الفصل الثانى

حوارات صحفية حول المتعة

(1)حقيقة الحكم الشرعى فى زواج المتعة:

الدكتور القيعى أستاذ التفسير بكلية أصول الدين

يرد على الدكتور فرج فودة:

 

جريدة الأحرار العدد 623 ـ ص 4 ـ بتاريخ 13/11/1989م.

 

 

ملحوظة:

الذى لم ينشره الأستاذ وحيد غازى رئيس التحرير واخبرنى به أن الرد كان ممهورًا بتوقيعات أسايذة قسم التفسير بالجامعة الأزهرية بالقاهرة تضامنًا مع الدكتور محمد القيغى فى مضمون رده.

 

نشرت جريدة الأحرار بتاريخ 30 ربيع الأول سنة 1410هـ , الموافق 30 أكتوبر سنة 1989م ـ مقالاً تحت عنوان " إشكالية زواج المتعة " للدكتور فرج فودة ...

 

وقد لاحظنا على المقال ما يأتى:

1ـ اشتغل بأمر منسوخ بالنص لقوله ـ ص ـ : ( أنهاكم عن الحمر الوحشية وزواج المتعة ), وذلك فى عام خيبر...

*****

2ـ من المعلوم ان الشيعة يعتمدون على روايات ( على ) مع ان الراوى للتحريم هو على بن أبى طالب ...

*****

3ـ كلام الشيعة دعاوى لا دليل عليها أن زواج المتعة عمل به زمن أبى بكر وعمر ومعلوم رأيهم فى الصحابيين الجليلين, فهما فى رأى الشيعة مخالفان, فكيف يستدلون بما وقع فى زمانهما وهم ينكرون على أبى بكر وعمر كل ما قالاه ...

*****

4ـ ليس من أصول الشيعة جابر بن عبد الله وعمران بن حصين اللذان يستدل بروايتهما على دعاوى الشيعة ...

*****

5ـ قوله { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } قاطع فى الزواج الشرعى بدليل قوله بعد ذلك { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم } وحلّ المتعة لا يعجز عنه أحد,  فما معنى قوله ومن لم يستطع؟ ...

*****

6ـ قال أن المتعة أحلت فى عهد النبى ,  ونسى أن النسخ ألغى ما كان أُحِل, فنهى الرسول عن زيارة القبور ثم اذن بالزيارة , فهل يجوز أن نحتج بالنهى الأول, وكم توجه المسلمون إلى بيت المقدس, ثم عدل القرآن الكريم ذلك وامر بالتوجه إلى الكعبة ...

فهل  يباح التوجه إلى بيت المقدس الآن؟...

عجبًا لمن يتمسك بأمر منسوخ ومن الأوليات فى علوم القرآن عدم التمسك بما هو منسوخ ويتعين على المفسر أن يعلم المنسوخات ومواضع الإجماع كى لا يتورط فيما تورط فيه كاتبنا ...

*****

 7ـ يعترف الأزهر بمذهب الإمامية, وهم يحلون المتعة ...

ونسى أن هناك فرقًا بين الاعتراف بالمذهب والموافقة على كل تفاصيله ...

فأبو يوسف ومحمد وزفر أحناف ومع ذلك خالفوا الإمام ...

وابن القاسم وأشهب مالكيان وقد خالفا إمامهما وتلك من بداهة العلم بفقه المذاهب ...

*****

8ـ ادعى أن فقه السنة لم يعاقب بالحد على المتعة لوجود الشبهة, وهذا ادعاء باطل ...

وإنما الشبهة المعترف بها وبتأثيرها لمن يدعى عدم العلم بالتحريم أما وان أهل السنة قالوا بالتحريم فنكاح المتعة عندهم لس بشبهة تدرأ للحد إلا لمن يدعى حلها على أن يتأكد من صحة دعواه وإلا بطل حد الزنا من أساسه إذ يمكن لمن يزنى بغير المتزوجة أن يدعى أن نكاحه من نكاح المتعة, وعلى هذا لا يكون هناك محل لقوله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ سورة النور 2].

*****

9ـ والسؤال الذى نوجهه لادعائه أن نكاح المتعة كان رخصة:

هل الرخصة من المباح؟ أو هناك فارق بينهما ؟

ادرس الفقه قبل ان تتجرأ عليه ...

واتق الله فلا تضلل الناس ...

وهل يا ترى زواج المتعة من المخير فيه, أو مما لاحرج فى فعله؟ ...

وما الفرق بينهما؟ ...

*****

10ـ فرق الفقهاء بين زواج الكتعة والزواج المؤقت ...

فاعرف الفرق بينهما قبل أن تتكلم فى زواج المتعة وكلاهما باطل ...

*****

11ـ ادعى أنه زواج بلا طلاق ولا ميراث ...

ونحن نسأله وما الحكم إن حملت؟ ...

وهل هناك زواج بلا طلاق ولا ميراث؟ ...

كيف يكون ذلك , وقد قال سبحانه: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ } [ سورة النساء 4 ].

وقال سبحانه بعد أن شرع الطلاق: { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ  } [ البقرة 231 ].

*****

12ـ وأى زواج بعد الدخول يخلو من العدة وهى منتفية فى حالة واحدة قبل المسيس؟ ...

*****

13ـ ثم ادعى أن العمل بالمتعة كان إلى حجة الوداع ...

وتلك دعوى تكذبها كل الأحاديث الصحيحة على أن النهى كان فى فتح خيبر وقبل حجة الوداع بثلاث سنين ...

*****

14 ـ وأخبرًا, ختم كلامه بأن رحمة الله واسعة ونسى أنها للذين يتقون , ومع رحمته سبحانه نهانا عن الرأفة بالزناة وقال : { وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }[ سورة النور 2].

 

وبعـــد ...

فإنا نهيب بصحيفة تدعى أنها إسلامية وتنشر على الناس هذا الهراء أن تتورع, وهكذا تتعلم الأحزاب كيف يتجرون بالدين ثم يبيحون للأدعياء الطعن فى الدين ...

واله يهدينا سواء السبيل ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (2) يا فرحة كل شيعى برَدّ الدكتور القيعى:

رد من الدكتور فرج فودة  على مقال الدكتورالقيعى

نشر بجريدة الأحرار ـ العدد 642 ـ بتاريخ 20/11/1989.

 

يافرحة كل شيعى برد الدكتور القيعى , ويا حزنى الشديد وانا الذى كنت أدخره وأمثاله للحوار المجهد الجهيد, حين يستشكل على فألجأ إليه, ويضيع المنطق من بين يدى فأستنجد به, وأحتار بين رأى هذا وذاك فأجد الملجأ لديه, وما ضرنى ابدًا أن يحتد ...

 

فعذره علمه وهو كثير, وعلمى وهو قليل, وما آذانى أبدًا أن يشتد, فعذره موقعه وهو رجل فقه ودين, وموقعى وأنا رجل فكر وسياسة, ونن فى النهاية فى سلة واحدة ننتصر لمذهب واحد وهو المذهب السنى, فإذا انتصر أحدنا كان ذلك نصرًا لكلينا, وإذا انهزم دارت الدائرة عليه وعلينا, ومن اجل هذا غفرنا له سوء ظنه بنا, فقصارى ما ذكرناه ونذكره أننا اكتشفنا بستانًا فقهيًا مليئًا بالجواهر واللآلئ, هذا ينتصر فيه لحل المتعة وذاك ينتصر لحرمتها, وهذا يلقى بالحجة فيدحضها ذاك وذاك يأتى بالدليل فيفنده هذا, ولعلنا انشغلنا بهذه الرياضة الذهنية الممتعة, وهيئ لنا  وندعو الله أن نكون مخطئين أن الخلاف ليس إلى حسم, وأن النزاع ليس إلى نتيجة, وأن الحوار يعود دائمًا إلى نقطة البدء من جديد, خشينا أن يجد بعض المسلمين فى هذا منفذًا لحلّ المتعة, وهو ما نرفضه ونأباه, وإن كنا لا نملك دليلاً حاسمًا عليه, ودعونا الله مخلصين أن يهيئ لحرمة المتعة فارسًا يرد كيد المحللين, وكم كانت سعادتنا بالغة ونحن نقرأ عنوان رد الدكتور القيعى ( حقيقة الحكم الشرعى فى زواج المتعة ), وكم أضمرنا أن نشد على يديه وأن نعتذر إليه, وأن نؤكد له أن رده قد أخطأ العنوان وانه موجه إلى الشيعة وليس إلينا, وحجة عليهم وليس علينا, وزادت سعادتنا حين علمنا أنه أتى بأربع عشرة حجة وتصورنا أنه سوف يجعلهم أضحوكة, وأن منطقهم بعد حججه سوف يصبح عصفًا مأكولاً وأثرًا بعد عين, وما أن بدانا قراءة حججه حتى اهتزت أمامنا السطور, وتراقصت أمام أعيننا الكلمات, وتمنينا لو كان عرض الرد على ناصح امين, إذن لناشده أن ياتى بحجة واحدة دامغة وهو لم يأت به, وكم أشفقنا عليه وهو يصوب السهم إلى صدور الشيعة فيرتد السهم إلى صدره وإلى صدورنا معه فهو سنى ونحن سنيون, وما يؤذيه يؤذينا وإن اشتد علينا, وما يصيه يصيبنا وإن احتد معنا, وليس لنا أن نسبق الأحداث فنصدر حكمنا على رده, وما علينا إلا أن نتتبع خطاه ونستعين بالله ونعوذ به من كل شر , ونفند حجج الدكتور القيعى واحدة فواحدة حتى نأتى عليها جميعًا , وعددها أربع عشرة, مع خالص الاحترام لمكانته ومنصبه الأغر ...

