أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن
أثناء تجوالي في الإنترنت ، وقعت على موقع إسلامي يسمي نفسه باسم " الإعجاز العلمي في القرآن " وكان يعرض المعجزة العلمية في قوله تعالى ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة ، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاماً ، فكسونا العظام لحما سورة المؤمنون ،12 ـ14.
ومن أجل التفسير العلمي الأكاديمي ، الذي لا يقبل الشك ، فقد استقدم الموقع ( أحد أكبر أساتذة علم الأجنة من أمريكا ) والذي تقول الرواية ، أنه " ذُهل " عندما علم أن هذه الحقائق العلمية كانت معروفة عند المسلمين في القرن السابع الميلادي ؟!
ثم تقول الرواية أن الرجل قد أعلن إسلامه ! ونحن نرحب بإسلام الرجل، ولكن هذا لن يمنعنا أن نقول : أنه إذا كان عالماً في علم الأجنة ، فإنه والحق يقال ، جاهل كبير في تاريخ هذا العلم خاصة، وفي التاريخ عامة. فعلم الأجنة كان قد تطور إلى درجة عالية على يد خبراء التحنيط في مصر القديمة ، فيما نشر أبيقور كتابان ، أحدهما بعنوان (طفل السبعة أشهر ) والآخر بعنوان ( طفل التسعة أشهر ) بل وأكثر من ذلك فإنه نشر دليلاً للجراحين عن ( تفكيك الجنين في الرحم ) وقد شاعت هذه الأعمال بين أطباء الشرق القديم .
أما مكتبة الإسكندرية العظيمة فقد كانت تحتوي على فرع خاص بعلم الأجنة وأمراض الحمل والولادة .
والواقع أن النص القرآني ( الذي حمله الفقهاء أكثر مما أراد الله نفسه ) لم يورد أية معلومة جديدة ، بل خاطب الناس بالمعلومات المتوافرة في عصرهم ، ليبين لهم قدرة الله ، وليس ليمنحهم معلومات في علم الأجنة ، فمعلومة أن الجنين يوجد كاملاً في نطفة الرجل ، معلومة معروفة منذ زمن التوراة ، وقد وردت في سفر أيوب على النحو التالي : ( ألم تصبني كاللبن ، وخثرتني كالجبن ، كسوتني جلداً ولحما ، فنسجتني بعظام وعصب ، سفر أيوب 10/12 .
لماذا يصر هؤلاء على الإدعاء بأن البشرية ، قبل نزول القرآن ، كانت مجرد قطيع من الهمج الذين لا هم لهم سوى عبادة الأوثان وقتل بعضهم بعضا في خدمة طغاة متألهين من طراز فرعون ؟ وأن هذا المجتمع الشيطاني لم يكن في وسعه أن يقدم لمسيرة الحضارة شيئاً عن خلق الكون أو تطور الجنين في الرحم ، أو شكل الأرض أو موقع المدار القمري بالنسبة إلى الشمس .
وأن القرآن وحده ، هو الذي غير هذا الواقع ، وأضاء الطريق المظلم فجأة ، بما أورده من حقائق علمية ، فتحت أبواب المعرفة أمام العقل البشري في جميع المجالات ، من ميدان التشريع والقضاء ، إلى ميادين الطب والفلك وعلم الأرصاد الجوية .
وكأن القران قد تحول على أيديهم من " بيان للناس " إلى كتاب سري مكتوب بالشفرة ، لا يفهمها ويحل رموزها سوى نوع خاص من البشر، استعار لنفسه لقب " باحث " من قاموس العلم الحديث ، وأعفى نفسه ، في الوقت نفسه ، من الإلتزام بمناهج هذا العلم ، في محاولة علنية صريحة ، لتسويق بضاعة كاسدة ، من خلال هذا اللقب
المشوق .