسلام تلاثما " مز 85 : 10 فأصبحنا " " متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح " رو 3 : 24 ونقول فى ملء اليقين والبهجة " فإذ تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح " رو 5 : 1
وكم كان يحلو لشعب إسرائيل أن يسمعو دعاء كهنتهم وهو يقولون : ـ
" يباركك الرب ويحرسك
يضئ الرب عليك ويرحمك
يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاماً " عد 6 : 23 ـ 26
وكم يتعزى الشعب المسيحى إذ يسمعون البركة الرسولية من فم خدام الإنجيل وهم يقولون : ـ
" نعمة ربنا يسوع المسيح
ومحبة الله الآب
وشركة الروح القدس مع جميعكم " 2كو 13 : 14
وكم يجمل بأخوتنا المسلمين ، عندما يحييون بعضهم بعض قائلين " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " أن يذكروا معنا ما جاء فى الإنجيل " نعمة ورحمة وسلام من الله الآب والمسيح يسوع ربنا " 2 تى 1 : 2
هذا هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام " سورة الحشر : 23
3
متن الرسائل
قال المعترض : ـ
" فإذا ألقينا النظر على متن هذه الرسالات رأينا فيها ذاتاً غير الله ، وغير الشركة الأقنومية القائم بها فى الله "
صفحة 239
وللرد أقول : ـ
مما لا ريب فيه أن رسائل بولس الرسول تفيض بعقيدة الثالوث الأقدس وعقيدة لاهوت المسيح فيضان النهر بمياهه الغامرة كما يفيض بها الإنجيل كله على السواء
1 ـ الثالوث الأقدس فى الرسائل البولسية
أ ـ عقيدة المسيحية
عقيدة التثليث
إن التثليث والتوحيد هو أساس جميع العقائد المسيحية وهو واضح من البركة الرسولية:ـ
" نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم. " 2 كو 13 : 14
ويذكر بولس الرسول فى سياق كلامه عن المواهب الروحية فى وضوح خال من كل ألتباس الثلاثة أقانيم متميزة فقال : ـ
" فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد
وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد
وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل " 1كو 12 : 4 ـ 6
وقال أيضاً : ـ
" روح واحد . رب واحد . إله وآب واحد " أف 4 : 4 ـ 6
عقيدة التجسد
" كيف تتصرف في بيت الله،عمود الحق وقاعدته ....
وبالإجماع عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، " 1تى 3 : 15 ، 16
" ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه . لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس . الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا " تى 3 : 4 ـ 6
عقيدة الصلب
" لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا . لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار " رو 5 : 5 ، 6
عقيدة القيامة
" وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا "
رو 1 : 4
ب ـ بركات المسيحى
بركة التبنى
ثم بما أنكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخا: "يا أبا الآب" غل 4 : 6 "
"الروح نفسه أيضا يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله . فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا ورثة الله ووارثون مع المسيح. إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه " رو 8 : 16 ، 17
بركة التبرير
" وهكذا كان أناس منكم. لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا" 1كو 6 : 11
بركة التقديس
" فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد
لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" رو 8 : 3، 4
بركة التكريس
"ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح، وقد مسحنا، هو الله . الذي ختمنا أيضا، وأعطى عربون الروح في قلوبنا" 2 كو 1 : 21 ، 22
بركة الإستنارة
" كى يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان فى معرفته " أف 1: 7
بركة الشركة
" بسبب هذا أحني ركبتي لدى أبي ربنا يسوع المسيح، الذي منه تسمى كل عشيرة في السماوات وعلى الأرض . لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن . ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم " أف 3 : 14 ـ 17
بركة المجد
" أن الله اختاركم من البدء للخلاص، بتقديس الروح وتصديق الحق . الأمر الذي دعاكم إليه بإنجيلنا، لاقتناء مجد ربنا يسوع المسيح " 2 تس 2 : 13 ، 14
ج ـ أخلاق المسيحى
التسامح
" ولا تحزنوا روح الله القدوس ... متسامحين كما سامحكم الله فى المسيح " أف 4 : 30 ـ 32
التضحية
"لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح . فلا تخجل بشهادة ربنا، ولا بي أنا أسيره، بل اشترك في احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله " 2تى 1 : 7 ، 8 المحبة
" نشكر الله وابا ربنا يسوع المسيح ..... كما تعلمتم ايضا من ابفراس .... الذي اخبرنا ايضا بمحبتكم في الروح " كو 1 : 3 ـ 8
الأقتداء بالمسيح
"ظاهرين أنكم رسالة المسيح، مخدومة منا، مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي، لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية " 2كو 3 : 3
الإنقياد بالروح
" إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله . وأما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح، إيمان . وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس . ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات " غل 5 : 21 ـ 24
د ـ شهادة المسيحى
التبشير
"لأني لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبا . وأنا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة . وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة . لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله " 1كو 2 : 2 ـ 5
"بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله. حتى إني من أورشليم وما حولها إلى إلليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح " رو 15 : 19
الصلاة
" فأطلب إليكم أيها الإخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات من أجلي إلى الله " رو 15 : 30
" أمتلئوا بالروح .. مرتلين فى قلوبكم للرب شاكرين كل حين .. فى أسم ربنا يسوع المسيح لله والآب " أف 5 : 18 ـ 20
الإعتراف العلنى
" لذلك أعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول: "يسوع أناثيما". وليس أحد يقدر أن يقول: "يسوع رب" إلا بالروح القدس" 1كو 12 : 3
" فإن كان وعظ ما في المسيح..... إن كانت شركة ما في الروح . ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب " فى 2 : 1 ، 11
إحتماله الإضطهاد
"لأنكم تعلمون أية وصايا أعطيناكم بالرب يسوع … إذا من يرذل لا يرذل إنسانا، بل الله الذي أعطانا أيضا روحه القدوس " 1تس 4 : 2 ، 8 (1)
(1) رسالة التثليث والتوحيد للمؤلف صفحة 65 ـ 77
2 ـ لاهوت المسيح فى الرسائل البوليسية
لاشك أن بولس الرسول يقرر فى كل رسائله لاهوت المسيح فقد قرر أنه المسيح هو : ـ
الله
" عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد " 1 تى 3 : 16
" فإن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً " كو 2 : 9
" الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد " رو 9 : 5
أقنوم معادل لأقنوم الآب
" الذى هو صورة الله غير المنظور " كو 1 : 15
" الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس " فى 2 : 6 ، 7
خالق كل شئ
" فيه خلق الكل " كو 1 : 16
الغافر
" محتملين بعضكم بعضاً ومسامحين بعضكم بعضاً إن كان لأحدٍ على أحد شكوى . كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً " كو 3 : 13
القادر على كل شئ
الذى سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل إستطاعته أن يخضع لنفسه كل شئ " فى 3 : 21
ديان كل البشر
" لأننا جميعاً سوف نقف أمام كرسى المسيح . لأنه مكتوب أنا حى يقول الرب أنه لى ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد الله " رو 12 : 1 ، 7
"وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته،
في نار لهيب، معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح،
الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته ، متى جاء ليتمجد في قديسيه " 2تس 1 : 7 ـ 10
المعبود
" له الكرامة والقدرة الأبدية " 1 تى 6 : 16
وغير ذلك مما لا يقع تحت الحصر
أهمية الرسالة للعبرانيين
قد أعترف المعترف دون إنكار أن الرسالة إلى العبرانيين تقرر لاهوت المسيح فقال : ـ
" وحتى كان فى آخر رسالاته التى كتبها للعبرانيين ، رأيناه يكشف عن تلك المعانى الغامضة التى كانت تدور فى رأسه ، وإذا المسيح ليس هو المسيح الذى كنا نعهده ونتمثله ، فيما تحدث به الأناجيل عنه . وإنما هو " الله " قد حل فى جسد إنسان .. كما ينطق بذلك بدء هذه الرسالة " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواعٍ وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى أبنه " ..
ومفهوم هذا صريح فى أن المسيح حين كان يتكلم ويبث دعوته لم يكن هو سوى الله الذى يتكلم فى هذا الجسد الإنسانى .
ثم تكشف الرسالة عن صفات أخرى للمسيح ، فهو الذى جعله الله وارثاً لكل شئ .. الذى أيضاً عمل العالمين " .. وهو بهاء مجد الله ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته .. وهذه الصفات التى وصف بها المسيح هى التى دخل بها فى شركة مع الله . فكان أحد أقانيمه الثلاثة "
صفحة 242
على أن المعترض أدعى أن بولس إنما جاء بهذا التعليم من عندياته مخالفاً تعليم المسيح وتعليم سائر الرسل فقال : ـ
" والحق أن رسالة العبرانيين قد صاغ فيها بولس الدعوة المسيحية صياغه جديده بما أدخل عليها من تصورات للمسيح لم يجر لها فى الأناجيل الأربعة ذكر، ولم تقع فى تفكير أتباعه ولا فى نظرتهم إليه "
صفحة 240
وللرد أقول : ـ
قد علمت أيها القارئ العزيز مما مر بك التطابق التام فى الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل ورسائل بولس الرسول حيث يتمثل فيها جميعاً التعاليم بلاهوت المسيح خير تمثيل . كذلك جاءت الرسالة إلى العبرانيين مطابقة فى تعليمها عن لاهوت المسيح كما جاء فى سائر الأسفار .
ولنذكر لذلك التطابق الكامل العجيب إصحاحاً واحداً من الرسالة للعبرانيين من الثلاثة عشر إصحاحاً التى تحويها الرسالة وذلك على سبيل المثال : ـ
ما يماثله فى سائر الأسفار |
الأصحاح الأول من العبرانيين |
" الله لم يره أحد قط . الأبن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر " يو 1 : 15 |
" كلمنا فى هذه الأيام الأخيره فى أبنه " عب 1 : 2 |
" إنى أخبر من جهة قضاء الرب . قال لى أنت أبنى وأنا اليوم ولدتك . أسألنى فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصى الأرض ملكاً لك " مز 2 : 7 ، 8 " فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً . دفع إلى كل سلطان فى السماء وعلى الأرض " مت 28 : 18 " الآب يحب الابن وقد دفع كل شئ فى يده " يو 3 : 35 |
" الذى جعله وارثاً لكل شئ " عب 1 : 2 |
" كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " يو 1 : 3 " رب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به " 1كو 8 : 6 " فإن فيه خلق الكل مافى السموات وما على الأرض ما يرى وما لايرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم سلاطين . الكل به وله قد خلق " كو 1 : 16 |
" الذى به أيضاً عمل العالمين " عب 1 : 2 |
" والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " يو 1 : 14 " الذى فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذى هو صورة الله غير المنظور " 2 كو 4 : 4 " الذى هو صورة الله غير المنظور " كو 1 : 15 |
" الذى وهو بهاء مجده ورسم جوهره " عب 1 : 3 |
" الذى هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل " كو 1 : 17 |
" وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته " عب 1 : 3 |
" لأن الموت الذى ماته ماته للخطية مرة واحدة والحياة التى يحياها فيحياها لله ، كذلك أنتم أيضاً أحسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا : رو6 : 10 " الذى فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا " أف 1 : 7 " دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " 1يو 1 : 7 |
" بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا " عب 1 : 3 |
" ثم أن الرب بعدما كلمهم أرتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله " مر 16 : 19 " إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه فى السماويات " أف 1 : 20 |
" جلس عن يمين العظمة فى الأعالى " عب 1 : 3 |
" فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل أسم يسمى ليس فى هذا الدهر فقط بل وفى المستقبل أيضاً " أف 1 : 21 " لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه أسماً فوق كل إسم . لكى تجثو بإسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب " فى 2 : 9 ـ 11 |
" صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث أسماً أفضل منهم " عب 1 : 4 |
" إنى أخبر من جهة قضاء الرب . قال لى أنت أبنى أنا اليوم ولدتك " مز 2 : 7 " إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضاً فى المزمور الثانى أنت أبنى أنا اليوم ولدتك" أع 13 : 33 |
" لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت أبنى وأنا اليوم ولدتك " عب 1 : 5 |
" أنا أكون له أباً وهو يكون لى أبناً " 1صم 7 : 14 " وهم يدعون أبى أنت وإلهى وصخرة خلاصى . أنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض " مز 89 : 26 ، 27
|
" وأيضاً أنا أكون له أباً . وهو يكون لى أبناً " عب 1 : 5 |
" لأن الذيت سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة أبنه ليكون هو بكراً بين أخوة كثيرين " رو 8 : 29 " ومن يسوع الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض " رؤ 1: 5 |
" وأيضا متى أدخل البكر إلى العالم " عب 1 : 6 |
" أسجدوا له يا جميع الألهة " مز 97 : 7 |
" ولتسجد له كل ملائكة الله " عب 1 : 6 |
" كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب أستقامة قضيب ملكك " مز 45 : 6 " لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد " أش 9 : 7 |
" وأما عن الأبن كرسيك ياالله إلى دهر الدهور قضيب أستقامة قضيب ملكك " عب 1 : 8 |
" أحببت البر أبغضت الأثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الأبتهاج أكثر من شركائك " مز 45 : 7 "روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين"أش 61 : 1 " يسوع الذى من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة " أع 10 : 38 |
" أحببت البر أبغضت الأثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الأبتهاج أكثر من شركائك " عب 1 : 9 |
" من قدم أسست الأرض والسموات هى عمل يديك " مز 102 : 25 |
"وأنت يارب أسست الأرض والسموات هى عمل يديك "عب10:1 |
" هى تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى . وكرداء تغيرهن فتتغير و أنت هو وسنوك لن تنتهى " " السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول " مت24 : 35 |
"هى تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى"عب1 : 11، 12 |
" قال الرب لربى أجلس عن يمينى حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك" مز 110 : 1 |
" ثم لمن من الملائكة قال قط أجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك " عب1: 13 |
فى الرسائل الجامعة
ولا يخفى كما تحدثت الأناجيل وسفر أعمال الرسل ، ورسائل بولس الرسول عن الثالوث الأقدس ولاهوت المسيح ، كذلك تحدثت تماماً الرسائل الجامعة .
فقال بطرس الرسول : ـ
" المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق، في تقديس الروح للطاعة، ورش دم يسوع المسيح " 1بط 1 :1 ،2
وقال يوحنا الرسول : ـ
" فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد " 1 يو 5 : 7
وقال يهوذا الرسول : ـ
" وأما أنتم أيها الأحباء فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس، مصلين في الروح القدس،
" واحفظوا أنفسكم في محبة الله، منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية
يه : 20 ـ 21
الفصل الثالث
فى المجامع المسكونية
المجامع المسكونية هى هيئات شورية فى الكنيسة المسيحية ، رسم الرسل نظامها فى حياتهم حيث عقدوا المجمع الأول فى أورشليم سنة 51 للميلاد برئاسة يعقوب الرسول أسقفها للنظر فى مسألة ختان الأمم أع 15 : 6 ـ 29 ومن ثم نسجت الكنيسة على منوالهم .
قال المعترض : ـ
" ومنذ الأيام الأولى للمسيحية والمجامع المسكونية تنعقد لتسوية وجود الخلافات التى كانت تقع بين المسيحيين فى صميم العقيدة .
وقد أصبح لهذه المجامع السلطان المطلق فى أن تقول القولة الفاصلة التى لا ترد ، فى كل أمر يتصل بالدعوة المسيحية وفى تعديل ما ترى تعديله من وجوهها "
صفحة 242
ورداً على ذلك أقول : ـ
إن المرجع الوحيد للحكم فى أى عقيدة هو الكتاب المقدس ، ويكون قول المجمع المسكونى هو القول الفصل بمقدار رجوعه للكتاب المقدس ، كما أن الدعوة المسيحية هى هى كما تسلمناها من المسيح ورسله ، وعقائدها حقائق سماوية غير قابلة للتعديل وكل من ينحرف عنها ينكشف زيفه .
مجمع أورشليم
مسئلة الختان
قال المعترض : ـ
" وأول مجمع مسكونى عقد كان فى أورشليم سنة 51 برئاسة يعقوب الرسول للنظر فى مسئلة ختان الأمم وقد أنتهى الرأى فى هذا المؤتمر إلى أعفاء الأمم من " الختان " مع أنه أساس من أسس الناموس الذى أعترف به المسيح ، وبأنه ما جاء لينقض الناموس ليكلمه "
صفحة 242
وللرد أقول : ـ
أوصى الله إبراهيم بالختان تك 17 : 9 ـ 14
وجاءت شريعة موسى فجعلت الختان فريضة على كل إسرائيلى لا 12 : 3
وفى الوقت ذاته أعتبرت الشريعة أن الختان ما هو إلا رمز لختان القلب وتطهيره من المعاصى .
