ه - الخاتمة: الرد على اعتراضين
1) حول تفوّق المسيح على أي نبي أو رسول آخر
قال له الأمير: ويحك يا راهب، ألا تعلم أن محمداً أعز وأكرم على الله من المسيح ومن آدم وذريته كلها؟ .
قال الراهب: ما أعلم ذلك. ولكني أعلم أن السماء أشرف وأكرم عند الله من الأرض، وسكان السماء أشرف وأكرم عند الله من الآدميين. وأعلم أن المسيح في السماء العليا، ومحمداً وجميع الأنبياء تحت الثرى، وأن السماء كرسي الله وعرشه، وأن المسيح جالس على كرسي العزة عن يمين الآب فوق الملائكة والعباد. فكيف يكون مَنْ تحت الثرى أكرم على الله ممن هو في السماء على كرسي العز؟ .
2) حول عِلم المسيح بالخفيات
قال المسلم: ألا تزعم أن المسيح يعلم الخفيات وما تضمره القلوب؟ فكيف عندما سأله تلاميذه عن موعد يوم القيامة، فقال لهم إنه لا يعلم ذلك إلا الله وحده؟ .
قال الراهب: بل قد علم متى يكون ذلك، ولم يحب أن يُعْلِم أحداً عن ذلك اليوم. وأما قولك إلا الله وحده فإنما قال إنه لا يعلم ذلك إلا الآب وحده. فقد صدق. إن الله أبوه ولا يعلم أحد غيره، وليس بين المسيح وأبيه انفصال ولا خلاف .
قال المسلم: لا أقبل هذا القول منك حتى تجيئنا بتصحيحه .
قال الراهب: أرأيت إذ عصى آدم ربه في الجنة، وظهرت سوأته واختبأ، فصاح الله به: آدم، آدم، أين أنت؟. فقال: هاءنذا، أكان الله لا يعلم أين هو؟ .
قال المسلم: نعم، قد علم .
قال الراهب: ما كان يعلم أين هو! ولو كان يعلم أين هو، ما ناداه! ولكنه ناداه كرجلٍ لا يعلم أين صاحبه! وكما علم الله أين آدم فناداه، كذلك علم المسيح موعد يوم القيامة. وكيف لم يعلم موعد القيامة، وقد أخبرهم بعلامات ذلك اليوم، وبالآيات التي فيه وقبله؟ .