 

الرد على الحجة الأولى:

يقول استاذنا الجليل فى بند (1) ما نصه: (اشتغل ـ يقصدنا ـ بأمر منسوخ بالنص لقوله ـ ص ـ : ( أنهاكم عن الحمر الوحشية وزواج المتعة ), وذلك فى عام خيبر )...

 

ونرد فنقول:

الحديث مختلف عليه ومطعون فى صحة متنه من فقهاء السنة, ودليلنا على ذلك ما ذكره الشيخ سيد سابق فى متابه فقه السنة [ الجزء الثانى ـ ص 42 ـ دار الكتاب العربى ـ بيروت ], تعليقًا على الحديث حيث قال:

 [ الصحيح أن المتعة حرمت فى عام الفتح لأنه قد ثبت فى صحيح مسلم أنهم استمتعوا عام الفتح, مع النبى ـ ص ـ بإذنه ولو كان التحريم زمن خيبر للزم النسخ مرتين, وهذا لا عهد بمثله فى الشريعة البتة, ولهذا اختلف أهل العلم فى هذا الحديث, فقال قوم فيه تقديم وتأخير وتقديره: أن النبى ـ ص ـ نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وعن متعة النساء ولم يذكر الوقت الذى نهى عنها فيه وقد بَيّنه حديث مسلم أنه عام الفتح ].

 

معنى ما سبق أن ما ساقه إلينا الدكتور القيعى كدليل على نسخ المتعة يوم خيبر منسوخ بحل الريول المتعة عام الفتح , وهكذا أتانا الدكتور بناسخ وهو لا يعلم أنه منسوخ.

 

يشير كتاب فتح البارى للفقيه السنى ابن حجر العسقلانى [ الجزء السابع ـ ص 137, 138 ـ دار إحياء التراث العربى ـ بيروت ]. فى تعليقه على الحديث إلى رواية أخرى رواها عبد الوهاب الثقفى عن يحيى بن سعيد عن مالك أنه ( أى الإمام على ) قال حنين ( ولم يقل خيبر ) أخرجها النسائى والدارقطنى, ويذكر ابن حجر ما نصه: [ وأغرب من ذلك رواية إسحق بن راشد عن الزهرى عنه ـ أى عن الإمام على ـ بلفظ نهى فى غزوة تبوك عن نكاح المتعة ].

 

أشار ابن حجر العسقلانى فى المرجع السابق [ ص 138 ] إلى تشكيك البيهقى فى صحة الحديث لسبب موضوعى وهو أن الحديث كان موجهًا من الإمام على إلى بن عباس ردًا على ترخيصه بالمتعة وأن زمانه كان بعد وفاة الرسول, والمنطقى إذا احتج ( عَلِىّ ) بتحريم الرسول المتعة أن يحتج بالتحريم الأخير وهو تحريم عام الفتح, لأنه لو احتج بتحريم خيبر لألزمه ابن عباس الحجة بالاحتجاج عليه بالحل اللاحق فى عام الفتح.

 

تعمدنا إرجاء ملاحظاتنا على رواية الدكتور القيعى للحديث إلى نهاية التعقيب, فالحديث للإمام على وليس للرسول, وفرق كبير بين قول للرسول وقول عن الرسول, فلأول لفظ ومعنى والثانى نعنى فقط , هذه واحدة ...

أما الثانية فهى أن الحمر الوحشية لم نسمع عنها إلا من الدكتور القيعى والصحيح هو الحمر الأهلية فى كل كتب الحديث وفى بعض الروايات الحمر الإنسية والحمر الأهلية أو الإنسية معناها واحد, أما الحمر الوحشية فمعناها يختلف, ولسنا نشك فى حسن نية الدكتور وأنه لا يجرؤ أن يُقَوّل الرسول ما لم يقله, ولعله ضعف الذاكرة, وإن كنا نتوقع من أمثاله الدقة حتى لو استهان بنا.

 

هذا هو ما بدأ به أستاذنا الجليل والقاه حجة دامغة فى وجهنا ... حديث مختلف فيه وعليه ... وتحريم ـ إن صح ـ منسوخ بحلّ لاحق ... وخطأ فى نص الحديث ... وتجاهل ـ ومعاذ الله أن نقول جهلاً ـ لاختلاف الفقهاء حوله ... فمن قائل بأن التحريم كان قاصرًا على لحوم الحمر الأهلية ... ومن قائل بأن عليًا قال يوم خيبر ... ومن قائل بأن عليًا قال يوم حنين ... ومن قائل بأن عليًا قال زمن تيوك ... ومن قائل بأن عليًا لم يحدد زمن نهى المتعة ...

ومن مؤكد بأن النهى كان فى عام الفتح, ثم يتجاهل أستاذنا الدكتور القيعى وزملاءه هذا كله ويعلن بشجاعة يُحسد عليها أن تحريم خيبر ناسخ للمتعة ولا يدرى أنه منسوخ ... ويدفعنا أن نعيد على مسامعه ما ذكره فى حقنا ووجهه إلينا فى البند السادس من رده ونصه: (عجبًا لمن يتمسك بأمر منسوخ ومن الأوليات فى علوم القرآن عدم التمسك بما هو منسوخ ويتعين على المفسر ـ وليلاحظ القارئ أن الدكتور أستاذ للتفسير ـ  أن يعلم المنسوخات ومواضع الإجماع كى لا يتورط فيما تورط فيه كاتبنا ).

 

ألم نذكر فى بداية الحديث أن سهام الأستاذ الدكتور والتى وجهها لغيره سوف ترتد إليه ...

 

الرد على الحجة الثانية:

يقول أستاذنا الجليل فى بند (2) : من المعلوم ان الشيعة يعتمدون على روايات ( على ) مع ان الراوى للتحريم هو على بن أبى طالب ...

 

ونرد ونقول:

إن الدكتور القيعى يقصد برواية ( على ) حديثه السابق عن التحريم فى خيبر , ويحاول إفحام الشيعة بأن المتحدث عن التحريم هو إمام الشيعة نفسهو ونعتقد أن الحديث يصعب الاستناد إليه كحجة بعدما ذكرناه فى الرد على الحجة الولى وعلى لسان فقهاء السنة وربما كان هذا هو سبب إنكار الشيعة له.

 

يذكر فقهاء الشيعة فى المقابل ردًا على ذلك ما ورد فى تفسير ابن جرير الطبرى عالم السنة الشهير [ راجع جامع البيان فى تفسير القرآن دار المعرفة ـ بيروت ـ المجلد الرابع ص 9 ]. حيث ذكر على لسان الإمام ( على ) أنه قال [ لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقى ], والحديث واضح فى الإشارة إلى أن عمر بن الخطاب هو الذى حرم المتعة, وليس الرسول وهو ما يقبل به الشيعة وترفضه السنة.  

 

الرد على الحجة الثالثة:

 

يقول أستاذنا الجليل : ( كلام الشيعة دعاوى لا دليل عليها أن زواج المتعة عمل به زمن أبى بكر وعمر ومعلوم رأيهم فى الصحابيين الجليلين, فهما فى رأى الشيعة مخالفان, فكيف يستدلون بما وقع فى زمانهما وهم ينكرون على أبى بكر وعمر كل ما قالاه ).

