4 - شبهات شيطانية حول إنجيل يوحنا
قال المعترض : إنجيل يوحنا ليس إلهامياً، و خصوصاً الأصحاح 21 الأخير منه ,
وللرد نقول بنعمة الله : (1) بما أن دأب المعترض نقل جزء من الكلام وحذف باقيه، فلنورد نص العبارة التي نقل منها عبارته المختلة، فنقول: قال هورن: جميع المسيحيين على اختلافهم وتشعّبهم يتمسكون بهذا الإنجيل، ويعتقدون أنه وحي إلهي, والأدلة على صحته داخلية وخارجية، فالأدلة الداخلية هي أنه ورد فيه أن الذي كتبه كان مشاهداً بعينه الحوادث المذكورة، والمشاهد بالعيان لا يحتاج إلى برهان، وعليه فلا يمكن أن يكون كتبه أحد المسيحيين بعد يوحنا، لأن هذا يخالف جميع البراهين القاطعة, أما البرهان الخارجي فهو شهادة قدماء أئمة الدين المسيحي المتصلة من الخَلَف إلى السَّلَف بلا انقطاع، فتكلم عن هذا الإنجيل أكليمندس وبرنابا، وتكلم عليه أربع مرات أغناطيوس أسقف أنطاكية الذي كان تلميذاً للرسول يوحنا، وقابل كثيرين من الرسل وحادَثَهم, وكذلك تمسّك به يوستين الشهيد وتاتيان وكنائس ويانة وليون وإيريناوس وأثيناغوروس وثيوفيلس أسقف أنطاكية وأكليمندس الإسكندري وترتليان وأمونيوس وأوريجانوس ويوسابيوس وأبيفانيوس وأغسطينوس وفم الذهب, وبالاختصار سلّمه الأئمة من جيل إلى آخر, وقيل إن الألوجي أو الألوجيان (وهي طائفة وُجدت في القرن الثاني) رفضت هذا الإنجيل ورسائل يوحنا، ولكن لم نعرف عن هذه الطائفة شيئاً يُعتمد عليه، فإن إيريناوس ويوسابيوس وغيرهما من المؤلفين الذين كانوا قبلهما لم يأتوا لهم بذكر,
(2) كان هذا الإنجيل متداولاً في عصر يوحنا كما هو، ولم يشك أحد من المسيحيين الأولين في صحته,
(3) عبارات يوحنا 21 ولغته هي مثل باقي عبارات هذا الإنجيل,
فيتضح من ذلك أن المعترض استند على كلام واهٍ، وصرف النظر عن البينات والبراهين الدالة على أنه وحي إلهي ليوحنا بالسند المتصل الغير منقطع, وقد راجع كريسباخ أكثر من ثمانين نسخة من النسخ القديمة، فرأى أنها مثل النسخة المتداولة بيننا بدون زيادة ولا نقصان, فترك المعترض جميع هذه البينات وتمسَّك بقولٍ سقيم,
قال المعترض : لم يشر إيريناوس إلى إنجيل يوحنا مع أنه كان تلميذ بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذ يوحنا ,
وللرد نقول بنعمة الله : تكلم إيريناوس عن هذا الإنجيل وعن غايته، فقال: لما كان قصد يوحنا دحض بدع وضلالات سرنثوس والنيقولاويين، كتب إنجيله بوحي إلهي، فأوضح فيه وحدانية الله الذي خلق جميع الأشياء بكلمته، وفنّد أقوال من قالوا إنه يوجد خالق للعالم، وآخر أبو الرب، وآخر ابن الخالق، وآخر المسيح, وقال إيريناوس إن يوحنا تلميذ ربنا قال: وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (يوحنا 20: 31) وغاية الرسول أن يحذرنا من أصحاب البدع الكفرية الذين يشركون بالله , هذه هي نص عبارات إيريناوس وهي مستوفية، وقد أثبتها أغسطينوس وغيره,
قال المعترض : أنكرت فرقة ألوجين (التي كانت في القرن الثاني) إنجيل يوحنا وجميع كتابات يوحنا ,
وللرد نقول بنعمة الله : توهم عبارة المعترض هذه أن فرقة ألوجين هي من فرق المسيحيين، مع أنها شيعة ابتدعت ضلالة كفرية, لقد كانت غاية يوحنا الرسول من كتابة هذا الإنجيل استئصال الضلالات، ولا سيما ضلالة سرنثوس، وهو يهودي تهذب في الإسكندرية في أواخر الجيل الأول، وحاول إحداث طريقة تكون جامعة لتعاليم الديانة المسيحية وضلالات أصحاب المذاهب الفكرية، فردّ عليه الرسول يوحنا وأوضح أن المسيح هو كلمة الله وأن الكلمة هو الله، فالمسيح هو الله وكان عند الله، وهو خالق جميع العالمين، وأن الحياة والنور ليسا روحَيْن بل هما الكلمة، وأن المسيح هو الكلمة والحياة والنور، وأنه لم تحلّ في يوحنا روح خصوصية، بل هو إنسان مبشّر بالمسيح,
اعتراض على يوحنا 1: 18
انظر تعليقنا على تكوين 32: 30
قال المعترض : ورد في يوحنا 1: 20 أن اليهود أرسلوا من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوا المسيح: من أنت؟ فسألوه أأنت إيليا؟ فقال: لست أنا, وورد في متى 11: 14 قول المسيح في حق يوحنا: وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي , وفي متى 17: 10 وسأله تلاميذه: فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟ فأجاب يسوع: إن إيليا يأتي أولاً ويردّ كل شيء, ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا, كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم, حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان ,
وللرد نقول بنعمة الله : لما كان اليهود متعلّقين بالأرضيات، فهموا أغلب أقوال النبوات بالمعنى الحرفي، فكانوا يتوهّمون أن المسيح يكون ملكاً جباراً يفتح البلاد ويُظهر قوته وبأسه، ويخلع عن أعناقهم نير الرومان، ويوظفهم في وظائف مُلكه، فيجعل منهم الوزراء والولاة, ولم يخطر ببالهم أن ملكوت المسيح هو ملكوت روحي بمعنى أنه يحكم بالمحبة والسلام والبر, فلما رأوه وديعاً متواضعاً ازدروا به لخيبة آمالهم,
وعلى هذا القياس فهموا ما ورد في نبوة ملاخي من أنه سيأتي إيليا نفسه بالمعنى الحرفي قبل المسيح, فلما أرسل اليهود كهنة ولاويين ليسألوا يوحنا: هل هو إيليا الحقيقي أم لا؟ أنكر أنه إيليا الحقيقي، ولكنه لم ينكر أنه هو إيليا الذي تنبأ عنه النبي ملاخي، فإنه أوضح (في آية 23) أنه أتى ليمهد طريق الرب، فكانت غايته من قوله إنه ليس إيليا أن يزيل أوهامهم وأغلاطهم عن إيليا، ويبيّن لهم حقيقة الأمر، ويوضح لهم أنه أتى بروح إيليا,
فالنبي ملاخي شبَّهه بإيليا، فقال إنه إيليا لأن أوجه الشبه بين يوحنا وإيليا كثيرة, وقوله: سيأتي إيليا هو من التشبيه، فيوحنا هو مثل إيليا في تقشّفه وزُهده وغيرته، وهو مثله في شهامته في توبيخ الأمراء والوجهاء وذوي الشأن, فإيليا أنذر الملك أخآب وزوجته إيزابل، وقال إن الله سيقطع نسلهما وتلحس الكلاب دمهما عقاباً لهما على ظلمهما (1ملوك 21: 17 - 24), وكذلك فعل يوحنا المعمدان، فإنه وبخ عظماء اليهود على قسوتهم وغلاظة قلوبهم, وورد في لوقا 1: 17 أنه أتى بروح إيلياوقوته، فالمسيح قال إنه إيليا، وإنه أدّى مأموريته، وهي تمهيد الطريق أمام المسيح,
فلا منافاة بين قول يوحنا وقول المسيح، فيوحنا نفى أوهام اليهود من أن إيليا الحقيقي الذي صعد إلى السماء حياً سيأتي بنفسه, ولم يكن المعمدان إيليا الحقيقي، ولكنه أتى بروح إيليا,
انظر تعليقنا على لوقا 1: 17
قال المعترض : فسألوه: إذاً ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا, النبي أنت؟ فأجاب: لا (يوحنا 1: 21) هنا نرى اليهود يسألون يوحنا المعمدان متحرّين عن ثلاثة أنبياء بالتوالي: المسيح وإيليا والنبي، ولم يخالفهم في ما سألوه عنه, فالنبي المشار إليه هنا لا هو إيليا ولا هو المسيح, كذلك النبي الذي تنبأ عنه موسى (تثنية 18: 18)ليس هو المسيح ولا إيليا، بل نبي يأتي بعدهما ,
وللرد نقول بنعمة الله : أما من حيث النبي الذي كتب عنه موسى (تثنية 18: 18) فقد أثبتنا أنه المسيح (راجع تعليقنا على تثنية 18: 18) وعليه فالنبي المشار إليه في سؤال اليهود ليوحنا المعمدان هو المسيح بذاته, وسأل اليهود عن الثلاثة، مبتدئين بالأخير إلى الأول، باعتبار ترتيب زمان ظهورهم، فقالوا ليوحنا: أأنت المسيح؟ ظناً منهم أنه ربما يكون هو، فلما أنكر يوحنا أنه المسيح عادوا فسألوه إن كان هو سابقه (أي إيليا) (ملاخي 4: 5 ومتى 17: 10 ومرقس 9: 11) فأنكر أيضاً أنه إيليا بالذات، لأنهم كانوا ينتظرون أن يرجع إيليا بنفسه إلى الأرض في آخر الزمان, ويوحنا (وإن لم يكن إيليا بالذات) لكنه جاء بروحه وقوته لإعداد طريق المسيح (راجع ملاخي 4: 5 بالمقابلة مع متى 11: 14), ولما لم يفهم اليهود من هو يوحنا المعمدان، إذ لم يكن المسيح ولا إيليا، حاروا في أنفسهم والتجأوا إلى رأي ارتآه بعض اليهود، وهو أن النبي الذي كتب عنه موسى هو سابق آخر للمسيح, وليس من المعقول ولا المحتمل أن يكون سؤالهم ليوحنا عن نبي يأتي بعد المسيح، خصوصاً والمسيح نفسه لم يكن قد ظهر بعد, ولهذا يلزم أن يكون سؤالهم إما عن المسيح أو أحد سابقيه، لا عن نبي يأتي بعده,
