8 - إن كان غفران خطية آدم يحتاج إلى مثل هذه المسرحية المضحكة المبكية, فما الذي يحتاج إليه غفران خطايا العباد من آدم حتى قيام الساعة؟
قلت في ما تقدم أن ذبيحة المسيح رفعت خطية العالم فلا لزوم للتكرار,
أما عن مسرحيتك المضحكة المبكية, فإنك لواجدها في الزعم القائل أن الله القى شبه المسيح على شخص تضاربت آراء علماء الإسلام حول هويته, وهذا الشخص هو الذي صُلب,
أ - قالوا أنه تيطاوس اليهودي, الذي دخل بيتاً ليعتقل المسيح فلم يجده, وألقى الله عليه شبه المسيح فلما خرج ظنه اليهود أنه المسيح فصلبوه,
ب - قالوا أن اليهود لما اعتقلوا المسيح, أقاموا عليه حارساً فألقى المسيح شبهه على الحارس وصعد إلى السماء فأُخذ الحارس وصُلب مكانه, وهو يصرخ أنا لست المسيح,
ج - قالوا وعد عيسى أحد أصحابه بالجنة فتطوع للموت عنه فألقى الله عليه شبه عيسى, فأُخرج وصُلب أما عيسى فرُفع إلى السماء,
د - نافق أحد تابعي عيسى ـ يهوذا ـ وجاء مع اليهود ليدلهم عليه, فلما دخل لأخذه ألقى الله عليه شبه عيسى فأُخذ وقُتل وصُلب,
وقد سرد الإمام أبو جعفر الطبري في كتابه جامع البيان عدة روايات عن الشبه المزعوم منها:
ـ 1 ـ إن بعضهم قال: لما أحاطت اليهود بعيسى وبأصحابه, حُولوا جميعاً إلى شبه عيسى فأشكل الأمر على الذين كانوا يريدون قتل عيسى, وخرج إليهم بعض من كان في البيت فقتلوه وهم يحسبونه عيسى ـ مروية عن سلمة .
ـ 2 ـ مروية عن ابن حمية، عن يعقوب العتمي، عن وهب بن منبه، قال: أتى عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريي فجاء اليهود وأحاطوا بهم, فلما دخلوا، صورهم الله على صورة عيسى, فقالوا لهم سحرتمونا، لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعاً, فقال عيسى لأصحابه: من منكم يشتري نفسه اليوم بالجنة, فقال رجل منهم أنا, فخرج إليهم فقال: أنا عيسى فأخذوه فقتلوه وصلبوه,
ـ 3 ـ مروية عن محمد بن الحسين، عن السدي، قال أن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلاً من الحواريين في بيت, فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيُقتل وله الجنة, وفأخذها رجل منهم، وصعد عيسى إلى السماء, أما الرجل الذي أخذ الصورة فقُتل وصُلب,
ـ 4 ـ مروية عن ابن اسحاق، قال: أرسل ملك بني إسرائيل واسمه داود رجلاً ليقتل عيسى، فذهب مع عصبة ليقوم بالمهمة وكان مع ثلاثة عشر من أصحابه, فلما أيقن عيسى أنهم داخلون عليه ألقى شبهه على أحدهم فأمسكوه وصلبوه,
فأيا كان الذي ألقي عليه الشبه يهوذا ام غيره، فهنا المسرحية المضحكة المبكية, إذ فيها اتهام الله سبحانه بأنه لبس على البشر وسلم مسكيناً للقتل والصلب, ولكن حاشا لله أن يخدع أحداً,
لا يخدع الله قوماً يؤمنون به
فتلك خدعة إنسان لإنسان