لم تذكره فهارس الكتب المعروفة

 

كتب د. خليل سعادة في مقدمة ترجمة إنجيل برنابا : "أنه لم يرد ذكر لهذا الإنجيل في كتابات مشاهير الكتّاب المسلمين سواء في الأعصر القديمة أو الحديثه ولا في مؤلفات من انقطع منهم إلى الأبحاث والمجادلات الدينية، مع أن إنجيل برنابا أمضى سلاح لهم في مثل تلك المناقشات وليس ذلك فقط بل لم يرد ذكر لهذا الإنجيل في فهارس الكتب العربية القديمة عند الأعارب أو الأعاجم أو المستشرقين الذين وضعوا فهارس لأندر الكتب العربية من قديمة وحديثة "(119) . وفيما يلي سوف نذكر أهم فهارس الكتب:

1- الفهرست لابن النديم

أبو الفرج محمد بن إسحاق أبي يعقوب بن النديم ، الوراق البغدادي ، وُلد ببغداد وكان أبوه وراقاً ، فاحترف حرفه أبيه ، الذي كان يبعثه كثيراً في تجارته ، فورد الموصل مراراً ، وكان ابن النديم شيعياً قوي الاقتناع بعقيدته .

بدأ ابن النديم سنة 377هـ / 987م بتصنيف "الفهرست" فوضع منه - بادئ الأمر - أربعة كتب فقط وهي : كتاب الفلسفة ، وكتاب العلوم القديمة، وكتاب الأدب ، وكتاب الاعتقادات والكيمياء ، وفي السنة عينها أضاف ابن النديم إلى الكتاب المقالات الستة الأولي في العلوم العربية وأراد ابن النديم استيعاب جميع الكتب الموجودة في زمانه عند الوراقين فسمى كتب الخرافات والسحر ومعان شتي في اللعب وغير ذلك ، وأخذ يضيف زيادات وتكملات إلى كتابه مما وجد في السنين المتعاقبة إلى أوائل المائة الخامسة"(120) فالكتاب فهرس لجميع الكتب التي تهيأ لابن النديم العلم بها، وليس بها أي ذكر لإنجيل برنابا .


(119) إنجيل برنابا ترجمة د. خليل سعادة . طبعة دار الفتح للاعلام. ص 9،10

(120) تاريخ الأدب العربي . كارل بروكلمان . جـ2 . ط4. د. عبد الحليم النجار . دار المعارف.

- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة

دائرة معارف عظيمة في الكتب والعلوم وقد قضى المؤلف أكثر من عشرين عاماً في جمع موادها وكتبها بالعربية وتم وضع الجزء الأول منها عام 1064 هـ(121)

ولم يأت فيه أي ذكر لإنجيل برنابا، رغم أنه تركي وقد لعب مصطفي العرندي الأسطنبولي دوراً هاماً في قصة إنجيل برنابا ، فقد جاء في مقدمة المخطوطة الأسبانية أنه هو مترجمها


(121) دائرة المعارف الإسلامية . مجلد 13 . طبعة دار الشعب. ص 193

6- استخدم تعبيرات لم تكن معروفة قبل ظهور الاسلام

وردت في إنجيل برنابا تعبيرات لم يكن لها وجود حتى ظهور الاسلام، وأيضاً بعض الأحداث المذكورة فيه ليس لها وجود في الكتاب المقدس منها :

1- أمور تتعلق بشخصية محمد

أ- روح محمد مخلوقة قبل كل الأشياء بستين ألف سنة(برنابا 35 :8 ، 39 :22)

ب- العالم كله خلق لأجل محمد ( برنابا 39: 20 ، 43: 9-19،82 :17، 97: 15،122 : 26-27 ، 176: 7 )

جـ- شفاعة محمد

1- المسيح يطلب نجاته اكراماً لمحمد ( 122: 26)

2 - محمد يصلي لأجل الذين مكثوا في النار 70.000 سنة ويأمر الله الملائكة بأن يخرجوا من كان على دين رسول الله إلى الجنة ، وكل من مات على دين محمد يذهب إلى الجنة (136: 18 -21 ، 137: 1-6).

وحاجي خليفة : هو مصطفي بن عبد الله ، ويلقب أيضاً بكاتب جلبي، وهو تركي من أكابر أصحاب الموسوعات ،ولد بالأستانة سنة 1608م ، خدم في الجيش فترة طويلة ثم عُين في وظيفة الخليفة ( المساعد ) الثاني في مكتب المراقبة ، ومن ثم تلقب بحاجي خليفة . توفي في أكتوبر 1657.

د- النبوة عن محمد باعتباره المسيا المنتظر ( 43: 15، 72: 10-13، 97 :21 ، 163: 8-11، 191 :6-10، 198 :15 ، 206: 20)

هـ- آفضلية محمدعن المسيح

فالمسيح جاء ليمهد الطريق أمام المسيح المنتظر ، وأنه ليس أهلاً لحل سيور حذائه ( برنابا 44: 29 - 31 ) ، ويعلن انه عبد ويرغب في خدمة رسول الله ( برنابا 206: 5)

 

2- ظهرت في إنجيل برنابا عقائد متأثرة بالعقائد الإسلامية

 

أ - ذكر الحج (برنابا90: 10 ) "الصوم والصلاة والصدقات والحج"

ب - ملاكان لتدوين أعمال الإنسان ( برنابا 121: 4). "لأن الله أعطى لكل إنسان ملاكين مسجلين أحدهما لتدوين الخير الذي يعمله الإنسان والآخر لتدوين الشر "

جـ- الوحي بالتنزيل (برنابا 10: 1-5)

د- قصة آدم وعدم سجود الشيطان له ، السقوط (برنابا 35، 40،41مع سورة البقرة 34 ، الأعراف 11-18 ، الحجر 26-43، الاسراء 61-64 ، سورة ص 75-83)

هـ- إبراهيم عرف الله من مشاهدة النجوم ، وكسر أصنام أبيه (برنابا 27-29 مع الأنبياء 57- 70، الأنعام 74-83)

و - تكلم يسوع وهو طفل (برنابا7: 10 مع آل عمران 46)

ز - الأكل من التفاح والحنطة (برنابا 39: 36 ، 154 : 12)

ح- الوضوء ( برنابا 38: 11 ) "لايقدم أحد صلاة مرضية لله إن لم وأيضاً يغتسل" (61: 1-2 ، 84: 10، 92: 13)

" وقد جاء في " تحفة المريد على جوهرة التوحيد ، ص109 " إن الوضوء يكفر ما قبله من الذنوب " وجاء في صحيح مسلم ص 70 " إنه إذا توضأ العبد المسلم خرجت كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء "(122)

8 - في أحداث الدينونة جاءت هذه العبارة " وفي اليوم الثالث عشر تطوى السماء كطئ الدرج "برنابا 53: 28. وقد جاء في سورة الأنبياء:104 "يوم نطوي السماء كطئ السجل للكتب" (123)

9 - رفع يسوع حياً بدون صلب (برنابا 215: 15-16 مع سورة النساء 156-158)

10 - الشهادة الإسلامية : برنابا 39: 14-28 عند خلق آدم "فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها " لاإله إلا الله ومحمد رسول الله. ففتح حينئذ آدم فاه وقال : أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني ولكن أضرع إليك أن تنبئني ما معنى هذه الكلمات " محمد رسول الله "، فأجاب الله : مرحباً بك يا عبدي ، وإني أقول لك إنك أول إنسان خُلق . والذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء، الذي متى جاء سيعطي نوراً للعالم ، الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوي ستين ألف سنة قبل أن أخلق شيئاً . فضرع آدم إلى الله قائلا : يارب هبني هذه الكتابة على أظفار أصابع يدي . فمنح الله الإنسان الأول تلك الكتابة على إبهاميه على ظفر إبهام اليد اليمني ما نصه "لا إله إلا الله " وعلي ظفر إبهام اليد اليسرى ما نصه "محمد رسول الله" فقبل الإنسان الأول بحنو أبوي هذه الكلمات . ومسح عينيه وقال : بورك ذلك اليوم الذي ستأتي فيه إلى العالم "

