الفصل الثاني

هل تنبأ الكتاب المقدس عن محمد?

لا شك أن مجيء المسيح سبق الإنباء به في أسفار العهد القديم في مواضع كثيرة تفوت الحصر وذلك من المسلم به فإن فرضنا أن الله قصد أن يبعث إلى العالم رسولاً آخر أعظم بكثير من المسيح لا بد أن يسبق الإنباء عنه لا في أسفار العهد القديم فقط بل وفي الجديد أيضاً, وعليه يلزم بطبيعة الحال أن يبحث إخواننا المسلمون في أسفار العهدين عن النبوات التي تؤيد دعوة مؤسس دينهم ثم إن كان محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ومن أجله خلق الله العالمين فيكون من العجب العجاب أن لا تتقدمه النبوات لتوجيه الأنظار إليه والانقياد لأوامره ولما لم يقدر المسلمون أن ينكروا ضرورة ذلك اضطروا أن ينتحلوا من الكتاب نبوات عن رسولهم وادعوا أنه كان يوجد نبوات أخرى أكثر من هذه حذفها اليهود والنصارى,

وأما دعواهم بوقوع الحذف والتحريف في الكتاب المقدس فقد دحضناها بالدليل الساطع والبرهان القاطع في الباب الأول وأثبتنا أن الكتاب المقدس المتداول اليوم بين أيدينا هو عين الكتاب الذي كان موجوداً في عصر محمد وقبل عصره بقرون كثيرة ولم تمسسه بد المفسدين لا قبل محمد ولا بعده إذاً لا حاجة بنا إلى بينان تزييف ما ادعوه بهذا الخصوص, وأما إذا كان يوجد في الكتاب حقيقة نبوات تشير إلى محمد فيجب على كل مسيحي أن يلتزم بها ويؤمن بخاتم الأنبياء وهو مطمئن وليس لأحد منا حجة إذا اعتذر عن تلك النبوات بأن المسلمين زادوها على الكتاب يوم كان لهم السلطة على النصارى في كثير من البلدان ولكن إن ثبت أنه لا يوجد في كتابنا أية نبوة عن محمد فلا يكون من الشجاعة وحيرة الفكر أن يعتصموا بالدعوى الأولى وقد تبين فسادها كقولهم أنه كان في كتابهم نبوات عن م حمد ونحن أهل الكتاب حذفناها الخ,

على أن مجرد احتجاجهم بكتابنا على رسالة نبيهم دليل على أنهم معترفون أولاً بأنه موحى به من الله وثانياً أنه غير محرف بل باق على أصله وإلا فما الداعي الذي يحملهم على الاحتجاج بكتاب يعلمون أنه تأليف الناس فإذا اعترف المسلمون حقيقية بالمقدمتين المذكورتين يكون البحث حينئذ في الآيات التي زعموا أنها تشير إلى نبيهم بحثاً مثمراً ولذيذاً وإلا كان البحث عقيماً, ولسنا ننكر أن كثيراً منهم ذوو علم واطلاع لا يسعهم إنكار القضيتين السابقتين أي أن الكتاب المقدس موحى به وأنه باق على أصله غير إننا نرجو من حضرات القراء الكرام أن يعترفوا بصحة البراهين التي بسطناها في الباب الأول والثاني من هذا المؤلف وأنها تثبت سلامة الكتاب المقدس,

ومن المسلم أن لنا الحق أن نفسر آية في الكتاب بآية أخرى وكل مطلع خبير يعلم أن التفسير بهذه الكيفية قرين الصواب لإزالة ما عساه يرد في الكتاب من المعضلات وما يعترضبه عليه من وجوه المناظرة كما هي الحالة في أي كتاب آخر لأن الآيات الغامضة يجب أن تشرح بالآيات الظاهرة حسب موقعها في سياق الكلام, مثال ذلك إن كانت آية متأخرة تشرح آية متقدمة عليها فلا يجوز لعالم فاضل خال من التعصب أن يرفض الشرح الكتابي ويلجأ إلى تفسير غريب لا يتفق مع سياق الكلام ولا من الآيات الصريحة الواردة في المواضع الأخرى, وبهذه الكيفية التي يزكيها كل عالم فاضل نتقدم إلى فحص الآيات التي أوردها إخواننا المسلمون من الكتاب المقدس لإثبات نبوة محمد ونبدأ بآيات العهد القديم,

1 - (تك 49: 10)8 يهوذا اياك يحمد اخوتك. يدك على قفا اعدائك يسجد لك بنو ابيك. 9 يهوذا جرو اسد. من فريسة صعدت يا ابني. جثا وربض كاسد وكلبوة. من ينهضه. 10 لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى ياتي شيلون وله يكون خضوع شعوب. زعموا أن هذه الآية تشير إلى نبوة محمد وخصوصاً لأن كلمة يهوذا عدد 8 مشتقة في الأصل العبراني من الفعل حمد كما اشتق اسم محمد وهذا الزعم باطل لأنه ظاهر من القرينة أن شيلون المقولة في شأنه النبوة يولد من ذرية يهوذا وظاهر أن محمداً لا هو من ذرية يهوذا ولا هو من ذرية إسرائيل بل من قبيلة قريش وشتان بين قريش وبين بني إسرائيل, وعدا ذلك فإن قضيب الملك زال من الأمة اليهودية قبل ولادة محمد بأكثر من خمسائة وخمسين سنة والآية تقول أنه لا يزول حتى يأتي شيلون الخ وعليه فالآية المذكورة لا تشير إلى محمد وقد اتفق مفسرو اليهود أن كلمة شيلون من ألقاب المسيح وكذلك السامريون فهي تشير إلى المسيح لأنه هو الذي وُلد من سبط يهوذا وإياه أطاعت الشعوب,

2 - تث 18: 15 و18 قالوا أن النبي الموعود به هنا لا يكون من بني إسرائيل بل من إخوتك أي الإسماعليين (قابل تك 25: 9 مع 18) وقالوا لم يقم نبي كموسى في إسرائيل بدليل هذه الآية (تث 34: 10) وأن محمداً كموسى في جملة وجوه كلاهما نشآ في بيوت أعدائهما وكلاهما ظهرا بين عبدة الأصنام وكل منهما رفضه قومه أولاً ثم عادوا فقبلوه والاثنان هربا من وجه أعدائهما أما موسى فهرب إلى مديان وأما محمد فهاجر إلى المدينة واسما الموضعين بمعنة واحد وكل منهما نزل إلى ساحة القتال وحارب الأعداء وعمل المعجزات وساعد أتباعه من بعد موته على امتلاك فلسطين هذا ما قاله المسلمون, ورداً عليهم نقول أن الآية الواردة في تث 34: 10 تفيد أنه لم يقم نبي كموسى في إسرائيل إلى الوقت الذي كتب فيه هذا السفر وكلمة بعد تفيد أن بني إسرائيل توقعوا أن يكون النبي منهم لا من الخارج وأما عبارة من وسطك في العدد 15 فهي واردة في النسخ العبرية,

ومع ذلك فالمعنى بها وبدونها ظاهر, لا ننكر أن إسماعيل أخ لإسحق من أبيه إلا أننا نقول إذا صح بناء على هذه القرابة اعتبار بني إسماعيل وبني إسرائيل إخوة فكم بالأولى كثيراً يكون أسباط إسرائيل الاثنا عشر إخوة بعضهم لبعض وقد ورد مثل ذلك في القرآن انظر سورة الأعراف آية 84 حيث يعتبر شعيباً أخاً لمدين وعدا ذلك فقد كثر في سفر التثنية عينه اعتبار البعض من الإسرائيليين إخوة للبعض الآخر (

انظر 3: 18 وأمرتكم في ذلك الوقت قائلا الرب إلهكم قد أعطاكم هذه الأرض لتمتلكوها. متجردين تعبرون أمام اخوتكم بني إسرائيل كل ذوي بأس.

و15: 7 إن كان فيك فقير أحد من اخوتك في أحد أبوابك في أرضك التي يعطيك الرب إلهك فلا تقسّ قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير

و17: 15 فانك تجعل عليك ملكا الذي يختاره الرب إلهك. من وسط اخوتك تجعل عليك ملكا. لا يحل لك أن تجعل عليك رجلا أجنبيا ليس هو أخاك.

و24: 14 لا تظلم أجيرا مسكينا وفقيرا من اخوتك أو من الغرباء الذين في أرضك في أبوابك.

