تمهيد
يستهل أحمد ديدات تقديمه لأقوال "هارت" بإعلانه أن "بالنسبة لكل مسلم.. محمداً هو أعظم خَلْق الله، وهو الذي أرسله الله ليكون رحمة للعالمين. إن نحو مليار مسلم لا يحتاجون إلى أبحاث أو بيانات أو فحوص للوصول إلى هذه النتيجة فالإيمان بأن محمداً هو الأعظم لا يحتاج إلى نقاش".
إن هذه الإعلانات لا تطابق القرآن نفسه، كما سيأتي الحديث لاحقاً. أما البحث عن برهان ودليل فإنه لا يضرّ المسلم بل ينفعه ليكون إيمانه مبنياً كإيمان المسيحيين. مثلاً، يقول بطرس الرسول عن نفسه وعن رفاقه الرسل والتلاميذ الأولين: "لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ (أي مشاهدين) عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ المَجْدِ الأَسْنَى: هذَا هُوَ ابْنِي الحَبِيبُ الذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ. وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ (الإلهي) مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الجَبَلِ المُقَدَّسِ. وَعِنْدَنَا الكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، التِي تَفْعَلُونَ حَسَناً إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ" (2 بطرس 1: 16-19).
ويقول ديدات: "مِن المدهش حقاً عبر القرون أن كثيراً من كبار المفكرين من غير المسلمين قد وضعوا محمداً في أعظم مكانة، معترفين بأنه الأعظم... "ميشيل هارت" هو أمريكي مسيحي متبحّر في علم الرياضة والفلك والشطرنج، وعالِم ومحام، وبعد دراسةٍ مستفيضة، وضع ترجماتٍ (أي سِير) لأعظم مائة شخصية أثّروا في تاريخ العالم، مع ترتيب مكانتهم الشخصية، مع شرح ووصف ما قام به هؤلاء القادة الدينيون والسياسيون والمخترعون والكتَّاب والفلاسفة والعلماء والفنانون من أعمال. ومن خلال دراسته التي اشتملت على الشخصيات الشهيرة في التاريخ أمثال عيسى المسيح وموسى وقيصر ونابليون وشكسبير... رتب "ميشيل هارت" محمداً أنه الأول..."
أية سلطة أو كفاية "لهارت" حتى يكون مرجعاً؟
أعلم ديدات قُرّاءه أن "هارت... متبحّر في علوم الرياضة والفلك والشطرنج وعالِم ومحام". ولكن "هارت" ليس لاهوتياً ولا عالماً في الكتاب المقدس ولا حتى في الإسلام نفسه، إذ لم يرد في القرآن أن محمداً هو الأعظم. أما القول إن أحد "القسس" (مثلاً د. رسوورث سميث) مدح محمداً ووصفه بأنه "الرجل (أي الوحيد) الذي يحكم بالشريعة الإلهية لأنه كان يحمل بين جنبيه كل القوى بدون دعامتها المادية. إنه لم يُعنَ بارتداء ثياب القوة. إن بساطة حياته الخاصة كانت مطابقةً لبساطة حياته العامة"، فهذا الرأي شخصي لا يمثّل الدين المسيحي. ولو كان "القس" المذكور لاهوتياً قويم الإيمان لما رأى تلك "الشرعية الإلهية" بعد المسيح والرسل، لأن الإيمان المسيحي الصميم لا يقبل بعد المسيح وحياً أو نبياً (راجع عبرانيين 1: 1-2). أما عبارة سميث أن محمداً ما اعتنى بالقوة، فهو مخالف للحقائق التي تُقرّ بها كتب السيرة عن غزوات محمد وفتوحاته العسكرية التي قادها شخصياً أو عن طريق صحابته. وربما كانت حياة محمد العامة بسيطة، إلا أن حياته الخاصة وخصوصاً المشاكل بين أزواجه وسراريه، وانقسامهن إلى حزبين، واستياء بعضهن من مارية القبطية بعد أن حملت منه وولدت له ولداً ذكراً هو إبراهيم لم يعمر طويلاً - كل هذه الأمور الواردة في المصادر الإسلامية الثقة تدل على تعقيدات حياة محمد الزوجية والعائلية التي جعلته يقول في النساء "إن كيدهنّ عظيم". وكان هذا التعقيد سبب نزول "سورة التحريم". لقد حدثت خصومات ونزاعات ومنافسات زوجية بين نساء محمد (وبعض سراريه) إما بمناسبة مضاجعته للقبطية في بيت حفصة وعلى فراشها، أو بسبب أكله عسل مغافير عند سودة بنت زمعة، أو للسببين معاً (راجع كبار المفسرين للسورة المذكورة). وتأتي في سياق السورة كلمات موجّهة إلى محمد مع صفوان بن المعطل، وما جرّه من تعقيدات وشكوك وضعت الجُمل القرآنية لها حداً، فهو مَثَل آخر على تعقيدات حياة محمد الخاصة. وهذا غيض من فيض (راجع تفسيرات القرآن وسيرة ابن هشام وغيرها من أمهات المراجع الإسلامية).
