محمد في التوراة والإنجيل

 

 

تث ( 33 : 1-2 )

" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بنى إسرائيل قبل موته ، فقال جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم "

من يقرأ هذا الجزء يفهم بكل بساطة وسهولة أن هذه الآيات المقدسة نطق بها نبي الله موسى بوحي الروح القدس ليبارك بها شعب إسرائيل قبل موته وهو هنا يذكرهم بمرافقة الله لهم في أثناء خروجهم من أرض مصر عندما خرج فرعون وراء موسى وشعبه فشق لهم الله البحر الأحمر وعبر بنو إسرائيل وسط البحر وعندما تبعهم فرعون غرق هو ومن معه ، وهكذا سار موسى وشعبه في سيناء حيث أخذ موسى الشريعة من الله وأكمل المسير ومن المناطق التي لا ينساها بنو إسرائيل برية فاران وساعير حيث كان لهم فيها ذكريات لأعمال صنعها الله لهم في كل مكان .

لذلك يقول نبي الله موسى جاء الرب وهذا يؤكد أن الذي جاء هو الرب وليس أنبياء ولا بشر بل الرب نفسه ومع أن هذا كاف جداً إلا أننا سنناقش أهم الآراء التي ذكرت في أهم الكتب التي فسرت هذا النص المقدس على أنه نبوة عن الرسل حيث يقولون : 

إن مجيئه من سيناء إشارة لإعطاء التوراة لموسى

واشرافة من ساعير إشارة لإعطاء الإنجيل لعيسى

وتلألؤه من فاران إشارة إنزال القرآن على محمد

 

الرد : للرد نحتاج أن نحدد الموقع الجغرافي لهذه الأماكن الثلاثة ( سيناء ، ساعير ، فاران ) ثم نرى تناقض آراء وتفسيرات هؤلاء الكتاب في تفسيرهم لهذه الآية ومن ثم يتضح المعنى الحقيقي لهذه الآية المقدسة

 

 

أولاً : الموقـــــــع الجغرافي

ساعير : كلمة عبرية وهى اسم الأرض التي كان يسكنها الحوريون ( تك 14 : 6 ) ثم استولى عليها عيسو ونسله ( تك 32 : 3 ) وكانت تسمى أيضاً جبل ساعير لأنها أرض جبلية على الجانب الشرقي من البرية العربية وأعلى قمة فيه تصل إلى 1600 م وهى قمة جبل هور ، وهو يمتد بين البحر الميت وخليج العقبة وهو يقع في الأردن

(1) يقول محمد الشرقاوى في كتاب ( محمد في بشارات الأنبياء ص 24 )

ساعير :

هي الأرض المباركة التي ولد فيها السيد المسيح ، وللرد نقول لا ندري كيف وقع سيادته في هذا الخطأ فالسيد المسيح لم يولد في ساعير بل ولد في بيت لحم ( مت 2 :1 ) ومن الخرائط نستطيع أن ندرك المسافة الكبيرة بينهما ، ويؤكد ذلك الأستاذ / عبد الحميد جودة السحار في كتابه ( المسيح عيسى بن مريم ص 29 - 30 ) قائلاً : بحث المجوس الثلاثة عن المسيح نبي بنى إسرائيل في بيت لحم مدينة داود وهناك وجدوا مريم جالسة وعلى ركبتها ابنها الصغير تحيط به هالة من نور ، فالمسيح ولد في بيت لحم ولا علاقة له إذاً بساعير

(2) ويقول رحمة الله الهندي ( في كتاب إظهار الحق ص 517 )

أشرق من ساعير إعطاؤه الإنجيل لعيسى عليه السلام

للرد : كما اتضح لنا بأنه لاعلاقة للمسيح بساعير وهو لم يعش فيها حتى يقال أنه أعطى الإنجيل ، بل الشيء المدهش أنه لم يقل أحد من المسيحيين أن المسيح قد أعطى أو أنزل عليه إنجيل ، فكلمة إنجيل حسب المفهوم المسيحي هي الخبر المفرح أو البشارة ويؤكد ذلك الشيخ محمد فريد وجدي في كتابه ( الأدلة العلمية على جواز ترجمة معاني القرآن ص 22 سمنة 1936 ) فيقول : لا يوجد نصراني في العالم يعتقد أن الله أنزل على عيسى عليه السلام كتاباً اسمه الإنجيل بلغة إلهية ...... 

