3 - شبهات شيطانية حول رسائل يوحنا الثلاث
اعتراض على 1يوحنا 2: 1 و2
انظر تعليقنا على يوحنا 17: 9
قال المعترض : ورد في 1يوحنا 2: 2 عن المسيح هو كفارة لخطايا كل العالم ولكن ورد في أمثال 21: 18 أن الأشرار يكونون كفارة لخطايا الأبرار ,
وللرد نقول بنعمة الله : قال يوحنا إن الله أحب العالم حتى بذلابنه فداءً عن كل من يؤمن به، لأن الجميع أخطأوا واحتاجوا إلى فادٍ كريم, ومعنى الأمثال 21: 18 هو أن للصِدِّيق عند الله منزلة عظيمة، فينجّيه من مكائد الأشرار، ويوقعهم في الأشراك التي ينصبونها له, وقال الحكيم في 11: 8 الصِدّيق ينجو من الضيق، ويأتي الشرير مكانه , وقد أنقذ الله بني إسرائيل من مكائد هامان بواسطة أستير ومردخاي، وعُلق هامان على الخشبة التي كان قد أعدها لصلب مردخاي, والمعترض يعرف أن الله أنقذ بني إسرائيل من يد فرعون، وأغرق جنوده في البحر الأحمر، وبهذا يظهر معنى قوله الشرير فدية الصدّيق , ولا مناسبة بين الآيتين، فكل منهما تعالج موضوعاً مختلفاً,
قال المعترض : لا نفهم معنى القول بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله (1يوحنا 4: 2 و3) ,
وللرد نقول بنعمة الله : القول جاء في الجسد يُراد به نفي ضلالة ظهرت زمن الرسول يوحنا، وتقول إن جسد المسيح لم يكن جسداً حقيقياً بل خيالياً، لأنهم إذ كانوا يعتقدون بأنه إله شقّ عليهم أن يؤمنوا أيضاً أنه ذو جسد حقيقي، وعللوا أعراضه الجسدية المذكورة في الإنجيل (من أنه أكل وشرب وتعب ونام واستيقظ ومات وقام) من قبيل التصوُّرات الخيالية التي لا وجود لها في الحقيقة, فإذا قيل لهم: كان المسيح يأكل الطعام، فكيف لا يكون جاء في الجسد؟ أجابوك: لم يأكل المسيح ولم يشرب حقيقة، ولكن شُبِّه لهم, وإذا قيل لهم: كان المسيح ينام ويستيقظ، قالوا: كلا بل شُّبِه لهم, وإذا قيل مات المسيح وقام قالوا لم يمت حقيقة ولم يقم, فدفعاً لشر هذه الضلالة أنذرنا الوحي على لسان يوحنا الرسول أن كل من يعترف أن المسيح جاء في الجسد (أي يعترف أن أعراضه الجسدية التي ذُكرت في الإنجيل حقيقة) فهو من الله، وكل من ينكر كونه جاء في الجسد (أي ينكر كون أعراضه الجسدية كانت حقيقية) فليس من الله,
قال المعترض : ورد في 1يوحنا 5: 7 و8 فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد, والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد , فذهب مفسّروهم إلى أن أصل هذه العبارة هو: فإن الذين يشهدون هم الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد , أما القول في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض فهي إلحاقية ,
وللرد نقول بنعمة الله : من طالع ما كُتب على هذه العبارة من التفاسير تأكد حرص أهل الكتاب على كتابهم، وأنه لا يمكن لأحدٍ أن يزيد عليه أو يُنقص منه شيئاً, وقد ألف علماء المسيحيين على هذه العبارة المذكورة هنا الشيء الكثير, فقال فريق إنها من نوع المدرج الذي أُتي به للشرح والتفسير, واستدلوا على ذلك بأن هذه العبارة لم تُكتب في الأناجيل إلا بين قوسين، ولنورد بعض أدلتهم فنقول:
(1) قالوا إن هذه العبارة لا توجد في نسخة من النسخ اليونانية التي كُتبت قبل القرن 16 ، فإنهم تحرّوا في 149 نسخة فرأوها مثبتة في نسخ قليلة, ولكنها في أغلب النسخ ساقطة,
