أخطاء تتعلق بشخصيات الكتاب المقدس

وقع كاتب إنجيل برنابا في كثير من الأخطاء التي تتعلق بشخصيات الكتاب المقدس ،نذكر هنا منها :

1- عدم ذكر يوحنا المعمدان

يوحنا المعمدان شخصية رائعة قال عنه المسيح: "لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ( مت 11: 11) ، وقد تنبأ عنه العهد القديم (إش40: 3 ، ملا 3: 1)، ولقد ذكر يوحنا المعمدان في الكتاب المقدس 92 مرة ، وذكره القرآن باسم يحيى ابن زكريا خمس مرات (الأنبياء 89-90 ، الأنغام 85 ، مريم 1-5 (مرتين - آل عمران 38-41،45). وأيضا قد ذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس (57)

وعندما نرجع إلي إنجيل برنابا نكتشف أنه لم يذكر يوحنا المعمدان ، والشيء الغريب أن أقواله التي جاءت علي لسانه في الإناجيل القانونية مازالت موجودة، فلماذا فعل كاتب إنجيل برنابا هذا ؟

إن رسالة يوحنا وعمله هو : إنه صوت صارخ ليعد الطريق أمام يسوع المسيح (مت 3: 1-3، مر 1: 2-8 ، لو 3: 5-17، يو 1: 29-27) ، وبحسب إنجيل برنابا فإن عمل يسوع هو أن يعد ويمهد الطريق أمام المسيا المنتظر (محمد) ، إذن ليس ليوحنا المعمدان أي دور ، ولا يصح أن يكون للمعدِ معدُُ آخر ، وبالتالي تم حذف يوحنا المعمدان رغم أنف الكتاب المقدس ، والقرآن، والتاريخ ، وأخذ يسوع دور يوحنا المعمدان، وجاءت على لسان يسوع الأقوال التي جاءت على لسان يوحنا المعمدان في الأناجيل القانونية ونرى هذا بوضوح عندما نقارن:

برنابا 100: 7 مع لو3: 8-9

وهكذا لم يكن من العسير على كاتب إنجيل برنابا أن يحذف شخصية يوحنا المعمدان من إنجيله، وذلك حتى يحقق خطته وهدفه بأن يكون دور يسوع هو الممهد الشخص آخر، وقد تكرر إغفال بعض الشخصيات التاريخية في هذا الإنجيل أكثر من مرة كما سوف نرى في حذف شخصية توما وسمعان القانوي.


برنابا 42: 3-10 مع يو 1: 19-27

(57) إنجيل برنابا :قيمته الحقيقية . ص 74-79

ذكره يوسيفوس في كتابه Antiquities of Jews xviii. 116-119

The New Testament Background: Selected Documents by c.k. Barrett. London spck. 1961 .pp. 197-198

 

2- عدم ذكر توما وسمعان الغيور في قائمة أسماء التلاميذ

عندما نرجع إلى الكتاب المقدس نجد هناك قائمة بأسماء تلاميذ المسيح الاثني عشر، جاءت في مت 10: 2-4 ، مر 3: 16-18 ، لو 6: 13-16 ، أع 1: 13 .

وفي هذه القوائم الأربع لم يأتِ اسم برنابا ولكن كاتب إنجيل برنابا يدخل برنابا في زمرة التلاميذ الاثني عشر ، فيقول في مقدمته "برنابا رسول يسوع الناصري المسمي المسيح "وعندما يذكر أسماء التلاميذ يضع نفسه الثالث في ترتيب القائمة (برنابا 14: 11-17)، فكيف استطاع أن يفعل هذا ؟

1- أضاف اسمه

2- تداوس والذي له اسم ثان هو يهوذا أصبح رسولين (يهوذا وتداوس)

3- حذف من قائمته توما وسمعان الغيور

أولاً : توما

كلمة عبرانية بمعني "التوأم " وفي اليونانية ديويموس ". إن توما كتلميذ للمسيح شخصية متفق عليها في القوائم الأربع ، وهو شخصية هامة جداً تاريخياً فلقد ذهب للكرازة في الهند وهناك كنيسة تُنسب إلى مازالت حتى اليوم تسمى "مار توما".(58)

فتوما إذن هو أحد الاثنى عشر رسولاً ، وأكثر ما يذكر في إنجيل يوحنا (يو 11: 16-25 ، 20: 24 ، 21: 2)، ونقرأ عن اختياره ليكون بين الاثنى عشر في إنجيل متى ( 10: 3)، وإنجيل مرقس (3: 18) ، وإنجيل لوقا ( 6: 15) ، وأعمال الرسل (1: 13)، ولقد كان لتوما مواقف واضحة أبرزها كاتب إنجيل يوحنا.

