آراءٌ في الردّة:
أنكر بعض المفكرين المسلمين حد الردّة، ومنهم محمد سعيد العشماوي.يقول في كتابه أصول الشريعة :
كان أساس الدولة في العصور الوسطى يخالف أساس الدولة في العصر الحديث. ففي تلك العصور لم تكن فكرة الدولة في ذاتها واضحة محددة، وكان الدين هو أساس الدولة، كما كان التدين هو الجنسية وهو المواطنة. ففي الشرق الأدنى كان الإسلام هو الدولة، وفي أوربا كانت المسيحية. وكان المسلم مواطناً في أي مجتمع إسلامي وعضواً في كل جماعة مسلمة، كما كان المسيحي كذلك في المجتمع المسيحي والجماعات المسيحية. وكانت الأقلية الدينية تتمتع بحماية الأغلبية.
وبهذا المفهوم يُعتبر الخروج من الدين اقتراف جريمة الخيانة العظمى، لأن الذي يترك دينه إنما ينضم إلى دين الأعداء، وهو دولتهم. لذلك رُوي عن النبي أنه قال: مَنْ بَدَّل دينه فاقتلوه. وقال: لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. ولم يحدد النبي القصد بتبديل الدين: هل هو أي تبديل ولو كان إلى الإسلام من غيره؟ أم أن القصد تغيير الإسلام إلى غيره؟ غير أن السياق يفيد المعنى الأخير. ومِن ثمَّ فقد رُئي أن القتل هو جزاء المرتد عن شريعة الإسلام. وهناك خلاف فيما إذا كان يُستتاب أم لا.
على أنه لم يثبت أن النبي أقام حد الردّة على أحد.
(ولنا تعليق سنورده بعد كلام العشماوي).
ويورد المستشار سعيد العشماوي في ذلك آياتٍ قرآنية:
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (سورة البقرة 2: 256)
أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟ (سورة يونس 1 : 99)
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُُّهُمْ جَمِيعاً (سورة يونس 1 : 99)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة المائدة 5: 69)
وتترك هذه الآيات للناس حرية اختيار الدين، ولا ترى إكراههم على الإسلام. ومن جانب آخر فإن عدم إكراههم على الإسلام ابتداءً يفيد عدم الإكراه للاستمرار عليه. ولا شك أنه لا خير فيمن يظل مؤمناً بدينه على خوف أو على إكراه. فمن أراد تغيير دينه حراً مختاراً فإن دينه براء منه. لن يخسر بفقدانه شيئاً، بل الخسارة في بقائه ملحداً به في البطن وهو في الظاهر يدّعي الإيمان.
هذا هو كلام أحد علمائهم، ولكن هناك من يعترض عليه ومن يؤيده. وسنورد الرأيين، ولكن قبل هذا نذكر تعليقنا على ما قاله سعيد العشماوي.