أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن
أسرار القرآن بين علوم هذا الزمن وعلماء آخر الزمن
تحية إلى الأستاذ العالم الجليل صاحب البحث العلمي الجميل من أسرار
القرآن
نحن نشكر جريدة الأهرام الغراء التي أتاحت لمثل هذا الكاتب العلامة الفرصة ليتحفنا بهذا العرض العلمي الشيق ويكشف لنا من الكنوز التي يحتويها القرآن الكريم من حقائق علمية لم يكن من الممكن أن يطلع عليها إنسان عاش طول عمره في البادية ولم يتلقى أي قدر من العلم إلا إذا كان قد تلقى وحياً من رب هذا الكون
هذه هي الرسالة الإعلامية البسيطة من وراء كل هذا البحث الديني العلمي ولكن من خلال قراءاتي للمقالة التي جاءت تحت عنوان " فلا أقسم بمواقع النجوم وانه قسم لو تعلمون عظيم " بتاريخ 16 / 7/ 2001 وعلى الصفحة الثانية عشر لي عدة ملحوظات أولاً :
العرض العلمي للموضوع رائع ومثير ولكنه ليس اكتشافاً دينياً . إنما اكتشاف علمي أي أن المنهج للأسف لم يستخدم العالم فيه أي نوع من النبوغ العلمي أو الديني أو كلاهما معاً للوصول إلى أي حقائق جديدة . بل استخدم الاكتشافات الفلكية والعلمية التي قام بها علماء وتكنولوجيا العصر للإيحاء للبسطاء وغير المتعلمين وأنصاف المتعلمين ومدعي العلم بأن هذه الاكتشافات موجودة أصلاً في القرآن
ثانياً
: الآية القرآنية الوحيدة
التي يستند عليها في
بحثه
العلمي المسهب هي في سورة
الواقعة 75-76
فلا أقسم بمواقع النجوم )
وفي
معناها الواضح البسيط الخالي
من كل محاولات التفسير والتأويل البعيد عن
الواقع
أن الله لا يقسم بمواقع
النجوم ( أماكنها ) بل يقسم بالقرآن
ومعروف أن الشمس والقمر والنجوم كانت تمثل مكانة رفيعة لدىعرب الجاهلية حتى أنهم كانوا يعبدونها . وكان الأجدر به أن يقول أن الله أراد للعرب أن يتحولوا من النظر إلى النجوم إلى القرآن وما في هذا التحول من مغزى من التحول من العبادات الوثنية إلى الديانة الجديدة . أما هذه المحاولات الساذجة من إلباس الموضوع الثوب العلمي فهي محاولة غير علمية بالمرة
ثالثاً : امتلأت كتابات ما قبل الإسلام وخاصة في الجاهلية بمثل هذا الأسلوب وإذا تجاوزناها إلى كتب الوحي الإلهي في التوراة والإنجيل لوجدنا نفس الأسلوب في الاستشهاد بحركات النجوم وغيرها لوجدنا أن الأمر خالي من أي إعجاز أو سر في القرآن
رابعاً : مازلت أقول أنه لا غبار على البحث العلمي الجغرافي في علم الفلك ولا غبار على التفسير الديني للقرآن الكريم ولكن الإشكالية تأتي عندما يحاول أستاذنا الجليل إضفاء نوع من الشرعية على رواج بحثه العلمي مع قراءته الدينية والتي هي ليست بحثه هو .. حيث أنه بالطبع استقاها من كتب علماء حقيقيين في الفلك والعلوم الحديثة والتي لا علاقة لها بالدين بالمرة
وقراءته القرآنية التي تشكل أزمة بحق حيث أنه حمل الأمر أكثر مما يحتمل وجعل من أسلوبه التلفيقي التحميلي ما لا طاقة لأحد به . فلا النص القرآني تحدث عن مواقع أصلية وأخرى ظاهرية ولا كل ما جاء في بحثه العلمي
إذن البحث سليم وعلمي وجليل والآيات من الواقع الديني لا غبار عليها ولكن محاولة استنباط حقائق علمية من هذه الآية باطل وغير شرعي وليس له أي سند أو دليل
وأنا أنصحه وأنصح غيره ممن اعتادوا على البحث والتنقيب في سلة الاكتشافات العلمية الحديثة ومن ثم التنقيب في أحد الآيات القرآنية لإيجاد شبهة أو قرينة لها في القرآن ثم الخروج علينا من كهوفهم بالتهليل والصياح وإدعاء اكتشاف المعجزات في القرآن .. أقول له ولهم ولكل أصحاب مثل هذا المنهج عليهم أن يكتشفوا الحقائق العلمية في القرآن والتي دلت عليها منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام حتى إذا توصل العلماء لحقيقة منها أن يقولوا صادقين قد سبقهم إليها القرآن .
وإن كان الحال كذلك فلماذا لم تتعرف أنت وغيرك من علماء الإسلام على هذه الحقائق المذهلة في الطبيعة والفلك و … غيرها من مئات السنين ؟
ويقوم هؤلاء العلماء بمهمة الخياط الذي يستخدم الآيات في تفصيلها على مقاس الحقيقة العلمية الحديثة التي تم التوصل إليها دون التقيد بالأمانة العلمية أو الموضوعية في الحديث أو ترابط الأمرين معاً .
فهو متحرر من كل أشكال المنطق والموضوعية في سبيل الوصول لمثل هذه النتائج والتي يمكن أن يتقبلها الجماهير بحماس على أنها حقائق لأنها تدغدغ مشاعرها وتثبت موروثاتها وما تريد سماعه.
فالناس
في بلادنا يحبون سماع ما يروقهم وليس سماع الحقيقة
إن
هذا الأسلوب
يدل
على الفقر الفكري وهو بمثابة
شهادة إفلاس ومحاولات رخيصة للتمسح في الاكتشافات
العلمية
والعلوم الطبيعية بمحاولات
واهية لربطها بمقولات دينية ليس لها بها أي
علاقة
وليس لها من دليل أو سند ..
إنما هي محض تخيلات أصحابها ومحاولة لإغراق شعوب
هذه
المنطقة في المزيد من الجهل
والضلال بافتعال مثل هذه التصورات بتحريف الآيات عن
مواضعها
ومعناها الأصلي والغرض
الأساسي التي قيلت فيه
. وأفتونا
بالآتيات إن
كنتم
صادقين وإن كان لكم من العلم
الحديث حقاً ، فأما أن تواكبوا الشعوب المتقدمة
في
نبوغها العلمي وتضاهوها فيما
وصلت إليه وإما تعلنوا لنا عن معاني وحقائق عميقة
في
القرآن لم يتوصل إليها العلم
حتى الآن لتتركوا للحقيقة أن تعلن عن نفسها
. أما
هذا الأسلوب في الاكتشافات
العلمية وهذا المنهج الذي يتبعه أمثال
هذا
الدكتور فهو أشبه باللص الذي
يسرق مخترعات الآخرين ويسرع بها ويكتب عليه اسمه
ويثبت
براءة اختراعه وإن استطاع أن
يخدع الكل يستطيع أن يخدع نفسه
وإن
استطاع
خداع نفسه لتورطه في الكذب
لفترات طويلة
فهل
يستطيع خداع ربه ؟