استنكار مقابلة صحيفة البلاد مع صاحب أكبر شارب في العالم

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01619

الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فقد قرئ علي ما نشر في صحيفة البلاد عدد ( 10355 ) الصادر يوم الجمعة 12 / 5 / 1413هـ بعنوان : ( صاحب أكبر شارب في العالم أجرت معه الصحيفة مقابلة ) .

وقد ساءني ذلك . لما فيه من منكر لا يجوز ، وما فيه من دعوة إلى الفساد والفتنة ، والترويج لما يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن هديه عليه الصلاة والسلام أكمل هدي ، وقد أمر الله باتباع ما يأمر به الرسول ، واجتناب ما ينهى عنه ، قال سبحانه : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بإعفاء اللحى وقص الشارب وإحفائه وهو أفضل

. أما اتخاذ الشوارب الطويلة وإطالة الشنبات فذلك لا يجوز . لأنه مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس رواه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ومن لم يأخذ من شاربه فليس منا رواه النسائي بإسناد صحيح .

وفي هذه الأحاديث الصحيحة وعيد شديد وتحذير أكيد مما يوجب على المسلم الحذر مما نهى عنه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به ورسوله .

ومن ذلك يعلم أن إعفاء الشارب واتخاذ الشنبات ذنب من الذنوب ومعصية من المعاصي ، وهكذا حلق اللحية وتقصيرها من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ، ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته .

ولا يخفى أن إطالة الشوارب وحلق اللحى من مشابهة المجوس والمشركين ، وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم

وفي المقال منكر آخر عظيم ، وهو : الدعوة إلى ترويج الفساد ، والفتنة بالنساء ، والترغيب في وسائل الزنا وذلك منكر عظيم مصادم للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، فالواجب على المسلم أن يحذر من مثل هذه الدعايات الخبيثة وينكرها ، ويحذر إخوانه منها ؛ عملا بقول الله عز وجل : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم في صحيحه .

وقد أساءت الصحيفة في هذه المقابلة إساءة كبيرة ، فعلى القائمين عليها : التوبة إلى الله من ذلك ، والحذر من نشر كل مقال يخالف شرع الله .

والواجب على المسئولين في وزارة الإعلام التشديد في ذلك ، ومنع الصحافة من نشر مثل ذلك ، وعقاب من خالفه .

ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01651

حكم وصف الممرضات بملائكة الرحمة

س : سؤال من : أ . أ . ع - من الدمام يقول : نقرأ ونسمع كثيرا من عامة الناس وكتابهم وشعرائهم من يصف في كتابه أو شعره الممرضات بأنهن ملائكة الرحمة؟ فما رأي سماحتكم في مثل هذا الوصف ، وهل يجوز ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيرا . والسلام  عليكم ورحمة الله وبركاته .

ج : هذا الوصف لا يجوز إطلاقه على الممرضات ؛ لأن الملائكة ذكور وليسوا إناثا ، وقد أنكر الله سبحانه على المشركين وصفهم الملائكة بالأنثوية ، ولأن ملائكة الرحمة لهم وصف خاص لا ينطبق على الممرضات ، ولأن الممرضات فيهن الطيب والخبيث فلا يجوز إطلاق هذا الوصف عليهن . والله الموفق

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01568

شرح حديث : أمرت أن أقاتل الناس الحديث؟

  س : سائل يرجو شرح هذا الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله

ج : هذا الحديث صحيح ، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى الحديث ، وهذا على ظاهره ، فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بهما قبل ذلك ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلما حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام ، يعني : إلا بما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك ، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا ؛ إن كان بكرا فبالجلد والتغريب ، وإن كان ثيبا فبالرجم الذي ينهي حياته ، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة . فيطالب بحقوق الإسلام ، وهو معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام ، أو بشيء يوجب الحد عليه ، وهكذا قوله في الحديث الآخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

هذا الحديث مثل ذاك الحديث : من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام ، ثم يطالب بحق الإسلام ، فيطالب

بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقا ، وإن امتنع عن شيء أخذ بحق الله فيه وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده .

وهذا هو الواجب على جميع من دخل في دين الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام ، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01567

مدى صحة قصة الغرانيق

س : ورد في تفسير الجلالين في سبب نزول الآية ( 52 ) من سورة الحج : أن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ : أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أن الشيطان ألقى على لسانه : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى . فهل هناك ما يدل على صحة هذه القصة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم هي من الإسرائيليات؟ أفيدونا أفادكم الله .

ج : ليس في إلقاء هذه الألفاظ في قراءته صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يعتمد عليه فيما أعلم ، ولكنها رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث

مرسلة ، كما نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسير آية الحج ، ولكن إلقاء الشيطان في قراءته صلى الله عليه وسلم في آيات النجم وهي قوله : أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى الآيات ، شيء ثابت بنص الآية في سورة الحج ، وهي قوله سبحانه : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فقوله سبحانه : إِلا إِذَا تَمَنَّى أي : تلا ، وقوله سبحانه : أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي : في تلاوته ، ثم إن الله سبحانه ينسخ ذلك الذي ألقاه الشيطان ويوضح بطلانه في آيات أخرى ، ويحكم آياته ؛ ابتلاء وامتحانا ، كما قال سبحانه بعد هذا : لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ الآيات .

فالواجب على كل مسلم أن يحذر ما يلقيه الشيطان من الشبه على ألسنة أهل الحق وغيرهم ، وأن يلزم الحق الواضح الأدلة ، وأن يفسر المشتبه بالمحكم حتى لا تبقى عليه شبهة ، كما قال الله سبحانه في أول سورة آل عمران : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم متفق على صحته . والله ولي التوفيق

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01558

تفسير قوله تعالى : لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ الآية

س : مذكور في القرآن الكريم : لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فما معنى هذا؟

ج : قد ذكر أهل العلم رحمهم الله في تفسير هذه الآية ما معناه : أن هذه الآية خبر معناه : النهي ، أي : لا تكرهوا على الدين الإسلامي من لم يرد الدخول فيه ، فإنه قد تبين الرشد ، وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم بإحسان ، وهو توحيد الله بعبادته وطاعة أوامره وترك نواهيه مِنَ الْغَيِّ وهو : دين أبي جهل وأشباهه من المشركين الذين يعبدون غير الله من الأصنام والأولياء والملائكة والأنبياء وغيرهم ، وكان هذا قبل أن يشرع الله سبحانه الجهاد بالسيف لجميع المشركين إلا من بذل الجزية من أهل الكتاب والمجوس ، وعلى هذا تكون هذه الآية خاصة لأهل الكتاب ، والمجوس إذا بذلوا الجزية والتزموا الصغار فإنهم لا يكرهون على الإسلام؛ لهذه الآية الكريمة ، ولقوله سبحانه في سورة التوبة : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ فرفع سبحانه عن أهل الكتاب القتال إذا أعطوا الجزية والتزموا الصغار . وثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من مجوس هجر ، أما من سوى أهل الكتاب والمجوس من الكفرة

والمشركين والملاحدة فإن الواجب مع القدرة دعوتهم إلى الإسلام فإن أجابوا فالحمد لله ، وإن لم يجيبوا وجل جهادهم ، حتى يدخلوا في الإسلام ، ولا تقبل منهم الجزية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلبها من كفار العرب ، ولم يقبلها منهم ، ولأن أصحابه رضي الله عنهم لما جاهدوا الكفار بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يقبلوا الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس ، ومن الأدلة على ذلك قوله سبحانه : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فلم يخيرهم سبحانه بين الإسلام وبين البقاء على دينهم ، ولم يطالبهم بجزية ، بل أمر بقتالهم ، حتى يتوبوا من الشرك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فدل ذلك على أنه لا يقبل من جميع المشركين ما عدا أهل الكتاب والمجوس إلا الإسلام ، وهذا مع القدرة . والآيات في هذا المعنى كثيرة .

