ابن
الزبعري
ومما
لا خفاء فيه أن ابن الزبعرى إنما ذنبه أنه كان
شديد العداوة لرسول الله
بلسانه ، فإنه كان من أشعر الناس ، وكان
يهاجي شعراء الإسلام مثل حسان وكعب ابن مالك ،
وما سوى ذلك من الذنوب قد شركه فيه وأربى عليه
عدد كثير من قريش .
ثم
إن ابن الزبعرى فر إلى
نجران
، ثم قدم على النبي لم مسلماً وله
أشعار
حسنة في التوبة والاعتذار ، فأهدر دمه للسب .
وقد
أخبر أن رسول الله
كتب
في قتل رجال بمكة لأجل هجائهم وأذاهم ، حتى فر
من فر منهم
إلى
نجران ، ثم رجع ابن الزبعري تائباً مسلماً ،
وأقام هبيرة بنجران حتى مات
مشركاً
، ثم إنه أهدر دم كعب لما قاله مع أنه ليس من
بليغ الهجاء ، لكونه طعن في دين الإسلام وعابه
، وعاب ما يدعو إليه رسول الله ، ثم إنه تاب
قبل القدرة عليه ، وجاء مسلماً وكان حربياً ،
ومع هذا فهو يلتمس العفو يقول
:
لا
تأخذني بأقوال
الوشاة
ولم أذنب .
ومن
ذلك : أن النبي كان يتوجه إلى قتل من يهجو
، ويقول
:
من
يكفيني عدوي ؟
قال
الأموي
سعيد بن يحيى بن سعيد في مغازية
: حدثنا
أبي قال : أخبرني عبد الملك
بن
جريج عن عكرمة عن عبد الله بن عباس أن رجلاً من
المشركين شتم رسول الله ، فقال رسول الله:
من
يكفيني
عدوي
؟
فقام
الزبير بن العوام فقال : أنا ، فبارزه ، فأعطاه
رسول الله سلبه ، ولا أحسبه إلا في خيبر حين
قتل ياسر ، ورواه عبد الرزاق أيضاً
وروى
أن رجلا كان يسب النبي فقال :
من
يكفيني
عدوي ؟
فقال
خالد : أنا ، فبعثه النبي
إليه ،فقتله .
وقال
ابن
إسحاق
:
حدثني
الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : مما
صنع الله لرسوله أن هذين الحيين من الأنصار ،
الأوس والخزرج ، كانا يتصاولان معه
تصاول
الفحلين ، لا يصنع أحدهما شيئاً إلا صنع الآخر
مثله ، يقولون : لا يعدون ذلك فضلا علينا في
الإسلام وعند رسول الله ، فلما قتل الأوس كعب
بن
الأشراف تذكرت الخزرج رجلاً هو في العدواة
لرسول الله مثله فتذاكروا ابن أبي الحقيق
بخيبر فاستأذنوا رسول الله
في قتله ،
فأذن
لهم ، و ذكر الحديث إلى أن قال : ثم صعدوا إليه
في علية له ، فقرعوا عليه
الباب
، فخرجت إليهم امرأته ، فقالت : من أنتم ؟
فقالوا : حي من العرب نريد الميرة
، ففتحت
لهم ، فألقت : ذا كم الرجل عندكم في البيت ، و
ذكر تمام الحديث في قتله .
فقد
تبين في حديث الباء وابن كعب إنما تسرى
المسلمون لقتله بإذن النبي لأذاه النبي
ومعداته له . وأنه كان نظير ابن
الأشراف
، و لكن ابن الأشراف كان معاهدا فآذى الله
ورسوله فندب المسلمين إلى قتله
وهذا
لم يكن معاهداً .