) وفي أصحاح 17: 15 وردت عبارة نظير الآية المطروحة على بساط البحث بخصوص الرجل الذي يجب أن يتوجوه عليهم ملكاً حيث يقول خطاباً لإسرائيل فإنك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك من وسط إخوتك تجعل عليك ملكاً لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجبنياً ليس هو أخاك إن أكثر ممالك أوروبا إن لم نقل كلها محكومة بعائلات أجنبية أو كانت أجنبية يوماً ما أما بنو إسرائيل فمن أول تاريخهم إلى نهايته لم يتوجوا رجلاً أجنبياً ملكاً عليهم, ولو كان استدلال المسلمين بآية البحث استدلالاً صحيحاً لوجب على بني إسرائيل كلما احتاجوا إلى ملك أن يذهبوا إلى الإسماعليين ويختاروه منهم إلا أنهم لم يفعلوا مثل هذا الفعل بل كانوا يعينون ملوكهم من بينهم وهم أعلم من غيرهم بلغتهم ويعرفوا التفسير الحقيقي لعبارة من إخوتك ,

ومَن مِن المسلمين اليوم إذا قيل له أن يستدعي أحد إخوته ليتقلد منصباً عالياً يفهم من ذلك أن يستثني أعضاء عائلته ويبحث عن رجل غريب تجمعه معي رابطة الجدود الأقدمين? وبخلاف ذلك فقد ورد في التوراة نصوص صريحة تحذر بني إسرائيل أن لا يقبلوا أي نبي من ذرية إسماعيل لأن عهد الله كان مع إسحاق لا إسماعيل (تك 17: 18-21 و21: 10-12) ولا يأخذك العجب إذا قلت لك أن القرآن نفسه يؤيد رأي التوراة من هذه الحيثية لأنه يصرح في مواضع كثيرة أن النبوة موكولة إلى بني إسرائيل ومن ذلك قوله في (سورة العنكبوت 29: 27) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ويَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُُّبُّوَةَ وَالْكِتَابَ الخ وقوله وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُّوَةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (سورة الجاثية 45: 16),

ويُقال خلاف ما تقدم أن النبي المنتظر في آية البحث موعود به أن يرسل لبني إسرائيل وأما محمد فأعلن رسالته بين العرب الذين منهم ولد وبينهم نشأ, وأما من جهة وجوه المشابهة المشار إليها في آية البحث بين موسى والنبي المنتظر أن يقوم من بني إسرائيل فمشروحة في تث 34: 10-12 وتنحصر في نقطتين الأولى معرفة الله وجهاً لوجه عند كل من النبيين والثانية المعجزات العظيمة لكل منهما, أما عن النقطة الأولى فنقول أنها ليست متوفرة في محمد لأنه قال في حديث مشهور ما عرفناك حق معرفتك وأما عن النقطة الثانية فليست متوفرة فيه أيضاً بدليل القرآن نفسه فإنه يشهد في مواضع كثيرة أنه لم يأت بمعجزة واحدة وعلى ذلك قوله وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَّوَلُونَ الخ (سورة الإسراء 17: 59) انظر تفسير البيضاوي وابن عباس وقوله وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ (سورة البقرة 2: 118) وقوله وَقَالُوا لَوْلَا نُّزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ (سورة الأنعام 6: 37 و57 و109 وسورة الأعراف 7: 202 ويونس 10: 20 والرعد 13: 8 و29 والعنكبوت 29: 50) هاتان هما نقطتا الشبه المقصودتان في التوراة وأما وجوه الشبه الكثيرة التي عددها إخواننا المسلمون بين موسى وبين محمد فكثير منها متوفرة عند مسيلمة الكذاب وعند ماني الفارسي فهل يكونان نبيين?

ونقول أخيراً أن الله نفسه فسر في الإنجيل ما أنبأ به في التوراة وأظهر أن النبي الموعود به هو المسيح لا محمد (قابل تث 18: 15 و19 له تسمعون مع مت 17: 5 ومر 9: 7)

يقيم لك الرب إلهك نبيا من وسطك من اخوتك مثلي. له تسمعون.

وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا.

ثم أن المسيح ذاته طبق هذه النبوة وغيرها من نبوات التوراة على نفسه (يو 5: 46 انظر تك 12: 3 و22: 18 و26: 4 و28: 14)

يوحنا 5: 46 لانكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لانه هو كتب عني.

أولاً لأنه من نسل يهوذا وبالتالي من بني إسرائيل (مت 1: 1-16 ولو 3: 23-38 وعب 7: 14) وصرف معظم حياته بين اليهود وإليهم أرسل رسله أولاً ولم يرسلهم إلى الأمم إلا أخيراً (مت 10: 6 ولو 24: 47 ومت 28: 18-20 وفي أع 3: 25 و26) تصريح بأن آية البحث تشير إلى المسيح,

3 - تث 32: 21 هُمْ أَغَارُونِي بِمَا لَيْسَ إِلهاً? أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا لَيْسَ شَعْباً? بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ قالوا أن الأمة الغبية المشار إليها هنا أمة العرب التي أرسل منها محمد حيث لا يمكن أن تكون أمة اليونان التي أرسل إليها بولس وبقية رسل المسيح لأن أمة اليونان لم تكن غبية بل كانت أهل حكمة وعلم,

ورداً على ذلك نقول هذه النبوة لا تشير إلى نبي ولا إلى رسول بل إلى أن الله سيغير الأمة اليهودية بأن يدعو لعبادته الأمم الجنبية يونان وعرب ومصريين وغيرهم وينتظمون في سلك الأخوية المسيحية وكانت تلك الأمم في اعتبار الله أمماً غبية وثنية, وعدا ذلك فإن الإنجيل نفسه يفسر هذه الآية حسبما فسرناه ومن ذلك قوله وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ? وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ إلى أن قال الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْباً? وَأَمَّا الْآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللّهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ? وَأَمَّا الْآنَ فَمَرْحُومُونَ (1 بط 2,9 و10 وأف 2: 11-13) وأما القول بأن اليونان كانت أمة حكيمة وليست أمة غبية فنجيب عليه لم تكن حكمة اليونان الحكمة الحقيقية لأنهم لم يكونوا يعرفوا الإله الحقيقي وورد في الكتاب رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ? وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ (مز 111: 10 وأم 1: 7 و9: 10) وورد أيضاً أن حكمة العالم غير مرعية عند الله ومن ذلك قوله لِأَنَّ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللّهِ? وقوله الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ (1 كو 3: 19 و20),

4 - تث 33: 2 جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلَأْلَأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ? وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ الْقُدْسِ? وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ قالوا قوله جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ يشير إلى تنزيل الشريعة على موسى وقوله وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ يشير إلى تنزيل الإنجيل على عيسى وأما قوله وَتَلَأْلَأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ فيشير إلى تنزيل القرآن على محمد بدليل أنهم زعموا أنه يوجد بقرب مكة جبل يسمى فاران ورداً على ذلك نقول أن القرينة هنا تدل على أن موسى في كلامه على هذه المواضع لم يشر إلى إنجيل ولا إلى قرآن بل أراد أن يذكر بني إسرائيل كيف أشاء مجد الله إلى مسافات بعيدة عندما كانوا ضاربين خيامهم عند جبل سيناء ونعلم من خريطة الجغرافية أن سيناء وسعير وفاران ثلاثة جبال متجاورة واقعة في شبه جزرة طور سيناء وجنوب الأردن على بعد مئات من الأميال من مكة ويظهر صحة ذلك بأكثر وضوح عندما نراجع المواضع التي ذكر فيها فاران في التوراة (تك 14: 6 وعد 10: 12 و12: 16 و13: 3 وتث 1: 1 و1 مل 11: 18), فضلاَ على أن الكلمة هي الرب وهو اسم الله ولا يطلق على بشر

5 - مز 45 قالوا بما أن النبي المشار إليه في هذا المزمور متقلد سيفاً على فخذه عدد 3-5 فهو محمد غير أنه عندنا جوابان كل منهما يدحض هذه الدعوة الأول نجد في عدد 6 قوله كُرْسِيُّكَ يَا اَللّهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ والخطاب هنا للذي قيل له تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ ولم يدع المسلمون قط أن محمداً إله يصح أن يخاطب بهذا الخطاب فاستدلوا بصدر الآية وأهملوا عجزها والجواب الثاني ورد في الإنجيل (عب 1: 8 و9) أن المزمور المشار إليه خطاب للمسيح وأما ما ورد في ذلك المزمور من حكاية العذارى والحظيات وابنة الملك التي في خدرها وعلاقتهن بالمخاطب فهو إشارة إلى عروس المسيح الروحية التي هي الكنيسة (انظر رؤ 21: 2) والأعداء في قوله نَبْلُكَ الْمَسْنُونَةُ فِي قَلْبِ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ إشارة إلى إبليس وجنوده والقوم الذين أثار غضبهم لمقاومة المسيح وإنجيله (انظر رؤ 19: 11-21),

