6 - شبهات شيطانية حول رسالة كولوسي
قال المعترض : جاء في كولوسي 1: 15 أن المسيح بكر كل خليقة وهذا يعني أن المسيح مخلوق، وهو أول من خُلق ,
وللرد نقول بنعمة الله : نورد الآية التالية: مكتوب عن المسيح أنه بكر كل خليقة، فإنه فيه خُلق الكل، ما في السماوات وما على الأرض (كولوسي 1: 15 و16), ومن هذا يتضح أن المسيح لم يُدْعَ بكر كل خليقة لأنه أول شخص خلقه الله، كما يقول المعترض بل لأن كل الخليقة خُلقت فيه, وكلمة بكر هنا لا تُستعمل بالمعنى الحرفي، بل بالمعنى المجازي, والمعنى المجازي للبكورية هو الرياسة أو الأفضلية والأولوية, فقد وردت كلمة بكر في الكتاب المقدس بمعنى رئيس أو أول , لأن الناموس قد جرى على أن تكون الرياسة للبكر, فقد قال الله عن داود النبي: وأنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض (مزمور 89: 27) مع أن داود كان الابن الثامن لأبيه، وكان بالنسبة إلى الملوك المعاصرين له من أصغرهم سناً, فضلًا عن ذلك فإن كلمة بكر هذه استُعملت في موضع آخر عن المسيح نفسه، بمعنى رئيس, فقد قال الله عنه: ليكون بكراً بين إخوة كثيرين (رومية 8: 29), ويُقصد بالإخوة هنا المؤمنون الحقيقيون بالمسيح، ويُعتبر المسيح بكراً بينهم أو رئيساً لهم، بوصفه ابن الإنسان الذي مجَّد الله على الأرض وتمم مشيئته، مثالًا لما يجب أن يعملوه, ويُعتبَرون هم إخوته، بوصفهم قد آمنوا به إيماناً حقيقياً والتصقوا به التصاقاً روحياً، وعقدوا النية على السير وراءه,
ولذلك لا غرابة إذا كان المسيح قد دُعي بكر كل خليقة بمعنى أنه رئيسها وسيدها، لأنه هو الذي أبدعها وأنشأها, واليهود أيضاً يعرفون أن البكورية تعني الرياسة أو السيادة، وأنها عندما تُسند إلى الله يُراد بها السيادة المطلقة والرياسة العامة, فقد ورد في التلمود اليهودي: الله القدوس يُدعى بكر العالم، للدلالة على سلطته على كل الكائنات , فإذا أضفنا إلى ذلك كلمة بكر عندما يُشار بها إلى المسيح، لا تسبقها البتة كلمة ابن فلا يُقال عنه أبداً الابن البكر وأنه لا يشار البتة إلى المسيح كمخلوق أو منبثق من الله، لا يبقى مجال للشك في أن المراد ببكورية المسيح، ليس ولادته قبل غيره، بل رياسته وسيادته,
اعتراض على كولوسي 1: 18
انظر تعليقنا على أعمال 26: 23
قال المعترض : كان تعظيم السبت حكماً أبدياً في شريعة موسى، وما كان لأحد أن يعمل فيه أدنى عمل, ومن عمل فيه عملاً يُقتل, وتكرر هذا الحكم في العهد القديم في مواضع كثيرة (تكوين 2: 3 وخروج 20: 8-11 و34: 31 و19: 3 ولاويين 23 وتثنية 5: 12-15 وإرميا 17 وإشعياء 56 و58 ونحميا 9 وحزقيال 20), وكاد اليهود يرجمون المسيح لعدم تعظيم السبت (يوحنا 5: 16 و9: 16) ولكن الرسول بولس نسخ هذه الأحكام في رسالته إلى كولوسي 2: 16 و17 حيث يقول: فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة, أما الجسد فللمسيح ,
وللرد نقول بنعمة الله : لما خلق الله آدم أفرز يوماً من كل سبعة أيام لعبادته والتأمل في مراحمه، والراحة من أشغال هذه الدنيا، والقيام بأعمال الرحمة, فالله يطلب من الإنسان سُبْع وقته, ومعنى السبت الراحة, فمعنى الوصية السابعة هو أن نعطي سُبْع وقتنا لله, فلم يقل اذكر اليوم السابع لتقدسه بل قال اذكر يوم السبت لتقدسه , وكذلك لم يقل الكتاب إن الرب بارك اليوم السابع، بل قال إن الرب بارك يوم السبت وقدسه, فاليوم الذي خصصه الله لعبادته يُسمى يوم السبت ومعناه الراحة , ويسمى السبت المقدس لأنه مخصّص لعبادته, ومما يدل على أن معنى السبت هو الراحة أن الله أمر بأن تَسْبُت الأرض أي ترتاح (لاويين 25: 2-7) فكان اليهودي يزرع أرضه ويستغلها، وأما السنة السابعة فتكون للأرض سبت عطلة للرب، يتمتع بها العبيد والفقراء فيستغلّونها, وفي لاويين 26: 34 تَسْبِت الأرض وتستوفي سبوتها , فالكتاب المقدس ناطق بأن السبت هو الراحة، وقد تخصص يوم السبت هذا بيوم قيامة المسيح من بين الأموات، لأن قيامة المسيح هي أعظم حادثة فيها تمّ الفداء العظيم,
والحقيقة هي أن الأعمال الضرورية جائزة بل واجبة في السبت، ولاسيما أعمال الرحمة, وقد علَّم المسيح وجوب أعمال الرحمة، فقال: أي إنسان منكم يكون له خروف واحد، فإن سقط هذا في السبت في حفرة، أفما يمسكه ويقيمه؟ فالإنسان كم هو أفضل من الخروف؟ إذاً يحل فعل الخير في السبوت , ثم شفى الإنسان الذي يده يابسة (متى 12: 10-13) وكثيراً ما عمل المسيح المعجزات يوم السبت، لأن غاية السبت هي عمل الخير,
وينتج من هذا أن المسيح ورسله لم ينسخوا السبت, غاية الأمر أنه بعد قيامة المسيح تخصص يوم السبت بأول يوم من الأسبوع, وما زال المسيحيون يسمّون يوم الأحد بيوم الراحة, غير أنهم يخصّصونه بكلمة المسيحي فيقولون السبت المسيحي ,
أما قول الرسول: فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت فكان قد ظهر أناسٌ في عصر الرسول تمسّكوا بالقشور وتركوا جوهر الدين، ظانين أن الدين يقوم بالأكل والشرب، أو المحافظة على الطقوس الخارجية، وتركوا الرحمة والحق والمحبة والإيمان, فأوضح لهم الرسول هذه الحقائق, ولم يقل الرسول يوم السبت بل قال سبت يعني أيام البطالة التي يبتدعها أصحاب البدع, أما يوم السبت فهو باق,