أما المولاة في الشرع :

فتطلق الموالاة على عدد من المعاني، يُعرف المراد منها بحسب السياق، وجميع المعاني الشرعية للموالاة ترجع إلى أصلها اللغوي وهو القُرب والدُّنُوْ،

والمـوالاة المحـرمة شرعاً هى صـرف المسلـم شيـئا من هـذه الخصـال إلى الكافرين، كما جاء في القران: (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) الممتحنة 1. فإن الله تعالى قد أوجب على المؤمنين أن يعادوا الكفار ويبغضوهم ويقاتلوهم ما استطاعوا .

كما جاء في القران (قد كانت لكم أسوة ٌُ حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم، وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) الممتحنة 4، وقال أيضا: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) التوبة 73 والتحريم 9.

فمن قام بخلاف هذا فأطاع الكافرين أو أحبهــم أو نصــرهم  فقــد تولاّهم، ومن تولاهم فــقد كفــر لقوله ــ في الآيات موضع الاستدلال ــ (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة 51، ويتأكد كفره إذا ما أطاع الكافرين أو نصرهم فيما يضر الإسلام والمسلمين كما يفعله أنصار الحكام المرتدين لأن هذه مشايعة لهم فيما هم عليه من الكفر وإعانة على ظهور الكفر على الإسلام قال ابن جرير الطبري في تفسيره : 6/160 " { ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } من تولاهم ونصرهم على المؤمنين من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه، فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه ".

وبيَّن ابن جرير العموم الذي تدل عليه الآية بقوله (والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفا وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزّب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان ــ إلى أن قال : «ومن يتولهم منكم فإنه منهم » ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولّ ٍ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه) (تفسير الطبري) 6/ 276 ــ 277.

وقال القرطبي في قوله : «ومن يتولهم منكم» أي يعضدهم على المسلمين «فإنه منهم» بيّن تعالى أن حُكمه كحكمهم، وهو يمنع اثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاّهم ابن أُبَيّ، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة، وقد قال تعالى «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار»، وقال تعالى في آل عمران «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين»، وقال تعالى «لا تتخذوا بطانة من دونكم» وقد مضى القول فيه. وقيل: إن معنى «بعضهم أولياء بعض» أي في النصرة. «ومن يتولهم منكم فإنه منهم» شرط وجوابه، أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم) (تفسير القرطبي) 6/ 217.

ويقول ابن حزم في ( المحلى ) 13/35 " صح أن قوله تعالى { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا لا يختلف فيه اثنان من المسلمين".

يقول ابن القيم في ( أحكام أهل الذمة ) 1/67 " إنه سبحانه قد حكم، ولا أحسن من حكمه أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم ".

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز في ( فتاوى ابن باز ) 1/274 " وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال سبحانه وتعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم }.

يقول البيضاوي نقلاً عن ( الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك ) ص56 وص39 " قال تعالى { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء }  { ومن يفعل ذلك } أي اتخاذهم أولياء، { فليس من الله في شيء } أي من ولايته في شيء يصح أن يسمى ولاية، فإن موالاة المتعاديين لا يجتمعان ".

وقال الشوكاني في تفسير قوله «ومـن يتـولهـم منكــم فإنــه منهـم» أي فإنـه من جمـلتهـم وفـي عدادهم، وهو وعيد شديد فإن المعصية الموجبة للكفر هى التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية. ــ إلى أن قال في قوله تعالى «ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه» ــ وهذا شروع في بيان أحكام المرتدين بعد بيان أن موالاة الكافرين من المسلم كفر، وذلك نوع من أنواع الردة.) (فتح القدير) للشوكاني، 2/ 50 ــ 51.

يقول شمس الحق العظيم آبادي في ( عون المعبود ) 7/337 " عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله ( من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله )، قال أصحاب اللغة جامعه على كذا اجتمع معه ووافقه انتهى المشرك بالله والمراد الكفار ونص على المشرك لأنه الأغلب حينئذ، والمعنى من اجتمع مع المشرك ووافقه ورافقه ومشى معه وسكن معه أي في ديار الكفر فإنه مثله، أي من بعض الوجوه ؛ لأن الإقبال على عدو الله وموالاته توجب إعراضه عن الله ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفر، قال الزمخشري وهذا أمر معقول فإن موالاة الولي وموالاة العدو متنافيان وفيه إبرام وإلزام بالقلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين } والمؤمن أولى بموالاة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسما لمادة الفساد {ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين } وقوله {  يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين }، فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى وذكر أن من والاهم فهو منهم أي من تولى اليهود فهو يهودي ومن تولى النصارى فهو نصراني.