(2) قالوا إنها لا توجد في نسخ العهد الجديد التي طُبعت بعد المراجعة الدقيقة,
(3) إنها لا توجد إلا في النسخ المترجمة إلى اللغة اللاتينية,
(4) إنها لا توجد في كل النسخ اللاتينية المكتوبة بخط اليد,
(5) لم ترد هذه العبارة في مؤلفات أحد أئمة اليونان أو في مؤلفات علماء المسيحيين الأولين,
(6) لم يستشهد بها أحد من أئمة الدين اللاتين,
(7) إن المصلحين البروتستانت حذفوها، أو نبَّهوا على أنه مرتاب فيها,
أما الفريق الذي يرى أن هذه العبارة جزء من نص الإنجيل فيقولون:
(1) إنها موجودة في الترجمة اللاتينية القديمة التي كانت متداولة في أفريقيا، وفي أغلب نسخ إيرونيموس, والترجمة اللاتينية هي من أقدم التراجم وأكثرها تداولاً,
(2) هذه العبارة موجودة في قانون الإيمان المعتبر في الكنيسة اليونانية وفي صلواتها الكنسية, أما نص قانون إيمان الكنيسة اليونانية فهو إن الله حق أزلي خالق كل الأشياء، المنظورة وغير المنظورة، وكذلك الابن والروح القدس، وكلهم من جوهر واحد، فإن يوحنا الإنجيلي قال: الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد ,
(3) هذه العبارة موجودة في الصلوات القديمة التي تتلوها الكنيسة اللاتينية في بعض الأعياد وفي عماد الأطفال,
(4) استشهد بها كثير من أئمة الدين اللاتين، فاستشهد بها ترتليان في القرن الثاني، وكبريان في القرن الثالث، وإيرونيموس في القرن الرابع، والأساقفة الأفريقيون في أواخر القرن الخامس, وقد كتب ترتليان رسالة بالرد على براكسياس بخصوص الروح القدس، فقال: إن المسيح قال إن المعزي يأخذ مما لي، كما أن الابن أخذ مما للآب, فارتباط الآب بالابن، والابن بالبارقليط يدل علي أن هؤلاء الأقانيم الثلاثة هم واحد, ولا شك أن هؤلاء الثلاثة هم واحد في الجوهر، وإن كانوا غير واحد في العدد , فأشار بهذا القول إلى عبارة يوحنا, وكتب أوجينيوس أسقف قرطاجنة في أواخر القرن الخامس قانون الإيمان، وقدمه نحو 400 أسقفاً إلى هوناريك ملك الفاندال، وورد في هذا القانون: من الظاهر للعيان أن الآب والروح القدس هم واحد في اللاهوت، وعندنا شهادة يوحنا البشير لأنه قال: الذين يشهدون في السماء ثلاثة: الآب والابن والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد ,
ومن الأدلة الداخلية على صحتها: أن سياق الكلام يستلزم وجودها ليتم المعنى، فلو حُذفت لجاء المعنى ناقصاً كما يتضح مما يأتي:
قوله: الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة يعني: يشهدون أن يسوع هو المسيح، فشهد الآب بصوته من السماء مرتين أن يسوع هو ابنه الحبيب وذلك أولاً بعد معموديته لما صعد من النهر، وثانياً عند التجلي, وشهد الآب ثالثة لما أرسل ملاكه إلى يسوع وقت آلامه في جثسيماني,
وشهد الكلمة الأزلي ليسوع بحلول اللاهوت فيه جسدياً، فكان يعمل المعجزات الباهرة بقوته، فيقول للشيء: كن فيكون, وبحلول اللاهوت في جسده احتمل هذا الجسد الضعيف الفاني غضب الآب, وشهد الكلمة له أيضاً بأن أظلمت الدنيا ثلاث ساعات لما كان يسوع معلقاً على خشبة الصليب، وبزلزلة الأرض، وشقّ الصخور، وفتح القبور، وظهور أجسام القديسين في المدينة المقدسة بعد قيامة المسيح, فالكلمة الأزلية الذي به خَلق الله العالمين لا يزال ضابطاً لكل شيء، فإن الكتاب شهد قائلاً: به عمل العالمين، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته (عب 1: 2 و3) , والروح القدس شهد للمسيح بحلوله عليه عند عماده، وحلوله على رسله بعد صعوده، بل هو الذي نطق على لسان سمعان وحنة فشهدا للمسيح,