وجاءت في المزامير نبوات أخرى عن المسيح تشبه ما تقدم ذكره وهي مز 2 و72 و110 ومن المحتمل أن المزمور الذي تكلمنا عنه أولاً يشير إلى زواج سليمان الملك من ابنة فرعون (1 مل 3: 1) ثم جعل هذا الزواج رمزاً إلى الاتحاد الروحي بين المسيح وكنيسته,

6 - مز 149 زعموا أن هذا المزمور نبوة عن محمد وقالوا أن الترنيمة الجديدة (عدد 1) هي القرآن والسيف ذو الحدين (عدد 6) سيف محمد وسيف علي ابن أبي طالب الذي جرده لخدمة الإسلام وقالوا أن الملك (عدد 3) هو محمد

ورداً عليهم لا يمكن أن يكون القرآن الترنيمة الجديدة لأن الترنيم غير مستعمل في العبادة الإسلامية وكذلك السيف ذو الحدين ليس سيف محمد ولا علي بدليل أن الآية تصرح بأنه ليس في يدي الملك الذي يزعمون أنه محمد بل في يد الإسرائيلين ينتقمون به من أعدائهم و الملك في عدد 2 قيل عنه في صدر الآية بأنه الخالق ودعي في عدد 4 الرب وعدا ذلك لا يمكن أن يقال عن محمد أنه ملك إسرائيل ولا فرح إسرائيل بمحمد لأن سوء معاملته لهم أشهر من نار على علم كما سترى معاملته لبني النضير وبني قريظة وغيرهما,

7 - ادعى بعض المسلمين أن أصحاح 5: 16 من سفر نشيد الأنشاد يشير إلى محمد لأن كلمة محامديم في العبري المترجمة مشتهيات في العربي مشتقة من حمد وهي المادة المشتق منها محمد,

ورداً على ذلك نقول أن الكلمة العبرانية محامديم اسم نكرة لا معرفة بدليل أنه جاء في صيغة الجمع ووردت هذه الكلمة في غير موضع من التوراة بصيغة النكرة (انظر هو 9: 6 و16 و1 مل 20: 6 ومراثي 1: 10 و11 و2: 4 ويوئيل 3: 5 وإش 64: 11 و2 أي 36: 19 وخر24: 16 و21 و25) وجاءت في النصف الأخير (حز 24: 16) شهوة عينيك وكانت الإشارة إلى زوجة حزقيال قابل (حز 24: 18) واستعملت أيضاً للإشارة إلى بني وبنات عبدة الأصنام من جماعة إسرائيل (حز 24: 25) فإن صح إسناد كلمة مشتهيات في سفر نشيد الأنشاد إلى محمد لأنها مشتقة من حمد فيصح أيضاً أن يسند إليه أيضاً كلمة شهوة هنا المشار بها إلى زوجة حزقيال وبني وبنات عبدة الأصنام لأنها مشتقة من حمد كذلك, ثم نقول أن في اللغة العربية كلمات كثيرة مشتقة من حمد ولكن هذا الانشقاق لا يجعلها خصيصة بمحمد فإن قال أحد أن محمداً مشار إليه في سورة الفاتحة بكلمة الحمد في قوله الحمد لله رب العالمين لأن الحمد ومحمداً مشتقان من مادة حمد فهل يكون استدلاله صحيحاً وكذلك إن استدل الهندي بأن أحد آلهته المدعو رام قد ذكر في القرآن في سورة الروم في قوله غلبت الروم بدليل أن الإسمين مشتقان من مادة رام كما في القواميس العربية ألا يكون استدلاله مجلبة للسخرية عند أهل العلم والتمييز,

8 - إش 21: 7 فَرَأَى رُكَّاباً أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ. رُكَّابَ حَمِيرٍ. رُكَّابَ جِمَالٍ قالوا أن عبارة ركاب حمير نبوة إلى المسيح الذي دخل أورشليم راكباً حماراً وعبارة ركاب جمال نبوة إلى محمد بدليل أنه كان دائماً يركب الجمال غير أن سياق الكلام يدل على أن لا إشارة هنا إلى المسيح ولا إلى محمد إنما هذا الأصحاح نبوة إلى سقوط بابل كما يظهر من عدد 9 والعباراتان المشار إليهما أي ركاب الحمير وركاب الجمال تدلان على الكيفية التي يتم بها تبليغ هذا الخبر وثم سقوط بابل على عهد داريوس سنة 519 ق,م,

9 - إش 42: 1-4

1 هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم.

2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته.

ظنوا أنهم يجدون إشارة إلى محمد في النصوص المذكورة في هذا الموضع غير أننا إذا اعتبرنا صحة ما رواه عن محمد من الأخبار ابن هشام والطبري وابن الأثير والخطيب والواقدي وغيرهم من كتبة المسلمين لا يسعنا أن نصدق أن الموصوف بالسلام والوداعة في الآيات المذكورة هو النبي المتقلد بالسيف ومع ذلك فقد جاء في مت 12: 15-21 أن الموصوف بالسلام هو المسيح وقد تمت فيه كل النبوة المشار إليها ثم أن شريعته التي تنتظرها الجزائر هي المسيحية بدليل أن الجزائر المشار إليها في عصر النبوة جزائر البحر الأبيض المتوسط وسواحله وهي مسيحية وما كان غير مسيحي منها فواقع تحت نفوذ المسيحيين,

10 - في الأصحاح المتقدم عدد 10 و11 و12 وردت كلمة قيدار سام قبيلة من قبائل العرب ولما اطلع على ذلك المسلمون ظنوا أن هذه أيضاً نبوة عن محمد وأن الترانيم الجديدة المنوه عنها كناية عن اعتناق قبائل العرب دين الإسلام, ونحن نقول لا يمكن أن الترانيم تشير إلى شيء في الإسلام ولا هي معروفة عند المسلمين كما أن قيدار ليست من المحتم أن تشير إلى الإسلام وإن كانت من قبائل العرب لأن من المؤكد أن كثيراً من قبائل العرب كانت تدين بالدين المسيحي مثل قبيلة حمير وغسان وربيع ونجران والحيرة ولما قويت شوكة المسلمين أكرهوهم على اعتناق دينهم أو نفوذهم من بلادهم ولا شك أنهم يعودون يوماً إلى دينهم الأول, وهذه الآيات تتمة عدد 1-4 وتشير إلى انتشار الديانة المسيحية حتى في بلاد العرب نفسها كما تنتشر في جزائر البحر (عدد 10) أما قوله عبدي (عدد 1) فمشروح في أصحاح (49: 3) من هذا السفر عينه حيث يظهر أن المراد به هو إسرائيل وهو لا شك إسرائيل الله أي الذين يؤمنون بالمسيح (انظر غل 6: 16) والمسيح رأسهم لأنه قيل عنه أنه رأس الجسد الكنيسة (كو 1: 18) لهذا فسر قدماء اليهود (إش 52: 3) قوله عبدي بالمسيا المنتظر وعلى كل حال فالمسيح من إسرائيل جاء وإياه يمثل أما محمد فلا هذا ولا ذاك,

11 - إش 53 يقولون أن هذا الأصحاح نبوة إلى محمد بدليل ما يأتي أولاً لأنه وُلد في بلاد العرب وكان كعرق من أرض يابسة ثانياً لأنه دُفن في المدينة فجعل مع الأشرار قبره ثالثاً لأنه رأى ثمرة أتعابه وعليه تمت النبوة القائلة من تعب نفسه يرى ويشبع رابعاً قيل في هذا الأصحاح مع العظماء يقسم غنيمة وقسم محمد الغنيمة مع أنصاره خامساً تمت في هذه الكلمات سكب للموت نفسه في حين أنهم ينكرون موت المسيح ويقولون أنه ارتفع إلى السماء حياً ورداً على ذلك نقول أولاً أن الأعداد 5 و6 و7 و8 من هذا الأصحاح بكل تأكيد لا تشير إلى محمد ولا إلى شخص آخر سوى المسيح وهاك نصها وَهُوَ مَجْرُوحٌ لِأَجْلِ مَعَاصِينَا? مَسْحُوقٌ لِأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ? وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ? وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ? كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ? وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَاّزِيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الْأَحْيَاءِ? أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي? (إشعياء 53: 5-8), ثانياً أن نصفي عدد 9 و12 لا يناسبان محمداً كيفما كانت الحالة ثالثاً أما من حيث كونه يقسم غنيمة فالآية تصرح بأن ذلك يتم بعد موته وتم ذلك فعلاً للمسيح بمعنى روحي أكمل وأعظم لأن بعد موته وصعوده حالاً ابتدأ الناس من كافة الأمم والشعوب أن يؤمنوا به ويحبوه كفاديهم وإلههم وليست غنيمة كهذه رابعاً أما كون محمد دُفن في المدينة وليس في مكة ومن أجل ذلك جعل مع الأشرار قبره فلا ندري لأي سبب اعتبروا المدينة شريرة مع أن أهلها الأنصار الذين دافعوا عنه جهد استطاعتهم في حين أن أهل مكة رفضوه وناصبوه العدوان خامساً كل جزئيات هذه النبوة تمت في المسيح ما هو حرفي فحرفي وما هو روحي فروحي عدا ما فيها من الإمارات الظاهرة التي لا يمكن إسنادها إلى مقاتل كمحمد وخلاف ذلك فقد أجمع اليهود الأولون أن هذا الأصحاح نبوة عن مسيا المنتظر وكذلك كتبة أسفار العهد الجديد الملهمين اقتبسوا كثيراً من أقوال هذا الأصحاح كنبوات عن المسيح التي عاينوا إتمامها فيه ومثل هذا الأصحاح, مزمور 22 الذي قد تم أيضاً في المسيح لا سواه,

