هل طبَّق النبي حد الردّة؟
ذكر العشماوي أن النبي لم يطبق حد الردّة. وقد اعترض البعض على ذلك مستندين إلى أحاديث البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردّة حيث ذكر عن أنس أنس قال: قَدِم على النبي نفر من عُكل فأسلموا فاجتووا (أتوا) المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا. فصحُّوا وارتدّوا وقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل. فبعث في آثارهم فأُتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم لم يحمهم (يكوي جراحهم) حتى ماتوا.
ويقول البعض إن النبي لم يطبق عليهم حد الردّة بل حد الحِرابة (سنتكلم عنه لاحقاً) وهذا واضح من قطع أيديهم وأرجلهم لأنهم قتلوا الرعاة وسرقوا الإبل.
طريقان لا غير:
هناك طريقان للتعامل مع المرتد: إما أن نعتبره مجنوناً ونتركه حياً، مع حرمانه من كل حقوق المواطنين، أو أن نُنهي حياته بالقتل. ومن المؤكد أن الطريقة الأولى أشد قسوة من الثانية لأنها تجعله لا حياً ولا ميتاً، فالقتل أفضل له، إذ يضع نهاية لعذابه ولعذاب المجتمع في وقت واحد.
هذا الكلام السابق ليس لأحد الكتَّاب الذين يهاجمون الإسلام، لكنه للشيخ أبي الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، في كتابه عقاب المرتد الذي نقتبس منه أيضاً قوله: عندما توضع عقوبة الإعدام للمرتد موضع التنفيذ في حكومة إسلامية جديدة يبقى المسلمون داخل الجماعة المسلمة. لكن هناك خطر من وجود عدد كبير من المنافقين بينهم، وهذا يمثل تهديداً دائماً بالخيانة. وحلاً لهذه المشكلة أرى أنه حينما تقع ثورةإسلامية يُعلن جميع المسلمينغير الملتزمين تحّوُلهم عن الإسلام وخروجهم من المجتمع المسلم.. وذلك خلال عام واحد. وبعده يُعتَبَر المسلمون بالمولد مسلمين، وتسري عليهم كل القوانين الإسلامية، ويكونون ملزَمين بأداء كل فرائض الدين الواجبة. ومن أراد منهم بعد ذلك ترك الإسلام يُعاقَب بالإعدام.
ونعرض رأياً ثالثاً لأحد أئمة الطائفة الأحمدية، التي يعتبرها كثير من علماء الإسلام خارجة عن الإسلام ومن ينتمي إليها مرتد هو ميرزا طاهر أحمد إذ يقول: إن حرية التحول من الدين وإليه هي المحك الحقيقي لمبدأ لا إكراه في الدين. لا يمكن أن تكون الحرية في اتجاه واحد، هو اتجاه دخول الإسلام، ثم لا مخرج منه. هناك عشر إشارات في القرآن إلى الرجوع عن الإسلام، إحداها مكية في سورة النحل والتسع الباقية مدنية. ولم يرِد قط في أي واحدة منها ولو تلميحاً أن الإعدام جزاء من يرجع عن الإسلام. ويقول في موضع آخر من نفس الكتاب هناك آية في سورة النساء تقول: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (سورة النساء 4: 137). فكيف يمكن للمرتد أن يتمتع بمهلة التردد بين الإيمان والكفر إذا كانت عقوبته القتل؟ فليس عند المقتول فرصة ليؤمن ثم يرتد مرة أخرى!. ويروي ميرزا طاهر أحمد طاهر أحمد قصة عفو النبي عن عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي كان كاتباً للوحي، ثم تنصّر ولجأ لمكة، فطلب النبي قتله يوم الفتح ولو كان متعلِّقاً بأستار الكعبة. فتشفَّع فيه عثمان بن عفان بن عفان لأنه أخوه في الرضاعة، فتركه النبي. ثم يقول ميرزا طاهر أحمد : وهكذا لا نجد هناك ولا شاهداً واحداً على أن النبي عاقب أحداً لارتداده عن الإسلام,