أ- حين أعلن يسوع عن قصده في الذهاب إلى بيت عنيا ليشفي لعازر (يو 11: 1-54) بالرغم من الخطر الذي كان يحدق به من اليهود المعادين ، كان توما هو الوحيد الذي قاوم سائر التلاميذ عندما حاولوا أن يثنوه عن عزمه ، واحتج قائلاً :" لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه " (يو11: 16).

ب - في ليلة الآلام، سأل توما يسوع قائلاً : "يا سيد لسنا نعلم أين نذهب ، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟. قال له يسوع : أنا هو الطريق والحق والحياة ، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي "(يو 14: 5-6).

جـ- بعد قيامة المسيح ، ظهر لتلاميذه في العلية ( يو 20: 24)، ولم يكن توما معهم . ولم تفلح شهادتهم في اقناعه بحقيقة القيامة . وقال لهم "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن (يو 20: 25 )، وبعد ثمانية أيام ظهر لهم المسيح ومعهم توما ( لو 20: 26) ليعالج شكوكه وهنا تحقق ما كان يطلبه ، واعترف قائلاً : ربي وإلهي (20: 18) وعَلّقَّ المسيح على عدم إيمانه قائلاً له:"لأنك رأيتني ياتوما آمنت " طوبى للذين آمنوا ولم يروا " (20: 29).

د- كان توما أحد التلاميذ الذين أظهر لهم يسوع ذاته على بحر طبرية في حادثة صيد السمك الكثير ( يو 21: 1-12)، ويذكر توما لآخر مرة في العهد الجديد في سفر الأعمال (1: 3)، عندما كان التلاميذ يواظبون في العلية على الصلاة بنفس واحدة.(59)

"سار توما في خدمته المجيدة ، وقيل إن ثلاثة من الملوك آمنوا على يديه . صحت رواية التقليد ، وأنه عمل بين فارس والهند ، وأنه احتمل الاضطهاد حتى ناداه سيده إليه ، بعد أن أكمل سعيه وأتم رسالته ، وإذا صح أنه طعن بحربة وهو يصلي ، فنحن لا نعلم أين كان موقعها في جسده، وهل وصلت إلى جنبه ، وهل تحسس مكانها ، وهو يجود بأنفاسه الأخيرة؟ وهل ذكر ذلك الجنب المطعون الذي أراد أن يرى موضع الحربه فيه ؟ على أي حال لقد حمل صليبه وراء السيد، ووقف في كل التاريخ دائماً سباقاً في الحب والولاء والخدمة والطاعة والشهادة والاستشهاد لإخوته، الذين ساروا على نفس النهج ، وسلكوا ذات الدرب"(60)

ولأن كاتب إنجيل برنابا كرّس جهده وكتابه لانكار لاهوت المسيح ، فقد كان جزاء توما الذي قال جهراً للمسيح "ربي وإلهي" أن حذف اسمه من قائمة التلاميذ.


(58) قد عقد مجمع الكنائس العالمي دورته الثالثة في الفترة من 19 نوفمبر إلي 5 ديسمبر سنة 1961 في نيودلهي عاصمة الهند . وكان أحد رؤساء المجمع في هذه الدورة غبطة يوحنا مار توما رئيس كنيسة مار توما السريانية في ملابار بجنوب الهند (هنا نيودلهي : مجمع الكنائس العالم ، الدورة الثالثة. حبيب سعيد).

(59) دائرة المعارف الكتابية . مجلد 2 ص 407

(60) رجال الكتاب المقدس . مجلد 3ز القس إلياس مقار . دار الثقافة. ط 1 سنة 1983 ص188.