انظر تعليقنا على لوقا 1: 17
قال المعترض : جاء في يوحنا 1: 29 و36 من كلمات يوحنا المعمدان أن المسيح هو حمل الله، وهذا يناقض صفته في رؤيا 5: 5 أن المسيح هو الأسد الخارج من سبط يهوذا، فالأسود تلتهم الحملان ,
وللرد نقول بنعمة الله : هذان تشبيهان للمسيح، فهو كالحمل في نقائه، وفي أنه الذبيحة التي ترفع الخطية, وهو كالأسد في قوته ومُلكه, ولا تناقض بينهما، فكل تشبيه منهما ينقل لنا صورة عن المسيح، مختلفة عن الأخرى، لكنها لا تتناقض معها,
اعتراض على يوحنا 1: 33
انظر تعليقنا على متى 3: 14
اعتراض على يوحنا 1: 35-46
انظر تعليقنا على متى 4: 18-22
اعتراض على يوحنا1: 44
انظر تعليقنا على مرقس 1: 21 و29
قال المعترض : ورد في إنجيل يوحنا 1: 51 الحق الحق أقول لكم، من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان , وهذا غلط لأن هذا القول كان بعد معمودية المسيح وبعد نزول الروح القدس، ولم ير أحدٌ بعدهما أن السماء انفتحت، وملائكة الله صاعدة ونازلة على المسيح ,
وللرد نقول بنعمة الله : معنى ترون تتأكدون، فليس معناها النظر بالعينين، بل العلم واليقين, وقوله السماء مفتوحة عبارة مجازية، كناية عن إغداق البركات (كما في مزمور 78: 23 و24) وفتح مصاريع السموات وأمطر عليهم منّاً للأكل , وأيضاً تدل على عمل معجزة لتأييد أمرٍ ما (متى 3: 16), وهي تدل هنا على معجزة, وفي هذه العبارة إشارة ظاهرة إلى السُّلَّم الذي رآه يعقوب في الرؤيا، وكانت الملائكة صاعدة ونازلة عليها (تكوين 28: 12),
وقوله: الملائكة صاعدة ونازلة فالملائكة جميعهم أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عبرانيين 1: 14),
ولا يخفى أنه قد تحقق قول المسيح من صعود ونزول الملائكة عليه, لقد خدمته الملائكة وقت التجربة في البريّة (مرقس 1: 13) ولما كان في البستان (لوقا 22: 43), بل كانت الملائكة حاضرة لما قام من الأموات، فالمسيح أوضح لنثنائيل أن الملائكة خدمته وقت تجسده، ووقت مكايد وحيل أعدائه، ووقت موته وصلبه وقيامته، مما دلّ على أنه الكلمة الأزلي,
اعتراض على يوحنا 2: 1 و2
انظر تعليقنا على مرقس 1: 12 و13
قال المعترض : نقرأ في يوحنا 2: 1-11 قصة تحويل الماء إلى خمر, فهل هذا تحليلٌ لشرب الخمر؟ وهل شرب المسيح خمراً؟ ولماذا قال المسيح (له المجد) للعذراء مريم: ما لي ولك يا امرأة؟ أما كان يمكنه أن يقول ما لي ولك يا أماه احتراماً للأمومة؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : الواضح أن شرب الخمر كان مقبولًا عند اليهود، وقد كانوا يسكبون الخمر على الذبائح (خروج 29: 40), وكانوا يدفعون العشور منه للرب (تثنية 18: 4), وقد مُنع شربه على النذير الذي ينذر نفسه للرب خلال فترة نذره فقط (العدد 6: 3), كما مُنع على الكاهن أثناء إدائه خدمته في القدس (لاويين 10: 9), على أن السُّكر بالخمر هو الذي كان ممنوعاً (إشعياء 5: 11-17 و1كورنثوس 5: 11 و6: 10 وأفسس 5: 18 و1بطرس 4: 3),
وقد وُصف المسيح بأنه شرّيب خمر ومحبٌّ للعشّارين والخطاة (متى 11: 19 ولوقا 7: 34), ووصف بولس الخمر دواءً لتلميذه تيموثاوس كنصيحة طبية (1تيموثاوس 5: 23),
أما عن معجزة تحويل الماء إلى خمر، فهي أولى معجزات يسوع, وقول المسيح لأمه يا امرأة ليس إهانة، فقد كان هذا هو اللقب العادي الذي يحوي الرقة والمحبة, (قارن يوحنا 19: 26 لترى ذلك), غير أن المسيح لام على أمّه تعرّضها لعمله، فلم يكن لها حق أن تأمره أن يُجري عملًا لا يعمله إلا بإرادة أبيه السماوي، خصوصاً وأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد (يوحنا 2: 4), ويكون معنى قوله لها هو: أماه ، ليس لك أن تشيري عليَّ بما يجب أن أعمله، فهذا بيني وبين أبي السماوي , فالمخلّص الرب هنا يقدم نصيحة بكل المحبة,
قال المعترض : كان الإجمال والإبهام في كلام المسيح بحيث لا يفهمه معاصروه وتلاميذه في كثير من الأحيان، ما لم يفسره بنفسه، كقوله في يوحنا 2: 19-23 انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه , وهي نبوة عن موته، وكذا تشبيه تجديد القلب بولادة جديدة (يوحنا 3: 3-10) وكذا تشبيه نفسه بخبز الحياة (يوحنا 6) وكذا قوله في يوحنا 8: 21 و22 و51 و52 إنه يمضي وإنهم يموتون في خطيتهم لعدم إيمانهم، وكذا تعبيره في يوحنا 11: 11-14 عن موت لعازر بالنوم، وكذا تحذيره لتلاميذه عن خمير الفريسيين أي تعاليمهم (متى 16: 6 و8 و11 و12) وكذلك تعبيره عن موت الصبيَّة بالنوم (لوقا 8: 52 و53) وكذلك عدم فهم التلاميذ موت المسيح (لوقا 9: 44 و45 و18: 31-34) ,
وللرد نقول بنعمة الله : أقوال المسيح في غاية الفصاحة والوضوح، وكان يطبع في أذهان سامعيه المعقولات من المحسوسات, وورد في مرقس 4: 33 و34 وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلّمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا، وبدون مثلٍ لم يكن يكلمهم , فسبب عدم فهمهم ليس لصعوبة الكلام، بل لعَمَى الأفهام,
(1) من أسباب عدم فهم اليهود صَلْب المسيح هو أنهم كانوا يتوقعونه ملكاً أرضياً يفتح البلاد ويزيل نير الرومان من أعناقهم, فلما أتى المسيح متواضعاً احتقروه، ولم يدروا أن مملكته روحية فإنه يملك على الأفئدة بالمحبة, ولما أوضح لهم وجوب صلبه (لوقا 18: 31) لم يفهموا ذلك، كما لم يفهموا قوله: انقضوا هذا الهيكل وأنا أقيمه مشيراً إلى جسده, فاستبعدوا موته ولاسيما أنهم رأوا معجزاته وكيف كان يفتح أعين العميان ويقيم الموتى، وكانوا متأكدين أنه قادر على ملاشاة العالم في طرفة عين، ولم يدروا أنه كان ينبغي أن يتألم,
(2) لما كان مطمح أنظار اليهود الطهارة الجسدية، لم يعرفوا معنى تجديد القلب وتغيير العواطف الداخلية، فانغمسوا في الآثام واقتصروا على الطقوس الخارجية من الغسلات وخلافها, وقد نبّههم المسيح إلى هذا الخطأ فقال: ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان,,, وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولة فلا ينجس الإنسان (متى 15: 11 و20), ومع أن المسيح أوضح لنيقوديموس وجوب تجديد القلب، وشبّهه بولادة الإنسان الطبيعية، إلا أن نيقوديموس لم يفهم ذلك لتعلّقه (ككل يهودي) بالأرضيات، مع أن هذا التعليم ورد في مزمور 51: 10 و11 قلباً نقياً اخلُقْ فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّدْ في داخلي, لا تطرَحْني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزِعْه مني , وكذلك في حزقيال 36: 26,
(3) تشبيه نفسه بخبز الحياة لأنه يعطي المؤمن الحياة، كما أن الخبز المادي يعطي حياة للجسد, (انظر تعليقنا على يوحنا 6: 55),
(4) النوم هو بمعنى الموت كما ورد في لسان العرب وأساس البلاغة، فالمسيح خاطبهم بالمتعارف, ووصف الموت بالنوم ليوضح لنا أن الموت ليس هو الفناء بل مجرد رقاد تعقبه القيامة, وكذلك إشارته إلى تعاليم الفريسيين بالخمير لئلا يسري تأثيرها إلى الغير,
اعتراض على يوحنا 3: 3-10
انظر تعليقنا على يوحنا 2: 19-23
قال المعترض : جاء في يوحنا 3: 13 ليس أحدٌ صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء , ولكن صعد إلى السماء أخنوخ (تكوين 5: 24) وإيليا (2ملوك 2: 11) وبولس (2كورنثوس 12: 2) ,