12 - إش 54: 1 ظن المسلمون هذه الآية نبوة تشير إلى محمد باعتبار كونه من ذرية إسماعيل وأن يزداد أتباعه عن أتباع أنبياء إسرائيل وإليك نص الآية تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ? لِأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ? قَالَ الرَّبُّ لهذه الآية معنيان معنى حرفي ومعنى روحي فالحرفي هو أن بني إسرائيل سيعتقون من أسر بابل ويردون إلى أورشليم وتمت هذه النبوة بالمعنى الحرفي المذكور في أيام كورش ملك فارس سنة 536 ق م (انظر عز ص 1) والمعنى الروحي شرحه بولس الرسول (انظر غل 4: 21-31) حيث تم عندما رجعت الأمم عن عبادة الاصنام التي دانوا لها من قديم الزمان إلى عبادة الله وقبلوا إنجيل المسيح ومن غريب الاتفاق أن بولس قرر في هذا الأصحاح عدم أفضلية بني هاجر على بني سارة الروحيين عدا حرمانهم من الميراث,

13 - إش 63: 1-6يقول المسلمون أن المحارب المشار إليه في هذه الآيات هو محمد بدليل أنه من حملة السيف ويظنون أن بصرة المذكورة هنا هي مدينة بصرة الشهيرة غير أننا نجد في العدد الأول أنها من بلاد أدوم وتُدعى اليوم البصيرة واقعة على مسافة قصيرة من جنوب البحر الميت ثم إذا قابلنا عدد 5 من هذا الأصحاح مع إش 59: 15 و16 نجد المحارب المشار إليه هو رب الجنود الذي انتقم من أدوم على خطاياها وورد مثل هذا الوصف في رؤ 19: 11-16 حيث يظهر أن ذلك المحارب إنما هو كلمة الله الذي سيعاقب الفجار ويهزمهم نهائياً ويضع كل أعدائه تحت قدميه ( 1كو 5: 25),

14 - إش 65: 1-6 قالوا أن هذه الآيات نبوة عن اهتداء العرب إلى الإسلام والآيات التي بعدها تنبئ عن خطايا اليهود والنصارى التي بسببها رفضهم الله والحقيقة هي أن عدد 1 نبوة عن اهتداء كثير منه الأمم إلى المسيح ولو أن من عدد 2-6 تذكر خطايا اليهود ولكن من عدد 8: 10 يصرح أن الله لا يرفض شعبه المحبوب رفضاً نهائياً بل يعود ويقبلهم (انظر رومية 2 ص) ولم يرد هنا شيء بخصوص المسيحيين ولا عن محمد,

15 - دا 2: 45 زعم بعضهم أن هذه الآية تنبئ عن ظهور الإسلام وامتداده وقالوا أن المماليك الأربع المذكورة في هذا الفصل هي الكلدانيون والمديانيون والفرس واليونان وأن اسكندر الكبير هزم الفرص وفرق شملها إلا أنها عادت على سابق مجدها فيما بعد وأخذت تضعف تارة وتقوى أخرى إلى زمن كسرى أوشروان,

وبعد موت محمد قصد إليها جيوش المسلمين وفتحوها وفتحوا ما بين النهرين وفلسطين وعليه فمملكة الإسلام هي المقصودة بالمملكة التي خلفت الممالك الأربع وسادت على كل الأرض (عدد 44: 45),

والحقيقة أن هذا الشرح لا ينطبق على حقائق التاريخ لسبب ظاهر وهو أن لم يكن للمديانيين مملكة بعد البابليين بل هما مملكة واحدة بدليل أن داريوس المادي (دا 5: 31 و6 و9: 1) قد ملك على الكلدان وهي الإقليم الواقع حول بابل بضعة شهور ثم صار نائباً للملك كورش العظيم وبهذا ابتدأت المملكة الثانية أي مملكة الفرس (دا 8: 3 و4 و20) ثانياً اليونان خلفت الفرس فكانت المملكة الثالثة (دا 8: 5 و7 و21) وخلفت اليونان الرومان وهي المملكة الرابعة (دا 2: 40) التي عظمت فوق الكل إلا أن مؤرخي المسلمين أهملوها بالكلية رابعاً أما مملكة الفرس المتجددة لا يمكن أن تكون هي المملكة الرابعة بل يجب إما أن تكون المملكة الخامسة أو الثالثة والنبوة تشير إلى ما يحدث في عهد المملكة الرابعة (دا 2: 40 و44 و7: 7 و19 و23) أما كون اليونان المملكة الثالثة لا الرابعة كما زعم المسلمون فظاهر مما قيل عنها لأنها غلبت الفرس وخلفتهم (دا 8: 5 و7 و21), وانقسمت اليونان إلى أربعة أقسام من بعد موت اسكندر الكبير (دا 8: 8 و22), وأخذ يتقلص ظلها حتى اندمجت في المملكة الرومانية التي شمل نفوذها العالم المتمدن في ذلك العصر وفي أثناء حكم الرومانيين وُلد يسوع في اليهودية وكانت خاضعة لهم والمملكة التي أسسها يسوع حينئذ لم تكن من هذا العالم (يو 18: 36 ول 1: 31-33 ودا 7: 13 و14 و27) بدليل أنها لم تقم بالسيف كممالك العالم وعدا ذلك دعا المسيح نفسه ابن الإنسان ومن هنا يظهر أنه هو الشخص الذي رآه دانيال في رؤياه جالساً على سحاب السماء سائداً على كل الأرض (دانيال 7: 13) ومملكته هي التي وصفها دانيال بالحجر الذي قطع بغير يدين وملأ كل الأرض (دا 2: 45) ولما يأتي ثانياً إلى أرضنا تسجد له كل ركبة (في 2: 9-11),

16 - حب 3: 3 اَللّ هُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ? وَا لْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ . طن المسلمون قوله والقدوس من جبل فاران إشارة إلى محمد غير أن آخر الآية يقول: جَلَالُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ? وَا لْأَرْضُ امْتَلَأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ وهذا دليل صريح على أنه ليس المراد بالقدوس محمد بل الله الذي يرجع إليه الكلام من أول الآية حيث يقول اَللّ هُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ الخ وعدا ذلك فقد اثبتنا أن جبل فاران واقع في شبه جزيرة سينا لا في مكة كما زعموا وتيمان اسم لإقليم أدوم وفيه مدينة قريبة من بترا وعلى مسيرة أيام قليلة من أريحا نحو الجنوب فجبل فاران وإقليم تيمان متقاربان وهما إلى مدينة أورشليم أقرب بكثير منهما إلى مكة جاء في سفر التكوين (36: 11 و19) ما يثبت تناسل تيمان من عيسو أصل الأنبياء الذين كتبوا عن هذه المدينة وهم إرميا (49: 7 و20) وحزقيال (25: 13) وعاموس (1: 11 و12) وعوبديا (8 و9 و10) فإن كان إخواننا المسلمون لم يقتنعوا بهذه الأدلة على أن تيمان لا علاقة لها بالمرة بمحمد ولا إسلامه وتمسكوا برأيهم فنقول حسناً إذاكانت تيمان لها علاقة بالإسلام فقد تنبأ عنها عوبديا بالويلات والدمار وبالتالي عن الإسلام إلا أننا نحن المسيحيين لا شك عندنا بأن تيمان ليست من الإسلام في شيء,