ويتابع "القس د. سميث" استنتاجاته التي لا تمثّل الدين المسيحي بل هي آراء شخصية يجوز للإنسان عدم الموافقة عليها ودحضها، ومنها قوله: "بتوفيق مطلق ووحيد خلال كل التاريخ استطاع محمد أن يؤسس ثلاثة كيانات في ثوب واحد: الوطن والإمبراطورية والدين".
إنّ القس المذكور ينتقد موقف رجال الدين المسيحي الذين يستندون إلى القوة السياسية. فلماذا لا ينتقد هنا بنفس المنطلق إنساناً أسس كياناً سياسياً (وذلك أكثر من مجرد الاستناد إلى كيان سياسي)؟ ويلحظ المرء أن "الدين" هو آخر ما ورد في اللائحة الثلاثية التي وضعها سميث. وفي هذا لا يوافقه المسلمون. أما الفكرة المسيحية الصميمة فهي أن "ملكوت يسوع ليس من هذا العالم" (كما أعلن السيد المسيح للوالي الروماني بيلاطس في يوحنا 18: 36). وسيأتي لاحقاً النقاش في أمر "التوفيق بين الدين والسياسة" (الذي يشير إليه "هارت" أيضاً، لا كبرهان لعظمة محمد، بل كوسيلة لانتشار تأثيره). راجع كتابه المذكور ص 33.
ديدات يقلب أفكار "هارت" ويشوّهها
إن قراءة بسيطة نزيهة لمقدمة كتاب "هارت" حول أعظم الشخصيات تأثيراً في التاريخ تدل بشكل لا يقبل الشك أن محمداً ليس في نظره الأعظم (ص 28) بل أن يسوع هو أعظم منه (ويبدو أن القرآن ذاته يدعو إلى هذه النتيجة أيضاً). فقد أوضح "هارت" في أول صفحة من مقدمة كتابه أنه لا يقدم لائحة من هو أعظم، بل من هو أكثر نفوذاً، فيقول: "يجب أن أؤكد بقوة أن هذه اللائحة هي قائمة الشخصيات الأكثر نفوذاً في التاريخ، وليست لائحة أكثرهم عظمة... مثلاً يجد المرء مكاناً في لائحتي لرجل كبير النفوذ عديم الاستقامة والإحساس نظير "ستالين"، ولكنك لا تجد مكاناً للراهبة القديسة "الأم كابريني". إن هذا الكتاب يدور فقط حول السؤال: من كانت المائة شخصية التي كان لها أكبر أثر على التاريخ وعلى سير العالم؟... إن هذه اللائحة من الشخصيات الفذّة - سواء كانت نبيلة أو طالحة يلحقها اللوم، أكانت شهيرة أم غير معروفة، برّاقة أم متواضعة، تبقى لا محالة مشوّقة".
لذا يبين "هارت" أن "الأول" أو "الثاني" في لائحته ليس الأول من ناحية العظمة ولا من ناحية سمو الأخلاق، بل من ناحية تأثيره على أكبر عدد ممكن من الناس في أزمنة وأمكنة عديدة.
يعود المرء إلى محمد، ويجد أن "هارت" يصفه بنفس الكلمة التي وصف بها ستالين الشرير البغيض. عن محمد يكتب "هارت" في ص 34 (أوردها ديدات، ونقل الصفناوي النص إلى العربية في كتيبه ص 15): "أما في المدينة فقد آمن بمحمد كثيرون، واكتسب نفوذاً جعله حاكماً مطلقاً". الكلمة بالإنكليزية هي Dictator وهي نفس الكلمة التي يستخدمها "هارت" في أول كلامه عن "ستالين" (ص 324): "ستالين (واسمه الحقيقي يوسيف فيساريونوفيتش دزوكشفيلي) كان لسنين عديدة "دكتاتور" الاتحاد السوفياتي".