وللرد نقول بنعمة الله : السماء التي نزل منها رب المجد وإليها صعد ليست هي السماء التي صعد إليها أخنوخ وإيليا وغيرهما، فهناك:
1 - سماء الطيور: التي يطير فيها الطير، هذا الجو المحيط بنا, ولذلك قال عنها الكتاب طير السماء (تكوين 1: 26 و7: 3), فيها السحاب ومنها يسقط المطر (تكوين 8: 2), وفيها تطير الطائرات,
2 - وهناك سماء ثانية أعلى من سماء الطيور، هي سماء الشمس والقمر والنجوم, أي الفلَك أو الجلَد ودعا الله الجلَد سماءً (تكوين 1: 8), وهكذا يقول الكتاب نجوم السماء (مرقس 13: 25), وهي التي قيل عنها في اليوم الرابع من أيام الخليقة وقال الله: لتكن أنوار في جلد السماء لتنير على الأرض، فعمل الله النورين العظيمين ,, والنجوم (تكوين 1: 14-17),
وهذه السماء ستنحل وتزول في اليوم الأخير، إذ تزول السماء والأرض (متى 5: 18), وكما قال القديس يوحنا: ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد فيما بعد (رؤيا 21: 1),
3 - السماء الثالثة هي الفردوس التي صعد إليها بولس، وقال عن نفسه اختُطف هذا إلى السماء الثالثة, اختُطف إلى الفردوس (2كورنثوس 12: 2 ، 4), وهي التي قال عنها الرب للص التائب: اليوم تكون معي في الفردوس (لوقا 23: 43), وهي التي نقل إليها الرب أرواح أبرار العهد القديم الذين انتظروا على رجاء، وإليها تصعد أرواح الأبرار الآن إلى يوم القيامة، حيث ينتقلون إلى أورشليم السمائية (رؤيا 21),
4 - وأعلى من كل هذه السماوات توجد سماء السموات التي قال عنها داود في المزمور سبّحيه يا سماء السموات (مزمور 148: 4), وقال عنها المسيح ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء (يوحنا 3: 13), إنها السماء التي فيها عرش الله, قال عنها المزمور: الرب في السماء كرسيه (مزمور 11: 4 و103: 19), وأمرنا المسيح ألا نحلف بالسماء لأنها كرسي الله (متى 5: 34), وهذا ما ورد في سفر إشعياء 66: 1 , وما شهد به القديس استفانوس أثناء رجمه، حيث رأى السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله (أعمال 7: 55 و56),
كل السماوات التي وصل إليها البشر، هي لا شيء إذا قيست بسماء السموات, ولذلك قيل عن المسيح: قد اجتاز السموات ,,, وصار أعلى من السموات (عبرانيين 4: 14 و7: 26), وذكر سليمان الحكيم سماء السموات هذه يوم تدشين الهيكل, فقال للرب: هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك (1ملوك 8: 27)، سماء السموات التي لم يصعد إليها أحد من البشر, الرب وحده هو الذي نزل منها، وصعد إليها, ولذلك قيل عنه من صعد إلى السماء ونزل؟ ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟ (أمثال 30: 4),
اعتراض على يوحنا 3: 22-24
انظر تعليقنا على مرقس 1: 14
قال المعترض : في يوحنا 4: 22 قال المسيح (له المجد) للمرأة السامرية إن الخلاص هو من اليهود فلماذا اختار الله أن يتجسّد من اليهود دون غيرهم من البشر؟ وألا يدل تجسّد الله من جنس خاص أنه يتحيّز لشعب خاص، مما لا يتناسب مع محبته للبشر أجمعين؟
وللرد نقول بنعمة الله : (1) لو لم يتّخذ الله لنفسه جسداً من اليهود، لكان قد اتّخذ لنفسه جسداً من شعب آخر، وفي هذه الحالة يكون قد تجسد ايضاً من جنس خاص دون غيره من الأجناس، ولذلك فإن هذا الاعتراض لا مجال له إطلاقاً, كما أن الادِّعاء بأن تجسُّد الله من جنس خاص لا يتناسب مع محبته للبشر أجمعين، قد دلّت الحقيقة الواقعة على عدم صدقه، لأننا إذا تطلعنا إلى حياة المسيح على الأرض وجدنا أنه كان يحب الجميع على السواء, فقد شمل بإحسانه جميع الناس على اختلاف أجناسهم (لوقا 17: 16)، وكان يناديهم: تعالوا إليَّ يا جميع المتعَبين والثقيلي الأحمال (بدون استثناء) وأنا أريحكم (متى 11: 28), وقال: لي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة (أي حظيرة اليهود), ينبغي أن آتي بتلك أيضاً فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد (يوحنا 10: 16), ولذلك قال الوحي عنه جعل الاثنين (أي اليهود والأمم) واحداً، ونقض حائط السياج المتوسط، مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً (أفسس 2: 14 و15), وقال أيضاً: فإن فيه ليس يوناني ويهودي،ختان وغرلة، بربري سكيثي، عبد حر بل الجميع واحد (كولوسي 3: 11), وقد أدرك هذه الحقيقة الأستاذ سافير اليهودي، فقال: كان يسوع يهودياً، ومع ذلك كان من جنس البشر جميعاً , وقال غيره: المسيح هو ابن الإنسان وهو ليس لعصر خاص ولا لجماعة خاصة بل لجميع الناس وجميع العصور وقال آخر: المسيح حقاً الإنسان العالمي لانه لم ينحصر ضمن هيئة خاصة، بل تخطّى كل الحواجز التقليدية والاجتماعية والسياسية والجنسية، وأحب كل الناس بلا استثناء , ولا غرابة في ذلك فقد كان ابن الإنسان أو ابن الإنسانية ,
(2) يسهل تنفيذ التعليم الذي أتى به المسيح على كل الناس في كل البلاد والأوقات, فمثلاً لم يأمر الناس بالصلاة في أوقات خاصة مرتبطة بساعات النهار أو الليل، ولم يحلل لهم تناول بعض الأطعمة دون الأخرى، ولم يحدِّد لهم مواعيد للمواسم والأعياد مرتبطة بأوقات الحصاد وأوجه القمر، كما كانت الحال مع اليهود الذين عاشوا في منطقة جغرافية محددة، بل أمرهم أن يصلّوا كل حين (لوقا 18: 1) وأن ما يدخل الفم لا ينجِّس الإنسان، بل ما يخرج منه، لأن من الفم تخرج أقوال الشر التي هي النجاسة (مرقس 7: 15), وطلب منهم على لسان رسوله، أن تكون حياتهم كلها أعياداً روحية، تتجلى فيها القداسة والطهارة والصلة الحقيقية مع الله (1كورنثوس 5: 8), ولذلك فإن تعليمه يمكن تنفيذه لا في فلسطين وحدها، بل في الجهات القطبية التي تغيب عنها الشمس نصف العام، ويغيب عنها القمر النصف الآخر، كما يمكن تنفيذه في الجهات القاحلة التي لا زرع فيها ولا حصاد,
(3) طبعاً ليس هناك فضل لجنس على الآخر عند الله, وإن كان هناك فضل لجنس على الآخر عنده، فأتقى الناس أفضلهم، لأنه ليس لدى الله محاباة (غلاطية 2: 6), وقد شهد الوحي بهذه الحقيقة فقال إن كل من يصنع البر في اي أمة مقبول عنده (أعمال 10: 35), ولما وجد إن إبراهيم أتقى الناس الذين عاشوا في جيله، اختاره ودعاه خليلاً له (يعقوب2: 23) ثم اتّخذه وسيله لإعلان اسمه بين الناس، ووعده بأن في نسله ستتبارك كل أمم الأرض (تكوين 12: 3), ونظراً لأن الله لا يلغي ولا ينسى وعداً من وعوده مهما طال عليه الزمن، اصطفى من ذرية إبراهيم في الوقت الذي استحسنه، فتاة، أقل ما يُقال عنها إنها أطهر الفتيات ليتجسّد منها ويبارك كل أمم الأرض كما وعد من قبل,
(4) فإذا تأملنا حياة المسيح على الأرض، وجدنا أنه وإن كان قد تجسّد من اليهود للسبب المذكور، إلا أنه كان متجرِّداً من الجنسية اليهودية، بل ومن الروابط العائلية التي هي من أقوى الروابط وأدقّها، فكل علاقاته كانت بين الله والناس بصفة عامة, فمثلاً عندما قالوا له: أمك وإخوتك يطلبونك أجابهم: من أمي وإخوتي! ثم نظر إلى المؤمنين الجالسين حوله وقال: ها أمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة الله، هو أخي وأختي وأمي (مرقس 3: 35), ولما رفعت امرأة صوتها قائلة له: طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما أجابها: بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه (لوقا 11: 27), ولما اعترضته السامرية: كيف تطلب مني ماء لتشرب، وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية، لأن اليهود لا يعاملون السامريين (يوحنا 4: 9) لم يتراجع عن الحديث معها، أو يوبخها وينتهرها، بل واصل حديثه معها ليخلّصها من الخطايا التي كانت غارقة فيها، ويقودها إلى حياة الطهر والعفاف, ولذلك قال الرسول: إذاً نحن من الآن لا نعرف أحداً حسب الجسد, وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الآن لا نعرفه بعد (حسب الجسد), إذاً إن كان أحد (أي أحد بلا استثناء) في المسيح فهو خليقة جديدة (2كورنثوس5: 16 ، 17),