وفى برنابا 41: 29 - 31 عند طرد آدم من الفردوس

"فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس . فلما التفت آدم رأى مكتوباً فوق الباب : لا إله إلا الله محمد رسول الله " فبكى عند ذلك وقال : أيها الابن عسى الله أن يريد أن تأتي سريعاً وتخلصنا من هذا الشقاء "

"وهذه الأقوال تنطبق كل الانطباق على ماجاء في الكتب الإسلامية . فقد جاء في " الاتحافات السنية بالأحاديث القدسية " ص 173-177. مكتوب على باب الجنة قبل أن تخلق السموات والأرض بألف سنة : لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وأنه لما خلق تعالى العرش ، كتب عليه بقلم من نور طول القلم ما بين المشرق والمغرب لا إله إلا الله محمد رسول الله .

وجاء في الإسراء معجزة كبرى " ص 47 . قال تعالى : " يا محمد جعلت اسمك مع اسمي ينادى في جوف السماء "

وجاء في " الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية " ص 1-5 و"الإسراء معجزة كبرى. ص 11،18،25 و"الشهادة ". ص 182

"لما خلق الله آدم ألهمه أنه قال :يارب لم كنيتني أبا محمد . قال له تعالى : يا آدم ارفع رأسك . فرفع رأسه . فرأى نور محمد في سرادق العرش . فقال : يارب ما هذا النور . فقال : هذا نورنبي من ذريتك اسمه في السماء أحمد ، وعلى الأرض محمد لولاه ما خلقتك ، ولا خلقت سماء أو أرضاً " (124)

هذه التأثيرات الإسلامية ،والتعبيرات التي لم يكن لها وجود حتى ظهور الإسلام تدل على الزمن المتآخر الذي كُتب فيه ، أو على الأقل تدل على من هو كاتب إنجيل برنابا


(122) إنجيل برنابا . عوض سمعان . ط 9 .ص 96.

(123) لمزيد من الدراسة حول وصف يوم الدينونة في القرآن والفكر الإسلامي ، ارجع إلي "يوم الدين والحساب" شكرى محمد عياد . دار الوحدة . بيروت . لبنان . ط1 سنة 1984

(124) إنجيل برنابا . عوض سمعان . ط3. ص 93-94

7 - موقف بعض الكتاب المعاصرين من إنجيل برنابا

بعد ترجمة إنجيل برنابا إلى اللغة العربية تلقفته الأيدي وكتب عنه كثير من الكتاب ما بين مؤيد بشدة ، ومؤيد على استحياء أو محايد وفيما يلي سوف نقدم مختصراً لبعض ما كتبوه :

 

1- محاضرات في النصرانية (125)

يتحدث الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه هذا عن إنجيل برنابا في الصفحات من 63-75 فيبدأ باقتباس ما جاء عن برنابا في سفر أعمال الرسل ( أع 4 ، 9 ، 11، 13) ثم ما جاء في رسالة الرسول بولس إلى أهل كولوسي ( كو 4 ) (126) ثم يعلق قائلاً :"هذا هو برنابا . قديس من قديسي المسيحيين باتفاقهم ، ورسول من رسلهم ، وركن من الأركان التي قامت عليها الدعاية للمسيحية الأولى ، وقد وُجد إنجيل باسمه يدل على أنه كان من الحواريين الذين اختصهم المسيح بالزلفى إليه ، والتقرب منه ، وملازمته في سرائه وضرائه ، ولكن كتب المسيحيين غير هذا الإنجيل لاتعده من هؤلاء الحواريين ، وإن كانت تعده من الرسل الذين يبلغون مكانة الحواريين في هذا الدين بعد المسيح ، ومهما يكن من شئ في هذا الأمر ، وهو كونه من الحواريين أو ليس منهم ، فإن برنابا حجة عند المسيحيين ، وهو من الملهمين في اعتقادهم (127) ، فإن صحت نسبة هذا الإنجيل إليه (128) كان ما يشمله حجة عليهم يدعوهم إلى أن يوازنوا بين ما جاء فيه وما جاء في غيره من كتبهم ، ويؤخذ بما هو أقرب إلى التصور والتصديق ، وأصح سنداً ، وأقرب بالمسيحية رحماً"

ثم يتحدث الشيخ أبو زهرة عن المخطوطة الإيطالية ، وقصة اكتشافها والمخطوطة الأسبانية كما جاء في مقدمة الدكتور سعادة في ترجمة إنجيل برنابا ويعلق على ذلك بقوله :"أقدم نسخة معروفة إذن هي النسخة الإيطالية

التي عُثر عليها في فجر القرن الثامن عشر ، ولكن وجودها يمتد إلى منتصف القرن الخامس عشر أو أول القرن السادس عشر ، وقد وجدت في جو مسيحي خالص فلا مظنة لأن تكون مدخولة عليهم "(129)

ثم ينقل عن سعادة ما جاء بخصوصقرار البابا جلاسيوس

ويضيف "إن إنجيل برنابا كان معروفاً متداولاً قبل بعثة النبي بأكثر من قرنين . وزعم د/سعادة بأنه لو كان معروفاً في ذلك الإبان لعرفه النبي واحتج به ، أو أخذ منه ، زعم باطل لأن النبي كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، ولم يقم في البلاد التي سادتها المسيحية آماداً تمكنه من المعرفة والاطلاع"(130)

يقول أبو زهرة :

"هذه بينات شاهدة - وإن لم تبلغ مبلغ اليقين والجزم (131) - بأن نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا نسبة يرجح أن تكون صحيحة ، لأنه وجدت نسخته الأولى في جو مسيحي خالص وكان معروفاً قبل ذلك بقرون أن لبرنابا إنجيلاً ، وهو يدل على أن كاتبه له إلمام بالتوراة (132) التي لا يعرفها الرجل المسيحي غير الاختصاصى في علوم الدين ، بل يندر من يعرفها من المختصين ، وأن برنابا كان من الدعاة الأولين الذين عملوا في الدعوة عملاً لا يقل عن بولس فلا بد أن تكون له رسالة أو إنجيل . هذه بينات تشهد بأن الإنجيل الذي كُشف وعُرف صحيح النسبة ، ليس للمسلمين يد فيه، وأن من ينحله للمسلمين كمن يحمل في يده شيئاً يظن في حمله إتهاماً له، فينسب ملكيته إلى غيره نفياً للتهمة عن نفسه ... فإذا كانت نسبة إنجيل برنابا إليه ظنية تقبل الاحتمال فإنا نأخذ بهذا الظن"

ثم يتحدث عن رأى د. سعادة بوجود أصل عربي ويرد على هذا القول(133)

ويضيف "أما كون التبشير بالنبي صريحاً فيه وليس بتلميح ، فنحن لا نسلم بأن كل التبشيرات في الكتب الدينية تلميح لا تصريح (134)

ثم يكتب الشيخ أبو زهرة عن عدم معرفة المسلمين في غابرهم وحاضرهم بإنجيل برنابا وإلا استخدموه في جدالهم مع المسيحيين

ويختم أبو زهرة ماكتبه عن إنجيل برنابا بالإجابة على سؤال قد وضعه، وهو لماذا ينكر المسيحيون إنجيل برنابا ؟ ويجيب على ذلك لأنه خالف أناجيلهم ورسائلهم في مسائل جوهرية في العقيدة ، وهي أن إنجيل برنابا :

1- لم يعتبر المسيح ابن الله ، ولم يعتبره إلهاً

2 - إن الذبح الذي تقدم به إبراهيم للفداء هو إسماعيل وليس إسحق

3 - إن مسيا أو المسيح المنتظر ليس هو يسوع ، بل محمد

4 - عدم صلب المسيح وإلقاء شبهه على يهوذا

ثم يقول : " إن أجل خدمة تسدى إلى الأديان والإنسانية ، أن تعني الكنيسة بدراسته ونقضه ، وتأتي لنا بالبينات الدالة على هذا النقض ، وتوازن بين ما جاء فيه وما جاء في رسائل بولس ، ليعرف القارئ والباحث أيهما أهدى سبيلاً وأقرب إلى الحق وأوثق اتصالاً به "(135)

ومما لاشك فيه أن الكثيرين قد درسوا إنجيل برنابا وأوضحوا بالأدلة الدامغة التي لا تقبل الشك عدم صحة نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا وأنه كتاب مزيف كُتب في أوربا في العصور الوسطى ، واعتقد أننا بكتابنا هذا نقدم أدلة واضحة على ذلك.