أما استناد ديدات إلى "هارت" ليؤكد أن هذا الكاتب أعلن أن محمداً هو الأعظم، فهو مخالف للنزاهة الأدبية والأخلاقية والعلمية، لأن "هارت" يقول خلاف ذلك تماماً. يقرأ المرء في مقدمة كتاب "هارت" ص 28: "لقد وضعتُ محمداً أعلى من يسوع (أي: قبله في اللائحة) كان ذلك على الأغلب، لاعتقادي بأن محمداً كان يتمتع بتأثير شخصي في صياغة الإسلام أكثر من يسوع في صياغة الدين المسيحي. وهذا طبعاً لا يعني أني أفكر أن محمداً كان رجلاً أعظم من يسوع".
بل إن الفقرة السابقة من الصفحة نفسها من كتاب "هارت" تؤكد تفوّق المسيحية على الإسلام كحركة وفكرة وعقيدة، فتقول: "أحياناً وضعنا في مكانة أعلى (أي من ناحية النفوذ) شخصية تكاد تكون وحدها مسؤولة عن حركة مميزة أو حادثة ذات شأن، وجعلناها أعلى من شخصيةٍ كان لها دور أقل نفوذاً وسيطرة في حركة أكثر أهمية. إن مَثَلاً قوياً لهذا النوع من الظروف هو ترتيبي لمحمد قبل (أي أعلى من) يسوع..."
ويدل كلام "هارت" على أن المسيحية أكثر أهمية من الإسلام، ولكن رأيه الشخصي أن نفوذ محمد الشخصي كان في الإسلام أكثر من نفوذ يسوع الشخصي في المسيحية. وسيتم الخوض في هذا الموضوع لاحقاً.
ويتابع "هارت" في ص 27 إيضاحاته للتمييز "بين الأكثر نفوذاً" والأعظم أخلاقياً أو علمياً بقوله: "لا الصيت ولا الموهبة (أي العبقرية) ولا سموّ الأخلاق ترادف النفوذ (تعليقنا: الأول في النفوذ ليس بالضرورة الأول في الأخلاق أو في الموهبة). هكذا لم يوضع في هذه اللائحة أي من بنيامين فرانكلين ومارتن لوثر كينغ وبيب روث وحتى ليوناردو دافينشي (مع أني أورد بعض هذه الأسماء في "لائحة الشرف" الملحقة). ومن جهة أخرى، لا يكون النفوذ دائماً إيجابياً أو بنيّة سليمة. إن عبقرياً شريراً مثل "هتلر" وارد في هذه اللائحة" (أي بسبب نفوذه وتأثيره وإن كان سلبياً إجرامياً). لذا يردد "هارت" هنا إيضاحه أن الأول في النفوذ ليس دائماً الأول في الأخلاق ولا في الموهبة ولا في الشهرة...
حكم "هارت" على نفوذ المسيح ليس صائباً
أما حكم "هارت" على نفوذ يسوع في "صياغة" الدين المسيحي فهو مبني على ناحية جانبية سطحية. فالمسيح لم يأت ليعلّم فقط (مع أن "لا أحد تكلم مثلما تكلم هذا الرجل" أي يسوع، حسب شهادة الذين أرسلهم رؤساء الشعب للقبض عليه، يوحنا 7: 46). "أتى ليطلب ويخلِّص ما قد هلك" (لوقا 19: 10). وفي هذا كان أيضاً نفوذه فريداً وعظمته فريدة. وكانت والدته العذراء مريم فريدةً في كونها بتولاً يشهد لها الإنجيل والقرآن معاً. ولم يكن دور يسوع الأساسي "تأسيس دين" بل تكميل الشريعة وإتمامها، وإنقاذ البشر من آثامهم. فلا يجوز لمسيحي حقيقي أن يستهين بدور يسوع ونفوذه: فهو آدم الجديد الذي أصلح خطأ آدم القديم (وهكذا يكون آدم في لائحة النفوذ بسبب سلبية ذلك النفوذ، أما الأول في النفوذ والعظمة فهو السيد المسيح الفادي).
كما لا يجوز لمسيحي صميم أن يُنكر ما ورد في الكتاب المقدس أن يسوع "هُوَ هُوَ أَمْساً واليَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عبرانيين 13: 8) وأن يسوع هو "الأَوَّلُ والآخِرُ، والبداية والنهاية" (رؤيا 22: 13) وأنه "الكلمة" (يوحنا 1: 1). وفي القرآن نقرأ أن "المَسِيحُ عِيسَى ا بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" (النساء 4: 171). يسوع هو الذي "صالح العالم" وأزال الحاجز بين بني إسرائيل وسائر شعوب الأرض (رومية 6: 6 وأفسس 2: 14-16 وكولوسي 1: 19-20 و2: 10-15). أما دور يسوع في إتمام شريعة موسى فهو فريد من نوعه (متى 5: 17-48).