فقال موسى النبى " فأختنوا غرلة قلوبكم " تث 10 : 16
وقال أيضاً " ويختن الرب إلهك قلبك وقلب نسلك لكى تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا " تث 30 : 6
وقال أرميا النبى " أختتنوا للرب وأنزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم لئلا يخرج كنار غيظى وليس من يطفئ بسبب شر أعمالكم " أر 40 : 4
وأوضح حزقيال النبى أن الختان ليس شيئاً بالنسبة لطهارة القلب فى الخدمة المقدسة فصرح أن الكاهن الإسرائيلى المختتن لايجوز له أن يقترب للخدمة المقدسة فى الهيكل وهو يحمل الإثم ، مثله فى ذلك مثل الوثنى ابن الغريب أغلف القلب وأغلف اللحم أيضاً حز44 : 9 ـ 13 كل هذا جاء فى نفس العهد القديم .
وجاءت المسيحية ونادت بالخلاص بكفارة المسيح ، فأبطلت الذبائح لمجئ المسيح حمل الله الذى يرفع خطية العالم ، كما أبطلت الختان الرمزى لحصولنا على التطهير القلبى فى أعترافنا العلنى بموتنا وقيامنا مع المسيح فى المعمودية كقول الإنجيل : ـ
"وبه ايضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، بختان المسيح
مدفونين معه في المعمودية، التي فيها اقمتم ايضا معه بإيمان عمل الله، الذي اقامه من
الأموات وإذ كنتم امواتا في الخطايا وغلف جسدكم، احياكم معه، مسامحا لكم بجميع الخطايا،
إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض، الذي كان ضدا لنا، وقد رفعه من الوسط مسمرا اياه بالصليب " كو 2 : 11 ـ 14
ولهذا أعفى مجمع أورشليم المؤمنين من الأمم من الختان لعدم ضروريته للخلاص وسبق أن تقرر فى العهد القديم أن الإيمان حسب براً لإبراهيم وهو غير مختون تك15 : 6رو3:4 ـ 13 وقد سجل الإنجيل المناقشات التى دارت فى مجمع أورشليم والقرار الذى صدر عنه بقوله : ـ "وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلمون الإخوة أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا .
فلما حصل لبولس وبرنابا منازعة ومباحثة ليست بقليلة معهم رتبوا أن يصعد بولس وبرنابا وأناس آخرون منهم إلى الرسل والمشايخ إلى أورشليم من أجل هذه المسألة .
فهؤلاء بعد ما شيعتهم الكنيسة اجتازوا في فينيقية والسامرة يخبرونهم برجوع الأمم وكانوا يسببون سرورا عظيما لجميع الإخوة .
ولما حضروا إلى أورشليم قبلتهم الكنيسة والرسل والمشايخ فأخبروهم بكل ما صنع الله معهم.
ولكن قام أناس من الذين كانوا قد آمنوا من مذهب الفريسيين وقالوا إنه ينبغي أن يختنوا ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى .
فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الأمر .
فبعد ما حصلت مباحثة كثيرة قام بطرس وقال لهم أيها الرجال الإخوة أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون .
والله العارف القلوب شهد لهم معطيا لهم الروح القدس كما لنا أيضا . ولم يميز بيننا وبينهم بشيء إذ طهر بالإيمان قلوبهم
فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله؟
لكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضا .
فسكت الجمهور كله. وكانوا يسمعون برنابا وبولس يحدثان بجميع ما صنع الله من الآيات والعجائب في الأمم بواسطتهم .
وبعدما سكتا قال يعقوب: أيها الرجال الإخوة اسمعوني . سمعان قد أخبر كيف افتقد الله أولا الأمم ليأخذ منهم شعبا على اسمه . وهذا توافقه أقوال الأنبياء كما هو مكتوب . سأرجع بعد هذا وأبني أيضا خيمة داود الساقطة وأبني أيضا ردمها وأقيمها ثانية .
لكي يطلب الباقون من الناس الرب وجميع الأمم الذين دعي اسمي عليهم يقول الرب الصانع هذا كله . معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله . لذلك أنا أرى أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم . بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم
لأن موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرأ في المجامع كل سبت .
حينئذ رأى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة أن يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الإخوة وكتبوا بأيديهم هكذا: الرسل والمشايخ والإخوة يهدون سلاما إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية . إذ قد سمعنا أن أناسا خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس الذين نحن لم نأمرهم . رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا برنابا وبولس رجلين قد بذلا نفسيهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح . فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاها .
لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلا أكثر غير هذه الأشياء الواجبة .
(أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون. كونوا معافين " أع 15 : 1 ـ 29
ومما هو جدير بالملاحظة أن قرار مجمع أورشليم هذا قد أتخذ مدعماً بأقوال الأنبياء عن قبول الأمم دون أن ينقض الشريعة .
فالقرار ينهى عن نجاسات الأصنام طبقاً للشريعة القائلة " لا يكن لك ألهة أخرى أمامى "
خر 20 : 3
وينهى عن الدم المخنوق طبقاً للشريعة القائلة " غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه " تك 9 : 4 وينهى عن الزنا طبقاً للشريعة القائلة " لا تزن " خر 20 : 14
ويعفى من الختان أستعلاءً من الرمز إلى الحقيقة والتشديد على طهارة القلب وصولاً بالشريعة إلى ذروة هدفها .
ولهذا قال بولس الرسول " لأنه فى المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة " غل 5 : 6
وقال أيضاً "لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم
ختاناً بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله " رو 2 : 28 ، 29
إذاً لا محل لقول المعترض ـ ما معناه ـ إن المبشرين بالمسيحية أعفوا الأمم من الختان تقرباً للرومانين ـ صفحة 243 ، 244
فالتملق ليس من شيمة رسل المسيح ، وإلا لما ماتوا شهداء . فقد كان شعارهم " أننا من أجلك نمات كل النهار " رو 8 : 36 وقال بولس الرسول " أفأستعطف الآن الناس أم الله؟ أم أطلب أن أرضي الناس؟ فلو كنت بعد أرضي الناس لم أكن عبدا للمسيح " غل 1 : 10
ومما يجدر بنا أن نلفت نظر المعترض إليه ، أن نفس القرآن قد شاد بقرار مجمع أورشليم وأقتبس منه فقال فى ثلاث مواضع " إنما حرم عليكم الميته والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله " سورة البقرة : 168 وسورة المائدة : 3 سورة النحل: 114
ومما يلاحظ أن العبارة واحدة فى الإنجيل وفى القرآن بزيادة كلمة لحم الخنزير فى القرآن وقد ظن المعترض أن بولس سمح بأكل الخنزير إسترضاءاً للرومانيين صفحة 244
وفاته أن الشريعة اليهودية الطقسية قسمت الحيوانات إلى طاهره ونجسه لا 11 : 2 ـ 8 وكان البقر والضأن من الحيوانات من الحيوانات الطاهرة والجمل والخنزير من الحيوانات النجسة التى لا يؤكل لحمها ولا تقدم ذبيحة تك 8 : 20 لا 1 : 3
وذلك لا لفات نظر الشعب البدائى إلى الذبيح الكامل الذى بلا عيب يسوع المسيح 1بط 1: 19 وأما فى غير هذه المصطلحات الرمزية التى بطلت بمجئ المسيح المرموز إليه عب 9 : 10 فجميع الحيوانات ليست نجسه رو 14 : 14 لأن للرب الأرض وملؤها 1 كو 10 : 26
ومن ثم لا توجد غضاضة فى تناول الإنسان أى نوع من الطعام له قيمة غذائية تتلائم مع صحته .
أولاً ـ مجمع نيقية
يعتبر مجمع أورشليم مجمع مكانياً ، وأما مجمع نيقية فيعتبر المجمع المسكونى الأول الذى شهده أساقفة وقساوسة وشماسة الكنائس من سائر المسكونة .
1 ـ سبب إنعقاده
السبب الرئيسى لعقد المجامع المسكونية عامة هو ظهور أراء دينية غريبة رؤى من الضرورى فحصها فى مجامع وإصدار قرارات فى شأنها وشأن مبتدعيها .
وسبب عقد مجمع نيقية خاصة هو ظهور بدعة آريوس الذى أنكر لاهوت المسيح .
والقس آريوس ليبى الأصل سكندرى الإقامة والوظيفة . وكان كثير الشغب مع ميلينوس أسقف أسيوط ضد البطريرك الأنبا بطرس . وقبل القبض على الأنبا بطرس وإلقائه فى السجن وإستشهادة أيام دقلديانوس حذر الأنبا بطرس تلميذيه ارشيلاوس والأسكندر من قبول آريوس فقال لهما : أنه رأى حلماً فى الليلة السابقة ، وقف فيها الفادى الحبيب أمامه ، بثوب ممزق من فوق إلى أسفل . فسأله : من ذا الذى مزق ثوبك يا سيدى ومخلصى ؟ فأجابه : هو آريوس . ثم أستطرد الأنبا بطرس يقول . عندما أعود إلى أبى السماوى تجلسان أنتما الواحد بعد الآخر على الكرسى المرقسى ، وحينئذاك إياكما أن تقبلا آريوس فى شركة الكنيسة المقدسة ، كونا ثابتين ساهرين على الإيمان القويم بكل حكمة وسداد (1)
وبعد ما أستشهد الأنبا بطرس أنتخب تلميذه ارشيلاوس عوضاً عنه . وتظاهر آريوس لدى أنبا ارشيلاوس بالتوبة فمنحه الحل من حرمه .
وبعد موت الأنبا ارشيلاوس أنتخب القديس الأسكندر بطريركاً عوضاً عنه . ثم عاد آريوس لنشر بدعته . ولم يجد الأنبا أسكندر بداً من عقد مجمع محلى بالأسكندرية من جميع أساقفة مصر ، فوقعوا عقوبة الحرم على آريوس وجردوه من رتبته الكهنوتية .
فهجر آريوس الأسكندرية إلى آسيا الصغرى حيث روج لبدعته . وأنحاز إليه بعض الأنصار
(1) قصة الكنيسة القبطية لإيزيس حبيب المصرى الجزء الأول صفحة 125 ، 126
من الأساقفة . وأشتد الخلاف بين أنصار آريوس وأنصار البطريرك .
ووصل الخبر لمسامع الإمبراطور قسطنطين . فأرسل الأمبراطور صديقه هوسيموس أسقف قرطبة ، الذى لما حضر الأسكندرية عقد مجمعاً محلياً وتأكد من ضلال آريوس فأتفق هوسيموس مع الأنبا أسكندر على وجوب عقد مجمع مسكونى يشترك فيه أساقفة العالم المسيحى بأسره ، ليضعوا دستوراً لإيمان الكنيسة الجامعة .
وأخبر هوسيوس الأمبراطور قسطنطين بذلك . فإصدر رسالة أمبراطورية تقضى بعقد أول مجمع مسكونى فى مدينة نيقية .
2 ـ تشكيل المجمع
أنعقد المجمع بنيقية سنة 325 م بأمر الأمبراطور قسطنطين الكبير وحضوره وحضور رجال قصره .
والتألم المجمع تحت رعاية الأنبا هوسيوس أسقف قرطبه ، وسكرتيرية أوسابيوس أسقف قيصرية (1) وبلغ عدد أعضاء المجمع 318 أسقفاً من أوربا وآسيا وأفريقيا . منهم عشرون أسقفاً مصرياً يرأسهم البطريرك الأنبا أسكندر ويصحبهم بطل الإيمان الشماس أثناسيوس .
وحضر مع آريوس بعض الأساقفة وعشرة من الفلاسفة .
وحضر جمهور غفير من القساوسة والشمامسة والعلمانيين ، بعضهم للمشاهدة وبعضهم للأخذ بناصر أحد الحزبين .
وكانت جلسات المجمع فى قاعة متسعة بساحة القصرالملكى ، حيث أعدت لهم كراسى . وكان فى صدر القاعة كرسى من ذهب أعد للملك ، وبعض أخذ الأذن من الأساقفة جلس عليه بثيابه الأرجوانية المرصعة بالذهب . وجلس الأساقفة عن يمينه وعن يساره .
وجلس الجمهور على جانبى القاعة ( 2 )
ومما يسترعى النظر قيام عرش وسط القاعة وضعت عليه نسخ من بشار الإنجيل ( 3 )
(1) الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة للأنبا إيسذورس الجزء الأول صفحة 422
(2) الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة للأنبا إيسذورس الجزء الأول صفحة 288 ، 289
(3 ) فى موكب التاريخ للأستاذ حبيب سعيد صفحة 46
كلمات الإفتتاح
وعندما أفتتحت أول جلسة للمجمع وقف سكرتير المجمع موجهاً كلمة للأمبراطور قائلاً : ـ
أيها الملك العزيز أننا نقدم الشكر لله العلى الملك السماوى ، الذى أعطاك الملك الأرضى وأنارك بنور الديانة المسيحية ، حتى هدمت أماكن الأصنام ومذابح الأوثان ، وأبطلت عبادة الإلهة الكاذبة ، وشيدت الهياكل المسيحية الشريفة لعبادة الإله الحقيقى .
فنضرع إلى الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس اللاهوت الواحد والطبيعة الواحدة ، أن يبارك ملكك وسلطانك ، ويعظم عزك وشأنك ، ويطيل أيامك الصالحة ، لأنه هو الذى ألهمك عقد هذا المجمع ، ولذلك نحن أطعنا أمرك ومثلنا بين يديك .
وبما أنك علمت القلاقل التى أثارها آريوس بنشر بدعته وإذاعتها بين الملأ ، فنتوسل إليك أن تأمره أن يتقدم هو نصراؤه بعرض هذا التعليم الجديد الغريب ، ونحن نفاوضهم ونجاوبهم من البشائر والرسائل ونبوات الأنبياء وسائر أقوال الله الشريفة الواردة فى كتبه المقدسة وحينئذ يتبين الحق من الباطل وتفعل ما تشاء .
فرد عليه الأمبراطور باللغة اللاتينية قائلاً : ـ
أيها الأباء الموقورون ، إننى أشكر الله لمشاهدتى محفلكم البهى هذا ، وإنى أعظم السرور لأنى أستحققت أن أجمع عدداً وافراً من رؤساء كهنة المسيح للبحث فى تعليمه القويم والدفاع عنه .
وأنتم كلكلم تعلمون إنى بنعمة الله ، تركت دين أبى و أجدادى وأعتنقت الديانة المسيحية ، لأنى رأيت بعينى فى رابعة النهار علامة الصليب الكريم مكتوب عليها .. أنك بهذا تغلب "
وبمعونة سيدى يسوع المسيح الذى صلب لأجلنا . قد غلبت أعدائى لا بسيفى ولا بقدرتى بل بقوته الإلهية وعلامة صليبه الشريفة ، التى أمرت برسمها على الرايات والأعلام .
وقد شاء الله أن يكف الإضطهاد عن المسيحية بواسطتى ومنحت الحرية المطلقة لهم .
إلا أن أبليس عدو البشر ، لما رآنى مغتبطاً بهذا الدين الصحيح وذويه ، أثار بلبلة فى كنيسة المسيح ليكدرنى ويحزننى ، فلهذا أطلب إليكم أن تبذلوا الجهد لإقناع الخصم بالبراهين الواضحة والحجج المقنعة .
وبكل الأحوال أحثكم أن تحافظوا على الوئام والمحبة نابذين كل خصام وخلاف ، طبقاً لأوامر الإنجيل الشريفة . وإنى وإن كنت بينكم لا أتصدى لأحد منكم على الأطلاق لكنى أترككم أن تبينوا آرائكم بملء الحرية وتمام الأختبار ( 1 )
4 ـ أسلوب الحوار
بين آريوس وأثناسيوس
" بتصرف "
1 ـ قال آريوس : إن سليمان الحكيم تكلم بلسان المسيح قائلاً خلقنى أول طرقه أم 8 : 22
ـ أثناسيوس : إن قول سليمان الحكيم بالنص هو " الرب قنانى أول طريقه " أم 8 : 22 ومعنى " قنانى " ليس خلقنى بل ولدنى كقول الكتاب المقدس عن حواء " ولدت قايين وقالت أقتنيت رجلاً من عند الرب " تك 4 : 1
وكما أن الشمس تقتنى وتمتلك وتحوز أشعتها ، وكما يحوز الإنسان كلمته وهى قائمة بقيامه ، كذلك الله يحوز أبنه وكلمته وبهاء مجده القائم بقيامه آزلياً ، كما ورد فى نفس الفصل إذ يقول "منذ الآزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة . لما ثبت السماوات كنت هناك أنا. لما رسم دائرة على وجه الغمر
لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه لما رسم أسس الأرض . كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته فرحة دائما قدامه " أم 28 : 23 ـ 30
2 ـ قال آريوس : إن الابن قال أبى أعظم منى يو14 : 28 فعلى هذا يكون الابن أصغر من الآب ولا يساويه بالجوهر .