قال المعترض : يوحنا 5: 3 و4 هما إلحاقيتان, ونصهما في أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا، لها خمسة أروقة, في هذه كان مضطجعاً جمهور كثير من مرضى وعُمي وعُرج وعُسم، يتوقّعون تحريك الماء، لأن ملاكاً كان ينزل أحياناً في البِرْكة ويحرّك الماء، فمَنْ نزل أولاً بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرض اعتراه ,
وللرد نقول بنعمة الله : (1) ذهب بعضهم إلى أن يوحنا البشير دوَّن إنجيله بعد خراب أورشليم، وكان لا بد أن تكون مُحيت آثار هذه البِرْكة، فهذا هو سبب اعتراضهم على هاتين الآيتين, ولكن لا يلزم من خراب أورشليم خراب هذه البركة، لأنه مع أن الجنرال فاسباسيان أمر بتخريب المدينة إلا أنه أذن بإبقاء بعض الأشياء لاستعمال جنوده، فحافظوا طبعاً على هذا الحمّام مع أروقته ليستظلوا فيه,
(2) يمكن أن يذكرها بصيغة الماضي، ولا يزال موقع هذه البِرْكة موجوداً وطولها 120 قدماً وعرضها 40 وعمقها ثمانية، وفي أحد أطرافها بقايا ثلاث أو أربع قبوات وهي بقايا الأروقة، ويمكن النزول اليها بواسطة درجات,
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 5: 22 و27 إنه ديَّان العالم، بينما يقول بولس في 1كورنثوس 6: 2 و3 إن القديسين سيدينون العالم, هذا تناقض؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : هل من تناقض إن ذكرنا اسم القاضي فلان ثم ذكرنا أن القضية نظرها محلَّفون أو مساعدو المستشار؟
اعتراض على يوحنا 5: 28 و29
اتنظر تعليقنا على جامعة 3: 19 و20
قال المعترض : ورد في يوحنا 5: 31 قول المسيح إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً ولكنه قال في يوحنا 8: 13 و14 : فقال له الفريسيون: أنت تشهد لنفسك, شهادتك ليست حقاً! أجاب يسوع: وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق ,
وللرد نقول بنعمة الله : الكلام اللاحق لا ينافي السابق، فمعنى قوله في يوحنا 5: 31: إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً أي لا تُقبل شرعاً، لأنها يجب أن تكون مصحوبة بشهادة شاهدين (تثنية 17: 6), ولكنه يمضي فيقول إن شهادته لنفسه شهادة حق، لأن الآب شهد له (يوحنا 5: 32 و37) وشهد له المعمدان (يوحنا 5: 33) وشهدت له معجزاته (يوحنا 5: 36) وشهدت له كتابات الأنبياء (يوحنا 5: 39),
وقوله في يوحنا 5: 31 لا ينافي قوله في يوحنا 8: 14 لأن الذي يثبت صدق إرساليته مرة لا يجب أن يثبتها بعد ذلك كلما تكلم عنها, فيحقّ له أن يطلب تصديق دعواه بمجرد إعلان ذلك,
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 5: 37 إن الآب نفسه أرسله وهذا برهان على أن الآب أعظم من المسيح، لأن المرسِل أعظم من الرسول ,
وللرد نقول بنعمة الله : مجيء المسيح إلى العالم لا يعني أنه تحرك من مكان إلى مكان، لكنه يعني ظهوره في العالم بهيئة واضحة، لأن اللاهوت مُنَزَّه في ذاته عن التحيُّز بمكان، وبالتبعية من الانتقال من مكان إلى مكان, ولم يكن مجيء الابن بإرادة الآب مستقلة عن إرادة الابن، بل كان بإرادتهما وإرادة الروح القدس معاً،فقد قال المسيح (له المجد): من عند الله خرجت (يوحنا 16: 27)، أي خرجت بمحض إرادتي, وقال الرسول عنه (فيلبي 2: 6 و7) : الذي إذ كان في صورة الله (أو الذي إذ كان كائناً في صورة الله)، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد أي أنه أخلى نفسه وأخذ صورة عبد بمحض إرادته, وعن مجيء المسيح بإرادة الآب والروح القدس معاً، قال له المجد على لسان إشعياء النبي سنة 700 ق م والآن السيد الرب أرسلني وروحه (إشعياء 48: 16)
ولوحدة جوهر الأقانيم الثلاثة لا يكون إرسال الآب للابن دلالة على وجود أي تفاوت بينهما، بل بالعكس يدل على توافقهما، وتوافق الروح القدس أيضاً معهما في الاهتمام بالبشر والعطف عليهم, أما السبب في ظهور الابن (أو مجيئه) دون الأقنومين الآخرين، فيرجع إى أنه هو الذي يعلن الله ويظهره,
قال المعترض : جاء في يوحنا 5: 43 أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني, إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه وهذه نبوة عن نبي الإسلام الذي قبله الناس ,
و للرد نقول: في هذه الآية يوبّخ المسيح اليهود على نقص محبتهم لله، فلقد رفضوا المسيح الذي أرسله الآب و شهد له، مع أن المسيح عمل إرادة أبيه, وكانت المعجزات التي أجراهاالمسيح أكبر دليل على أنه جاء باسم الآب و سلطانه, ولم يكن المسيح مثل الأنبياء الكذبة الذين جاءوا باسم أنفسهم,
لقد وبّخ المسيح اليهود على ذنبٍ ارتكبوه، ولا زال الناس يرتكبونه، فقد قبل اليهود الأنبياء الكذبة, وقال المؤرخ اليهودي يوسيفوس إن الأنبياء الكذبة جذبوا اليهود للصحاري بوعد أن يروا المعجزات ، ففقد البعض عقولهم ، و عاقب ولاة الرومان البعض, و يحدثنا أعمال 21: 28 عن النبي المصري الكاذب الذي ضلّل اليهود,
وقد قبل اليهود الأنبياء الكذبة لأنهم وعدوهم بمملكة أرضية,
لقد جاء الكذبة باسم أنفسهم ، قبل المسيح و بعد المسيح! لم يجيئوا باسم الرب، بعكس يسوع الذي جاء من فوق باسم أبيه، ولذلك فإنه فوق الجميع, أما الباقون فمن الأرض، ومن الأرض يتكلمون (يوحنا3: 31),
فالمسيح هنا يوبّخ اليهود لأنهم تبعوا الكذبة الذين جاءوا باسم أنفسهم، ويحذّرنا نحن من اتّباع مثل هؤلاء الكذبة!
قال المعترض : في الكتاب المقدس استعارات غامضة، كقول المسيح في يوحنا 6: 55 جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق ,
وللرد نقول بنعمة الله : إن كلام المسيح في غاية البلاغة والوضوح، فقد قال في ذات الأصحاح: أنا هو خبز الحياة (يوحنا 6: 48), فكما أن الخبز يعطي الحياة، كذلك يعطي المسيح الحياة الأبدية لكل من يؤمن به، فمن فهم غير ذلك كان مخطئاً, وقد وضع المسيح قبل صلبه بعض إشارات محسوسة تشير إلى الفوائد التي منحها لنا موته، وهي الخبز والخمر, فوجه الشَّبه بين هذه العلامات وبين جسده ودمه هو:
(1) كما أن الخبز هو الجوهر الضروري لحفظ الحياة الطبيعية، لأنه لا يمكن لأحد أن يعيش بدونه، فكذلك لا شيء ألزم للإنسان من المسيح، فإنه هو خبز الحياة النازل من السماء, فكل من أكل منه (أي آمن به) يحيا إلى الأبد,
(2) كما أن الخبز يغذي الجسد ويقويه، فكذلك جسد ابن الله المكسور على الصليب فإنه يغذي ويقوي روح الإنسان,
(3) كما أن الخبز هو الغذاء العمومي للجميع، فكذلك الخلاص الذي أوجده المسيح بموته هو للكل,
(4) كما أن كل إنسان سليم يميل إلى الخبز، كذلك خبز الحياة النازل من السماء، فإن المؤمن سليمالعقل يلتذّ به,
(5) كما أن الخبز لا يفيد الإنسان ما لم يستعمله، كذلك لا نستفيد من الفداء العظيم ما لم نؤمن به,
أما أوجه الشَّبه بين الخمر وبين دمه فهي:
(1) كما أنه يلزم عصر النبيذ قبل استعماله، فكذلك سُحق المسيح لأجل معاصينا، وخرج الدم من جسده لترتوي أنفسنا به وتحيا,
(2) كما أن طبيعة الخمر مفرحة ومقوية، فكذلك دم المسيح فإنه مفرح ومقوٍ للنفس، فتقاوم غرور إبليس ومكائده,
(3) وفي النبيذ خاصية طبية، فكذلك دم المسيح هو الدواء المناسب للخطاة,
فوضع المسيح هذين العنصرين في العشاء الرباني لنخبر بموته إلى أن يجيء وكان المسيحيون الأولون يعرفون المقصود بقول المسيح, والمسيح قال إن الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة ,
