بني قريظة والعفو عند المقدرة
مقولة
العفو عند المقدرة . هي لا تتعدى
كونها خرافة . خرافة نسبوها لنبي النقمة . خرافة تنفيها وقائع التاريخ
الإسلامي .
اخي القارئ مما لا شك فيه ان آذانك قد اصمتها ترنيمة ان محمد قد بعث رحمة
للعالمين وان اليهود مصاصوا دماء وانهم وراء كل المذابح والمجازر التي حصلت وتحصل
من وقت لاخر ، ويظهر العرب انهم بريؤن مغلوبون على امرهم وتارة أخرى انهم اعدل
الناس على مر التاريخ وانهم اناس وديعون ولكن التاريخ يسطر خطوطا ربما لم تقرأها
اخي القارئ من قبل في الكتب التاريخية المتداولة في بلدك ولكنك قد تصدم هنا عندما
تتعرف على حقيقة طالما اخفاها رجال الدين عندكم لكي لا تكتشف طقوس القتل الذي كان
يمارسها اجدادك بسم الله وتقربا له ويزعمون انه هو اشار إليهم بفعل ذلك ولو قرأت
التاريخ العربي بحياد وتجرد لوجدت ان ما يسمونه غزوات وبطولات انما هي في الحقيقة
عمليات نهب وسلب وقطع سبيل وسفك للدماء كالتي يسمونا معركة بدر ويحيكون حولها
القصص البطولية ومباركة الله لهم فيها اما عن اضطهادهم للاقليات التي كانت تقطن في
جوارهم فحدث ولا حرج فكثيرا ما كانت تحصل طقوس قتل ومذابح بشعة يندى لها جبين
التاريخ الذي سطروه هم حسب ما يبغون لكي لا يفضحهم وتسود وجوههم أمام العالم .
ومن المذابح البشعة الذي يندى لها جبين التاريخ : مذبحة بني قريظة.
إّتم فيها ذبح اكثر من سبعمائة ذكر واما النساء والأطفال فقد تم تقسيمهم
بين الجنود كغنائم حرب مثلهم مثل الانعام وباقي العتاد ولك ان تتخيل اخي القارئ
كيف تم التفريق بين الام وبناتها فلم يكد قلب هذه الام المسكينة يفيق من فاجعة قتل
زوجها وابنها وأبيها وأخيها أمام عينيها حتى تفجع باخذ بناتها من بين يديها وجعلهم
عبيدا في النهار وبغايا في الليل .
انظر اخي القارئ مدى دموية وبشاعة الذي حصل وهذا يوازي ما فعله هتلر بالشعب
اليهودي ، فلما لا نكون عادلين ونقيس هذه بتلك ؟.
عن كتاب الفصول في سيرة الرسول لابن كثير: أعطى محمد الراية لعلي بن ابي
طالب واستخلف بان ام مكنتوم على المدينة ، ثم سار إلي حصون بني قريظة وحاصرهم خمسة
وعشرين ليلة ، ثم بعث إليهم ابا لبابة بن عبد المنذر الاوسي وكان بنو قريظة حلفاء
الاوس .
لما رأى بنو قريظة أبا لبابة قاموا في وجهه يبكون رجالهم ونسائهم وقالوا :
يا أبا لبابة كيف ترى لنا ؟ أننزل على حكم محمد ؟
قال ابا لبابة : نعم وأشار بيده الى عنقه يقصد الذبح .
فلما رأوا أن لا مناص من ذلك فعلوا ونزلوا على حكم محمد ليحقنوا دمائهم ،
فلما رأت الاوس منهم ذلك قلت : يا محمد قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت ( أي حكم
فيهم رجل من الخزرج ) وهم حلفاء اخواننا من الخزرج وهؤلاء موالينا . فقال محمد :
الا ترضون ان يحكم فيهم رجل منكم ؟ فقالوا
: بلا ….! فقال : فذاك سعد بن معاذ ، فأرسل إليه ، فأحضروه محمولا على حمار وكان
من حوله إخوانه من بني قومه يكلمونه في أمر بني قريظة يقولون : يا أبا عمرو ، احسن
إلى مواليك . فلما اكثروا عليه الكلام قال بصوت عال : آن لسعد أن لا تأخذه في الله
لومة لائم .
ولما وصل سعد مقام محمد أمره محمد أن يقول حكمه فيهم وكانت القوم يرجون منه
الرفق بهم . فقال سعد : إني احكم فيهم أن يقتل مقاتلتهم (من الرجال )، ونسبى
ذراريهم ( أي أطفالهم ونسائهم). فقال
محمد : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة ارقعة .
ثم أمر محمد بأن يقتل كل من انبت من الذكور ( أي من نبت له شعر العانة وهي
علامة البلوغ ويقصد بهذا أن يقتل كل الذكور ابتداء من الصبيان وحتى الشيوخ ) وأما
من لم يكن انبت ترك ، فضربت أعناقهم في خنادق بسوق المدينة وكانوا قرابة التسعمائة
رجل .
وأما من النساء قتلت امرأة واحدة يقال أنها قتلت رجلا من المسلمين اسمه
خلاد بن سويد فكان قتلها قصاصا ، ثم قسم محمد أموال بني قريظة بين رجاله للراجل
سهم وللفارس ثلاثة اسهم .