فيتضح مما تقدم أن الثلاثة في السماء شهدوا للمسيح، وهؤلاء الثلاثة هم كما قال الرسول واحد في موافقتهم على هذه الشهادة, ثم قال: والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة: الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد , والمراد بالروح هنا المواهب الفائقة الطبيعة التي منحها للمؤمنين، والمراد بهما الماء والدم اللذان خرجا من جنب الفادي، فإنه بعد موت جسده طعنه أحد الجند بحربة، فخرج ماء ودم,
وإذا قيل: كيف شهد الماء والدم بأن يسوع المصلوب هو المسيح؟
قلنا: إن الماء والدم كانا الواسطتين الضروريتين للتطهير والفداء في الناموس, وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 22), ولكن لم يكن التطهير بالدم فقط، بل بالدم والماء, قال الرسول بولس: لأن موسى بعد ما كلم جميع الشعب بكل وصية بحسب الناموس، أخذ دم العجول والتيوس مع ماء، ورشّ الكتاب نفسه وجميع الشعب (عبرانيين 9: 19), فكل غسلات الناموس وفدائه بالماء ودم الحيوان كانت رمزاً إلى تطهير الضمير بماء المعمودية وفداء الخطية بدم يسوع المسيح المسفوك على الصليب, فخروج الماء والدم من جنب المسيح بعد موته كان إعلاناً أن الفداء الحقيقي تمّ، وفُتح الينبوع للتطهير,
فيُرى مما تقدم أن كل فريق أقام الأدلة على تأييد رأيه, ومع ذلك إذا سلَّمنا جدلاً بأنها زائدة، فيكون من قبيل المدرج الذي أُدخل في سياق الكلام للتفسير والشرح, على أن هذه العقيدة الجوهرية وهي وجود ثلاثة أقانيم في اللاهوت مؤيَّدة في الكتاب المقدس من أوله إلى آخره بدون هذه الآية, يكفي قول المسيح له المجد: فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ولم يقل بأسماء ,
قال المعترض : ذكر روجرز أن كثيرين من علماء البروتستانت لم يقبلوا رسالتي يوحنا الثانية والثالثة, ويقول الدكتور بلس إنهما ليستا من كتابة الرسل ,
وللرد نقول بنعمة الله : أيَّد أئمة الدين المسيحي في العصور الأولى أن يوحنا كتبهما، فقد اقتبس إيريناوس في مؤلفاته من الرسالة الثانية واعتمد عليها أكلمندس أسقف الإسكندرية في الاعتقادات الدينية، وذكر أوريجانوس هذه الرسائل الثلاث بالاعتبار الديني الواجب لمنزلتها، وقال ديونسيوس الإسكندري إن الرسالة الثانية والثالثة هما ليوحنا الرسولي، واستشهد الإسكندر أسقف اسكندرية بالرسالة الثانية في مؤلفاته، وتمسك بها أثناسيوس وكيرلس أسقف أورشليم، وأبيفانيوس وجيروم وروفينوس وجميع العلماء الذين أتوا بعدهم,
ومن دقق النظر في أسلوب تركيبهما ظهر له أنه يشبه أسلوب تأليف الرسالة الأولى، فلذا جزم المحققون أن كاتب الجميع هو واحد، والأرجح أنهما كُتبتا في سنة 68 أو 69 م وهو ذات تاريخ كتابة رسالته الأولى,
نعم لا يُنكر أن بعض الكنائس السريانية اشتبهت فيهما، وسبب ذلك أن الرسول قال: أنا الشيخ ولم يقل إنه رسول، فاشتبه عليهم الأمر, ولكن لو تأمل الفطن قليلاً لاتَّضح له أن بطرس قال عن نفسه إنه شيخ (1بطرس 5: 1) وهو لا ينافي أنه رسول,
اعتراض على 2يوحنا 10 و11
انظر تعليقنا على غلاطية 6: 10