تعريف الجنّة وأسماؤها:

الجنة في اللغة هي الروضة أو البستان الذي فيه نخيلٌ وعنب. وفي العقيدة الإسلامية: الجنة هي دار الثوب الأكبر ،أي دار النعيم الدائم في الدّار الآخرة. الجنة هي دار السعادة المطلقة التي وعد بها الله المؤمنين برسالة محمد. الجنة هي دار الخلود.

 

جاءت كلمة الجنة في القرآن ست وستين (66) مَرَّة بصيغة المفرد. فنقرأ مثلاً في سورة البقرة 82:2 قوله "والذّين آمنوا وعملوا الصّالحات أُلئك أصحابُ الجّنّة هم فيها خالدون" وفي سورة مريم 63:19 " تلك الجنّةُ اّلَتي نُورِث من عبادنا من كان تقيّاً" وفي النّازعات 40:79-41 "وأمّا من خافَ مقام ربَّه ونَهى النَّفس عن الهوى فإنَّ الجنّةَ هي المأوى" ومن جملة هذه الآيات وغيرها الكثير يستنتج القارئ أن الله وعد المؤمنين بجنَّةٍ سيقضون بها الأبديَّةِ معاً، ولكننا نفاجئ عندما نجد القرآن يتحدث عن جَنّاتٍ بصيغة الجمع، وليس مجرد جنةٍ واحدة، حيث وردت كلمة جَنّاتٍ تسع وستين (69) مَرَّةً في القرآن، أي أكثر من عدد مرّات ذكر الجنّة، ومن الأمثلة على ذلك قوله في البقرة 25:2 "وبشَّر الّذين آمنوا وعمِلوا الصّالحاتِ أَنَّ لهُم جنّاتٍ تجري مِن تحتِها الأَنهار" وفي سورة لقمان 8:31 "إِنَّ الَّذين آمنوا وعمِلوا الصَّالحاتِ لهُم جَنَّاتِ النَّعيم" وفي الطور17:52 إن المتّقينَ في جناتٍ ونعيم". وهكذا سيقضي المؤمنون أبديتهم موزّعين في جَنّات النّعيم.

 

وهذه الجّنة أو الجنّات الموعودة للمسلمين، يُطلق عليها القرآن أسماءً مختلفة توحي بالنَعيم المقيم، ونذكر من هذه الأسماء:

الحُسنى (أنظر النساء 95؛ الرعد 18؛ النحل 62؛ الكهف88؛ الأنبياء101؛ فصلت50؛ الحديد10؛ الليل 6،9).

دار السلام (الأنعام 127:6، يونس25:10).

جَنَّة عدن أو جنّاتُ عدنٍ (التوبة72؛ الرعد23؛ النحل31؛ الكهف31؛ مريم61؛ طه76؛ فاطر33؛ ص 50؛ غافر8؛ الصف12؛ البينة8؛).

جنّة نَعيم أو جَنّاتُ النَّعيم (يونس9؛ الحج56؛ الشعراء85؛ لقمان8؛ الصّافات 43؛ الواقعة12،89؛ القلم34؛ المعارج38؛).

طوبى (الرّعد 29:13).

دار الآخرة (النّمل 30:16).

دار المتَّقين (النَّمل 30:16).

الفردوس (الكهف 107:18؛ المؤمنون 11:23).

جَنَّة الخُلد (الفرقان 15:25).

الغُرفَة (الفرقان 75:25).

دار المقامة (فاطر 35:35).

دار القرار (غافر 39:40).

جَنَّة عالية (الحاقة 22:69؛ الغاشية 10:88).