 

2- سمعان القانوى أو الغيور

لقد ذكر أيضاً في القوائم الأربعة ، فذكره متى باسم سمعان القانوي" (مت 10: 4) وأيضاً مرقس (3: 18)، وذكره لوقا باسم سمعان الذي يدعى الغيور " (لو 6: 15 ، أع 1: 13) ، وسمعان القانوي هو نفسه سمعان الغيور ، فكلمة قانوي كلمة آرامية تعني الغيور مما يشير إلى أن سمعان

 هذا كان ينتمي قبلاً إلى حزب الغيورين، الذين كانوا متعصبين للناموس، كما أنهم كانوا وطنيين متحمسين ، وكان هدفهم طرد الرومان من البلاد(61)


(61) ما وراء الكلمات مكرم مشرقي . دار النشر الأسقفية. ط1 سنة 1997 ص 20

انظر المراجع التالية بخصوص هذا الموضوع :

أ- دائرة المعارف الكتابية مجلد 4 ص 429 تؤكد ذلك " لقب بالقانوي تمييزاً له عن سمعان بطرس ، وهو لم يكن كنعانياً من "قانا" ولكن كلمة "قانوي" هنا كلمة آرامية تعني

الغيور ". ويبدو أنه كان أصلاً من حزب يهودي وطني ، هو حزب الغيورين الذين كانوا يعارضون الحكم الروماني ويميلون إلى استخدام العنف . وأيضا مجلد 6 ص 160

ب- التفسير الحديث : متى ر.ت فرانس تعريب أديبه شكري . ص 192

قانوي : التعبير الآرامي لكلمة "غيور" qanuna

جـ- تفسير كلمات الكتاب المقدس. سعيد مرقس إبراهيم . ط1 سنة 1993. ص 383 القانوي كلمةأرامية معناها غيور

هـ - تاريخ الفكر المسيحي . د. القس حنا جرجس الخضري مجلد1 ط1 سنة 1989 ص247

"في حقيقة " الأمر إننا عندما نرجع إلى أصل الاصطلاح الذي استعمله كل من متى ومرقس

"القانوي " فهو لا يعني أنه كان من "قانا" والكتابة الصحيحة لهذه الكلمة الأرامية هي "سمعان الكاناني أو الكانوني " ومعني هذا الاصطلاح في اللغة الآرامية "غيور

و- The New Bible Dict., The Inter - Varsity Fellowship, 1967, London, page 186

Cananaean from Aramic Qan’an : the Equivalent Greek Term Zealot

ز- وأيضا The Westmenster Dictionary of the Bible by John D. Davis 1979 page 90

*"جماعة الغيورين قد ولدت في التاريخ اليهودي بعدالمبادرة التي قام بها فينحاس بن العازار (عدد 25: 6-15) ، وبدأت تنتشرالحركة الغيورية في أيام انتنحوس أبيفانس الرابع بطريقة فردية أو جماعية قوية وفعالة في بعض الأحيان ، وهزيلة وضعيفة في أحيان أخري .. إلي أن جاء يهوذا الجليلي وقام بثورته ضد الرومان وضد الأرستقراطية الكهنوتية ، ومنذ هذا التاريخ أصبحت هذه الحركة منظمة دينية سياسية ، ومع أن هجوم الرومان على هذه الجماعة وقتلهم لقائدها يهوذا الجليلي وصادوق الفريسى وتشتيتهم لأفرادها في سنة 6أ و 7 ب. م ، كان ضربة قاسية مريعة لحياة هذه المنظمة ، فقد ظل الغيورون بالرغم من هذه الضربة متمسكين بغيرتهم الدينية والسياسية، والعمل على تنفيذ أغراضهم والوصول إلى أهدافهم التي وضعوها نصب أعينهم ، فإن الذين أفلتوا من ايدي الرومان وتشتتوا في البلاد خصوصاً في الجليل مسقط رأس يهوذا الجليلى، كونوا نواة للمقاومة ، وكانت هذه النواة تعمل بطريقة خفية وسرية جداً، حتى لا تراها أعين الرومان أو أعوانهم. هذه النواة كانت تنموة بطريقة خفية إلى أن استردت قوتها وحيويتها وعندئذ استانفت مرة أخرى نشاطها السياسي والديني بطريقة فعلية وعملية . ومن حركة الغيورين هذه خرجت عدة حركات أو أحزاب دينية وسياسية " هدفها الاصلاح والتغيير وطرد المستعمر واختلفت وسائل تحقيق هذه الأهداف بين الاعتدال والتطرف باستعمال القوة"

(تاريخ الفكر المسيحي. مجلد1 .ص 117 لدراسة هذا الموضوع بالتفصيل ارجع إلى ص110- 135 ، 240 - 263 من نفس الكتاب)

3- لباوس أو تداوس

كتب محمد عبد الرحمن عوض بعد أن ذكر الاختلاف في اسم أحد التلاميذ في مت 10: 3 لباوس الملقب تداوس ، وفي مر 3: 18 تداوس وفي لو 6: 16 يهوذا أخا يعقوب.

