الكتابات المشكوك في صحتها الأبوكريفا
ويستطرد ديدات فيدلي بافتراء زائف آخر مدَّعياً أنَّ: "البروتستانت كانت لديهم الجرأة لحذف سبعة من كتاب ربهم" صفحة 9 ويقصد ديدات بذلك كتب الأبوكريفا, وهي كلمة تعني الكتب المشكوك في صحة نسبتها إلى مؤلفيها.
وقول ديدات هذا يظهر أنَّ معلوماته عن الكتاب المقدس فقيرة للغاية. فهذه الكتب من أصل يهودي, ولم تكن تشكل في أي وقت جزءاً من العهد القديم, لقد اعتبرها اليهود كتب قراءة, لا كتباً مقدسة. وبما أنَّ اليهود هم حفظة الكتب الإلهية, ومنهم أخذ الجميع, فكلامهم في مثل هذه القضية هو المعوَّل عليه. وقد رفض اليهود هذه الكتب لاعتقادهم أنها غير موحى بها, للأسباب الآتية:
1 لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء بني إسرائيل ولغة الكتب المنزلة - فقد كُتبت باللغة اليونانية.
2 لم تظهر هذه الكتب إلا بعد زمن انقطاع الأنبياء. فإنَّ ملاخي آخر أنبياء اليهود قال في الأصحاح 4:4-6 من نبوّته إنّه لا يقوم نبي بعده غير يوحنا المعمدان, الذي يأتي بروح إيليا. فأجمع أئمة اليهود على أنّ آخر أنبيائهم هو ملاخي. وورد في كتاب "الحكمة" أنّه من كتابة سليمان, ولكن الكاتب أخطأ واستشهد ببعض أقوال النبي إشعياء وإرميا, مع أنهما كانا بعد سليمان بمدة طويلة. ومما يدل على خطئه قوله إنَّ اليهود كانوا أذلاء, مع أنهم كانوا في عصر سليمان في غاية العز والمجد.
3 لم يُذكر في أي كتاب منها أنها وحي, بل اعتذر كاتب "حكمة سيراخ" عن السهو والخطأ. ولو كانت وحياً لما طُلب فيها من القارئ غض الطرف عما بها من الزلل.
4 لم يعتبر اليهود هذه الكتب من كتبهم المنزلة, ولم يستشهد بها المسيح ولا أحد من تلاميذه, ولم يأتِ لها فيلو ولا يوسيفوس بذكر - مع أنّ المؤرخ يوسيفوس ذكر في تاريخ أسماء كتب اليهود المنزلة.
5 لم يدّع أحد بتنزيل هذه الكتب إلا بعد 400 سنة من التاريخ المسيحي, ولم يعتبرها أحد من أئمة المسيحيين من الكتب المنزلة, ولم يذكرها مليتو أسقف ساردس الذي كان في القرن الثاني من التاريخ المسيحي من الكتب المقدسة, ولا أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني, ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس ولا كيرلس أسقف أورشليم, ولا أبيفانيوس, ولا إيرونيموس, ولا روفينوس, ولا غيرهم من أئمة الدين الأعلام الذين نبغوا في القرن الرابع. وكذلك لم يذكرها المجلس الديني الذي التأم في لاودكية في القرن الرابع, مع أنّه حرر جدولاً بأسماء الكتب المقدسة الواجب التمسّك بها. والكاثوليك يرجعون إلى قراره.
6 إنها منافية لروح الوحي الإلهي, فقد ذُكر في حكمة سيراخ تناسخ الأرواح, والتبرير بالأعمال, وجواز الانتحار والتشجيع عليه, وجواز الكذب, وغير ذلك.
وبناءً عليه فإنّ هذه الكتب لم تُحذف من الكتاب المقدس كما يوحي بذلك ديدات مخطئاً. على أنّ الكاثوليك, ولأسباب معروفة لديهم, يعطون هذه الكتب صفة الكتب المقدسة.