أثناسيوس : إن الابن دون الآب لكونه تجسد كما يتضح ذلك من نفس الآية " لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون إنى قلت لكم إنى أمضى إلى الآب . لأن أبى أعظم منى " أى أنه بناسوته (1) الخريدة النفيسة الجزء الأول صفحة 422 ـ 424
يمضى إلى الآب الذى هو أعظم من ناسوت الابن وإلا كيف يتكلم بلاهوته أنه يمضى إلى الآب حال كونه فى حضن الآب يو 1 : 18 ويؤيد ذلك أنه فى نفس الفصل يتكلم باللاهوت ويبين مساواته لأبيه بالجوهر بقوله " الذى رآنى فقد رآى الآب " يو 14 : 9 " إنى فى الآب والآب فى " يو 14 : 11 وقوله أيضاً " كل ما للآب فهو لى " يو 16 : 15 " أنا والآب واحد" يو 10 : 30
2 ـ قال آريوس : إن المسيح قال"دفع إلى كل سلطان فى السماء وعلى الأرض"مت 28 : 18 فذكر هنا أنه نال السلطان من أبيه لأنه أعظم منه وغير مساوٍ له .
ـ أثناسيوس : بل يعنى أن الابن بولادته الآزلية من الآب قد ملك كل سلطان ، وأنه قال ذلك حسب كونه متأنساً لأنه فى أثر هذا القول ساوى نفسه بأبيه بقوله لتلاميذه " عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " مت 28 : 19
4 ـ قال آريوس : إن المسيح قال " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسى شيئاً . كما أسمع أدين ودينونتى عادلة لأنى لا أطلب مشيئتى بل مشيئة الآب الذى أرسلنى يو 5 : 30
فذكر هنا أنه نال السلطان من أبيه لأن أبيه أعظم منه وغير مساو له
ـ أثناسيوس : إن المسيح تكلم فى مواضيع كثير بحسب كونه إلهاً صار إنساناً كقوله " إن شئت أن تجيز عنى هذه الكأس " لو 22 : 42 " إلهى إلهى لماذا تركتنى " مت 27 : 46
" إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وألهكم " يو 20 : 17 ومثل ذلك صلاته إلى أبيه مراراً كثيرة .
وبصفته كونه إلهاً قال " الذى رآنى فقد رآى الآب " يو 11 : 9 و " إنى أنا فى الآب والآب فىّ " يو 14 : 11 و " أنا والآب واحد " يو 10 : 30
وفى نفس الفصل الوارد فيه أية الإعتراض قال المسيح " كما أن الآب يقيم الأموات ويحيى كذلك الابن أيضاً يحيى من يشاء .. لكى الجميع الابن كما يكرمون الآب " يو 5 : 21 ، 23
وغير ذلك كثير من أقوال المسيح التى تصرح بمساواة لاهوته لأبيه فى الآزلية والعظمة والقدرة .
5 ـ قال آريوس : إن يوحنا قال فى بشارته عن الابن " كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " يو 1 : 3 فهذا القول يدل على أن الابن آلة أستخدمها الآب لصنع الخلائق فالابن إذاً ليس إلهاً خالقاً .
ـ أثناسيوس : إن الآب خلق بالابن أى بواسطة الابن الخالق ، كما يقال بنى الملك المدينة بإبنه ، فالملك وأبنه يعدان بانىّ المدينة .
ولاسيما بأن يوحنا صرح بلاهوت الابن وآزليته ومساواته لأبيه فى الجوهر والقدرة والإبداع وذلك فى بشارته وفى رسائله حيث قال : ـ
"الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة " 1يو 1 : 1
وأيضاً " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد "1يو 5 : 7
وفى الرؤيا "أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شيء " رؤ 1 : 8
وقوله " للجالس على العرش وللحمل البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين"
رؤ 5 : 13
وفى أول الفصل الوارد فيه آية الإعتراض نص البشير بجلاء عن لاهوت الابن بقوله " فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " يو 1 : 1 فكيف يكون بعد قوله هذا التصريح ان الابن ليس باله خالق ولكنه الة لصنع الخلائق . وقد أعترف داود النبى بابن الابن خالق كما قال " من قدم أسست الأرض والسموات هى عمل يديك " مز 102 : 25 ولا ريب أن هذا القول يخاطب به داود النبى ابن الله كما فهم ذلك بولس الرسول عب 1 : 1
فقد أتضح أن ابن الله خالق نظير أبيه وإله مساو له فى الجوهر والعظمة والمجد (1)
5 ـ قانون الإيمان
(1) الخريدة النفيسة الجزء الأول صفحة 289 ـ 292
بعد مفاوضات طويلة ، فى جلسات متوالية ، قرر المجمع وعدده 318 أسقفاً ، أن المسيح هو ابن الله حقاً ، وأنه مساو للآب وإله حق مع أبيه دائماً ، وذلك وفقاً للكتاب المقدس .
وكلف المجمع لجنة مكونه من ثلاثة وهم الأنبا أسكندر بطريرك الأسكندرية والشماس أثناسيوس وليونينون أسقف قيصرية لصياغة قانون الإيمان ، وكان بطل اللجنة بالطبع هو أثناسيوس الملقب بالرسولى ( 1)
وهذا هو نص القانون الذى صاغته اللجنة ووافق عليه المجمع ليكون دستوراً للكنيسة على مر الأجيال وهو مكون من سبع مواد : ـ
1 ـ بالحقيقة نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل خالق السماء والأرض مايرى وما لا يرى
2 ـ نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق مولود غير مخلوق مساو للآب فى الجوهر الذى به كان كل شئ
3 ـ هذا هو الذى من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نفوسنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس .
4 ـ وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى وتألم وقبر
5 ـ وقام من الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب
6 ـ وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه
7 ـ وأيضاً يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات الذى ليس لملكه إنقضاء
6 ـ ختام المجمع
أمضى أعضاء المجمع على قانون الإيمان ، وأوقع حرماً من الدرجات الكهنوتية على آريوس وأتباعه مع نفيهم .
كما قرر المجمع أن المعمودية واحدة لا تتكرر ، أما المعمودية الصادرة عن هيئة الهراطقة فيجب أن تعاد إذا ما عادوا للعقيدة المستقيمة .
وكذلك رأى المجمع أن يكون عيد الفصح فى الشرق والغرب فى يوم واحد ، يصدر به
(1) قصة الكنيسة القبطية الجزء الأول صفحة 174 ، 175
منشوراً سنوياً بابوات الأسكندرية لتضلعهم فى العلوم الفلكية .
كذلك وضع المجمع عشرين قانوناً فى كيفية إدراة الكنيسة وتنظيمها (1 )
ثم أرسل المجمع بهذه القرارات لجميع الكنائس ( 2 ) وقد قال الأنبا أثناسيوس الرسولى الذى أنتخب بطريركاً للأسكندرية بعد وفاة الأنبا أسكندر وانفضاض مجمع نيقية بخمسة شهور (3 ) إن مجمع نيقية كان يقظة حاسمة فى تاريخ الكنيسة كما كان ملحمة رائعة لأنتصار الإيمان القويم على الأبتداع (1)
رد على إعتراضات
لقد كان من حسن الحظ أن أعترف المعترض بهذه الحقيقة التاريخية ، إن جميع المسيحيين يعترفون بصحة الكتاب المقدس الذى معهم وأنه المرجع الوحيد لهم فى كل شأن من شؤنهم .
فعن المجمع المسكونى الذى أنعقد بعد المسيح بثلثمائة خمسة وعشرين سنة وقبل محمد وقبل محمد بثلثمائة سنة قال : ـ
" فقد كان من تدبير أصحاب الرأى فى هذا المجمع أن يلتزموا نصوص الأناجيل ورسائل الرسل ، فى تصوير هذا القرار ، وألا يأتوا بكلمة من عندهم ، حتى لا يكون هناك أعتراض لمعترض ، أو حجة لمخالف .. إذ كل كلمة بين يديه هى من واردات الأناجيل والرسائل المتفق عليها ـ إجمالاً ـ عند عامة المسيحيين : كما ألتقطت منها كلمات من التوراة وأسفارها "
صفحة 248
ولكن مع هذا الإعتراف الجميل فقد أعترض السيد المعترض على قرار المجمع إعتراضاً لا يستحق الإلتفاف إليه لولا طرافته !
فقد نسب إلى قرار المجمع الشطط والتعسف لأن القرار جمع من الكتاب المقدس كلمة كلمة !! فقال : ـ
" ولكن أنظر كيف جمعت كلمات هذا القرار .. أنها من أودية مختلفة وفى مقامات متباينة (1) قصة الكنيسة القبطية الجزء الأول صفحة 183
وفى أحوال متغايرة لايجمع بينها حال أو مقام ، وإن تكن مسطورة فى الأناجيل والرسائل .. ولهذا فإننا نضع بين يديك فقرات هذا القرار فقرة فقرة ونضع أمامها المصدر الذى جلبت منه .. فترجع إليه إن سئت !
نؤمن بإله واحد يو 17 : 3
الله الآب 1تس 1 : 1
ضابط الكل مت 10 : 29 ، 30
خالق السماء والأرض مايرى وما لا يرى مت 11 : 25 خر 20 : 11
نؤمن برب واحد عب 1 : 8 رؤ19 : 16
يسوع المسيح عب 13 : 8
ابن الله الوحيد يو3: 16
المولود من الآب قبل كل الدهور مى 5 : 2
نور من نور عب 1 : 3
إله حق 1يو 5 : 20
من إله حق يو 17 : 5
مولود غير مخلوق يو5 : 26
مساو للآب فى الجوهر يو 10 : 30
الذى به كان كل شئ يو1 : 3
هذا هو الذى من أجلنا نحن البشر
ومن أجل خلاص نفوسنا لو 9 : 56
نزل من السماء وتجسد يو 1: 14 عب 10 : 5
من الروح القدس ومن مريم العذراء لو 1 : 35
وتأنس يو 8 :40
وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى يو 19 : 19
وتألم 1بط 1 : 11
وقبر أش 53 : 9 مت 27 : 60
وقام من الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب رو 14 : 9 1كو 15 : 4
وصعد إلى السموات لو 24 : 51
وجلس عن يمين أبيه مر 16 : 19
وأيضاً يأتى فى مجده مت 25 : 32
ليدين الأحياء والأموات أع 10 : 42
الذى ليس لملكه إنقضاء لو 1 : 33
صفحة 248 ـ 250
وللرد أقول : ـ
أين الشطط والتعسف فى هذا ؟ وقد رأيت كيف جاء قانون فى غاية الإحكام موافقاً للكتاب المقدس نصاً وروحاً ومعنى ؟
وماذا تقول أيها المعترض عن أسماء الله الحسنى التى جمعها المسلمون من كل أجزاء القرآن المتفرقة ؟
فها أنا أضع بين يديك أسماء الله الحسنى كلمة كلمة وأضع أمامها المصدر القرآنى الذى جلبت منه : ـ
أسماء الله الحسنى
الحشر 59 : 23 الحشر 59 : 23 الحشر 59 : 23 الحشر 95 : 23 البقرة 2 : 224 البقرة 2 : 254 الفاطر 35 : 28 الفاطر 35 : 30 الحج 22 : 62 الحج 22 : 62 هو 11 : 57 النساء 4 : 84 النساء 4 : 6 ،85 الرحمن 55 : 27 العلق 96 : 3 النساء 4 : 1 هود 11 : 61 البقرة 2 : 246 البقرة 2 : 23 هود 11 : 90 هود 11 : 73 الحج 22 : 7 البروج 85 : 9 الحج 22 : 62 النساء 4 : 81 هود 11 : 66 الذريات 51 : 58 الرعد 13 : 9 الطور 52 : 28 التوبة 9 : 104 السجدة 23 : 22 الحج 22 : 60 البقرة 2 : 143 آل عمران : 3 : 26 الرحمن 55 : 78 آل عمران 3 : 18 النساء 4 : 139 الممتحنة 60 : 6 النساء 4 : 130 الأنبياء 21 : 43 الأنعام 6 : 17 الأعراف النور 24 : 35 الفاتحة 1 : 5 البقرة 2 : 117 القصص 28 : 88 مريم 19 : 40 الكهف 18 : 10 الفاطر 35 : 45 |
5 ـ السلام 6 ـ المؤمن 7 ـ المهيمن 8 ـ العزيز 32 ـ الحليم 33 ـ العظيم 34 ـ الغفور 35 ـ الشكور 36 ـ العلى 37 ـ الكبير 38 ـ الحفيظ 39 ـ ـــــــــ 40 ـ الحسيب 41 ـ الجليل 42 ـ الكريم 43 ـ الرقيب 44 ـ المجيب 45 ـ الواسع 46 ـ الحكيم 47 ـ الودود 48 ـ المجيد 49 ـ الباعث 50 ـ الشهيد 51 ـ الحق 52 ـ الوكيل 53 ـ القوى 54 ـ المتين 78 ـ المتعالى 79 ـ البر 80 ـ التواب 81 ـ المنتقم 82 ـ العفو 83 ـ الرؤوف 84 ـ مالك الملك 85 ـ ذو الجلال 86 ـ المقسط 87 ـ الجامع 88 ـ الغنى 89 ـ المغنى 90 ـ المانع 91 ـ الضار 92 ـ النافع 93 ـ النور 94 ـ الهادى 95 ـ البديع 96 ـ الباقى 97 ـ الوارث 98 ـ الرشيد 99 ـ الصبور
|
الفاتحة 1 : 1 الفاتحة 1 : 1 الفاتحة 1 : 2 الحشر 59 : 23 الحشر 59 : 23 الحشر 59 : 23 الحشر 59 : 24 الحشر 59 : 24 الحشر 59 : 24 طه 20 : 82 الرعد 13 : 17 آل عمران 3 : 8 الذرايات 51 : 58 سبأ 34 : 26 الفاطر 35 : 44 البقرة 2 : 245 الشورى 42 : 12 الواقعة 56 : 3 آل عمران 3 : 55 أى عمران 3 : 26 آل عمران 3 : 26 المؤمن 40 : 20 المؤمن 40 : 20 الأنعام 6 : 114 الأنعام 6 : 115 الأنعام 6 : 103 الأنعام 6 : 103 الحج 22 : 87 هود 11 : 73 يس 36 : 12 البروج 85 : 13 البروج 85 : 13 البقرة 2 : 28 البقرة 2 : 29 آل عمران 3 : 1 آل عمران 3 : 1 ص 38 : 44 البروج : 15 الرعد 13 : 16 الإخلاص 112 : 1 الإخلاص 112 : 2 طارق 86 : 8 الكهف 18 : 45 ق 50 : 28 نوح 71 : 4 الحديد 57 : 3 الحديد 57 : 3 الحديد 57 : 3 الحديد 57 : 3 الرعد 13 : 11 |
1 ـ الرحمن 2 ـ الرحيم 3 ـ المالك 4 ـ القدوس 9 ـ الجبار 10 ـ المتكبر 11 ـ الخالق 12 ـ البارى 13 ـ المصور 14 ـ الغفار 15 ـ القهار 16 ـ الوهاب 17 ـ الرزاق 18 ـ الفتاح 19 ـ العليم 20 ـ القابض 21 ـ الباسط 22 ـ الخافض 23 ـ الرافع 24 ـ المعز 25 ـ المذل 26 ـ السميع 27 ـ البصير 28 ـ الحكم 29 ـ العدل 30 ـ اللطيف 31 ـ الخبير 55 ـ الولى 56 ـ الحميد 57 ـ المحصى 58 ـ المبدى 59 ـ المعيد 60 ـ المحيى 61 ـ المميت 62 ـ الحى 63 ـ القيوم 64 ـ الواجد 65 ـ الماجد 66 ـ الواحد 67 ـ الأحد 68 ـ الصمد 69 ـ القادر 70 ـ المقتدر 71 ـ المقدم 72 ـ المؤخر 73 ـ الأول 74 ـ الآخر 75 ـ الظاهر 76 ـ الباطن 77 ـ الوالى |
فهل المعترض جميع هذه الأسماء شططاً وتعسفاً ، لأنها جمعت من أماكن متعددة من القرآن ؟ وواضح أيضاً أنه من الجهل الفاضح أن يعترض المعترض على عقيدة التثليث بالإدعاء أنها لم تنشأ إلا سنة 325 م ! حيث قال : ـ
" ونستطيع أن نتخذ من هذا القرار وثيقة تاريخية محققة للقول بأن التثليث المسيحى لم يكن معروفاً إلى سنة 325 من ميلاد المسيح ولم يعترف المؤتمر المنعقد فى هذا العام بغير الآب والابن ! ! "
صفحة 250 ـ 251
وللرد أقول : ـ
هل هذا الإعتراض معقول ؟
وهل جاء المؤتمرون بشئ من عندهم ؟
ألم تكن الكتب المقدسة مرجعهم ؟
أو لم يكن شعارهم المكتوب فى نص القانون هو " كما فى الكتب " ؟
وهل يوجد رجل عنده ذرة من العقل يقول إن أسماء الله الحسنى لم تكن معروفة إلى أن جاء الغزالى الذى كتب عنها ؟ أو الترمذى الذى رواها ؟ مع العلم أن أسماء الله الحسنى هى منقولة عن القرآن ، وقد كانت هذه الأسماء حقيقة آزلية فى الله تعالى قبل أن يجئ القرآن وقبل أن يجئ الغزالى والترمذى ، كذلك التثليث كتب عنه مجمع نيقية ونقل ما كتبه من التوراة والإنجيل وبالتالى قبل أن ينعقد مجمع نيقية .