نجد في هذه الأسماء أن جنةَ عَدْن هو أكثر الأسماء شيوعاً للجنّة في القرآن، وهو في واقع الحياة يجسد الحلم والشوق في وجدان المسلم. ومعروفٌ أنّ "جَنَّةِ عَدْنٍ" قد ذكرت أولاٍ في الكتاب المقدس، حيث كانت مسكن آدم وحواء عندما خلقهما الله (انظر تكوين 8:2،15؛ 23:3-24). بعد ذلك يأتي اسم جنة نعيم أو جنات النعيم بالتساوي مع تكرار اسم الحُسنى، وهكذا تكون جنة عدن هي الحسنى وجنة النعيم، وقد اسْتَرْسَلَ القرآن في وصف هذا النعيم في آيات كثيرة جداً، وخصوصاً في سورَتَيْ الرَّحمان والواقِعة. أما اسم الفِرْدَوْس فلم يرد إلا مرتين في القرآن، وتعني الكلمة في اللغة الوادي الخصيب أو الرَّوضة. وقد استخدم شاعر النبي حَسّان بن ثابت هذه الكلمة في وصف الجنة عندما أنشد قائلاً:

"وأنَّ ثوابَ الله كلَّ مُوَحَّدٍ جنانٌ من الفِرْدَوْسِ فيها يُخَلَّدُ"

مع العلم أن الكلمة ليست عربيّة، كما قال ابن منظور في قاموسِهِ "لسان العرب" حيث يعترف بأن أَصل الكلمة روحي ثم عُرِّبت. وقد اختلف الرُّواة ومفسرو القرآن في تحديد دلالة كلمة الفردوس، ومما قالوه نذكر ما يلي مما أورده القرطبي في تفسيره لسورة الكهف 107:18 "جَنّات الفردوس":

قال قتاده: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأعلاها وأرفعها.

قال أبو إمامة الباهلي: الفردوس سُرَّة الجنة.

 قال كعب: ليس في الجنان جنّة أعلى من جنّة فردوس؛ فيها الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر.

 قال النّبي محمد في حديث رواه أبو هريرة: "...فإذا سأَلتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنّه أوسط الجنّة، وأعلى الجنّة، وفوقه عرش الرّحمان ومنه تُفجّر أنهار الجنّة". (رواه البخاري ومسلم في الصّحيحين).

 قال مجاهد: الفردوس هو البستان في الرّومية. وقيل فارسيّة عُرِّبَت، وقيلَ حبشيَّة.

 قال الفراء: الفردوس عربي، وهو حديقة في الجنّة.

وأورد ابن كثير في لسان العرب جميع المعاني والدّلالات السّابقة وأضاف عليها أنّ الفردوس:

قال كعب والسّدي والضّحاك: هو البستان الّذي فيه شجرُ الأعناب.

 قال النّبي محمد في حديث له: الفردوس ربوة الجنَّةِ أوسطها وأحسنها.

 بناء على هذه الأقوال والأوصاف والتّعاريف الّتي ذكرها رواة الحديث والمفسّرون، يحق لنا أن نطرح الأسئلة التّالية:

 هل الفردوس هو الجنّة نفسها؟ أم مكان في الجنّة؟ أم جنّة قائمة بذاتها؟!

 هل الفردوس سُرّةَ الجنة أم ربوة الجنة أم حديقة في الجنة؟!

 هل كلمة الفردوس عربية أم روميّة أم فارسية أم حبشية؟!

هل تُفَجِّرُ أنهار الجنة من الفردوس؟ أم أن هذه الأنهار تنبع من البحار الموجودة في الجنة؟! فقد أورد ابن كثير في تفسيره لسورة محمد 15:47 حديثاً لنبي الإسلام قال فيه: "في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد". ويضيف ابن كثير قائلاً عن هذا الحديث: رواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بن يسار عن يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي إياس الحريري وقال حسن صحيح".

 وعليه: هل يحق للمسلم، أو لغير المسلم، أن يبحث عن معنى الفردوس في مصادر غير إسلامية، مادام المسلمون مختلفين في تحديد معنى الكلمة، وخصوصاً البحث في الكتاب المقدس؟!

الصفحة الرئيسية