اعتراض على يوحنا 7: 39
انظر تعليقنا على مزمور 51: 11
اعتراض على يوحنا 7: 52
انظر تعليقنا على متى 2: 23
قال المعترض : ما ورد في يوحنا 8: 1-11 إلحاقي, وهي قصة المرأة التي أُمسكت في زنا, هكذا قال هورن وغيره ,
وللرد نقول بنعمة الله : قال هورن: ارتاب البعض في صحة ما ورد بين يوحنا 7: 53 و8: 1-11, فقد جاء اليهود إلى المسيح بامرأة أُمسكت في زنا، وطلبوا منه أن يرجمها، فقال لهم: من كان منكم بلا خطيئة فليرْمها أولاً بحجر , ثم قال لها: ولا أنا أدينك, اذهبي ولا تخطئي أيضاً , فارتاب في صحتها فريق من المدققين, ولكن ثبت بالأدلة القاطعة صحة هذه العبارة, ومع أنها لا توجد في النسخ القديمة، ولم يستشهد بها بعض آباء الكنيسة الذين علّقوا شروحات على هذا، إلا أنها موجودة في معظم النسخ المكتوبة بخط اليد, وقد أورد كريسباخ شواهد على صحتها من أكثر من ثمانين نسخة متداولة, فإذا لم تكن صحيحة فكيف ثبتت في هذه النسخ؟ وزد على هذا أنه لا يوجد فيها ما ينافي صفات المسيح الطاهرة، بل بالعكس: إنها توافق حِلْمه ووداعته ولطفه, وقد أكد أغسطينوس صحتها، وقال إن سبب حذف البعض لها هو لئلا يتوهم البعض أن المسيح تساهل مع تلك المرأة وسمح لها أن تذهب بلا عقاب ,
ولكن نرد على هذا الوهم أو الاعتراض قائلين: (1) أعلن المسيح أنه لم يأت ليدين العالم (يوحنا 3: 17 و8: 15 و12: 47 ولوقا 12: 14), وبما أنه يجب الحكم على الإنسان حسب مبادئه، فإذا نظرنا إلى مبدأ المسيح هذا لا نجده شذّ عن مبادئه، بل كان سلوكه وتصرفه حسب مبادئه الطاهرة, (2) إذا عاقب المرأة ونفّذ السلطة القضائية عليها كان ذلك منافياً لما أظهره من طاعة أولياء الأمور الذين بيدهم سياسة الجمهور وإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام,
وحسبما جاء في تثنية 17: 6 كان يجب وجود شاهدين قبل رجم الزاني، يأخذ أولهما الحجر ويرمي به، إعلاناً للحاضرين ليتمموا العقاب, ولكن كل الشهود غادروا المكان لما سجَّل المسيح خطاياهم، فسقط الركن القانوني في القضية، فقال المسيح (له المجد) للمرأة: ولا أنا أدينك (يوحنا 8: 11), ولو أن الركن الأخلاقي من القضية ظل باقياً، لأن الزانية الخاطئة محتاجة للتوبة، فقال المسيح (له المجد) لها: اذهبي ولا تخطئي أيضاً (يوحنا 8: 11),
وقد قال هورن (ج1 ص 231): ولا أرى وجهاًً للارتياب في صحة هذه القصة، فإنها ذُكرت بكيفية طبيعية بديعة، عليها مسحة الصحة ,
وقد رأى المحققون أن هذه العبارة موجودة في 300 نسخة من النسخ المكتوبة بالحرف الدارج، بدون علامة أو إشارة تدل على الارتياب فيها, نعم لم توجد في أربع نسخ قديمة، غير أن هذه النسخ تنقصها بعض أوراق، ومنها الأوراق التي تشتمل على هذه القصة وغيرها, وقال إيرونيموس، الذي راجع الترجمة اللاتينية القديمة إنها موجودة في نسخ كثيرة يونانية ولاتينية,
اعتراض على يوحنا 8: 13 و14
انظر تعليقنا على يوحنا 5: 31
يقول المعترض: يدعو المسيح في يوحنا 10: 8 الأنبياء الذين سبقوه سُرَّاقاً ولصوصاً , ولا نظن أن المسيح قال هذا، لكنه إضافة ,
وللرد نقول بنعمة الله : لم يقصد المسيح الأنبياء مطلقاً بهذه العبارة، بل يتكلم عن الذين لم يدخلوا من الباب، فبدأ حديثه بقوله: إن الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف، بل يطلع من موضع آخر، فذاك سارق ولص (يوحنا 10: 1), أما الأنبياء فقد دخلوا من الباب، وأرسلهم الآب السماوي,
أما اللصوص فهم الذين أتوا قبل المسيح بمدة بسيطة وأزاغوا شعباً, وتحدث عنهم غمالائيل لما أحضر رؤساء الكهنة أمامهم في المجمع رسل السيد المسيح، ليحاكموهم على تبشيرهم بقيامة الرب قائلين لهم: ها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم، وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان (أعمال 5: 28)، وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم (أعمال 5: 33)، حينئذ قام في المجمع غمالائيل معلم الناموس المكرَّم عند الشعب، وأمر بإخراج الرسل، وقال لأعضاء المجمع: احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس فيما أنتم مزمعون أن تفعلوا، لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس، قائلًا عن نفسه إنه شيء، الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربعمائة، الذي قُتل, وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا وصاروا لا شيء, بعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب وأزاغ وراءه شعباً غفيراً, فذاك أيضاً هلك، وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا, والآن أقول لكم: تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم, لأنه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض, وإن كان من الله، فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله (أعمال 5: 34-39),
عن أمثال ثوداس ويهوذا الجليلي قال السيد المسيح إنهم سُرَّاق ولصوص, هؤلاء الذين أتوا قبله، وظنوا في أنفسهم أنهم شيء، وأزاغوا وراءهم شعباً غفيراً، ثم تبددوا,
ويمكن أن نضم إلى هؤلاء المعلمين الكذبة الذين أتعبوا الناس بتعاليمهم وسمّاهم المسيح بالقادة العميان، الذين أخذوا مفاتيح الملكوت، فما دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (متى 23: 13-15),
قال المعترض : نقرأ في يوحنا 10: 11 تشبيه المسيح نفسه بأنه الراعي الصالح، ولكننا نقرأ أنه الحمل في أعمال 8: 32 و رؤيا 7: 14, فكيف يكون الراعي والرعية في نفس الوقت؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : انظر تعليقنا على يوحنا 1: 29
قال المعترض : جاء في يوحنا 10: 15 أن المسيح مات لأجل أحبائه وخرافه, (نفس الفكرة جاءت في يوحنا 15: 13), ولكن في رومية 5: 8 و10 يقول إنه مات لأجل أعدائه ,
وللرد نقول بنعمة الله : هم قبل الإيمان به أعداؤه، ولكن عندما يؤمنون به يصبحون أحباءه, فهو مات لأجل جميع أعدائه، وحالما يقبلون خلاصه يتحوّلون إلى أصدقاء, الحب للجميع، والخلاص لمن يقبلون حبّه لهم,
قال المعترض : يقول الإنجيل إن المؤمن لا يرتد لأن الله يحفظه، كما قال المسيح (له المجد) عن أتباعه: وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي, أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي, أنا والآب واحد (يوحنا 10: 28-30), ولكن رسالة العبرانيين تعلّم أن المؤمن يرتد، ففي العبرانيين 6: 4-6 يقول: لأن الذين استُنيروا مرة، وذاقوا الموهبة السماوية، وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي، وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانيةً ويشهّرونه , فكيف نوفّق بين الفكرتين؟ هل يهلك المؤمن ويرتد، أم هل يستحيل أن يرتد؟! ,
وللرد نقول بنعمة الله : لا يوجد تناقض, نحتاج إلى تعريف كلمة المؤمن, المؤمن الحقيقي لا يرتد أبداً والمسيح يحفظه، لكن المؤمن الظاهري هو الذي يرتدّ, والله وحده يميّز المؤمن الحقيقي من المؤمن المزيّف، كما أن الشخص يعرف نفسه، بالروح القدس الساكن فيه (رومية 8: 16),
في مثل الزارع (متى 13: 1-23 ومرقس 4: 1-20) نرى تفسير هذا كله, هناك أربعة أنواع من التربة: الطريق، وهو القلب الذي يرفض الكلمة, هذا هو الخاطئ الذي لم يذق كلمة الله, وهناك الأرض المحجرة، والأرض التي ينمو فيها الشوك, وهذان النوعان من الأرض ذاقا كلمة الله التي هي البذار، ونمت فيهما البذار (صاروا شركاء الروح القدس), لكن الكلمة اختنقت وماتت فيهما, هذا هو الإيمان المؤقّت المزيّف المظهري!