"نقرأ في قائمة متى ومرقس أنه "لباوس " المقلب تداوس " وقد جاء في مرقس لقبه فقط "تداوس" ولابد أن يكون هذا موضع تساؤل عن السر الذي دفع مرقس إلى التغاض عن ذكر الاسم الحقيقي "لباوس" مع حرصه علي ذكر الاسم الحقيقي قبل اللقب؟... فقد ذكر"سمعان" اسم "بطرس " وذكر لقباً للأخوين يعقوب ويوحنا ابنا زبدي وهو بوانرجس أي ابني الرعد. وهكذا نراه أطال في ذكر اللقب لابني زبدي ، بل وذكر ترجمته أيضاً، ومع ذلك فهو عندما ذكر "تداوس " فقد خرج عن القاعدة . ولم يذكر الاسم الحقيقي بل اكتفى باللقب.

فإذا كان هذا الحواري لم يذكره لوقا في قائمته .فقد أصبح لهذا الاختلاف بين متى ومرقس في اسم هذا الحواري (حيث اكتفي الثاني بذكر لقبه فقط) مغزاه الذي لا نستطيع اغفاله . إذ أن هذا لم يحدث إلا في تداوس المختلف عليه . فما معني ذلك؟ ربما يعني ذلك أن تداوس هذا له اسم حقيقي غير اسم "لباوس" . فإذ انتقلنا إلى القائمة الثانية بأسماء الحواريين وهي قائمة "لوقا " نجد أن الحواري الثاني عشر هو"يهوذا أخا يعقوب"، فمنْ هو يهوذا هذا ؟ ذلك ما لايجيب عليه الإنجيل ، ولا تجيب عليه كتابات الدارسين، ولكننا نتساءل عن يهوذا ونتساءل عن لباوس أو تداوس فلابد أن يكون أحدهما من غير الحواريين من هوالحواري دون الآخر؟

والجواب :إن الاختلاف يخرج كلا الأسمين من القائمتين . فلا يهوذا أخو يعقوب من الحواريين ولا لباوس أو تداوس هو الآخر من الحواريين. ذلك أنه لابد أن يكون حدث اختلاف حول شخص معين أريد أخراجه من الحواريين لسبب ما ، ورأى أصحاب هذه الفكرة أن يدرجوا اسماً بدل اسم هذا الشخص غير المرغوب فيه . وراقت هذه الفكرة لهم ، ولكنهم دّونوا أسماء فيها اختلاف عميق . ولكن منْ عساه أن يكون هذا الشخص ؟ إنه برنابا (62)

التعليق :

كون أن مرقس يكتفي بذكر لقب التلميذ فقط ، فهذا لا يعني أن لباوس ليس واحداً من التلاميذ، فقد ذكره متى لباوس الملقب تداوس ، وأن ذكر الاسم دون اللقب أو اللقب دون الاسم ليس دليل نفي ، فأحياناً يكون اللقب أو اسم الشهرة أكثر معرفة وانتشاراً من الاسم الأصلي .

وإذا كانت المشكلة هي حذف اسم حتى يمكن إضافة اسم أخر بدلاً منه ، فقد حذف كاتب إنجيل برنابا اسمي سمعان الغيور وتوما وجعل يهوذا وتداوس رسولين وهما اسمان لشخص واحد هو يهوذا أخو يعقوب ( أع 1: 13) وكان يطلق عليه . لباوس . وهي كلمة آرامية تعني " حلمة الثدي " وأيضاً أطلق عليه " لباوس" "ومعناها" القلب"(63)، وهو يهوذا ليس الأسخريوطي (يو 14: 22) وليس في هذا غرابة، فقد أطلق على بطرس لقبي سمعان وصفاه.

وهو كاتب رسالة يهوذا ،وغالباً هو أخو يعقوب بن حلفى أسقف أورشليم وأحد الأعمدة العظمى في الكنيسة (غل 1: 19 ، 2: 9 ، 1كو 15: 7).(64) وتربطه صلة قرابة بالمسيح ، وكان مع الرسل عند صعوده ( أع 1: 9-14 ) ، فهو ليس شخصية مجهولة أو نكرة . وإن الاختلاف في الاسم لا يخرج الاسمين من القائمة حتى لو بدا لنا ظاهرياً أن حل هذه المشكلة أمر عسير .