ملحوظة :

لقد بدأت هنا بكتاب الشيخ محمد أبو زهرة حيث أنه كان من أول الكتب التي كُتبت عن إنجيل برنابا ، وأيضاً لأنه كان المرجع لكثيرين ممن كتبوا عنه .


(125) محاضرات في النصرانية . الشيخ محمد أبو زهرة . ط4. سنة 1972 .دار الفكر العربي . ص 63-65

(126) إن برنابا المذكور في سفر الأعمال ليس له علاقة بكاتب إنجيل برنابا .

(127) إن برنابا المذكور في سفر الأعمال لم يكن واحداً من تلاميذ المسيح (مت 10، لو 6: 3-16 ، أع 1: 13) وليس محتماً أن كل واحد من التلاميذ أن يكتب إنجيلاً . وليس هناك أي دليل على أن برنابا هو من الأشخاص الذين أوحي إليهم ، وهو لم يكتب أي كتاب.

(128) لقد أثبتنا في هذا الكتاب بالأدلة الخارجية والداخلية أن إنجيل برنابا هو من نتاج العصور الوسطى وبالتالي لا تصح نسبته إلى برنابا وبالتالي فكل ما يشمله ليس حجة علينا .

(129)1- لقد حافظ المسيحيون على كل كتب الأبوكريفا رغم عدم قانونيتها واعتبروها كتباً تاريخية تعطينا فكرة عن تاريخ تلك الفترة ، وكون أي كتاب قد وجد في جو مسيحي خالص ، هذا لا يعني أنه صحيح وأنه موحي به ، فمثلاً الأناجيل الغنوسية التي اكتشفت في نجع حمادي ، فهي قد وُجدت وعاشت في جو مسيحي ، فهل هذا يعني أنها قانونية وأنها موحي بها ؟ بالطبع كلا فهي تنتمي إلى هرطقة الغنوسيين

2- أما بخصوص قرار البابا جلاسيوس فهو يتعلق بالكتب الغنوسية.

(130) إن القول بأن محمداً لم يعرف إنجيل برنابا لأنه لايقرأ ولا يكتب، فهذا الأمر أصبح محل نظر من كثيرين حيث أنهم لا يفسرون الأمي بعدم معرفة القراءة والكتابة وإذا كان محمد لم يطلع عليه ، فهو بالتالي لم يطلع على التوراة والإنجيل ، فكيف عرف بتحريفهما ؟ الإجابة هي أنه عرف هذا عن طريق الوحي . وسؤالنا هل لم يعرف أيضاً بالوحي إنجيل برنابا ، وإذا كان عرفه فلماذا لم يذكره باعتبار أنه الإنجيل الصحيح الذي لم يحرف

- إذا كانت المدة قصيرة لم تمكنه من المعرفة والاطلاع على إنجيل برنابا ، فهي أيضاً بالتالي لم تمكنه من التعرف على الأناجيل الصحيحة

(131) لم يستطع أبو زهرة إلا أن يقول إن أدلة نسبة إنجيل برنابا إلى برنابا لم تبلغ مبلغ اليقين والجزم ، ولكن على مثال : عنزة ولو طارت فهو يقبل الاحتمال وياخذ بالظن واعتقد بعد ما أوردناه من أدلة في هذا الكتاب ، فليس هناك احتمال أو ظن بنسبة هذا الكتاب إلى برنابا .

(132) إن كون كاتب إنجيل برنابا له إلمام بالتوراة لايدل على أنه مسيحي ، فكم من الدارسين من اليهود والمسيحين والمسلمين لهم المام عظيم بالتوراة ، بل أن كثير من الناقدين غير المؤمنين بالأديان في الغرب لهم الماماً عجيباً بالكتب المقدسة ، وكون أن شخصاً دارساً للإنجيل مثلاً فهذا لا يعني أنه مسيحياً .

(133) إني اتفق معه في عدم وجود أصل عربي لإنجيل برنابا وأن التعليقات الموجودة على هامش بعض صفحات المخطوطة الإيطالية لاتدل على ذلك.

(134) يقول أبو الأعلي المودودي في مقدمة الترجمة الأوردية لإنجيل برنابا إن هذه إضافة من ناسخ مسلم لهذا الكتاب.

(135) محاضرات في النصرانية .ص 71-75

 

2 - قصص الأنبياء (136)

كتب الشيخ عبد الوهاب النجار تحت عنوان " إنجيل برنابا"

كان برنابا من أتباع المسيح المواظبين على نشر دعوته والتبشير باقتراب ملكوت السموات وقد جاء عنه في كتاب الأعمال ( أع 4: 36 ، 11: 22-29 ، 12: 25 ، 13: 2 و 34، 15: 1- 35)

هذا الرجل .. قد وُجد له إنجيل مدون وهو عبارة عن قصة للمسيح كإنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا منقطع السند كما هي منقطعة السند ثم ينقل عن د. خليل سعادة ، والشيخ محمد رشيد رضا ما جاء في مقدمة ترجمة إنجيل برنابا ثم يضيف " وأني أنقل عن إنجيل برنابا لا لأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه بل لأن روايته للحوادث أبين واستقصاه للأخبار أتم وإن كان في نظري لا تخلو بعض الموضوعات فيه من المبالغات الشعرية" .

ثم يقتبس ما كتبه د. سعادة عن الإنجيل الأغنسطى كأصل لإنجيل برنابا ويرى أنه من المحتمل أن كاتب الإنجيل الأغنسطي ألم بما كتبه برنابا في إنجيله واقتبس منه (137)


(136) قصص الأنبياء . الشيخ عبد الوهاب النجار . ط2 دار التراث العربي. ص 479- 481

(137) سوف يناقش المؤلف الأناجيل الغنوسية في كتاب صلب المسيح وموقف البدع والهرطقات.

 

3- الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام (138)

كتب د. على عبد الواحد : "وأما إنجيل برنابا فهو منسوب للقديس برنابا .. وكان معروفاً لدي المسيحيين منذ أقدم عصورهم إن لبرنابا إنجيلاً . وورد ذكر هذا الإنجيل فيما ينسب لقدامي رجال الكنيسة من بحوث وقرارات ، ومن ذلك القرار الذي أصدره البابا جلاسيوس الأول وعدد فيه الكتب المنهي عن قراءتها ، وذكر من بين هذه الكتب إنجيل برنابا . وهذا يدل على أن إنجيل برنابا كان معروفاً في القرن الخامس الميلادي أي قبل بعثة رسولنا بنحو قرنين. غير أنه يظهر أنه قد اختفت من بعد ذلك جميع نسخ هذا الإنجيل ، ولم يعد الناس يعرفون شيئاً عن محتوياته . ولعل تحريم قراءته هو الذي انتهى به إلى ذلك . وظل الأمر على هذا الحال حتى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي . وفي سنة 1709 عثر كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا على نسخة من هذا الإنجيل مكتوبة باللغة الإيطالية وعلى هامشها تعليقات باللغة العربية . وانتقلت هذه النسخة مع بقية مكتبة ذلك المستشار في سنة 1738 إلى البلاط الملكي بفيينا.

