في أحكام الكنائس
تنحصر
مسالة بناء وترميم الكنائس في أربعة جوانب،
تقسم البلاد إلى الأقسام التالية : بلاد
اسلم عليها أهلها.
وبلاد
مصرها المسلمون كالبصرة والكوفة .
وبلاد
فتحها المسلمون عنوة.
وبلاد
صولح أهلها
عليها.
وبناء
الكنائس والمعابد لأهل الذمة يختلف
باختلاف هذه الأقسام.
فالبلاد
التي اسلم عليها أهلها، والبلاد التي مصرها
المسلمون، يمنع اهل الذمة
ان يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة. راجع: أحكام
اهل الذمة لابن الجوزي 2/116 - 118
والمغنى المحتاج 4/253 وبدائع الصنائع
للكاساني 7/114والمغنى لابن قدامه 10/60.
اما
ما مصرته العرب فليس لهم ان يحدثوا فيه
بناء بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا فيه
بناقوس ولا يظهروا
فيه خمراً، ولا يتخذوا فيه خنزيراً، وكل مصر
كانت العجم مصرته ففتحه الله على العرب -
المسلمين - فنزلوا على حكمه
فللعجم ما في عهدهم، وللعرب ان يوفوا لهم
بذلك. راجع الخراج لابو يوسف ص 149.
(يستدل
ان هذا البلد ملكاً للمسيلين وما دام كذلك فلا
يجوز إظهار معابد الكفر فيه). راجع
المغنى لابن قدامه 10/ 610.
اما
البلاد التي فتحت عنوة فلا يجوز تمكينهم من
أحداث بيعة ولا كنيسة ؛ وذلك لان المسلمين
قد امتلكوها بالفتح واصبحت في حكم ما مصره
المسلمون . راجع: مغنى المحتاج 4/ 254 والمغنى
لابن قدامه 10/610 .
واما
الكنائس والبيع الموجودة
قبل الفتح فللفقهاء فيه أقوال: قال ابن
القاسم من المالكية : تبقى ولو بلا شرط.
والحنفية
قالوا: يمنعون من الصلاة فيها، وتبقى
كالمساكن ولا تهدم وتتخذ للسكن . راجع: بدائع
الصنائع 7/ 114 -
اما
الحنابلة
فلهم في هذا روايتان: الأولى:
ان
تهدم لأنها بلاد مملوكة للمسلمين.
فلا
يجوز ان تكون فيها بيعة كالذي مصره المسلمون.
والرواية الثانية للحنابلة: يجوز بقاؤها
لان الصحابة قد فتحوا كثيراً من البلاد
فلم يهدموا شيئاً من الكنائس.
اما
الشافعية
فقالوا: بوجوب هدمها في الأصح.
يقول
ابن القيم الجوزي ( هذه البلاد
بحالاتها المختلفة صافية للأمام ان أراد
ان يقر اهل الذمة فيها ببدل الجزية جاز، فلو
اقرهم الامام ان يحدثوا فيها بيعة أو
كنيسة،أو يظهروا فيها خمر أو خنزيراً أو
ناقوسا لم يجز.
وان
شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان الشرط والعقد
فاسدا، وهو اتفاق الأمة لا يعلم ًبينهم فيه
نزاع.
وقال
الامام احمد:
حدثنا حماد بن خالد الخياط ، اخبرنا الليث بن
سعيد، عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر قال:
قال رسول الله ( لا
خصاء في الإسلام ولا كنيسة) .
الخصاء
هنا كناية عن الرهبنة .
عن
عمر بن الخطاب انه قال: لا كنيسة ولا خصاء في
الإسلام.
سئل
عكرمة ابن عباس عن
أمصار العرب أو دار العرب فقال هل للعجم ان
يحدثوا فيها شيئا؟ .
فقال:
ايما مصر مصرة العرب فليس
للعجم ان يبنوا فيه، ولا يضربوا فيه ناقوساً،
ولا يشربوا فيه خمراً، ولا يتخذوا فيه خنزير.
وقال
عبد الله بن احمد: سمعت ابي يقول:
ليس لليهود والنصارى ان يحدثوا في مصر
مصره المسلمين بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا بها
ناقوسا الا في مكان لهم الصلح، وليس لهم ان
يظهروا الخمر في بلاد المسلمين.
قال
عبد الرزاق: اخبرنا معمر انه سمع الحسن يقول :
ان من السنة ان تهدم الكنائس التي في الأمصار
القديمة والحديثة. ذكره احمد عن عبد الرزاق
وهذا الذي جاءت به النصوص والآثار وهو مقتضى
اصول الشرع وقواعده.
يقول
ابن تيمية: ان علماء المسلمين من اهل المذاهب
الاربعة: مذهب ابو حنيفة، ومالك
والشافعي واحمد، وغيرهم من الأئمة، كسفيان
الثوري ، والاوزاعي والليث بن سعد، وغيرهم،
من الصحابة والتابعين، متفقون : على ان الامام
ان هدم كل كنيسة بأرض العنوة؛000 يجب
طاعته ومساعدة في ذلك) . راجع:الجهاد2/212 -214.