 


(62) الاختلاف والاتفاق بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة. محمد عبد الرحمن عوض . دار البشير للطباعة والنشر ط1 سنة 1986 ص 30-32

(63) دائرة المعارف الكتابية . مجلد 2 . ص 340

(64) المدخل إلي العهد الجديد د. فهيم عزيز ص 158

4- أخطاء تتعلق بإيليا

ذكر كاتب إنجيل برنابا النبي إيليا في أربع أصحاحات:

برنابا 18: 5 قول المسيح "كما حدث في أيام إيليا إذ قتلت إيزابل عشرة آلاف نبي ، حتى بالجهد نجا إيليا المسكين وسبعة آلاف من أبناء الأنبياء الذين خبأهم رئيس جيش آخاب.

برنابا 145: 1-2 قول المسيح "لقد كان في زمن إيليا خليل الله ونبيه اثنا عشر جبلاً يقطنها سبعة عشر ألف فريسي ، ولم يكن بين هذا العدد الغفير منبوذ واحد ، بل كانوا جميعاً مختاري الله .

وفى عدد 17"إن إيليا خليل الله كتب إجابة لتضرع تلميذه إليشع كتيباً أودع فيه الحكمة البشرية مع شريعة الله أبينا".

برنابا 138: 4 قول يسوع:" ألا تعلمون أن إيليا خادم الله لم ير خبزاً مدة اضطهاد آخاب له ثلاثة سنين متغذياً بالبقول والثمار البرية فقط".

برنابا 148: 6-7 قول المسيح: "بعد سفر إيليا تشتت شمل طائفة الفريسيين بسبب الاضطهاد ، لأنه ذبح في زمن إيليا نفسه في سنة واحدة عشرة آلاف نبي ونيف".

التعليق:

لقد وردت قصة إيليا في 1مل 16-19 ، 2مل 1-2

" بعد موت سليمان انشقت المملكة إلى قسمين : وصار الجزء الجنوبي من نصيب رحبعام والشمالي تحت حكم يربعام الذي كان حريصاً كل الحرص على ألا يفلت شعبه من تحت نفوذه، وسلطانه ، وكان يخشى أن يفقد هذا النفوذ إذا استمر الشعب في الذهاب إلى أورشليم مرتين أو ثلاث مرات في السنة في الأعياد السنوية. من أجل هذا عزم على إقامة عبادة يهوه في بلاده، فبني هيكلين أحدهما في دان في أقصى الشمال والآخر في بيت إيل في أقصى الجنوب، وفي كل منهما وضع عجلاً ذهبياً حتى ُيعبد إله إسرائيل في شكل عجل يأكل، وبعد تقلبات عديدة وسفك دماء كثيرة انتقل المُلك إلى رجل حربي هو "عمري" (1مل 16: 21 - 28)، هذا ولد آخاب الذي قيل عنه إنه زاد في العمل لإغاظة الرب إله إسرائيل أكثر من جميع ملوك إسرائيل الذين كانوا قبله (1مل 16: 33)، وفي زمنه كان إيليا النبي"(65)

كان آخاب بن عمري هو سابع ملك لإسرائيل وملك اثنتين وعشرين سنة ( 876- 854) (امل 16: 28، 29) وكان من أقوى ملوك إسرائيل، فقد عقد تحالفاً مع أقوى دولة تجارية في عصره ، بالزواج من إيزابل ابنة اثبعل ملك صور ورئيس كهنتها ، وعقد أيضاً معاهدة صلح مع يهوشافاط ملك يهوذا، ولكن بزواجه من إيزابل أدخل عبادة البعل وبنى في السامرة معبداً للبعل(1مل 16: 32-33)، وكانت زوجته إيزابل حامية لأنبياء البعل (1مل 18: 19 - 20 ، 19: 1-2) وقد قتلت أنبياء الرب بالسيف .(66)

وبمقارنة ما جاء في سفري الملوك الأول والثاني، وما ذكره كاتب إنجيل برنابا نجد أنه وقع في الأخطاء التالية :

1- برنابا 18: 5 إن إيزابل قتلت عشرة آلاف نبي وسفر الملوك الأول لم يحدد عدد من قتلتهم، ويذكر "حين قتلت إيزابل أنبياء الرب " (1مل18: 13) وهذا العدد مبالغ فيه وهذه هي الصفة الواضحة في كاتب هذا الإنجيل، الذي سبق وذكر أن عدد الأنبياء 144000 نبي (برنابا17: 21 ، 35: 28).