17 - حج 2: 7 وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الْأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الْأُمَمِ? فَأَمْلَأُ هَذَا الْبَيْتَ مَجْداً قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ , قالوا أن المراد بمشتهى الأمم محمد وذلك لأن مشتهى في اللغة العبرانية متصرفة من حمداه المتصرف منها محمد فنقول قد أثبتنا حتى في اللغة العربية نفسها أن ليس كل ما يتصرف من مادة حمد يشير إلى محمد فمن باب أولى اللغة العبرانية ثم أن هذا الكلمة عينها حمداه وردت في نبوة دانيال (11: 27) بمعنى شهوة النساء وعليه فلا دليل منطقي يترتب على كلمة يشتق منها ألفاظ ذات معاني مختلفة كما أننا لا نقدر أن نصدق أن محمداً كان مشتهى كل الأمم وذلك لأنه فتح البلاد بالسيف وكل فاتح بالسيف مكروه لا مشتهى خصوصاً عند الأمة المغلوبة والمحتمل أن مشتهى الأمم إما أن يكون (1) الذهب والفضة المذكورة في عدد 8 أو (2) اختيار كل الأمم الذي يدعوه الرسول يولس (اختيار النعمة (رو 11: 5) الذي منهم تألفت الكنيسة المسيحية أو (3) الرب يسوع المسيح نفسه الذي جاء إلى هيكله ومن مدينة المقدس أفاض عل كل الأمم سلاماً بواسطة ذبيحة نفسه التي قدمها كفارة عن خطايا العالم (حج 2: 9 ومل 3: 3 ومت 12: 6 و41 و42 ولو 24: 36 ويو 14: 27 و16: 33 و20: 19 و21 و26),

ثم أن الشيعة يحتجون أيضاً ببعض آيات من التوراة ظناً منهم أنها نبوات عن محمد وإن كان أهل السنة لا يوفقونهم عليها إلا أنه من المحتمل أن تكون لهم وجهة معقولة في احتجاجهم ولهذا رأينا أن نسرد ما قالوه في هذا الصدد,

18 - وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ? وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً (تكوين 17: 20) قالوا أن قوله اثني عشر رئيساً يلد نبوة عن الاثني عشر إماماً الذين يعتبرونهم خلفاء محمد الشرعيين في الإمامة ورداً على ذلك لا نقول شيئاً سوى أن نستلفت نظرهم إلى هذا السفر عينه الذي اقتبسوا منه هذه الآية (25: 13-16) حيث نجد الوعد المشار إليه قد تم وولد إسماعيل اثني عشر رئيساً وذكرت أسماؤهم وبعدها قيل ه ؤُلَاءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ? وَه ذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيساً حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ وعليه فقد تمت هذه النبوة بدون احتياج إلى محمد وخلفائه,

19 - إر 46: 10 فَه ذَا الْيَوْمُ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ يَوْمُ نَقْمَةٍ لِلا ِنْتِقَامِ مِنْ مُبْغِضِيهِ? فَيَأْكُلُ السَّيْفُ وَيَشْبَعُ وَيَرْتَوِي مِنْ دَمِهِمْ. لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً فِي أَرْضِ الشِّمَالِ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ قالوا أن قوله لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً الخ نبوة عن قتل الحسين في واقعة كربلا زاعمين أن الحسين مات كفارة عن الخطية ودحضاً لهذه الدعوى نقول إذا تأملنا في العدد الثاني من هذا الأصحاح عينه نجد الإشارة إلى جيش فرعون نخو ملك مصر الذي كان على نهر الفرات في كركميش الذي ضربه نبوخذ نصر ملك بابل في السنة الرابعة ليهوياقيم ملك يهوذا سنة 606 ق م ولا أحد من المسلمين يقدر أن يدعي بأن مذبحة المصريين وقد كانوا عبدة الأصنام حينئذ تكون كفارة عن الخطية فضلاً عن أن الكلمة المستعملة للدلالة على ذبيحة استعملت أيضاً للدلالة على مذبحة كما في هذه المواضع (إش 34: 6-8 وحز 39: 17-21 وصف 1: 7 و8) ونقول أخيراً لا يمكن أن يكون إرميا النبي عنى كربلا بقوله أرض الشمال ,

ولنأت الآن إلى أسفار العهد الجديد ونفحص باعتناء ودقة الفصول التي يوردها المسلمون للاستدلال على نبوة محمد,

1 - مت 3: 2 تُوبُوا? لِأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ هذه كلمات يوحنا المعمدان وكررها الرب يسوع (مت 4: 17) زعم المسلمون أن ملكوت السماوات إشارة إلى مملكة الإسلام (انظر مت 13: 31 و32) وأما القرآن فهو شريعة هذه المملكة الخ ونحن نقول يجب لفهم معنى ملكوت السماوات أو ملكوت الله أن نراجع المواضع التي وردت فيها هذه العبارة ففي (مت 12: 18) قال المسيح وَل كِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللّ هِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ? فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللّ هِ وفي مر 9: 1 قال يسوع لتلاميذه الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ه هُنَا قَوْماً لَا يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللّ هِ قَدْ أَتَى بِقُّوَةٍ وفي مواضع أخرى يصرح بأن هذا الملكوت يبدأ به إلى حد ما في حياته ثميمتد بعد موته ويكمل بعد مجيئه ثانياً ليدين المسكونة بالعدل ويحكم بالحق والإنصاف (دا 7: 13 و14 ورؤ 11: 15) وأما في الوقت الحاضر فملكوت الله آخذ في الامتداد يومياً بواسطة الكرازة بالإنجيل ودعوة الناس للدخول فيه (مت 28: 8-20) واعلم أنه ليس ملكوت السموات نظير ممالك العالم (يو 18: 36) وأنه لا يأتي بأبهة وزخرفة عالمية (لو 17: 20) ويخص المساكين بالروح (مت 5: 3) لا المتكبرين ولا عظماء هذا الدهر الذي يبطلون ولا يقدر أحد كائناً من كان أن يتتبع لهذا الملكوت ما لم يولد من جديد ولادة روحية (يو 3: 3 و5) ومن المستحيل أن يدخل إليه الأشرار (1 كو 6: 9 و10 وغل 5: 20 و21 وأف 5: 5) ولهذه البراهين والأدلة لا مناسبة بين المملكة التي أسسها محمد وخلفاؤه وبين ملكوت السماوات,

2 - مت 17: 11 فَأَجَابَ يَسُوعُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَّوَلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْ وظن بعضهم أن قوله إِيلِيَّا يَأْتِي أَّوَلاً نبوة عن مجيئ محمد إلا أننا إذا قرأنا العدد التالي نجد أن إيليا قد أتى وعلى ذلك قوله إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ? بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذ لِكَ ابْنُ الْإِنْسَانِ أَيْضاً سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ . حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلَامِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ (مت17: 12 و13) نعم أن يوحنا غير إيليا في شخصه لأن التناسخ ليس من تعاليم الكتاب المقدس لهذا لما سئل يوحنا إن كان هو إيليا أم لا أجاب لست أنا وإنما كان سابقالمسيح الذي يعد الطريق أمامه بروح إيليا وقوته (لو 1: 17) كما أنبأ جبريل أباه زكريا (لو 1: 19) وبهذا المعنى كما تنبأ ملاخي أيضاً (مل 4: 5) كان يوحنا المعمدان إيليا النبي لأن كليهما عاشا بكيفية واحدة (قابل مت 3: 4 مع 1 مل 17: 1-6),

3 - مت 20: 1-16 فسر المسلمون هذا المثل بكيفية غريبة لإثبات نبوة محمد فقالوا الفعلة الذين اشتغلوا من الصباح هم اليهود والذين اشتغلوا من الظهر هم النصارى والذين اشتغلوا في المساء هم المسلمون (1) (أن الذي فسر هذا المثل بهذه الكيفية هو محمد نفسه كما في البخاري وغيره اه مصحح) ورداً على ذلك نقول أن المساء المشار إليه في عدد 8 هو عبارة عن الوقت الذي ذكره في مت 19: 28 أي وقت التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده كأنه عنى بالمساء آخر الدهور الذي فيه يأتي الرب يسوع على سحاب السماء بقوة ومجد كثير لكي يدين الأرض (مت 24: 30 و31 ومر 13: 26 و27 ولو 21: 27 ورؤ 1: 7 و20: 11-15) يظهر صحة تفسير المساء بما ذكرناه من مقدمة المثل وخاتمته لأنه يبتدئ بتعليل السبب الذي من أجله يكون الأولون آخرين والآخرون أولين وينتهي بهذه النتيجة والآن قد أقبل المساء وكادت تغرب شمس الدهر الحاضر وكل من النصارى والمسلمين ينتظرون رجوع المسيح ثانياً ويتوقعون حدوث ذلك قريباً جداً ومتى جاء يملك على كل الأرض إلى ما شاء الله ويدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته (2 تي 4: 1) ومما تقدم يظهر أن لا فرصة في وقت المساء للعصر الإسلامي وبالتالي لا نبوة في المثل المذكور عن محمد,

