و - الخاتمة: ردود فعل الأمير
فلما فرغ الراهب من أقواله نظر إليه الأمير بغضب، وتفرس ساعة وقال: لقد جئتَ بعظائم! أيقنتَ بالموت، وتجلدْتَ وقلتَ: أبيِّن للأمير ما عندي. فإن أفلتُّ اشتفيت، وإن قُتلت متّ شهيداً. ولولا حذرك وحيلتك، لكانت المنيّة قد حلَّت بك .
قال الراهب: أيها الأمير، ما ذكرتُ الذي ذكرته ازدراءً بالإسلام ولا تقصيراً به. ولقد حاولت الانفلات منك كما يفر الإنسان من الحية فما وجدت سبيلاً .
قال له الأمير: دع عنك ما مضى وخذ ما كنا فيه، فإني أرجو أن يصرعك الله عاجلاً .
قال الراهب: جُعِلتُ فداك. إنك رمقتني بنظرة قامت منها ناصيتي فَرقاً، وهطلت إبطي عرقاً. قد قال الحكيم: لا تلُم رجلاً يحرس لسانه قدام الملوك. فإن الرُّكب بين أيديهم ترتعد، وتقشعر النواصي وتظلم الأبصار، وتطير القلوب وتضلّ العقول، وتختلط الحنك وتتلجلج الألسن. وذلك لما وُهب لهم من الكرامة والهيبة. والأمير أعزه الله! ممن فضّله الله على جميع الملوك .