وغني عن البيان أن هذه النسخة مترجمة عن اللغة التي كُتب بها في الأصل هذا الإنجيل فإذا صح أن مؤلفه هو برنابا فإن من الراجح أن يكون قد كتبه بإحدى اللغات الثلاث التي كانت المؤلفات الدينية وغيرها تدون بها في عصره وفي بيئته وهي اللغات العبرية والآرامية واليونانية . ولا يمكن أن يكون قد كُتب في الأصل باللغة الإيطالية ، لأن اللغة الإيطالية لغة حديثة لم يتم تكونها وانشعابها عن أمها اللاتينية إلاحوالي القرن السادس عشر الميلادي. ويختلف هذا الإنجيل اختلافاً جوهرياً عن الأناجيل الأربعة المعتمدة عند المسيحيين في كثير من نواحي العقيدة وشخصية المسيح وتاريخه ، ويتفق كل الاتفاق فيما يقرره في هذه الشئون مع العقيدة الإسلامية المستمدة من القرآن . ويرجع أهم ما خالف فيه الأناجيل الأربعة المعتمدة ووافق فيه العقيدة الإسلامية إلى الأمور الثلاثة الآتية:

1- أنه يقرر أن المسيح ليس إلا بشراً رسولاً وأنه ليس إلاهاً ولا ابناً لله (برنابا : المقدمة ، فصل 93، 70)

2 - أنه يقرر أن المسيح لم يُصلب ولكنه شبه لهم ، فيتفق هذا مع ظاهر ما يقرره القرآن (النساء 157)

3- أنه يقرر أن مسيا أو المسيح المنتظر الذي ورد ذكره في العهد القديم ليس يسوع بل محمداً ويتفق في جملته مع ما يذكر القرآن عن عيسى ( الصف 6)

ويخالف هذا الإنجيل كذلك العقيدة المسيحية والعقيدة اليهودية ويتفق مع أرجح الآراء عند المسلمين فيما ينقله عن المسيح بشأن الذبيح الذي تقدم به إبراهيم للفداء ، فيقرر أن المسيح قد بين أن هذا الذبيح هو إسماعيل وليس إسحق (برنابا 44: 10-11).

ويقدم فقهاء المسيحيين وباحثوهم شواهد كثيرة تدل على أن هذا الإنجيل موضوع بقلم بعض المسلمين ، وأن مؤلفه قد نسبه زوراً إلى برنابا لترويجما يتضمنه . وكثير مما يقدمه هؤلاء من شواهد لا يقطع بصحة ما يذهبون إليه ، وإن كان بعض ما يشتمل عليه هذا الكتاب نفسه يحمل على الظن بأنه موضوع ،وخاصة ما يقرره من أمور تمثل روايات ذكرها بعض مؤلفي المسلمين ولا يطمئن إلى مثلها المحققون منهم ، مثل ما يقرره عن آدم وأنه لما طرد من الجنة رأى سطوراً كتبت فوق بابها بأحرف من نور لا إلاه إلا الله محمد رسول الله وما ينسبه إلى المسيح من أقوال تمثل تحقيقات الفقهاء والمؤرخين لا كلام الأنبياء كالأقوال التي ينسبها إلى المسيح بشأن الذبيح وما يذكر أن المسيح قد قدمه من أدلة على أنه هو إسماعيل لا إسحق

والإسلام ليس في حاجة إلى كتاب كهذا تحوم حوله شكوك كثيرة لتأييد ما يذكره القرآن .. ولا ينبغي أن نتخذ سفراً مشكوكاً في صحة نسبته إلى صاحبه دليلاً على ذلك ولا أن نعتمد عليه لاقناع المسيحيين ببطلان ما أقروه من أناجيل (139)


(138) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للاسلام . د. على عبد الواحد وافي . ط1 سنة 1971 . دار نهضة مصر للطبع والنشر. ص 95-99

(139) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام . ص 95-99

 

(4) الأديان في القرآن (140)

يرجع د. محمود في كتابته عن إنجيل برنابا إلى ماكتبه د. على عبد الواحد وافي ، والشيخ محمد أبو زهرة والشيخ عبد الوهاب النجار (المراجع الذي سبق الحديث عنها)

فهو يبدأ بذكر قصة اكتشاف إنجيل برنابا ، ثم يذكر الأمور التي خالف فيها إنجيل برنابا المسيحيين ثم يضيف "على أن الحلقة المفقودة في هذا البحث هي : أين النسخة الأصلية التي نُقلت عنها الترجمة الإيطالية ؟ فليست الإيطالية هي لغة برنابا ، بل لغته العبرية ، فهناك إذن أصل عبري نُقلت عنه ، أين هذا الأصل ؟ لم تحدثنا الكتب والمصادر التي تحدثت عن هذا الإنجيل بأي حديث عن الأصل المنقول عنه ، ومادام الأصل لا وجود له ، ولا سند فنحن في مندوحة وحل من عدم الاعتراف به ، والدليل إذا

تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال ، ولا دليل هنا يقطع ويجزم بأن هذا إنجيل برنابا ، فيجوز أن يكون هذا الإنجيل لمفكر إيطالي اعترف بمحمد وبرسالته وبعيسى فأخرج هذا الإنجيل ونسبه لبرنابا ولاسيما وأن بعض ما يشتمل عليه هذا الكتاب ما يحمل على الظن (وهنا ينقل ما جاء في الأسفار المقدسة والذي سبق وأن ذكرناه)، ثم يضيف " فتقويم إنجيل برنابا في الرأي الذي نراه ، هو : شهادة من مفكر كأية شهادة شهد بها بعض مفكري الغرب ومنصفيه كتولستوي واللورد هيدلي . أو شهادة من راهب مسيحي متخصص في العقيديات دارس للتاريخ العقيدي ، باحث في اليهودية والمسيحية والإسلام فحرر هذا الإنجيل الذي أودع فيه خلاصة بحثه ودرسه وإيمانه واعتقاده .. وإلى أن تظهر الأيام الدليل الدامغ على أصالة إنجيل برنابا فإننا نرجئ رأي أبي زهرة مع وجاهة ذلك الرأي الذي يقول فيه" إن هذه بينات شاهدة ... "(141)

ثم يختم بقوله : إننا نقول إن الإسلام غني عن كل شهادة مشكوك في نسبتها واقتبس ما كتبه د. على عبد الواحد وافي (142)


(140) الأديان في القرآن . د. محمود بن الشريف . دار المعارف. ط4 سنة 1980

(141) انظر ما سبق عند حديثا عن كتاب "محاضرات في النصرانية"

(142) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام. ص 88

 

5- المسيحية

يبدأ د. أحمد شلبي حديثه عن إنجيل برنابا بالقول :" وأمامنا الآن إنجيل آخر جدير بحديث أطول هو إنجيل برنابا ، ذلك لأن هذا الإنجيل يمكن أن يكون حلقة الاتصال بين المسيحية والإسلام ، أو أنه هو الحلقة المفقودة بين هاتين الديانتين .

ثم يبدأ في استعراض مقدمتى إنجيل برنابا للدكتور سعادة والشيخ رشيد رضا تحت العناوين التالية.

