2 - شبهات شيطانية حول رسالتي كورنثوس
قال المعترض : الذي يقرأ رسالتي كورنثوس يكتشف أن بولس يعتبر نفسه أقل من سائر الرسل, ويظهر صراحة من كلامه أنه ليس إلهامياً, وكأمثلة نقتبس من الرسالتين بعض أقواله, جاء في 1كورنثوس 7: 10 ، 12 ، 25 وأما المتزوّجون فأوصيهم لا أنا بل الرب ,, وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب ,, وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهنّ، ولكنني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً , وجاء في 2كورنثوس 11: 17 الذي أتكلم به لست أتكلم به حسب الرب، بل كأنه في غباوة , وجاء في 2كورنثوس 12: 11 قد صرتُ غبياً وأنتم ألزمتموني ,
وللرد نقول بنعمة الله : (1) قوله في 1كورنثوس 7: 10 المتزوّجون أوصيهم لا أنا بل الرب: أن لا تفارق المرأة رجلها , فالمؤمنون في كورنثوس استفهموا من الرسول عن مسألة انفصال أحد الزوجين، فأخبرهم أن المسيح حكم في هذه المسألة حكماً صريحاً (كما في متى 5: 32 و19: 3-9 ومرقس 10: 2-12 ولوقا 16: 18), فليس قصد الرسول أن يفرّق ويميّز بين ما علّمه المسيح بفمه وهو على الأرض، وبين ما ألهمه الروح القدس، بل قصد أن المسيح سبق فحكم في هذه المسألة، بحيث إذا زاد شيئاً كان تحصيل حاصل, ومقتضى أمر المسيح هو أنه لا يجوز للرجل أن يترك امرأته، ولا للمرأة أن تترك زوجها، فرباط الزيجة لا ينفك إلا بزنى أحد الزوجين, وقول الرسول بولس، لا يعني (كما ادّعى الكفرة) أن بولس كان لا يرى نفسه إلهامياً, وقد تقدمت الآيات الكثيرة التي قال فيها إن الله هو الذي كان ينطق عن لسانه وأوحى إليه أسرار المسيح,
(2) أما قوله في 1كورنثوس 7: 12 وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب: إن كان أخٌ له امرأة مؤمنة وهي ترضى أن تسكن معه فلا يتركها , فقوله أنا لا الرب معناه أن المسيح لم يتكلم في مسألة معاشرة المرأة ة للمؤمن، ولم يُدوَّن شيء بخصوصها في الكتب الإلهية قبل الآن, أما في مسألة الطلاق التي تقدَّم ذكرها فحكم فيها المسيح،ودُّوِنت أحكامه في الأناجيل, أما مسألة: إذا كان أحد الزوجين غير مؤمن، فتكلم فيها الرسول بولس بصفة أنه من الرسل الذين لا يتكلمون إلا بإلهام الروح القدس، وبرهان ذلك قوله في آية 40 إن كلامه صادر عن روح الله، فلا يُعقل أنه يعارض نفسه بنفسه، بأن يقول إن كلامه وحي وغير وحي في آنٍ واحد, وقس على ذلك في آية 25 وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهنّ، ولكنني أعطي رأياً كمن رحمه الرب: أن يكون أميناً , فقوله ليس عندي أمر من الرب يعني أنه لم يرد أمرٌ صريح في كتاب الله بخصوص هذه المسألة, ولكنه قال فيها كلام رجلٍ أمين افتداه المسيح برحمته ونعمته, أما قوله في آية 40 أظن أني أنا أيضاً عندي روح الله فاللفظة اليونانية المترجمة أظن تفيد اليقين، إذ لا يجوز أن يكون مرتاباً في أن روح الله هو الذي كان ينطق على لسانه، فكيف يكون مرتاباً وهو يسنّ قوانين يسير بموجبها المؤمنون؟ وإنما قال بالظن وأراد اليقين، تواضعاً منه,