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى منها : قول النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل متفق على صحته ، فلم يخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الإسلام وبين البقاء على دينهم الباطل ، ولم يطلب منهم الجزية . فدل ذلك : أن الواجب إكراه الكفار على الإسلام ، حتى يدخلوا فيه ما عدا أهل الكتاب والمجوس؛ لما في ذلك من سعادتهم ونجاتهم

في الدنيا والآخرة ، وهذا من محاسن الإسلام ، فإنه جاء بإنقاذ الكفرة من أسباب هلاكهم وذلهم وهوانهم وعذابهم في الدنيا والآخرة ، إلى أسباب النجاة ، والعزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة ، وهذا قول أكثر أهل العلم في تفسير الآية المسئول عنها ، أما أهل الكتاب والمجوس فخصوا بقبول الجزية والكف عن قتالهم إذا بذلوها لأسباب اقتضت ذلك ، وفي إلزامهم بالجزية إذلال وصغار لهم ، وإعانة للمسلمين على جهادهم وغيرهم ، وعلى تنفيذ أمور الشريعة ونشر الدعوة الإسلامية في سائر المعمورة ، كما أن في إلزام أهل الكتاب والمجوس بالجزية؛ حملا لهم على الدخول في الإسلام ، وترك ما هم عليه من الباطل والذل والصغار؛ ليفوزوا بالسعادة والنجاة والعزة في الدنيا والآخرة ، وأرجو أن يكون فيما ذكرنا كفاية وإيضاح لما أشكل عليكم .

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه ، إنه خير مسئول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01505 

تعقيب على مقالة الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر بعنوان : علاقة الإسلام بالأديان الأخرى 

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ سماحة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر وفقه الله للخير

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :

فقد اطلعت على مقالة لسماحتكم نشرتها صحيفة الجزيرة السعودية في عددها الصادر في يوم الجمعة 16 / 5 / 1415 هـ بعنوان : ( علاقة الإسلام بالأديان الأخرى ) ورد في أولها من كلامكم ما نصه :

( الإسلام يحرص على أن يكون أساس علاقاته مع الأديان والشعوب الأخرى هو السلام العام والود والتعاون؛ لأن الإنسان عموما في نظر الإسلام هو مخلوق عزيز كرمه الله تعالى وفضله على كثير من خلقه . يدل لهذا قول الله تعالى في سورة الإسراء : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا والتكريم الإلهي للإنسان بخلقه وتفضيله على غيره يعد رباطا ساميا يشد المسلمين إلى غيرهم من بني الإنسان ، فإذا سمعوا بعد ذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ أصبح واجبا عليهم أن يقيموا علاقات المودة والمحبة مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ، والشعوب غير المسلمة . نزولا عند هذه الأخوة الإنسانية ، وهذا هو معنى التعارف الوارد في الآية . . ) إلخ .

ولقد كدرني كثيرا ما تضمنته هذه الجمل من المعاني المخالفة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، ورأيت من النصح لسماحتكم التنبيه على ذلك : فإنه لا يخفى على سماحتكم أن الله سبحانه قد أوجب على المؤمنين بغض الكفار ، ومعاداتهم ، وعدم مودتهم وموالاتهم ، ما في قوله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وقال سبحانه في سورة آل عمران : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ وقال سبحانه في سورة الممتحنة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الآية ، وقال سبحانه في سورة المجادلة : لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الآية .

فهذه الآيات الكريمات وما جاء في معناها من الآيات الأخرى كلها تدل على وجوب بغض الكفار ، ومعاداتهم ، وقطع المودة بينهم وبين المؤمنين حتى يؤمنوا بالله وحده .

أما التعارف الذي دلت عليه آية الحجرات فلا يلزم منه المودة ولا المحبة للكفار ، وإنما تدل الآية أن الله جعل بني آدم شعوبا وقبائل . ليتعارفوا ، فيتمكنوا من المعاملات الجائزة بينهم شرعا . كالبيع والشراء وتبادل السفراء ، وأخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس . . . وغير ذلك من العلاقات التي لا يترتب عليها مودة ولا محبة .

وهكذا تكريم الله سبحانه لبني آدم لا يدل على جواز إقامة علاقة المودة والمحبة بين المسلم والكافر ، وإنما يدل ذلك على أن جنس بني آدم قد فضله الله على كثير من خلقه .

فلا يجوز أن يستنبط من الآيتين ما يخالف الآيات المحكمات المتقدمة وغيرها الدالة على وجوب بغض الكفار في الله ومعاداتهم ، وتحريم مودتهم وموالاتهم . لما بينهم وبين المسلمين من البون العظيم في الدين .

والواجب على أهل العلم تفسير القرآن بما يصدق بعضه بعضا ، وتفسير المشتبه بالمحكم ، كما قال الله جل وعلا : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ الآية ، مع أن الحكم بحمد الله في الآيات المحكمات المذكورة وغيرها واضح لا شبهة فيه ، والآيتان اللتان في التعارف والتكريم ، ليس فيهما ما يخالف ذلك .

وقد ورد في المقال أيضا ما نصه : ( فنظرة المسلمين إذن إلى غيرهم من أتباع اليهودية والنصرانية هي نظرة الشرك إلى شركائه في الإيمان بالله والعمل بالرسالة الإلهية التي لا تختلف في أصولها العامة ) .

وهذا - كما لا يخفى على سماحتكم - حكم مخالف للنصوص الصريحة في دعوة أهل الكتاب وغيرهم إلى الإيمان بالله ورسوله ، وتسمية من لم يستجب منهم لهذه الدعوة كفارا .

ومن المعلوم أن جميع الشرائع التي جاءت بها الأنبياء قد نسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز لأحد من الناس أن يعمل بغير الشريعة التي جاء بها القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال سبحانه : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقال تعالى : فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وقال سبحانه : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وقال سبحانه : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وقال سبحانه : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ الآية ، وقال عن اليهود والنصارى في سورة التوبة : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ والآيتين بعدها .

والآيات في هذا المعنى كثيرة ، كلها تدل على كفر اليهود والنصارى باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وقول اليهود : عزير ابن الله ، وقول النصارى : المسيح ابن الله ، وتكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم إيمانهم به إلا من هداه الله منهم للإسلام .

وقد روى مسلم في صحيحه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد والأحاديث الدالة على كفر اليهود والنصارى ، وأنهم أعداء لنا كثيرة .

وإباحة الله سبحانه للمسلمين طعام أهل الكتاب ونساءهم المحصنات منهن لا تدل على جواز مودتهم ومحبتهم ، كما لا يخفى على كل من تدبر الآيات وأعطى المقام حقه من النظر والعناية .

وبذلك كله يتبين لسماحتكم خطأ ما ورد في المقال من :

1 - القول بأن الود والمحبة من أساسيات العلاقة في الإسلام بين الأديان والشعوب .

2 - الحكم لأتباع اليهودية والنصرانية بالإيمان بالله والعمل بالرسالة الإلهية التي لا تختلف في أصولها العامة .

وتواصيا بالحق كتبت لسماحتكم هذه الرسالة ، راجيا من سماحتكم إعادة النظر في كلامكم في هذين الأمرين ، وأن ترجعوا إلى ما دلت عليه النصوص ، وتقوموا بتصحيح ما صدر منكم في الكلمة المذكورة . براءة للذمة ، ونصحا للأمة ، وذلك مما يحمد لكم إن شاء الله ، وهو يدل على قوة الإيمان ، وإيثار الحق على غيره متى ظهرت أدلته .

والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم وسائر علماء المسلمين لمعرفة الحق واتباعه ، وأن يمن علينا جميعا بالنصح له ولعباده ، وأن يجعلنا جميعا من الهداة المهتدين ، إنه جواد كريم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .

 

 

 http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01291

حكم قتل الحشرات التي توجد في البيت مثل النمل والصراصير

وما أشبه ذلك

س : الحشرات التي توجد في البيت مثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك هل يجوز قتلها بالماء أو بالحرق ، وإن لم يجز فماذا نفعل؟

ج : هذه الحشرات إذا حصل منها الأذى تقتل لكن بغير النار من أنواع المبيدات . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور وجاء في الحديث الآخر الصحيح ذكر الحية .

وهذا الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على شرعية قتل هذه الأشياء المذكورة وما في معناها من المؤذيات كالنمل والصراصير والبعوض والذباب والسباع دفعا لأذاها ، أما إذا كان النمل لا يؤذي فإنه لا يقتل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد ، وذلك إذا لم يؤذ شيء منها .

أما إذا حصل منه أذى فإنه يلحق بالخمس المذكورة في الحديث . والله ولي التوفيق

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01165

حكم التحجب عن الخادمة المسيحية

س : يوجد لدينا خادمة مسيحية فهل يجب علينا التحجب عنها ؟

جـ : أولا : يجب أن يعلم أنه لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة لا من النصارى ولا من غير النصارى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة وأوصى عند موته صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من هذه الجزيرة وهي المملكة العربية السعودية واليمن ودول الخليج ، كل هذه الدول داخلة في الجزيرة العربية فالواجب ألا يقر فيها الكفرة من اليهود ، والنصارى ، والبوذيين ، والشيوعيين ، والوثنيين ، وجميع من يحكم الإسلام بأنه كافر لا يجوز بقاؤه ولا إقراره في هذه الجزيرة ولا استقدامه إليها إلا عند الضرورة القصوى التي يراها ولي الأمر كالضرورة لأمر عارض ثم يرجع إلى بلده ممن تدعو الضرورة إلى مجيئه أو الحاجة الشديدة إلى هذه المملكة وشبهها كاليمن ودول الخليج .

أما استقدامهم ليقيموا بها فلا يجوز بل يجب أن يكتفي بالمسلمين في كل مكان وأن تكون المادة التي تصرف لهؤلاء الكفار تصرف للمسلمين ، وأن ينتقي من المسلمين من يعرف بالاستقامة والقوة على القيام بالأعمال حسب الطاقة والإمكان ، وأن يختار أيضا من المسلمين من هم أبعد عن البدع والمعاصي الظاهرة ، وأن لا يستخدم إلا من هو طيب ينفع البلاد ولا يضرها ، هذا هو الواجب ، لكن من ابتلي باستقدام أحد من هؤلاء الكفرة كالنصارى وغيرهم فإن عليه أن يبادر بالتخلص منهم وردهم إلى بلادهم بأسرع وقت ، ولا يجب على المرأة المسلمة أن تتحجب عن المرأة الكافرة في أصح قولي العلماء ، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب احتجاب المرأة المسلمة عن المرأة الكافرة مستدلين بقوله سبحانه في سورة النور لما نهى الله سبحانه المؤمنات عن إبداء الزينة إلا لبعولتهن ، قال تعالى : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ إلى أن قال تعالى : أَوْ أَبْنَائِهِنَّ

 

قال بعض أهل العلم : يعني بنسائهن المؤمنات ، فإذا كانت النساء كافرات فإن المؤمنة لا تبدي زينتها لهن وقال آخرون : بنسائهن جنس النساء مؤمنات أو غير مؤمنات وهذا هو الأصح فليس على المرأة المؤمنة أن تحتجب عن المرأة الكافرة لما ثبت أن اليهوديات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهكذا الوثنيات يدخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أنهن كن يحتجبن عنهن ولو كان هذا واقعا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهن لنقل؛ لأن الصحابة لم يتركوا شيئا إلا نقلوه رضي الله عنهم وهذا هو المختار والأرجح

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01158

حكم البول واقفا

سؤال : هل يجوز أن يبول الإنسان واقفا ، علما أنه لا يأتي الجسم والثوب شيء من ذلك ؟

الجواب : لا حرج في البول قائما ،لاسيما عند الحاجة إليه ، إذا كان المكان مستورا لا يرى فيه أحد عورة البائل ، ولا يناله شيء من رشاش البول ، لما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما متفق على صحته ، ولكن الأفضل البول عن جلوس؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأستر للعورة ، وأبعد عن الإصابة بشيء من رشاش البول .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01114

حكم السلام على المتحدث بالهاتف إدا كان لا يعرف هل هو مسلم أم كافر

سـ : ما حكم إلقاء السلام على الشخص المتحدث بالهاتف إذا كان لا يعرف هل هو مسلم أم لا؟

جـ : حكمه حكم اللقاء إذا عرفت أنه كافر فلا تبدأه بالسلام ، أما إذا كنت لا تعرف فليس في ذلك محظور . .

وبالله التوفيق .

شكر المحسن والدعاء له

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ م- ت مدير مدرسة التهذيب بساحل العاج . زاده الله من العلم والإيمان . . آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أما بعد : فقد وصلني كتابك الكريم المؤرخ 4 / 8 / 1394 هـ وصلك الله بهداه وما تضمنه من الأسئلة كان معلوما ، وهذا نصها وجوابها :

س ا : أيجوز أن يقال للمحسن شكرا أو بارك . . إلى آخره؟

ج 1 : لا حرج أن يقول الإنسان لأخيه إذا أحسن إليه شكرا لك أو شكر الله عملك أو أنت مشكور أو ما أشبه هذه الألفاظ ؛ لقول الله سبحانه : وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ فأمر سبحانه الولد أن يشكر ربه ويشكر والديه ، فدل ذلك على مشروعية شكر الله سبحانه وشكر المحسن من الناس ، وثبت عن النبي أنه قال : من لم يشكر الناس لم يشكر الله وفي لفظ : لايشكر الله من لا يشكر الناس وصح عنه عليه السلام أنه قال : من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد جيد ، وشكر المحسن من جنس الدعاء .

أما قولك : ( أو بارك ) فلم يتضح لي مرادك منها ، فإن كان المراد الدعاء له بالبركة فلا بأس ، أما إن كان المراد معنى آخر فأرجو الإفادة عنه حتى نجيبك على ذلك .