  1.  
  2. من هو برنابا ؟ ولا يضيف جديداً
  3.  
  4. إلى أي حد تصح نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا ؟
  5.  
  6. ويقتبس من مقدمة د. سعادة ما ذكر عن تاريخ نسخة إنجيل برنابا
  7. ثم يقول :" من المؤكد بلاشك أن نسبة هذا الإنجيل لبرنابا أقوى من القول بنسبة إنجيل متى إليه ، وكذلك القول في سائر الأناجيل".

    - ما أوجه الخلاف بين هذا الإنجيل والأناجيل الأخرى

    ينقل عن المترجم ما سبق أن وذكرناه

    - ما الأسباب التي دفعت برنابا لتأليف إنجيله ؟

    يذكر ما جاء في المقدمة ، ثم يقتبس بعض النصوص من برنابا والتي تنكر لاهوت المسيح وعدم صلبه.

    ثم يختم بهذا القول : " وهكذا يتفق هذا الإنجيل في أكثر مسائله مع القرآن ويزيل الهوة التي ابتدعها بولس والتي أبعدت المسيحية عن الأديان السماوية (143)


    6- يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء (144)

    حول إنجيل برنابا كتب د. رؤوف شلبي ما يلي :

    1- من هو برنابا ؟ وهنا ذكر الشواهد الكتابية (أع 4: 27 ، 9: 26 -27، 11: 22-25 ، 12: 34 ، 13: 1-2 ، 14: 14-16، 15: 36- 41، كو 4: 10)

    "هذه النصوص تضئ صفحة برنابا المشرقة ... وهل يمكن التقليل من قيمة برنابا ؟ فهل ينكر الشمس إلا من فى عينه رمد ؟ أو ليس في انكار قيمة برنابا وأرائه انكار لرسالة الأعمال التي كتبها لوقا ، وانكار لقيمة مرقص.

    أو ليس في انكار قيمة لوقا ومرقص فيما يتعلق بآرائهما في برنابا انكار لقيمة ما كتباه في الإنجيل ؟ فكيف يستقيم الاعتراف برسالة الأعمال التي تذخر بفضل برنابا وجهوده ونشاطه مع انكار منزلة برنابا وأعماله وآرائه " ويستمر الكاتب على هذه النغمة ثم يضيف:

    "ولا يهمنا في كثير أو في قليل الدفاع عن برنابا ولا عن إنجيله ، بقدر ما يهمنا - للبحث العلمي النزيه الحق - أن يأخذ الرجل مكانته حسبما أعطته النصوص التي اعترف بها المسيحيون الأوائل وفقاً لما بذله من جهاد مخلص مقابل ذلك الإنكار الذي وقع عليه دون وجه حق بينما فاز خصمه وغريمه بولس بأعظم الألقاب وأعلا المراتب .. وأما فيما يتعلق بإنجيل برنابا لا يهمنا في قليل ولا في كثير ، كذلك أن تصح نسبته إليه أوتُرفض فهو على أية حال غير مقبول عندنا نحن المسلمين كإنجيل يمكن أن ينسب إلى عيسى على أنه وحي نزل عليه ، فليس إنجيل برنابا بالإنجيل الذي جاء ذكره في القرآن (المائدة 64) . وفرق كبير بين إنجيل هو وحي الله إلى نبيه عيسى وإنجيل كتبه حواري ومهما كان صحيحاً في مضمونه فإنه عمل بشر"

    ثم يكتب"حول إنجيل برنابا متحدثاً عن قرار البابا جلاسيوس ، واكتشاف المخطوطة الإيطالية والأسبانية ويناقش ما كتبه د. سعادة حول وجود نسخة عربية ومن هو كاتب إنجيل برنابا ثم يتحدث عن الترجمة الإنجليزية والعربية ويقع في خطأ ويقول إن د. سعادة طبع ترجمته في مطبعة كلارندن باكسفورد (145)

    ثم يتحدث الكاتب عن سبب تأليف هذا الإنجيل ، ذاكراً ما جاء في مقدمة إنجيل برنابا ويذكر بعد ذلك المفارقات بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة ويختم بهذا القول "سيان كانت هذه التعاليم مطابقة لما جاء في الإسلام أو غير مطابقة فإن إنجيل برنابا عند المسلمين ليس هو إنجيل الله الذي أوحي به إلى سيدنا عيسى إنه إنجيل مثل كل إنجيل مسيحي آخر ، لا

    سند له . مجهول التاريخ ، مشكوك في لغته ، إنه إنجيل مسيحي يجابه أعمال بولس المسيحي "(146)


    (143) المسيحية د. أحمد شلبي . ط6 .سنة 1978 . مكتبة النهضة المصرية. ص 215

    (144) يا أهل الكتاب تعالواإلي كلمة سواء ، د. رؤوف شلبي. دارالاعتصام . ط2 سنة 1980

    (145) المرجع السابق. ص 172-183

    (146) المرجع السابق. ص 185

    7- الإسلام والأديان ، دراسة مقارنة ( 147)

    كتب د. مصطفي حلمي حول إنجيل برنابا مايلي :

    "قبل الحديث عن إنجيل برنابا فإننا نحب توضيح موقفنا منه أولاً ، فلسنا حريصين على الاسترشاد به لإثبات نبوة محمد، فلنا أدلتنا الكافية بذاتها ، كذلك ندفع الزعم بأنه من تأليف المسلمين ، لأنه ليس من عقائدنا ولامبادئنا إتباع طريقة (الغاية تبرر الوسيلة ) ، وإزاء ذلك فإن الاقرار بصحة هذا الإنجيل أواستبعاده لدينا سواء.

    إن الحديث إذن عن إنجيل برنابا أدني لقضية الخلاف العقائدي بينه وبين بولس ، إذ يبدو من نصوصه أنه تحمله كثيراً ،ثم أعلن على الملأ أوجه الخلاف بعد أن طفح الكيل ، ولم يعد يحتمل الصبر عليه، وضمن ذلك صدر إنجيله"

    ثم يتحدث الكاتب عن العوامل الحقيقية وراء استبعاد إنجيل برنابا فيقول : "ظهر الصراع بين طائفتي المسيحيين الأصليين أتباع المسيح ، والمسيحيين البولسيين أتباع بولس وفي ذلك الوقت كان برنابا من أوائل الذين عرفوا حقيقة بولس ففضح نواياه وأذاع على الملأ خبايا عقيدته الباطلة التي دسها على المسيحين دساً.ثم ظهرت كتابات برنابا لتكشف القناع عن المشادة التي وقعت بينها (مقدمة إنجيل برنابا والأصحاح الأول).

    ويصبح استبعاد إنجيل برنابا مفهوماً في ضوء انتصار المسيحية البولسية على المسيحية اليهودية ولصيقاً ببحث مضامينه العقائدية المخالفة لعقائد النصاري الحالية ، ولما كان من المستحيل التوفيق بين النقيضين ، فما أسهل استبعاده" (148)


    للمؤلف كتاب آخر "أضواء على المسيحية . منشورات المكتبةالعصرية . بيروت . لبنان. سنة 1975 . يكتب فيها أيضاً عن إنجيل برنابا ص 58-79 نفس ما ذكر هنا تقريباً فلن نكتب عنه منعاً للتكرار.

