13. رؤية أهل الجنَّة لله:
إنَّ أقدس وأعظمَ وأجلَّ أمنية لدى المؤمن الحقيقي هي رؤية الله. وفي البحث في سور القرآن، لا نجد هذه الأمنية بين جملةِ ما يشتهيه أتقياء جنة الإسلام، ومع ذلك يخبرنا القرآن في آيتين فقط أن المؤمنين سيرون الله يوم القيامة، وأن الله سيلقي عليهم السَّلام، كما جاء في سورة القيامة 22:75-23 "وجوهٌ يومئذٍ ناضِرةٌ إلى ربها ناظرةٌ" والأحزاب44:33 "تَحِيَّتهُمُ يوم يلقونَهُ سلامٌ". وأكد نبي المسلمين في أحاديثه على رؤية الله يوم القيامة، ففي تفسير ابن كثير لما جاء في سورة يونس26:10 "لِلَّذين أحسنوا الحُسنى وزيادةٌ ولا يَرْهَقُ وجوههم قَتَرٌ ولا ذِلَّةٌ أولئكَ أصحابُ الجنَّةِ هم فيها خالدون"، أورد حديثاً عن أبي موسى الأشعري قال: أنه سمع رسول الله: "إن الله يبعث يوم القيامةِ منادياً ينادي يا أهل الجنةِ ـ بصوتٍ يسمع أولهم وآخرهم ـ إن الله وعدكم الحسنى وزيادة، فالحسنى الجنة والزِّيادة النّظر إلى وجه الرحمن عز وجل". وفي حديث طويل رواه مسلم وأحمد وغيرهم أن النبي تلا هذه الآية "للَذين أحسنوا الحُسنى وزيادة" وقال: "إذا دخل أهل الجنّة الجنة وأهل النار النّار نادى منادٍ يا أهل الجنّة إنَّ لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكُموهُ فيقولون وما هو ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبيّض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرّنُا من النار ـ قال ـ فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليهِ فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحبُ إليهم من النظر إليه ولا أقَرَّ لأعينهم" فالمسلم التقي سيرى الله، كما قال النبي محمد في صحيح البخاري "إنَّكُم سترون ربكم عياناً"، ولكن النبي لم يخبرنا كم ستطول مدة هذه الرؤية؟ وهل ستتكرر أم لا؟ وكيف سيستطيع الناس رؤية خالقهم، أي في أية صورة أو شكل؟ مع أننا نقرأ في صحيح البخاري حديثاً قُدسياً طويلاً عن أبي هريرة جاء فيه. "قال أناسٌ: يا رسولَ الله، هل نرى ربنّا يومَ القيامةِ؟ فقال: "هل تُضارون في الشّمسِ ليسَ دونَها سحابٌ؟ قالوا: لا يا رسولَ الله، قال: هل تضارون في القمر ليلةَ البدرِ، ليس دونَهُ سحابٌ؟ قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكَّمُ ترونَهُ يوْمَ القيامةِ كذلك... فيأتيهِمُ اللهُ في الصورة التي يعرفون..." ولكننا لا نقرا عن صورة الله هذه التي ذكرها النبي لا في القرآن ولا في الحديث.