قتل اليهودي ابن ابي حقيق
وممن ذكر أنه قتل لأجل أذى النبي أبو رافع بن أبي
الحقيق اليهودي، وقصته معروفة مستفيضة عند العلماء ، فنذكر منها موضع الدلالة
.
عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله إلى أبي رافع
اليهودي رجالاً من الأنصار، وأمر عليهم عبد الله بن عتيك ، وكان أبو رافع يؤذي
رسول الله يعين عليه ، وكان في حصن له بأرض الحجاز ، فلما دنوا منه ـ وقد غربت
الشمس وراح الناس لسرحهم ـ قال عبد الله لأصحابه : أجلسوا مكانكم فإني منطلق و
متلطف للبواب لعلي أن أدخل ، فأقبل حتى دنا من الباب ، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي
حاجته وقد دخل الناس ، فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فآدخل فإني
أريد أن أغلق الباب ، قال : فدخلت فكمنت ، فلما دخل الناس أغلق الباب ، ثم علق
الأغاليق على وتد ، قال : فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب ، وكان أبو رافع
يسمر عنده ، وكان في علية له ، فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه ، فجعلت كلما فتحت
باباً أغلقت علي من داخل قلت : إن القوم إن نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله ،
فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت ، قلت : أبا
رافع ، قال من هذا ؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف و أنا دهش ، فما أغنيت
شيئاً ، وصاح فخرجت من البيت ، فأمكث غير بعيد ثم رجعت إليه فقلت : ما هذا الصوت يا
أبا رافع ؟ فقال : لأمك الويل ، إن رجلاً في البيت ضربني قبل بالسيف ، قال :
فأضربه ضربة بالسيف أثخنته ، ولم أقتله ، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في
ظهره ، فعرفت أني قتلته ، فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً ، حتى انتهيت إلى درجة
له فوضعت رجلي وأنا أرى أن قد انتهيت إلى الأرض ، فوقعت في ليلة مقمرة ، فانكسرت
ساقي ، فعصبتها بعمامة ، ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت : لا أخرج الليلة حتى
أعلم أقتله ، فلما صاح الديك قام الناعي على السور . فقال : أنعى أبا رافع تاجر
أهل الحجاز ، فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء ، قد قتل الله أبا رافع ، فانتهيت
إلى النبي فحدثته ، فقال : أبسط رجلك ، فبسطت رجلي ، فمسحها ، فكأنها لم أشتكها قط
، رواه البخاري في صحيحه .
وقال ابن إسحاق : حدثني الزهري عن عبد الله بن كعب بن
مالك قال : مما صنع الله لرسوله أن هذين الحيين من الأنصار ، الأوس والخزرج ، كانا
يتصاولان معه تصاول الفحلين ، لا يصنع أحدهما شيئاً إلا صنع الآخر مثله ، يقولون :
لا يعدون ذلك فضلا علينا في الإسلام وعند رسول الله ، فلما قتل الأوس كعب بن
الأشراف تذكرت الخزرج رجلاً هو في العدواة لرسول الله مثله فتذاكروا ابن أبي
الحقيق بخيبر فاستأذنوا رسول الله في
قتله ، فأذن لهم ، و ذكر تمام الحديث في قتله .
صحيح البخاري 3016.