جيولوجية فلسطين |
تتكون
منطقة شرقي البحر المتوسط التى تمتد نحو 420
ميلا من مصر جنوبا إلى آسيا الصغري شمالا،
من خمسة مناطق رئيسية : (1) ــ الساحل، (2) ــ
سلسلة الجبال الغربية ( وتشمل مرتفعات
اليهودية والجليل وجبال لبنان )، (3) ــ
وديان الاخدود ( وادي عربة، ووادي الاردن،
والبقاع والغور )، (4) ــ المرتفعات الشرقية (
مرتفعات شرقي الاردن، حرمون، وجبال لبنان
الشرقية )، (5) ــ صحارى النقب والعربية
وسوريا. والاختلافات
الكثيرة بين المناطق الشمالية والمناطق
الجنوبية، لما يميز ارض فلسطين.
فإلى الشمال من عكا ترتفع الجبال فجاة من
البحر مما يجعل السهول الساحلية عبارة عن
مساحات متقطعة، ولكنها في نفس الوقت كونت
المرافيء الشهيرة في صيدون وصور وبيروت
وطرابلس وراس شمرا.
وقد عملت هذه المساحات المحصورة بين الجبال
على تكوين دويلات مستقلة حول المواني
الهامة.
ومن هذه الدويلات تفرقت القبائل الكنعانية
( تك 10 : 18 ). وإلى
الجنوب من جبل الكرمل ينفتح الساحل على سهل
متسع ليس به المرافيء الا تلك المرافيء
التي إنشاها الفلسطينيون وسكان السواحل. ويوجد
الاختلاف الثاني في قطاعات وديان الفالق (
الاخدود )، ففي سوريا نجد منخفض البقاع
المتسع الخصيب الواقع بين سلسلتي جبال
لبنان العالية الغربية والشرقية، والمتصل
بالكثير من السهول الجانبية التي تناثرت
فيها المواقع التاريخية مثل قادش وحمص
وحماة. أما
إلى الجنوب، فيكاد يغلق المنخفض سد من
الحمم البركانية البازلتية الحديثة، فيضيق
ويتحول إلى اغوار عميقة، قبل أن ينفتح على
مستنقعات بحيرة الحولة، مما يجعل الاتصال
بين الشمال والجنوب عسيرا، وهذه التضاريس
تكاد تعزل فلسطين عن الاقاليم الشمالية. وصخور
فلسطين في غالبيتها صخور جيرية، وبركانية،
او رواسب حديثة من الطمي والحصي والرمال.
والفالق ( الاخدود ) من المعالم القديمة
جدا، وهو يمتد جنوبا حتي منطقة البحيرات في
شرقي افريقيا، ويكاد يشكل حدا فاصلا بين
غربيه وشرقية، فالمناطق الغربية تكاد تكون
في معظمها تحت مستوى سطح البحر، بينما
المناطق الشرقية هي جزء من القارة، وعليه
فان الصخور إلى الغرب من الاخدود هي في
غالبيتها صخور جيرية تكونت في الحقبتين
الطباشيرية والايوسينية ( اوائل العصر
الجيولوجي الثالث )، والبعض منها من
الديولوميت الصلد، وهو ما يعلل وجود
المنحدرات الحادة كجبل الكرمل، والجبلين
التوامين عيبال وجرزيم اعلى شكيم، وكل
النتوء الخلفي الوعر في اليهودية والجليل.
اما المنطقة الطباشيرية العليا فهي طبقة
رخوة سهلة التاكل، فكونت الفجوات والوديان
التي تحترق المرتفعات وبخاصة في سهل مجدو،
ووادي عجلون، وخندق بيت شمس الذي يفصل
السفوح الايوسينية في النقب عن هضبة
اليهودية.
وهذه الصخور الجيرية تاكلت في جوانبها
الوسطى فكونت سلسلة من الاقواس التى تزداد
تعقيدا في الشمال في السامرة والجليل.
وتوجد منها طبقات افقية في شرقي الاردن
ترتكز على الكتلة القارية تحتها.
وتنكشف الكتلة القديمة في الجنوب الشرقي في
المنحدرات العالية لوادي عربة وفي شبه
جزيرة سيناء، وتعلوها طبقة من الحجر الرملي
النوبي، تكونت على مدي حقب جيولوجية طويلة.
ولعل هذا ما يعلل وجود اللون الاحمر الذي
يرجح أن " ادوم " ( احمر ) اخذت اسمها منه. وفي
الشمال الشرقي تغطى الصخور الجيرية طبقة من
الحمم البازلتية حديثة التكوين في الهضبة
العريضة المتموجة في ارض باشان وتمتد إلى
حوض الاردن في منطقة بحر الجليل حيث تتحلل
بفعل عوامل التعرية مكونة التربة الخصبة
التي جذبت جموعا ضخمة من السكان حتى ازدحمت
شواطيء الجليل بهم منذ اقدم العصور. وقد
كانت القشرة الارضية في فلسطين عديمة
الثبات، فقد استمرت الانفجارات البركانية
حتى العصور التاريخية وبخاصة كما تبدو في
" حرات النار " إلى الجنوب الشرقي من
خليج العقبة، فقد ظلت في حالة نشاط حتى
القرن الثامن والقرن الثالث عشر بعد
الميلاد.
حتى ليزعم البعض أن الاوصاف الواردة في سفر
الخروج ( 19 : 18 ) والمزمور ( 68 : 8 ) هي ظواهر
بركانية، لكن برية سيناء ــ كما نعلم ــ تقع
في منطقة من الصخور القديمة المتبلورة،
والتي لم يحدث بها نشاط بركاني حديث.
كما يقولون أن تدمير سدوم وعمورة ( تك 14 : 10،
19 : 23 ــ 28 ) كان ظاهرة بركانية أضيف اليها
الغازات الكبريتية والاسفلت المنصهر. ويسجل
الكتاب المقدس بعض الزلازل ( تك 19 : 25، 1 صم 14 :
15، عاموس 1 : 1 )، وفوالق جيولوجية ( عدد 16 : 31
ــ 35 ).
وترتبط كل هذه بالاخدود العظيم الذي يجري
فيه نهر الاردن والبحر الميت، او سلسلة
الفوالق العرضية التي تكون سهل اسدرالون
وتقسم السامرة والجليل إلى سلسلة من
المرتفعات و المنخفضات التي تغطيها
الرواسب. وفي
هذه الظروف من الجفاف، توجد النتوءات
الجرداء وبخاصة حول الحواف الشرقية
والجنوبية لمرتفعات اليهودية، والحافة
الغربية لهضبة شرقي الاردن، وتوجد في وادي
الاردن العميق، طبقة من الطمي الرخو ترسبت
عن بحيرة اكثر اتساعا من البحر الميت
الحالي، وقد تقطعت اوصالها وكونت الغور في
وسط الحوض على عمق اكثر من 1.200 قدم تحت مستوى
سطح البحر.
اما الوديان الموسمية التي تنصرف مياهها
إلى وادي عربة، فقد تاكلت منحدراتها، لهذا
كثرت " المزالق " في أجزاء كثيرة من
النقب والاردن ( تث 32 : 35، مز 17 : 11، 35 : 6، 56 : 13،
73 : 2 و 18، 116 : 8، ارميا 23 : 12، 31 : 9 ).
واغلب النقب صحراء صخرية جرداء، وتوجد في
الكتاب المقدس أشارات صريحة إلى الرواسب
الطفلية التي تسفيها الرياح مثيرة عواصف
ترابية فيظلم الجو ( خر 10 : 20 ــ 23، تث 28 : 24،
ناحوم 1 : 3 ).
|