في الشروط العمرية  

لا بد لمن شاء درس تاريخ النصرانية في الإسلام، منذ الاحتلال الإسلامي-الفتح - إلى يومنا هذا ، من البحث في الأسباب والعوامل التي آدت إلى تقلص ظل المسيحية وانحطاطها في الشرق، بعد ان كانت شائعة في اعظم المعابد، سائدة في اكثر الأمصار. وأول ما يبدوا له من هذه الأسباب، بعد تغلب الدين الإسلامي، الشروط العمرية التي أوجبها الشرع الإسلامي على اهل الذمة، ومعظمهم من اهل الكتاب، وهذه الشروط هي التي جرت عليهم في كل حين أصناف المحن والشدائد، وأرغمت الكثيرين منهم الخروج من دين آبائهم، وانتحال الإسلام صيانة لدمائهم وأموالهم وأعراضهم، وهرباً من الذل والصغار. فأقفرت الديار والأديار، وعادت الكنائس مساجد والبيع معابد والصوامع جوامع لعبدة الشيطان كما قال العماد الاصبهاني في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لابى شامة 2/134.

نقول : الشروط العمرية هي مجموعة الشروط والأحكام التي بنيه عليها مظالم النصارى مدة  أربعة  عشر قرناً، وهي التي شتت شملهم في الشرق والغرب وأخلت بيعهم وديارا تهم، واستنزفت أموالهم ودماءهم وأباحت حرماتهم العامة والخاصة  فما هي تلك الشروط ؟.

 

 

الشروط  العمرية

قال الخلال في كتابه ( أحكام اهل الملل) : اخبرنا عبد الله بن احمد فذكره. وذكر سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الحمن بن غنم قال: كتبت  لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرطهم عليهم فيه:

1) ان لا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا 2) قلاية ولا صومعة راهب،

 3) ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم ان ينزلها أحد 4) من المسلمين ثلاثة ليالي يطعمونهم،

 5) ولا يؤووا جاسوساً،

 6)ولا يكتموا غشاً للمسلمين،

7) ولا يعلموا أولادهم القران،

 8) ولا يظهروا شركاً،

 9) ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام ان أرادوه،

 10) وان يوقروا المسلمين،

11) وان يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس،

12) ولا يتشبهوا بالمسلمين في شئ من لباسهم ولا يتكنوا

 13) بكناهم، ولا يركبوا سروجاً،

14) ولا يتقلدوا سيفاً،

15) ولا يبيعوا الخمور،

16)  وان يجزوا مقادم رؤوسهم ،

17) وان يلزموا زيهم حيثما كانوا،

18)  وان يشدوا الزنانير على أوساطهم،

19) ولا يظهروا صليبا ولا شئ من كتبهم في شئ من طرق المسلمين،

20)  ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم،

21)  ولا يضربوا بالناقوس الا ضربا خفيفاً،

21)  ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شئ من 22) حضرة المسلمين ،

23)  ولا يخرجوا شعانين،

24)  ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم،

25)  ولا يظهروا النيران_ الشموع_ معهم،

26)  ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين.

فان خالفوا شيئاً مما شرطوه، فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل لأهل الشقاق والمعاندة. أحكام اهل الذمة لابن القيم الجوزي 2/ 114 –115. راجع أيضا الجهاد لابن تيمية 2/223 والخراج لابو يوسف ص 140 -153 .

وقد تضمنت شروط عمر هذه جملاً من العلم تدور على ستة فصول:

الفصل الأول: في أحكام الكنائس والبيع والصوامع  وما يتعلق بذلك - البيعة هي الكنيس اليهودي-

الفصل الثاني: في أحكام ضيافتهم للمارة بهم وما يتعلق بها.

الفصل الثالث: فيما يتعلق بضرر المسلمين والإسلام.

الفصل الرابع : فيما يتعلق بتغيير لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في المركب والباس وغيره.

الفصل الخامس : فيما يتعلق في إظهار المنكر من أفعالهم وأقوالهم مما نهوا عنها.

الفصل السادس : في أمر معاملتهم للمسلمين بالشركة ونحوها. أحكام اهل الذمة في الإسلام ابن قيم الجوزي ص 2/ 116.

ملاحظة لا نريد سرد جميع الأحكام لان هذا أمر يطول شرحه، لكننا سوف نعرض فقط ما يهمنا من أحكام  اتفق عليه جمهور علماء المسلمين .

قال الماوردي في أحكامه : يجب على اهل الذمة، بالإضافة إلى ما ذكر ان يقوموا بما اشترط عليهم في عقد الذمة ، وقد بينا في بحثنا لعقد الذمة ان هناك شروطاً تجب عليهم دون ان تذكر في عقد الذمة وقد ذكرتها هناك.

يقول الماوردي: ويشترط عليهم في عقد الذمة شرطان مستحق ومستحب 0

اما المستحب فستة أشياء:

 الأولى: 

تغيير هيئاتهم بلبس الغيار وشد الزنار.

الثاني :

ان لا يعلون على المسلمين في الأبنية .

الثالث :

ان لا يسمعوهم أصوات نواقيسهم ، وتلاوة كتبهم، ولا قولهم في المسيح.

الرابع:

ان لا يجاهروهم  بشرب خمورهم، ولا بإظهار صلبانهم وخنازيرهم.

الخامس:

ان يخفوا دفن موتاهم،ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة.

السادس:

ان يمنعوا من ركوب الخيل. راجع أحكام الماوردي ص 14.

 

ولقد ذكر ابن القيم الجوزي في كتابه (أحكام أهل الذمة) مجمل تلك الأحكام. كما بين لنا المدلولات الشرعية لتلك الأحكام .

يقول ابن القيم في كتابه (أحكام أهل الذمة)  فيما يتعلق بأحكام الكنائس :

الصفحة الرئيسية