4 - مت 21: 33-44 (انظر مر 12: 1-11 ولو 20: 9-18) قالوا أن المسيح انبأ في هذا المثل عن مجيء محمد وقوة بطشه, سلموا أن رب البيت هو الله وأن ابنه هو المسيح وأنه تكلم عن نفسه كأن اليهود قتلوه وكان يجب عليهم ما دام المسيح قائل هذه الأقوال أن يسلموا بها ويقروا أن المسيح ابن الله وأنه مات عن خطايا العالم لو أقروا بذلك ما كان أغناهم عن البحث في شؤون محمد ولكن إذا كانوا لا يسلمون أن المسيح هو الضارب لهذا المثل فمن العبث أن يحتجوا بكلام يعتقدون بطلانه ومما يجب ملاحظته في هذا المثل أنه من بعد إرسال الابن لم يرسل رسول آخر وحيث أنهم سلموا أن المرسلين الأولين كانوا خداماً وعبيداً لرب البيت كان الرسول الأخير الابن فليس من المعقول أنه من بعد ما أرسل الابن يمشي القهقرى ويرسل العبيد ومن هنا يظهر بطلان دعواهم مرة أخرى عدا ذلك فإن المسيح اقتبس هنا خبر الحجر الذي رفضه البناؤون (مر 18: 22) وأن بطرس الرسول صرح بأن صاحب سفر المزامير عنى بالحجر الذي رفضه البناؤون المسيح نفسه حيث يقول فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ? أَنَّهُ بِا سْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ? الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ? الَّذِي أَقَامَهُ اللّ هُ مِنَ الْأَمْوَاتِ? بِذَاكَ وَقَفَ ه ذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً. ه ذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ? الَّذِي صَارَ رَأْسَ الّزَاوِيَةِ (أع 4: 10 و11 و1 بط 2: 4-8) وعليه فالبناؤون كانوا يهود عصره لا إبراهيم ولا إسماعيل اللذين بنيا الكعبة على زعمهم وقال المثل خطاباً لليهود إِنَّ مَلَكُوتَ اللّ هِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ (مت 21: 43) قالوا معنى هذا الكلام هو أن يؤخذ ملكوت الله من اليهود ويعطى للإسماعيليين إلا أن العهد الجديد يبين أنه يعطى للذين يؤمنون بالمسيح إيماناً حقيقياً الذين هم وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ? وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ? أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ? شَعْبُ اقْتِنَاءٍ وقال لهم لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْباً? وَأَمَّا الْآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللّ هِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ? وَأَمَّا الْآنَ فَمَرْحُومُونَ (1 بط 2: 9 و10) وهنا تلميح لطيف إلى الأثمار التي يطلبها رب البيت من الأمة التي تتولى الكرم وورد ذلك بأكثر تصريح في كلام الرسول عن المسيح حيث يقول ا لَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لِأَجْلِنَا? لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ? وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ (تي 2: 14 وغل 5: 22-24) وإلى هنا انتهينا من إظهار الأمة التي اعطى لها الكرم ألا وهي الكنيسة المسيحية والكرم ملكوت الله (مت 21: 43 يسرح عدد 41) وعليه فلا إشارة في هذا المثل إلى محمد ولا أمته كما أنه قد ثبت أن الحجر الذي رفضه البناؤون هو المسيح نفسه لا الحجر الأسود الذي بحائط الكعبة ولامحمد ولا هاجر,

وأما مقاومة المسيح وعدم الرضوخ له فأبان المثل أنه هو الأمر المثير لسخط الله وحلول نقمته على أعدائه وقد تم شيء من ذلك عند خراب أورشليم وتمثيل الرومان باليهود تمثيلاً فظيعاً في سنة 70 للميلاد أو بعد صلب المسيح بنحو أربعين سنة وظن بعض المسلمين أن المراد برب البيت المشار إليه في المثل هو محمد ولكن ذلك ما لا يمكن إثباته لأن المسيح في عدد 37 بحسب ما جاء في المثل كان ابن رب البيت ولا يتصور أحد أن المسيح ابن محمد وعليه فلا يمكن تطبيق هذا المثل على ما زعمه المسلمون وإثبات دعواهم إلا بثلاثة أشياء الأول تحريف المثل الثاني إغفال القرينة وسياق الكلام والثالث إغفال النصوص الكثيرة الواردة في أسفار العهد القديم والعهد الجديد,

5 - وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي? الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ (مر 1: 7) قالوا أن الإنجيل كلام المسيح وهذه الآية من الإنجيل فهي من كلام المسيح وعليه يكون المسيح أنبأ بمجيء نبي أفضل منه بكثير هو محمد, من تأمل هذه الأقوال على إثبات نبوة نبيهم وذلك لأن عدد 6 أي ما قبل آية الاستدلال يصرح باسم القائل لها ألا وهو يوحنا المعمدان لا يسوع وصرح يوحنا في (يو 1: 16-34) أن الآتي بعده هو المسيح لا محمد ومن ذلك قوله وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ? فَقَالَ: هُوَذَا حَمَلُ اللّ هِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ. ه ذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي? رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي? لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي (يو 1: 29 و30 انظر مت 13: 11-14 ولو 3: 16 و17) فإذا قيل أن يسوع كان معاصراً ليوحنا فلا يصح أن يقول عنه أنه يأتي بعده فنجيب وإن كان معاصراً له إلا أنه لم يبدأ بخدمته كرسول إلا من بعد طرح يوحنا في السجن (مر 1: 14 ومت 4: 12 و17) وانتهاء خدمته لأن هيرودس ملك اليهود أمر بقطع رأسه,

6 - يو 1: 21 فَسَأَلُوهُ: إِذاً مَاذَا? إِيلِيَّا أَنْتَ? فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا . أَلنَّبِيُّ أَنْتَ? فَأَجَابَ: لَا قال المسلمون أن نبيهم قد ذكر في هذه الآية وذلك لأن اليهود سألوا يوحنا المعمدان متحرين عن ثلاثة أنبياء بالتوالي المسيح وإيليا والنبي ولم يخالفهم في ما سألوا عنه فاستنتجوا من ذلك أن النبي المشار إليه هنا لا هو إيليا ولا هو المسيح بل محمد كذلك النبي الذي تنبأ عنه موسى (تث 18: 18) هو محمد لا المسيح ولا إيليا ورداً عليهم نقول أما من حيث النبي الذي كتب عنه موسى (تث 18: 18) فقد أثبتنا في ما تقدم أنه لا يمكن أن يكون محمداً وإنما هو المسيح راجع ذلك في موضعه وعليه فالنبي المشار إليه في سؤال اليهود ليوحنا المعمدان هو المسيح بذاته وسأل اليهود عن الثلاثة مبتدئين بالأخير إلى الأول باعتبار ترتيب زمان ظهورهم فقالوا ليوحنا أنت المسيح ظناً منهم ربما يكون إياه فلما أنكر يوحنا كونه المسيح عادوا فسألوه إن كان هو سابقه إيليا (مل 4: 5 ومت 17: 10 ومر9: 11) فأنكر أيضاً كونه إيليا بالذات لأنهم كانوا ينتظرون أن يرجع إيليا بنفسه إلى الأرض في آخر الزمان مع أن يوحنا وإن لم يكن إيليا بالذات لكنه جاء بروحه وقوته لإعداد طريق المسيح كما تقدم الكلام (راجع مل 4: 5 بالمقابلة مع مت 11: 14) ولما لم يفهم اليهود من هو يوحنا المعمدان إذا لم يكن المسيح ولا إيليا حاروا في أنفسهم والتجأوا إلى رأي آخر للمسيح وليس من المعقول ولا المحتمل أن يكون سؤالهم ليوحنا عن نبي يأتي بعد المسيح بمئات من السنين حالة كون المسيح نفسه لم يكن قد ظهر بعد ولهذا يلزم أن يكون سؤالهم أما عن المسيح أو أحد سابقيه لا عن نبي يأتي بعده,

