الكتاب الثاني

إنجيل برنابا

تمهيد

لم يكن برنابا الوارد ذكره في الكتاب المقدس واحداً من تلاميذ المسيح، كما أنه لم يكن من سكان فلسطين الذين شاهدوا أعمال المسيحوسمعوا تعاليمه، بل كان يهودياً من سكان جزيرة قبرص. ولما سمع الإنجيل بعد صعود المسيح إلى السماء بتسع سنوات تقريباً، آمن به مثل غيره من اليهود (أعمال 4: 36 و37). فلو فرضنا جدلاً أنه هو الذي كتب الإنجيل الذي ينسبونه إليه، لما جاز لأحدٍ أن يصدقه، لأن الشرط الأساسي في صدق الإنجيل أن يكون كاتبه واحداً من تلاميذ المسيح، أو رفيقاً له شاهد بنفسه كل أعماله.

أما الكتاب المسمى الآن إنجيل برنابا والذي ترجمه إلى العربية السيد خليل سعادة، ونشره في مصر السيد محمد رشيد رضا، فليست لكاتبه علاقة ببرنابا الذي ذكرناه. ومع أن الكاتب يقول إنه كان أقرب الرسل إلى المسيح وأحبّهم إليه، غير أنه ليس هناك شخص مسيحي يصدقه أو يقبل كتابه، لأسباب متعددة سنأتي على ذكرها.

لكن الذين يقبلونه، هم فقط فريق من إخواننا المسلمين الذين لم يدرسوا محتوياته دراسة دقيقة، ولكنهم يقبلونه لسببين رئيسيين:

 

(1) قوله إن المسيح ليس ابن الله، بل هو إنسان عادي,

(2) وقوله إنه لم يُصلب بل أُلقي شَبَهه على يهوذا الإسخريوطي، فصُلب بدله. لكن فضلاً عن أن الإنجيل الموجود بين أيدينا الآن، هو الإنجيل الحقيقي (كما اتضح لنا في الكتاب السابق) الأمر الذي لا يدع مجالاً للاعتقاد بصدق الإنجيل المنسوب إلى برنابا هذا، نقول: إن إنجيله أو بالحري كتابه، هو كتاب مزيف أُدخل حديثاً خلسةً إلى العالم مثل غيره من الكتب المزيفة، لتشويه الحقائق المسيحية ونشر آراء مضادة لها، بهدف تحويل بسطاء المسيحيين عن عقائدهم، كما يتضح من الفصول التالية.

الصفحة الرئيسية