 

ونرد فنقول:

القول بأن كلام الشيعة دعاوى لا دليل عليها عن العمل بزواج المتعة فى زمان أبى بكر وعمر ينفيه ما يستند إليه الشيعة من احاديث وردت فى كتب السنة الصحاح, وأشهرها الأحاديث التى رواها جابر ين عبدالل الأنصارى [ راجع صحيح مسلم ـ كتاب النكاح ـ باب نكاح المتعة ـ ص 1023 ـ دار إحياء التراث العربى , وراجع أيضًا مسند ابن حنبل  ـ الجزء الثالث ص 304, 325, 326, 380, دار الفكر ] , وقد ورد الحديث فى مسلم بثلاثة طرق وفى مسند ابن حنبل بخمسة طرق وأشهرها [ استمتعنا  على عهد رسول الله ـ ص ـ وأبى بكر وعمر ـ حتى نهى عنه عمر فى شأن عمرو بن حريث ], وأيضًا يقصد الدكتور كما يتضح من تعقيبه فى البند التالى حديث عمران بن حصين والذى ورد فى مسند ابن حنبل [ المرجع السابق ص 436 ], ونصه [ نزلت آية المتعة فى كتاب الله تبارك وتعالى , وعملنا بها مع رسول الله ـ ص ـ فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبى ـ ص ت حتى مات ]. وإذا لم تكن هذه أدلة فماذا تكون؟ ...

 

مرة أخرى يصوب أستاذنا الجليل سهمًا فيرتد إلى صدره وصدورنا معه فهو يقول للشيعة ـ ولسنا منهم ـ إذا كنتم لا تقبلون أقوال وأفعال أبى بكر وعمر, فكيف تتمسكون بالمتعة التى حدثت فى عهدهم, والدكتور ينسى للأسف الشديد أن أفعال أبى بكر وعمر,  إذا لم تكن حجة, على الشيعة فهى بالتأكيد حجة على السنة, وأن ثبوت المتعة فى عهد أبى بكر وعمر يلزم أهل السنة بما فيهم الدكتور باتباعها ويتجاهل أن الأمر ليس امر شيعة أو سنة وإنما هو امر دين وعقيدة, ولا ينسى وهو يهاجم الشيعة أن يحكم التصويب فيسقط السهم فى ملعب أهل السنة ...

 

كان أولى بأستاذنا الجليل ولا يزال أولى به أن يناقش الأحاديث السابقة فى ضوء احتمالات ثلاثة لا رابع لها,

أولها: أن كبار الصحابة خالفوا نهى الرسول عن المتعة وهو ما نأباه ونرفضه ابتداء ...

وثانيها: أن أحاديث تحريم الرسول للمتعة أحاديث غير صحيحة وعليه أن يفند هذا الإدعاء ...

وثالثها: أن احاديث حل المتعة وممارستها بعد وفاة الرسول أحاديث غير صحيحة وعليه أن يثبت هذا ويستدل عليه, وهذا ما لم يفعله وإن كنا ما نزال نطالبه به...

 

 

الرد على الحجة الرابعة:

يقول الدكتور فى البند يرقم (4): ( ليس من أصول الشيعة جابر بن عبد الله وعمران بن حصين اللذان يستدل بروايتهما على دعاوى الشيعة ) ...

 

ونرد عليه فنقول:

سنوافقك على انهما ليسا من أصول الشيعة يا أستاذنا الجليل, إذن هما من أصول السنة يا أستاذنا الجليل ...

إذن روايتهما تلزمنا قبل أن تلزم الشيعة يا أستاذنا الجليل ...

أرأيت كيف ورطت نفسك وورطتنا معك يا أستاذنا الجليل ...

أرأيت كيف هزمتنا أما الشيعة وكنا نود أن نهزمهم بك ...

وكيف أقحمتنا بمنطقك دون أن تقصد وكنا نود أن نفحمهم بك ...

وكيف صوبت سهمك الرائع إليهم فأصابنا فى مقتل ...

يا أستاذنا الجليل ...

 

الرد على الحجة الخامسة:

يذكر الدكتور القيعى فى البند رقم (5) : ( قوله ـ يقصد قول الله تعالى ـ { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } قاطع فى الزواج الشرعى بدليل قوله بعد ذلك { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم } وحلّ المتعة لا يعجز عنه أحد,  فما معنى قوله ومن لم يستطع؟ )...

 

 ونرد عليه فنقول:

أما أن قوله سبحانه وتعالى { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةٌ} قاطع فى الزواج الشرعى فأنصار المتعة لا يختلفون على ذلك لأنهم يرون فى المتعة زواجًا شرعيًا, ولعل الدكتور يقصد أن النص قاطع فى الزواج الدائم, وهو قول يؤلمنا أن يصدر عن أستاذنا الجليل فهو أستاذ للتفسير وجميع مراجع التفسير ومنها الطبرى والقرطبى متضافرة على أن هذه الآية كانت محل خلاف عظيم بين أئمة المسلمين, وأن بعضًا من كبار الصحابة أسماؤهم لوامع يرون أنها نزلت فى المتعة, وأن عبد الله بن عباس بحر العلم وترجمان القرآن الكريم, وابىّ بن كعب أشهركتب الوحى, وعبد الله بن مسعود أستاذ مدرسة فقه الرأى, وسعيد بن جبير الفقيه الجهبذ كانوا يقرأون الآية هكذا : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } ...

ويقسمون أنها هكذا نزلت, وهو باليقين يعلم أن هذه الإضافة وإن كانت ليست بقرآن كريم عند مشترطى التواتر فإنها تؤخذ كقراءة تفسيرية للنص ولا تفسير لهذه الإضافة, إلا بأن القصد منها هو المتعة, ويستطيع الدكتور القيعى أن يعترض على قول عبدالله بن عباس فهذا حقه, وأن يتجاهل قول ابىّ بن كعب فهذا رأيه, وأن يصم أذنيه عن قول ابن مسعود وابن جبير وله منطقه, لكنه لا يملك الجزم بالقطع أو الإنكار للخلاف ...

 

أما استشهاده بالآية التى تليها: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ ... } لتأكيد أن الآية تخص الزواج الدائم وليس المتعة, لأن حلّ المتعة لا يعجز عنه أحد فلعل الدكتور القيعى يلمح بذلك إلى ما يعرفه من فقه الشيعة, وفيه قولهم إستنادًا إلى بعض الأحاديث بأن الحد الأدنى لأجر المتعة أو مهرها حفنة من دبر أو من شعير, وهو أمر لا يعجز أحدًا , ولعل أستاذنا الجليل قد نسى أو تناسى أن المهر الشرعى للزواج الدائم فى فقه السنة خمسة وعشرون قرشًا أو ما يعادلها, وهو أيضًا لا يعجز احدًا, ولعلنا نحيله إلى نصيحة الرسول ـ ص ـ لفقير من المسلمين لا يملك شيئًا بأن يصدق عروسه آية يخطفها من القرآن الكريم أو خاتمًا من حديد, أحدهما أو كلاهما لا يعجز أحدًا, ولعل هذا يدفعه إلى مراجعة نفسه فيما يتصور أنه دليل أو حجة أو انتقاد ...

 

لقد كان بودنا أن نعرض على الدكتور القيعى تفسير الشيعة لهذه الآية وما سبقها وما تلاها من آيات, وكيف تعرضوا لترتيب أنواع العلاقات الشرعية بين الرجل والمرأة, بيد أننا نرجئ ذلك إلى كتابنا القادم ( زواج المتعة ) حتى لا نخرج عن سياق الرد والتعقيب... [ انظر الفصل الثانى من الباب الأول ].

 

الرد على الحجة السادسة:

 

يذكر الدكتور القيعى فى البند (6) أن نهى الرسول عن المتعة ينسخ حلّه لها ...

ثم يوجه إلينا بعض النصائح الغالية وقوله بأن نهى الرسول عن المتعة ينسخ حلّه لها قول مقبول ومنطقى, لولا احتجاج الشيعة بأحاديث تنفى هذا الحل عن الرسول وتنسبه إلى عمر , واستنادهم إلى تفسيرات للقرآن الكريم تأتى من كبار الصحابة تؤكد على الحلّ ولا تذكر شيئًا عن النهى ...

وتوجيههم بانتقادات إلى أحاديث التحريم ذكرنا طرفًا منها فى حديث النهى فى خيبر ولم تذكر كثيرًا مما يوجه إلى الحديث الأشهر الذى لم يذكره الدكتور وهو حديث ( سبرة الجهنى ) والأهم من هذا كله استنادهم فى رواياتهم وانتقاداتهم إلى مراجع سنية أصولية, وأخيرًا ما ذكروه نقلاً عن مصادر سنية عن كبار الصحابة وخيار الفقهاء الذين ثبتوا على مصادر سنية عن كبار الصحابة وخيار الفقهاء الذين ثبتوا على حل المتعة بعد وفاة الرسول ...