7 - يو 4: 21 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ? صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ? لَا فِي ه ذَا الْجَبَلِ? وَلَا فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلْآبِ بنى بعض المسلمين علىهذه الآية أن أورشليم من ذلك الوقت فصاعداً لا تكون قبلة للمصلين ويحل محلها الكعبة إلا أن عدد 23 و24 التاليين لهذه الآية يظهران ما قصده المسيح بقوله لَا فِي ه ذَا الْجَبَلِ? وَلَافِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلْآبِ فإنه علمنا أن العبادة التي تحوز القبول عند الله لا تتوقف على المكان التي نقدم فيه بل تتوقف علىحالة قلب العابد وقضى قضاء مبرماً على كل ما يقال له قبلة للصلاة بعد ذلك التاريخ,

8 - يو 14: 30 لَا أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً? لِأَنَّ رَئِيسَ ه ذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ قال المسلمون أن رئيس العالم الذي بشر بمجيئه المسيح إنما هو محمد ورداً عليهم نقول يظهر من سياق الكلام والقرينة أن المسيح لم يعن برئيس العالم هنا نبياً ولا رسولاً بل عنى إبليس بدليل قوله ليس له فيّ شيء فإن هذه العبارة لا تشير إلى حبيب موال كشأن النبي إلى زميله النبي بل تشير إلى عدو مقاوم وورد في مواضع كثيرة من الكتاب المقدس ذكر إبليس موسوماً بألقاب فخمة من ذلك قوله اَلْآنَ دَيْنُونَةُ ه ذَا الْعَالَمِ. اَلْآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ ه ذَا الْعَالَمِ خَارِجاً (يو 12: 31) وقوله ا لَّذِينَ فِيهِمْ إِل هُ ه ذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ? لِئَلَّا تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ الخ (2 كو 4: 4) ودعي إبليس رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ? الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الْآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ (أف 2: 2 و6: 12 و12),

9 - (يو 14: 16 و17 و26 و15: 26 و16: 13 الخ) يجزم المسلمون أن كلمة البارقليط المترجمة المعزي يجب أن تترجم محمد وعليه يكون المسيح تنبأ عن محمد في هذه الآيات ويقولون أن القرآن الذي جاء به هو من عند جبريل وهو عندهم الروح الأمين أي الروح القدس وأنه شهد للمسيح (يو 15: 26 ومجده يو 16: 14) كما مجده القرآن وذلك لأن القرآن رفع مقام المسيح كمولود من عذراء وكنبي ورسول مؤيد بالمعجزات والآيات وقال أنه صعد إلى السماء حياً وأن الله آتاه الإنجيل ونفى عنه البنوة لله التي زعمتها النصارى الخ وقالوا أيضاً أن النصارى الأولين فهموا من أقوال المسيح بخصوص إرسال البارقليط أن نبياً آخر عظيماً سيأتي بعده بدليل أن رجلاً يسمى ماني الفارسي ادعى أنه الروح القدس بعد المسيح ببضعة قرون وراجت دعوته عند بعضهم استناداً على هذه النبوة إلى آخر ما قالوا, أما نحن فنقول ليس أحد خبيراً بالإنجيل يقدر أن يستنتج من كلام المسيح عن إرسال الروح ما استنتجه إخواننا مما ورد في (يو 14 و15 و16) وذلك لما يأتي, أولاً أن كلمة بارقليط لا تعني محمداً بل تعني المعزي أو المؤيد كما في قوله وأيدناه (المسيح) بروح القدس (قرآن) أو الوكيل وهذه لا تناسب محمداً مطلقاً لأن المعنى الأول أي المعزي لا يلائم حامل السيف بل هما ضدان والمعنيين الأخيرين المؤيد والوكيل لا يصح إسنادهما إلى مخلوق كائن ما كان لأنهما من ألقاب الله سبحانه وتعالى كما ورد في القرآن وما أرسلناك عليهم وكيلاً (سورة الأسرى عدد 55 وسورة النساء عدد 80), ثانياً أن كلمة البارقليط لم تستعمل في أسفار العهد الجديد إلا للدلالة على الروح القدس (يو 14: 16 و17 و26 و15: 26 و16: 13) وجاءت أيضاً للتلميح إلى المسيح (يو 14: 16 وانظر 1 يو 2: 1), ثالثاً أن البارقليط حسبما ورد في هذه الآيات لا يمكن أن يكون إنساناً ذا روح وجسد بل هو روح محض غير منظور وروح الحق الذي عندما تكلم المسيح عنه بأنه يأتي كان أي الروح حينئذ ماكثاً مع التلاميذ (يو 14: 17 و16: 14), رابعاً أن الذي يرسله هو المسيح كما في (يو 15: 26 و16: 17) وإخواننا المسلمون لا يقبلون على محمد أن يكون رسول المسيح, خامساً كان محمد رجل حرب وغزو يفتح البلاد بسيفه ويدوخ العباد بجيشه وأما الروح القدس فعمله أن يبكت العالم على الخطية وجوهر الخطية عدم الإيمان بالمسيح (يو 16: 9) فما أعظم الفرق, سادساً قيل عن الروح القدس أنه متى جاء يمجد المسيح لا يمجد نفسه لأنه يأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يو 16: 14 و15) سابعاً أن محمداً والقرآن ينكران بنوة المسيح لله وقد صرح أنه ابن الله بقسم (في مر 14: 61) وكذا ينكران لاهوته مع كونه مثبوتاً في كل أسفار العهد القديم (إش 9: 6 ومز 45: 6) والعهد الجديد (يو 10: 30 وعب 1) وبناء عليه لا يكون محمد وقرآنه ممجدين للمسيح بل مضادين له على خط مستقيم وبالتالي لا يكون محمد الروح القدس كما زعموا, ثامناً أن محمداً وقرآنه ينكران صلب المسيح الذي به صار التكفير عن خطايا العالم وبهذا قد أنكرا حقيقة جوهرية من اعظم حقائف الكتاب المقدس (انظر مز 22: وإش 52: 13-53 كله ومت 20: 19 الخ) التي يترتب عليها خلاص الجنس البشري, تاسعاً أن إنكار المسيح يترتب عليه إنكار قيامته التي هي رجاء جميع المسيحيين (1 كو 15: 17-19) وحيث أن محمداً يخالف الإنجيل في هذه النقط الرئيسية وغيرها ويعارض التعاليم التي أمر رسله أن يكرزوا بها للعالم (مت 28: 20) فلا يصح أن يقال عنه أنه متمم لنبوة إرسال الروح القدس الذي إنما جاء ليذكر التلاميذ بكل ما قاله لهم المسيح (يو 14: 26), عاشراً أن احتجاجهم بما ادعاه ماني من أنه الروح القدس وتطبيقهم دعوة محمد على قول ماني دعوة باطلة وشاهد زور وإذا كان احد منا يضاهي بين محمد وماني وبين قرآن الأول وكتاب الآخر الذي ادعى محمد أنه جاء به من السماء وأنه ليس في طاقة البشر أن يأتوا بمثله ولم يأتوا بمثله لجرحنا إحساسات إخواننا المسلمين وأغضبناهم ولكن ليكن معلوماً أن كاتب هذه السطور يتحاشى على قدر إمكانه أن يبدي مضاهاة كهذه احتفاظاً بالسلام,

واعلم أن المطلعين من المسيحيين رفضوا دعوة ماني بأنه الروح القدس لجملة أدلة منها أن النبوات المتعلقة بالبارقليط لا تشير إلى إنسان بل إلى روح, ومنها أن هذه النبوات تمت بعد صعود المسيح ببضعة أيام وذلك بحلول الروح القدس على المائة والعشرين مسيحياً الذين كانوا يسبحون الله في العلية في مدينة أورشليم وأخذوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح القدس أن ينطقوا (راجع أع 2: 1-36), ومن هنا يظهر أن تعليم العهد الجديد في عصر ماني هو كما في العصر الحاضر والمسيح وهو على الأرض أخبر بظهور أنبياء كذبة وذلك في مواضع كثيرة من الإنجيل وحذرنا من الانقياد لأي نبي يأتي بعده (مت 24: 11 و24 ومر 13: 22 قابل مت 7: 15), لهذا عندما ظهر ماني وادعى النبوة رفضه مسيحيو عصره بناء على ما سبق التحذير منه في الإنجيل واعتبروه نبياً كذاباً كما يعتبر إخواننا المسلمون, حادي عشر أن البارقليط قيل عنه أنه سيسكن في قلوب المسيحيين الحقيقيين (يو 16: 14 قابل 1 كو 6: 19 ورو 8: 9) وهذا لا يمكن أن يصدق على محمد, ثاني عشر قد وعد المسيح بأن الروح القدس (يو 14: 26) يجب أن ينزل من السماء على التلاميذ بعد صعوده بأيام قليلة وأمرهم أن لا يباشروا خدماتهم كرسل (مت 28: 19-20) حتى يحل عليهم الروح القدس (اع 1: 25) وبناء على أمره مكثوا في أورشليم إلى أن تم هذا الوعد (انظر لو 24: 49 وأع 1: 4 و8 و2: 1-36) فهل تظنون أن مراد المسيح أن ينتظر تلاميذه بدون أن يمارسوا عملهم مدة ستمائة سنة إلى أن يأتي محمد? هذا محال وعليه فلا تشير النبوة هنا إلى محمد بوجه من الوجوه بل إلى الذي تم يوم الخمسين بعد صعود المسيح بأيام قليلة كما قدمنا ذكره (انظر أع ص 2) ومن بعد ذلك الوقت نالت جماعة الرسل قوة فائقة وحكمة واسعة وجالوا يكرزون بالإنجيل في الأرض كلها,