2 : من عادتنا إذا انتهينا من الأكل نقول : بعد أن حمدنا الله ) لآبائنا وأمهاتنا وكبرائنا : بارك أو شكر لك يا فلان ، نتداوله بيننا ، أيجوز ذلك . . . . إلى آخره؟

جـ : الجواب عن هذا السؤال يتضح من جواب الذي قبله ، وهو أنه لا حرج في شكر المحسن والدعاء له بالبركة ، بل ذلك مشروع لما تقدم من الأدلة ، وفي صحيح مسلم أن النبي زار بعض أصحابه فأكل عندهم طعاما فلما أراد الخروج قالت زوجة صاحب البيت : يا رسول الله : ادع لنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم

والله يحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نشرت بالمجلة العربية في باب : فاسألوا أهل الذكر

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01113

معاملة المسلم لغير المسلم

س : ماهو الواجب على المسلم تجاه غير المسلم ، سواء كان ذميا في بلاد المسلمين أو كان في بلاده ، أو المسلم يسكن في بلاد ذلك الشخص غير المسلم . والواجب الذي أريد توضيحه هو المعاملات بكل أنواعها ، ابتداء من إلقاء السلام وانتهاء بالاحتفال مع غير المسلم في أعياده ، وهل يجوز اتخاذ صديق عمل فقط أفيدونا أثابكم الله؟

جـ : إن من المشروع للمسلم بالنسبة إلى غير المسلم أمورا متعددة ، منها الدعوة إلى الله عز وجل بأن يدعوه إلى الله ويبين له حقيقة الإسلام ، حيث أمكنه ذلك وحيث كانت لديه البصيرة ؛ لأن هذا هو أعظم الإحسان ، وأهم الإحسان ، الذي يهديه المسلم إلى مواطنه وإلى من اجتمع به من اليهود أو النصارى أو غيرهم من المشركين لقول النبي : من دل على خير فله مثل أجر فاعله رواه الإمام مسلم في صحيحه ، وقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم متفق على صحته . وقال عليه الصلاة والسلام : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثال آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا رواه مسلم في صحيحه ، فدعوته إلى الله وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أهم المهمات ومن أفضل القربات .

ثانيا : لا يجوز أن يظلمه في نفس ولا في مال ولا في عرض إذا كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا فإنه يؤدي إليه الحق فلا يظلمه في ماله لا بالسرقة ولا بالخيانة ولا بالغش ولا يظلمه في بدنه لا بضرب ولا بغيره ؛ لأن كونه معاهدا أو ذميا في البلد أو مستأمنا يعصمه .

ثالثا : لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك ، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان ، واشترى من اليهود وهذه معاملة وقد توفي عليه الصلاة والسلام ، ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله .

رابعا : في السلام ، لا يبدأه بالسلام ؛ لقول النبي : لاتبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام خرجه مسلم في صحيحه وقال : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام ، ولكن يرد عليه بقوله : ( وعليكم ) لقول النبي عليه الصلاة والسلام : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم متفق على صحته ، هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر ، ومن ذلك أيضا حسن الجوار إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره ، وتتصدق عليه إذا كان فقيرا تهدي إليه وتنصح له فيما ينفعه ؛ لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه ؛ ولأن الجار له حق ، قال النبي : مازال جبريل يوصيني بالجار حتى طننت أنه سيورثه متفق على صحته وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار ، وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حقان : حق الجوار وحق القرابة ، ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة . لقول الله تعالى : لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وللحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أمها وفدت عليها بالمدينة في صلح الحديبية وهي مشركة تريد المساعدة فاستأذنت أسماء النبي في ذلك هل تصلها فقال صليها ا هـ .

أما الزكاة فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار لقوله عز وجل : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الآية ، أما مشاركة الكفار في احتفالاتهم بأعيادهم فليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك .

من برنامج نور على الدرب شريط 110 .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00952

سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

س : دائما يرد ذكر المال مقدم على الأولاد في القرآن الكريم رغم أن الأولاد أغلى لدى الأب من ماله . فما هي الحكمة من ذلك؟

جـ : الفتنة بالمال أكثر لأنه يعين على تحصيل الشهوات المحرمة بخلاف الأولاد ، فإن الإنسان قد يفتن بهم ويعصي الله من أجلهم ، ولكن الفتنة بالمال أكثر وأشد ولهذا بدأ سبحانه بالأموال قبل الأولاد كما في قوله تعالى : وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى الآية ، وقوله سبحانه إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ الآية ، وقوله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ

نشرت في المجلة العربية في باب ( فاسألوا أهل الذكر ) .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00941

تعدد القراءات في القرآن

س : يقولون أن تعدد القراءات في القرآن معناه اختلاف في القرآن حيث يؤدي إلى معان ثانية ،
مثل آية الإسراء وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا عند يلقاه منشورا .

جـ : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل من عند الله على سبعة أحرف أي لغات من لغات العرب ولهجاتها تيسيرا لتلاوته عليهم ، ورحمة من الله بهم ، ونقل ذلك نقلا متواترا ، وصدق ذلك واقع القرآن ، وما وجد فيه من القراءات فهي كلها تنزيل من حكيم حميد .

ليس تعددها من تحريف أو تبديل ولا لبس في معانيها ولا تناقض في مقاصدها ولا اضطراب ، بل بعضها يصدق بعضا ويبين مغزاه ، وقد تتنوع معاني بعض القراءات فيفيد كل منها حكما يحقق مقصدا من مقاصد الشرع ومصلحة من مصالح العباد مع اتساق معانيها وائتلاف مراسيها وانتظامها في وحدة تشريع محكمة كاملة لا تعارض بينها ولا تضارب فيها .

فمن ذلك ما ورد من القراءات في الآية التي ذكرها السائل وهي قوله تعالى وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا فقد قرئ وَنُخْرِجُ بضم النون وكسر الراء ، وقرئ يَلْقَاهُ بفتح الياء والقاف مخففة ، والمعنى : ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا هو صحيفة عمله ، يصل إليه حال كونه مفتوحا فيأخذه بيمينه إن كان سعيدا أو بشماله إن كان شقيا ، وقرئ يَلْقَاهُ مَنْشُورًا بضم الياء وتشديد القاف . والمعنى : ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا - هو صحيفة عمله - يعطى الإنسان ذلك الكتاب حال كونه مفتوحا فمعنى كل من القراءتين يتفق في النهاية مع الآخر فإن من يلقى إليه الكتاب فقد وصل إليه ومن وصل إليه الكتاب فقد ألقى إليه .

ومن ذلك قوله تعالى : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ قرئ يَكْذِبُونَ بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال ، بمعنى : يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين ، وقرئ يَكْذِبُونَ بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة ، بمعنى : يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي . فمعنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه بل كل منهما ذكر وصفا من أوصاف المنافقين ، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس ، ووصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله فيما أوحي إليهم من التشريع وكل حق فإن المنافقين جمعوا بين الكذب والتكذيب .

ومن ذلك يتبين أن تعدد القراءات كان بوحي من الله لحكمة ، لا عن تحريف وتبديل وأنه لا يترتب عليه أمور شائنة ولا تناقض أو اضطراب بل معانيها ومقاصدها متفقة . والله الموفق .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00898

لا يجوز بدء الكفار بالسلام

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ش ع . ج سلمه الله

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . . . وبعد :

فأشير إلى استفتائك المفيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 1841 وتاريخ 1 / 5 / 1408 هـ الذي تسأل فيه عن عدد من الأسئلة ، وأفيدك أن الكفار لا يجوز بدؤهم بالسلام ، أما المسلمون فالسنة أن يسلم عليهم ولو كانوا مرتكبين لبعض المعاصي ، مع بذل النصح لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، فإذا أصروا على معاصيهم الظاهرة ولم يقبلوا النصح استحقوا الهجر بترك بداءتهم بالسلام وعدم الرد عليهم إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية بداءتهم بالسلام أو الرد عليهم . وسبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى فيما سألت عنه فنرفق لك نسخا منها وفيها الكفاية إن شاء الله .

وفق الله الجميع لما فيه رضاه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00576

الحلف بالكعبة لا يجوز

 س : ما حكم الحلف بالكعبة ونحوها وما هي صيغة الحلف الجائز ؟

ع - ح - ق - قرية زهرة بني بشير

الجواب :
لا يجوز الحلف بالكعبة ولا بغيرها من المخلوقات لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت  متفق على صحته .