ويقول محمد عطا في كتاب ( عيسى في الخالدين ص 48 ) لفظ إنجيل أصله يوناني استخدم للتعبير عن جوهر البشارة المسيحية ، ومما سبق يتضح أنه لا علاقة بين المسيح ورسالته وساعير

(3) ويقول بشرى زخارى في كتاب ( محمد رسول الله هامش ص 63 )

ساعير مدينة على بعد واحد ونصف كيلومتر من مدينة بيت لحم وتسمى حالياً بيت ساجد أي مدينة الرعاة وفيها ظهرت الملائكة يبشرون بميلاد السيد المسيح

الرد : الكاتب هنا يناقض نفسه ففي نفس الصفحة يقول أن إشراقه من ساعير إعطاء الإنجيل للمسيح وعلى الهامش يقول أنه في ساعير ظهرت الملائكة للرعاة يبشرون بمولد السيد المسيح ، فالسؤال الآن هو هل المقصود بساعير الميلاد أم إعطاء الإنجيل ؟ وقد اتضح أنه لا هذا ولا ذلك .

وعندما فهم بعض الكتاب خطأ هذا الادعاء حاولوا تأويل المعنى ومن ذلك

(4) يقول إبراهيم خليل أحمد في كتاب ( محمد في بشارات الأنبياء ص 38 )

يتعين مجاز عن الأرض المباركة التي ولد فيها سيدنا عيسى (ع) وسكن بها ، وجال يصنع خيراً للبشرية .

(5) يقول أحمد حجازي السقا في كتاب ( نبوة محمد في الكتاب المقدس ص 63 - 64 )

رمز ساعير تشير إلى مكان سكنى الكهنة أبناء هارون الذين خرج منهم عيسى وكانوا يعلمون الناس التوراة ، وأيضاً كانت ساعير منزل أوحى على علماء بنى إسرائيل وأبنائهم ومنهم المسيح عيسى .

الـــــــرد : لقد وجد سيادته أن القول بإشراقه من ساعير أي إعطاء الإنجيل للمسيح ضعيف غير مؤيد ببرهان بل من السهل لأي شخص أن ينفي العلاقة بين المسيح وساعير ، لذلك حاول سيادته تأويل النص مخالفاً بذلك ما يقوله الكتاب الآخرون ولكن سيادته قد أخطأ في ذلك ، فقوله إن ساعير مكان سكنى الكهنة وأن المسيح من نسلهم خطأ لأن المسيح من نسل ( سبط ) يهوذا بينما الكهنة من نسل ( سبط ) لاوى ، وكون المسيح لم يخرج من نسل هارون إذ ليس له علاقة بساعير ، وأيضاً قوله إن ساعير مكان سكنى الكهنة خطأ لأن بنى إسرائيل لم يسكنوا في ساعير بل مروا بها ( عدد 20 : 22 - 29 )

هذا بخصوص ساعير وقد أثبتنا خطأ كل ما يقال

 

الموقع الثالث : فاران

 

الموقع الجغرافي :

جاء في قاموس الكتاب المقدس فاران برية واقعة إلى جنوب كنعان ممتدة من قادش برنيع وشرق برية بئر سبع وشور ( عدد 10 : 12 ، 12 : 16 ، 21 : 14 ) بين جبل سيناء وكنعان وبطمة فاران أو إيلة ( إيلات ) اليوم على البحرالاحمر ( تك 14 : 6 ) وجميع هذه المعلومات تشير إلى السهل المرتفع أو الأرض الجبلية ( تث 23 : 3 ) الواقعة إلى جنوب كنعان تحيط بها من الجهات الأخرى برية شور وسلسلة الجبال ، وفى هذه البرية تنقل بني إسرائيل أثناء خروجهم من أرض مصر إلى كنعان وأيضاً جاء إسماعيل وسكن فيها ( تك 21 : 21 )

ويقول مؤلف أبحاث المجتهدين في كتاب ( أبحاث المجتهدين ص 78 - 79 )

جبل فاران المذكور هو جبل قائم على حد برية سيناء الشمالي ويبعد عن مكة بنحو 500 ميل جنوباً وقد ذكر برية فاران في التوراة

تك 14 : 6 ، 21 : 21 ، عدد 10 : 12 ، 12 : 16 ، 13 : 3 ، تث 1 : 1 ، 1صم 25 :1 ، 1مل 11 : 18

 

والآن نأتي إلى نماذج من أقوالهم :

1- يقول رحمة الله الهندي ( ص 517 من المرجع السابق )