(3) أما قوله في 1كورنثوس 7: 25 : وأما العذارى فليس عندي أمرٌ من الرب فيهنّ، ولكني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً فقد ظن البعض أنه يفيد أن بولس ينكر أنه كتب هذا الفصل بالوحي, ولكن يجب أن لا ننسى أن الرسول ليس غرضه هنا أن يثبت أو ينفي كونه يتكلم بالوحي، فهذا لا يفيد أنه تكلم هنا غير مسوق بالوحي, فالوحي معناه أن الكاتب يتلقَّى إرشاداً من الله، أو كما يقول بطرس عن كتبة الأسفار إنهم كانوا مسوقين من الله (2بطرس 1: 21), ولا يخفى أن رسائل بولس تتضمن مواضيع شتى لم يُشِر إليها المسيح، وهذا مطابق لكلام المسيح نفسه (يوحنا 16: 12 و13) فرسائل بولس تضع أمامنا تعاليم الإنجيل الجوهرية الخاصة بالكنيسة، وتتضمن أيضاً كثيراً من الحوادث التاريخية، وتصوّر لنا عواطف الرسول نفسه وإحساساته, وتتضمن أيضاً إشارات مخصوصة وتحيات أخوية، كما وردت بها أيضاً نصائح طبية، وطلب خدمات خاصة, ولا يمكن أن يُقال إن كل ما كتبه بولس متساوٍ في أهميته روحياً, ولكن هذا لا ينفي أن كله لازم ومفيد لنا، وكله أيضاً موحى به من الله، وكانت مشيئته تعالى أن يكتب بولس كما كتب,
إن ما كتبه بولس في 1كورنثوس 7: 25 فكان رأيه الشخصي، ويصدق في الوقت نفسه أن يقال إن الروح القدس قد أوحى إليه أن يكتب بهذا الأسلوب عينه, وكانت مشيئة الله أن يعطي في هذه القضية المطروحة أمامنا تعليماً للكنيسة لا في صيغة الأمر، بل في أسلوب نصيحة على لسان الرسول لكنيسة كورنثوس، كمبدأ لمن شاء اتِّباعه, وعند قراءة 1كورنثوس 7 يجب أن نتذكر الضيق الذي كان واقعاً على تلك الكنيسة (انظر 1كورنثوس 4: 26) فلا نستغرب ورود كلام الروح القدس للكورنثيين في أسلوب النصيحة مع تركه الحرية لهم في تلك القضية بسبب ذلك الضيق, وعليه لا يمكن الّادعاء بأن تصريحات بولس في هذا الفصل تنفي أنه كان موحَى إليه في ما كتبه,
(4) أما قوله في 2كورنثوس 11: 17 الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب، بل كأنه في غباوة، في جسارة الافتخار هذه , فيعني أنه التزم أن يخرج عن مثال الرب الذي كان قدوةً كاملة في التواضع والوداعة، لتبرئة نفسه من افتراء أعدائه, ومع ذلك فكلامه ليس مخالفاً لمثال المسيح، لأنه لم تكن غايته الافتخار، بل غايته حميدة وهي تأييد الحق,
(5) أما قوله في 2كورنثوس 12: 11 فيقصد بولس أن الافتخار ليس من صفات العاقل الحليم, ولكن لما كانت الضرورات تبيح المحظورات، فقد افتخر بولس بنفسه، لأن بعض أعدائه في كورنثوس حاولوا صدّ المؤمنين عن الحق، فأخبرهم الرسول أن الله هو الذي أعلن له الوحي الإلهي، وأنه قاسى الضيقات والاضطهادات والشدائد حباً في المسيح، وأنه صنع بينهم آيات وعجائب وقوات، وأنه رسول, وقال لهم في آية 6 إن أردتُ أن أفتخر لا أكون غبياً لأن المقصود دحض افتراء المفترين وتثبيت المؤمنين في الحق, فكيف لا يرى نفسه إلهامياً في كل وقت، وهو يقول: إني فعلتُ الآيات والمعجزات ولست أقل من أعظم الرسل ؟