 

وللدكتور القيعى أن يرجع إلى كتاب المحلى لابن حزم وإلى كتاب فتح البارى لابن حجر [ ص 142 ـ مرجع سابق ] ,  وفيه ثبت بأسمائهم وهو    ( عبد الله بن مسعود ومعاوية بن أبى سفيان وأبو سعيد الخذرى وعبدالله بن عباس وسلمه ومعبد ابنا أمية بن خلف وجابر بن عبدالله الأنصارى وعمرو بن حريث ورواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول الله ـ ص ـ وأبى بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر قال ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وسائر فقهاء مكة ) ...

 

ونضيف إليهم أبىّ بن كعب, وسعيد بن المسيب وعمران بن حصين , وابن جريج , وجعفر الصادق, ونضيف إليهم أيضًا من رويت عنهم أحاديث تفيد الحرمة واحاديث تفيد الحل وفيهم على بن أبى طالب وعبدالله بن عمر ...

 

تُرى هل لايزال عند أستاذنا الجليل وعند القارئ شك فى أن الأمر على الأقل أمر خلاف وأن من يرون أن هناك خلافًا ويسمونه إشكالية كما فعلنا لا يستحقون من الدكتور القيعى أن يعاملهم هذا التعامل المهين, وأن يلوم الجريدة التى نشرت الإشارة إلى هذا الخلاف وأن يصف ما نشرته بأنه هراء ...

 

الرد على الحجة السابعة:

يقول الدكتور القيعى فى البند رقم (7) إن اعتراف الأزهر بمذهب الإمامية لا يعنى الموافقة على تفصيلات المذهب ...

وهو قول حكيم وصحيح بيد أن أستاذنا نسى فى غمرة حماسه حقيقتين:

الأولى: أن مذهب الإمامية يحلّ المتعة ...

والثانية: أن رأى الدكتور القيعى أن المتعة زنا ... فهل يا ترى يرى أستاذنا الجليل أن الأزهر يعترف بمذهب يبيح الزنا ؟...

الحقيقة أننا لا نرى هذا الرأى ولا نرتضيه لا للدكتور القيعى ولا للأزهر ...

ونجتهد فنقول أن الأزهر يرى ما نراه وهو أن نكاح المتعة قضية خلافية ...

وأن من يرون حلها قد اجتهدوا فأخطأوا ولعلهم فى هذا أصابوا أجرًا أثابهم الأزهر عليه بالاعتراف بمذهبهم , والله أعلم ...

 

الرد على الحجة الثامنة:

يقول الدكتور القيعى فى البند (8) : ادعى ـ يقصدنا ـ أن فقه السنة لم يعاقب بالحد على المتعة لوجود الشبهة, وهذا ادعاء باطل

 

ونرد فنقول:

أقرأ يرحمك الله فى كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق [ الجزء الثانى ص 439 ـ تحت عنوان: الوطء فى نكاح مختلف فيه ], ما نصه:

[ ولا يجب الحد فى نكاح مختلف فى صحته مثل زواج المتعة, لأن الاختلاف بين الفقهاء على صحة هذا الزواج يعتبر شبهه فى الوطء , والحدود  تُدْرَأ  بالشبهات ] ...

أما نصيحته لنا بعد ذلك بقوله ( ادرس الفقه قبل أن تتجرأ عليه ) فلن نرد عليها أدبًا واحترامًا وترفعًا ...

 

الرد على الحجة التاسعة:

يعترض الدكتور القيعى فى البند (9) على وصفنا للمتعة بأنها رخصة:

هل الرخصة من المباح؟ أو هناك فارق بينهما ؟

ادرس الفقه قبل ان تتجرأ عليه ...

واتق الله فلا تضلل الناس ...

وهل يا ترى زواج المتعة من المخير فيه, أو مما لاحرج فى فعله؟ ...

وما الفرق بينهما؟ ...

 

ونرد فنقول :

بأننا تعودنا حين تضعف حجة من يحاورنا أن يلجأ إلى مثل هذا الأسلوب فيطرح أمثال هذه الأسئلة التى تليق بتلامذة الدكتور القيعى فى فصول الدرس ونحن لسنا منهم لحس الحظ ...

حسنًا يا استاذنا الجليل نحن لم ندع العلم ولا الفقه ولا الفتوى, وأنت رجل العلم وهذا واضح, وفارس الفقه وهذا بين والقادر على الفتوى كما هو ظاهر من عنوان ردك ...

فأجبنا على أسئلتك يرحمك الله وعلمنا ما لم نكن نعلم, ولا تشتت جهدنا فى تفصيلات أولى بها مذكراتك الدراسية ...

 

الرد على الحجة العاشرة:

يقول أستاذنا العظيم فى البند (10) ما نصه: فرق الفقهاء بين زواج المتعة والزواج المؤقت ...

فاعرف الفرق بينهما قبل أن تتكلم فى زواج المتعة وكلاهما باطل ...

 

ونرد فنقول:

أن هذه الحجة " الدامغة" ليست موجهة إلينا بل هى موجهة إلى الشيخ سيد سابق الذى ذكر فى كتابه ( فقه السنة ) ـ  ص 41 ـ  تحت عنوان    " زواج المتعة " ما نصه فى أولى الفقرات ( ويسمى الزواج المؤقت ) ونحن نناشد من يعرف رقم هاتف الشيخ سيد سابق أن يعطيه لأستاذنا الدكتور القيعى حتى يتصل به ويوجه إليه ما وجهه إاينا من انتقاد فى قول لم نذكره ...

 

الرد على الحجة الحادية عشرة:

يقول أستاذنا الفاضل الجليل ما نصه: ( ادعى أنه زواج بلا طلاق ولا ميراث ... ونحن نسأله وما الحكم إن حملت؟ ... وهل هناك زواج بلا طلاق ولا ميراث؟ ) ...

 

وهنا نتوقف يا شيخنا الفاضل ونتردد كثيرًا قبا أن نجيب , فأمثالك علماء, وأمثالنا قراء وما سبق كله يهون لأنه خلاف رأى ...

أما ما تذكره الآن فقد كنا نظن أن من يدرسون على يديك يعلمونه ... ناهيك عن مقامك الجليل ...

هل مثلك يسأل: هل هناك زواج بلا طلاق ولا ميراث؟ ...

هل مثلك يجهل أن هناك حالات كثيرة من حالات الزواج الدائم لا طلاق فيها ( أى أن الزوجة تبين فيها بغير طلاق )؟ ...

هل مثلك يجهل أن هناك حالات كثيرة من حالات الزواج الدائم لا ميراث فيها ( أى أن الزوجة أو الزوج فيها لا ترث أو لا يرث )؟ ...

إن كنت لا تعرف حقًا ... فدعنا ندلك على ما خفى عليك ...

 

إن الحالات التالية يا أستاذنا الجليل ـ من الزواج الدائم لا طلاق فيها:

1.      الأمة المزدوجة إذا اشتراها زوجها فإنها تبين من بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

2.      الزوجة الملاعنة تبين من الملاعن بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

3.      الزوجة الصغيرة التى أرضعتها أم الزوج تبين من زوجها  بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

4.      الزوجة الصغيرة التى أرضعتها زوجته الكبيرة  تبين من زوجها  بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

5.      زوجة المجنون إذا فسخت عقد زواجها منه تبين من زوجها  بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

6.      الزوجة التى تملكت زوجها المملوك بأحد أسباب الملك تبين من زوجها  بغير طلاق ... يا أستاذنا الجليل ...

 

هل ندلك على مزيد أم أن هذا يكفينا ويكفيك ... يا أستاذنا الجليل ؟...

وإن كنت لا تعلم يا سيدى فها هى حالات من الزواج الدائم لا تورث فيها ...

1.      الأمة إذا كانت زوجة ... يا أستاذنا الجليل ...

2.      الزوجة القاتلة ... يا أستاذنا الجليل ...

3.      الزوجة الذميمة ... يا أستاذنا الجليل ...

4.      الزوجة المعقود عليها فى المرض الذى مات فيه زوجها ولم يدخل بها ... يا أستاذنا الجليل ...