وأما أختصاص قانون الإيمان بمجمع نيقية بلاهوت المسيح ، فهو لأن الموضوع المعروض على المجمع هو بدعة آريوس ضد لاهوت المسيح .
وأما الروح القدس فلم يكن موضع إعتراض نيقية من أحد ليكتب المجمع عنه قراراً ، ومع ذلك فقد ذكر الروح القدس مراراً كثيرة فى محادثات المجمع وفى نفس القانون كما ورد فى المادة الثالثة .
كما وأنه معلوم من البديهيات أنه منذ نشأت المسيحية وإلى الأبد لا يصير الإنسان مسيحياً إلا بعد أن يعتمد بإسم الآب والابن والروح القدس مت 28 : 19 ومعلوم أيضاً ومن البديهيات أنه ما من كنيسة فى أى مكان وفى أى زمان إلا وتختم إجتماعتها بالبركة الرسولية : نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم 2 كو 13 : 14
ثانياً ـ مجمع القسطنطينية
سنة 381 م
بعد أنتهاء المجمع المسكونى الأول من مكافحة أريوس وإزالة الشقاق الذى حل بالكنيسة ، ظهرت بدعة أستدعت أنعقاد المجمع المسكونى الثانى .
1 ـ أسباب إنعقاده
1ـ بدعة مكدنيوس الذى أقامه الآريوسيون أسقفاً على القسطنطينية سنة 343 وفى سنة 360 عزل . وقد أنكر لاهوت الروح القدس وأدعى أنه مخلوق منتشر فى الكون كسائر المخلوقات.
2 ـ بدعة أبوليناريوس أسقف اللاذقنية . الذى جدف بقوله : إن المسيح أتحد بلاهوته بجسد فقط دون نفس ناطقة .
3 ـ أوسابيوس الأسقف الذى جدف بقوله : إن الثالوث ذات واحدة أقنوم واحد .
2 ـ تشكيل المجمع
أنعقد هذا المجمع بأمر الأمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير بمدينة القسطنطينية ، وحضره 150 أسقفاً .
وتناوب الرئاسة ثلاثة : ملاثيوس أسقف أنطاكية ، وملا توفى قبل إنحلال المجمع تولى الرئاسة أغريغوريوس الثاولوغس ، ثم البابا تيموثاوس بطريرك الأسكندرية (1)
3 ـ كلمة الأفتاح
حضر الأمبراطور الجلسة الأفتتاحية ، وألقى فى المجمع خطبًة حيّا فيها الأساقفة أجمل تحية وطلب أن يفحصوا موضوع بدعة مكدنيوس بروح التفاهم ، وأن يفكروا فى سلام الكنيسة
(1) الخريدة النفيسة الجزء الأول صفحة 372 ، 273
وأهمية الإيمان الذى اؤتمنوا عليه .
4 ـ أسلوب المناقشة
الأول ـ مكدنيوس
سأل الأنبا تيموثاوس بابا الأسكندرية ورئيس المجمع مكدنيوس قائلاً : ماهو أعتقادك ؟
فأجابه بقوله : إن الروح القدس مخلوق كسائر المخلوقات
فقال الرئيس : إن الروح القدس هو روح الله ، فإذا قلنا كزعمك أن روح الله مخلوق ، فنكون قد قلنا أن حياته مخلوقة ، فهو إذاً عديم الحياة ، وحاشا له من ذلك . ثم نصحه أن يرجع عن سوء رأيه ، فلم يرجع فحكم بقطعه وسقوطه من رتبته .
الثانى ـ ابوليناريوس
الرئيس : وأنت ما هو أعتقادك ؟
ابوليناريوس : إن تجسد الابن كان بإتحاده مع الجسد البشرى وبدون النفس الناطقة ، لأن لاهوته قام مقام النفس والعقل .
الرئيس : إن الله الكلمة إنما أتحد بطبيعتنا لكى يخلصنا ، فإن كان إتحاده بالجسد الحيوانى فقط فهو إذاً لم يخلص البشر بل الحيوانات . لأن البشر يقومون فى البعث بالنفس الناطقة العاقلة التى معها يكون الخطاب والحساب وبها ينالون النعيم والعذاب . وعلى ذلك تكون قد بطلت منفعة التجسد .
وإذا كان هذا فكيف يقول هو عز وجل عن ذاته أنه إنسان إذا كان لم يتحد بالنفس الناطقة ؟
ثم نصحه كثيراً أن يرجع عن كفره ، لم يرجع .
فحكم بقطعه .
الثالث ـ أو سابيوس
الرئيس : وأنت ما هو أعتقادك ؟
أوسابيوس : أن للثالوث ذاتاً واحدة وأقنوماً واحداً .
الرئيس : إذا كان الثالوث أقنوماً واحداً كما زعمت فقد بطل ذكر الثالوث وبطلت أيضاً معموديتك لأنها بإسم الآب والابن والروح القدس ، ويكون على زعمك الثالوث تألم ومات ، وبطل قول الإنجيل القائل أن الابن كان قائماً فى الأردن ، والروح القدس نازلاً على شبه حمامة ، والآب يناديه من السماء .
ثم نصحه أن يرجع عن كفره فلم يرجع .
فحكم بقطعه ونزوله عن رتبته (1 )
5 ـ قانون الإيمان
ثم قرر المجمع خمسة مواد تكمله لقانون مجمع نيقية وهى : ـ
1 ـ نعم نمن بالروح القدس الرب المحيى المنبثق من الآب نسجد له ونمجده مع الآب والابن الناطق فى الأنبياء
2 ـ وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية
3 ـ ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا
4 ـ وننتظر قيامة الأموات
5 ـ وحياة الدهر الآتى
ثم وضع هذا المجمع سبعة قوانين خاصة بنظام الكنيسة وسياستها (2 ) .
6 ـ ختام المجمع
بعد التصويت على قرار المجمع وإمضائه بالإجماع وإيقاع الحرم على المبتدعين ، وزعت بذلك المنشورات على جميع الكنائس شرقاً وغرباً .
ثالثاً ـ مجمع أفسس
سنة 431 م
(1) موجز من تاريخ الكنيسة للقمص يسطس الدويرى الكتاب الأول صفحة 277 ـ 280
(2 ) موجز تاريخ الكنيسة للقمص يسطس الدويرى الكتاب الأول صفحة 280
بالرغم من صدور قرارات آباء الكنيسة بقطع المبتدعين من عضويتها ونفيهم إلى جهات بعيدة ، لم يكن هذا كافياً لردع الخارجين على تعاليم الكنيسة ، فإنه قد ظهرت فى خلال خمسين عاماً من تاريخ أنعقاد المجمع المسكونى الثانى بعض البدع التى أستدعت عقد المجمع المسكونى الثالث .
1 ـ أسباب أنعقاده
ظهرت بدعة نسطور أسقف القسطنطينية الذى أعتقد بإنفصال طبيعة المسيح اللاهوتية عن طبيعته الناسوتية ، فقال أنه لا يجوز أن ندعوا السيدة العذراء بوالدة الإله لأنها ولدت إنساناً مجرداً وماكان ليجوز للمجوس ليسجدوا للطفل يسوع لأنه مجرد ناسوت لا يستحق العبادة الخاصة باللاهوت .
فكتب الأنبا كيرلس بطريرك الأسكندرية رسالة من أثنى عشر تؤيد وحدة أقنوم الكلمة بعد التجسد ، وذيل كل بند بحرم لمن ينكره . وكتب نسطور رسالة من أثنى عشر بنداً ـ يؤكد إنفصال الطبيعتين عن بعضهما ، وذيل كل بند بحرم لمن ينكره .
فأنحاز لكيرلس أنصار كثيرون وأنحاز لنسطور أنصار كثيرون ، وأتسعت شقة الخلاف ، إتساعاً جد خطير ، فرأى الأمبراطور ثاؤدسيوس الصغير وجوب عقد مجمع مسكونى لحسمه
2 ـ تشكيل المجمع
فطلب الإمبراطور إنعقاد المجمع المسكونى الثالث بمدينة أفسس وحضر المجمع 400 أسقفاً من الطرفين على فترات ، وكان مع بطريرك الأسكندرية 50 أسقفاً مصرياً ، يساندهم أسقف أورشليم ومن معه . وأسقف أفسس ومن معه ، ورسل أسقف رومه ، وكان مع نسطور 40 أسقفاً يساندهم يوحنا أسقف أنطاكية ومن معه .
وحضر كانديديانوس مندوباً عن الأمبراطور دون أن يتدخل ، ولكنه خالف أوامر الأمبراطور وتحيز لنسطور .
3 ـ المناقشة
لما تأخر يوحنا أسقف أنطاكية عن الحضور ، وأخبر أنه سيتأخر إلى سته أيام أنتظروه 16 يوماً . ولما لم يحضر أجتمع المجمع برئاسة الأنبا كيرلس .
ودعوا نسطور للحضور للأدلاء بآرائه فلم يحضر ، بحجة غياب يوحنا أسقف أنطاكية الذى يعتبره من أنصاره ، فرأى الأنبا كيرلس السير بجلسات المجمع وعددهم 200 أسقفاً. وأكتفى بقراءة منشورات نسطور ومنشوراته هو وقراءة بعضاً من أقوال الآباء .
وبعد المداولة أصدر المجمع حكمه بحرم نسطور وأتباعه ووضع مقدمة لقانون الإيمان مؤيداً إتحاد الطبيعتين بدون إختلاط ولا إمتزاج ولا أستحالة
4 ـ مقدمة قانون الإيمان
" نعظمك يا أم النور الحقيقى ، ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم كله . آتى وخلص نفوسنا .
المجد لك يا سيدنا ، وملكنا المسيح ، فخر الرسل ، إكليل الشهداء ، تهليل الصديقين ، ثبات الكنائس ، غافر الخطايا .
نكرز ونبشر بالثالوث الأقدس ، لاهوت واحد ، نسجد له ونمجده ، يارب أرحم يارب يارب بارك أمين .
ثم وضع المجمع ثمانية قوانين خاصة بنظام الكنيسة وسياستها .
5 ـ ختام المجمع
أرسل المجمع رسالة لنسطور بحرمه .
ولما حضر يوحنا أسقف أنطاكية يصحبه 32 أسقفاً عضب ، أدعاءً أن الانبا كيرلس أستعجل الحكم . وكون هيئة من أنصار نسطور وعددهم 43 أسقفاً ، وأصدروا حكماً بحرم الأنبا كيرلس ومن معه . وأبلغوا الأمبراطور بذلك (1 )
ولكن المجمع أستدعى يوحنا ومن معه مراراً برفض فحكموا بقطعه من الكنيسة ، ولما تمكن الأنبا كيرلس من إرسال قرارات مجمعه إلى الأمبراطور ناصرهم الأمبراطور على النسطوريين ونفى نسطور إلى أخميم حيث مات هناك .
(1) قصة الكنيسة القبطية الجزء الأول صفحة 414
وأقرت جميع الكنائس مجمع أفسس المسكونى برئاسة الأنبا كيرلس .
رد على إعتراضات
قال المعترض تعليقاً على قرار مجمع أفسس : ـ
" والناظر فى هذه الأناشيد التى تمجد العذراء والسيد المسيح لايجد فيها شيئاً جديداً عما سبقت إذاعته فى المؤتمرين السابقين ، بل إن المسيح يبدوا هنا وكأنه إنسان خالص الإنسانية .. ( فخر الرسل .. إكليل الشهداء .. تهليل الصديقين .. ثبات الكنائس .. غافر الخطايا ..) أنه لا وجه لالوهيته هنا . ولا لشركة له مع الإله فى الثالوث الأقدس "
صفحة 225
وللرد أقول : ـ
عجباً لهذا القول ! لا وجه لالوهيته هنا ؟ !
ألم يدعو القرار صراحة أن المسيح إله ؟ فى قوله :
" أيتها العذراء القديسة والدة الإله ؟ "
ألم يدعوا القرار صراحة أن المسيح " النور الحقيقى " و " مخلص العالم كله " ؟
ألم يلقب المسيح بفخر الرسل ؟ والإنجيل يؤكد أنه لا فخر إلا بالرب كقوله " كما هو مكتوب من أفتخر فليفتخر بالرب " 1كو 1 : 31
ألم يلقب المسيح بإكليل الشهداء ؟ وأشعياء النبى يؤكد أن أكليلنا هو رب الجنود كقوله " فى ذلك اليوم يكون رب الجنود إكليل جمال وتاج بهاء لبقية شعبه " أش 28 : 5
ألم يلقب القرار المسيح بتهليل الصديقين ؟ وقد أكد المسيح أنه قبل أن يكون إبراهيم هو كائن يو8 : 58 وكان هو موضع تهليل إبراهيم كقوله " أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح " يو 8 : 56
ألم يلقب القرار المسيح بثبات الكنائس ؟ وهل يقدر الإنسان المجرد أن يكون ثبات الكنائس الذى يمدها بالحياة ؟ ومن غير الرب الإله يستطيع أن يقول " كما أن الغصن لا يقدر أن يأتى بثمر من ذاته إن لم يثبت فى الكرمة كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فىّ " يو 15 : 4 !
ألم يلقب القرار المسيح بغافر الخطايا ؟ و " من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده " مر 2 : 7 ألم يذكر القرار الثالوث الأقدس ؟ ومن هو الثالوث الأقدس إلا الآب والابن والروح القدس ؟ مت 28 : 19
ألم يذكرالقرار أن الثالوث لاهوت واحد ؟ فما هو المقصود باللاهوت الواحد ؟ الجواب تجده فى الإنجيل القائل " الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والابن والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " 1 يو 5 : 7
وقال المعترض أيضاً فى تعليقه : ـ
" أما المشكلة التى أثارها نسطور فإنها لم تحل ولم يصل المؤتمر إلى قول قاطع فيها "
صفحة 257
وللرد أقول : ـ
عجباً لهذا التعليق ! إن المؤتمر لم يصل لقول قاطع فى مشكلة نسطور ؟ ؟
أليس القرار هو القول الفصل ؟
أليس القرار هو الصراحة الصريحة التى ليست بعدها صراحة إن العذراء والدة الإله ؟
فبعد هذا القول القاطع بتسفيه عقدة نسطور وقطعه هو من الكنيسة ونفيه ، كيف يقول المعترض إن المؤتمر لم يصل إلى نتيجة ؟
لقد مضى اليوم (1) على نفى نسطور وموته ودفنه فى أخميم 1539 سنة ، ولكن يمكنك الآن بعد هذا التاريخ الطويل أن تذهب إلى أخميم وترى بعينيك ركاماً من الزبالة بإسم كوم نسطور!!