قال المعترض : ورد في 1كورنثوس 2: 9 بل كما هو مكتوب: ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه , وهي منقولة على تحقيق مفسّريهم من إشعياء 64: 4 ومنذ الأزل لم يسمعوا ولم يصغوا, لم تر عينٌ إلهاً غيرك يصنع لمن ينتظره , ونسب مفسروهم هذا التحريف إلى إشعياء ,
وللرد نقول بنعمة الله : لم ينسب مفسّر هذا التحريف إلى إشعياء، وإنما قالوا إن الرسول بولس اقتبس من إشعياء بالمعنى, والاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومُباح ومردود, فالأول ما كان في الخُطب والمواعظ والعهود, والثاني ما كان في القول والرسائل والقصص, والثالث على نوعين: أحدهما ما نسبه الله إلى نفسه، والآخر تَضْمين آية في معنى هزل,
فإذا سمحوا للأدباء أن يقتبسوا بالمعنى، أفلا يجوز للأنبياء الكرام أن يستشهدوا بأقوال بعضهم بعضاً، وهم أعرف من غيرهم بمعاني أقوال الوحي؟
اعتراض على 1كورنثوس 6: 2 و3
انظر تعليقنا على يوحنا 5: 22 و27
قال المعترض : يقول 1كورنثوس 6: 10 إن سكيرين لا يرثونملكوت الله، ولكن بولس ينصح تلميذه تيموثاوس (1تيموثاوس 5: 23) أن يشرب خمراً, أليس هذا تناقضاً؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على 1 تيموثاوس 5: 23,
قال المعترض : جاء في 1كورنثوس 6: 12 كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق, كل الأشياء تحل لي، لكن لا يتسلّط عليّ شيء وهذا يعني أن كل شيء مباح ما دام يرضي الضمير ,
وللرد نقول بنعمة الله : نرجو أن نضيف إلى هذه آيةً تقول: كل الأشياء تحلّ لي، ولكن ليس كل الأشياء تبني (1كورنثوس 10: 23),
وهذه القواعد الثلاث تشترك في أساسها وهو أن المسيحي حرّ، ما دام في المسيح، وما دام الروح القدس فيه، وكل الأشياء طاهرة له (رومية 14: 20) على شرط أن نمتنع عما يضرّنا أو يضرّ غيرنا، وعلى شرط أن لا نصبح عبيداً تتسلَّط علينا طبيعتنا الجسدية أو عاداتنا أو شهواتنا، وعلى شرط أن نمارس فقط ما يبني حياتنا وحياة غيرنا الروحية والنفسية والعاطفية والاجتماعية والجسدية,
قال المعترض : جاء في 1كورنثوس 7: 8 ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا , ومعروف أن بولس الرسول لم يكن متزوجاً, فكيف نوفّق بين رأي بولس الرسول وأوامر الرب بالزواج في التكوين 2: 18 , ثم أن كلمات بولس في 1كورنثوس 7: 10 تعطي انطباعاً أنه يوافق على الطلاق ,
وللرد نقول بنعمة الله : من المؤسف أن هذا الأصحاح أُسئ تفسيره، حتى قال البعض إن بولس ضد الزواج وإنه يحتقر المرأة, وهذا ليس صحيحاً، فإنه ذكر أن الذين يمتنعون عن الزواج هم شياطين (1تيموثاوس 4: 1-3), ولكن يجب أن نذكر أن الرسول كتب هذا الأصحاح ليجاوب أسئلة محدَّدة عن حالة خاصة في كورنثوس، ولم يكن يكتب عن الزواج عموماً (راجع آية 26 مثلًا), وليس معنى هذا أن كل ما قاله الرسول هنا مُلزِمٌ لكل موقف في كل مكان في كل زمن, والرسول يبدأ الأصحاح بقوله: أما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها، فحسنٌ للرجل أن لا يمسّ امرأة ولم يقل يجب أن الرجل , وهو يسرع بالقول: ولكن بسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها ,