إن الطريقة التي قتل بها بني قريظة تنم عن روح إجرامية وتعطش للدماء إذ
اقدم على قتل كل الذكور من الصبيان وحتى كبار السن الذين لا حول لهم ولا قوة .
ثم انه سبى أبنائهم ونسائهم ولم يرحمهم بل هتك شمل اسر لم تكد تفيق من مقتل
ذكورها حتى غمها بتفريقها . ثم انه احل لنفسه أموالهم التي هي في الأصل ملك لهم
وفرقها على رجاله كمكافأة لهم على ما قدموه .
وأسوأ ما في الأمر انه يبرر فعلته بأنها في سبيل مرضاة الله .
بقي ان اذكر ان رجاله كانوا من العرب الأجلاف عديمي الرحمة فلم يرق قلب ابا
لبابة عندما قام له بنوا قريظة برجالهم ونسائهم وأطفالهم يبكون ويستغيثون به .
حاصر
نبي الإسلام يهود بني قريظة خمسا وعشرين ليلة كما قال ابن إسحاق، وقال الواقدي
إحدى وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار
وقذف الله في قلوبهم الرعب.
وقد
نزلوا بني قريظة على حكم نبي الرحمة والعفو عند المقدرة فترك رسول الرحمة الحكم
فيهم لسعد بن معاذ ، الذي كان حكمة في بني قريظة معروفا مسبقا، لانه أصيب في غزوة
الخندق قال: اللهم لا تمتني حتى تقر
عيني في بني قريظة. راجع محمد رسول الله، لمحمد رضا ص 237.
المهم
استدعى رسول الإنسانية الذي بعث رحمة لها سعد بن معاذ، فأتاه قومه فاحتملوه على
حمار وكان رجلا جسيماً واقبلوا معه إلى محمد وهم يقولون : يا أبا عمرو احسن في مواليك - اي احسن في بني
قريظة - فان رسول الله إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم. فلما اكثروا عليه . قال: لقد آن
لسعد ان لا تأخذه في الله لومة لائم. لما انتهى سعد لرسول الله . قال رسول الله
احكم فيهم. قال : فاني احكم فيهم ان تقتل مقاتلتهم وان تسبى ذرأريهم ان تقسم أموالهم . فقال رسول
الإنسانية: لقد حكمت فيهم بحكم الله
وحكم رسوله. فامر رسول الله ان تكون النساء والذرية في دار ابنة الحارث امرأة من
بني النجار وأمر بالأسرى ان يكونوا في دار أسامة بن زيد. ثم خرج رسول الله إلى سوق
المدينة فخندق بها خنادق ثم أمر بقتل كل من انبت. وكان عدد القوم 600 أو 700 وقيل انهم كانوا من 800 إلى 900 وهذا هو الصواب. راجع
محمد رسول الله ص 238. وتاريخ
الطبري 2/ 588.
تشرح
لنا سيرة ابن هشام انه بينما كانوا لأوس حلفاء قريظة في الجاهلية، فان الخزرج لذلك
السبب كانوا يحملون لقريظة العداوة، ولما كانوا الخزرج أخوال النبي، فقد حبس
الأسرى القريظين لديهم، ثم عند المذبحة آمرهم هم بأجراء المذبحة، فيقول مصوراً لنا
مشهداً أوسع للمذبحة : جعلت الخزرج تضرب أعناقهم، ويسرهم ذلك، فنظر رسول الله إلى
الخزرج، ووجوههم مستبشرة، ونظر إلى الأوس فلم ير ذلك فيهم،فظن ان ذلك للحلف الذي
نم بين الأوس وقريظة، ولم يكن بقى من بني قريظة الا اثنا عشر رجلاً، فدفعهم إلى
الاوس، فدفع إلى كل رجلين من الاوس رجلاً من بني قريظة، وقال: ليضرب فلان وليذفف
فلان. راجع حروب دولة الرسول ، لسيد محمود القمني2/89.
لم
تقتصر تلك المذبحة على الرجال فقط، بل نالت أيضا من الصبية، حيث يقول الطبري ، ان
النبي صاحب مكارم الأخلاق والعفو عند المقدرة ، قد أمر بقتل كل من انبت منهم. راجع
تاريخ الطبري2/591. والبداية لابن كثير 4/127.
عن
الواقدي انه قال: ان رسول الله أمر
ليشق لبني قريظة في الأرض أخاديد، ثم جلس فجعل علي والزبير يضربان أعناقهم
بين يديه. راجع تاريخ الطبري 2/593.
وعن
البيهقي انه قال في دلائل النبوة 4/20: قتلوا عند دار أبى جهل التي بالبلاط ولم تكن يومئذ بلاطاً، فزعموا ان دماءهم
بلغت أحجار الزيت التي كانت بالسوق. راجع : دلائل النبوة 4/20: .
لقد
نسى نبي الإسلام ان من مكارم الأخلاق العفو عند المقدرة.
أنا آسف اخي القارئ اذا كنت احزنتك بهذه القصة الدموية ولكن ماذا افعل اذا
كانت هذه هي الحقيقة التي طالما خبئها المزورون للتاريخ .