    (147) الإسلام والأديان دراسة مقارنة. د. مصطفي حلمي . دارالدعوة. أسكندرية ط1 سنة 1990

    8- الاختلافات والاتفاق بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة (149)

    يقول المؤلف : " اتفقت كلمة المسيحيين منذ قرون على أن الأناجيل الأربعة (متى ويوحنا ومرقص ولوقا ) هي الأناجيل المقبولة عندهم ، وتظاهر علماؤهم على أن ما سوي هذه الأناجيل - ومعها بعض الرسائل- مرفوض ومزور . وحرموا على أتباعهم قراءة هذه الكتابات المزورة . وطردوا من يؤمن بها ويتبعها من الرحمة التي تضمنها الكنيسة لأتباعها . ولم تقدم الكنيسة لأتباعها أي ضمان لصحة هذه الكتب التي اختارتها سوي أنها اختارتها وارتضاها أهلها ، وفرضت عليهم بمقتضي الإيمان أن يقبلوا ما قبلته الكنيسة وألا يناقشوا مضامينها وإلا تعرضوا للحرمان (150) ثم يناقش المؤلف الاختلاف بين قوائم أسماء التلاميذ ( مت 10، مر 3 ، لو6)

    ويتحدث عن المشاجرة بين بولس وبرنابا والتي يرى المؤلف أنها بسبب قضية الختان ( أع 15: 36 -40، 14 : 15 ، غل 2: 3)

    وفي الباب الثاني : دراسات مسيحية في إنجيل برنابا " يكتب المؤلف: "وبادئ ذي بدء أود أن أعلن أننا لا يهمنا - في قليل أو كثير - أن نثبت صحة الإنجيل المنسوب إلى برنابا .. فنحن مؤمنون بالتوراة والإنجيل كما أنزلها الله تعالى ،فلايهمنا في هذا المجال - مجال العقيدة - أن يكون إنجيل برنابا صحيحاً أو فاسداً . ولكننا نبحث الأمر تحرياً للحقيقة .

    ثم يناقش المؤلف البراهين المسيحية على تزييف إنجيل برنابا " ويذكر

    1- أمر البابا جلاسيوس

    2- مخالفة إنجيل برنابا للحقائق التاريخية والجغرافية

    3- ديانة كاتب إنجيل برنابا

    4- إلقاء الشبه على يهوذا

    5- إثبات الأكاذيب في إنجيل برنابا (151)

    وهو هنا يناقش ما كتبه الأب الحداد (152)، والأب زحلاوي (153)، والأستاذ عوض سمعان(154)

    وفي الباب الثالث يناقش المؤلف الاختلاف بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة

    وفي الباب الرابع يتحدث عن "من قضايا الإيمان "

    "المسيح نبي مرسل ، الإله الواحد ، البشارة بالنبي ...." بين إنجيل برنابا والأناجيل" ويعلن المؤلف موقفه بقوله " وهكذا نرجح أن إنجيل برنابا هو أقرب نسبة إلى صاحبه " (155)


    (148) المرجع السابق . ص 203-206

    (149) الاختلاف والاتفاق بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة . محمد عبد الرحمن عوض . دار البشير للطباعة والنشر . ط 1 سنة 1986

    (150) انظر الرد على هذه الادعاءات فى الصفحة السابقة

    9- دراسات في الكتاب المقدس (156)

    كتب د. محمود على حماية " أثار إنجيل برنابا جدلاً كبيراً بين المؤيدين والمعارضين في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى صاحبه . وسوف أذكر في هذا البحث أدلة الفريقين محاولاً الحيدة والانصاف"

    ثم يكتب عن من هو برنابا ، والتعريف بإنجيل برنابا ، أوجه الخلاف بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة (157) ثم يذكر :

    أولاً : أدلة الرافضين لإنجيل برنابا

    1.إن إنجيل برنابا يناقض الأناجيل الأربعة في العقائد مثل نفي صلب المسيح وإلقاء شبهه على يهوذا ( الآب زحلاوي . حول الإنجيل)

  8. إن إنجيل برنابا منحول مزور لأنه يناقض الإنجيل والقرآن (الآب الحداد . إنجيل برنابا )
  9.  
  10. إن إنجيل برنابا لا ذكر له في الآثار المسيحية أو الإسلامية أو اليهودية ولم يستشهد به أحد ( الأب الحداد . إنجيل برنابا)
  11.  
  12. إن إنجيل برنابا لو كان معروفاً في ذلك الوقت لعرفه النبي واحتج به
  13.  
  14. إن إنجيل برنابا يذكر نبي الإسلام صريحاً باسمه لا تلميحاً والبشارات تكون بالكنايات والإشارات

ثم يحاول الكاتب أن ينفي وجود أصل عربي لإنجيل برنابا أو أن يكون كاتبه شخص مسلم ومما قاله :

أ - لقد ذكر الكاتب اسم محمد في أكثر من عشرة مواضع . والإكثار من ذكر اسمه مرة بعد أخرى قد يريب الناس .

ب- لقد ذكر اسمه " محمد " وإذا كان يريد أن يثبت صحة الآية القرآنية (الصف 6) فكان واجباً عليه أن يذكر الاسم الذي جاء في الآية "أحمد " مرة أو مرتين

جـ- جاء في الكتاب على لسان عيسى أن التبشير بالمسيح أو "مسيا " الذي جاء في العهد القديم ليس المراد منه شخصه ، بل محمد ، ولو كان مؤلف الكتاب مسلماً ، لما كان به حاجة إلى هذا القول ، لأن ذلك ليس من عقيدة المسلمين في شئ بل أن هذا القول يثير شكوكاً لا محالة.

د- الكتاب يشتمل على كثير مما يضاد التصورات الإسلامية مثل:

1- رجوع المسيح إلى الدنيا حتى يودع أمه وتلاميذه ( برنابا 219- 220).

2- الفصل بين الدين والسياسة في قول المسيح اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله

3- عدد السموات تسع وعددها في الفكر الإسلامي سبع

5- اختلاف أسلوب إنجيل برنابا عن أساليب الإنجيل

6- ذكر إنجيل برنابا أن جبل الصعود هو جبل طابور " برنابا 42 وهذا ما لم تذكره الأناجيل

7- اليوبيل (برنابا 82-83) يأتي كل مئة عام (158)

ب- أدلة المؤيدين (159)

أما القائلون بصحة نسبة هذا الإنجيل إلى مؤلفه فلهم أدلة أخرى بعد أن أبطلوا شبهة المتشككين والمرتابين :

1- إن كتب التاريخ تكرر أن عديداً من تلاميذ وحواري المسيح قد ألفوا أمثال هذه الأناجيل .

2- إن برنابا كان من الرعاة الأولين الذين عملوا في الدعوة بما لا يقل عن عمل بولس كما يذكر سفر أعمال الرسل ، فلابد أن تكون له رسالة أو إنجيل.

3- إن وجود إنجيل برنابا أمر معروف بين العلماء بهذا الدين مثل أيريناؤس

4- هذا الإنجيل منسوب إلى القديس برنابا ولم يُعرف بهذا الاسم سواه ، له مثل مكانته الدينية .

5- أقدم نسخة معروفة - النسخة الإيطالية - وجدت وانتقلت في جو مسيحي خالص فلا مظنة لأن تكون مدخولة عليهم.

6- هذا الإنجيل يحتوي على أخبار دقيقة عن التوراة

ويختم د. حماية بحثه بهذا القول :

"وبعد هذه الأدلة التي أوردناها والشبه التي أبطلناها بحسم وقوة . هل يمكن أن نجزم بأن هذا الإنجيل أصيل لا مجال للريب فيه.