رابعاً ـ المجمع المسكونى الرابع
بدعة أوطاخى
يقول المعترض نقلاً عن كتاب الجواب الصحيح لابن تيميه : ـ
(1) أى يومنا الحاضر سنة 1970 م
" ويقول " أوطاخى " أحد علماء المسيحية وفلاسفتها إن ربنا يسوع المسيح طبيعة واحدة ،ولكن على أساس أن ناسوت المسيح قد تلاشى تماماً فى لاهوته وأختلط به وأنعدم فيه ، مثل نقطة الخل عندما تختلط بالمحيط "
صفحة 259
وللرد أقول : ـ
إن " أوطاخى " لم يكن عالماً من علماء المسيحية ولا فيلسوفاً من فلاسفتها ، بل كان بالعكس هرطوقاً من أشهر الهراطقة وتلك الأقوال المنقوله عنه تشهد لهرطقته .
وقد كان " أوطاخى " أرشمندريت (1) يسكن مع جملة رهبان فى ضواحى القسطنطينية ، وأشتهر بمقاومته لنسطور وتعليمه ، لكنه تطرف فى منهج التعبير فى سر التجسد ، وأفرط فى القول بوحدة طبيعة المسيح حتى أنكر كونه متأنساً إذ مزج وخلط إحدى الطبيعتي المسيح بالأخرى وعلم بإستحالة الناسوت إلى اللاهوت (2 )
وكان لهذه الهرطقة دوى عظيم فى الكنيسة حتى أنعقد لحسمها المجمع الثانى فى أفسس ومجمع خلقدونية ، تحت إسم المجمع المسكونى الرابع لكل من المجمعيين .
مجمع أفسس الثانى
أنعقد سنة 449 بأمر الأمبراطور ثاؤدودسيوس الصغير بناء على إلتماس " أوطاخى " المبتدع إستئنافاً للحكم الصادر بقطعه من مجمع مكانى عقده فلابيانوس أسقف القسطنطينية ، وحضر مجمع أفسس الثانى 150 أسقفاً ومنهم نواب عن أسقف رومة ، وكان يرأس المجمع ديسقورس أسقف الأسكندرية
ولما مثل أوطاخى أمام المجمع وسئل عن عقيدته أنكرها وأقر أنه يعتقد بإيمان المجمع النيقاوى وبما قرره الآباء ، فلم المجمع بد من تبرئته . أما فلابيانوس فلكونه نسطورياً فقد تقرر قطعه .
(1) ارشمندريت درجو مثل القمص أعلى من القس وأقل من الأسقف
(2) الخريدة النفيسة الجزء الأول صفحة 497
مجمع خليقدونية
وفى خليقدونية أنعقد مجمع سنة 451 م بأمرالإمبراطور مرقيانوس والأمبراطورة بولخيريا زوجته ، بناء على طلب أسقف رومة الذى سعى فى عقده لأن قرارات مجمع أفسس الثانى لم ترق فى نظره .
وقد أوضح الأنبا ديسقورس فى هذا المجمع الفرق بين عقيدته وعقيدة أوطاخى ، فالأنبا ديسقوروس يؤمن بطبيعة واحدة فى المسيح بالإتحاد من طبيعتين لاهوتيه وناسوتية مع بقاء خصائصهما ، وأما أوطاخى فيؤمن بطبيعة واحدة بإستحالة الطبيعة الناسوتية إلى لاهوتية . وفى أحدى الجلسات لم يدع ديسقورس للحضور ، وفى غيبته حكم المجمع بإلغاء قرارات مجمع أفسس الثانى ، وبحرم أوطاخى ، وبعزل ديسقوروس بابا الإسكندرية ونفيه .
وكنيستنا القبطية تعترف بمجمع أفسس الثانى ولا تعترف بمجمع خلقدونية ( 1 ) فموقف الكنيسة القبطية السليم ضد المبتدعين واضح كل الوضوح
إتحاد اللاهوت والناسوت
فنحن أبناء الكنيسة القبطية بعيدون كل البعد عن بدعة أوطاخى الذى أدعى أن ناسوت المسيح أستحال إلى لاهوت ، بل إننا كما نعترف بلاهوته نعترف أيضاً بناسوته كقوله له المجد " أنا إنسان قد كلمتكم بالحق " يو 8 : 40
ونحن بعيدون كل البعد عن بدعة آريوس الذى أعترف بناسوته وأنكر لاهوته ، بل إننا كما نعترف بناسوته نعترف أيضاً بلاهوته كقول البشير " وكان الكلمة الله " يو 1 : 1
ونحن بعيدون كل البعد عن بدعة نسطور الذى أدعى إنفصال الطبيعة الإلهية عن الطبيعة الإنسانية ، ولكننا نحن ننادى بطبيعة واحدة لأقنوم واحد ، فالبتجسد صار له خصائص الطبيعتين وذلك بالإتحاد بدون إستحالة ولا إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير ، فالمسيح ليس هو أثنين بل واحد كقول بولس الرسول " رب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن له" 1كو 8 : 6
والكتاب المقدس يعلن ذلك بوضوح بقوله " الكلمة صار جسداً " يو 1 : 14
(1) الكنيسة المصرية للأستاذ ميشيل جرجس صفحة 72
فالذى خلق داود هو الذى جاء من نسل داود كقوله " أنا أصل وذرية داود " رؤ 22 : 16
والذى كان فى السماء هو الذى نزل من السماء والذى صعد إلى السماء كقوله " وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذى هو فى السماء " يو 3 : 13
" الذى نزل هو الذى صعد أيضاً فوق جميع السموات " أف 4 : 10
والذى كان فى الآزل هو الذى ظهر فى الزمن وسيظل إلى الأبد كقوله " أنا هو الأول والآخر . والحى وكنت ميتاً وها أنا حى إلى أبد الأبدين آمين ولى مفاتيح الهاوية والموت " رؤ1: 17 ، 18 والذى هو الله هو الذى أقتنى الكنيسة بدمه كقول بولس الرسول " لو عرفوا لما صلبوا رب المجد " 1كو 2 : 8
والذى له ملء اللاهوت غير المنظور هو الذى حل فى ملء الناسوت وصار منظوراً كقول بولس الرسول " الله ظهر فى الجسد " 1تى 3 : 16
والذى كان فى صورة الله هو الذى أخلى نفسه وأخذ صورة عبد كقول الرسول بولس " إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس ، وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " فى 2 : 6 ـ 8
والذى وقف على نهر الأردن هو الابن الكائن فى حضن الآب كقوله " وصوت من السموات قائلاً هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت " مت 3 : 17
والذى كان فى حضن الآب هو الذى آتى وخبر بمكننونات غير المنظور كقول يوحنا البشير " الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر " يو 1 : 18
والذى حملته العذراء فى أحشائها هو الذى أعترفت به إليصابات أنه ربها كقولها " من أين لى أن تأتى أم ربى إلىّ " لو 1 : 43
والذى بذل على الصليب هو ابن الله الوحيد كقوله " هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد" يو 3 : 16
والذى قالوا له ليس لك خمسين سنة بعد أفرأيت إبراهيم قال " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " يو 8 : 27 ، 28
والذى هو ابن الله أرسل مولوداً من أمرأة كقوله " ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه مولوداً تحت الناموس " غل 4 : 4
فالمسيح الذى هو كان والذى هو كائن والذى هو يأتى هو هو المسيح الواحد لا غير كقوله " يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد " رؤ1 : 8
ومن الأمثلة التى تقرب إتحاد اللاهوت بالناسوت " الإنسان " فإنه من روح وجسد إنسان واحد بطبيعة إنسانية واحدة ووحدة الإنسان لا يستحيل فيها الجسد إلى روح ولا الروح إلى جسد مع إحتفاظ الروح بخصائصها وإحتفاظ الجسد بخصائصه .
وقد رأى الآباء أن يقربوا هذه العقيدة إلى الأذهان فضربوا مثلاً أخر فقالوا " إن الحداد حين يصوغ الحديد يلهبه بالنار ويطرقه . والنار حين تتحد بالحديد لا تختلط به ولا تمتزج به ولا تتغير عن طبيعتها النارية فلا تأخذ من طبيعة الحديد شيئاً كما لا يأخذ الحديد شيئاً من طبيعتها . وحين ينزل الحداد بالمطرقة ينزل ضربه على الحديد ولا تتأثر به النار رغم أنها متحدة مع الحديد ساعة الطرق . هكذا أتحد نار اللاهوت بالناسوت إتحاداً كاملاً بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير . وحين وقع الضرب على جسد المسيح ساعة الصلب وحال سال دمه من الشوك الموضوع على جبينه ومن يديه ورجليه وقع هذا كله على جسده دون أن يتأثر اللاهوت به كونه متحداً بالناسوت ساعة الضرب والطعن لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين .
بل إن اللاهوت والناسوت لم يفترقا من بعد الإتحاد مطلقاً . فلاهوته ظل متحداً بجسده حتى وهو ملقى فى القبر ، لأن هذا اللاهوت هو الذى أقام الجسد من بين الأموات . والمسيح قام بجسده وظهر لتلاميذه بهذا الجسد عينه إذ أراه لتوما حين شك فيه . وهذا الجسد عينه هو الذى صعد إلى السماء (1)
سر التجسد
وعلى كلٍ فالكتاب المقدس يعلمنا أن التجسد هو سر عظيم 1تى 3 : 16
ونحن لا نقدر بعقولنا القاصرة أن نحيط بكنة المكنونات الإلهية ، وليس علينا إلا أن نقبل ما
(1) قصة الكنيسة القبطية لإيزيس حبيب المصرى الجزء الأول صفحة 463 ، 464
ما أعلنه لنا الله بالإيمان والتواضع .
فأمور الله ـ كما يعتقد اليهود والمسيحيون والمسلمون ـ هى فوق العقل ، فهو يعلم ما فى نفوسنا ونحن لا نعلم ما فى نفسه
فجاء فى التوراة " الله عظيم ولا نعرفه وعدد سنيه لا يفحص " أى 36 : 26
وجاء فى الإنجيل " فإنى أقول بالنعمة المعطاة لى لكل من هو بينكم أن لا يرتئى فوق ما ينبغى أن يرتئى بل يرتئى إلى التعقل " رو 12 : 3
وجاء فى القرآن " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " سورة الأنعام: 103
" يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً " سورة طه : 110
" قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم إلا قليلاً " سورة الإسراء : 85
" وفوق كل ذى علم عليم " سورة يوسف : 76
الفصل الرابع
فى التوراة
" انا أنزلنا التوراة
فيها هدى ونور "
سورة المائدة : 44
قال المعترض تحت عنوان : التوراة والتثليث : ـ
" فأهل التوراة لم يعرفوا " التثليث " ولا الأقانيم . ولا أعتقدوا يوماً هذا المعتقد ، ولا حدثهم به نبى من أنبيائهم ، ولا كان لهم نظر فيه ولا علم به "
صفحة 269
وقال أيضاً : ـ
" وكلمة واحدة لا يحتمل لبموقف غيرها .. وهى أن التوراة والأسفار الملحقة بها لم تقل شيئاً ـ صريحاً أو تلميحاً ـ من تلك المقولات التى يضيفها إليها أصحاب التلثليث ويحسبونها عليها ويعدونها حجة سماوية تشهد للتثليث وتقيم وجهه "
صفحة 272
وللرد أقول : ـ
إن التوراة التى بيد المسيحين هى هى التوراة التى بيد اليهود ، فلا مكان للإدعاء بإن المسيحين أضافوا على التوراة أشياء تؤيد التثليث ، لأنه ليس من المعقول إطلاقاً إن اليهود جميعاً يقبلون تزوير المسيحية لكتابهم . وليس من المعقول أن يتم تزوير كتاب سماوى بإجماع العالم كله من يهود ومسيحين وتوافق عليه جميع الأجيال . فقد كان الكتاب منتشراً شرقاً وغرباً بين كل الشعوب وبكل اللغات ومع جميع الطوائف المختلفة .
ولما جاء الإسلام قال القرآن عن التوراة التى بيد اليهود والمسيحين " كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " سورة المائدة : 43
وعليه فإنى أذكر للمعترض براهين التثليث التى لا تدحض التى وردت فى التوراة تصريحاً وتلميحاً على فم جميع الأنبياء وفى كل الأسفار مما يعتبر حجة سماوية للعقيدة المسيحية التى لا يتسرب إليها الشك .
1
الوحدانية
معلوم جيداً أن التوراة تعلم بوجود الله ووحدانيته وإليك بعض أقوال الأنبياء فى ذلك : ـ
قال موسى النبى " فأعلم وردد فى قلبك أن الرب هو الإله فى السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه " تث 40 : 39
قال أيوب الصديق "الباسط السموات وحده والماشى على أعالى البحر " أى 9 : 8
وقال داود النبى " لأنك عظيم أنت وصانع عجائب أنت الله وحدك " مز 86 : 1
وقال بفم أشعياء النبى " لا مثل لك يارب عظيم أنت وعظيم فى الجبروت " أر 10 : 6
وقال زكريا النبى " ويكون الرب ملكاً على كل الأرض . فى ذلك اليوم يكون الرب وحده وأسمه وحده " زك 14 : 9
وقال ملاخى النبى " أليس آب واحد لكلنا . أليس إله واحد خلقنا " ملا 2 : 10
2 وحدانية جامعة
وواضح من التوراة ان الله الواحد فى ذاته جامع لصفاته ومثلث فى أقانيمه .
ولذلك ورد إسمه فى اللغة العبرية بصيغة الجمع " الوهيم " التى مفردها " الوه " وذلك فى أول جملة فى التوراة وهى " فى البدء برأ الوهيم السموات والأرضين " .
وورد كذلك فى نحو 2500 موضع آخر (1)
كما وردت صيغة الجمع فى قوله : ـ
" وقال الله نصنع الإنسان على صورتنا كشبهنا " تك 1 : 26
"وقال الرب الإله: "هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر". تك 3 : 22
فقال هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض" تك 11 : 7"
" ثم سمعت صوت السيد: "من أرسل ومن يذهب من أجلنا " أش 6 : 8
والكهنة يباركون الشعب بركة مثلثة كقوله : ـ
"هكذا تباركون بني إسرائيل قائلين لهم :
يباركك الرب ويحرسك
يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك
يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاما
فيجعلون اسمي على بني إسرائيل وأنا أباركهم " عد 6 : 23 ـ 27
والملائكة يسبحون الله بتسبيحه مثلثة كقوله " وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض " أش 6 : 3
(1) رسالة التثليث والتوحيد للمؤلف صفحة 34 ، 35 وكتاب اللاهوت لعاموس بنى
3
الثالوث الأقدس
وقد ذكر فى التوراة الثلاثة أقانيم ـ الرب الآب وكلمته وروحه القدوس ـ مراراً كثيرة نذكر منها الآيات التالية : ـ
" بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها " مز 33 : 6
" منذ وجوده أنا هناك والأن السيد الرب أرسلنى وروحه " أش 47 : 16
" روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق " أش 61 : 1
" هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي. وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم . لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته " أش 42 : 1 ، 2
"ويأتي الفادي إلى صهيون وإلى التائبين عن المعصية في يعقوب يقول الرب
أما أنا فهذا عهدي معهم قال الرب: روحي الذي عليك وكلامي الذي وضعته في فمك لا يزول من فمك ولا من فم نسلك ولا من فم نسل نسلك قال الرب من الآن وإلى الأبد "
أش 59 : 20 ، 21
" ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله . ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب " أش 11 : 1 ، 2
" روحى قائم فى وسطكم ... ويأتى فتشتهى كل الأمم فأمتلأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود "
حج : 2 : 5 ـ 7
4
أقنوم الابن
شهد جميع أنبياء العهد القديم بلاهوت المسيح وهذه الشهادة لا تليق إلا بأقنوم إلهى متميز غير منفصل فى الذات الإلهية . ولنقدم من الأنبياء سبعة شهود : ـ
1 ـ داود النبى
فقد لقبه بالابن الذى يليق به الإكرام الإلهى حيث قال : ـ
"قبلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق. لأنه عن قليل يتقد غضبه. طوبى لجميع المتكلين عليه " مز 2 : 12
ولقبه بالرب الآزلى صاحب العرش خالق السموات والأرض فقال : ـ
" كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب ملكك . أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك " مز 45 : 6 ، 7
ولم يترك داود مجالاً للشك إن المسيح هو الرب من السماء وأنه بعد تجسده سيصعد إلى السماء فقال: ـ " قال الرب لربى أجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك " مز 111 : 1
2 ـ أشعياء
يدعوه الله قائلاً : ـ ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا " أش 7 : 14
ويدعو الرب الإله الذى سيصير وليداً بين البشر فقال : ـ
" لأنه يولد لنا ولد ونعطى أبناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى أسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام " أش 9 : 6
3 ـ أرميا النبى
أعترف بلاهوته وكفارته ولقبه برنا فقال " في تلك الأيام وفي ذلك الزمان أنبت لداود غصن البر فيجري عدلا وبرا في الأرض . في تلك الأيام يخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة وهذا ما تتسمى به الرب برنا " أر 33 : 15 ، 16
4 ـ ميخا النبى
"تنبأ عنه أنه الكائن منذ الآزل وسيظهر فى الجسد ويخرج من بيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل" مى 5 : 2
5 ـ يو ئيل النبى
دعاه بالرب الذى ندعو بإسمه لنوال الخلاص فقال " ويكون أن كل من يدعو بإسم الرب ينجو" يو 2 : 32
6 ـ موسى النبى
ظهر له المسيح فى صورة ملاك الرب وتحدث عن نفسه أنه الرب ، والله ، وإله إبراهيم وأسحق ويعقوب الذى يخلص إسرائيل من عبودية مصر ، وأنه يهوه خر 3 : 2 ـ 17
7 ـ دانيال النبى
لقبه بإبن الإنسان المعبود صاحب السلطان والمجد الأبدى فقال :
" كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه . فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض " دا 7 : 13 ، 14
5
أقنوم الروح القدس
وكذلك شهد جميع الأنبياء بلاهوت الروح القدس وهذه الشهادة لا تليق إلا بأقنوم إلهى متميز غير منفصل فى الذات الإلهية .
