الموضوع الخامس والعشرون : كيفية تكون الذكر والأنثى

 

     يستشهد عفيف طبارة بالآيات 37ـ39 من سورة القيامة والتي تقول :" أيحسب الإنسان أن يُترك سدى . ألم يكن نطفة من مني يُمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى "  فيقول عن هذه الآيات :" يقرر القرآن بأن جنس المولود سواء أكان ذكرا أم أنثى ، مصدره من ماء الرجل وحده وهذه حقيقة علمية يؤيد بها العلم القرآن ...وهكذا تظهر حكمة القرآن عندما قال (فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) والضمير في لفظ "منه" راجع إلى السائل المنوي الذي يصدر من الرجل والذي عبر عنه القرآن بقوله ( ألم يك نطفة من مني يُمنى ) " (1)

لم أشأ التطويل على القارئ بخصوص هذا الموضوع لذلك لن أعود إلى تفاسير الآية التي استشهد بها هذا الكاتب ولكن سأدرج ماهو أقوى من التفاسير ، سأدرج حديثين يتعلقان بالموضوع كي نرى موقع الإعجاز من الصحة ، ونحن نعلم أن السنة تفسر القرآن :

ـ قال الإمام أحمد حدثنا سفيان بن عمرو عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت الرسول يقول :" يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة فيقول يارب ماذا؟ شقي أم سعيد ذكر أم أنثى ؟ ...إلخ الحديث " (2)

ـ والحديث الآخر مروي عن ثوبان مولى محمد يذكر فيه يهوديا جاء يسأل محمدا فقال " جئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان ، قال ينفعك إذا حدثتك ، قال أسمع بأذني ، قال جئت أسألك عن الولد ، قال : ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا ، فَعَلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله ، وإذا علا مني المراة مني الرجل آنثا بإذن الله " رواه مسلم في الغسل في كتاب الطهارة (3) .

 

                                   الإعتراضات

 

والآن سنوضح اعتراضاتنا بالرغم من أن الأحاديث تبطل بشكل قاطع الإعجاز الذي ادعاه عفيف طبارة وغيره :

1ـ ذكرت الأحاديث أن الله لا يقرر خلق الأنثى أو الذكر إلا بعد مضي أربعين يوما عن تخصيب البويضة في حين أن الحيوان المنوي يحمل منذ البدء إما صبغات أنثوية أو ذكرية ، فإن كان يحمل صبغات أنثوية كان الجنين أنثى وإن كان يحمل صبغات ذكرية كان الجنين ذكرا .

2ـ يقول الحديث أيضا أنه إذا علا مني الرجل مني المرأة كان المولود ذكرا وإذا علا مني المرأة مني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1: روح الدين الإسلامي ص62

2: ابن كثير في تفسيره لسورة القيامة

3: انظر أيضا التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول 5/420

الرجل كان العكس ، في حين انه لا هذا ولا ذاك بل الحيوان المنوي للرجل هو الدي يتوقف عليه جنس

الجنين ، فلو كان القرآن يحوي إعجازا أطلع الله محمدا عليه ، فلماذا يُخطئ محمد أخطاء فظيعة كهاته ؟؟

3ـ نعود مرة أخرى للآية الواردة سابقا ( ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) نلاحظ أولا أنه لم يعين لا مني الرجل ولا مني المرأة ، والآية تتكلم بصفة عامة لا بصفة التخصيص ففي أولها تقول ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) وبالتالي فالمقصود هو الإنسان سواء أكان ذكرا أم أنثى ، فلما تقول الآية (فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى )  فإن الضمير "منه" يعود على الإنسان ككل لا على الرجل وحده ، إذن فالمعنى الصحيح هو أن الآية تخاطب الإنسان (الذكر والأنثى) وتخبرهم جميعا بأن أصلهم ما هو إلا مني تطور ونما عبر مراحل بفضل قوة الله ولذلك لن يتركه الله يوم القيامة بل هو قادر على إعادته وتكوينه من جديد كما فعل أول مرة ...

هذا هو المعنى المقصود ، وهو معنى بعيد كل البعد عن الإعجاز العلمي المزعوم ، فلماذا يدعي الآخرون غير ذلك ؟؟

 

عودة