وقوله صلى الله عليه وسلم من حلف بشيء دون الله فقد أشرك  رواه الإمام أحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد صحيح وقوله صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك  أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

والأحاديث في ذلك كثيرة وفيها يعلم تحريم الحلف بالكعبة والأمانة والأنبيا وغيرهم من سائر الخلق .

واليمين الشرعية هي اليمين بالله وحده وصفتها أن يقول : والله أو بالله أو تالله لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا وهكذا لو حلف بغير اسم الجلالة من أسماء الله وصفاته كالرحمن والرحيم ومالك الملك وحياة الله وعلم الله ونحو ذلك .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف كثيرا بقوله : " والذي نفسي بيده " والله ولي التوفيق

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00468

حكم قيادة المرأة للسيارة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

فقد كثر حديث الناس في صحيفة الجزيرة عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها : الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها : السفور ، ومنها : الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها : ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية .

وقال تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وقال تعالى : وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .

وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك ، وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلي به الكثير من مرضى القلوب من محبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات ، كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار وقال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ وقال سبحانه : وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ

وقال صلى الله عليه وسلم : ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء  
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعده من شر؟ قل : " نعم " قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : " نعم ، وفيه دخن " قلت : وما دخنه؟ قال : " قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر " قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : " نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " قلت يا رسول الله صفهم لنا؟ قال : " هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " . قلت : فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك متفق عليه .

وإنني أدعو كل مسلم أن يتق الله في قوله وفي عمله ، وأن يحذر الفتن والداعين إليها ، وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك ، وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف . وقانا الله شر الفتن وأهلها ، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00461

القول بإباحة تحديد النسل مخالف للشريعة والفطرة ومصالح الأمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أما بعد فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبرا مفاده أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به واشتهر هذا الخبر بين الناس وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله عز وجل في هذه المسألة فأقول اعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أني اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازما فألفيته قد ركز فتواه على قوله عز وجل وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل هذه أدلة المفتي التي اعتمد عليها في هذه الفتوى العظيمة

وهناك أمر آخر مهد به الفتوى وهو قوله بالحرف الواحد في أول الفتوى ( لقد عظمت مخاوف العالم من تزايد السكان في كل مكان وصار الخبراء يعدون ذلك منذرا له بالويل والثبور وعظائم الأمور ) ثم قال في آخر الفتوى ما نصه ( إذا قررت الحكومة هذا فإن العمل به يكون لازما؛ لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتما ) انتهى المقصود من كلام المفتي وكل من تأمل ما اعتمده المفتي في هذه الفتوى من ذوي العلم والبصيرة يعلم أنه أبعد النجعة وخالف الصواب ورمى في غير مرمى وتحقق بأن ما ذكره من الأدلة لا يدل على ما ذهب إليه بوجه من الوجوه بل هي في جانب والفتوى في جانب آخر كما قال الشاعر:

سارت مشرقة وسرت مغربا

 

شتان بين مشرق ومغرب

أما الآية الكريمة فقد ذكرها الله سبحانه بعد قوله عز وجل وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم قال تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فأمر الله تعالى بالنكاح ورغب فيه ووعد المتزوح بالغنى إن كان فقيرا ترغيبا له في النكاح وتشجيعا له على الإقدام عليه واثقا بالله معتمدا على فضله وسعة جوده وعلمه بأحوال عباده ولذا ختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ثم أمر من لا حيلة له في النكاح أن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله فأي حجة في هذه الآية على قطع النسل أو تحديده وقد زعم فضيلة المفتي أن أمر الله بالاستعفاف لمن لا يستطع النكاح يدل على جواز القطع والتحديد؛ لأن تأخير النكاح بسبب العجز يفضي إلى تأخير النسل أو قطعه إن مات قبل أن يتزوج وهذا احتجاج غريب واستدلال نادر الوجود لا يمت إلى الآية بصلة بل هو من غرائب الاستدلالات ونوادر الاحتجاج فالله المستعان

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين ما نصه ( هذا أمر بالتزويج وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر واحتجوا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تزوجوا الولود تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة وفي رواية حتى بالسقط والأيامى جمع أيم ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة يقال رجل أيم وامرأة أيم وقوله تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى فقال إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمود بن خالد الأزرق حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رواه ابن جرير وذكر البغوي عن عمر نحوه وعن الليث عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء  والغازي في سبيل الله رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة

وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ولم يقدر على خاتم من حديد ومع هذا فزوجه بتلك المرأة وجعل صداقها على أن يعلمها ما معه من القرآن والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث تزوجوا فقراء يغنكم الله فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن وفي القرآن غنية عنه وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ولله الحمد والمنة وقوله تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء انتهى المقصود وبما ذكرناه آنفا وما نقلناه عن الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآيتين يتضح للقراء حقيقة معناهما وأنهما يدلان على شرعية النكاح والحث عليه لما فيه من المصالح العظيمة التي منها قضاء الوطر وعفة الفرج وغض البصر وتكثير النسل أما الاستدلال بهما على جواز قطع الحمل وتحديد النسل ففي غاية من الغرابة والبعد عن الصواب

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فهو دال على ما دلت عليه الآيتان من الحث على النكاح والترغيب فيه وبيان بعض حكمه وأسراره ودال أيضا على أن من عجز عن النكاح يشرع له الاشتغال بالصوم؛ لأنه يضعف الشهوة ويضيق مجاري الشيطان فهو من أسباب العفة وغض البصر وليس فيه حجة بوجه ما على إباحة قطع الحمل أو تحديد النسل وإنما فيه تأخير عند العجز إلى زمن القدرة وشرعية تعاطي أسباب العفة حتى لا يقع في الحرام وأما الاحتجاج بأحاديث العزل على تحديد النسل فهو من جنس ما قبله بعيد عن الصواب مخالف لمقاصد الشرع؛

لأن العزل هو إراقة المني خارج الفرج لئلا تحمل المرأة وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه مثل كون المرأة مريضة أو مرضعة فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها فيعزل لهذا الغرض أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما ثم يترك ذلك وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل لغرض شرعي وهذا لا محذور فيه في أصح الأقوال عند العلماء كما دلت عليه أحاديث العزل ثم إن العزل لا يلزم منه عدم الحمل فقد يسبقه المني أو بعضه فتحمل المرأة بإذن الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الواردة في العزل ليس من نفس مخلوقة إلا الله خلقها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس من كل الماء يكون الحمل  فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاه حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسئول

مقال نشر في حدود عام 1385 هـ عندما كان سماحة الشيخ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00412

حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله  .

اطلعت على ما نشرته صحيفة اليمامة في عددها الصادر في 18 / 3 / 1385 هـ تحت عنوان حول مشكلة الأسبوع وقرأت ما كتبه الأستاذ ناصر بن عبد الله في حل مشكلة الأخت في الله معل المنوه عنها في العدد الصادر في 11 / 3 / 1385 هـ تحت عنوان خذيني إلى النور

وقرأت أيضا ما كتبه ابن السراة في حل المشكلة ذاتها فألفيت ما كتبه الأستاذ ناصر حلا جيدا مطابقا للحق ينبغي للأخت صاحبة المشكلة أن تأخذ به وأن تلزم الأخلاق الفاضلة والأدب الصالح والصبر الجميل وبذلك تتغلب على جميع الصعوبات وتحمد العاقبة إن شاء الله  .