استعلانه من جبل فاران تعنى إنزاله القرآن لأن فاران جبل من جبال مكة

2- يقول محمد الشرق أوى (ص 25 )

فاران هي بلاد الحجاز التي هاجر إليها إبراهيم وولد فيها النبي

3- يقول إبراهيم خليل أحمد ( ص 38 )

فاران مجاز عن الأرض التي سكن فيها جد الرسول الكريم سيدنا إسماعيل

4- يقول بشرى زخارى (ص 63 هامش )

فاران برية بين ثلاث جبال بمكة هي أبو قيس وقيعان وجبل حراء وفيها سكن إسماعيل

ويكفى مجرد سرد هذه الآراء التي توضح بكل جلاء تضاربها وعدم الاتفاق على رأى واحد

فهل فاران جبل من جبال مكة ؟ أم برية وسط ثلاث جبال ؟ أم مجاز عن الأرض التي سكن بها إسماعيل؟

 

فأي الأقوال نصدق

والدكتور السقا عندما وجد أن هذا الاستنتاج ضعيف حاول تأويله ( في كتاب نبوة محمد ص 63 - 64 ) بقوله أن فاران سكنى بنى إسماعيل وحيث أن إسماعيل له بركة وقد ظهر في بنى إسماعيل نبي في مكان سكناه وانتشر دينه شرقاً وغرباً فيكون المعنى بالتلألؤ من جبل فاران يشير إلى بدء بركته

الـرد : فاران برية في شمال سيناء ( يمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى خرائط أطلس التي تسلم للطلبة في المدارس ) وقد مر بها نبي الله موسى وشعبه أثناء خروجهم من مصر وكان لهم ذكريات عملها الله معهم ، لذلك نجد أن الأماكن الثلاثة ( سيناء وساعير وفاران ) مر بها بنو إسرائيل بقيادة نبي الله موسى ولكل مكان من الثلاثة ذكرى معينة خاصة بمعاملات الله معهم ؛ لذلك نجد الآيات المقدسة تبدأ بالقول " وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بنى إسرائيل قبل موته " ، وهذا يدل على أن هذه البركة خاصة ببني إسرائيل فقط وأيضاً قول أوحى المقدس في الآية التالية لها : " جاء الرب من سيناء ... " تدل على أن من جاء هو الله وليس بشر أو أنبياء .

ولقد جاء في " تنقيح الملل الثلاث " لسعد بن منصور من كمونه ( ص 97 ) : لو كان معنى جاء من سيناء إشارة إلى نبوة موسى (ع) وأشرق من سعير إشارة لنبوة عيسى (ع) وتلألأ من جبل فاران إشارة لنبوة محمد (ع) لكان قوله أتى من ربوات القدس إشارة إلى شريعة رابعة وهذا ما لا يقبله أحد من المسلمين ويكون المعنى الحقيقي لهذا النص المقدس هو :

أن نبي الله موسى وهو يبارك بنى إسرائيل يذكرهم بمرافقة الله لهم أثناء خروجهم من أرض مصر وكان لكل مكان من هذه الأماكن ذكرى خاصة لتعامل الله معهم

 

تـث 32 : 19 - 21

" فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته وقال احجب وجهي عنهم وانظر ماذا تكون آخرتهم أنهم جيل متقلب أولاد لا أمانة فيهم هم أغاظوني بأباطيلهم فأنا أغيرهم بما ليس شعباً بأمة غبية أغيظهم "

يقولون : المقصود بالأمة الغبية هنا - الأمة العربية - وهناك أمثلة لما يقولون :

 

1- كتاب إظهار الحق ص 516 :

المراد بالشعب الجاهل هم العرب لأنهم كانوا غاية الجهل والظلام ولم يكن عندهم علم من العلوم وما كانوا يعرفون إلا عبادة الأوثان وكانوا محتقرين في نظر اليهود لكونهم من أولاد هاجر فالمقصود من الآية أن بنى إسرائيل أغاروني بعبادة المعبودات الباطلة فلذلك أغيرهم باصطفائي للذين عندهم محتقرين وجاهلون ولقد أوفى الله بما وعد وبعث من العرب النبي (ص) فهداهم

2- مؤلف نبوة محمد ص 57 - 59

لا يوجد في الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى (ع) أية إشارة إلى أمة غبية محددة البلاد والأوصاف يمكن أن يعرف أنها المراد بهذه النبوة ولا يمكن أن يشتبه إلا في أمة بنى إسماعيل ولا يمكن أن تكون الأمة الغبية أمة اليونان