والرسول يقول إنه نظراً للاضطهادات الشديدة الواقعة على المؤمنين فيمكن أن لا يتزوّجوا، ولو أن لكل إنسان حق الزواج، وأن شريعة الزواج تقيّد كلًّا من الرجل والمرأة حتى لا يحقّ لأحدهما أن ينفصل عن الثاني إلا انفصالًا مؤقتاً (آيات 1-5), وقد أوضح الرسول أن ما يقوله عن الزواج هو نصيحة وليس أمراً (آيات 6-9) وأن الطلاق محرَّم (آيتا 10 و11) وأنه إن كان أحد الزوجين مؤمناً والآخر غير مؤمن، ورضي غير المؤمن أن يبقى مع شريكه المؤمن فلا يجوز الانفصال, ولكن إن رفض الطرف غير المؤمن استمرار الزواج، فإن الطرف المؤمن يمكن أن يتزوج (آيات 12-15), ويوصي الرسول المؤمنين بالامتناع عن الانفصال وبتحاشي أسبابه، لأن الإنجيل يدعونا للسلام، ولا يدعونا لتغيير الحالة الاجتماعية التي وجدنا أنفسنا عليها, والرسول هنا لا يحكم بضرورة الختان أو الغُرلة أو الحرية أو العبودية، لكنه يريدنا أن ننتبه إلى ما يجب علينا من نحو الله, وعلى هذا فلْيبْقَ كل مؤمن في الحالة الاجتماعية التي وجد نفسه فيها (آيات 16-24),
ويطالب الرسول المؤمنين أن يبقوا بدون زواج بسبب الاضطهاد والضيق، ولكن الرجل الذي يزوِّج عذراءه (ابنته أو الفتاة التي يتولى أمرها) لأنه وجد أنها تكبر في العمر فإنه لا يرتكب خطأ، فليزوِّجْها، أما من لا يرى اضطراراً لتزويجها فيمكنه أن يُبقيها في بيته (آيات 25-35), على أن الزواج يجب أن يكون في الرب فقط، فالأطفال سيتبعون مثال آبائهم الذين يجب أن يكونوا مؤمنين (آيات 36-40),
ومن هذا العرض السريع نرى أن الرسول بولس ليس ضد الزواج، وليس في صفّ الطلاق، لكنه ينصح أن تبقى الزوجة المؤمنة مع زوجها غير المؤمن إن رضي هو بذلك من أجل سلامة الأسرة وتربية الأولاد, ولم يُلْقِ إرهاقاً على من يتركه شريكه، إذ أن له أن يتزوج أيضاً,
قال المعترض : جاء في 1كورنثوس 7: 14 لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل, وإلا فأولادكم نجسون, وأما الآن فهم مقدسون ولكن جاء في أفسس 2: 3 الذين نحن أيضاً جميعاً تصرَّفنا قبلًا بينهم في شهوات جسدنا، عاملين مشيئات الجسد والأفكار، وكنّا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً ,
فالتعليم الوارد في أفسس 2: 3 أن كل الناس خطاة بالطبيعة، وهو ما يعلّمه الكتاب بجملته (قابل مزمور 51: 5 وتكوين 8: 21 ويوحنا 3: 6), فما هو إذاً معنى قول بولس في 1كورنثوس 7: 14 أن أولاد المؤمن أو المؤمنة مقدَّسون؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : بولس في هذا الفصل لا يتكلم على الحالة الشخصية للأولاد، بل على العلاقة أو الرابطة الكائنة بينهم ووالديهم, فيقول: الرجل غير المؤمن مقدَّس في المرأة , ولا يمكن أن يفهم عاقل من هذه العبارة أن غير المؤمن إذا كانت لهامرأة مؤمنة يصبح قديساً, ولكن المعنى المقصود هو أن اختلاط الزوجة المؤمنة بالرجل غير المؤمن ليس نجساً, على أن غير المؤمن هو في ذاته نجس أمام الله, ولكن هذه الحقيقة لا تؤدي إلى فك أو ملاشاة الروابط العائلية, فكل ما يمارسه المؤمن بحسب مشيئة الله وفي نور قداسته تعالى هو مقدس (قارن 1تيموثاوس 4: 4 و5),