وإذا كان الضرر الذي تشكو منه من جهة الزوج وعدم عدله فلتطلب منه إصلاح السيرة بلطف وإحسان وصبر جميل وبذلك نرجو أن تدرك مطلوبها وبقاؤها في البيت عنده أقرب إلى العدل إن شاء الله  .

أما إن كان الضرر من الضرة فالواجب على الزوج أن يمنع ضرر الضرة أو يسكن صاحبة المشكلة في بيت وحدها ويقوم بما يلزم لها من النفقة وإيجاد مؤنسة إذا كانت لا تستطيع البقاء في البيت وحدها والواجب عليه أن ينصف من نفسه وأن يتحرى العدل ويبتعد عن جميع أنواع الضرر فإن لم يقم بذلك ولم تجد في أقاربه وأصدقائه من يحل المشكلة فليس أمامها سوى رفع أمره إلى المحكمة  .

وينبغي لها قبل ذلك أن تضرع إلى الله سبحانه وتسأله بصدق أن يفرج كربتها ويسهل أمرها ويهدي زوجها وضرتها للحق والإنصاف  .

وعليها أيضا أن تحاسب نفسها وأن تستقيم على طاعة ربها وأن تتوب إليه سبحانه من تقصيرها في حقه وحق زوجها فإن العبد لا يصيبه مصيبة إلا بما كسب من سيئات كما قال الله سبحانه وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ وقال تعالى مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ

وأما حل ابن السراة للمشكلة فهو حل صادر من جاهل بالشريعة وأحكامها وهو في أشد الحاجة إلى أن يؤخذ إلى النور ويوجه إلى الحق؛ لأنه قد وقع فيما هو أشد خطورة وأكثر ظلمة مما وقعت فيه صاحبة المشكلة وما ذاك إلا لأنه عاب تعدد الزوجات وزعم أنه داء خطير يجب أن نحاربه بكل وسيلة من شأنها الحد من تفشي هذا الداء العضال الذي يهدد استقرار مجتمعنا وأهاب بالحكومة إلى منعه  .

وزعم أيضا أن الذي يسعى في تعدد الزوجات جاهل يجب علينا أن نتعاون على الحيلولة دون تحقيق رغباته الحيوانية واستئصال هذا الداء من شأفته  .

وزعم أيضا أنه ما دخل التعدد في أسرة إلا وشتت شملها وأقض مضجعها إلخ  .

وأقول أن هذا الكلام لا يصدر من شخص يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أن الكتاب العزيز والسنة المطهرة جاءا بالتعداد وأجمع المسلمون على حله فكيف يجوز لمسلم أن يعيب ما نص الكتاب العزيز على حله بقوله تعالى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا الآية  .

فقد شرع الله لعباده في هذه الآية أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع بشرط العدل وهذا الجاهل يزعم أنه داء خطير ومرض عضال مشتت للأسرة ومقض للمضاجع يجب أن يحارب ويزعم أن الراغب فيه مشبه للحيوان وهذا كلام شنيع يقتضي التنقص لكل من جمع بين زوجتين فأكثر وعلى رأسهم سيد الثقلين محمد صلى الله عليه وسلم  .

فقد جمع صلى الله عليه وسلم بين تسع من النساء ونفع الله بهن الأمة وحملن إليها علوما نافعة وأخلاقا كريمة وآدابا صالحة  .

وكذلك النبيان الكريمان داود وسليمان عليهما السلام فقد جمعا بين عدد كثير من النساء بإذن الله وتشريعه وجمع كثير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان وفي تعدد النساء مع تحري العدل مصالح كثيرة وفوائد جمة .

منها عفة الرجل وإعفافه عددا من النساء  .

ومنها كفايته لهن وقيامه بمصالحهن .

ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها وكثرة من يعبد الله .

ومنها مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم الأمم يوم القيامة .

إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة .

أما الجاهل الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود وينظر إلى الغرب والشرق بكل عينيه معظما مستحسنا كل ما جاء منهما فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساء .

وقد كان التعدد معروفا في الأمم الماضية ذوات الحضارة وفي الجاهلية بين العرب قبل الإسلام فجاء الإسلام وحدد من ذلك وقصر المسلمين على أربع وأباح للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك لحكم وأسرار ومصالح اقتضت تخصيصه صلى الله عليه وسلم بالزيادة على أربع وقد قصره الله على تسع كما في سورة الأحزاب .

وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية ومن رعايتها لمصالح المجتمع وعلاج مشاكله .

ولولا ضيق المجال وخوف الإطالة لنقلت لك أيها القارئ شيئا من كلامهم لتزداد علما وبصيرة .

وقد تنبه بعض أعداء الإسلام لهذا الأمر واعترفوا بحسن ما جاءت به الشريعة في هذه المسألة رغم عداوتهم لها إقرارا بالحق واضطرارا للاعتراف به .

وأنا أنقل لك بعض ما اطلعت عليه من ذلك وإن كان في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكلام علماء الإسلام ما يشفي ويغني عن كلام كتاب أعداء الإسلام ولكن بعض الناس قد ينتفع من كلامهم أكثر مما ينتفع من كلام علماء الإسلام بل أكثر مما ينتفع من الآيات والأحاديث وما ذاك إلا لما قد وقع في قلبه من تعظيم الغرب وما جاء عنه فلذلك رأيت أن أذكر هنا بعض ما اطلعت عليه من كلام كتاب وكاتبات الغرب .

قال في المنار جزء 4 صفحة 485 منه نقلا عن جريدة ( لندن ثروت ) بقلم بعض الكتاب ما ترجمته ملخصا ( لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعم البلاء ودل الباحثون عن أسباب ذلك وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحبا وماذا عسى يفيدهن بشيء حزني ووجعي وتفجعي وإن شاركني فيه الناس جميعا إذ لا فائدة إلا في العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة  .

ولله در العالم ( توس ) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكافل للشفاء وهو الإباحة للرجل التزوج بأكثر من واحدة وبهذه الوساطة يزول البلاء لا محالة وتصبح بناتنا ربات بيوت فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوروبى على الاكتفاء بامرأة واحدة فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد وقذف بهن إلى التماس أعمال الرجال ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج بأكثر من واحدة  .

أي ظن وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كلا وعالة وعارا في المجتمع الإنساني فلو كان تعدد الزوجات مباحا لما حاق بأولئك الأولاد وبأمهاتهم ما هم فيه من العذاب والهوان ولسلم عرضهن وعرض أولادهن فإن مزاحمة المرأة للرجل ستحل بنا الدمار ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل وعليه ما ليس عليها وبإباحة تعدد الزوجات تصبح كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين )  .

ونقل في صفحة 362 عن كاتبة أخرى أنها قالت ( لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة حيث الخادمة والرقيق تنعمان بأرغد عيش ويعاملان كما يعامل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء .

نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال فما بالنا لا نسعى وراءها بجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها اهـ  .

وقال غيره قال غوستاف لوبون إن نظام تعدد الزوجات نظام حسن يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تمارسه ويزيد الأسر ارتباطا ويمنح المرأة احتراما وسعادة لا تجدهما في أوربا ) .

ويقول برنارد شو الكاتب :

( إن أوربا ستضطر إلى الرجوع إلى الإسلام قبل نهاية القرن العشرين شاءت أم أبت )

هذا بعض ما اطلعت عليه من كلام أعداء الإسلام في محاسن الإسلام وتعدد الزوجات وفيه عظة لكل ذي لب والله المستعان .