3- مؤلف يوحنا المعمدان ص 105

العرب لم يكونوا شعباً منظماً منذ الأزل وحتى رسالة محمد (ص) وكانت أمتهم في غاية الجهل والظلام

 

 

الــــرد :

 

لقد أخطأ الكـُتاب في تفسير آيات الكتاب المقدس وفسروها بحسب ما يخدم أفكارهم وليس بحسب ما تعنيه هذه الآيات في قرينة النص ، وبالرجوع إلى الكتاب المقدس نجد أن المقصود بالغباء والجهل هو الغباوة الدينية وعبادة الأصنام وليس الجهل العلمي ، لأنه كم من متعلم وجاهل بحقيقة الله

" قال الجاهل في قلبه ليس اله " مز 14 : 1

" رأس الحكمة مخافة الله " مز 111 : 10 

" لان حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله " 1 أكو 9 : 17 

وعندما ابتعد الشعب في القديم عن الله وعبدوا الأصنام وصفه الله بالجهل والغباء

تث 32 : 6 " الرب تكافئون بهذا يا شعباً غبياً غير حكيم أليس هو أباك ومقتنيك "

أش 1 : 2-4 " اسمعي أيتها السموات .. ربيت بنين ... أما هم فعصوا على ... أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم .."

هوشع 4 : 6 " قد هلك شعبي لعدم المعرفة لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي ... "

 ويخاطب الرسول بولس شعب غلاطية المثقف قائلاً :     " أهكذا أنتم أغبياء أبعد ما ابتدأتم بالروح تكملون بالجسد " غلا 3 : 3 

وفى لوقا 24 : 25 " يقول السيد المسيح أيها الغبيان البطيء القلوب "

مما سبق نرى أن المقصود بالأمة الغبية هي الأمم وأي شعوب غير يهودية ، الذين كانوا يعبدون الأوثان ودعاهم المسيح ويقول الشيخ أحمد حجازي السقا ( كتاب هداية الحيارى ص 171 هامش ) : هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً إلى طريق أمم لاتمضوا وإلى مدينة السامريين لاتدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.

الــــــــرد :

هذا القول يدل على دعوة بنى إسرائيل أولاً ثم دعوة غيرهم ثانياً هذا هو المفهوم من " بالحرى " أي بالضرورة ويؤيد هذا أنه في نهاية الإنجيل قال " اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم " مت 28 : 19

 

وفى القرآن أن المسيح رسول إلى بنى إسرائيل ووجه رسالته إلى الأمم فقال : وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وفى الكتاب المقدس أكثر من دليل يوضح أن هذه الآية تنطبق على الأمم أي الشعوب البعيدة عن الله

في 1بط 2 : 9 - 19 " الذين لم تكونوا قبلاً شعباً أما الآن فأنتم شعب الله " 

أف 2 : 11 - 13 " أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل .. صرتم قريبين بدم المسيح " 

رؤ 10 : 19 - 21 نرى التطبيق المباشر لهذه النبوة     " أقول ألعل إسرائيل لم يعلم أولاً موسى يقول أنا أغيركم بما ليس أمة بأمة غبية أغيظكم "

ثم أشعياء يتجاسر ويقول " وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهراً للذين لم يسألوا عنى " وهذه إشارة واضحة برحمة الله للأمم حتى بذلك يحرك الغيرة فيهم ليردهم إلى صوابها

وكلمة أغيرهم تعنى أثير فيهم روح الغيرة وليس أغيرهم بمعنى أبدلهم

رو 11 : 11 " فأقول ألعلهم عثروا حتى يسقطوا حاشا بل بزلتهم صار الخلاص للأمم لإغارتهم "

ويفسر ذلك ناشد حنا (تفسير رسالة رومية ص 259 - 260 ) إنهم لم يسقطوا نهائياً بل لكي يصير الخلاص للأمم بزلتهم أي زلتهم فتحت الباب للأمم للخلاص لإغارتهم ليحصلوا هم أيضاً على الخلاص .

