حد الحِرابة (قطع الطريق):
جاء في سورة المائدة 5: 33 و34 إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
مناسبة هذه الآية أن قوماً قاموا من عرينة بقتل راعي أغنام محمد وسرقوا الغنم. فأرسل محمد مَن يأتي بهم. فلما جيء بهم، أمر أن تُقطع أيديهم وأرجلهم وتُفقأ أعينهم وأن يُتركوا في الصحراء حتى يموتوا1. والواضح من الآية وسبب نزولها أنها تقضي بالجزاء على من يُحارب الله ورسوله. فهل هي بذلك من الآيات الخاصة بشخص النبي، وأنه وحده الذي يوقّع الجزاء على من يحاربه ويحارب الله في شخصه؟
لقد جرى الفقه الإسلامي على اعتبار هذه الآية وهذا الحديث سنداً في إيقاع الحد على مَن يُحارب الجماعة وعلى قطع الطريق4,، مع أن هناك حديثاً يقول مَن حمل علينا السلاح فليس منّا 1. وهناك حديث آخر يقول: مَن خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتةً جاهلية. ومَن قاتل تحت رعاية عمية يغضب لعصبيَّة، أو يدعو لعصبيَّة أو ينصر عصبيَّة، فقُتل، فقتلةٌ جاهليَّة. ومن خرج على أمتي بسيفه، يضرب برَّها وفاجرها. ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدٍ بعهده. فليس مني ولست منه.
وهذان الحديثان لا يقرران حكماً على من يحمل السلاح على الجماعة أو يخرج عليها. فواضح بذلك أن الجزاء المنصوص عليه في الآية ليس جزاءً لمن يحمل السلاح على الجماعة أو يخرج على طاعتها، ولكنه خاص بشخص النبي. يؤيد ذلك سبب نزول الآية وظروف الحديث نفسه.