وهناك الأرض الجيدة التي قبلت البذار وجاءت بالثمر,
المؤمن الذي من نوع الأرض الجيدة لا يرتد ولا يهلك، والآب يحفظه, والمؤمن الذي من نوع الأرض الحجرية أو ذات الشوك يهلك,
ليجعلنا الله من الأرض الجيدة التي تثمر ويدوم ثمرها,
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 10: 30 أنا والآب واحد , وهذا يعني أن المسيح متوافق مع الآب، ولكنه لا يعني أنه واحد مع الآب في الجوهر، فقد قال المسيح (له المجد) في يوحنا 17: 11 عن تلاميذه، مخاطباً الآب: ليكونوا واحداً كما نحن , وقصد بذلك الوحدة في المحبة والوفاق ,
وللرد نقول بنعمة الله : المشبَّه لا يكون مثل المشبَّه به من كل الوجوه، فإذا قلنا مثلاً عن إنسان إنه أسد فليس معنى ذلك أنه أسد حقيقي، بل معناه أنه يشبه الأسد في الشجاعة, صحيح أن علاقة المسيح بالتلاميذ تشبه علاقته بالآب، لكنها ليست ذات علاقته بالآب، إنها تشبهها في بعض الأوجه فقط,
وعندما قال المسيح (له المجد): أنا والآب واحد تناول رؤساء اليهود حجارة ليرجموه، فأجابهم: أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي، بسبب أي عمل منها ترجمونني؟ قالوا له: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف, فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً , وبسبب هذه الشهادة عن نفسه طلبوا أن يقتلوه (يوحنا 10: 31-39)، وعندما قال له فيلبس: يا سيد أَرِنَا الآب وكفانا ، أجابه: الذي رآني فقد رأى الآب, فكيف تقول أنت أرنا الآب, ألست تؤمن أني في الآب والآب فيَّ! (يوحنا 14: 9 و10) ومن هذا يتضح لنا أنه لا يقصد بوحدته مع الآب مجرد التوافق معه، بل وحدته معه في الجوهر أو الذاتية,
أما الوحدة التي أراد المسيح أن تكون بين تلاميذه، فهي وحدانية في الروح (أفسس 4: 3)، لأنهم جميعاً سُقوا روحاً واحداً (1كورنثوس 12: 13), ولذلك كان عليهم أن يفتكروا فكراً واحداً (فيلبي 2: 2) وأن يعيشوا معاً كشخص واحد في المحبة والوفاق,
اعتراض على يوحنا 11 و12
انظر تعليقنا على متى 19 و21
قال المعترض : ورد في يوحنا 11: 49-52 فقال لهم واحد منهم، وهو قيافا، كان رئيساً للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تفكرون أنه خيرٌ لنا أن يموت إنسانٌ واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها, ولم يقل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمعٌ أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد , وهذا غلط بوجوه:
1 - هذا الكلام يعني أن رئيس كهنة اليهود لا بد أن يكون نبياً,
2 - قوله هذا كان بالنبوّة يلزم أن يكون موت المسيح كفارة عن اليهود فقط لا عن العالم، وهو خلاف ما يزعمه المسيحيون,
3 - إن قيافا الذي يعتبره يوحنا نبياً هو الذي كان رئيس الكهنة حين أسر المسيح وأفتى بقتله ورضي بضربه كما في متى 26: 57-67 ,
وللرد نقول بنعمة الله : توهم المعترض أن رئيس الكهنة هذا نبي، مع أن أحداً لا يعتقد بذلك، وإنما البشير يوحنا أورد هذا الأمر ليوضح كيف أن الله يحوّل شر الأشرار إلى خير, والمسيحيون لا يعتقدون بنبوّة أي إنسان ما لم يفعل المعجزات والآيات الظاهرة، فإن الأنبياء الذين تنبأوا عن المسيح ومجيئه أيدوا نبواتهم بالمعجزات، فتنبأ موسى وداود وإشعياء وإرميا ودانيال وحجي وغيرهم عن المسيح ومولده وزمانه ومكانه وصفاته وكمالاته وأعماله وموته وصلبه وقيامته وملكوته, ولم يكن لقيافا شيء من ذلك,
اعتراض على يوحنا 12: 3-8
انظر تعليقنا على متى 26: 7-13
اعتراض على يوحنا 12: 12-19
انظر تعليقنا على متى 21: 2
قال المعترض : كيف يقول المسيح: وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع (يوحنا 12: 32) مع أن ملايين البشر يرفضونه أو يقفون منه موقفاً مائعاً، أو لم تصلهم رسالة عنه بعد؟ ,
وللرد نقول بنعمة الله : المقصود من قوله الجميع جميع من يقبلون خلاص المسيح من كل الأمم وفي كل العصور, وقد جاء قول المسيح هذا جواباً على طلب اليونانيين أن يروه (يوحنا 12: 20 و21) بسبب سرورهم من تعليمه, فأعلن المسيح أنه سيجذب إليه كل من يقبل جاذبية محبته، لا لأنه معلم صالح أو قدوة حسنة فقط، بل لأنه الفادي الذي يرتفع على الصليب, وعلى هذا فإن جاذبية محبة المسيح الذي مات لأجل أحبائه هي التي تشدّنا إليه, وهو كحبة الحنطة التي دُفنت وقامت وأتت بثمر كثير,
على أننا نؤمن أنه في اليوم الأخير ستجثو كل ركبة للمسيح (فيلبي 2: 10),
اعتراض على يوحنا 13: 21-27
انظر متى 26: 21-25
اعتراض على يوحنا 13: 27
انظر تعليقنا على لوقا 22: 3-7
قال المعترض : جاء في يوحنا 14: 16 و17 و26 : وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه, أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم,,, وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلتُه لكم ,
ولكن كلمة البارقليط المترجمة هنا المعزي يجب أن تُترجم محمد , (راجع يوحنا 15: 26 و16: 13), وعليه يكون المسيح تنبأ عن محمد في هذه الآيات، والقرآن الذي جاء به هو من عند جبريل، وهو الروح الأمين أي الروح القدس، وإنه شهد للمسيح (يوحنا 15: 26) ومجَّده (يوحنا 16: 4) كما مجّده القرآن، وذلك لأن القرآن رفع مقام المسيح كمولود من عذراء، وكنبي ورسول مؤيَّد بالمعجزات والآيات، وقال إنه صعد إلى السماء حياً، وإن الله آتاه الإنجيل ونفى عنه البنوّة لله التي زعمتها النصارى - وفهم النصارى الأولون من أقوال المسيح بخصوص إرسال البارقليط أن نبياً آخر عظيماً سيأتي بعده، بدليل أن رجلاً يسمى ماني الفارسي ادّعى أنه الروح القدس بعد المسيح ببضعة قرون، وراجت دعوته عند بعضهم استناداً على هذه النبوة ,
وللرد نقول بنعمة الله : هذا قول خطأ لما يأتي:
(1) كلمة بارقليط لا تعني محمداً بل تعني المعزي أو المؤيِّد كما في قوله عن المسيح وأيدناه بروح القدس (البقرة 2: 87) أو الوكيل وهذه لا تناسب محمد مطلقاً، لأن لقب المعزي لا يلائم حامل السيف, ولقب المؤيِّد والوكيل لا يصح إسنادهما إلى مخلوق، لأنهما من ألقاب الله، كما ورد في القرآن وما أرسلناك عليهم وكيلاً (الأسراء 17: 54 والنساء 4: 81),
(2) لم تُستعمل كلمة البارقليط في أسفار العهد الجديد إلا للدلالة على الروح القدس (يوحنا 14: 16 و17: 26 و15: 26 و16: 13), وجاءت أيضاً للتلميح إلى المسيح (يوحنا 14: 16 و1يوحنا 2: 1),
(3) لا يمكن أن يكون البارقليط (حسبما ورد في هذه الآيات) إنساناً ذا روح وجسد، بل هو روح محض غير منظور، روح الحق الذي عندما تكلم المسيح عنه إنه يأتي، كان (أي الروح) حينئذ ماكثاً مع التلاميذ (يوحنا 14: 17 و16: 14),
(4) إن الذي يرسل البارقليط هو المسيح (يوحنا 15: 26 و16: 17) والمسلمون لا يقبلون على محمد أن يكون رسول المسيح,
(5) كان محمد رجل حرب وغزو يفتح البلاد بسيفه ويدوّخ العباد بجيشه، وأما الروح القدس فعمله أن يبكت على الخطية، وجوهر الخطية عدم الإيمان بالمسيح (يوحنا 16: 9),
(6) قيل عن الروح القدس إنه متى جاء يمجد المسيح ولا يمجد نفسه، لأنه يأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يوحنا 16: 14 و15),
(7) ينكر محمد والقرآن بنوّة المسيح لله، مع أن المسيح أعلن أنه ابن الله بقَسَم (مرقس 14: 61), وكذا ينكران لاهوته مع كونه مثبوتاً في كل من أسفار العهد القديم (إشعياء 9: 6 ومزمور 45: 6) والعهد الجديد (يوحنا 10: 30 وعبرانيين 1: 8), وبناءً عليه لا يكون محمد وقرآنه ممجِّديْن للمسيح، بل مضادين له، وبالتالي لا يكون محمد هو الروح القدس كما زعموا,
(8) ينكر محمد وقرآنه صلب المسيح الذي به صار التكفير عن خطايا العالم، وبهذا قد أنكرا حقيقة جوهرية من أعظم حقائق الكتاب المقدس (مزمور 22 وإشعياء 52: 13-53: 12 ومتى 20: 19) التي يترتب عليها خلاص الجنس البشري,
(9) يترتب على إنكار صلب المسيح إنكار قيامته التي هي رجاء جميع المسيحيين (1كورنثوس 15: 17-19) وحيث أن محمداً يخالف الإنجيل في هذه النقط الرئيسية وغيرها، ويعارض التعاليم التي أمر رسله أن يكرزوا بها للعالم (متى 28: 20) فلا يصح أن يُقال عنه إنه متمم لنبوة إرسال الروح القدس، الذي إنما جاء ليذكِّر التلاميذ بكل ما قاله لهم المسيح (يوحنا 14: 26),
(10) احتجاجهم بما ادعاه ماني من أنه هو الروح القدس، وتطبيقهم دعوة محمد على قول ماني، دعوة باطلة, وإذا قارن أحدنا بين محمد وماني، وبين قرآن الأول وكتاب الآخر الذي قال إنه جاء به من السماء، وإنه ليس في طاقة البشر أن يأتوا بمثله ولن يأتوا بمثله، لجرحنا أحاسيس إخواننا المسلمين وأغضبناهم,