 

هل ندلك على مزيد أم أن هذا يكفينا ويكفيك ... يا أستاذنا الجليل ؟...

أما سؤالك عن الحكم إذا حملت فلعلك تقصد به المداعبة ...

أما إذا كنت تقصد العلم ... فمثلك لا يجهل أن النسب يثبت حتى لولد الزنا ...

مثلك لا تخفى عليه القاعدة الفقهية : الولد للفراش وللعاهر الحجر ...

هذا عن الزنا ... فماذا عن زواج فيه شبهة؟ ...

أظن أن الإجابة واضحة ... وأن الولد ينسب لأبيه ...

 

الرد على الحجة الثانية عشرة:

يذكر أستاذنا الجليل ما نصه: ( وأى زواج بعد الدخول يخلو من العدة وهى منتفية فى حالة واحدة قبل المسيس؟ ) ...

 

ونحيله فى هذا إلى مراجع الفقه الشيعى التى تذكر أن العدة واجبة بعد انقضاء الأجل والافتراق ...

وهى حيضتان كعدة الأمة ...

وخمسة وأربعون يومًا لمن لا تحيض ...

وأربعة شهور وعشرة أيام للمتوفى عنها زوجها ...

 

الرد على الحجة الثالثة عشرة:

يقول أستاذنا الجليل ما نصه: ( ثم ادعى ـ يقصدنا ـ أن العمل بالمتعة كان إلى حجة الوداع ... وتلك دعوى تكذبها كل الأحاديث الصحيحة على أن النهى كان فى فتح خيبر وقبل حجة الوداع بثلاث سنين ... ) ...

 

ونرد فنقول:

1ـ أما أننا ادعينا فنحن لا نجرؤ .. فمن نكون حتى ندعى على الرسول كذبًا ...

2ـ وأما أن ما ذكرناه ولم ندعيه ... تكذبه كل الأحاديث الصحيحة ... فليس ذنبنا أن الدكتور لم يقرأ ... وليست جريمتنا أنن قرأنا ما لم يقرأ ... وعلمنا ما لم يعلمه ...

3ـ وأما دليلنا فنحيل فيه الدكتور إلى حديث سبرة الذى ورد فى سنن أبى داود [ دار الفكر ـ القاهرة ـ الجزء الثانى ـ باب نكاح المتعة ـ ص 226 ]. وفيه يقول الربيع بن سبرة { أشهد على أبى أنه حدث أن رسول الله ـ ص ـ نهى هنها فى حجة الوداع } .

ونحيله أيضًا إلى سنن ابم ماجة [ دار إحياء التراث العربى ـ بيروت ـ الجزء الأول ـ كتاب النكاح ـ باب نكاح المتعة ـ ص 630, 631 ]. ونصه:

{ عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله ـ ص ـ فى حجة الوداع فقالوا يا رسول الله إن الغربة قد اشتدت علينا , قال استمتعوا من هذه النساء ... إلى آخر الحديث } ...

 

ونحيله أيضًا إلى سنن الدارمى [ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ باب النهى عن متعة النساء ـ ص 140 ]. ونص:

{ عن الربيع بن سبرة أن أباه قال حدثه أنهم ساروا مع رسول الله ـ ص ـ فى حجة الوداع فقال الستمتعوا من هذه النساء عندنا التزويج ... إلى آخر الحديث } ...

 

ونحيله إلى مسند بن حنبل [ أحاديث سبرة بن معبد ـ المجلد الثالث ـ ص 404 ] ونصه:

{ قال الربيع بن سبرة سمعت أبى يقول سمعنا رسول الله ـ ص ـ فى حجة الوداع ينهى عن نكاح المتعة } ...

وحديث آخر فى نفس المسند وفى نفس الصفحة: { عن الربيع بن سبرة عن ابيه قال: خرجنا مع رسول الله من المدينة فى حجة الوداع حتى إذا كنا بعسفان ... ثم أمرنا بمتعة النساء ... إلى آخر الحديث } ...

 

4ـ نذكّر الدكتور القيعى بنصيحته لنا بأن نقرأ قبل أن نكتب ... ونعده باتباعها ونشكره ...

 

الرد على الحجة الرابعة عشرة:

ليست حجة ولكنها تذكرة ... فهو يذكّرنا بأن الله نهانا عن الرأفة بالزناة...

 

وأخيرًا للدكتور القيعى منى كل الشكر وكل التقدير ... وعذرى إن كنت قد أخطأت مدى الفارق بين علمه وعلمى ... وحلمى وحلمه ... بيد أننا فى النهاية فى سلة واحدة ... وهى سلة المذهب السنى ... وقد علمنا الإسلام أن نتحاور بالحسنى وأن نتجادل بالبينة ... وشرف كبير لى أن أتحاور مع أمثال الدكتور القيعى ... فهم علماء الدين ورجال الفتوى .. وملح الأرض ... فليتسع لى علمه وحلمه  ... بيد أن الحقيقة أغلى بكثير ...   

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (3) هذه هى حقيقة زواج المتعة:

تعقيب من الدكتورالقيعى

 

نشرته جريدة الأحرار بتاريخ 27/11/1989م.

 

نشرت جريدة الأحرار الصادرىة فى 20/11/1989م  ردًا للدكتور فرج فودة علَىّ فيما كتبته ردًا عليه عن زواج المتعة ... وقد طالبنى بأن أرجع إلى كتب تحدثت عن زواج المتعة ... وناقشنى فيما ذهبت إليه ... وسرنى ما أعلنه أنه يامل فى دليل يبطل جواز نكاح المتعة ...

 

والسؤال : أهو ممن يقولون بزواج المتعة الآن أم ممن يقولون بأنه قد نسخ وانتهى العمل به قبل أن يلحق الرسول ـ ص ـ بربه؟ ...

فإن كان من المنكرين له ... فأنا متفق معه ...

وإن كان من القائلين بجوازه  ... فإنى اختلف معه ...

ولا داعى للتلاعب بالألفاظ ... ففى مقاله السابق قال:

" نظرًا لأزمة المساكن  ... وتعثر الشباب عن الزواج ... فإن رحمة الله ... وسعت كل شئ ... وقلت له هى للذين يتقون ... وجواز مثل هذا يتنافى مع التقوى" ...

 

والاشتغال بمتى نُسخ ... فهذا لا يمس جوهر القضية ... ولا نسخ بعد الرسول ... ومعلوم أن للسابقين أقوالاً تختلف عن اصطلاحاتنا نحن ... فهم يطلقون النسخ على تقييد المطلق وتخصيص العام ... ولو تتبعنا كل ما نسب لرأينا التعارض واضحًا ... والحديث الضعيف لا يقال به إن عارض الأحاديث الصحيحة ... وفقه الحديث لازم لمن يتكلم فيها ... وليس كل ما سطر فى الكتب يُقال ... فمنها ما هو للجمع ... وعلى من يأتى بعد أن يحققها  ... فيفصل الصحيح من السقيم ...

 

وإذا كان الرواة قدروا نهيه ـ ص ـ عن زواج المتعة ... فإنهم لا يقولون ذلك عن رأيهم ... ولا حرج أن يرد النهى فى خيبر , وفى فتح مكة , وفى غزوة حنين وتبوك وحجة الوداع ... وكل راوٍ يروى فى وقت سماعه ... أو فى وقت وصول النهى إليه ... وانظر إلى التكرار فى الآيات وفى الأحاديث ...

 

وكيف يستسيغ نسخ نكاح المتعة فى أيام الرسول  ... ثم يُروى "  لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى شقى " ... وما معنى هذا ... وما الصلة بين نكاح المتعة والزنا ... وهل تتصور زانيًا غير شقى؟ ... وكيف يتفق ما إدعى أن عمر هو الذى حرمها مع ما روته الأحاديث عن نسخه ـ ص ـ لنكاح المتعة ...

 

أما دعوى الشيعة أن أحاديث النهى غير صحيحة ... فنحن نجزم كما جزم أسلافنا ومعاصرونا بأن نكاح المتعة باطل ... وسل عن صحته من تشاء ممن استدللت بما ذكروه فى كتبهم ... والدليل على بطلانه قول الله تعاى : { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم } ... وهل ترى أن من تجيز لنفسها نكاح المتعة أنها محصنة؟ ... ثم هم يدّعون أن نكاح المتعة ليس بزواج كما ذكرت أنت وذكروا هم أنه لا يسمى زواجًا ولا عدة له ولا ميراث ولا طلاق .. وما هو المبرر فى أن تذكر لى فى مقالك صورًا من الزواج الذى ليس فيه طلاق لولا أنك إدعيت على لسانهم أنه زواج بلا طلاق ... ثم لتعلم أن ما كرته من الصور قام السب فيها مقام الطلاق كصورة اللعان ... إلخ ...