أما حكم ابن السراة فلا شك أن الذي قاله في تعدد النساء تنقص للإسلام وعيب للشريعة الكاملة واستهزاء بها وبالرسول صلى الله عليه وسلم وذلك من نواقض الإسلام فالواجب على ولاة الأمور استتابته عما قال فإن تاب وأعلن توبته في الصحيفة التي أعلن فيها ما أوجب كفره فالحمد لله  .

ويجب مع ذلك أن يؤدب بما يردعه وأمثاله وإن لم يتب وجب أن يقتل مرتدا ويكون ماله فيئا لبيت المال لا يرثه أقاربه .

قال تعالى قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ

وقال تعالى في حق الكفرة ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

فنبه سبحانه عباده إلى أن من استهزأ بدينه أو كره ما أنزل كفر وحبط عمله .

وقال سبحانه في آية أخرى ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

ولا ريب أن ابن السراة قد كره ما أنزل الله من إباحة تعدد النساء وعاب ذلك؛ وزعم أنه داء عضال فيدخل في حكم هذه الآيات والأدلة على هذا المعنى كثيرة .

ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لمحبة ما شرعه لعباده والتمسك به والحذر مما خالفه وأن ينصر دينه وحزبه ويخذل الباطل وأهله إنه سميع قريب .

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه

تعليق على ما نشرته صحيفة اليمامة في عددها الصادر في 18 / 3 /1385 هـ تحت عنوان حول مشكلة الأسبوع

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00392

ليس الجهاد للدفاع فقط

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، ونسأله عز وجل التوفيق لإصابة الحق إنه على كل شيء قدير

أما بعد : فما كان الكثير من كتاب العصر قد التبس عليهم الأمر في أمر الجهاد ، وخاض كثير منهم في ذلك بغير علم ، وظنوا أن الجهاد إنما شرع للدفاع عن الإسلام ، وعن أهل الإسلام ، ولم يشرع ليغزو المسلمون أعداءهم في بلادهم ، ويطالبوهم بالإسلام ويدعوهم إليه ، فإن استجابوا وإلا قاتلوهم على ذلك ، حتى تكون كلمة الله هي العليا ، ودينه هو الظاهر . لما كان هذا واقعا من بعض الناس ، وصدر فيه رسائل وكتابات كثيرة ، رأيت أن من المستحسن بل مما ينبغي أن تكون محاضرتي في هذه الليلة ، في هذا الشأن بعنوان : ( ليس الجهاد للدفاع فقط ) ، فأقول والله سبحانه وتعالى هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل :

إن الله عز وجل وله الحمد والمنة بعث الرسل وأنزل الكتب لهداية الثقلين من الجن والإنس ، ولإخراجهم من الظلمات إلى النور فضلا منه وإحسانا ، وكان الله عز وجل قد فطر العباد على معرفته ، وتوحيده وخلقهم لهذا الأمر ، خلقهم ليعبدوه ويطيعوه ، ولكنه سبحانه لعلمه بأحوالهم وأن عقولهم لا يمكن أن تستقل بمعرفة تفاصيل عبادته التي ترضيه عز وجل ، ولا يمكن أن تستقل بمعرفة الأحكام العادلة التي ينبغي أن يسيروا عليها ، ولا يمكن أن تستقل بمعرفة الأخلاق والصفات التي ينبغي أن يتخلقوا بها ، أرسل سبحانه وتعالى رسلا مبشرين ومنذرين ، ليوجهوا أهل الأرض من المكلفين ، إلى توحيده سبحانه والإخلاص له ، وبيان الأخلاق والأعمال التي ترضيه سبحانه ، وليحذروهم من الأعمال والأخلاق التي تغضبه عز وجل ، وليرسموا لهم النظم والخطط التي ينبغي أن يسيروا عليها ، وأنزل الكتب لإيضاح هذا الأمر وبيانه؛ لأنه سبحانه هو العالم بأحوال عباده ، العالم بما يصلحهم ، العالم بما فيه سعادتهم العاجلة والآجلة ، فهو عالم بأحوالهم الحاضرة ، وبأحوالهم الماضية ، وبأحوالهم المستقبلة ، فلهذا أرسل الرسل ، وأنزل الكتب لبيان حقه والإرشاد إليه ، وتوجيه الناس إلى أسباب النجاة وإلى طرق السعادة في المعاش والمعاد ، وأنزل الكتب لبيان هذا الأمر العظيم ، قال جل وعلا في كتابه المبين : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ وقال عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا وقال عز وجل : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ وقال سبحانه وتعالى : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ وبين الله سبحانه وتعالى أنه هو الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، وبين أن رسله أرسلوا بالبينات ، وأنزل معهم سبحانه الكتاب والميزان بالقسط .

والمراد بالكتاب : الكتب السماوية وهي كلامه جل وعلا ، وهو الذي لا أصدق منه : وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا

والميزان وهو : العدل ، يعني : الشرائع المستقيمة ، والأحكام العادلة التي تشتمل على أسباب السعادة في الدنيا والآخرة .

هكذا أرسل الرسل ، وهكذا أنزل الكتب ، أنزل الكتب السماوية التي أشرفها وأعظمها كتاب الله العظيم القرآن ، وأنزل قبل ذلك التوراة والإنجيل وكتبا أخرى على أنبيائه ورسله ، عليهم الصلاة والسلام ، فيها الشرائع والأحكام والتوجيه إلى الخير والتحذير من الشر ، وكان فيما مضى يرسل سبحانه وتعالى إلى كل قوم رسولا منهم ، يوجههم إلى الخير ، ويأمرهم بتوحيد الله وينذرهم من الشرك بالله ، ويشرع سبحانه لهم الشرائع وهو الحكيم العليم الرحيم جل وعلا ، وكل رسول أرسله الله إلى أمة أرسله بالتوحيد الذي هو زبدة دعوة الرسل كلهم ، وأمرهم بحب الله جل وعلا ، والإخلاص له ، وتوجيه القلوب إليه سبحانه ، وشرع لهم من الشرائع على لسان رسولهم ما يليق بهم ، وبمجتمعهم وزمانهم وظروفهم على ما تقتضيه حكمة الرب عز وجل ، ورحمته ولطفه جل وعلا ، وعلمه بأحوالهم سبحانه وتعالى .

محاضرة ألقاها سماحة الشيخ  عبد العزيز بن باز عندما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة  في دار الحديث بالمدينة في أول موسم المحاضرات لعام 88 - 89 هـ في الجهاد

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00162

حكم من زعم أن عيسى عليه السلام لم يرفع إلى السماء

أو أنه لا ينزل آخر الزمان

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سار سيرته واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فقد ورد لي سؤال من الباكستان بإمضاء الأخ في الله الشيخ منظور أحمد رئيس الجامعة العربية جنيوت بباكستان الغربية وهذا نص السؤال:

(ما قول السادة العلماء الكرام في حياة سيدنا عيسى عليه السلام ورفعه إلى السماء بجسده العنصري الشريف ثم نزوله من السماء إلى الأرض قرب يوم القيامة، وأن ذلك النزول من أشراط الساعة، وما حكم من أنكر نزوله قرب يوم القيامة، وادعى أنه صلب وأنه لم يمت بذلك بل هاجر إلى كشمير (الهند) وعاش فيها طويلا ومات فيها بموت طبيعي وأنه لا ينزل قبل الساعة بل يأتي مثيله، أفتونا مأجورين؟) انتهى.