لقد رفض المطلعون من المسيحيين دعوة ماني بأنه الروح القدس لجملة أدلة, منها: (أ) لا تشير النبوات المتعلقة بالبارقليط إلى إنسان بل إلى روح, (ب) تمَّت هذه النبوات بعد صعود المسيح ببضعة أيام، وذلك بحلول الروح القدس على المائة والعشرين مسيحياً الذين كانوا يسبحون الله في العلية في مدينة أورشليم، وأخذوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح القدس أن ينطقوا (راجع أعمال 2: 1-36), ومن هنا يظهر أن تعليم العهد الجديد في عصر ماني هو كما في العصر الحاضر, والمسيح وهو على الأرض أخبر بظهور أنبياء كذبة، وحذَّرنا من الانقياد لأي نبي يأتي بعده (متى 24: 11 ومرقس 13: 22, قابل متى 7: 15), لهذا عندما ظهر ماني وادّعى النبوة رفضه مسيحيو عصره بناءً على ما سبق التحذير منه في الإنجيل، واعتبروه نبياً كذاباً كما يعتبره إخواننا المسلمون,
(11) قيل عن البارقليط إنه سيسكن في قلوب المسيحيين الحقيقيين (يوحنا 16: 14 قابل 1كورنثوس 6: 19 ورومية 8: 9) وهذا لا يمكن أن يصدق على محمد,
(12) وعد المسيح أن الروح القدس يجب أن ينزل من السماء على التلاميذ بعد صعوده بأيام قليلة (يوحنا 14: 26) وأمرهم أن لا يباشروا خدماتهم كرسل حتى يحل عليهم الروح القدس (متى 28: 19 و20 وأعمال 1: 25) وبناءً على أمره مكثوا في أورشليم إلى أن تم هذا الوعد (انظر لوقا 24: 49 وأعمال 1: 4 و8 و2: 1-36), فهل تظنون أن مراد المسيح أن ينتظر تلاميذه بدون أن يمارسوا عملهم مدة ستمائة سنة إلى أن يأتي محمد؟ هذا محال, وعليه فالنبوة هنا تشير إلى ما حدث يوم الخمسين بعد صعود المسيح بأيام قليلة (انظر أعمال 2), ومن بعد ذلك الوقت نالت جماعة الرسل قوة فائقة وحكمة واسعة وجالوا يكرزون بالإنجيل في الأرض كلها,
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 14: 28: لأن أبي أعظم منّي , ولكن قال بولس في فيلبي 2: 6: لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله فيقول الكتاب إن المسيح معادل لله، وإنه دون الآب وهذا تناقض! ,
وللرد نقول بنعمة الله : لا تزعج هذه التهمة الباطلة مؤمناً له إلمام بالكتاب, فالأسفار المقدسة تُري جلياً اتفاق هذين القولين, للمسيح طبيعتان, إلهية وإنسانية (اقرأ يوحنا 1: 14 و1تيموثاوس 2: 5), تقول الآية الأولى الكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمة وحقاً وتقول الثانية: لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح , فبحسب الآية الأولى هو معادلٌ للآب, وبحسب الثانية هو دونه, وعندما نأتي بهاتين الآيتين إلى نور الكتاب البهي الساطع لا نرى أثراً للتناقض بينهما,
إذاً لم يقصد المسيح أن الآب أعظم منه في الطبيعة، فإن كليهما متساويان، لكنه قصد أنه أعظم منه في الحال التي تكلم فيها بهذا الكلام، وهي حال اتّضاعه وآلامه بسبب أنه فادي الخطاة, وفي هذه الحال يقول يوحنا: الكلمة صار جسداً (يوحنا 1: 14) ويقول بولس لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد (فيلبي 2: 7),
ويقول علماء اللاهوت إن الآب أرسل الابن ليقدم للبشر كل وسائل الخلاص، فكان أعظم من الابن في الوظيفة, لكن هذه العظمة الوظيفية مؤقتة (راجع فيلبي 2: 9-11), وقد قال المسيح (له المجد) للتلاميذ في ذات المكان الذي اقتبس المعترض منه: لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب، لأن أبي أعظم مني , فكان على التلاميذ أن يفرحوا بذهابه عنهم، لأنه بذلك يرجع (بعد اتضاعه كعبد نحو 33 سنة) إلى حال العظمة والمجد التي كانت له مع الآب, وعند رجوعه يحل الروح القدس على التلاميذ ويبدأ التبشير بالمسيح بنجاح عظيم (يوحنا 16: 7-10),
لا تناقض هنا، فما قيل في يوحنا قيل أيضاً في فيلبي وصفاً لتواضع المسيح المؤقت الذي يهدف إلى أداء مهمة معينة,
قال المعترض : جاء في يوحنا 14: 30 قول المسيح: لا أتكلم أيضاً معكم كثيراً لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء فرئيس العالم الذي بشَّر المسيح بمجيئه هو محمد ,
وللرد نقول بنعمة الله : يظهر من سياق الكلام والقرينة أن المسيح لم يقصد برئيس العالم هنا نبياً ولا رسولاً, بل قصد إبليس، بدليل قوله ليس له فيَّ شيء فإن هذه العبارة لا تشير إلى حبيبٍ مُوالٍ كشأن النبي إلى زميله النبي، بل إلى عدوٍّ مقاوم، قال المسيح (له المجد) عنه: الآن دينونة هذا العالم, الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً (يوحنا 12: 31) وقال الرسول بولس: الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح (2 كورنثوس 4: 4) ودُعي إبليس: رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية (أفسس 2: 2 و6: 11 و12),
قال المعترض : جاء في يوحنا 15: 15 قول المسيح لتلاميذه: أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي , ولكن المسيح يقول لهم في 16: 12 إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ,
وللرد نقول بنعمة الله : المقصود بيوحنا 15: 15 هو: كل ما سمعته من أبي ويجب أن يُقال لكم الآن، قد أعلمتكم به, لقد قدَّمت لكم رسالته كاملة , والمقصود بيوحنا 16: 12 هو: هناك أمور كثيرة سأعلّمها لكم بعد قيامتي، وسيعلّمها لكم الروح القدس ,(قارن لوقا 24: 27 وأعمال 1: 8)
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 15: 26 إن الروح القدس ينبثق من الآب, وهذا يعني أن الآب كان موجوداً قبل الروح القدس، وهذا يناقض القول إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، كما يناقض القول إنه واحد مع الآب في الأزلية ,
وللرد نقول بنعمة الله : ليس الروح القدس منبثقاً من الآب بمعنى أنه منفصل منه أو صادر عنه، لأن الآية الخاصة بانبثاق الروح القدس تقول: روح الحق الذي من عند الآب ينبثق , وشتان بين الانبثاق من الآب والانبثاق من عند الآب, فالروح القدس موجود مع الآب, ثم انبثق أو خرج (أو بالأحرى ظهر) من عنده من تلقاء ذاته,
ولا يُقصد بالعبارة من عند هنا مكان ما، لأن اللاهوت منزه عن المكان والزمان، بل يُقصد بها التعبير باللغة التي نفهمها، على أن الروح القدس أقنوم خاص، وأنه كان مع الآب قبل حلوله على المؤمنين, ولذلك نرى أن العبارة من عند هذه، هي بعينها التي استُعملت في موضع آخر للدلالة على وجود أقنوم الابن مع الآب قبل ظهوره في العالم، فقد قال له المجد: خرجت (أو ظهرت) من عند الآب (يوحنا 16: 28 و17: 8),
كما نلاحظ أن الفعل ينبثق، مبني للمعلوم وليس للمجهول، وهذا دليل آخر على أن الآب لم يخرج الروح القدس من ذاته، بل أن الروح القدس هو الذي خرج أو ظهر من تلقاء ذاته، الأمر الذي يدل على أنه لم يكن جزءاً من الآب، وأخرجه الآب من ذاته، بل أنه كان معه أزلاً,
فإذا رجعنا إلى اللغة الإنجليزية مثلاً، وجدنا أنها لا تعبّر عن من عند في هذه الآية ب_ مثلاً، التي تدل على الانتقال من الداخل إلى الخارج، بل يعبر عنها ب_ ، أي من عند , وهذا دليل على أن الروح القدس ليس منبثقاً من الآب بمعنى أنه خارج من ذاته، بل بمعنى أنه خارج (أو ظاهر) من عنده، الأمر الذي يدل على أنه كان بأقنوميته معه، قبل حلوله على المؤمنين,
اعتراض على يوحنا 16: 28
انظر تعليقنا على يوحنا 5: 37
اعتراض على يوحنا 16: 33
انظر تعليقنا على مزمور 112: 1-3
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 17: 3 هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته , وهذا يعني أن المسيح ليس هو الله,
وللرد نقول بنعمة الله : قال المسيح (له المجد) للآب: أنت الإله الحقيقي وحدك ليس بوصفه ابن الله، بل بوصفه ابن الإنسان وقوله هذا هو عين الصدق والصواب لأنه ليس هناك إلا إله واحد، وهو الله أو اللاهوت, والله أو اللاهوت لا يُدرَك في ذاته بل يُدرك في تعيُّنه، وتعيّنه هو الآب والابن والروح القدس, ونظراً لأن اللاهوت واحد ووحيد ولا يتجزّأ أو يتفكك على الإطلاق، فكل أقنوم من الأقانيم (إن جاز هذا التعبير) قائم بكل ملء اللاهوت، وإذن فكل منهم هو الإله الحقيقي, فالآب هو الإله الحقيقي، والابن هو الإله الحقيقي، والروح القدس هو الإله الحقيقي، وكلهم الإله الحقيقي, ولذلك أعلن الكتاب المقدس أن الآب هو الله والابن هو الله، والروح القدس هو الله,
وقوله الإله الحقيقي بالمقابلة مع الإله الخيالي أو الله المحاط بالغموض والإبهام الذي كان في عقول اليهود وعقول الفلاسفة الذين كانوا يقولون إنهم يؤمنون بالله, لأن الذي لا يعرف الله كالآب الذي يحب المؤمنين به كما يحب الأب أبناءه، يظل الله بالنسبة له كائناً خيالياً محاطاً بالغموض والإبهام,
ومما يدل على وحدة الأقانيم في اللاهوت، وعدم وجود أي تمايز بين أحدهم والآخر، أن المسيح أعلن في يوحنا 17: 3 أن الحياة الأبدية ليست متوقفة على معرفة الآب على انفراد، بل على معرفته بالارتباط مع معرفة المسيح, فقد قال وهذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته , وهذا ما يتفق مع الحقائق الإلهية الخاصة بوحدة الابن مع الآب في اللاهوت كل الاتفاق, لأن الحياة الأبدية هي في معرفة الله، ولا يمكن معرفة الله إلا في المسيح لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2كورنثوس 4: 6),