 

وكيف تطالبنى بإثبات أن أحاديث حلّ المتعة بعد الرسول ـ ص ـ غير صحيحة ... وسلمت أنت بأن المحدثين قالوا بنسخها ... وإن تعددت رواياتهم ... متى كان النسخ؟ ...

 

والشيعة هم الذين إدعوا عدم صحتها ... وكل من إدعى صحة شئ بعد ثبوت نسخه فدعواه ساقطة ...

 

وقد طالب الدكتور فرج فودة بأن تكون تلك المسألة من المسائل الخلافية ... قلت: أنكر الملحدون وجود الله , فهل ترى ذلك من المسائل الخلافية؟ ... وهل نعتبر قول القائل : حذف الصحابة من القرآن الكريم أكثره من المسائل الخلافية؟ ... وهل يوجد فرق بين زواج المتعة وتحريم الزنا؟ ... وما هو ذلك الفرق؟ ... وهل يقبل من يجيزه شابًا يتمتع بابنته ساعة أو ساعتين؟ ... إن هذا لبهتان عظيم ...

 

أما اعتراف الأزهر بمذهب يبيح الزنا ... فلا ... وإنما اعترف الأزهر بفكر يدعى لنفسه أنه متمسك بالكتاب والسنة ... ولو ذكرت الفرق بينهما وكان الفرق معتبرًا إسلاميًا ... لفرقنا بينهما ...

 

وبعد ,,,

فقد قال سيادته قرأت ما لم يقرأ وعلمت ما لم يعلم ... وأورد إن كان يرى جواز نكاح المتعة الآن فإنى على استعداد لمناظرته ... وإن كان يرى عدم جوازه , فلمصلحة من يثير هذا الموضوع ... ونحن لم نقل به ... وقد قال المنصفون كل كلام يبرز عليه كسوة القلب الذى خرج منه ... وتحقيق المسائل العلمية هو ما أصبو إليه والجمود الفكرى أنكر ه ... كما أنكر كل انحلال ... وخذ من زاعم الحرية فى فلسفة المنفعة والتسفل فى شعاع الغريزة والخطأ فى علة الرأى والإلحاد فى حجة العلم ... عصمنا الله من الزلل ...

 

ولست أدرى لماذ أثرت فى جريدة الأحرار قصة نسبة الزنا إلى المغيرة بن شعبة ... وهو فى منزلة نائب رئيس مجلس الوزراء ... كما قلت ... وهل علمك الوافر وعقلك الرشيد يستسيغ مثل هذه القصة؟ ...

 

وهل يقنعك ما رواه ابن جرير الجامع  ... وقد روى كلامًا يتعفف اللسان عن ذكره ليقدمه إلى من يجئ بعده فيحققه ... وكيف يسمح عاقل لنفسه وهو فى منصب جليل أن يزنى بإمرأة وبينه وبين عدوه ستار لو حركته الريح لانكشف؟ ... وهل أبو بكرة كان يجهل نصاب الشهود حتى يستشهد بعدد أقل ويعرض نفسه للجلد؟ ... رحماك يا الله ... إن علينا أن نتحرى الصدق قبل أن نقدمه للناس ...

 

وفى الحديث:" من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" وهل نكاح المتعة كان معمولاً به فى الجاهلية أو استحدثه الإسلام؟ ... وفى القرآن { إنما يفتر الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله } ... ولكى تتحقق من صدق الرواية ... فارجع إلى ضوابط محققى التاريخ ... وإذا كنت تدعى أنك تعلم ما لم أعلم ... فلتسمح لى ولك جريدة الأحرار بمحاورة تنظمها هى على أن تكون دعواك جواز نكاح المتعة ودعواى أنا بطلان ذلك ... والله يهدينا سواء السبيل ...

 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (3) حوار المتعةما زال مستمرًا:

دكتور فرج فودة يعقب على الدكتورالقيعى

{  وأنه اضحكى وأبكى }

 

جريدة الأحرار ـ العدد 626 ـ بتاريخ 4/12/1989م

 

رد علينا الدكتور القيعى ... وأهمل فى رده عن عمد ... تفنيد الأدلة المنطقية ... بينما ركز ـ عن قصد ـ على المشاعر الشخصية ... فقد سألنى عن موقعى الشخصى وهل أنا مع حل المتعة أم حرمتها؟ ... ثم استدار ليسأل القارئ إن كان يقبل أن يستمتع بابنته شاب لمدة ساعة أو ساعتين؟ ... ثم أرسل قولاً ( لعله قصد به القرامطة ) قال فيه: " وخذ من زاعم الحرية فى فلسفة المنفعة والتسفل فى شعاع الغريزة والخطأ فى علة الرأى والإلحاد فى حجة العلم ... عصمنا الله من الزلل" ...

 

ولم ينس أن يغمز فى نوايانا حين قال" وقد قال المنصفون كل كلام يبرز عليه كسوة القلب الذى خرج منه" ...

ولما لم يجد فى المنطق سندًا .. ولا فى الحجة شفيعًا ... هتف: " رحماك يا الله ... إن علينا أن نتحرى الصدق قبل أن نقدمه للناس" ...

 

والثابت لدينا أننا ـ نحن والدكتور ـ قد تحدثنا فى موضوعين مختلفين ... فنحن نتحدث عن زواج المتعة ... وهو يتحدث عن فلسفة الأخلاق ...

ونحن نستعين بأدلة وردت فى كتب الفقه السنى ... وهو يستعين بمشاعر القارئ ...

ومثل هذا الحوار لا غناء فيه ولا فائدة ...

وكان بودنا أن نضرب عنه صفحًا ... لولا عبارة وردت فى تعليق له بجريدة الوفد بتاريخ 24/11/1989م ... قال فيها: " ومن المضحك المبكى أن تنشر جريدة محترمة ـ يقصد الأحرار ـ لكاتب ـ يقصدنا ..." ,

ثم أتبعها فى فقرة أخرى بقوله:" ونحن نهيب بصحفنا أن تترفع عن نشر تلك المهاترات " ...

 

ما نكتبه ... إذن مهاترات .. وما نسوقه منحجج يضحك ويبكى الدكتور القيعى ... ونحن نفهم أنه يبكيه ... أما أنه يضحكه ... فهذا قول له خبئ ... وفيه من الغرابة ما فيه ...

 

إذن فليضحك الدكتور القيعى أكثر وأكثر ... وهو يقرأ ردنا عليه:

أولاً: أنكر الدكتور القيعى قولنا بأن زواج المتعة لا يعاقب عليه فقه السنة ... ورددنا عليه ردًا موثقًا ... ولم يعلق ... ولعله كان يضحك ...

 

ثانيًا: أنكر علينا احاديث وردت فى حل المتعة والنهى عنها فى حجة الوداع ... وذكرنا الأحاديث بسندها ومرجعها ... فكان تعقيبه : ( ولا حرج أن يرد النهى فى خيبر وفى فاح مكة وفى غزوة حنين وتبوك وحجة الوداع ) ... ولا حرج بالنسبة لنا لأننا ذكرنا ذلك, لكنه حرج , وأى حرج للدكتور القيعى وهو المنكر فى مقاله الأول لأى تحريم عدا تحريم خيبر ...

 

ثالثًأ: قال الدكتور القيعى أننى قلت فى مقالى السابق: ( نظرًا لأزمة المساكن وتعثر الشباب عن الزواج فإن رحمة الله وسعت كل شئ ) ... والطريف أننى رجعت إلى مقالاتى السابقة ... فلم أجد لهذه العبارة أثرًا ... ولعل هذا هو ما أضحك الدكتور القيعى ... حين تخيلنى وأنا أقرأ على لسانى ما لم أذكره ... فأتعجب ... وأرجع إلى مقالاتى وأبحث وأنقب بينما هو يضحك ويضحك ...

 

رابعًا: يذكر الدكتور القيعى حديث الإمام على ... الذى ورد فى تفسير الطبرى ... وذكرناه فى ردنا موثقًا ... ونصه:  لولا أن عمر نهى عن زواج المتعة ما زنا إلا شقى  ... ثم يتساءل ( ما معنى هذا وما الصلة بين نكاج المتعة والزنا وهل تتصور زانيًا غير شقى )؟ ...