الجواب: وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وأنه لم يمت ولم يقتل ولم يصلب، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة. وقد أجمع علماء الإسلام الذين يعتمد على أقوالهم على ما ذكرناه وإنما اختلفوا في التوفي المذكور في قول الله عز وجل: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ على أقوال أحدهما: أن المراد بذلك وفاة الموت لأنه الظاهر من الآية بالنسبة إلى من لم يتأمل بقية الأدلة. ولأن ذلك قد تكرر في القرآن الكريم بهذا المعنى مثل قوله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ وقوله سبحانه وتعالى. وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ في آيات أخرى قد ذكر فيها التوفي بمعنى الموت وعلى هذا المعنى يكون في الآية تقديم وتأخير.

القول الثاني: معناه القبض، نقل ذلك ابن جرير في تفسيره عن جماعة من السلف، واختاره ورجحه على ما سواه، وعليه فيكون معنى الآية: إني قابضك من عالم الأرض إلى عالم السماء وأنت حي ورافعك إلي. ومن هذا المعنى قول العرب: توفيت مالي من فلان أي قبضته كله وافيا.

والقول الثالث: إن المراد بذلك وفاة النوم؛ لأن النوم يسمى وفاة وقد دلت الأدلة على عدم موته عليه السلام فوجب حمل الآية على وفاة النوم جمعا بين الأدلة كقوله سبحانه وتعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وقوله عز وجل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ
مُسَمًّى
والقولان الأخيران أرجح من القول الأول، وبكل حال فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين أنه عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء حيا، وأنه لم يمت بل لم يزل عليه السلام حيا في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان ويقوم بأداء المهمة التي أسندت إليه المبينة في أحاديث صحيحة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه ومن هنا يعلم أن تفسير التوفي بالموت قول ضعيف مرجوح، وعلى فرض صحته فالمراد بذلك التوفي الذي يكون بعد نزوله في آخر الزمان فيكون ذكره في الآية قبل الرفع من باب المقدم ومعناه التأخير. لأن الواو لا تقتضي الترتيب كما نبه عليه أهل العلم والله الموفق.

وأما من زعم أنه قد قتل أو صلب فصريح القرآن يرد قوله ويبطله وهكذا قول من قال إنه لم يرفع إلى السماء وإنما هاجر إلى كشمير وعاش بها طويلا ومات فيها بموت طبيعي وإنه لا ينزل قبل الساعة وإنما يأتي مثيله فقوله ظاهر البطلان بل هو من أعظم الفرية على الله تعالى والكذب عليه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم .

فإن المسيح عليه السلام لم ينزل إلى وقتنا هذا وسوف ينزل في مستقبل الزمان كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما تقدم يعلم السائل وغيره أن من قال إن المسيح قتل أو صلب، أو قال إنه هاجر إلى كشمير ومات بها موتا طبيعيا ولم يرفع إلى السماء، أو قال إنه قد أتى أو سيأتي مثيله، وإنه ليس هناك مسيح ينزل من السماء فقد أعظم على الله الفرية بل هو مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن كذب الله ورسوله فقد كفر، والواجب أن يستتاب من قال مثل هذه الأقوال، وأن توضح له الأدلة من الكتاب والسنة فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتل كافرا.

والأدلة على ذلك كثيرة معلومة منها قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام في سورة النساء: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ومنها ما توافرت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام ينزل في آخر الزمان حكما مقسطا فيقتل مسيح الضلالة ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وهي أحاديث متواترة مقطوع بصحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أجمع علماء الإسلام على تلقيها بالقبول والإيمان بما دلت عليه وذكروها في كتب العقائد، فمن أنكرها متعلقا بأنها أخبار آحاد لا تفيد القطع، أو أولها على أن المراد بذلك تمسك الناس في آخر الزمان بأخلاق المسيح عليه السلام من الرحمة والعطف، وأخذ الناس بروح الشريعة ومقاصدها ولبابها لا بظواهرها، فقوله ظاهر البطلان مخالف لما عليه أئمة الإسلام بل هو صريح في رد النصوص الثابتة المتواترة، وجناية على الشريعة الغراء، وجرأة شنيعة على الإسلام، وأخبار المعصوم عليه الصلاة والسلام، وتحكيم للظن والهوى، وخروج عن جادة الحق والهدى، لا يقدم عليه من له قدم راسخ في علم الشريعة وإيمان صادق بمن جاء بها، وتعظيم لأحكامها ونصوصها، والقول بأن أحاديث المسيح أخبار آحاد لا تفيد القطع قول ظاهر الفساد؛ لأنها أحاديث كثيرة مخرجة في الصحاح والسنن والمسانيد متنوعة الأسانيد والطرق، متعددة المخارج قد توافرت فيها شروط التواتر، فكيف يجوز لمن له أدنى بصيرة في الشريعة أن يقول باطراحها وعدم الاعتماد عليها. ولو سلمنا أنها أخبار آحاد فليس كل أخبار الآحاد لا تفيد القطع بل الصحيح الذي عليه أهل التحقيق من أهل العلم أن أخبار الآحاد إذا تعددت طرقها واستقامت أسانيدها وسلمت من المعارض المقاوم تفيد القطع، والأحاديث في هذا الباب بهذا المعنى فإنها أحاديث مقطوع بصحتها متعددة الطرق والمخارج ليس في الباب ما يعارضها فهي مفيدة للقطع سواء قلنا إنها أخبار آحاد أو متواترة، وبذلك يعلم السائل وغيره بطلان هذه الشبهة، وانحراف قائلها عن جادة الحق والصواب، وأشنع من ذلك وأعظم في البطلان والجرأة على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم قول من تأولها على غير ما دلت عليه فإنه قد جمع بين تكذيب النصوص وإبطالها، وعدم الإيمان بما دلت عليه، من نزول عيسى عليه السلام وحكمه بين الناس بالقسط، وقتله الدجال وغير ذلك مما جاء في الأحاديث، وبين نسبة الرسول

صلى الله عليه وسلم الذي هو أنصح الناس وأعلمهم بشريعة الله إلى التمويه والتلبيس وإرادة غير ما يظهر من كلامه وتدل عليه ألفاظه، وهذا غاية في الكذب والافتراء والغش للأمة الذي يجب أن يتنزه عنه مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا القول يشبه قول الملاحدة الذين نسبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى التخييل والتلبيس لمصلحة الجمهور، وأنهم ما أرادوا مما قالوه الحقيقة. وقد رد عليهم أهل العلم والإيمان، وأبطلوا مقالاتهم بغاية البيان وساطع البرهان، فنعوذ بالله من زيغ القلوب والتباس الأمور ومضلات الفتن ونزغات الشيطان، ونسأله عز وجل أن يعصمنا والمسلمين من طاعة الهوى والشيطان إنه على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونرجو أن يكون فيما ذكرناه مقنع للسائل وإيضاح للحق والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين

 

 

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00159

خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.

ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارا أو اضطرارا بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي، والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه .

والأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط؛ لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.

وإخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها .

فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه .

ومعلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا يختلف تماما عن تركيب الرجال هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها.

ومعنى هذا: أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذكور وإناث؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم قد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار والطمأنينة إلا فيها وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.

والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه .

فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى.

قال الله جل وعلا: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها كما دلت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.

والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلا لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.

قال الله جل وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ الآيتان.

يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض النظر وحفظ الفرج عن الزنا ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم. ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها ولا شك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.

وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها؛ لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير، كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به؟

والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلي الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ يعني مرض الشهوة. فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟

ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها، ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام، والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب، وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها، وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء، والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية.

وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب؛ لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر، وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي، وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم، سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء

نشر هذا الموضوع مركز الدعوة الإسلامية بلاهور. باكستان الطبعة الأولى في ربيع الثاني عام 1399 هـ الموافق مارس 1979 م.