وقد تبدو هذه الحقيقة ضد العقل، لكن في الواقع ليست ضده، بل أسمى من إدراكه، إذ أنها تتفق مع خصائص ذات الله كل الاتفاق، لأن وحدانيته جامعة، وجامعيتها أقانيم، والأقانيم وإن كان أحدهم غير الآخر إلا أنهم واحد في اللاهوت، واللاهوت لا يتجزأ أو يتفكك على الاطلاق,
إن الحياة الأبدية هي بمعرفة الله، لأنه مصدر الحياة، بل هو الحياة عينها, ولما كان الله هو الآب والابن والروح القدس، فقد أعلن الوحي أن الآب هو الحياة الأبدية (1يوحنا 5: 20)، وأن الابن هو الحياة الأبدية (1يوحنا 1: 2) وأن الروح القدس هو روح الحياة (رومية 8: 20),
ولا يعني إرسال الآب للابن أن الآب أفضل من الابن، بل معناه اتحاده معه في العطف على البشر, وكل ما في الأمر أن الابن لكونه المعلِن للاهوت منذ الأزل، هو وحده الذي يقوم بإعلانه للبشر,
قال المعترض : قال المسيح (له المجد) في يوحنا 17: 9 من أجلهم أنا أسأل, لست أسأل من أجل العالم، بل من أجل الذين أعطيتني، لأنهم لك , وهذا يعني أنه ليس شفيع العالم, مع أن 1يوحنا 2: 1 و2 يقول: إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة ,, لخطايا كل العالم ,
وللرد نقول بنعمة الله : المسيح شفيع العالم، وهو مخلص الجميع, ولكنه في يوحنا 17 كان يصلي صلاة خاصة، ففي آيات 1-5 صلى لأجل خدمته وفي 6-19 صلى لأجل تلاميذه، وفي آيات 20-26 صلى لأجل كل المؤمنين به في كل عصر,
اعتراض على يوحنا 18: 2-8
انظر تعليقنا على متى 28: 48-50
اعتراضات على إنكار بطرس يوحنا 18: 16 و17
انظر تعليقنا على متى 26: 69-75
اعتراض على يوحنا 19: 14
انظر تعليقنا على مرقس 15: 25
اعتراض على يوحنا 19: 16 و17
انظر تعليقنا على لوقا 23: 26
اعتراض على يوحنا 19: 19
انظر تعليقنا على متى 27: 37
اعتراض على يوحنا 19: 24
انظر تعليقنا على متى 27: 35
اعتراض على يوحنا 19: 28-30
انظر تعليقنا على متى 27: 34
اعتراضات على قصة القيامة يوحنا 20: 1-18
انظر تعليقنا على متى 28: 1-15
قال المعترض : يدلّ قول المسيح لتلاميذه: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم (يوحنا 20: 17)، وقوله: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ (متى 27: 46) أنه كان واحداً من البشر لا أكثر ولا أقل ,
وللرد نقول بنعمة الله : المسيح هو أحد أقانيم اللاهوت، لكن بتجسُّده من جنسنا أصبحت له طبيعتان كاملتان، هما اللاهوت والناسوت, هاتان الطبيعتان متحدتان كل الاتحاد, فمن حيث اللاهوت كان ولا يزال وسيظل إلى الأبد هو الله بعينه، فمكتوب أنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً (كولوسي 2: 9) وأنه الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد (رومية 9: 5), أما من حيث الناسوت فكان كأحد الناس، ولذلك كان يدعو الله من هذه الناحية أباً وإلهاً له, لكنه كان خالياً من الخطية خلواً تاماً، الأمر الذي لا يتوافر في أي إنسان,
وتثبت القرينة صدق هذه الحقيقة، فإذا رجعنا إلى يوحنا 20: 17 وجدنا المسيح يقول إن الله أبوه وإلهه، بمناسبة إعلانه عن عودته إليه، بعد إتمام مهمة الفداء التي جاء للعالم للقيام بها لأجلنا، بوصفه ابن الإنسان,
وإذا رجعنا إلى متى 27: 46 وجدنا المسيح يدعو الله إلهاً له، عندما كان معلقاً على الصليب كفارة عن الإنسان, وكان قد سمح أن يُعلَّق عليه لهذا الغرض بوصفه ابن الإنسان ، كما أن قوله بعد ذلك لله: لماذا تركتني؟ يدل على أنه لم ينطق به كابن الله، لأنه من هذه الناحية واحد مع الآب والروح القدس في اللاهوت، ولا انفصال له عنهما على الإطلاق, لكن هناك حالة واحدة يصح أن يُترك فيها من الله، وهي حالة وجوده كابن الإنسان للقيام بالتكفير عن الناس، لأن المكفِّر يجب أن يضع نفسه موضع الذين يكفِّر عنهم من كل الوجوه، حتى تكون كفارته حقيقية وقانونية, ولما كان كل الناس خطاة، ويستحقون الترَّك من الله إلى الأبد، سمحالمسيح أن يعتبر أثيماً، وأن يُترك من الله عوضاً عنهم، وأن يحتمل كل ما يستحقونه من قصاص، حتى يصيروا أبراراً، ولهم حق الاقتراب من الله والتمتع به، إن هم قبلوا كفارته، وسلَّموا حياتهم له تسليماً كاملاً,
قال المعترض : جاء في يوحنا 20: 22 ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس , وهذا يناقض ما جاء في أعمال 2: 1 و4 ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة, وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى, كما أعطاهم الروح أن ينطقوا ,
وللرد نقول بنعمة الله : من يتكلم عن وجود تناقض بين هذين يرى افتقاره العظيم إلى النظر الروحي, فقد انسكب الروح القدس يوم الخمسين بطريقة خاصة، ومنذ ذلك الحين سكن في قلوب جميع المؤمنين الحقيقيين في كل العصور, فيمكننا إذاً أن نقول إن كل مسيحي حقيقي فيه الروح القدس, وقد صدق من قال إنه في تاريخ الكنيسة لم ينسكب الروح القدس إلا مرة واحدة، في بدء تاريخها, ولكن هذا ليس معناه أن الروح القدس لم يكن في العالم ولم يكن عاملًا في قلوب شعب الله القديم قبل يوم الخمسين,
ونجد في الكتاب المقدس إعلانات تدريجية عن عمله، ففي العهد القديم كان يحل على من شاء أن يحل عليه، ولم يكن هذا متوقفاً على حالة الإنسان، فقد حل مثلًا على شاول أول ملوك إسرائيل، وعلى بلعام النبي الكذاب الذي نطق بنبوة من عند الرب رغم إرادته, ثم إن يوحنا المعمدان وُلد من بطن أمه مملوءاً من الروح القدس (لوقا 1: 15), وتمّت كل أعمال الرسل السابقة ليوم الخمسين بقوة الروح القدس فيهم, علّم المسيح تلاميذه أثناء وجوده معهم على الأرض أنه كان يمكن نوال الروح القدس بالصلاة إلى الآب، وفي نهاية خدمته وعدهم أن يطلب من الآب فيعطيهم المعزّي, ثم في عشية يوم قيامته ظهر لهم ونفخ قائلًا: اقبلوا الروح القدس , ولكنه أمرهم أن لا يبدأوا في الخدمة إلى أن يحل عليهم الروح القدس وعلى مجموع المؤمنين,
وبعد يوم الخمسين، وفي الفترة التي فيها كانت الكرازة بالإنجيل لليهود فقط، كان الروح القدس يُعطَى لمن يؤمن منهم عن طريق وضع اليد فقط, ولما فتح بطرس باب الملكوت للأمم كان الروح القدس يُعطى بلا تأخير لكل من يؤمن، ولم يلزم للحصول عليه إلا الإيمان, ولا يخفى أن كل مؤمن حقيقي هو مولود من الروح، ومختوم بالروح وساكن فيه الروح، جاعلًا إياه هيكلًا للروح, فالعهد الجديد يفرِّق بين نوال الروح القدس، الأمر الذي يتم مبدئياً لكل المؤمنين، وبين الامتلاء من الروح الذي هو امتياز وواجب كل مؤمن, فالمؤمن يتعمَّد بالروح مرة، ولكنه يمتلئ منه مراراً, فلا تناقض إذاً بين إعطاء المسيح الروح القدس للتلاميذ قبل صعوده، وبين حلول الروح القدس عليهم في يوم الخسمين,
قال المعترض : يعترف إنجيلكم بعدم كماله، كما جاء في يوحنا 20: 30 و21: 25 ,
وللرد نقول بنعمة الله : هذا مستحيل! تقول هاتان الآيتان إن بعض معجزات المسيح لم تُكتب في إنجيل يوحنا، وإن ما فعله المسيح لا تكفيه المجلدات ليُسجَّل كله، فإن المسيح قام بمعجزات كثيرة جداً, ولكن ما أورده البشير كافٍ لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (يوحنا 20: 31),
انظر تعليقنا على مرقس 7: 32,
اعتراض على يوحنا 21: 17
انظر تعليقنا على مرقس 13: 32
قال المعترض : لم يثبت بالسند الكامل أن الإنجيل المنسوب إلى يوحنا من تأليفه، بل هناك أمور تدل على خلافه، منها طريقة التأليف، فإن يوحنا 21: 24 يقول: هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق فانتقل فيها من صيغة الغائب إلى صيغة المتكلم، فنعلم أن كاتبه غير يوحنا، وأن الكاتب الحقيقي وجد شيئاً من كتابات يوحنا، فنقل عنه بزيادة ونقصان ,
وللرد نقول بنعمة الله : انتقال المؤلف من الغائب إلى المتكلم هو من أساليب الكلام الفصيح ويُسمَّى الالتفات وهو الانتقال من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب, قال السكاكي: أما ذلك فله فوائد: منها تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر والملال، لما جُبلت عليه النفوس من حب التنقّلات والسآمة من الاستمرار على منوال واحد ,
وورد في القرآن أغلب هذه الأنواع، ونقتصر منها على إيراد مثال من الغيبة إلى المتكلم كقوله الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه (فاطر 35: 9), فيوحنا الإنجيلي ختم إنجيله بأن تكلم عن نفسه بصيغة الغائب بأن قال: هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا , ثم أكد كلامه بقوله: ونعلم أن شهادته حق فهو التفات وتجريد على رأي السكاكي، وعلى رأي غيره هو تجريد فقط, ومنه في الشعر قوله:
ولئِنْ بقيتُ لأرحلنَّ بغزوةٍ تحوي الغنائم أو يموتُ كريمُ
يعني نفسه,