 

وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال، قال عبدالله بن عتبة : ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر، قال فظنناه يريد هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } إلى قوله { فإنه منهم }.. الآية.

(لا تتخــذوا اليهــود والنصــارى أوليـاء، بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم). فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمناً، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدِّق بعضُه بعضا) (مجموع الفتاوى) 7/ 17 ــ 18.

وقال ابن تيميـة أيـضا (يبـين ذلك أنـه ذكــر هـذا في ســياق النهي عن مــوالاة الكفــار، فـقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخــذوا اليهــود والنصــارى أوليـاء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنـه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر ٍ من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ــ إلى قوله ــ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه). فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة. ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة.

وهو لما نهـي عن مــوالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئا.) (مجموع الفتاوى) 18/ 300، وله مثله في جـ 28/ 193.

وقال ابن تيمية أيضا (قال تعالى (يا أيها الـذين آمــنوا لا تتخــذوا اليهـود والنصـارى أوليـاء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم) فيوافقهم ويعينهم (فإنه منهم) أهـ (مجموع الفتاوى) 25/ 326.

وكذلك من تولى المشرك فهو مشرك ومن تولى الأعاجم فهو أعجمي، فلا فرق بين من تولى أهل الكتابين وغيرهم من الكفار، ثم أخبر تعالى أن الذين في قلوبهم مرض أي شك في الدين وشبهة يسارعون في الكفر قائلين (... نخشى أن تصيبنا دائرة... } الآية، أي إذا أنكرت عليهم موالاة الكافرين قالوا : نخشى أن تكون الدولة لهم في المستقبل، فيتسلطون علينا، فيأخذون أموالنا ويشردوننا من بلداننا، وهذا هو ظن السوء بالله الذي قال الله فيه { الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً }.

قد أفادت آيات سورة المائدة موضع الاستدلال بأن من تولى الكفار فقد كَفَر، وقد تأكد كفره بعدة مؤكدات من نفس الآيات ومن غيرها، ومن ذلك: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (المائدة 51) وأكّد أنه منهم بحرف التوكيد (إنَّ). وقوله (حبطـت أعمالهـم فأصبحوا خاسرين)  (المائدة 5)، وحبوط العمل والخسران بسبب الكفر. وقوله (من يرتـد منكـم عن دينه) (المائدة 54) فإنها خطاب لنفس المخاطبين بالنهي عن موالاة الكافرين كما قال ابن تيمية والشوكاني فيما نقلته عنهما آنفا: إن الموالاة نوع من الردة. وقوله (لا يتخــذ المؤمنــون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء) آل عمران 28،  قال ابن جرير الطبري في تفسيرها (ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر) (تفسير الطبري)  6/ 313.

وقد أفـادت أيضا آيات سـورة المائــدة موضع الاسـتــدلال أن هذا الحكـم بالكفر عام، يجري على كل مسلم تولى الكافرين، وذلك لأن الآية المشتملة على هذا الحكم هى من صيغ العموم، لأنها مُصدَّرة بـ (مَنْ) الشرطية، قال (ومَنْ يتولهم منكم فإنه منهم)، وقال ابن تيمية (ولفظ «مَنْ» أبلغ صيغ العموم، لاسيما إذا كانت شرطاً أو استفهاماً) (مجموع الفتاوى) جـ 15/ 82، وله مثله في جـ 24/ 346.

موقف القران من علاقة المسلمين بغير المسلمين بشكل عام ومن اليهود والمسيحيين بشكل خاص واضح وصريح : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) (المائدة\51).

يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} الممتحنة 1-2 .

وهذا نهي عام للمسلمين من أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين, فيكونوا مثلهم في دروب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه. يقول لهم: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, لا توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين, فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين.

(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم !!) .عمران:118،119.

(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، تلقون إليهم بالمودة، وقد كفروا بما جاءكم من الحق، يخرجون الرسول وإياكم، أن تؤمنوا بالله ربكم) الممتحنة.:7.

(بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. أيبتغون عندهم العزة؟ فإن العزة لله جميعا) سورة النساء:138،139.