ويقول مؤلف أبحاث المجتهدين ، أن الشعب المقصود هو الأمم والكلام موجه إلى المعتقد وليس الجنسية ولأنها نبوة عن شعب لا عن فرد بمعنى أنه لو المقصود الأمة العربية هي الأمة الغبية فهذا لا يعنى ظهور محمد

ملاحظة ختامية : الأمة الغبية هي التي تعبد الأصنام والعرب عند ظهور الإسلام كان فيهم من يعبد الله وهم اليهود والمسيحيين ( أي لم يكن الكل مشركون )

يقول الجاحظ ( في الرد على النصارى ) أن العرب كانت فيها النصرانية فاشية وعليها غالبة ويقول الشهرستانى : الفرقتان المتقابلتان قبل البعث هم أهل الكتاب ( اليهود والنصارى بالمدينة ) والبيسيون بمكة

ورثاء حسان بن ثابت لمحمد قائلاً ( دليل على نفوذ التوحيد الكتابي في يثرب مدينة الرسول )                   فرحت نصارى يثرب ويهودها لما توارى في الضريح الملحد

والشعر الجاهلي الذي هو خير شاهد لتاريخ العرب يوضح معرفتهم بالله وإيمانهم به وباليوم الآخر وهاك أمثلة من الشعر :

قال عبيد بن الأبرص : والله ليس له شــريك علام ما خفت القلوب

 

قال زهير بن أبى سلمى : فلا تكتمن الله ما فى نفوسكم ليخفى ومهما يكتم ألا يعلم

يوفر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينتقم

 

حبقــــــوق 3 : 3

" الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه "

يقولون : إن القدوس الذي أتى من جبل فاران هو محمد وهاك أحد أقوالهم

تيمان هي بلاد العرب ومعنى كلمة تيمان الصحراء الجنوبية لأنها جنوب بلاد الشام ولا تزال إلى الآن على طريق القوافل بين دمشق ومكة قرية تسمى تماء ومعنى هذه الكلمة أيضاً الصحراء الجنوبية وتماء أيضاً اسم قبيلة إسماعيلية تسلسلت من تماء وكانت تقطن بلاد العرب كما في قاموس الكتاب المقدس

أما جبل فاران فهو في البرية التى سكنها إسماعيل أبو العرب فكان حبقوق أشار بعبارته هذه إلى مسكن الرسول (ص) وهو بلاد العرب أو التيمان وإلى سكن أصله أو جده إسماعيل (ع) وهو برية فاران

ويقول مؤلف محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ص45 ، يتنبأ حبقوق بالرسول والرسالة وامتداد رقعة السلام فيوضح سلسلة نسب الرسول بمنبت جده إسماعيل في أرض فاران ثم يتحدث عن امتداد الإسلام ثم يتحدث عن الركع والسجود ثم يتحدث عن الإعجاز للقرآن الكريم

 

الــــــرد :

 

الخرائط توضح موقع فاران وهى في شمال سيناء وموقع تمان كما جاء في قاموس الكتاب المقدس : اسم عبري معناه الجنوبي وهى قبيلة إسماعيلية تسلسلت من تيماء فكانت تغطى بلاد العرب تك 25 : 15 -20

وتيماء في بلاد العرب في منتصف الطريق بين دمشق ومكة على مسافة متساوية من بابل إلى مصر تك 36 : 24 - وأي 12 : 11

أمــا تيمــان : فهي بلدة في أطراف الشام وقد مر بها بنى إسرائيل في خروجهم من مصر إلى كنعان

وفاران أو برية فاران أيضاً من المناطق التي مر بها بنى إسرائيل وفى هذه الآية يتأمل حبقوق في الماضي ويتغنى بأعمال الله العجيبة وكيف أنقذهم من عبودية المصريين فجعلوا عليهم رؤساء تسخير يذلونهم خر 1 : 11 واستعبدهم المصريين بعنف ومرروهم بعبودية قاسية خر 2 : 13 ، ولذلك يتغنى حبقوق بتدخل الرب بذراعه القوية لإنقاذهم ثم مرافقتهم في الطريق فأعطاهم أول عهد في جبل سيناء وقبل أن يدخلوا أرض كنعان تلألأ الرب لهم من فاران ( لا ندرى من أين استنتج إبراهيم خليل أن حبقوق هنا يتحدث عن إعجاز القرآن وامتداد الإسلام )

ولنقرأ حب 3 : 3 - 7 ، حب 3 : 5

" قدامه ذهب الوباء وعند رجليه الحمى " وتفسيرها جاء الرب أولاً لهلاك الأعداء فجاءت أمامه الأوبئة لتهلك الأعداء كما فعل مع المصريين وفى نفس الوقت يشفى أمراض شعبه ويخلصهم