فمن صفاته الإلهية التى وصفوه بها أنه : ـ
1 ـ الكائن قبل ستة أيام الخليقة كقوله " وكان روح الله يرف على وجه المياه " تك1: 2
2 ـ الخالق كقوله " ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض " مز 104 : 20
3 ـ المالئ كل مكان كقوله "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب؟
إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت " مز139 : 7 ـ 10
4 ـ القادر على كل شى كقوله " بالقدرة ولا بالقوة بل بروحى قال رب الجنود " زك 4 : 6
5 ـ القدوس كقوله "لا تطرحنى من قدام وجهك وروحك القدوس لاتنزعه منى " مز 51 : 11
6 ـ الديان كقوله " لا يدين روحى فى الإنسان إلى الأبد " تك 6 : 3
7 ـ الملهم كقوله " " ياليت كل الشعب كانوا أنبياء إذا جعل روحه عليهم " عد 1 : 29
8 ـ السرمدى كقوله " من قاس روح الرب " أش 40 : 13
فهل رأى سيادة المعترض كيف يجب عليه أن يمعن النظر فى التوراة قبل أن يندفع فى الكتابة لكى لايناقش بغير علم ولا يحكم على شئ ليس له به دراية ؟ !
الفصل الخامس
فى القرآن
1
الإسلام والوثنية
قال المعترض تحت عنوان : الإسلام والوثنية : ـ
" حيث كان الناس فى جاهلية عمياء أسلموا فيها وجودهم إلى تلك الدمى من الأصنام والأبداد ، يطوفون بها ويضرعون بين يديها "
صفحة 273
وتعليقاً على ذلك أقول : ـ
إن الإسلام أبقى على الطواف بين الصفا والمروة وجعله من شعائر الله .
ورد فى كتب التفسير مايأتى : ـ
لقد كان على الصفا والمروة ( وهما جبلان بمكة ) صنمان يقال لهما اساف ونائلة . وكان اساف على الصفا ونائلة على المروة .
وكان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة تعظيماً للصنمين . وهم يحجون البيت ويعتمرون ، ويحرمون الصيد والنساء . ويطوفون البيت أسبوعاً . ويمسون الحجر .
ويسعون بين الصفا والمروة . ويقفون المواقف كلها . ويهدون الهدايا . ويرمون الجمار . ويقفون على عرفة والمزدلفة .
قال ابن عباي كانت الشياطين فى الجاهلية تطوف الليل أجمع بين الصفا والمروة وكان بينها أصنام .
فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام تحرج المسلمون من السعى بين الصفا والمروة وأستفهموا من محمد عن تلك الشعائر التى كانوا يصنعونها فى الجاهلية فنزلت : ـ
" إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو أعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " سورة البقرة : 153
الجلالان الجزء الأول صفحة 22 ، 23 ، 34
البيضاوى صفحة 53
وقال المعترض أيضاً : ـ
" فكان على الدعوة الإسلامية أن تجلى هذا الضلال من العقول وأن تصحح نظرة العرب إلى الله ، وأن تقيم وجودهم إليه وحدة ، بعد أن تصفى هذه التركة المكدسة من الأحجار والأخشاب وأن تحطمها بأيدى عابديها ، ليكون ذلك شاهداً عليهم من أنفسهم أنهم كانوا على ضلال مبين "
صفحة 273
وتعليقاً على ذلك أقول : ـ
إنهم عند تحطيم الأصنام أبقوا على الحجر الأسود .
" قال عمر بن الخطاب حين كان مرة فى أيام أمارته يطوف بالكعبة إلى أن قبل الحجر الأسود حسب العادة: والله إنى أعلم أنك حجر أسود لا تضر ولا تنفع ولو لم أر رسول الله يقبلك ما قبلتك "
حديث الصحاح لمسلم مجلد 3 وجه 236
كتاب أحياء العلوم للغزالى الجزء الأول صفحة 243
2
الإسلام والنصرانية
أ ـ قال المعترض تحت عنوان : الإسلام والنصرانية : ـ
" واليهود على ما حرفوا وبدلوا فى كتابهم ظلوا مؤمنين بإله واحد ، وإن كان تصورهم له معيباً ناقصاً ، إذ أعتبروه إلههم من دون الناس جميعاً ، ثم ـ من جهة أخرى ـ أضافوا أنفسهم إليه وحدة أضافة الأبناء إلى الأب إضافة نسب وقرابة ! "
صفحة 274
وللرد أقول : ـ
إن اليهود لم يحرفوا ولم يبدلوا فى كتابهم . لأنه لا يعقل أن يحرف اليهود التوراة قبل المسيح والمسيح صادق علي التوراة التى كانت معهم ، وصارت مع المسيحيين كما هى مع اليهود .
ولا يعقل أن اليهود غيروا التوراة بعد المسيح ، وإلا فكان عارضهم المسيحيون .
ولا يعقل أن يتفق اليهود والنصارى على تغيير التوراة لأنهما أمتان متضادتان
ولا يعقل أن يكون بالتوراة تحريف قبل الإسلام لأن القرآن صادق على التوراة .
ولا يعقل أن يكون بالتوراة تحريف بعد الإسلام لشهرة التوراة الفائقة الحد وأنتشارها فى كل العالم بكل اللغات ، ولتعدد الطوائف المسيحية وتقديس الأديان الكبرى اليهودية والمسيحية والإسلامية لها مع وقوفها بعضها لبعض بالمرصاد (1)
وأما تسمية اليهود بأبناء الله ، فليس هناك من يعتقد بولادتهم من الله ولادة جسمانية ، إنما وردت هذه التسمية فى التوراة من باب التشبيه والإستعارة والمجاز .
فلبيان عطف الله عليهم قال داود النبى " كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه " مز 103 : 13
وكما يجب على الابن إكرام والده طالبهم تعالى بإكرامه فقال"الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده.فإن كنت أنا أبا فأين كرامتي؟ وإن كنت سيدا فأين هيبتي؟ قال لكم رب الجنود"ملا 1: 6
وكما يندد الاب بابنه العاق ندد الله بهم قائلاً "اسمعي أيتها السماوات وأصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم: "ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا علي . الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم " أش 1 : 2 ، 3
(1) عصمة الكتاب المقدس للمؤلف صفحة 148
ومن باب المجاز ما جاء فى حديث قدسى " الأغنياء وكلائى والفقراء عيالى "
ب ـ وقال المعترض أيضاً : ـ
" أما أتباع المسيح فقد كان ما وجده الإسلام فيهم من مقولات عن المسيح أمراً ينبغى أن يلقاه لقاء صريحاً مواجها ً . إذ كان لا يختلف كثيراً عما كان عليه العرب الجاهلية من وثنية وشرك بالله ! "
صفحة 274
وللرد أقول : ـ
إن تشبيه المعترض لنا نحن المسيحيين بعرب الجاهلية الوثنيين المشركين لا نقابله إلا بالصفح كما يأمرنا ديننا ، إنما ندعوه أن يدقق النظر فى قول القرآن عن أتباع المسيحية وهى السابقة للإسلام " أولئط الذين هدى الله فبهداهم اقتده " سورة الأنعام : 90
وبموجب هذا النص يكون المسيحيون أئمة المسلمين ويجب أن يحذوا المسلمين حذو المسيحيين وينحو منحاهم . وبديهى أن الذين يرفضون الإقتداء بأئمتهم يضلون ضلالاً بعيداً .
ج ـ وقال المعترض أيضاً : ـ
" رأى الإسلام فى المسيحية الإله متجسداً فى شخصٍ بشرى هو المسيح . ورأى كذلك المسيح الإله المتجسد يدعى أبناً لله . فهناك إذاً إلهان الله وابنه أو الآب والابن ، ثم كذلك أماً تلد إلهاً ، هى مريم ، وهى بهذه الصفة إله أو الهة أيضاً . وإذاً فالألهة ثلاثة لا أثنان "
صفحة 274 ، 275
وللرد أقول : ـ
إن هذا التصوير غير صحيح . فنحن المسيحيين لا نؤمن بثلاثة آلهة الآب والابن ومريم ، بل نؤمن بإله واحد ـ الآب والابن والروح القدس ـ لاهوت واحد جوهر واحد .
ولو كنا نؤمن بثلاثة آلهة كيف صاغ للقرآن أن يقول "إلهنا وإلهكم واحد"سورة العنكبوت: 46
وكيف أعتبر القرآن إن اليهود فى معابدهم والنصارى فى كنائسهم والمسلمين فى مساجدهم يعبدون جميعاً الله تعالى فقال " ولولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً " سورة الحج : 40
فالله تعالى الذى نعبده ونذكره كثيراً فى كنائسنا وصوامعنا ليس إلا الله الواحد فى الجوهر المثلث فى الأقانيم .
وأما بنوية المسيح لله فلا تعنى أنهم إلهان بل هى بنوية إعتبارية نسبيه تجعل كل منها ذاتاً واحدة كنسبة أشعة الشمس للشمس ونسبة الكلمة للعقل .
وأما مريم العذراء فلم يقل أحد قط إنها الهة بل هى مجرد إنسان تحتاج لمخلص لو 1 : 47 ولذلك جاء الكلمة الآزلى وأتخذ ناسوتاً حل فيه وأتحد به ، فدعيت أم الرب من ناحية التجسد لو1 : 43 فالرب هو أصلها قبل التجسد منها وهو أصلها وذريتها بعد التجسد منها .
3
ذات الله وحدانيته
قال المعترض تحت عنوان : ذات الله ووحدانيته : ـ
" وفى هذا يقول الله سبحانه " ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لى من دون الله " سورة آل عمران : 79 وهذه الآية تشهد شهادة قاطعة بأن الرسل قد أدوا رسالات الله على وجهها وأنهم بلغوا ما أمروا به ، من غير تبديل أو تحريف "
صفحة 280
وتعليقاً على هذا أقول : ـ
أنه بناء على هذا يكون ما كتبه أنبياء العهد القديم ورسل العهد الجديد هو سليم من غير تبديل أو تحريف ويتحتم قبوله كما هو .
ولكن المعترض سرعان ما نقض هذا الكلام السالف الذكر بقوله : ـ
" وتمهد الآية السابقة تمهيداً مباشراً لما يقال فى المسيح وألوهيته ، وهى تنفى نفياً قاطعاً أن أحد من أنبياء الله لن يكون داعية فى الناس أنه إله أو أبن الله ، ثم هى تنفى ضمناً أن يكون المسيح قد أدعى لنفسه هذه الدعوى التى ينقلها عنه رواة الأناجيل والرسل والمبشرين بدعوته فى رسائلهم التى ضم عليها العهد الجديد "
صفحة 281
وللرد أقول : ـ
إن الرسل والأنبياء جميعاً لم يدعو الألوهية لأنفسهم . ولكنهم بشروا جميعاً بأن الله ذاته يكلم البشر من وراء حجاب الناسوت . فنحن إذ آمنا أن اللاهوت أتحد بالناسوت وكلمنا وفدانا حسبما أعلن هو عن نفسه فى كتبه المقدسة لا لوم علينا فى ذلك إطلاقاً . وإنما اللوم وكل اللوم على من يستعلى ضد الله ويرفض إعلاناته .
" وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " سورة المائدة : 47
4
المسيح ومولده
قال المعترض : ـ
" فولادته العجيبة ، التى كانت باباً واسعاً تنفذ منه تلك المدعيات التى تدعى لألوهيته ـ هذه الولادة على ما فيها من غرابة ، ليست بعيدة عن قدرة الله !
إن آدم خلق من غير آب ولا أم ، والمسيح خلق من أم وبلا أب ، والناس متوالدون من أم وأب ، وحواء خلقت من أب وبلا أم ـ كما تقول التوراة "
صفحة 282
وللرد أقول : ـ
إن هذا القول غير سليم . لأن الأعتقاد بلاهوت المسيح ليس إدعاءاً بل هذا ما قالت به الكتب المقدسة ، وليس المسيح مخلوقاً على الإطلاق ولم يوجد كآدم أو حواء أو بنى آدم .
وسر الإعتقاد بلاهوت المسيح هو أنه الموجود آزلياً وتجسد وولد من مريم العذراء لأجل خلاصنا .
وقد شهدت التوراة عن وجوده الآزلى وميلاده فى بيت لحم كما قال ميخا النبى "أما أنت يا بيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل"مى 5 : 2
وهذا ما يقوله الإنجيل " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله
هذا كان في البدء عند الله . كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان . والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا"يو 1 : 1 ـ 3 ، 14
وقال القرآن " إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " سورة النساء : 170
وفى هذه الآية القرآنية نجد أربعة ألقاب كريمة أستقاها القرآن من الكتاب المقدس وخلعها على المسيح وهى فى مفهومها التى جاءت به فى الكتاب المقدس تشير إلى لاهوت المسيح .
فاللقب الأول ـ كلمة الله
ومما هو جدير بالذكر أن المسيح لم يدع كلمة الله لأنه مخلوق بكلمة الله ، بل دعى بذات كلمة الله أى نطقه الآزلى الداخلى ، وإلا فكل الخلائق مخلوقة بكلمة الله فهل ندعوها كلمة الله ؟
وقد ألقى إلى مريم ـ مما يدل على أن له وجود سابق . فالكلمة المعنوية هى ذات وجود دائم ملازم للعاقل الناطق ، فكذلك المسيح موجوداً آزلياً مع الآب ، لهذا لقب بكلمة الله لوجوده الآزلى معه .
ولأن علم الله عند الله وكلمته منه فالله وكلمته جوهر واحد .
واللقب الثانى ـ روح الله
قال الإنجيل " صار آدم الإنسان الأول نفساً حية وآدم الآخير روحاً محيياً . الإنسان الأول من الأرض ترابى والإنسان الثانى الرب من السماء " 1كو 15 : 45 ـ 47
فآدم جسد أرضى قابل للموت والمسيح روح سماوى يعطى الحياة .
فالمسيح روح ليس روح ملاك وليس روح إنسان ولكنه أصلاً ـ قبل التأنس وبعده ـ هو أحد الأقانيم الثلاثة فى الله الواحد الذى هو روح يو 4 : 24
والقرآن دعى المسيح روحاً منه ، وبما أن أشعة الشمس هى الشمس وبما أن روح الإنسان هو الإنسان فكذلك روح الله هو الله
واللقب الثالث ـ المسيح
وقد سبق سليمان الحكيم فتنبأ قائلاً بلسان المسيح " منذ الآزل مسحت " أم 8 : 23 وأشعياء تنبأ قائلاً بلسان المسيح " روح السيد الرب علىّ لأنه مسحنى لأبشر المساكين " أش 61 : 1 وكما كان يمسح الملوك والكهنة والأنبياء بالدهن ليتقلدوا وظائفهم كذلك كانت مسحة المسيح مسحة روحية ألهية تضمنت النبوة والكهنوت والملكية مجتمعة فى أكمل شخص على أعلى مستوى فمسح وتعين بمسحة أزلية ليكون رحمة للبشر .