إن جهل "هارت" بهذه الأمور الأساسية لا يجعله يستأهل أن يكون مرجعاً، لا في اللاهوت المسيحي ولا في الحكم على "تأثير" يسوع. وكفى السيد المسيح أن ميلاده السامي أصبح دون غيره - مركز التاريخ الذي قسمه ذلك المولد إلى قسمين: ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد. وإذا قال قائل إن هجرة محمد ذات شأن، فإنها بلا شك حادثة اتّخذها المسلمون نقطة انطلاق لتاريخهم، مفضّلين إياها على تاريخ مولد محمد بن عبد الله.
ويقرّ "هارت" بوقوعه في العديد من المطبّات، وإن لائحته ليست مطلقة (ص 31) بل إنها قابلة للاعتراض والرفض. وفي نفس الوقت يعترف بضعفها ومحدوديتها: فيبيّن مثلاً أن شخصيات غير معروفة (مثل الشخصية المجهولة التي اخترعت العَجلات للعربات ثم تطوّرت إلى سيارات فطيارات وغيرها) قد يكون لها - أو أكيد أن لها - أعظم الأثر على تاريخ الإنسانية وحياتها اليومية أكثر من أيٍ من الشخصيات التي وضعها في لائحته (ص 27). وما قاله "هارت" عن الشخصيات المجهولة يمكن أن يمتد إلى التأثيرات الباطنية الروحية داخل النفوس. فهل من تأثير إنسانٍ أكثر من نفوذ "كلمة الله وروح منه" أي المسيح ابن مريم؟ وهل من الضروري أن يظهر ذلك التأثير للملأ؟ أيجوز أن يحكم الناس على "كلمة الله وروح منه؟"
إيضاح آخر من "هارت"
يستشهد "هارت" في أول صفحة من مقدمة كتابه (ص 26) ببعض أقوال فولتير الذي كان قد وافق أن إسحق نيوتن "أعظم رجل" في كتابه رسائل عن "الإنكليز" فيقول: "نحن مدينون بالاحترام والولاء للذي يسيطر على عقولنا بقوة الحقيقة، لا للذين يستعبدون عقولنا بالعنف". أتى السيد المسيح فقيراً لطيفاً، لم يحمل سيفاً، وأمر رسوله بطرس في بستان الزيتون بأن يُغمد سيفه، "لأن كلّ الذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ" (متى 26: 52). وأعلن في (متى 11: 29) "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ القَلْبِ". ومعظم تلاميذه ورسله ماتوا شهداء، أي ضحايا العنف، لا في حروب ولا في فتوحات ولا غزوات، بل في اضطهادات شنّتها عليهم الوثنية المستهترة واليهودية الساخطة (أعمال الرسل من الفصل الخامس وما بعده).
صحيح أن العنف يؤثر على الناس أكثر من اللطف: الدين الذي ينتشر بالفتوحات العسكرية (وبالتحركات التجارية والزيجات) يمتدّ بسرعة أكثر من الذي ينتشر بالكلمة الهادئة وبالزهد في الدنيا وبعدم العنف. فالمسيحي الذي يعلن إسلامه يمكنه أن يفعل ذلك على صفحات الصحف وأن يظهر على الشاشة، ولكن المسلم (بحسب شريعة الردَّة في الإسلام) لا يقدر أن يغيّر دينه، ويُعتبر مرتداً يُهدر دمه بناءً على الحديث: "من بدّل دينه (الإسلامي) فاقتلوه". ولعله صدى لما ورد في المائدة 5: 54: "يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ".
طبعاً نفوذ القوة وقوة القوة وردع العنف أكثر تأثيراً على عامة الناس من دين مثل المسيحية لا يقتل الذين يرتدّون عنه. ولكن لا شك أن "الإكراه في الدين" له نفوذ على نفوس الضعفاء الجبناء. وكم من مسيحي أعلن إسلامه أمام الملأ. ولكن هل يقدر مسلم أن يُعلن أنه اعتنق المسيحية وأن يبقى متمتّعاً بكل حقوقه، في البلاد العربية والإسلامية؟! وهل يضمن سلامته من القتل؟ وهل من شِيم دين سماوي أن يقتل الذين يحيدون عنه؟
نعم العنف والخوف يؤثران أكثر من اللين واللطف (ولا يعني اللطف ميوعة). ولكن تأثير العنف سلبي بينما تأثير الحرية إيجابي. وإن الله يفضّل أن يعبده الناس طوعاً لا كرهاً، اقتناعاً لا خنوعاً.