الموضوع السادس: الظل
جاء بسورة
الفرقان 45ـ46:" ألم تر إلأى ربك كيف قدر الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا
الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا "
وفسرها علماء
الإسلام كما يلي :
" أي ألم
تنظر إلى بديع صنع الله وقدرته كيف بسط تعالى الظل ومده وقت النهار حتى يستروح
الإنسان بظل الأشياء من حرارة الشمس المتوهجة؟ إذ لولا الظل لأحرقت الشمس الإنسان
وكدرت حياته (ولو شاء لجعله ساكنا) أي لو أراد سبحانه وتعالى لجعله دائما ثابتا في
مكان لا يزول ولا يتحول عنه ولكنه بقدرته ينقله من مكان إلى مكان ، ومن جهة إلى
جهة ، فتارة يكون جهة المشرق وتارة جهة المغرب ، وأخرى من أمام أو خلف (ثم جعلنا
الشمس عليه دليلا) أي جعلنا طلوع الشمس دليلا على وجود الظل ، فلولا وقوع ضوئها
على الأجرام لما عرف أن للظل وجودا ولما ظهرت آثار هذه النعمة " (1).
(ثم قبضناه إلينا
قبضا يسيرا) أي أزلنا هذا الظل شيئا فشيئا وقليلا قليلا لا دفعة واحدة لئلا تختل
المصالح"(2).
ـ وقال قتادة
والسدي عن قوله (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) دليلا تتلوه وتتبعه حتى تأتي عليه كله
" (3).
الإعتراضات:
ـ نعلم أن الله
له قدرة كاملة وسلطة تامة ، إذ يعمل مايشاء وقتما شاء وكيفما شاء ، إلا أن أعماله
لا تعارض صفاته ، وبالتالي نستطيع القول بأنه يقدر على أن يجعل الظل ساكنا ، لكننا
لا نعترض على هذا بل على قول القرآن (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) هل فعلا الشمس
تتبع الظل وتتلوه؟ هل هي الدليل الذي يقوده؟ هذه كلها عبارة عن أخطاء علمية فظيعة
لأن دوران الأرض هو الذي يتحكم في مد الظل وقصره وكل تحولاته، ولكن لما قالوا بأن
الدليل معناه " البرهان أيضا على وجود الشمس " إذ لولا الشمس لما عرفنا
أن الظل موجودا ، نجيبهم بأن هذا التفسير لا يخلو هو الآخر من أخطاء ، إذ أن الظل
موجود أيضا تحت ضوء القمر والمصابيح وتحت أي نور كان بل حتى الليل المظلم هو شكل
من أشكال الظل ، إذا فالشمس ليست هي الدليل على وجود الظل بل الظل ذاته دليل على
وجود نفسه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: صفوة
التفاسير
2:نفس المرجع
3: ابن كثير