واللقب الرابع ـ عيسى
عيسى معناه مخلص ـ وهذا الإسم المفرح المفعم بالجلال والقوة والصلاح والمبشر بإفتداء البشر ونجاتهم من الخطية والموت للبر والحياة ، هذا الإسم العجيب نقله القرآن عن الإنجيل . ولم يكن المسيح مخلصاً كالعادة العسكريين بدفع السيف بالسيف ، بل صنع الخلاص بكفارته على الصليب ليفدى من الخطية جميع البشر من كل الدول فى كل العصور . " وليس بإحدٍ غيره الخلاص . لأن ليس إسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص " أع 4 : 12
فهذه الألقاب الكريمة التى لقبها القرآن للمسيح حسب مفهومها فى الكتاب المقدس صريحة غاية الصراحة فى الدلالة على لاهوت المسيح . وإن كان غير المسيحين فى مفهومهم يرون غير ذلك . لكننا نحن لا نبنى عقيدتنا القويمة إلا على كتابنا المقدس عملاً بقوله الكريم " كل الكلام الذى أوصيتكم به أحرصوا لتعملوه لا تزد عليه ولا تنقص منه " تث 12 : 32
5
معجزات المسيح
قال المعترض تحت عنوان : معجزات المسيح : ـ
" ليس ما كان للمسيح من معجزات بالذى يخرجه عن الدائرة البشرية "
صفحة 191
وللرد أقول : ـ
إن المسيح هو رب المعجزات وهو معجزة من المعجزات ، فقد ولد بمعجزة من مريم العذراء ، وعاش يعمل المعجزات فى عالم الطبيعة وعالم الناس ، ومات وسط المعجزات ، وقام بمعجزة ، وصعد إلى السماء بمعجزة ، وعمل الرسل بإسمه المعجزات فى كل مكان .
فالمسيح له المجد فتح عيون العمى ، وطهر البرص ، وأقام الموتى فكانت معجزاته مظهراً للرحمة والحنان " ولنجعله آية للناس ورحمة منا " سورة مريم : 21
كما كانت معجزاته كشفاً عن طبيعته الإلهية المجيدة ، وفى هذا يقول الإنجيل : ـ
" والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا " يو 1 : 14
ويقول أيضاً "وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب . وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " يو 20 : 30 ، 31
وكان كلما صنع معجزة يتخذ تلك المعجزة وسيلة إيضاح للكشف عن طبيعته الإلهية .
فمثلاً لما بارك الخمس خبزات وخلق منها ما يكفى لإطعام خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد وزاد عن الآكلين أثنتى عشر قفة ، رفع أنظار الناس عن هذا الطعام البائد إلى طبيعته المحيية كطعام باقٍ فقال لهم " أنا هو خبز الحياة . من يقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش أبداً " يو 6 : 35
" أنا هو الخبز الذى نزل من السماء " يو 6 : 41
"أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد"يو 6 : 51 ولما فتح عينى المولود أعمى كشف عن طبيعته المنيرة الخلاقة فقال " ما دمت فى العالم فأنا نور العالم " يو 9 : 5
وقال فى موضع آخر " أنا هو نور العالم . من يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة " يو 8 : 12
ولما أقام لعازر من الأموات بعد أن كان له أربعة أيام فى القبر قال لمرثا مقدماً . سيقوم أخوك قالت له مرثا أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير . قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا . وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا . قالت له نعم يا سيد.أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم " يو 11 : 23 ـ 27
ولما شفى المفلوج بركة بيت حسدا " كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا فى سبت " يو 5 : 16
فكشف لهم عن جوهره الإلهى قائلاً " أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل . فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا إن الله أبوه معادلا نفسه بالله " يو 5 : 17 ، 18
ولما رأى المفلوج فى كفر ناحوم قال له "وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحا على فراش. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج ثق يا بني. مغفورة لك خطاياك . وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف .
فعلم يسوع أفكارهم فقال لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم؟ أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك أم أن يقال قم وامش؟ ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك . فقام ومضى إلى بيته "
مت 9 : 2 ـ 7
ولما قال المسيح لليهود " أنقضوا هذا الهيكل وأنا فى ثلاثة أيام أقيمه " يو 2 : 19
برهن على أن ناسوته قبل الموت وبلاهوته الذى لا يموت أقام ناسوته من الأموات .
وإن كان موسى وإيليا والأنبياء عملوا المعجزات ، فلم يعملها أحد منهم قط بإسم نفسه ، أما المسيح له المجد فقد عمل جميع المعجزات بسلطانه ، بل كان الرسل يعملون المعجزات بإسمه .
قال بطرس الرسول الرسول "يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل . إن كنا نفحص اليوم عن إحسان إلى إنسان سقيم بماذا شفي هذا . فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل أنه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه الله من الأموات بذاك وقف هذا أمامكم صحيحا " أع 4 : 8 ـ 10
وقال الرسل فى صلاتهم " ولتجر آيات وعجائب بإسم فتاك القدوس يسوع " أع 4 : 30
وقال بطرس للرجل المفلوج " يا إينياس يشفيك يسوع المسيح قم وأفرش لنفسك فقام للوقت " أع 9 : 34
6
نظرة المسيحية لما جاء فى القرآن من صفات الله
قال المعترض تحت عنوان : متعلق المسيحين بما فى القرآن من صفات الله : ـ
" يتعلق الباحثون من المسيحيين بما فى القرآن الكريم من صفات الله ، ويتخذون من ذلك دليلاً على أن الله ليس واحداً فى ذاته ، بل أنه يقوم مع ذاته أو فى ذاته صفات عاملة ، كالإرادة والسمع والبصر والكلام وغيرها ! "
صفحة 292
ثم أورد للأستاذ عوض سمعان من كتابه " الله بين الفلسفة والمسيحية " بصفحة 45 قوله :ـ
" والآن بما الله مع وحدانيته وعدم وجود تركيب فى ذاته ، يتميز بميزات خاصة ، إذاً فهذه المميزات لا يمكن أن تكون غير ذاته ، لأنه لا شريك له ، ولايمكن أن تكون عناصر أو أجزاء فى ذاته ، بل أن تكون عين ذاته ، لأنه لا تركيب فيه ، ولا يمكن أن تكون مادية بل أن تكون روحية ، لأنه لا أثر للمادة فيه ، ولا يمكن أن تكون محدودة بأى نوع من الحدود ، بل منـزهه عن الحدود لأن ذاته لا يحدها حد .
كما أن العلاقات الناشئة بسببها ، لا يمكن أن تكون متوقفة على وجود الكائنات بل أن تكون أولاً وقبل كل شئ بينه وبين ذاته نفسها آزلياً ، لأنه كامل كل الكمال منذ الآزل الذى لا بدء له . ولا يكتسب شيئاً من الأشياء ، ولا يتغير ولا يتطور على الإطلاق "
صفحة 292
وبعد أن نقل عن الإستاذ عوض سمعان آراء أرسطو وأفلطون من فلاسفة اليونان ، وموسى بن ميمون وسبينوزا من فلاسفة اليهود ، وجون اسكوت من فلاسفة المسيحيين قال : ـ
" ونقول تعليقاً على هذه المقولات كلها ، التى تنفى الصفات عن الله ، أو تثبتها له ، أو تزد فى النفى والإثبات نقول : إن الله سبحانه وتعالى ـ كما نتصوره بعقولنا القاصرة ـ هو ذات ،وكل ذات لابد لها من صفات ، وإلا ما كان يمكن تصورها .
وهذه الصفات نصف بها الله ، أو يدعونا الله سبحانه وتعالى أن نصفه بها ، هى غاية ما يتصوره العقل ، ونهاية مايمكن أن يحتمله من تصور صفات الكمال ، حيث أن هذه الصفات التى نتصورها بعقولنا هى التى تربطنا برباط العبودية لله على أكمل الكمال الذى يتناسب وعقولنا "
صفحة 295
ومع أعتقاد المعترض الحازم بوجود صفات لله فقد تهرب من البحث فيها قائلاً : ـ
" وأنه ليس من الإسلام البته البحث فى صفات الله ، ولا فى صلتها بالذات وصلة الذات بها، تماماً قبل البحث فى ذات الله ، أنه ليس من الإسلام فى شئ "
صفحة 297
وللرد أقول : ـ
لماذا لا تبحث فى صفات الله من أن البحث فيها فيه بهجة العابد ومتعته ؟
إن البحث فى صفات الله يقودك حتماً للإعتقاد القويم بالثلاثة أقانيم فى اللاهوت الواحد .
فصفات الله تؤيد أقانيمة .
فكونه متكلماً يدل على أنه فى الله كلمة ـ ومتكلماً ـ ومتكلماً معه .
وكونه سميعاً يدل على أن فى الله سميعاً يدل على أن فى الله مسموعاً ـ وسامعاً ـ ومسمعاً .
وكونه مخباً يدل على أن فى الله محبة ـ ومحباً ـ ومحبوباً .
فإن كان الله غنياً عن عباده ، فلابد أن تكون صفاته هذه موجودة فيه آزلياً قبل الخليقة ، وقائمة فقط بذات أقانيمه وهى غير معطلة لتنزهه تعالى عن الحاجة إلى غيره .
لأنه إن قلنا إن صفات الله عاملة وهو يتبادل التكلم والسمع والحب فى الآزل مع كائن غيره فهو شرك .
وإن قلنا إن صفات الله عاطلة فهو لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب فى الآزل فهذا إلحاد ، لأن الله والحالة هذه يكون مجرد مسكون فى عزلة الفضاء أشبه بصفر فى طى العدم (1)
ألم يأمر القرآن الناس بالتأمل فى معرفة هذا الكون للبحث عن صفات الله ؟
ألم يقل " فأنظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها ان ذلك لمحيى الموتى وهو
(1) بيان الحق 2 للمؤلف صفحة 178 ، 179
على كل شئ قدير " سورة الروح : 50
فإذا علمنا بالبداهة أن الله عندما خلق هذه الخليقة دخل فى علاقة جديدة مع هذه الخليقة ، وبما أن الله منزه عن التغيير ولا يستجد عليه شئ ، فهو ذو علاقة آزلية ليس مع غيره لأنه غنى عن عباده بل علاقة داخلية فى ذاته قائمة بتثليث أقانيمة . والمحبة التى تبادلها مع خليقته لم تنشأ فيه بنشأة الخليقة ولكن المحبة قائمة به آزلياً متبادلة بين أقانيمه الثلاثة .
ومعلوم أن عقيدة التثليث قد عرفناها من الوحى الإلهى ، ولو لم يكشف الله عن ذاته لنا فى الكتاب المقدس لما عرفنا عن الثالوث الأقدس شيئاً .
فمعرفة الثالوث ليست ثمرة فلسفة بشرية ولكنها إعلان إلهى ، ومع ذلك فقد جاءت عقيدة الثالوث تتمشى مع العقل والفلسفة وإن كانت فوق العقل وفوق الفلسفة .
الفصل السادس
فى إرسالية بولس الرسول
أولاً ـ الكرازة بالثالوث الأقدس
1
الله وكلمته وروحه
الكتاب المقدس بعهديه مملوء بذكر الثالوث الأقدس ، ونحن لا نبنى كرازتنا بالثالوث الأقدس إلا على الكتاب المقدس .
ومما يؤسف أن المعترض توهم وأوهم إن الكتاب المقدس ليث به شئ عن التثليث ، وإن الآب والأبن والروح القدس ليس إلا الله ورسوله وجبريل
فقال بالنص : ـ
" وإذا أستعرضنا مقولات الإنجيل ، فلم نجد فيها شيئاً يمكن أن تقدم عليه عقيدة مفهومها إن الله ذو أقانيم ثلاثة هى الآب والابن والروح القدس .. وقد قلنا إن هذا الجمع بين هذه الكلمات الثلاث لا يجعل منها ذاتاً واحدة ، بل هى ثلاث ذوات مستقل بعضها عن بعض : هى الآب (الله ) والابن (رسول الله ) وروح القدس ( الملك ) "
صفحة 304
وللرد أقول : ـ
إن الكتاب المقدس فى وادٍ ، والسيد المعترض فى وادٍ أخر . فبينما تكلم الكتاب المقدس عن الله وكلمته وروحه ذاتاً واحدة لاهوتاً واحداً ، نرى المعترض يستبدل " كلمة الله " برسول بشرى ويستبدل " روح الله " بملاكٍ مخلوق ، ولا ندرى كيف جار له هذا الخيال ؟
وإنى أسأله : هل فهم من قول إليهو " روح الله صنعنى ونسمة القدير أحييتنى " أى 33 : 4 أن روح الله هو جبريل ؟ ! فهل جبريل هو الخالق ؟
وهل فهم من قول داود النبى "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب؟
إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر . فهناك أيضا تهديني يدك وتمسكني يمينك" مز139 : 7 ـ 10
هل فهم من هذا أن روح الله هو جبريل ؟ فهل جبريل هو المالئ كل مكان ؟
وهل فهم من قول أشعياء " من قاس روح الرب ؟ ومن مشيره يعلمه ؟ " أش 40 : 13
إن روح الله هو جبريل ؟ فهل جبريل هو غير المحدود ؟
وهل فهم من قول بولس الرسول " الذى بروح آزلى قدم نفسه لله بلا عيب " عب 9 : 14
إن الروح الآزلى هو جبريل ؟ فهل جبريل آزلى ؟
وهل فهم من قوله أيضاً " وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية "2كو 3: 17
إن الرب الروح هو جبريل ؟ فهل جبريل هو الرب ؟
وهل فهم من قوله أيضاً " لأن من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذى فيه . هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله " 1 كو 2 : 11 إن روح الله هو جبريل ؟
فهل جبريل هو الله ؟
وليقس على ذلك مئات الآيات التى تتحدث عن لاهوت الروح القدس . بخلاف الملاك المخلوق المحدود الذى قيل عن جنسه " الصانع ملائكته رياحاً . وخدامه لهيب نار " عب1 : 7
وأما قوله عن " الكلمة " المسيح أنه رسول الله مجرد إنسان فقد كتبنا بنعمة الله ما فيه الكفايه من الكتب (1 ) لإثبات لاهوته وتأنسه المبارك ، مما ينفى نفياً قاطعاً التجديف على المسيح بقوله أنه مجرد إنسان .
2
بولس رسول رسمى كسائر الرسل
(1) مثل رسالة التثليث والتوحيد ، والحق الصريح فى لاهوت المسيح ، وبيان الحق ، ولكى لا ننكر المسيح ، وغيرها .
قال المعترض : ـ
" وقد أستعرضنا ـ الأناجيل على مابها وعلى رأينا فيها ـ كما أستعرضنا رسائل الرسل ـ على ما بها وعلى رأينا فيها أيضاً ـ فلم نجد شيئاً عن هذا التثليث ، اللهم إلا ماكان من "بولس " وما حملت رسائله من عبارات لاهوتيه غامضة توحى بإيحاءات عن بنوة المسيح وألوهيته وعن الأقانيم الثلاثة المنطوية فيه "
صفحة 336
وللرد أقول : ـ
إن بولس الرسول لم يأت بشئ فى رسائله يختلف عما جاء فى الأناجيل ورسائل ورسائل الرسل ، بل إن بولس وكل الرسل كتبوا على السواء عن الثالوث الأقدس وعن لاهوت المسيح بإتفاق تام لأنهم جميعاً مسوقون فى كتاباتهم بالروح القدس الواحد .