والطريف هنا أنه يتوجه بسؤاله إلىّ ... وكأنى قائل الحديث ... أو كأنى ادعيت زورًا أنه موجود فى تفسير الطبرى ...

إن كان الدكتور القيعى ينكر على الإمام على بن أبى طالب قوله ... ليقل هذا صراحة ...

وإن كان ينكر على الإمام الطبرى ما ذكره عن أهل العلم ... فليتوجه بالنقد إلى الطبرى ...

أما نحن فمن نكون يا أستاذنا الجليل ... نحن القراء ... وأنتم العلماء ... وق ذكرنا قولاً فردوه إلى أصحابه ...

 

خامسًا: ذكر فى تعقيبه على الحديث السابق ما نصه ( كيف يتفق ما إدعى ـ لا ندرى هل يقصد الإمام على أم الإمام الطبرى أم شخصنا الضعيف ـ أن عمر هو الذى حرمها مع ما روته الأحاديث عن نسخه ـ ص ـ ) ...

 

ونرد فنقول:

أن هذا هو سر الخلاف الفقهى الذى أشرنا إليه ... ولجأنا فيه لفضيلته ... والذى يتمثل فى أحاديث تروى عن الرسول  فى حلّ المتعة وتحريمها فى أكثر من مناسبة ...

وأحاديث أخرى منها هذا الحديث وأحاديث عمران بن حصين ... وجابر بن عبدالله الأنصارى ... وعبد الله بن عباس ... وعبد الله بن مسعود ... قد تجاهلها سيادته ... وجميعها تروى حل المتعة بعد وفاة الرسول ... ومن هنا يرى الشيعة وأنصار حلّ المتعة أن أحاديث تحريم الرسول من الأحاديث الموضوعة  ... ولهم فى هذا أسانيد ...

وإذا كان نهى الرسول عن المتعة لم يثبت لدى الشيعة ...

فإن الجزم بنهى الرسول عن زواج المتعة لم يثبت ـ أى الجزم ـ لدى السنة ...

بدليل أنهم لا يعاقبون من يأتى زواج المتعة بعقوبة الزنا ...

ويرون فى زواج المتعة شبهة تدرأ الحد ...

ألا يجوز لنا أمام هذا أن نذكر أن قضية زواج المتعة قضية خلافية ؟ ...

وهل يمكن قياس مثل هذا الخلاف كما فعل الدكتور القيعى ... على الخلاف بين الملاحدة والمؤمنين حول وجود الله ؟ ...

هل يجوز قياس الخلاف بين ملحد ومؤمن ... على الخلاف بين ابن عباس وعمر ... أو بين جعفر الصادق وأبى حنيفة ... أو بين رأى ابن مسعود ورأى ابن حنبل ؟ ...

 

ثم ما بال الدكتور القيعى يتوجه إلينا بالنقد ... وينحى علينا باللائمة ... ولا يذكر حرفًا عن أئمة الهدى وكبار رجال الفقه الذين أفتوا بحل المتعة ... من أمثال ابن عباس ... وابن مسعود  ... وابن كعب ... وعمران بن حصين ... وعبدالله بن جابر الأنصارى ... ومعاوية بن سفيان ... وسعيد بن جبير ... وقتادة ... وعطاء ... سعيد بن المسيب ... وابن جريج ... وغيرهم .....

 

إن كان له رد فليرد عليهم ... وإن كان لديه نقد فليوجه به إليهم ... وإن كان يرى أنه يطاولهم علمًا وفقهًا وتدينًا فليتصدى لهم ... وإن كان برى أن ابن حزم , وابن حجر , والبخارى , ومسلم , والطبرى , والقرطبى , وغيرهم يكذبون فليعلن ذلك ...

 

أما نحن يا أستاذنا الجليل ... فلسنا أكثر من قراء ... وأمثالكم هم العلماء ... ونحن سنيون وأنت سنى ... وما زلنا نستنجد بك فتهاجمنا ... ونلوذ بك فتضحك علينا ...

 

سادسًا: ذكرت فى ردك يا أستاذنا الجليل ... قصة نسبة الزنا إلى المغيرة بن شعبة ... وهى قصة لا علاقة لها بموضوع المتعة ... وقد وردت فى مقال آخر لنا ... وإذا كنت لم تستسغها فانقد الطبرى ... ولا تنسى أن تنقد معه ابن كثير وابن الأثير ... أما تعجبك من الستر الذى يزيحه الهواء ... فالرد عليه بأن هذه كانت طبيعة البناء ... وأما سؤالك  ( هل أبو بكرة كان يجهل نصاب الشهود حتى يستشهد بعدد أقل ويعرضه للجلد )؟ ... فنرد عليك فيه بنصحك بإعادة قراءة الواقعة ... لأن أبا بكرة قد استشضهد بأربعة ... وكان سبب الجلد تلجلج زياد بن أبيه ( رابع الشهود ) فى شهادته...

 

سابعًا: كأنى بك تشير صراحة وتلمح أيضًا فى أكثر من موضع إلى أن نكاح المتعة كان نكاحًا جاهليًا أبطله الرسول ...

ارجع ـ يرحمك الله ـ إلى صحيح مسلم [ دار إحياء التراث العربى ـ بيروت ـ الجزء الثانى ـ كتاب رقم 16 ص 1022 ] .  

حيث تجد عنوانًا نصه ( باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ , ثم أبيح ثم نسخ .. ) ...

وارجع ـ يرحمك الله ـ إلى قول الإمام الشافعى: ( لا أعلم شيئًا أحله الله ثم حرمه ثم أحله, إلا المتعة ) [ فقه السنة للشيخ سيد سابق ـ جزء ثان ـ ص 42 ].

واعلم ـ يرحمك الله ـ أنه لو كان نكاحًا جاهليًا لحرمه الرسول مرة واحدة وانتهى الأمر ... أما أن يحله الرسول بعد تحريمه له ... فإنه بالحل الثانى قد أصبح نكاحًا إسلاميًا بغير شك ولا خلاف ...

 

ثامنًا: اتق الله يا دكتور ...

ولا تصف نكاح المتعة بأنه زنا ... فمن نكون نحن حتى يتهم واحد منا رسول الله ـ ص ـ بإباحة أمر نطلق عليه هذه الصفة ... وحتى نتهم كبار الصحابة بإتيانه ... وحتى نتهم من ثبت عليه بعد وفاة الرسول بالسقوط فى وهدته ... وخفف الوطء يا سيدى واضحك علىّ كما شئت ... لكن حاذر ـ بالله عليك ـ أن يصل رذاذ اتهاماتك لى وضحكك علىّ إلى رموز العقيدة وأساس الدين ...

 

تاسعًا: لعلك لاتخدع نفسك بسؤال تظنه مأزقًا ... وهو سؤالى وسؤال القارئ ... هل ترضى بذلك لأختك أو ابنتك؟ ...

ولعلك لو فكرت قليلاً ما سألت ...

ولعلك تتصور أن الإجابة بالنفى ستكون حجة؟ ...

ولعلك تنسى انها حجة عليك؟ ...

فهب يا أستاذنا أن قارئك أجابك , لا , لانرضاه لبناتنا أو أخواتنا ... ثم أردف رده بسؤالك ...

 فكيف إذن رضيه الرسول ـ ص ـ لبنات المؤمنين؟ ...

بمنطقك وأسلوبك هذا سوف تبتلع المأزق كاملاً ... وسوف تبكى وربما بكى القراء معك ...

 

عاشرًا: تود لو تناظرنى؟ ... إذن فأهلاً بك ومرحبًا ... بيد أنك تردف شرطًا غريبًا وهو أن أدافع أنا عن حلّ المتعة وتدافع أنت عن حرمتها ... من قال لك أننى أدافع عن حل المتع ؟ ...

هل نسيت ما ذكرته لك من أننى سنى وأنك سنى وأننا فى سلة واحدة هى رفض المتعة ...

وأننى قد احترت فلجأت إليك ... وقرأت وفزعت فاستنجدت بك ...

 وأملت أن أجد لديك حلاً فإذا بى أجد عندك مأزقًا ...

وحاورتك بأدلة الفقه وأسانيد الفقهاء ... فحاورتنى بفلسفة الأخلاق ...

 وما ينبغى أن يكون عليه الفضلاء ...

 

زادك الله , ياسيدى فضلاً وعلمًا وفقهًا ... واعذرنا يا أستاذنا الجليل إن تحاورنا مع مقامك الرفيع ... فعذرنا ما ذكرته من أنك تضحك لقولنا ... وتبتسم لمنطقنا ... ولعلنا أضحكناك كثيرًا ... وهكذا الدنيا يا أستاذنا الفاضل ... أنت تضحك ونحن نبكى ... أما لماذا نبكى؟ فإقرأ ردنا عليك من جديد ...  