10 - 1 يو 4: 2 و3 بِه ذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللّ هِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللّ هِ? وَكُلُّ رُوحٍ لَا يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللّ هِ ظن بعض المسلمين أن قوله روح الله يشير إلى محيد بدليل أنه اعترف بأن المسيح قد جاء في الجسد كما تقول الآية ومعنى ذلك عندهم هو حيث أن محمداً أنكر لاهوت المسيح في الجسد وصرح أنه إنسان كسائر الناس يكون قد اعترف بأن المسيح قد جاء في الجسد مع أن قوله جاء في الجسد يراد به نفي ضلالة ظهرت في ذلك الوقت ألا وهي أن جسد المسيح لم يكن جسداً حقيقياً بل خيالياً لأنه إذ كانوا يعتقدون بأنه إله شق عليهم أن يؤمنوا أيضاً بأنه ذو جسد حقيقي وعللوا أعراضه الجسدية المذكورة في الإنجيل مثل كونه أكل وشرب وتعب ونام واستيقظ ومات وقام الخ من قبيل التصورات الخيالية التي لا وجود لها في الحقيقة فإذا قيل لهم كان المسيح يأكل الطعام فكيف لا يكون جاء في الجسد أجابوك لم يأكل المسيح ولم يشرب حقيقة ولكن شبه لهم وإذا قيل لهم كان المسيح ينام وينتبه من النوم قالوا كلا بل شبه لهم فدفعاً لشر هذه الضلالة أنذرنا الوحي على لسان يوحنا الرسول بأن كل من يعترف بأن المسيح جاء في الجسد أي يعترف بأن أعراضه الجسدية التي ذكرت في الإنجيل كانت حقيقية فهو من الله وكل من ينكر كونه جاء في الجسد أي ينكر كون أعراضه الجسدية كانت حقيقية فليس من الله ومحمد أنكر موت المسيح وهو من أعظم أعراضه الجسدية وكانت طريقة إنكاره مثل طريقة أصحاب تلك الضلالة بمعنى أنه حول واقعة الحال إلى واقعة خيال فقال ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم فتأمل,

11 - يه 14 و15 وَتَنَبَّأَ عَنْ ه ؤُلَاءِ أَيْضاً أَخْنُوخُ السَّابِعُ مِنْ آدَمَ قَائِلاً: هُوَذَا قَدْ جَاءَ الرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ لِيَصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ? وَيُعَاقِبَ جَمِيعَ فُجَّارِهِمْ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ فُجُورِهِمُِ الَّتِي فَجَرُوا بِهَا الخ تجرأ بعض المسلمين وقالوا أن الرب في هذه العبارة يراد به محمد وقوله يصنع دينونة يشير إلى كونه متقلداً بالسيف ومثيراً للحرب على أعدائه ولكن لا مسلم حقيقي يقدر أن يسند لقب الرب إلى مخلوق كائناً من مكان لأنه من ألقاب الله انظر سورة التوبة آية 22) والحقيقة أن أخنوخ تنبأ عن المسيح باعتبار مجيئه الثاني عندما يملك على الأرض (ودا 7: 13 و14 ومت 24: 29-51 و2 تس 1: 6-10 ورؤ 1: 7 و19: 11-21) واسم الرب من ألقاب المسيح التي كثر إسنادها إليه في أسفار العهد الجديد وأسندت إليه بحق كما نعلم من في 2: 9-11,

12 - رو 2: 26-29 وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَاناً عَلَى الْأُمَمِ? فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ? كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ? كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضاً مِنْ عِنْدِ أَبِي? وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ الخ قالواأن هذا نبوة عن محمد بدليل أنه حارب الأمم بسيفه وأخضع كثيراً منهم تحت سلطانه فإن صحت دعواهم ينتج أن محمداً استمد هذه القوة والسلطان من المسيح جزاء له على تمسكه بوصاياه وحفظه أعماله إلى النهاية وبالتالي كان مقامه دون مقام المسيح إلا أن إخواننا المسلمين لا يرضيهم ذلك ولا يرضيهم أن يكون مقامه كمقام المسيح بل أعظم منه كيف لا وهو عندهم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين والحقيقة هي أن من يراجع الأصحاح الثاني والثالث من هذا السفر يجد أن المتكلم هو المسيح يحرض أعضاء الكنائس السبع على الغلبة واعداً من يغلب بأحسن الجزاء وكرر ذلك سبع مرات فلا يشير إلى محمد ولكنه يتكلم كلاماً عمومياً لترغيب شعبه في الغلبة لا غلبة السيف والسهم بل غلبة الخطية والجسد والعالم والشيطان,

إلى هنا انتهينا من النبوات الواردة في أسفار العهد القديم والعهد الجديد التي خالها المسلمون تشير إلى محمد ورأينا أن لا نبوة منها تشير إليه وعدا ذلك علمنا من الإنجيل تمام العلم أن لا تكاب يلي الإنجيل ولا نبي يأتي بعد المسيح والعصر الوحيد الآتي هو رجوع المسيح من السماء ليملك على الأرض الملك الدائم وعلى ما تقدم سقطت دعوى محمد بالرسالة من الله سقوطاً ليس من ورائه مجال للشك,

حقاً أن بعضاً من المسلمين اندهشوا عندما قرأوا عن الجراد في (رؤ 9: 3 و4) حيث يقول وَقِيلَ لَهُ أَنْ لَا يَضُرَّ عُشْبَ الْأَرْضِ وَلَا شَيْئاً أَخْضَرَ وَلَا شَجَرَةً مَا? إِلَّا النَّاسَ فَقَطِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللّ هِ عَلَى جِبَاهِهِمْ لأنهم يقصون علينا أنه حدث في زمن خلافة أبي بكر الصديق أنه زود جنوده عندما ساروا لفتح الشام بأوامر تمت معها هذه النبوة حرفياً وأنه مما يستحق الأعتبار أن نجد اثنين من مؤرخي المسلمين لا يعلمان غالباً بهذه النبوة يرويان لنا حديثاً يذكرنا بها قال جلال الدين السيوطي لما بعث أبو بكر الصديق ابن أبي سفيان لفتح الشام أمره أن لا يقتل امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً ولا يقطع أشجاراً منتجة ثماراً ولا يتلف أرضاً مزروعة ولا ينحر شاة ولا دابة إلا ما دعت إليه حاجة الطعام ولا يقلع نخلة منتجة ولا يحرقها قبل قلعها ولا يغدر بأحد ولا يخشى أحداً وروى الواقدي الرواية عينها بأكثر تفصيل قال أمر أبو بكر الصديق يزيد ابن سفيان أنه إذا ظفر بأعدائه لا يذبح ولداً ولا شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً ولا يقرب نخلة ولا يحرق مزرعة ولا يقلع أشجاراً مثمرة ولا ينحر ماشية إلا لضرورة الطعام ولا يغير ما اتفق عليه ولا ينقض محالفة صلح وإذا مر بأديرة الرهبان الذين انقطعوا لعبادة الله يدعهم وما انقطعوا إليه لا يقتلهم ولا يهدم أديرتهم وأما إذا مر بتلك الطائفة التي تعبد الشيطان والصلبان ذوي الرؤوس المحلوقة من الوسط يضربهم بسيفه إلى أن يعتنقوا دين الإسلام أو يدفعوا الجزية وهم صاغرون,

لا شك أن المشابهة عظيمة بين ما ورد في سفر الرؤيا وبين ما أمر به أبو بكر جنوده ولكن لم ترد إشارة إلى نبي ما في ذلك الموضع مما يؤيد دعوة محمد كما أنه لا مسلم خبير يقدر أن يستشهد بالآيات المذكورة ولو سلمنا أنها نبوة عما تم بعد موت محمد بجلمة سنين,

عودة للصفحة الرئيسية