غير إن المعترض غض النظر عن قدسية وصدق ما جاء فى الإنجيل الشريف وتمسك بأراء الملحدين أمثال " ول ديورانت " مؤلف قصة الحضارة وأورد قوله : ـ
" وأضاف بولس إلى اللاهوت الشعبى الموسوى بعض آراء صوفية غامضة كانت قد زاعت بين الناس بعد أنتشار " سفرالحكمة و " فلسفة فيملون " من ذلك قول " بولس " : إن المسيح هو حكمة الله ، وأبن الله الأول ، وبكر كل خليقة ، فإن فيه الكل ، الكل به وله قد خلق ، الذى هو قبل كل شئ ، فيه يقوم الكل ، وليس هو المسيح المنتظر " المسيا " اليهودى الذى سينجى إسرائيل من الأسر ، بل هو الكلمة الذى سينجى الناس كلهم بموته "
صفحة 305
وبقليل من التأمل فى العبارات السابقة التى أوردها " ول ديورانت " ونسبها لبولس الرسول وأعتبرها غامضة وأنها شاذه عن باقى أسفار الإنجيل ، نجد أن أقوال بولس الرسول تتفق تماماً مع باقى أقوال الرسل كما هو مبين فى الجدول الآتى : ـ
من باقى الأسفار |
من رسائل بولس الرسول |
العبارة |
" وقالت حكمة الله إنى أرسل إليهم أنبياء ورسلاً " لو 11 : 49 |
" المسيح قوة الله وحكمة الله " 1كو 3 : 19 |
1 ـ حكمة الله |
" هو يدعونى أبى أنت وإلهى صخرة خلاصى . أنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض " مز89 : 26 ، 27 |
" متى أدخل البكر إلى العالم " عب 1: 6 |
2 ـ ابن الله الأول |
" أنا هو الألف والياء البداية والنهاية الأول والآخر " رؤ22 :12 |
" الذى هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة"كو1 : 15 |
3 ـ بكر كل خليقة |
" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان " يو 1 : 1 ـ 3
|
" فإنه فيه خلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء كان عروشا ام سيادات ام رياسات ام سلاطين. الكل به وله قد خلق الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل " كو 1 : 16 ، 17 |
4 ـ فإن فيه الكل الكل به وله قد خلق
الذى هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل |
"أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من
هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا " يو 18 : 36 |
" لأن ليس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة " عب 13 : 14 |
5 ـ ليس هو المسيح المنتظر اليهودى
الذى ينجى إسرائيل من الأسر . ( يقصد الملك السياسى وملكه روحى سماوى ) |
" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " يو 3 : 16 |
"إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله . متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح " رو 3 : 23 ، 24 |
6 ـ هو الكلمة الذى ينجى الناس كلهم بموته |
3
التبشير لكل الأمم
وكذلك أدعى المعترض أن بولس الرسول أختلق القول بالفداء لكل الشعوب ليضمن لدعوته مجالاً يتحرك بها فيه فى الأمبراطوية الرومانية .
صفحة 305
وللرد أقول : ـ
إن بولس الرسول لم يختلق قصة الفداء بل أستقاها من الوحى وكرز بها بين الشعوب وفقاً لنبوات الأنبياء ، وإطاعة لأوامر المسيح له المجد .
فقد قال الله لإبراهيم " تتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض " تك 22 : 18
وقال موسى " تهللوا أيها الأمم مع شعبه " تث 32 : 43
وقال داود النبى " أحمدك يارب فى الأمم " مز 16 : 15
وقال السيد المسيح لتلاميذه " أذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها "
مر 16: 15
وقال لبولس الرسول نفسه " أذهب فإنى سأرسلك إلى الأمم بعيداً " أع 22 : 21
4
السادة والحكام
قال المعترض : ـ
قال بولس الرسول فى إحدى رسائله :ـ
" الدعوة التي دعي فيها كل واحد ـ بقصد المسيحية ـ فليلبث فيها . دعيت وأنت عبد فلا يهمك. بل وإن استطعت أن تصير حرا فاستعملها بالحري . لأن من دعي في الرب وهو عبد فهو عتيق الرب. كذلك أيضا الحر المدعو هو عبد للمسيح . قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدا للناس . ما دعي كل واحد فيه أيها الإخوة فليلبث في ذلك مع الله " 1كو 7 : 20 ـ 24
ثم يقول "لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله " رو 13 : 1
صفحة 306
ثم قال المعترض : ـ
" وبهذة الدعوة التى دعا بها بولس الأرقاء إلى البقاء فى قيد العبودية إلى الأبد ، كما دعا الناس إلى الخضوع والإستسلام للسلاطين ، لأنهم يأخذون سلطانهم من الله ـ بهذه الدعوة وجد بولس سنداً قوياً من حكام رومة وولاتها وسادتها ..
وفى هذا يقول " ول ديورانت " فى تعليقه على أراء بولس هذه : " لقد كان خليقاً برومة أن تبقى على فيلسوف طيع إلى هذا الحد "
صفحة 306
وللرد أقول : ـ
إن بولس لم يكن عبداً طيعاً لرومة ليعيش فى رحابها ـ كما يدعى المدعى ـ بل كان عبداً أميناً لرسالته حتى قتله نيرون قيصر رومة وقطع رأسه على قرمة !
ولا لوم ولا تثريب على دعوة بولس الرسول للعبيد أن يرفعوا روحهم المعنوية ، ولا ينحنوا تحت الهموم بل يتحينوا الفرص ما أستطاعوا أن يتحرروا ، سيما وأنهم ذاقوا تحرير المسيح لهم من كل عبودية ، إذ أشتراهم بثمن غال وهو دمه الكريم . وصار بذلك كل البشر سادة وعبيد متساوون فى عبوديتهم للمسيح .
وبولس بوصيته هذه لا يدعو الأرقاء إلى البقاء قيد العبودية للأبد كما يدعى المعترض .
لأن المسيح نادى قائلا " روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية" لو 4 : 18
وقد أوصى جميع أتباعه بالمساواة بينهم فقال : ـ
" أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم . فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما . ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا
كما أن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " مت 20 : 25ـ 28
وماذا يقول المعترض فى محمد نبى الإسلام الذى مات وعاش ولم يحرر جواريه ولا موالى أتباعه ، بعد أن حلل له ولهم القرآن ذلك كقوله : ـ
" يا أيها النبى انا احللنا لك ازواجك اللآتى أتيت أجورهن ، وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك ، وبنات خالك ، وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك ، وأمرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين . قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج . وكان الله غفوراً رحيماً " سورة الأحزاب : 50
وأما وصية بولس الرسول للمؤمنين أن يطيعوا الحكام والسلاطين فقد بين سبب ذلك . إن الله وضع للبشر نظام الراعى والرعية ، وحدد سلطان الراعى فى خدمة الله لإقامة الصلاح وإزالة الشر . وفى غير هذه الخدمة فقد صرح الإنجيل " إنه ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس "
أع 5 : 29
ووصية بولس الرسول تتمشى مع قول المسيح له المجد " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " مت 22 : 21
وماذا يقول المعترض فى قول القرآن " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " سورة النساء : 59
5
المسيح رب المسيحية
قال المعترض : ـ
" والواقع إن " بولس ـ لا المسيح ـ هو مؤسس المسيحية ، وواضع لاهوتها "
صفحة 307
وللرد أقول : ـ
إن قول المعترض هو واضح البطلان بالبداهة ، فالمسيح له المجد هو مؤسس المسيحية ، ومنه أشتق أسمها " ودعى التلاميذ مسيحين فى أنطاكية أولاً " أع 11 : 26
وقال المسيح له المجد " على هذه الصخرة أبنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها "
مت 16 : 18
وقال بطرس الرسول " وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص " أع 4 : 12
وقد دعى المسيح بالنصارى فى القرآن سورة التوبة : 30 وبالناصريين فى الإنجيل أع 24 : 5 وذلك نسبة ليسوع الناصرى مت 26 : 71 يو 19 : 19
وكان موسى عبرانى الجنس خر 2 : 6 مصرى الوطن خر 2 : 19 لكنه لم يحمل نفساً مزدوجة تتمثل فيها إيمان العبرانيين ووثنية المصريين بل كان نبياً صادقاً من أولى العزم ، هكذاَ كان بولس الرسول عبرانى الجنس فى 3 : 5 رومانى الرعوية أع 22 : 25 ـ 29 لكنه لم يحمل نفساً تجمع عقائد اليهود وعقائد الرومان فأسس منها المسيحية كما يقول المعترض . بل كان بولس رسولاً مسيحياً مقداماً ، أستمد رسالته من المسيح أع 26 : 15 ـ 18 وختم رسالته بدمه ! 2تى 4 : 6 ـ 8
6
الإيمان والأعمال
قال المعترض : ـ
" أحل ـ أى بولس ـ العقيدة محل العمل فى أختبار الفضيلة ، وكان من هذه الناحية بداية العصور الوسطى "
ثم قال : ـ
" مرت خمسة عشر قرناً من الزمان قبل أن يجعل " لوثر " بولس رسول الإصلاح الدينى ، ويجد كلفن النصوص القائمة التى أخذ منها عقيدته الجبرية .
وبهذه كانت البروستنتية نصراً لبولس على بطرس ، وكان الإعتقاد بأن النجاة إنما تكون بالإيمان والعقيدة ـ نصراً لبولس على المسيح "
صفحة 310
وللرد أقول : ـ
إن المسيح له المجد ، وبولس ، وبطرس نادوا بتعليم واحد فى الإيمان والأعمال ، ولم ينقسموا ، ولم يناقض أحدهم الأخر .
فالمسيح ـ أوصى أتباعه بالإيمان والأعمال فقال : ـ
" من آمن وأعتمد خلص " مر 16 : 16
" من يؤمن بى فالأعمال التى أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها لأنى ماضٍ إلى أبى " يو 14 : 12
" إن كنت تستطيع أن تؤمن فكل شئ مستطاع للمؤمن " مر 9 : 23
" لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل أنتقل من هنا إلى فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم " مت 17 : 20
وبولس الرسول ـ أوصى بالإيمان والأعمال فقال : ـ
" إن كان لى الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس محبة فلست شيئاً " 1كو 13 : 2
"لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبة" غل 5 : 6
" متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم، ربنا يسوع المسيح، أمام الله وأبينا "1تس 1 : 3
" لكي تكون شركة إيمانك فعالة في معرفة كل الصلاح الذي فيكم لأجل المسيح يسوع "فل 6
وبطرس الرسول ـ أوصى بالإيمان والأعمال فقال : ـ
" ولم يميز بيننا وبينهم بشيء إذ طهر بالإيمان قلوبهم " أع 15 : 9
" قدموا فى إيمانكم فضيلة " 2 بط 1 : 5
" اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسا من يبتلعه هو
فقاوموه راسخين في الإيمان " 1بط 5 : 8 ، 9
وتتلخص الأقوال السابقة فى قول يعقوب الرسول : ـ
" ترون إذا أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالإيمان وحده . كذلك راحاب الزانية أيضا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟
لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان أيضا بدون أعمال ميت " يع 2 : 24 ـ 26
ومما هو جدير بالذكر أن البروستنت ليسوا خاصة بولس ولا الكاثوليك خاصة لبطرس بل هؤلاء وأولئك خاصة للمسيح ، وإنجيله الواحد هو دستور إيمانهم وأعمالهم جميعاً .
ثانياً ـ المفهوم المسيحى للثالوث الأقدس
1
بنوة روحية
قال المعترض :ـ
" قد بدأت مقولة المسيحين فى المسيح أنه ابن الله . بدأت فى أول الأمر على أنها تعنى البنوة الحقيقة التى نعرفها فيما بين الآباء والأبناء من قرابة ونسب "
صفحة 315
وللرد أقول : ـ
إن القول بإن المسيح ابن الله لم تبدأ به المسيحية . بل قد تقرر ذلك فى نبوات الأنبياء قبل ظهور المسيحية .
فقال المسيح بلسان داود النبى : " إنى أخبر من جهة قضاء الرب . قال لى أنت أبنى . أنا اليوم ولدتك " مز 2 : 7
وقال أجور ابن متقية مسا لايثئيل " من صعد إلى السموات ونزل ؟ من جمع الريح فى حفتيه ؟ من صر المياه فى ثوب ؟ من ثبت جميع أطراف الأرض ؟ ما أسمه ؟ وما أسم أبنه إن عرفت ؟ " أم 30 : 4
وواضح كل الوضوح إن بنوية المسيح لله بنوية إعتبارية لا جسدية لأن " الله روح " يو 4 : 24 وأن " الله نور " 1يو 1 : 5
فهو منزه ومتعال عن التوالد الجنسى ، ولم يقل أحد إطلاقاً ان لله زوجة وولداً ، فهى تهمة سخيفة من بنات خيال المدعين ليس إلا .
ولما دعت المسيحية المسيحين أولاداً لله مجازاً ، نفت نفياً باتاً أن تحمل التسمية معنى الولادة الجسدية فقال الإنجيل : ـ
" وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه .
الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله " يو 1 : 12 ، 13
2
رب واحد
قال المعترض : ـ
" وهكذا ننظر إلى الله من خلال هذه الذوات القائمة فيه . فلا نجده ذلك الإله الذى يملك الوجود كله والذى بيده كل شئ ، وإنما هناك ثلاثة أرباب ، كل رب يذهب مذهباً ، ويملك سلطاناً !"
صفحة 318
وللرد أقول :ـ
" إننا لا نعترف بثلاثة ذوات ولا ثلاثة ألهة ولا ثلاثة أرباب بل نعتقد بثلاثة أقانيم لاهوت واحد ذات واحدة رب واحد ، كما جاء فى الإنجيل " إن أول كل الوصايا هى أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " مر 12 : 29
وقوله أيضاً " للرب إلهك تسجد وأياه وحده تعبد " مت 4 : 10
وقوله أيضاً " فإن الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " 1يو 5 : 7
3
الله معلناً وظاهراً
نقل المعترض عن الأستاذ عوض سمعان قوله :ـ
" ولذلك كان علماء التوراة يعرفون تمام المعرفة أن لله أبناً ، وهذا الأبن هو المعلن له ، أو هو ذاته معلنا وظاهراً " (1)
صفحة 319
ثم علق المعترض على ذلك قائلاً : ـ
" وننظر فى قوله " إن لله أبناً وهذا الابن هو المعلن لله وهو ذات الله معلناً وظاهراً " .. فهذا القول الصريح فى أن الله قد أعلن ذاته فى أبنه وأنه بغير هذا الإعلان ماكان لله وجود يعرف به ! ؟
صفحة 319
ثم ألتبست على المعترض ألقاب المسيح : كلمة الله ، ابن الله ، الله فقال :ـ
" والتوفيق بين هذه الآراء المتعارضة والمتضاربة ، كان من عمل الكنيسة ومهمتها ، فى إقناع أتباعها به ، بعد أن أصبحت هذه المقولات كلها عقيدة يجب التسليم بها جميعاً والإيمان بها كوحدة واحدة "
صفحة 321
وللرد أقول :ـ
إن الله تعالى كان كنزاً مخفياً فخلق الخلق وبالخلق صار معروفاً للخليقة .
وأوحى إلى الأنبياء بأوامره ونواهيه فصار معروفاً بدرجة أوسع .
وظهر محتجباً فى نار عليقة وكلم موسى فصار مسموعاً بوضوح .
(1) كتاب الله ذاته ونو وحدانيته صفحة 48
وظهر فى حجاب الناسوت وحل بين الناس فصار ظاهراً ومعروفاً بأكثر وضوح .
وبما أن الكلمة هى التى تحكى صاحبها وتعلنه ، فلذلك سمى الله الظاهر فى الجسد " كلمة الله "
وبما أن الابن يحمل جنس أبيه وينقل صورة طبيعته طبق الأصل ، فلذلك سمى الله الظاهر فى الجسد " ابن الله " ، نور من نور .
فالله ، وكلمة الله ، وابن الله ، ألقاب تحمل معنى واحداً يبين بأكثر من وضوح أقنوم المسيح ولاهوته .
فالعبارة القرآنيه " الله الذى خلق السماء والأرض " سورة إبراهيم : 32
تساوى قولنا ـ الله الذى خلق السموات والأرض بكلمته أو بأمره . لأنه لافرق بين الله وكلمته أو أمره .
ولهذا قال القرآن " ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره " سورة الروم : 25
وكذلك إذا قلنا " روح الله صنعنى " أى 23 : 4
يساوى القول ـ الله صنعنى .
وإذا قلنا " لا تيأسوا من روح الله أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " سورة يوسف:78
يساوى قولنا ـ لا تيأسوا من الله أنه لا ييأس من الله إلا القوم الكافرون .
وكما أنه لايوجد فرق بين الإنسان وروحه كذلك لايوجد فرق بين الله وروحه .
وعليه يجوز أن نقول :ـ
الله صنعنى ، فالله صانع
الله صنعنى بكلمته ، فالكلمة صانع
الله صنعنى بروحه ، فالروح صانع
والله وكلمته وروحه ليسوا ثلاثة صانعين بل صانع واحد .
لأن الكلمة والروح ليسا شيئين خارجين عن الله ولا غريبين عنه بل هما فى كيانه الإلهى ومن مقومات ومن طبيعة وجوده .
له المجد إلى الأبد .
للاتصال بنا