حب 3 : 7 " رأيت خيام موشان رجفت شقق أرض مديان" وهنا حبقوق رأى في رؤياه كيف انتقم الله من كوشان ( الحبشة ) ومن مديان ( على خليج العقبة ) حتى حاق الدمار بخيام كوشان وارتعب أهل مديان ( تفسير حبقوق للقمص بيشوى ج 2 )

 

 

 

بشـارات التوراة ( تث 18 : 18 - 20 )

 

" أقيم لهم نبياً مثلك من بين اخوتهم وأجعل كلامي في فمه ويكلمهم بكل شئ آمره به ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك "

هذه البشارة ليست بشارة للمسيح بل هي بشارة للآتي :

1- اليهود المعاصرين للمسيح كانوا ينتظرون نبياً آخر مبشر به ( يو 1 : 21 ) غير المسيح

2- لفظ " مثلك " لا يمكن تطبيقه على المسيح للآتى :

موسى : ولد من أب وأم - تزوج - أتى بشريعة وحكم - حارب السيف ( أمر بالجهاد ) - كان رئيس مطاع في قومه - مات ومازال ميت - عبد الله ورسوله - اشترط الطهارة وقت العبادة - حرم الربا - نادى بالتوحيد

3- لفظ ( من بين اخوتهم ) يدل على أن المقصود هنا أنه ليس من بين الأسباط الاثنى عشر لأن الأسباط كانوا موجودين أثناء هذا الحديث ، فلو كان المقصود منهم لقال ( من بينهم / منهم ) أما استخدامه هذا اللفظ فيؤكد أنه ليس من الأسباط بل من اخوتهم وهم بنى عيسو

أما لفظ ( اخوتهم ) فقد ورد عن إسماعيل              ( تك 25 : 18 ) " .. أمام جميع اخوته نزل " 

وفى سفر العدد 20 : 14 " أرسل موسى رسلاً من قادش إلى ملك أدوم هكذا يقول أخوك إسرائيل ... "

وفى سفر التثنية 2 : 4 " أوصى موسى الشعب قائلاً " أنتم مارون بتخم اخوتكم بنى عيسو الساكنين في سعير " والمراد بإخوة بنى إسرائيل هم بنى عيسو ولا شك أن استعمال لفظ ( إخوة بنى إسرائيل ) في بعض المواضع استخدام مجازى ولا نشير إلى المجاز ما لم يمنع استخدام المعنى الحقيقي مانع قوى والمسيح كان من بنى إسرائيل فلا تصدق عليه هذه البشارة

4- لفظ ( أجعل كلامي في فمه ) هو إشارة إلى أن ذلك النبي ينزل عليه الكتاب والى أنه ( أمياً ) حافظاً للكلام

5- جاء في ع 19 " ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمى فأنا أكون المنتقم من ذلك " فهذا الأمر لا يراد به أتدينونه لأنها تخص كل الأنبياء أما هذا النبي فقد اختص بالانتقام التشريعي ( الحدود والقصاص والتعزيز والجهاد )

6- جاء في سفر أعمال الرسل 3 : 19 - 23 " فتوبوا وارجعوا لتمحى خطايكم لكي تأتى أوقات الفرج من وجه الرب " ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم قبل الذي ينبغى أن السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شئ التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه منذ الدهر فإن موسى قال للآباء إن نبياً مثلى سيقيم لكم الرب إلهكم من اخوتكم له تسمعون في كل ما يكلمكم به ... "

هذه العبارة تدل صراحة على أن هذا النبي غير المسيح وأن المسيح يجب أن تقبله السماء إلى أزمنة ظهور هذا النبي

7- أنه صرح في هذه البشارة بأن النبي الذي ينسب إلى الله ما لم يأمره يقتل فلو لم يكن محمد (ص) نبياً حقاً لكان يقتل والمسيح قتل وصلب ، فلو كانت هذه البشارة في حقه لزم أن يكون نبياً كاذباً كما يزعم اليهود

8- إن الله بين علامة النبي الكاذب والصادق بإخباره عن الغيب والمسيح أخبر عن الأمور الكثيرة المستقبلية وظهر صدقه فيها

9- جاء في سفر التثنية 34 : 10 " ولم يقم بعد ذلك نبي في إسرائيل مثل موسى يعرفه الرب وجها لوجه " فإن قام أحد مثل موسى بعده من بنى إسرائيل يلزم تكذيب هذا القول كما أن هذه الآية كتبها يشوع بعد موت موسى لذلك فهي لا تفيد الماضي بل تشير إلى المستقبل.

 

الصفحة الرئيسية