2. أبواب الجنَّة:
جاء في سورة الزّمر 73:39 قوله: "وسيق الّذين اتَّقوا رَبَّهُم إِلى الجنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاءُوها وفُتِحَت أبوابها وقالَ لَهُم خَزَنّتُها سلامٌ عليكم طِبتُم فادخُلوها خالدين". قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية أنَّ عدد أبواب الجنّة ثمانية، وقد استدلّ على ذلك من الأحاديث الصّحيحة الّتي ذكرها البخاري ومسلم وأحمد، حيث يستشهد بجملة من هذه الأحاديث، ومنها: (قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "من أنفق زوجين من ماله في سبيل اللهِ تعالى دعي من أبواب الجنّة كلها. وللجنّة ثمانية أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعيَ من باب الصّلاة، ومن دعيَ من باب الصّدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الرّيان". فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله ما على أحدٍ من ضرورةٍ دُعيَ من أيّها دعيَ فهل يُدعى أحد منها كلِّها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "نعم وأرجو أن تكون منهم"). وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها يشاء") وذلك لأن مفتاح الجنة كما قال النبي محمد هو: "لا إله إلا الله". وذكر ابن كثير سعة أبواب الجنّة مستشهداً بأحاديث النّبي محمد الّذي قال: "إِنَّ ما بينَ مصراعين في الجنّة مسيرة أربعين سنةً".
نجد هنا أنَّ أبواب الجنّة هي ثمانية، وإنّها أبواب واسعة جداً بحيث يحتاج الإنسان إلى مسيرة أربعين سنة ليصل ما بين مصراعي الباب الواحد، وإنَّ النّاس يدخلون من الأبواب بحسب أعمالهم، فالإنسان المعروف بكثرة صلاته، يدخل من باب الصّلاة، والمتصدّق من باب الصدقة. ولكنّ النّبي قال أيضاً أنَّ المؤمن قد يدخل من جميع الأبواب الثمانية، ولم يوضِّح كيف يتم ذلك، فهل سيدخل من الباب الأول، ثم يخرج منه ويعود ويدخل من الباب الثّاني، وهكذا حتى يدخل من جميع الأبواب؟! وإن كانت هذه هي الحال، فما الحكمة من الدّخول والخروج؟ ثم عاد النّبي وقال أنَّ الّذي ينطق الشّهادتين يدخل من الباب الّذي يريده، وهذا يعني أنَّ حرّاس الأبواب من الملائكة لن يدعوه للدّخول من باب معيّن، بل يكون الاختيار له، فهل يمكن أن يكون هذا؟! وللجّواب على هذا السّؤال نقرأ في سورة ص 49:38-50 "وإِنَّ للمتَّقين لَحُسْنَ مآبٍ جنَّاتٌ عدنٍ مفتَّحةًَ لهم الأبواب". فأبواب الجنَّة مفتوحة في وجه الأتقياء يدخلونها كما يريدون.
والقول بوجود أبواب للجنّة ليست أصيلة في قرآن المسلمين، بل لدينا مراجع كثيرة في الكتاب المقدّس عن أبواب السّماء حيث سيسكن الله مع النّاس، ويخبرنا الله في وحيه أنَّ أبواب السّماء تبلغ اثنا عشر باباً وأنَّهُ "لن يدخلها شيءٌ دنسِ ولا ما يصنعُ رًجساً وكذباً، إِلا المكتوبين في سفر حياة الحمل" (رؤ 12:21-27).