عن
الحسن البصري انه قال : من السنة ان تهدم
الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة.
عن
عمر بن الخطاب انه قال ( لا كنيسة في الإسلام)
.
وهذا
مذهب الأئمة الاربعة في الأمصار ولا زال من
يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين يفعل ذلك
ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز،- ولفا شكري
مبارك مصر- روى
الامام احمد عنه انه كتب لنائبه في اليمن ان
يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين فهدمها.وكذلك
هارون الرشيد أمر بهدم الكنائس في سواد بغداد
وكذلك المتوكل .
راجع:
أحكام اهل الذمة لابن الجوزي ص 2/ 119 -125.
هذا
صريح في
انهم لا يملكوا رقابها
كما يملكون دورهم :
إذ لو ملكوا رقابها لم يكن
للمسلمين ان ينزلوها
الا برضاهم كدورهم،
وانما متعوها متاعاً، وإذا شاء المسلمون
نزلوها، فأنها ملك المسلمين.
فان
المسلمين لما ملكوا الأرض لم يستبقوا الكنائس
والبيع على ملك الكفار بل دخلت في ملكهم كسائر
أجزاء الأرض، فإذا نزلها المارة - من المسلمين
- بالليل أو النهار فقد نزلوا في ملكهم.
فان
قيل: فما فائدة الشرط ان كان الآمر كذلك ؟
قيل: فائدته انهم لا يتوهمون
بإقرارهم فيها كسائر دورهم ومنازلهم التي
لا يجوز دخولها إلا بأذنهم.
فما
يدل على ذلك أنها لو كانت ملكاً لهم لم يجز
للمسلمين الصلاة فيها إلا بأذنهم، فان الصلاة
في ملك الغير بغير
آذنه في المكان
المغصوب هي حرام، وفي صحتها
نزاع معروف، وقد صلى
الصحابة في كنائسهم
وبيعهم.
لكن
المسلمون قد
اختلفوا في كراهية الصلاة
في البيع
والكنائس.
وأحتج
الذين كرهه الصلاة في البيع والكنائس : أنها
من مواطن الكفر والشرك، فهي أولى
بالكراهية من الحمام
والمقبرة والمزيلة
، وأنها من أماكن الغضب، وان النبي قد أنهى عن
الصلاة في بابل
وقال أنها
ملعونة فعلل منع
الصلاة فيها باللعنة.
وكنائسهم موضع
اللعنة والسخطة والغضب ينزل
عليهم فيها كما قال
بعض الصحابة.
(
اجتنبوا اليهود والنصارى في أعيادهم فان
السخطة تنزل
عليهم).
وبأنها
من بيوت أعداء الله
والله لا يتعبد في بيوت
أعدائه. أحكام اهل الذمة 2/148.
لا
حرمة في شريعة الإسلام السمحة لكنائس الله.
شريعة
الإسلام الكاملة والعادلة أباحت للمسلمين
كنائس الله ، لهم ان يدخلوها في اي وقت ومتى
شاءوا دون ان يمنعهم أحد من ذلك، انهم نزلاء
بيوت الرحمن بالإكراه.
على
اهل الكتاب ان لا يمنعوا المسلمين من نزول
كنائسهم لكن ان يقم عباد الله اليهود الصلاة
في الجامع الإبراهيمي في الخليل ، أو جامع
قبة الصخرة (الهيكل سابقا)، فهذه جريمة تقشعر
لها أبدان المؤمنين (المسلمين) ، اما نزول
المسلمين لكنائسنا في اي وقت ومتى شاءوا فانه
حلال ومباح من رب العالمين
!.
هناك
حقيقة يجهلها أكثرية المسيحيين وهي:
ان مفاتيح أبواب كنيسة القيامة الذي يوجد
في داخلها القبر المقدس في أيادي عائلتان
إسلاميتان هما : آل جودة. وآل نسيبه.
وقد اختلف المسلمون في تحديد التاريخ
الذي تولتا فيه هذه المهمة . وان اتفقوا في
القول ان آل جودة هم الذين يحتفظون
بالمفاتيح، وان آل نسيبه هم الذين يفتحون
الكنيسة في مواعيدها المقررة
. ومتى فتح هؤلاء الباب - اي باب كنيسة
القيامة - أعادوا المفاتيح إلى أولئك وهكذا
دواليك. راجع المفصل في تاريخ القدس لعار
العارف ص521.
مفاتيح
كنيسة القيامة لليوم في أيادي المسلمين .
سؤال
: هل يقبل المسلمين بان يسلموا لنا مفاتيح
المسجد الأقصى للمسيحيين أو لليهود وذلك لكي
نتساوى في التقليد ؟.
في
فترة خلافة عمر بن الخطاب دمر الغزاة
الفاتحون أربعة آلاف كنيسة ومعبد للكافرين"
راجع. الاستشراق أدور السعيد
ص 102
من
هنا وبناءٍ على هذه الأحكام والتشريعات
الإسلامية أغلقت كنائس الله ، ونهبت ،
وأحرقت، ودمرت وذلك عملاً بتعاليم شريعة
الإسلام السمح والمسالم
الذي لا إكراه فيه!.