لم تقف أوامر القران عند حد مطالبة المسلمين  بعدم اتخاذ اليهود والمسيحيين أصدقاء : ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) (المائدة\51).

بل اخذ القران أبعادا اكثر واخطر من ذلك بكثير . أبعادا وصلت لحد مطالبته  بملاحقتهم والتضييق عليهم وقتالهم أينما وجدوهم حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية (الإتاوة) .

‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ‏‏. التوبة 29.

{قاتلوا} أيها المؤمنون القوم {الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} يقول: ولا يصدقون بجنة ولا نار. {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق} يقول: ولا يطيعون الله طاعة الحق. يعني: أنهم لا يطيعون طاعة أهل الإسلام. {من الذين أوتوا الكتاب} وهم اليهود والنصارى .{من الذين أوتوا الكتاب}. هم أهل التوراة والإنجيل.

{حتى يعطوا الجزية} . ومعنى الكلام: حتى يعطوا الخراج عن رقابهم الذي يبذلونه للمسلمين دفعا عنها. وأما قوله: {عن يد وهم صاغرون} اي يدفعوا الجزية بايديهم للمسلمين دون إنابة وهم أذلاء مقهورون, يقال للذليل الحقير: صاغرا .

قال القرطبي في تفسيره للآية : ‏ " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر" الخ. أمر سبحانه وتعالى بمقاتلة جميع الكفار, وخص أهل الكتاب بالذكر. وسبب قتالهم يرجع  لنكرانهم نبوة محمد .

‏فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ‏‏. التوبة 5

يعني بقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} فإذا انقضى ومضى  اشهر الحرم، وهي بعض الأشهر العربية :  ذا القعدة, وذا الحجة, والمحرم. {فاقتلوا المشركين} يقول: فاقتلوهم {حيث وجدتموهم} حيث لقيتوهم من الأرض في الحرم وغير الحرم. {وخذوهم} يقول: وأسروهم {واحصروهم} يقو وامنعوهم من التصرف في بلاد الإسلام . {واقعدوا لهم كل مرصد} يقول: واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو أسرهم كل مرصد. يعني: كل طريق ومرقب, وهو مفعل من قول القائل رصدت فلانا أرصده رصدا, بمعنى: رقبته. {فإن تابوا}  اي ان اسلموا واقروا  بنبوة محمد. {فخلوا سبيلهم}. راجع : تفسير الطبري  شرح آية سورة التوبة 5 . وتفسير القرطبي . وابن كثير . وصفوة التفاسير.

{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} البقرة 193.

يقول للمؤمنين به فقاتلوهم حتى لا يكون شرك ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له, {ويكون الدين كله لله} يقول: حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره. لكي لا يكون مع دينكم كفر وحتى يقال: لا إله إلا الله, عليها قاتل النبي, وإليها دعا.

‏‏عن الربيع: {ويكون الدين لله} يقول: حتى لا يعبد إلا الله, وذلك لا إله إلا الله; عليه قاتل النبي وإليه دعا, فقال النبي : "إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله".

‏‏{فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} يعني بقوله: {فإن انتهوا} فإن انتهى الذين يقاتلونكم من الكفار عن قتالكم, ودخلوا في ملتكم, وأقروا بما ألزمكم الله من فرائضه, وتركوا ما هم عليه من عبادة الأوثان, فدعوا الاعتداء علهم وقتالهم وجهادهم, فإنه لا ينبغي أن يعتدى إلا على الظالمين وهم المشركون بالله, والذين تركوا عبادته وعبدوا غير خالقهم.

عن قتادة قوله: {فلا عدوان إلا على الظالمين} والظالم الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله. راجع : تفسير الطبري في شرحه للآية سورة البقرة 193.

{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} أنفال 70.

وأعدوا لهؤلاء الذين كفروا بربهم، {ما استطعتم من قوة} يقول: ما أطقتم أن تعدوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم من السلاح والخيل.

{ترهبون به عدو الله وعدوكم} يقول: تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين.

‏{سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق}أنفال 1.

يقول : سأرعب قلوب الذين كفروا بي أيها المؤمنون منكم, وأملؤها فرقا حتى ينهزموا عنكم, فاضربوا فوق الأعناق! اي اضربوا الرقاب. رقاب الكفار اي الغير مسلمين . راجع جميع تفاسير القران  في شرحهم للآية.

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض}الم\ائدة 33.

الصفحة الرئيسية