الحق إن هناك اعتراضاً قوياً - لدينا معشر المسلمين - يتعلق بسند هذا الإنجيل يحول دون ذلك . ونحن بحق نتساءل : من الذي تولي نشر هذا الإنجيل وإذاعته ونشره ؟ كيف كان هو ومن أين أخذ هذه النسخة ؟ وعن أي الرجال وفي أي الأمكنة ظلت تنتقل عبر هذه المدة الطويلة ؟

إن هذا الاعتراض صحيح ، وما لم تأت إجابة مقنعة عليه لا يمكن الجزم بكونه أصلياً لكن هذا الاعتراض نفسه يثور حول جميع أسفار الكتاب المقدس ، ولم يحظ الاعتراض بإجابة مقنعة حتى يوم الناس هذا ، إذاً فإن الذين يعتبرون الكتاب المقدس موثوقاً به ، ليس لديهم أي مبرر في اعتبارهم إنجيل برنابا غير موثوق به ، لأن مشكلة انقطاع السند التي تواجه إنجيل برنابا ، هي بذاتها موجودة في كل سفر من أسفار العهد القديم والجديد على السواء "(160)


(151) المرجع السابق. ص 46-53

(152) إنجيل برنابا شبهة زور على القرآن .الأب يوسف درة الحداد. بيروت. لبنان

(153) حول الإنجيل وإنجيل برنابا .الآب الياس زحلاوي . دمشق . سوريا

(154) إنجيل برنابا فى ضوء التاريخ والعقل والدين . دار النشر الأسقفية. القاهرة

(155 ) الاختلاف والاتفاق . ص 56

(156) دراسات في الكتاب المقدس . د. محمود علي حماية. ط1 سنة 1989. ص 108- 128

(157) المرجع السابق. ص 108-102

(158) المرجع السابق. ص 113-124

(159) المرجع السابق. 125 - 128

 

10- الأناجيل دراسة مقارنة (161)

يقول المؤلف :

"لاشك أن هذا الإنجيل قد وُجدت نسخة منه بالإيطالية، ثم تُرجمت إلى الإنجليزية وهو أعرق الأناجيل ، فيه فلسفة وفيه تعميق وفهم للحياة، وكيف يجب أن تكون، ثم أنه نأى عن الألغاز والطلاسم التى نجدها في باقي الأناجيل، ولاشك أن هذا الإنجيل المنسوب إلى برنابا. لو أخذت به الكنيسة ، لأدي إلى اضطراب شديد في المسيحية... ونحن كمسلمين لا نهتم بإنجيل من الأناجيل لأننا نعلم أنها جميعاً سواء اتفقت مع تعاليم الإسلام

وقواعده أم اختلفت ، سير كتبها عدد من الأفراد لتبجيل السيد المسيح (ع) وتسجيل سيرته وليست كتباً أنزلت من السماء .. والمسلمون لا يهتمون بما جاء في هذا الإنجيل على الرغم من أنه يتفق في الكثير من مادته مع مفاهيم إسلامية ترتكز على القرآن والسنة "(162)

ومن الواضح عدم الاهتمام بإنجيل برنابا ، لأن الدكتور أحمد طاهر بعد أن نقد المقدمة التي كتبها د. خليل سعادة (اللبناني الجنسية ، المسيحي المذهب) قام بترجمة إنجيل برنابا عن النص الإنجليزي في الصفحات 191-367

وذكر في البداية : برنابا في العهد الجديد ، من هو برنابا ورسالته ، كيف ظهر إنجيل برنابا ؟ الخلاف بين إنجيل برنابا والأناجيل الاربعة (163)

ولي بعض التعليقات على الفصل الرابع : كيف ظهر إنجيل برنابا(164)

1- يقول المؤلف "لقد كتب إيريناؤس (130-200م) يؤيد الوحدانية الصافية ويعارض بولس لادخاله بعض التعاليم الوثنية والفلسفة الأفلاطونية إلى المسيحية ، وكان يستشهد في كتابته بالكثير مما جاء في إنجيل برنابا ، مما يدل على أن هذا الإنجيل كان متداولاً في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد".

قد سبق لنا الرد على هذا الادعاء ويمكن الرجوع إليه

2- يقول المؤلف : "كانت كنيسة الأسكندرية تعترف حتى عام 325 بعد الميلاد بإنجيل برنابا باعتباره إنجيلاً موثقاً كنائسياً ".

ولست أدرى ما هو الدليل والسند على هذا القول ، فليس هناك أي مصدر يثبت صحة هذا الادّعاء . وقد أوضحنا سابقاً موقف كنيسة الأسكندرية متمثلاً في أقوال أكليمندس الأسكندرى (212م) ، والعلامة أوريجانوس ( 245) مدير مدرسة الأسكندرية اللاهوتية (165) وما كان معروفاً فى كنيسة الإسكندرية هو رسالة برنابا وليس إنجيل برنابا.

3- يقول المؤلف "وفي عام 325 ميلادية عقد مجمع نيقية الكهنوتي وقرر إبادة جميع الأناجيل المكتوبة بالعبرية وأصدر فرمانا دينياً بمعاقبة كل من يحوز إنجيلاً مكتوباً بالعبرية بالموت" .

وبالطبع لست أدري من أين جاء الكاتب بهذا القول .فمجمع نيقية انعقد سنة 325 في عهد الأمبراطور قسطنطين بحضور 318 أسقفاً وعدد من القسوس والشمامسة للنظر في بدعة أريوس (الذي أنكر لاهوت المسيح) وقام المجمع بوضع قانون الإيمان وحدد تاريخ عيد الفصح وسن عشرين قانوناً ليس بينهما أي تحريم لأي كتاب ( 166)

4- يقول المؤلف " وفي عام 383 حصل البابا على نسخة من إنجيل برنابا واحتفظ بها في مكتبته الخاصة" .

ونحن نتساءل إذا كان إنجيل برنابا موجوداً فما المشكلة أن يحصل البابا على نسخة؟ ولكن من هو هذا البابا ؟ وأين توجد مكتبته الخاصة هذه؟

فما أيسر أن تلقي الاتهامات بدون دليل

 


(160) دراسات في الكتاب المقدس . د. محمود حماية . ص 126

(161) الأناجيل دراسة مقارنة . د. أحمد طاهر . دارالمعارف . ط1 سنة 1991

(162) المرجع السابق. ص 169-172

(163) المرجع السابق . ص 177-185

(164) المرجع السابق. ص 184 - 185

(165) لقد سبق لنا الرد علي هذا الادعاء

(166) لدراسة تاريخ مجمع نيقية وقوانينه موثقة ارجع إلى :

أ- مجموع الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة . جمع وترجمة وتنسيق الأرشمندريت حنانيا كساب. منشورات النور . سنة 1985.ص 40-119

ب - تاريخ الفكر المسيحي . مجلد 1. د. القس حنا الخضري . دار الثقافة . ص 617-646

جـ- مجلة صديق الكاهن . يونية - سبتمبر سنة 1973 . عدد خاص عن القديس اثناسيوس.

د- من تراث وتاريخ حياة القديس أثناسيوس . إبراهيم صبري معوض . سنة 1974. ص 179-192

 

5- يقول المؤلف : "وفي العام الرابع من حكم الامبراطور زينون أي في عام 478 اكتشفت مقبرة برنابا ، ولما فُتحت وجدوا على صدره إنجيلاً كتبه بخط يده ، ويبدو أن إنجيل Vulgate الشهير قد أخذه برنابا أساساً له . ويذكر الكاتب أن المرجع هو acia Sanctorum Boland Junii Tom II pp. 422 -450. 1697

وهنا لنا عدة ملاحظات :

1- قصة اكتشاف جسد برنابا

جاء في "خاتمة حياة برنابا " بقلم مرقس الإنجيلى في"كتابات آباء ما قبل نيقية " "ولم يمض يومين حتى وصل باريشوع وهوملأن بالغضب والحقد فهيج كل اليهود حتى أمسكوا برنابا وقيدوه أمام هيباتيوس حاكم سلاميس (بقبرص) ولما لم يحكم عليه بشئ جروه ليلاً من المجمع إلى ملعب الخيل وأخرجوه خارج المدينة وضربوه ضرباً أليماً ثم رجموه بالحجارة حتى أكمل جهاده ونال أكليل الشهادة ، ثم وقفوا حوله يستهزئون وأضرم بعضهم ناراً ليحرقوا جثته ولكن الله أزعج القوم وشتتهم فانصرفوا وحينئذ تقدم مرقص وحمل الجسد ولفه بلفائف ووضعه داخل مغارة خارج المدينة .