2- برنابا 18: 5 يذكر أن عدد الذين نجوا من أبناء الأنبياء 7000 الذين خبأهم رئيس جيش آخاب، والحقيقة أن عدد الذين نجوا هو مائة رجل فقط: "ألم يخبر سيدي بما فعلت حين قتلت إيزابل أنبياء الرب إذ خبأت من أنبياء الرب مئة رجل خمسين خمسين رجلاً في مغارة وعلتهم بخبز وماء" (1مل 18: 13).

ولكن الـ 7000 شخص هم الذين بقوا في إسرائيل كمؤمنين لم يجثوا للبعل (1مل 19: 8)

والذي خبأ المئة شخص ليس رئيس جيش آخاب بل هو عوبديا

"فدعا آخاب عوبديا الذي على البيت ، وكان عوبديا يخشى الرب جداً وكان حينما قطعت إيزابل أنبياء الرب أن عوبديا أخ مئة نبي وخبأهم خمسين خمسين رجلاً في مغارة وعالهم بخبز وماء "(1مل18: 3-4).

فعوبديا لم يكن رئيس جيش آخاب بل مشرفاً على بيته (67)

4- برنابا 145 يذكر أن إيليا "خليل الله" ولقب خليل الله لم يستعمل في الكتاب المقدس إلا لإبراهيم ويذكر أنه كان هناك 12 جبلا يسكنها 17.000 فريسي. وكما أوضحنا سابقاً- عند الحديث عن الفريسيين - خطأ هذا القول حيث أنه لم يكن هناك فريسيون في زمن إيليا ، وكذلك لا يوجد في فلسطين 12 جبلاً .

برنابا 138 يقول إن إيليا لم ير خبزاً مدة اضطهاد آخاب له، لمدة ثلاثة سنين، متغذياً بالبقول والثمار البرية فقط، وهذا يخالف نص الكتاب المقدس. حيث أن عندما جاء إيليا للملك آخاب وأعلن له عن عدم سقوط الأمطار أمره الرب أن يذهب إلي نهر كريت الذي هو مقابل الأردن، وكانت الغربان تأتي إليه بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحم مساءً وكان يشرب من النهر" (1مل 17: 2، 6).

وبعد أن جف النهر أمر الرب أن يذهب إلى صرفة التي لصيدون حيث عملت له الأرملة كعكة من الدقيق والزيت وعاش هناك أياماً (1مل 17: 8-16). بل من المفترض أنه نتيجة للجفاف الذي دام لمدة 3سنوات لا توجد بقول ولا ثمار برية.

5- برنابا 145: 17-18 يقول إن إيليا كتب - بناء على تضرع تلميذه إليشع - كتيباً أودع فيه الحكمة البشرية مع شريعة الله

وبالرجوع إلى 2 مل 2: 9-10 قال إيليا لإليشع أطلب ماذا أفعل لك قبل أن أوخذ منك فقال إليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علىَّ. فقال صّعبت السؤال . فإن رأيتني أوخذ منك يكون لك كذلك.

فاليشع لم يتضرع من أجل كتاب ، وإيليا لم يكتب مثل هذا الكتاب (برنابا 145 : 22-49) لأن تعاليمه هي تعاليم رهبانية العصور الوسطي التي سادت في أوربا ، كما أوضحنا سابقاً .

6- برنابا 148 : 60 بعد سفر إيليا تشتت شمل طائفة الفرييسين. ولست أدري ماذا يقصد الكاتب بسفر إيليا ، هل انتقل إلى بلدة أخري أم انتهاء حياته على الأرض والكتاب المقدس يذكر أنه أخذ في مركبة من نار إلي السماء (2ملوك 2: 11) .

هذه بعض أخطاء إنجيل برنابا التي تتعلق بشخصيات الكتاب المقدس وهناك أخطاء أخرى تتعلق بإبراهيم ، وإسماعيل ، وداود ، وسليمان وأيوب نضرب صفحاً عنها حتى لا نطيل.

 


(65) حياة إيليا .ف.بز ماير. ترجمة القمص مرقص داود مكتبة المحبة ط3 ص 10

(66) دائرة المعارف الكتابية . مجلد 2 ص 93

أنظر قصة هذا الموضوع في قالب روائي "إيزابل : الملكة الدموية "تأليف باميلا فرانكو ترجمة د. عزت ذكي . دار الثقافة سنة 1987

(67) في الترجمة العربية الجديدة "القيم علي القصر"ط1 سنة 1993 .دار الكتاب المقدس. بيروت who was in charge of his plcae. NIV 1979 أي المسئول أو المشرف على قصره.

 

الصفحة الرئيسية