الفكر الإسلامى ومهاجمته للعقيد ةالمسيحية
تآملات فى لاهوت المسيح فى القرآن:
الوحى فى اليهودية وفى الإسلام وحى كلام وحى كتاب منزل! أما فى المسيحية فصار كلام الله وبحسب الواقع القرآنى والإنجيلى شخصا منزلا: إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح. (آل عمران 45).
لا يتماشى هذا النص القرآنى الكريم مع الوحى الإنجيلى المقدس القائل: (الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى إبنه كلمته الذى جعله وراثا لكل شئ الذى به أيضا عمل العالمين كل الأشياء بكلمة قدرته) (عبرانيين1: 1-4).
لقد خلق الله الكائنات بكلمته ، وكلمة الله الخلقة ليست حرفا "كن" ولا صوتا ، ولا هو شبيه بكلام الآخرين.
إن كلمة الله الخلقة هو فعل والفعل قدرة وكلاهما الفعل والقدرة يعنيان ذات قائمة أى اقنوم بحسب التعبير السريانى المسيحى أقنوم قائم فى الذات الإلهية منذ الأزل وإلى الأبد.
عندما قدر الله فى الأزل ختم النبورة بكلمته الملقاه إلى مريم (وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم" (مائدة 46 ، وحديد 27).
إن المتأمل بقصة ولادة مريم الواردة فى القرآن من إمرأة مسنة عاقر وكيف عصمها وطهرها الله منذ أن حبلت بها أمها إلى أن قضت "وإنى أعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها وبها قبول حسن" (آل عمران 35).
فليلاحظ القارئ التسلسل الإلهى للأحداث أولا تطهير وأصطفاء الله نسب المسيح ثم تبع ذلك عصمة مريم من الشيطان فى حبل أمها بها وفى أثناء ولادتها ثم ختم الله هذه الأحداث فى أصطفاء وتطهير أى إعداد مريم لهذا الحبل الإلهى. أليس فى هذا كله دلالة على أن الكلمة الملقاة إلى مريم هو حقا قدوس طاهر؟.
بعد أن ولدت إمرا’ عمران أبنتها مريم أخذتها ووضعتها فى الهيكل أى المحراب فأنقطعت مريم منذ صغرها للعبادة والقداسة "يا مريم أقنتى لربك واسجدى وأركعى مع الراكعين" (آل عمران 40).
حتى طعامها الأرضى كان من الجنة: كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب"
ترى أى نوع من التهيئة الإلهية هذا؟ أهو حجر إلهى صحى؟
ألهذا الحد يصل الحرص والإهتمام الإلهى؟
لماذا؟
أهو لشخص مريم أم تراه للذى سوف تحمله مريم فى أحشائها التى قدسها الله مسبقا لهذا الحبل الإلهى؟
ألهذا الحد الكلمة الملقاة لمريم قدوس وطاهر حتى يعد الله السبل بهذه الطرق الغريبة والفريدة والمتميزة؟
ألا يستحق هذا الكائن الغريب كل تأمل وتسائل؟
لم تقتصر هذه التهيئة الإلهية على أصطفاء نسل المسيح البشرى ولا على إصطفاء وتطهير أمه بل هذه التهيئة لحقتها تهيئة أخرى من نوع أخر. هدفها هو إعداد الطريق أمام كلمة الله الملقاه لملاريم.
هذا هو الدور الذى من أجله وجد يحيى بن زكريا فيحيى القرآن هو معمدان الإنجيل الذى إقتصر دوره على إعداد الطريق أمام كلمة الله والشهادة له: صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب إصنعوا سبله مستقيمة. (متى3: 1-17).
ويوحنا شهد له: (يو1: 15)
سؤال: ألم يتشابه دور معمدان الإنجيل مع دور يحيى القرآن؟ فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب إن الله يبشرك (يا زكريا) بيحيى مصدقا بكلمة من الله.
قال الزمخشرى: مصدقا بكلمة من الله: أى مصدقا بعيسى مؤمنا به وهو أول من آمن بعيسى.
وقال الرازى: إن المراد بكلمة منا لله هو عيسى.
وعن إبن عباس: مصدقا بكلمة من الله أى بعيسى لأن يحيى هو أول من آمن بأن عيسى هو كلمة الله وروحه.
وعن قتادة: مصدقا بكلمة من الله أى مصدقا بعيسى ابن مريم وعلى سنته ومنهاجه.
وعن الضحاك: أن الله يبشرك بييى مصدقا بكلمة من الله أى مصدقا بعيسى وشهد أنه كلمة الله.
إن دور معمدان الإنجيل هو نفس دور يحيى القرآن الشهادة والتصديق لكلمة الله.
عن مجاهد أنه قال: قالت إمرأة زكريا لمريم إنى أجد الذى فى بطنى يتحرك للذى فى بطنك. راجع الطبرى لشرحه لآية آل عمران 39.