هكذا أنهي الرسول المبارك أتعابه الرسولية بسفك دمه لأجل المسيح في جزيرة قبرص أرض ميلاده حيث كفنه الرسول مرقس تلميذه ووضع فوق صدره نسخة لبشارة القديس متى التي كان يحب قراءتها.

ولقد أكُتشف القبر أنثيموس أسقف سلامينا بعد ظهور القديس برنابا له حيث دله على المقبرة ووعده أن يكون معه في أتعابه وجهاده.

ولما توجه الأسقف إلى القبر اكتشف الجسد الطاهر ووجد على صدره نسخة من بشارة القديس متى التي كان قد أرسلها إليه .

وقد انتشر الخبر في المملكة كلها ووصل إلى مسامع الملك فطلب أن يحظى بهذا الإنجيل النفيس فأرسله إليه القديس أنثيموس .

وقد شيد الأمبراطور زينون على قبر هذا القديس كنيسة كبيرة واُعتبر كرسي سلامينا من ذلك الحين مستقلاً عن أنطاكيه أكراماً لذكرى القديس برنابا "(167)

- أي أن الكتاب الذي وجدوه- إذا كانت هذه القصة صحيحة - هو نسخة من إنجيل متي وليس برنابا

- والاسم الصحيح للمرجع هو

Acta Sanctorum: which was printed in 1698 by the Bollandists in Antwerp, Belguim

والترجمة الصحيحة (من اللغة اليونانية ) كما يلي :

The body of Barnabas had been found in Cyprus in 478 A.D during the reign of Zeno, having on his breast the Gospel according to Matthew, copied by Barnabas himself.

وناشروا إنجيل برنابا باللغة الإنجليزية ، طبعة 1973 في باكستان ذكروا هذا القول مع حذف “According to Matthew” ليبرهنوا على أن إنجيل برنابا كان له وجود في زمن مبكر في الكنيسة الأولى (168)

وهو القول الذي ذكره الكاتب هنا

- يقول الكاتب إن إنجيل Vulgate الشهير قد اتخذه برنابا أساساً له وهذا يوضح نقص معلومات الكاتب ، فالـVulgate هي الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس التي قام بها القديس جيروم في القرن الخامس وكون أن إنجيل برنابا أتخذ منها أساساً له ، فهذا يبرهن على أنه كُتب بعد القرن الخامس الميلادي وبالتالي فالأدلة السابقة التي ساقها المؤلف تصبح غير ذات معنى .


(167) حياة برنابا رسول المسيح . القمص بيشوي عبد المسيح . مكتبة المحبة .ص 68-69

(168) Islamochristiana. No 4, 1978. pp.110

 

2- يقول الكاتب : "ونرى برنابا قد ذُكر أيضاً في كتب "Sixty" المحرمة كما يلي :

مسلسل رقم 24 إنجيل برنابا ".

وما قاله الكاتب هنا صحيح

فهذه القائمة Catalogue of the Sixty Canonical Books تحتوى على أسماء 60 كتاب قانوني ( 34 من أسفار العهد القديم، 26 سفراً من العهد الجديد - كل العهد الجديد ما عدا سفر الرؤيا). ثم تذكر القائمة بعد ذلك أسماء كتب الأبوكريفا غير القانونية وتذكر اسم 25 كتاب. والكتاب رقم 24هو The Gospel according to Barnabas ولكن ما يجب ملاحظته :-

1- إن الكتب Sixty ليست هي الكتب المحرمة ، بل هي القانونية(169).

2- من الواضح أن الكاتب ينقل هنا من مرجع آخر ، ربما يكون مقدمة إنجيل برنابا المنشور في باكستان.

3- إن ذكر اسم إنجيل برنابا في هذه القائمة لا يعني أنه إنجيل برنابا الحالي.

وأخيراً يقول الكاتب :

"أما النص اللاتيني - يقصد الإيطالي - فقد ترجمه إلى الإنجليزية المستر راج بمعاونة زوجته، وطبعته مكتبة كلارندون في أكسفورد وقامت بنشره مكتبة جامعة أكسفورد عام 1907. ولكن اختفت الترجمة من السوق بشكل غريب ، لكن هناك نسختان من هذه الترجمة إحداهما في مكتبة المتحف البريطاني ، والأخري في مكتبة الكونجرس في واشنطن . والطبعة الأولى لإنجيل برنابا أخذت من ميكروفيلم للكتاب الموجود في مكتبة الكونجرس في واشنطن"


(169) N.T. Apocrypha, vol., I.P. 42-43

ولست أدري ماذا يقصد من الطبعة الأولى ، وربما يعني الترجمة الأولى التي قام بها خليل سعادة سنة 1908 وإذا كان هذا هو المقصود فنقول :

1- إن هذه الترجمة تمت في العام التالي للترجمة من الإيطالي للإنجليزي، أي أن الترجمة لم تكن قد اختفت من السوق.

2- وهذه الترجمة قد أُخذت من ترجمة لونسدال راج مباشرة ، وليست من ميكروفيلم الكتاب الموجود في مكتبة الكونجرس في واشنطن ، ولم يكن قد استخدم الميكروفيلم في ذلك الوقت .

مما سبق نرى أن كاتبنا قد سقط في كثير من الأخطاء فيما كتبه في صفحتين فقط عن ظهور إنجيل برنابا

نكتفي بهذا القدر مما جاء في الكتاب المذكور .

11- هناك بعض الكتب الأخرى (170) التي تحدثت عن إنجيل برنابا، وخاصة في استخدام النبوات التي جاء على لسان المسيح عن محمد. ونحن نكتفي بهذا .


(170) مثال لهذه الكتب :

1- محمد نبي الاسلام في التوراة والإنجيل والقرآن . المستشار محمد عزت الطهطاوي. مكتبة النور . ط2 سنة 1986 . ص 43 - 55

2- محمد في التوراة والإنجيل والقرآن . إبراهيم خليل أحمد . مكتبة الوعي العربي ط2. ص93-95

3- المسيا المنتظر نبي الإسلام . د. أحمد حجازي السقا .مكتبة الثقافة الدينية . ط1 سنة 1977. ص 7-20

وانظر أيضاً :

1- إنجيل برنابا . حسني محمود جاد الكريم . دار القلم للتراث. 1992

2- إنجيل برنابا المبشر بنبوة محمد . محمدعلي قطب . مكتبة القرآن الكريم. ط1 سنة 1985

3- المسيح والمسيحية والإسلام . د. عبد الغني عبود . دار الفكر العربي .ط 1 سنة 1984

* ملاحظات ختامية على الكتابات حول إنجيل برنابا

1- إن غالبية من كتبوا عن إنجيل برنابا لم يقرأوه ، ومن قرأه منهم فقد اقتصرت قراءته على المقدمات الثلاثة " للمترجم والناشر ومقدمة الإنجيل نفسه "

2- إن معظمهم - لأنه لم يقرأ - فإنه ينقل عن الأخرين ، فمثلاً ما كتبه د. حماية كان نقلاً عن " أبو زهرة . د. على عبد الواحد، محمد تقي العثماني ، الأب الحداد، الأب زحلاوي ) وهكذا أيضاً معظم الكتاب.

3- لم يستطع أي كاتب أن يقدم دليلاً مقنعاً على صحة نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا .

4- لم يستطع أي كاتب أن يناقض أخطاء إنجيل برنابا بطريقة موضوعية

5- رغم الاعتراف بعدم صحته ، فقد استخدمه كل الكتَّاب كوسيلة للهجوم على العقيدة المسيحية ، وأيضاً في الحديث عن النبوة عن محمد.

وبهذا نختتم هذا الفصل عن الموقف المعاصر لبعض الكتاب من إنجيل برنابا.

الصفحة الرئيسية