الفكر الإسلامى ومهاجمته للعقيد ةالمسيحية
شهادة الكتاب المقدس:
قال السيد المسيح له المجد فى حديثه مع المرأة السامرية: (لأن الخلاص هو من اليهود) (يو4: 22) وقديما قال أشعياء النبى: لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب (أش2: 3) لأجل هذا ابتدأت الكرازة بأسمة من أورشليم (لو24: 47).
إن كان يسوع المسيح قد جاء من اليهود فاليهود لم يقبلوه مع أنه جاء منهم فقط (يو1: 11) لكنه لم يأت لهم فقط ، فقد جاء للعالم كله ، حقا لقد كانت أمة اليهود هى الأمة التى أستؤمنت على أقوال الله (رؤ3: 1 ، 2). لأجل هذا ظهر فيهم الآباء (رؤ9: 4 ، 5) وولد منهم المسيح (يو 11) لأن العالم كله كان مغموسا فى الشر ، ليس من يعمل صلاحا ، وليس ولا واحد ، الجميع زاغوا وفسدوا (رومية 5) فرأى الله أن يعزل هذه الأمة عن كافة الأمم البشرية كنوع من العزل الوقائى كما يعزل السليم عن المريض حتى لا تصيبه العدوى. وهذا لكى يحتفظ الله بالرموز والنبؤات وكلام الأنبياء والطقوس حتى مجئ السيد المسيح فى شعب خاص لم يصاب بمرض الوثنية.
وعندما جاء المسيح لم يبق بعد يهودى ولا أممى ، لأن الجميع فى المسيح واحد ، لقد اجتمع فى ميلاده المجوس (الأمم) مع الرعاة (اليهود). لأن الكل له وهو للكل.
أمثلة إيضاحية:
أ- جزة الصوف:
ظهر الله لجدعون لكى يشجعه ويؤازره لخلاص بنى إسرائيل وأعطى جدعون علامة لله ، فقال: إن كنت تخلص بنى إسرائيل كما تكلمت فها إنى واضع جزة الصوف فى البيدر ، فإن كان طل على الجزة وحدها وجفاف على الأرض كلها علمت أنك تخلص بيدى إسرائيل كما تكلمت ، وكان كذلك فبكر فى الغد وضغط الجزة فعصر طلا من الجزة ملأ قصعة ماء ، فقال جدعون لله لا يحم غضبك على فأتكلم هذه المرة فقط ، امتحن هذه المرة فقط بالجزة فليكن جفاف فى الجزة وحدها ، وعلى الأرض ليكن طل ، ففعل كذلك فى تلك الليلة فكان جفاف فى الجزة وحدها وعلى الأرض كلها كان طل (قض6: 36-40).
كانت الجزة مملؤة من المياه وكانت الأرض كلها جافة ، إشارة إلى حلول الله وسط شعب بنى إسرائيل واختياره لهم فقط ، ولأجل هذا كانت الضرورة تقشى أن يسمى شعب الله المختار ذلك الأسم الذى انتهى بانتهاء الغرض منه ، إذ صار كل من ؤمن بالسيد المسيح شعبا لله مختارا دون تحيز إلى عنصرية معينة ، أو لون معين ، أو لغة معينة ، أو جنس معين ، لكن الأمر قد تغير فصار جفاف فى الجرة وحدها وعلى كل الأرض بقى طل (قض6: 39-40).
حينما رفض بنو إسرائيل الإيمان بالسيد المسيح لأنهم لم يكونوا يتوقعوه هكذا وديعا متواضعا فقبله الأمم وتمت فى هذه نبؤة أشعياء النبى التى تقول "ها أمة لا تعرفها تدعوها وأمة لم تعرفك تركض إليك" (اش55: 5) وتمت نبوته أيضا التى تقول جعلتك نور للأمم لتكون خلاصا إلى اقصى الأرض" (أش49: 76). ونبوته التى تقول أصغيت إلى الذين لم يسألوا وجدت من الذين لم يطلبونى ، قلت ها أنذا لأمة لم تسمى بأسمى (أش65: 1). ونبوته التى تقول يكون فى ذلك اليوم أن أصل يسبى القائم وراية الشعوب أياه تطلب الأمم ، ويكون محلة ممجدا ، وأيضا ويكون فى آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا فى رأس الجبال. ويرتفع فوق التلالز وتجرى إليه كل الأمم ، وتسير شعوب كثيرة ، ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب. إلى بيت إله يعقوب فيعلمنا من طرقه ونسلك فى سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة ، ومن أورشليم كلمة الرب"(أش20: 2 ، 3).
قال يوئيل النبى "ويكون فى ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيرا ، والتلال تفيض لبنا وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء ومن الرب يخرج ينبوع ويسقى وادى السنط" (يوئيل3: 18). يوضح كل هذا أن الخلاص يخرج منهم ولا يكون قاصرا عليهم ، بل على العكس لقد خرج منهم الخلاص ، وكانوا هم الوحيدين الذين لم يستفيدوا منه ، فامتلأت الأرض بمعرفة الله كما تغطى المياه البحر ، ومع ذلك فالجزة لا تزال يابسة. فكانوا كالصنبور الذى يعطى الماء ولا يرتشفه ، وكالأجراس التى تدعو الناس لدخول الكنائس وهى لا تدخلها.
ب- مثال آخر: الآتان والجحش:
ح ينما دخل المسيح إلى أورشليم راكبا على آتان وجحش أبن آتان عملا بالنبوة التى فاه بها زكريا النبى (زك9: 9) ، (مت22: 2 ، 7). لماذا اختار الرب هذه الطريقة بالذات للدخول بها كملك؟. كان لهذا حكمة كبرى فالآتان ركب كثيرا من قبل وجلس عليه صاحبه وتملك من فوقه ، أما الجحش فلم يركب بعد ، ولم يتملك عليه صاحبه بعد ، ومع فارق المقارنة بين الإنسان والحيوان كان الجحش يشير إلى الأمم الذين لم يعرفوه ، وكان الآتان يشير إلى اليهود الذين بعد أن عرفوه ، رفضوه ، فخاصته لم تقبله أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون بأسمه (يور1: 11-12). لأجل هذا اقتضت حكمته أن يركب الإثنين لأنه صار لكليهما ، فلم يعد ملكوت الله ولم يعد الله حكرا على أرض معينة ، أو على شعب معين ، أو لأسرة معينة ، أو لمبادئ خاصة ، بل صار المسيح للعالم كله.
قال الرسول بولس:
"ليس يهودى ولا يونانى (الاختلاف العنصرى) ختان وغرلة (الاختلاف الدينى) ، بربرى وسكيسى (الاختلاف الحضارى). عبد ور (الاختلاف الاجتماعى) بل المسيح الكل وفى الكل (كو3: 11). ولم يعد هناك لله شعب دون الشعوب ، وصارت كنيسة المسيح إسرائيل الروحى الجديد ، ذلك لأن المسيح مع أنه منهم دون غيرهم (رؤ9: 4 ، 5) إلا أنه ليس لهم دون غيرهم (مت18: 20).