فيتضح جلياً أن كلام بولس في هذا الفصل عن أولاد المؤمنين معناه أنهم مقدسون لوالديهم، ولو كان أحد الوالدين غير مؤمن, وعلينا أن نتذكر أن هذه القضية كانت مهمة جداً في ذلك العصر، فعند بداية الكرازة بالإنجيل كان يحدث أن تقبل الإيمان امرأة ويظل زوجها وثنياً، أو يؤمن الزوج وتبقى المرأة وثنية, وهذا أدّى إلى البحث في هذه القضية,
ولم يقصد الرسول في هذا الأصحاح أن يبرر تزوُّج المؤمنين بغير المؤمنات وبالعكس, بل يجب أن يتزوج المؤمن بمؤمنة (انظر 1كورنثوس 7: 39), ولكن الكلام هنا هو عن زواجٍ تمّ قبل الإيمان، ولذا قال لهم إن هذه الرابطة الزوجية لا تنجّسهم أمام الله، كما أن أولادهم أيضاً لم يكونوا نجسين بسبب ذلك الزواج, وعليه فالقرينة تثبت أن كلام بولس في 1كورنثوس 7: 14 لا ينفي هذه الحقيقة الراهنة أن كل البشر بحسب الطبيعة خطاة مولودون بالإثم,
قال المعترض : جاء في 1كورنثوس 9: 20 و21 صرت لليهودي كيهودي لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس، مع أني لست بلا ناموس، بل تحت ناموس المسيح، لأربح الذين بلا ناموس (1كورنثوس 9: 20 و21), ما هذا الكلام؟ أليس هذا هو اللف والدوران وعدم الثبوت على المبدأ؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : الذي عمله الرسول أنه أنكر نفسه واستعبدها للجميع ليربح الجميع، فجمع كل أنواع الحِلْم والتنازل عن العَرَضيات، لا الأساسيات، دون أن ينافي ضميره، بقصد عدم إغاظة سامعيه بدون داعٍ وبدون اضطرار, وافق بولسُ الناسَ على ذوقهم وعاداتهم في كل الأمور الجائزة حتى لا يهيّج غضبهم وتعصّبهم، ليرشدهم إلى الخلاص بالمسيح, راجع ما عمله لليهود الذين تحت الناموس، تجد أنه ختن تيموثاوس (أعمال 16: 3) وأخذ عهد النذير (أعمال 21: 21-27) ودعا نفسه فريسياً (أعمال 23: 1-6) وحكم عليهم باللطف ودعاهم للتوبة (أعمال 17: 28-31), وقد دافع عن عدم مطالبتهم بحفظ ناموس موسى (غلاطية 2: 12) وقال إن ناموس الله مكتوب على قلوب الوثنيين (رومية 2: 14 و15), أما للضعفاء فقد صار كضعيف, وعظ الكلام البسيط، وقدَّم اللبن لا الطعام الدسم (1كورنثوس 3: 2), وقصده أن يخلِّص على كل حال قوماً (آية 22),
فهل هذا لفٌّ ودوران؟ هذه هي الحكمة التي طالبنا المسيح بها حين أرسلنا مثل حملان وسط ذئاب، فلنكن حكماء كالحيات مع الاحتفاظ ببساطة الحمام (متى 10: 16), والحيات مشهورة بشدة احتراسها من الخطر، فعلى التلاميذ أن يماثلوها بالاحتراس وليس بالخبث, أما الحمام فإنه مشهور بالوداعة وعدم الإيذاء,
والمسيح نموذج في ذلك, كان حكيماً في إجابة أسئلة الفريسيين (متى 22: 15-46) وكان وديعاً وداعة الحمام وقت محاكمته (متى 26: 63 و64),
قال المعترض : ورد في 1كورنثوس 10: 8 ولا نَزْنِ كما زنى أناسٌ منهم فسقط في يوم واحد 23 ألفاً ولكن ورد في سفر العدد 25: 9 وكان الذين ماتوا بالوباء 24 ألفاً ففيهما اختلاف بمقدار ألف ,
وللرد نقول بنعمة الله : تكلم الرسول على الذين سقطوا في يوم واحد، وقال: فسقط في يوم واحد 23 ألفاً , وفي سفر العدد ذكر مجموع الذين هلكوا بسبب خطاياهم في أكثر من يوم واحد, ولو قال سفر العدد إنه مات في يوم واحد 24 ألفاً، لحصل التناقض، ولكنه بعد أن ذكر ما كان من خطايا بني إسرائيل، وغضب الله عليهم، قال ومات 24 ألفاً , إذاً لا يوجد تناقض لاختلاف الزمان,