مجاهد أورد فقد خبر تحرك الجنين فى بطن إمرأة زكريا للذى فى بطن مريم ، لكنه لم يذكر السبب أو سبب هذا الإرتكاض يقول الإنجيل المقدس وبحسب البشير لوقا1: 39-45: (ودخلت مريم بيت زكريا وسلمت على إمرأته فلما سمعت إمرأة زكريا سلام مريم إرتكض الجنين فى بطنها وأمتلأت من الروح القدس... وصرخت إمرأة زكريا بصوت عظيم.. فمن أين لى هذا أن تأتى أم ربى).
هل فكرت أيها الباحث عن الحقيقة بصدق وأمانة وشجاعة بهذا الواقع القرآنى؟
وهل سألت نفسك ولو لمرة واحدة فقط لماذا المسيح وحده ودون البشر أجمعين قد حظى بهذا الأهتمام الإلهى؟
لماذا المسيح وحدة قد ولد بهذه الطريقة العجيبة والفريدة والمتميزة؟
لماذا المسيح وحده قد أيد بالروح القدس؟
لماذا المسيح وحده استطاع أن يخلق؟
وأن يتحدث فى المهد وأن يتنبأ بالغيب وأن يحفظ من الخطيئة؟ (أى كان معصوم).
هل فى هذه جميعا أى مؤشر إلهى لنا نحن البشر؟ كأن الله يريد أن يقول لنا وبشكل واضح ومنذ البداية أن من يولد بطريقة مخالفة عن عادة البشر هو مختلف عن البشر بجميع أحواله وأعماله ورسالته. أعتقد أن أى مسلم صادق فى إيمانه بالله لا يخشى إلا غضب الله وخيانه ضميره والحقيقة ، يعطى لنفسه الفرصة الصادقة والجادة والشجاعة للمعرفة والبحث النزيه والواعى والشجاع فى النصوص القرآنية التى ذكرت المسيح فى جميع أحواله وأعماله ثم يقارن هذه النصوص بالنصوص القرآنية التى ذكرة أنبياء الله بجميع أحوالهم وأعمالهم إبتداء من آدم وأنتهاءا بمحمد ، فإنه ومن المؤكد أن الباحث سيتوصل إلى حقيقة كون المسيح هو كلمة الله أى نطق الله الذاتى (اللوغس بحسب التعبير اليونانى) خصوصا وأن القرآن ملئ بالنصوص والمؤشرات التى تؤيد هذه الحقيقة.
أود أن أسأل سؤالا هنا: لو كان المسيح مجرد نبى عادى كمثل آدم كما يظن ويدعى المتجاهلين عن الحقيقة إذن فبماذا تعللون ترفع وإنفرد وتفرد المسيح عن الخلائق أجمعين إبتداءا من الحبل به وأنتهاء برفعه وبعثه حيا لينشر فى الأرض العدل والسلام؟.
هل لديكم سبب اكثر إقناعا لهذا الترفع والتفضيل والتمييز الذى أمتاز وأنفرد به مسيح الله على العالمين؟؟؟.
بشرت الملائكة مريم قبل أن تحمل به ، إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح.
ثم أخذ بعد ذلك الملائكة تعدد للوادة صفات مولودها: كلمة الله وعبدالله وروح الله وكهلا من الصالحين.
ويكلم الناس فى المهد ويخلق من الطين طير ويحيى الموتى ويشفى المرضى وعليم بالساعة ومنبئ بالغيب ومؤيد بالروح القدس.
أعتقد أن أى مسلم يسعى بصدق وأمانة لنفسه الفرصة الصادقة والجادة والشجاعة للبحث النزية والواعى فى النصوص القرآنية الكريمة التى ذكرت المسيح فى جميع أحواله وأعماله ثم يقارن هذه النصوص مع ما نؤمن به ونقره نحن المسلمين ويقره القرآن معنا جوهريا ويعارضه ظاهريا وذلك للأسباب التى ذكرناها وبيناها سابقا. فإنه يتوصل وبكل تأكيد إلى حقيقة كون المسيح هو كلمة الله أى نطق الله الذاتى.
دعونا نفتح باب التفكير والتأمل وذلك من خلال طرح بعض الأسئلة التى سنطرحها عليكم: أن الأنبياء بحسب المعتقد الإسلامى الذى ذكرهم القرآن الكريم: آدم ، آدريس ، نوح ، هود ، صالح ، إبراهيم ، إسماعيل ، إسحاق ، يعقوب ، يونس ، يوسف ، لوط ، شعيب ، ذو الكفل ، أيوب ، موسى ، هارون ، إلياس ، أليشع ، داود ، سليمان ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، محمد. سؤال: أيا من أولئك الأنبياء قد حبل به بمعجزة "أى من غير أب". قد يقول قائل آدم فهو ليس فقط من غير أب بل ومن غير أم أيضا. ونحن بدورنا نجيب فنقول: أن خلق آدم بدون أب ولا أم ليس معجزة ، إذ أن المعجزة هى خرق للعادة ، وخلق آدم بدون أب ولا أم هو بدء لناموس الطبيعة البشرية ولا خرق فيه للعادة. أما مولد المسيح من أم وبلا أب فهو خرق للعادو وهو المعجزة بعينها لأن مولد المسيح لا يعتبر بدء لناموس الطبيعية البشرية وولادة بدون زرع بشرى (وساطة) هو خرق لكل العادات.