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (5) القرآن والعقل فى زواج المتعة:

تعقيب من الدكتورالقيعى

 

نشر فى جريدة الوفد بتاريخ 15/12/1989م.

 

لا اعتراض منا على من ينشد الحقيقة ... ففى الحديث { اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه } ... وإذا تدبرنا القرآن كما أمرنا الله فى أى موضوع نريد أن نتعرف عليه ... هدانا الله إليه بفضله ورحمته متى صدقت النوايا ... ولا يزال الإسلام يلقنا حسن الظن بالمسلم والله يتولى السرائر ... واخترت العقل بجانب القرآن ـ مع كفايته ـ كى لا يدعى أنى اتحدث عن فلسفة الأخلاق ووصاياها ... فالعقل هو مناط التكليف مطلوب إعماله فى أى نص ليسبر غوره ويعرف أسراره ...

 

وإذا قرأنا من سورة النساء , قوله تعالى : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } تبين لنا الآيات 24 وما بعدها ما يلى:

1ـ قوله: { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ومعنى هذا أن الإسلام يطلب العفة فى الزواج الشرعى ... ويؤكد ذلك بالنهى عن السفاح الذى هو الزنا ولا عفة فيه ...

2ـ { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } إذ الاستمتاع قضاء حاجه من كل من الزوجين حسبما تمليه طبيعة تكوينهما ... وللجنس خصيصتان: الرغبة والحشمة ... وقد ذكر الله المتعة فى غير موضع ... فقال: { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ } [ البقرة 236 ] ... وقال { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } [ الأحزاب 28 ] ... وإذن فليس الاستمتاع يعنى زواج المتعة كما يدعى ...

3ـ { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ } [ النساء 25 ] ... ويعنى هذا أن المطلوب أولاً امرأة عفيفة تؤمن بالله وبالقيم العليا .. فإن لم يتيسر ذلك بالمال أو الحرية أو العقد كما هى الاحتمالات فى معنى الطول ففى الفتيات المؤمنات سعة ... ولما كان لا يوجد إماء فى هذا العصر انحسرت رغبة الزواج فى حرة مؤمنة ...

4ـ { فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } [ النساء 25 ] ... وهذا يعنى أنه لا بد من مشاركة الأهل حتى لا تنساق المرأة بعواطفها الجامحة ... واشتراك الأهل له دلالته ولا يقبل واحد أن يكون ديوثًا لا غيرة له على اهله ...

5ـ { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } [ النساء 25 ] ... أى أطلبوا العفيفات لا الزانيات ولا متخذات أخدان ... وسواء كان السفاح واتخاذ الخدن هما الزنا الرى والعلنى ... أم هو الفردى والجماعى ... فالأمر لا يختلف  ... والمرأة متى فقدت ما تحتفظ به اصبحت كسائر الحيوانات  ... وتجردت من أعز ما تملك ... وبرغب الجنس الآخر فيها ... أما العقل الذى أريد الاحتكام إليه فهو العقل الرشيد ... فالإقناع المنطقى لا يكفى وحده لتعليل ظواهر الاجتماع وظواهر التاريخ ... فيما له اتصال بأطوال ( بأحوال ) السرائر على الخصوص ...

وليس من المنطق الصحيح أن نتخيل الناس جميعًا منطقيين حين يؤمنون أو حين يكفرون ... ومنطقيين فى تمييز الحق والباطل فى الدواعى والأسباب ...

وإذا أريد للقارئ أن يُخدع بكثرة التقول ... فآمل الرجوع إلى صحيح مسلم فى نكاح المتعة ... وإلى تفسير القرطبى فى الآيات 24 وما بعدها من سورة النساء ليحكم بنفسه وعقله على المنقولات والبينة الحية علاماتها أن تستجيب للمؤثرات وأن تعالجها بما يصلح ويجدى ...

والعبرة من هذه الدعوات المنحرفة كلها ان ضجتها أعظم جدًا من جدواها ...

وانها تجشم الأمم كثيرًا ولا تنفعها بعض ما تتجشم من اهوالها ودعوة التعليم والتقويم اجدى من هذه الدعوات وأقلها ضجة واطولها أمدصا وأبقاها ثمرة ... ومقاييس التقدم هى الحرية والحضارة والحالة النفسية ...

..................................

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (6) يا نفس لا تُـرَاعِى:

تعقيب أخير من الدكتور فرج  فودة

 

   نشر فى جريدة الأحرار ـ العدد 628 ـ  بتاريخ 18/12/1989م.

 

يا نفس لا تراعى ... إن حاربوا يراعى ... فقد تعودت منهم أن يتركوا الفكر لأصحابه ... فما لهم وماله ... حسبهم أن يتهموا فى الأخلاق إن أعوزتهم الحجة ... وأن ينهالوا على الشخص إن فاجأهم منطقه ... وأن يصابوا بالسكتة الفكرية عند اول حوار حقيقى ... عذرهم أنهم لا يعلمون دواخلنا ... ولا يدركون أن أشخاصنا تهون من أجل أفكارنا ... وينسون أننا جميعًا زائلون ... بأشخاصنا وصراخنا وشتائمنا ... بينما الفكر باقٍ لا يموت أبدًا ... والمنطق قائم لا يُهزم أبدًا ... ويتناسون فى غمرة حماسهم ... أن مصر تهون ... حين يهون عقلها ... وحين يُهان عقلها ... وأنه لا يصح فى النهاية إلا الصحيح ...

 

ها هو عقل مصر يمتحن فى اول حوار حقيقى حول تطبيق الشريعة ... وها نحن قد حاورنا الدكتور القيعى فرأى القارئ كيف يكون الحوار ... ومن هو صاحب الحجة الأقوى ... والعلم الأوفر ... والمنطق الصحيح ... وهو ما نهديه إلى الذين طالبوا بمنع النشر ... تحت حجة ظاهرها الرحمة وباطنها الخوف ... وهى أن لا يكتب فى أمور الدين غير المتخصصين ... وكأن الدين حكر على بعض المسلمين دون بعضهم ... وكأن العلم والحكمة لا يتوافران إلا لمن يشاء الأزهر .. وليتصور القارئ حجج الدكتور القيعى لو نشرت دون رد منا ... وليتصور آراءه لو عُرضت على الرأى العام دون تصحيح من جانبنا ...

 

ولنستأذن القارئ فى عدم استكمال حلقات حد الزنا بسبب قرار المجلس الدائم للحزب ... مع وعد بأن تنتقل الحلقات بأكملها  ... مع الحوار حولها ... إلى كتاب هو بالقطع أبقى وأعمق أثرًا ... ولنتوجه بالشكر إلى القراء الذين انهالت برقياتهم ومكالماتهم تأييدًا ومساندة ... والتى لو قدر لها أن تنشر لعرف كل فريق حجمه ... وتأثيره ومكانته ...

 

ولنتوجه بخالص الشكر إلى رئيس الحزب ... ورئيس التحرير .. اللذين انتصرا دائمًا لمنطق الحوار ومنهج العصر وسبيل الحضارة ...

ولتبقى الحقيقة المؤكدة ماثلة أمام القراء ... مضمونها أننا حاورناهم فأوقفوا الحوار ... فندنا آراءهم فمنعوا النشر ... ورددنا عليهم فهاجموا أشخاصنا ... واضطرونا إلى أن نستودعكم الله ... ولم يدركوا أن القصة لم تكتمل بعد فصولاً ... وأنه على مدى التاريخ الإنسانى كله ... كان السائرون خلفُا يحرزون انتصارًا مؤقتًا لا يلبث أن يخلى الساحة لهزيمة دائمة ونهائية ...

 

إن الحرف يقتل ... وإن الكلمة كانت هى البدء ... ويقينًا هى الختام ... والفكر يحييه الاضطهاد ... والمنطق ينشره منع النشر ... وصاحب هذا القلم يعرف قدر نفسه وحجم تأثيره ... والهامة المرتفعة بالحق لا تنحنى أبدًا ... والقلم المعبر بصدق لا ينكسر أبدًا ... والنفس المؤمنة بالله لا تراعى أبدًا ...

 

يَا نَفْسِ لا تُرَاعِى ... وَإِنْ حَارَبُوا يَرَاعِى ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

رقم الإيداع 2837/ 93

مطابع الدار العربية ت/ 3481068