اعتراض على 1كورنثوس 10: 11
انظر تعليقنا على فيلبي 4: 5
اعتراض على 1كورنثوس 10: 13
انظر تعليقنا على أمثال 16: 4
قال المعترض : ورد في 1كورنثوس 10: 28 ولكن إن قال لكم أحد: هذا مذبوح لوثن، فلا تأكلوا من أجل ذاك الذي أعلمكم، والضمير، لأن للرب الأرض وملأها , فقوله لأن للرب الأرض وملأها هي إلحاقية وأسقطها كريسباخ ,
وللرد نقول بنعمة الله : لما رأى كريسباخ ومن حذا حذوه أن هذه الآية مذكورة في آية 26 بنصّها، ذهب إلى أنها زائدة, وهي ليست زائدة بل مكررة فقط، لأنها موجودة قبل هذه العبارة بآيتين ثم أنها مقتبسة من سفر التثنية 10: 14 ومن مزمور 24: 1,
اعتراض على 1كورنثوس 15: 20-23
انظر تعليقنا على أعمال 26: 23
اعتراض على 1كورنثوس 15: 24
انظر تعليقنا على مزمور 145: 13
قال المعترض : جاء في 1كورنثوس 15: 28 عن المسيح إنه سيَخْضَع للذي أخضع له الكل، كي يكون الله الكل في الكل , وهذا يعني أن المسيح أدنى مرتبة من الله ,
وللرد نقول بنعمة الله : المسيح كابن الإنسان هو الوسيط بين الله والعالم، ولذلك قام ويقوم وسيقوم بجميع الأعمال التي تتطلب الوساطة بين الله والعالم, وعندما ينتهي العالم، وتنتهي تبعاً لذلك جميع الأعمال التي تتطلب الوساطة، لا يبقى للوساطة مجال بعد، ولذلك يتخلّى المسيح حينئذ عنها، ويتبوّأ فقط مركزه الأزلي الذي كان يشغله بالنسبة إلى اللاهوت قبل خلق العالم، وبذلك يكونالله (أو اللاهوت) هو الكل في الكل، أي دون أن يكون في الوجود بعد خلائق تخالف مشيئته، وتحتاج إلى قيام أقنوم الابن بدور الوساطة فيشفع فيها أو يكفّر عنها, ومن هذا يتضح لنا أن خضوع الابن في نهاية الدهور سيكون فقط بوصفه ابن الإنسان الوسيط بين اللاهوت والعالم, أما بوصفه الابن الأزلي، فهو والآب واحد، والكرامة التي تليق بالآب هي بعينها التي تليق به, ومما يثبت صحة ذلك أن الآية لا تقول: كي يكون الآب الكل في الكل بل تقول: كي يكون الله الكل في الكل مما يدل على أنه لا فرق بين أقنوم وآخر في اللاهوت على الإطلاق,
اعتراض على 1كورنثوس 15: 36
انظر تعليقنا على متى 5: 22
قال المعترض : ورد في 1كورنثوس 15: 51 و52 هوذا سرٌّ أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغيّر، في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير, فإنه سيُبوَّق فيُقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير , وهذه الأقوال كلها محمولة على ظاهرها غير مؤوّلة، وتكون غلطاً ,
وللرد نقول بنعمة الله : أوضح الرسول بولس في هاتين الآيتين أن الله يقيم الموتى في طرفة عين بقدرته العجيبة، وأن أجساد المؤمنين تتغيّر، بمعنى أنها لا تقبل فساداً ولا انحلالاً، وأن المسيح يأتي قبل القيامة,
فهذه كلها حقائق مهمة مؤيدة بالأدلة العقلية والنقلية، وهي مجيء المسيح وقيامة الأموات والدينونة, ولا يعتبر هذه الحقائق غلطاً إلا منكر البعث والنشور,